ثقافة و فنون “باب الشمس” مرمماً في مهرجان لوكارنو: الإنسان أولا by admin 12 يونيو، 2023 written by admin 12 يونيو، 2023 100 فيلم يظهر الفلسطينيين بشراً قبل أن يكونوا قضية وهذا ما يبث لدى المتلقي الإحساس بأنه تحرر من الكابوس اندبندنت عربية \ هوفيك حبشيان يملك فيلم “باب الشمس” المأخوذ من رواية للكاتب الياس خوري بالعنوان نفسه، مكانة خاصة في قلب يسري نصرالله ووجدانه. هذا ما يتجلى بوضوح في تعاطيه مع خبر ترميم ملحمته هذه وعرضها في مهرجان لوكارنو خلال الدورة المقبلة من المهرجان الذي سيُعقد في سويسرا من 2 إلى 12 أوغسطس (آب) القادم. في أواخر العام الماضي، كان المخرج المصري البالغ من العمر 70 عاماً، يعبّر عن حزنه جراء انحسار عرض “باب الشمس” (2004) في العالم العربي، بعدما كانت بثّته الفضائيات طويلاً ، مشدداً على أنه لا يعرف ما المشكلة وراء عدم استمرار عرضه، لكونه “ينتصر لفكرة حبّ الذات”. أفرح الخبر عدداً من المعجبين بالفيلم ومحبي نصرالله، فترميم الأفلام العربية ظاهرة نادرة، وإن حصلت فلا تشمل سوى بعض الكلاسكيات. أن ينشغل مهرجان مثل لوكارنو بترميم عمل كهذا بالتعاون مع جهات متخصصة، في اطار مشروع، هدفه تسليط الضوء على أعمال تنتمي إلى التراث السينمائي، فهذه مباردة لا شك أنها مهمة. وقد صرح المدير الفني للمهرجان جيونا نازارو، أن إعادة هذا الفيلم إلى الضوء تشكّل مغامرة. وأضاف: “تحفة نصرالله عبارة عن فيلم سياسي وغنائي يضخ فيه المخرج موهبته السردية، ويلاحظ بوضوح تناقضات وأحزاناً في صراع لا نهاية له”. يعتبر نازارو، أن نصرلله أحد معلمي السينما المعاصرة، وقد جمع في فيلمه الملحمة والميلودراما، الإستعراض والمغامرة، استناداً إلى ذوقه الراقي. من أجواء فيلم “باب الشمس” ليسري نصرالله (ملف الفيلم) منذ العام 2021، بدأ مهرجان لوكارنو في لعب دور فعّال في ترميم الأفلام، لصون الإرث السينمائي ومشاركة هذا الإرث مع الجيل الجديد. وفي هذا الإطار، رمم المهرجان عدداً من الأعمال السينمائية، منها “يوم اليأس” لمانويل دو أوليفيرا. حقبات وعلاقات متينة في 4 ساعات و36 دقيقة، تتنقّل كاميرا نصرالله من أوائل الأربعينيات إلى الثمانينيات فالتسعينيات عبر توليفة تبدأ في أحد مستشفيات شاتيلا العام 1994، ثم نعود إلى بدايات النكبة فالحقبة المتصلة بالوحدة المصرية – السورية عام 1958، وصولاً إلى الحرب الأهلية في لبنان، ومجازر صبرا وشاتيلا… وينتهي بنزوح الفلسطينيين من بيروت العام 1982. علاقات قوية وحميمة يضعها نصرالله على مرأى من المشاهدين، خصوصاً في ما يتعلق بالترابط القوي بين الدكتور خليل (باسل خياط) والبطل يونس (عروة نيرابية) الذي سقط في غيبوبة، في مخيّم شاتيلا، حيث يمارس خليل فضلاً عن مهنته الطبية، دور الراوي الذي يحث يونس على الإستفاقة من غيبوبته واسترداد ذاكرته، وهو رجل يتأرجح بين الحياة والموت. يعيدنا الشريط إلى شباب يونس، وحبّه لنهيلة (ريم تركي)، وهربه من الجليل إلى لبنان. وتتداخل تفاصيل القصّة مع سيرته الذاتية وحب خليل لشمس (هالة عمران)، وتتفجّر قصص تتناول المصائر الفردية على خلفية القضية العامة. رواية الياس خوري التي أخذ منها الفيلم (دار الآداب) “باب الشمس” في جزئيه الأول والثاني، عمل طموح تطلّب ثمانية أشهر من التصوير لأفلمة سيناريو يروي 50 عاماً من التاريخ العربي، تجلّت في 300 صفحة شارك في كتابتها كل من يسري