photo / سارة بادوفان بأقلامهمعرب وعالم بول سالم يكتب عن: ديناميتان تعيدان تشكيل الشرق الأوسط by admin 10 مارس، 2025 written by admin 10 مارس، 2025 20 الاجتماعات الروسية- الأميركية تمنح الرياض دورا بارزا كقوة دولية تستضيف مثل هذه اللقاءات المجلة / بول سالم أدى الرد الإسرائيلي القوي على هجمات “حماس” و”حزب الله” في 7 و8 أكتوبر/تشرين الأول إلى تدمير واسع في غزة ولبنان، وإضعاف كبير للتنظيمين، كما ساهم في انهيار نظام الأسد في سوريا، موجها بذلك أقوى ضربة تلقاها محور النفوذ الإيراني منذ عقود. في المقابل، فإن انتخاب دونالد ترمب لرئاسة الولايات المتحدة يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في الأميركتين وأوروبا وآسيا، وهو ما ينعكس بتأثيرات كبيرة وغير متوقعة على الشرق الأوسط. وبينما تتداخل مصالح هذين العاملين في كثير من الأحيان، فإنهما يفترقان في بعض القضايا. يشعر اليمين الإسرائيلي بأن الظروف تصب في صالحه، فقد دُمرت غزة إلى حد كبير، وتعرضت “حماس” لضربة قاسية، فيما أعلن ترمب تأييده لرغبة اليمين في تهجير الفلسطينيين من القطاع. أما في الضفة الغربية، فقد تصاعدت الهجمات على الفلسطينيين دون أي اعتراض من إدارة ترمب، التي لم تأتِ على ذكر “حل الدولتين”، ما يعزز آمال اليمين الإسرائيلي في أن حلمه بالسيطرة على غزة والضفة الغربية بات أقرب إلى التحقق. من الصعب التكهن بمصير القضية الإسرائيلية- الفلسطينية خلال العام المقبل، لكن من المؤكد أن ترمب سيكون صاحب الكلمة العليا لكن التعامل مع ترمب يظل صعب التنبؤ، وهو ما قد يبرر قلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فقد توجه إلى واشنطن سعيا للحصول على دعم ترمب لشن ضربات إسرائيلية حاسمة على إيران، لكن الأخير رفض، مفضلا المسار الدبلوماسي في هذه المرحلة. كما عاد نتنياهو من زيارته خالي الوفاض بشأن غزة، بعدما أعلن ترمب أن الولايات المتحدة ستتولى ملفها، أي إن أي مفاوضات مستقبلية بشأنها ستتم عبره، لا عبر نتنياهو. أما بالنسبة إلى الضفة الغربية، فقد صرح ترمب بأنه سيصدر إعلانا، ما يثير قلق نتنياهو وحلفائه اليمينيين، خصوصا مع سعي الرئيس ترمب لإبرام اتفاق يجمع الولايات المتحدة والسعودية قد يشمل إسرائيل. ترمب ونتنياهو من الواضح أن ترمب يعيد فرض هيمنته على العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وربما بدأ نتنياهو يحن إلى عهد بايدن-هاريس، حيث كان يتمتع بقدر أكبر من النفوذ، وكان قادرا على إملاء سياساته على واشنطن، بل وحتى توبيخ الإدارة الأميركية في عقر دارها داخل الكونغرس. أما اليوم، فهو مضطر للوقوف بجانب ترمب القوي وغير المتوقع، مكتفيا بهز رأسه موافقا بحذر. رويترز / الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحفي مشترك في البيت الأبيض في واشنطن، الولايات المتحدة، 4 فبراير 2025 من الصعب التكهن بمصير القضية الإسرائيلية- الفلسطينية خلال العام المقبل، لكن من المؤكد أن ترمب سيكون صاحب الكلمة العليا. وأحد السيناريوهات المحتملة هو أن يعرض خطة مماثلة لتلك التي قدمها عام 2020، والتي تمنح إسرائيل الحق في ضم مستوطناتها، مع السماح بإقامة كيانات فلسطينية محدودة السيادة في الضفة الغربية، وربما يضيف بعض الجيوب في غزة إلى هذا الطرح، أو يستثني غزة بالكامل. ويبقى من غير الواضح ما إذا