الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلوح بيده أثناء مغادرته البيت الأبيض في واشنطن (أ ف ب) عرب وعالم بوصلة ترمب… تكريس للانعزالية أم تعزيز للسيادة؟ by admin 9 مارس، 2025 written by admin 9 مارس، 2025 22 نهج الرئيس الأميركي يمثل استجابة لعالم متغير ولمطالب الناخبين وليس لتفكيك خريطة الكوكب اندبندنت عربية / طارق الشامي صحافي متخصص في الشؤون الأميركية والعربية @tarek21shamy غالباً ما يستخدم مصطلح الانعزالية في خطاب السياسة الخارجية كسلاح يستحضر صوراً لأميركا المتراجعة، غير المبالية بالتحديات العالمية، ومع ذلك فإن الواقع أكثر تعقيداً وله جذور تاريخية عميقة، فبينما يرى البعض أن سياسات الرئيس دونالد ترمب تشير إلى عصر جديد من الانعزالية عن العالم، يعتقد آخرون أن سياسته الخارجية أقرب إلى مفهوم السيادة التي تمنح الأولوية لاتخاذ قرارات تنبع من الاستقلال الوطني ومن دون قيود خارجية. أصحاب الرؤية الثانية يؤمنون أيضاً بأن تقتصر المشاركة الدولية فقط عندما تخدم مصالح الأمة الأميركية بصورة مباشر، وهنا يبقى السؤال، ما هي الانعزالية وعلاقتها بسياسة ترمب الآن، ولماذا سيطرت على سياسة الولايات المتحدة لأكثر من قرن ونصف القرن قبل أن تهوي بعد الحرب العالمية الثانية؟ هل ترمب انعزالي؟ تنظر مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية السائدة في الولايات المتحدة والعالم غالباً إلى الرئيس دونالد ترمب الذي يحمل شعار “أميركا أولاً” باعتباره انعزالياً جديداً وخطراً، يعمل خارج نطاق المثل والمصالح الأميركية تماماً. ويخشى أتباع المذهب الدولي المدافع عن الدور الأميركي العالمي في الداخل والخارج، إذ سعى ترمب بوتيرة متسارعة نحو تفكيك النظام الليبرالي الذي شيدته الولايات المتحدة وحلفاؤها ودافعوا عنه منذ الحرب العالمية الثانية. ربما تكون هذه المخاوف مبررة، فخلال شهر واحد بعد وصوله إلى البيت الأبيض، تخلص بالفعل من بعض العناصر الأساسية للنظام الليبرالي الذي تقوده الولايات المتحدة ومنها تدمير برامج المساعدات الخارجية والتنمية الأميركية والتي كانت حلماً طويل الأمد لكثير من المحافظين المتشددين، وانسحب من اتفاقية باريس للمناخ ومن منظمة الصحة العالمية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بينما يطالب أقرب حلفائه الملياردير إيلون ماسك بالانسحاب من المنظمة الدولية. وتكرس نمط ترمب من الانعزالية الجديدة في تبني مشاعر وسياسات مناهضة للمهاجرين، فبصفته رئيساً، بدأ في ترحيل عشرات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين وخفض حصص المهاجرين، وأشار إلى الأقليات بصورة مهينة، ويسعى إلى استكمال جدار حدودي مع المكسيك في استجابة لعديد من الأميركيين الذين يرون أن الهجرة هي التحدي الأكبر الذي يواجه البلاد، وأنه يجب على الرئيس أن يمارس حقوق السيادة لحماية البلاد. متظاهرون يتجمعون خارج مبنى البلدية في بوسطن ماساتشوستس رفضا لسياسات ترمب ضد الهجرة (أ ف ب) وتقف سياسته في أوكرانيا على الجانب الانعزالي مع قراره تعليق المساعدات العسكرية الأميركية، مما قد يجبر كييف على اتفاقية سلام غير مواتية، لكن يمكن اعتبار أسلوبه تدخلياً أيضاً على الطرفين الروسي والأوكراني لدفعهما سريعاً إلى قبول وقف إطلاق النار والتفاوض على السلام. كما أن نهج ترمب تجاه حلفاء الولايات المتحدة مثل دول أوروبا الغربية يميل إلى الانعزالية، لأنه هدد بعدم الدفاع عن الدول التي لا تزيد من إنفاقها العسكري، وفعل بعضهم ذلك في دورته الرئاسية الأولى، ولهذا يمكن اعتبار هذا النهج انعزالياً لأنه يسمح للولايات المتحدة بأن تكون أقل مشاركة، ويضع الدول الأوروبية في مواجهة حقيقة مفادها أن القوة الأولى في العالم التي تضمن أمنهم أصبحت تعاني خللاً سياسياً مستعصياً، ولن يكون أمامهم خيار سوى التشكيك في موثوقية واشنطن على المدى الطويل ووضع خطط أخرى بديلة. وما يوحد سياسة ترمب الانعزالية أنه يفضل التعامل مع البلدان الأخرى بصورة فردية بدلاً من الصفقات المتعددة الأطراف أو من خلال مجموعات دولية مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو) كونه يعتقد أن التفاوض داخل هذه المجموعة الكبيرة يضعف نفوذ الولايات المتحدة، فضلاً عن أنه ينظر إلى جميع المؤسسات الدولية على أنها عمليات احتيال مصممة لاستنزاف الخزانة الأميركية. نهج تدخلي تصريحات ترمب أيضاً عن غرينلاند وكندا وبنما تحمل معاني انعزالية من حيث إنها تجعل الولايات المتحدة تتخلى عن سياستها الليبرالية القائمة على احترام الحلفاء ودعم أمنهم القومي، لكنها أيضاً سياسة تدخلية إمبراطورية تسعى إلى توسيع نفوذ وأراضي الولايات المتحدة على حساب أقرب الحلفاء. وبحسب المتخصص في مجال السياسة والعلاقات الخارجية الأميركية في مركز دراسات الولايات المتحدة، البروفيسور بريندون أوكونور فإن ترمب كقومي محافظ متشدد يعتقد أن إبراز قوة الولايات المتحدة بالحديث القاسي وتذكير الدول الأخرى بالقوة العسكرية الأميركية هو أفضل نهج للسياسة العالمية. وعلى الصعيد التجاري، يعيد ترمب سياسة الحماية الجمركية إلى الولايات المتحدة من خلال تهديد المكسيك وكندا بفرض ضريبة 25 في المئة على جميع وارداتهما، ويريد الآن إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، ومع ذلك قد تكون كل من الصين وإيران الأقل انعزالية والأكثر تدخلية في نظرة ترمب للعالم، فقد جعل نهج الولايات المتحدة أكثر عدوانية، إذ فرض تعريفة جمركية 10 في المئة على جميع الواردات الصينية القادمة إلى الولايات المتحدة، ثم ضاعفها مرة أخرى في أقل من أسبوعين، لكنه في ما يتعلق بالأمن القومي والحريات، يميل ترمب إلى الانعزالية، فهو غير عابئ بحقوق الأقليات بالصين، وخلال رئاسته الأولى اقترح أن بكين يمكنها أن تفعل ما تريد في شأن هونغ كونغ، وانتقد تايوان لعدم دفع مزيد للولايات المتحدة، ثم إنه غير موقفه حول “تيك توك” وملكية الصين لواحدة من أكبر منصات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة. ترمب داخل البيت الأبيض وإلى جواره خريطة تحمل اسم “خليج أميركا” بدلا من خليج المكسيك (أ ف ب) أما إيران فهو يشعر الآن بقوة أكبر تجاهها مقارنة بما كان عليه أثناء رئاسته الأولى، إذ لم يكتف بفرض سياسة العقوبات الاقتصادية القصوى، بل حرك قاذفات القنابل الاستراتيجية (بي 52) إلى الشرق الأوسط، ولمح إلى إمكانية مهاجمة البرنامج النووي الإيراني، ومع ذلك أرسل خطاباً إلى القادة في طهران يحثهم على البدء في التفاوض. سوء فهم من بين عدد قليل من المصطلحات التي يساء فهمها في خطاب السياسة الخارجية الأميركية هو مفهوم “الانعزالية” نظراً إلى عدم تسليط الضوء بصورة كافية على جذورها التاريخية واستخدامها السياسي على مدى 250 عاماً هي عمر الجمهورية الأميركية، ولهذا فإن تصوير شعار ترمب “أميركا أولاً” باعتباره انحرافاً مظلماً عن تجربة الولايات المتحدة، هو سوء فهم لجذوره التاريخية والأيديولوجية العميقة، فضلاً عن جاذبيته السياسية الكبيرة لدى غالبية الأميركيين الذين انتخبوا ترمب من أجل تحقيق أجندته السياسية. ووفقاً لتشارلز كوبشان أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورج تاون، فإن نهج ترمب في إدارة شؤون الدولة ليست سوى استجابة لعالم متغير تعززه رغبات ومطالب الناخبين