كانت السعودية ستوافق على مثل هذه التسوية. رغم خسارتها سوريا، فإن إيران لم تتخل عن محاولاتها لاستعادة نفوذها هناك. فالوضع الانتقالي في سوريا شديد الهشاشة، وهو معرض للانهيار أما السيناريو الآخر، فهو أن يفقد ترمب اهتمامه بالقضية الفلسطينية أو ينشغل عنها بأزمات أخرى، مما يمنح إسرائيل الفرصة لاستعادة زمام المبادرة. وفي هذه الحالة، قد تستأنف العمليات العسكرية الكبرى في قطاع غزة، لكن هذه المرة بهدف دفع الفلسطينيين نحو مصر، استنادا إلى موقف ترمب القائل بضرورة مغادرة سكان غزة وعدم عودتهم. وقد تستغل إسرائيل هذا الموقف لتوسيع عملياتها في الضفة الغربية، فتزيد من ضم أراضيها، وترفع مستوى الضغوط لدفع المزيد من الفلسطينيين إلى الأردن. وإن تحقق هذا السيناريو، فستكون له تداعيات كارثية على الفلسطينيين، وسيمثل تهديدا وجوديا لكل من مصر والأردن. إيران… ووهم النصر أما إيران، فتواجه تحديات غير مسبوقة. فبعد أن توهمت تحقيق نصر في أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2023، تلقت ضربتين كبيرتين: الأولى تمثلت في فقدانها السيطرة على “حزب الله” بعد إضعافه بشدة. والثانية، والأهم على المدى الطويل، تمثلت في انهيار نظام الأسد، حليفها القديم في سوريا. أما مصير “حماس”، فيبدو بين الأمرين، إذ تكبدت خسائر فادحة، لكنها لا تزال تقاتل بعد 15 شهرا. ولا يبدو أن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وآلاف اللبنانيين، وتشريد الملايين منهم، يشكل مصدر قلق لطهران. أ.ف.ب / متظاهرون يرفعون العلم الإيران وعلم حزب الله خلال تجمع نظمه حزب الله لإغلاق الطريق إلى مطار بيروت الدولي بسبب قرار منع رحلتين إيرانيتين من الهبوط في مطار بيروت، لبنان في 15 فبراير ورغم هذه الانتكاسات الكبرى، فإن الرؤية الاستراتيجية الإيرانية لم تتغير جذريا. صحيح أن استراتيجيتها الدفاعية المتقدمة قد فشلت، إلا أن وكلاءها نجحوا في تكبيد إسرائيل خسائر استراتيجية وسياسية وبشرية واقتصادية فادحة، ولا تزال تلك الخسائر مستمرة، بينما لم تتعرض إيران إلا لضربة محدودة. لذا، لا يمكن القول إن استراتيجيتها قد فشلت تماما. ورغم خسارتها سوريا، فإن إيران لم تتخل عن محاولاتها لاستعادة نفوذها هناك. فالوضع الانتقالي في سوريا شديد الهشاشة، وهو معرض للانهيار، مما قد يعيد البلاد إلى حالة التجزئة بين كانتونات ومراكز قوة مسلحة، على غرار ما كانت عليه قبل سقوط الأسد، أو كما حدث في ليبيا واليمن بعد انتقالهما السلمي الأولي. وفي حال تحقق هذا السيناريو، فقد تجد إيران سبلا لإعادة بسط سيطرتها على أجزاء من سوريا، واستعادة ارتباطها بـ”حزب الله”. سيكون لمستقبل سوريا تأثير بالغ على المشهد الإقليمي. فإذا نجحت العملية الانتقالية فإن ذلك سيقوض فرص إيران في استعادة نفوذها، بينما يعزز نفوذ السعودية وتركيا وفي لبنان، تواصل إيران توجيه “حزب الله” للاشتباك مع إسرائيل، والمماطلة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ورفض نزع السلاح، وعرقلة استعادة الدولة اللبنانية سيادتها. وتتمثل أحدث محاولاتها في ضخ أموال إلى “حزب الله” عبر الرحلات الجوية الإيرانية إلى مطار بيروت، بعد أن فقدت القدرة على استخدام الحدود السورية- اللبنانية والموانئ اللبنانية لهذا الغرض. كما أن دعمها للميليشيات الحليفة في العراق واليمن لا يزال مستمرا