الأميركيين، وليس جهداً متقلباً لتفكيك العالم الذي صنعته الولايات المتحدة. جذور الانعزالية الأميركية خلال الفترة من 1789 إلى 1941 (باستثناءات وجيزة أثناء الحرب الإسبانية الأميركية والحرب العالمية الأولى)، تبنت الولايات المتحدة استراتيجية انعزالية كبرى تشبه إلى حد كبير الدوافع الأساسية لترمب، ففي خطابه الوداعي عام 1796، دعا الرئيس الأول والمؤسس للولايات المتحدة جورج واشنطن إلى أقل قدر ممكن من التحالفات الدائمة أو حتى الارتباط السياسي بالدول الأجنبية. واستمرت الانعزالية حتى القرن الـ20، ويرجع هذا جزئياً إلى أن الأيديولوجيات المتعددة وسعت من جاذبيتها السياسية وقدمت الانعزالية شيئاً للجميع، مما مكنها من السيطرة لفترة طويلة على السياسة الأميركية. بالنسبة إلى الواقعيين، عكست الانعزالية العزلة الجغرافية والانفصال الاستراتيجي وعززتهما، لكنها بالنسبة إلى المثاليين والتقدميين، كانت تعني الهرب من السياسة الواقعية وتمكين البلاد من الاستثمار في الاقتصاد لتعزيز الرفاه بدلاً من الإنفاق على أدوات الحرب. ونظر القوميون المحافظون إلى الانعزالية كوسيلة للدفاع عن السيادة وتعزيز الممارسة الأحادية للقوة الأميركية، فيما رأى الليبراليون في هذه الاستراتيجية وسيلة لتأمين حكومة صغيرة وحرية داخلية، وبالنسبة إلى الجماعات المناهضة للهجرة، كانت تعني الحفاظ على التجانس الاجتماعي من خلال إبقاء العالم غير الأبيض تحت السيطرة، كما رأى الصناعيون فيها امتداداً للحمائية لإبقاء الواردات، وليس المهاجرين، تحت السيطرة. وبسبب الخشية من أن تتسبب الطموحات التوسعية لألمانيا النازية والإمبراطورية اليابانية في توريط الولايات المتحدة في منافسة القوى العظمى، أسس المعسكر الانعزالي خلال سبتمبر (أيلول) 1940 لجنة “أميركا أولاً” التي بذلت قصارى جهدها لإبقاء الأمة بعيدة من الحرب العالمية الثانية، لكن الهجوم الياباني على بيرل هاربور عام 1941 حطم هذا الإجماع الانعزالي. نقطة تحول تاريخية كان دخول الولايات المتحدة إلى الحرب العالمية الثانية بمثابة نقطة تحول تاريخية، مما مهد الطريق أمام تبني أميركا لنزعة دولية توسعية، وبعد ذلك بوقت قصير، أدى اندلاع الحرب الباردة إلى تسريع شهية البلاد للمشاركة العالمية، وبحلول أوائل خمسينيات القرن الـ20، كانت النزعة الدولية الليبرالية، وليس الانعزالية، هي التي استحوذت على السياسة الأميركية. لقد أثمرت عملية إبراز القوة الأميركية وإنشاء نظام مفتوح ومتعدد الأطراف والدفاع عنه بين الديمقراطيات المتشابهة في التفكير عن ثمارها عبر الطيف السياسي الأميركي، وكانت النتيجة ميثاقاً من الحزبين الجمهوري والديمقراطي وراء هذه النزعة الدولية الليبرالية، وظل هذا الميثاق لفترة طويلة بمثابة الأساس السياسي لفترة الهيمنة الأميركية على العالم التي تعرف باسم “باكس أميركانا” أو فترة السلام الأميركي. عودة الانعزالية إلا أنه اليوم، تحطم هذا الإجماع الدولي، فقد اتحدت النزعة الصناعية وتفريغ الطبقة المتوسطة، وعقود من التوسع الاستراتيجي والعولمة المفرطة، وتدفق المهاجرين والتحولات السريعة في التركيبة الديموغرافية للبلاد، لإعادة الأيديولوجيات المتعددة للانعزالية التي شكلت في السابق الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة إلى الواجهة. رفع الرئيس الأميركي خلال حملته الانتخابية شعار “أميركا أولاً” (أ ف ب) وهنا جاء دور ترمب الذي تعهد في خطاب تنصيبه عام 2017 باسترداد حقوق المنسيين من الرجال والنساء في الولايات المتحدة، ومن هذه اللحظة، عاد شعار “أميركا أولاً” إلى تصدر المشهد واستمر يشحن قوته مع كل قرار في شأن التجارة والضرائب والهجرة والشؤون الخارجية، لمصلحة العمال والأسر الأميركية. وفي انتخابات 2024 عمل ترمب على تضخيم هذه الدعوة، ووعد بتحرير الحكومة الأميركية من أعبائها الخارجية وتركيز انتباهها ومواردها على الجبهة الداخلية، ونال هذا الوعد دعم ملايين الأميركيين الذين شعروا ولا يزالون بالتخلف عن الركب بسبب سياسات العولمة والسياسات الليبرالية الأممية. عدم التورط بعد المحاولة التي قامت بها حركة “أميركا أولاً” الأصلية لإبقاء الولايات المتحدة بعيدة من الحرب العالمية الثانية، أصبحت “الانعزالية” كلمة قذرة منذ ذلك الحين، واستخدم أنصار الأممية هذا المصطلح لتشويه سمعة المعلق المحافظ باتريك بوكانان، والعضو الجمهوري السابق في الكونغرس رون بول، والآن دونالد ترمب، متهمين إياهم بالخداع الساذج في شأن مدى صواب الانفصال الاستراتيجي عن العالم ومدى قابليته للتطبيق، إذ يزعم أنصار الأممية أنه حتى لو كانت الانعزالية منطقية في عصر سابق، عندما وفرت المحيطات الشاسعة شرق وغرب الولايات المتحدة الأمن الطبيعي للبلاد، فإن عالم اليوم لا يوفر مثل هذه الرفاهية بسبب عديد من التطورات بما في ذلك الصواريخ الباليستية والترابط الاقتصادي وترابط الفضاء الإلكتروني وتغير المناخ. على رغم أن هذا الانتقاد للانعزالية صحيح لأن الولايات المتحدة لن تتمكن أبداً من التمتع بالأمن الطبيعي الذي كانت تتمتع به في الماضي، كان المفهوم الأصلي للانعزالية يستند إلى مزايا لا تتعلق فقط بالانفصال الجغرافي ولكن أيضاً عدم التورط، وإذا فشل ترمب في الوفاء بالتزام الدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي، فلن تكون تلك السابقة الأولى ففي عام 1793، تراجع جورج واشنطن من جانب واحد عن التحالف الذي أبرمته الولايات المتحدة مع فرنسا عام 1778 لتأمين مساعدة باريس أثناء الحرب الثورية الأميركية، وكان السبب وراء هذا التصرف من “الخيانة المخزية” على حد وصف ممثل ولاية فرجينيا جيمس ماديسون، هو أن جورج واشنطن عد أن جر البلاد إلى حرب أخرى مع المملكة المتحدة يتعارض مع المصلحة الوطنية الأميركية. ولم تبرم الولايات المتحدة تحالفاً عسكرياً آخر لأكثر من 150 عاماً، وعلى نفس النسق، فإن نمط ترمب من الانعزالية مدفوع بالنزعة الأحادية أكثر من البحث عن الانفصال الاستراتيجي، فأعلن أنه متشكك في التحالفات والمؤسسات الدولية التي تقيد وتقوض أميركا. الحدود والحواجز في ما يتعلق بالهجرة، يتماشى برنامج ترمب مع المشاعر المناهضة للمهاجرين التي رافقت تبني الأمة الطويل للعزلة، إذ إنه في القرن الـ19، جرى حظر محاولات التوسع الأميركي في منطقة البحر الكاريبي وأميركا اللاتينية من قبل المعارضة والنخبة الأميركية لجلب مزيد من السود واللاتين والكاثوليك إلى الجسد السياسي الأميركي. وضمت الولايات المتحدة أكثر من نصف المكسيك في نهاية الحرب المكسيكية الأميركية (1846-1848)، لكن حكومة الولايات المتحدة لم تكن تريد شعب المكسيك، بل أرضها التي سرعان ما استوطنها البيض. لوحة جورج واشنطن الشهيرة لعبوره نهر ديلاوير (نيويورك تايمز) وتزامن تكثيف الانعزالية خلال فترة ما بين الحربين مع زيادة في الحماس المناهض للهجرة. ففي عام 1924، أقر الكونغرس تشريعاً قلل من عدد اليهود والكاثوليك القادمين إلى البلاد 90 في المئة، وحظر الهجرة من آسيا بالكامل، وخلال ثلاثينيات القرن الـ20، رحلت الولايات المتحدة نحو مليون مهاجر من المكسيك، وكان عديد منهم من مواطني الولايات المتحدة، والآن يتسم نمط ترمب من الانعزالية الجديدة بتبني نفس المشاعر المناهضة للمهاجرين. سياسة الحماية الجمركية أعاد ترمب إحياء سياسة الحماية الجمركية التي وجهت