بلا انقطاع. على الصعيد الدبلوماسي، قد تشعر إيران بالاطمئنان لاستمرار تطبيع علاقاتها مع دول الخليج، وهو وضع يبدو أنه سيستمر. أما في تعاملها مع الولايات المتحدة، فقد أرسلت إشارات تفيد باستعدادها للتفاوض مع إدارة ترمب، رغم تراجع “المرشد الأعلى” عن تلك الإشارات لاحقا. ومع ذلك، من المتوقع أن تقتصر المفاوضات، إن حصلت، على الملف النووي، في حين أن ترمب يسعى إلى صفقة شاملة، وهو ما لا تبدي إيران اهتماما به. وترى القيادة الإيرانية في المحادثات المحتملة فرصة لإطالة أمد التفاوض مع الولايات المتحدة، وتقليل احتمالات تعرضها لضربة أميركية أو إسرائيلية كبرى، وكسب الوقت حتى يضعف تأثير ترمب ونتنياهو في نهاية المطاف. photo / سارة بادوفان مقاربة أميركية في المقابل، تختلف مقاربة الولايات المتحدة وإسرائيل تجاه إيران. فبينما يضغط نتنياهو لشن هجوم قوي وسريع، مستغلا ضعف إيران الحالي للحيلولة دون اقترابها من امتلاك سلاح نووي، يفضل ترمب نهجا أكثر حذرا. فعلى الرغم من موقفه المتشدد تجاه طهران، فقد ركز في حملته الانتخابية على إنهاء الحروب في الشرق الأوسط، وليس إشعالها. كما أنه يخشى، ولسبب وجيه، أن تؤدي ضربة كبرى لإيران إلى رد انتقامي يستهدف شحنات النفط والبنية التحتية في الخليج، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة عالميا، ويؤثر سلبا على الاقتصاد الأميركي. ولهذا، فقد أوضح ترمب أنه يفضل اختبار إمكانية التفاوض مع إيران أولا، ولن يلجأ إلى الخيار العسكري إلا إذا فشلت المحادثات. ومن غير المرجح إبرام صفقة كبرى بين ترمب وإيران، فالأهداف بين الطرفين متباعدة إلى حد بعيد، ومستويات الثقة بينهما متدنية للغاية، كما أن الظروف السياسية في كلا البلدين تجعل مثل هذه المفاوضات شديدة التعقيد. وعلى أي حال، نعرف أن ترمب عادة ما يحبذ المحادثات السريعة التي تفضي إلى اتفاقات كبرى، في حين أن إيران بارعة في إطالة أمد المفاوضات. وفي ظل هذا الواقع، لا يبقى سوى احتمالين: إما محادثات تفشل وتنتهي بموجة من الضربات الإسرائيلية الواسعة بدعم أميركي، أو استمرار الوضع الراهن غير المستقر بين إسرائيل وإيران، دون تصعيد عسكري كبير أو اندفاع إيراني نحو امتلاك سلاح نووي. وفي هذه المرحلة، يستحيل التنبؤ بتحقق أي من هذين الاحتمالين. في سياق آخر، سيكون لمستقبل سوريا تأثير بالغ على المشهد الإقليمي. فإذا نجحت العملية الانتقالية التي يقودها أحمد الشرع في أن تكون شاملة ووطنية ومستقرة، فإن ذلك سيقوض فرص إيران في استعادة نفوذها هناك، بينما يعزز نفوذ السعودية وتركيا ودول مجلس التعاون الخليجي في سوريا، وسيوفر للأخيرة فرصة طويلة الأمد لإعادة الإعمار وتحقيق النمو الاقتصادي. وميزة ذلك أنه سينعكس إيجابا على لبنان، حيث سيستمر عزل “حزب الله” وإضعافه، ما سيعزز فرص استعادة لبنان سيادته وإعادة إنعاش اقتصاده. أما في العراق، فستؤثر طبيعة المرحلة الانتقالية على العلاقات العربية- الكردية، وكذلك على توازن القوى بين الدولة والميليشيات المدعومة من إيران. وإذا فشلت العملية الانتقالية، فقد يشهد العراق انتكاسة خطيرة تُعيده إلى دوامة عدم الاستقرار. سيكثف ترمب وفريقه جهودهما لتعزيز العلاقات مع السعودية ودول الخليج الأخرى. فهو، قبل كل شيء، رجل أعمال ينظر إلى السياسة من منظور اقتصادي وتجاري بوجه عام، تقف المنطقة أمام سيناريوهات متعددة. في أحدها، يتمكن ترمب من فرض رؤيته على الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، ويدفع نحو اتفاق أميركي- إسرائيلي، مع تقديم تنازلات هامشية للفلسطينيين. وقد يسهم ذلك في إنهاء الحروب المستمرة منذ خمسة عشر شهرا، ووضع أسس الهيكل السياسي والأمني في الشرق الأوسط الذي سعى إليه كل من ترمب في ولايته الأولى، وبايدن، ثم ترمب مجددا. وسيُبنى هذا التحالف الأميركي-الإسرائيلي-العربي على اتفاقات أبراهام، ليكون بمثابة ركيزة لمواجهة إيران، وأيضا لتعزيز الهيمنة الأميركية في المنطقة بمواجهة النفوذ الصيني. OZAN KOSE/AFP / الرئيس السوري أحمد الشرع أما فيما يتعلق بإيران، فستتجه الأمور نحو أحد السيناريوهات المطروحة سابقا: إما إبرام صفقة كبرى بين واشنطن وطهران، وإما انهيار المفاوضات، ما سيدفع إسرائيل إلى شن هجمات واسعة على إيران بدعم أميركي، مع احتمال اتساع رقعة المواجهات لتشمل الخليج، أو استمرار الوضع الراهن، لكن مع إيران أضعف و”محور مقاومة” أكثر هشاشة. في غضون ذلك، سيكثف ترمب وفريقه جهودهما لتعزيز العلاقات مع السعودية ودول الخليج الأخرى. فهو، قبل كل شيء، رجل أعمال ينظر إلى السياسة الخارجية الأميركية من منظور اقتصادي وتجاري بالدرجة الأولى. وكما حدث في ولايته الأولى، قد تكون الرياض وجهته الخارجية الأولى مجددا. ومن أجل التحضير لهذه الزيارة، زار وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو السعودية. كما يتوقع أن تتضمن الزيارة لقاء قمة بين الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين، مما يمنح الرياض دورا بارزا كقوة دولية تستضيف مثل هذه اللقاءات. في الشرق الأوسط، يظل المتوقع دائما هو حدوث غير المتوقع. ومع وجود دونالد ترمب في البيت الأبيض، تتضاعف حالة الغموض وعدم القدرة على التنبؤ. وستكشف الأشهر المقبلة ما إذا كان التصعيد العسكري والتهجير والتوتر سيستمر، وربما بوتيرة أشد، أم إن منطق التفاوض وعقد الصفقات سيفرض نفسه. لكن ما لا شك فيه أن المخاطر المترتبة على المزيد من التدهور في المنطقة ستكون كارثية، ما يستوجب تحركا عاجلا لإنهاء دوامة الحروب، والسعي لحلول شاملة ومستدامة تلبي تطلعات شعوب المنطقة وتدفع إلى اتخاذ قرارات حاسمة. المزيد عن: قصة الغلاف روسيا ايران الشرق الأوسط المملكة العربية السعودية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ريتشارد باورز في جحيم عالم الذكاء الاصطناعي next post مصادر “المدن”: توجه لاتفاق مع السويداء..مماثل للاتفاق مع قسد You may also like الحجار يكسر قرار عويدات: “بركة” التعيينات القضائية حلت؟ 10 مارس، 2025 مصادر “المدن”: توجه لاتفاق مع السويداء..مماثل للاتفاق مع... 10 مارس، 2025 السلطات السورية تتوصل إلى اتفاق حول دمج “قسد”... 10 مارس، 2025 تغييرات عباس في الأجهزة الأمنية… إصلاح أم إحكام... 10 مارس، 2025 رئيس وزراء كندا المقبل مارك كارني: لا يمكننا... 10 مارس، 2025 تباطؤ التضخم في مصر يثير تساؤلات حول الجنيه... 10 مارس، 2025 أحداث سوريا… أمور دبرت بليل أم أخطاء فردية؟ 10 مارس، 2025 قانون العمل الجديد يمس الاستقرار الوظيفي في الأردن 10 مارس، 2025 قلق في إسبانيا من أن يعلن ترمب سيادة... 10 مارس، 2025 القضاء بين سندان المجلس الشيعي ومطرقة الضغوط الدولية 10 مارس، 2025