لفترة طويلة الحكم الاقتصادي لأميركا، ورغم أن الولايات المتحدة اعتمدت منذ أيامها الأولى بصورة كبيرة على التجارة مع الدول الأخرى، سعت إلى التجارة العادلة وليس الحرة واعتمدت على التعريفات الجمركية للحصول على الإيرادات وحماية الصناعات المحلية. والآن يسعى سيد البيت الأبيض لإعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، وأعلن عن مجموعة واسعة من التعريفات الجمركية على كندا والمكسيك والصين والمعاملة بالمثل مع أي دولة أخرى في العالم، حتى إن ترمب طرح فكرة العودة بالزمن إلى القرن الـ19 من خلال إلغاء ضريبة الدخل الشخصي والاعتماد على التعريفات الجمركية لجميع الإيرادات الفيدرالية، وفي ذلك كله يستجيب ترمب لمطالب الناخبين، سعياً إلى جذب عديد من الأميركيين الذين عانوا من الاضطراب الاقتصادي نتيجة للتكنولوجيا الحديثة والتجارة الحرة. تجاوز الانعزالية في الأعوام الأخيرة، اكتسب تعبير “ضبط النفس” زخماً كإطار أكثر دقة وفائدة للسياسة الخارجية الأميركية، وعلى النقيض من الانعزالية، لا يعني ضبط النفس الانسحاب من الشؤون العالمية، بل يدعو إلى اتباع نهج أكثر انتقائية وأكثر تركيزاً على الأهداف الاستراتيجية. ويزعم المؤيدون لهذا النهج أن الولايات المتحدة ينبغي لها أن تتجنب الحروب غير الضرورية، وأن تركز على المصالح الوطنية الأساسية، وأن تعمل مع حلفائها للحفاظ على الاستقرار بدلاً من الاعتماد على العمل العسكري الأحادي الجانب، ويعترف هذا المنظور بأن القوة الأميركية لها حدود ويحذر من أخطار الإفراط في التوسع، لكنه يعترف في الوقت نفسه بضرورة المشاركة الدولية. قوات من الجيش الأميركي خلال إحدى المهمات خارج الحدود (رويترز) ويقترح أنصار ضبط النفس أن إعادة معايرة وتقييم السياسة الخارجية الأميركية من شأنها أن تسمح للبلاد بمعالجة المخاوف المحلية الملحة مع الحفاظ على حضور دولي قوي حيثما يكون ذلك أكثر أهمية. ومع إعادة تقييم الولايات المتحدة لعقود من التدخل، فإن ضبط النفس يقدم مساراً وسطاً بين الانسحاب الكامل والانتظام في الشؤون العالمية بصورة غير مقيدة، وهو يشجع على اتباع نهج أكثر تفكيراً واستدامة للسياسة الخارجية يعطي الأولوية للاستقرار الطويل الأجل والمصالح الوطنية على المشاركة التلقائية في الصراعات. ووفقاً للمتخصص في مجال العلوم السياسية في كلية ماكاليستر، أندرو لاثام فإن تجاوز المناقشة القديمة المشحونة سياسياً حول الانعزالية في شأنه أن يسمح بإجراء محادثة أكثر إنتاجية حول كيفية مشاركة الولايات المتحدة عالمياً بطريقة فعالة ومتوافقة مع مصالحها الاستراتيجية. المزيد عن: أميركاالولايات المتحدةدونالد ترمبالانعزاليةالهجرةالرسوم الجمركيةالمكسيكالصينكندا 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حصيلة أحداث سوريا تسجل أكثر من 740 قتيلا وهدوء حذر في الساحل next post إسرائيل وملفات سوريا الداخلية… حضور بالسلاح والتحريض You may also like تركيا تعتقل 200 امرأة في يومهن العالمي 9 مارس، 2025 نرجس محمدي: النساء سيطحن الجمهورية الإسلامية في إيران 9 مارس، 2025 تحذير أممي: الوضع في جنوب السودان يتدهور بوتيرة... 9 مارس، 2025 “إبراهيم حويجة”… الصندوق الأسود للأسد الأب 9 مارس، 2025 هل يتحول “تل العباد” إلى نقطة اشتعال جديدة... 9 مارس، 2025 خريطة طريق إسرائيلية لإنهاء الحرب 9 مارس، 2025 شهد سقوط مبارك والتقى مرسي: من هو تراغر... 9 مارس، 2025 إسرائيل وملفات سوريا الداخلية… حضور بالسلاح والتحريض 9 مارس، 2025 حصيلة أحداث سوريا تسجل أكثر من 740 قتيلا... 9 مارس، 2025 هل تعود روسيا إلى سوريا من بوابة حماية... 9 مارس، 2025