نصرالله ومحمد سويد وصاحب الرواية الياس خوري. نفّذ التصوير فريق تقني من 50 عنصراً، تنقّل في مناطق مختلفة بين لبنان وسوريا، علماً ان أبرز مواقع التصوير كانت في المخيمات الفلسطينية. أما الدول التي شاركت في الإنتاج، فهي: مصر، فرنسا، المغرب، الدانمارك، بلجيكا. المنتج الفرنسي أومبير بالسان كان تولى الإنتاج، ولكن للأسف انتحر بعد أسابيع من العرض الأول للفيلم. تردد نصرالله حين قرأ رواية “باب الشمس” (1998) لإلياس خوري، مدركاً صعوبة نقلها إلى الشاشة. لذلك، فهو يعتبر أنه لم ينقلها إلى الشاشة بل استخدمها. تعامل معها، كتجربة حميمة، محاولاً إظهار ما عاشه من خلالها. فما نراه على الشاشة هو في رأيه قراءة للرواية. لكن تجسيد الرواية بتفاصيلها الكثيرة كان أمراً مستحيلاً، لكونها تحتوي على مادة دسمة. كان الأمر يشبه عملية اقتباس “ألف ليلة وليلة”. النكبة الفلسطينية كما يراها الفيلم (ملف الفيلم) يبدي نصرالله في الفيلم اهتماماً بذاكرة الفرد الفلسطيني أكثر من قضية الأمة والشعب، محاولاً عدم السماح للقضية أن تسحق الفرد. ينحاز الفيلم للشخصيات وتغيب الشعارات السياسية على أشكالها وأنواعها. وما أثار حماسة المؤلفين أثناء الكتابة هو ارتباطهم بشخصيات الفيلم وليس بالقضية. تلك الشخصيات التي كانت دوماً تحثّهم على النظر عن قرب، في مصائرهم. أما القضية، فلم تكن من أولويات الفيلم. مشكلة واحدة كان نصرلله يواجه مشكلة أساسية هي كيفية تصوير الإسرائيليين، قبل أن يدرك أن الأفلام التي يحبّها لا تصوّر العدو، واكتشف ذلك بعدما أعاد مشاهدة “القيامة الآن” لفرنسيس فورد كوبولا و”فول ميتال جاكيت” لستانلي كوبريك. ظلّ يبحث عن حل لعدم إبراز الإسرائيليين على الشاشة، وجاءه الحل “على طبق من فضّة”، كما يقول. لم يود تصوير الإسرائيليين كي لا يدخل في الـنمط الصوري الذي استخدمته السينما الأميركية لتصوير النازيين. ولم يرغب في المقارنة بين النازيين والإسرائيليين، لأن النازيين كانوا مهتمين بابادة أكبر عدد ممكن من البشر الذين لا “يحق لهم العيش” بحسب منطقهم. أما الصهاينة فكانوا يطمحون إلى احتلال الأرض وطرد شعبها، أقله في تلك المرحلة. يسري نصرالله مع الممثلة الفرنسية بياتريس دال خلال التصوير (ملف الفيلم) يختلف الجزءان أحدهما عن الآخر على نحو كبير. في الأول، أخذ نصرالله المادة التي أُعطيت له، وحوّلها إلى نوع خيالي. من هنا، يغرق الفيلم في أجواء الحلم. الجزء الثاني هدف إلى الإصطدام بالجزء الأول، و”شكله متفجر إلى حد ما ويذهب في كل الاتجاهات، وهذا ما يجعلك تعتقد أنه شخصي، وفي الواقع الاثنان شخصيان”، كما يقول نصرلله رداً على سؤال عن الطابع الشخصي للجزء الثاني مقابل عامية الجزء الأول. يقول نصرلله إنه كان مهتماً بكيفية تحويل مادة لم يكن صاحبها، إلى شيء شخصي. ولو كان هناك نماذج تسجيلية عن النكبة الفلسطينية، لفعل المستحيل لكي يبعدها عن بال المُشاهد. فالتاريخ الفلسطيني في نظره شفهي أكثر مما هو بصري، لذا اتبع أسلوباً تصويرياً لتأكيد أن هذه القصة دخلت في مخيلة الناس، بعيداً من محاولات التأريخ، متمنياً ألا يحرم هذا الفيلم أفلاماً أخرى، ترغب في تصوير النزوح بطريقة مختلفة. ولدعم فكرته، يعطي مثلاً عن صور التقطها أحدهم في فيلم روائي عن حرب أكتوبر(تشرين الأول)، فبدأ الجميع بعدها باستخدام تلك الصور وكأنها صور حقيقية، وهذا شيء مرعب في نظره لأنه يحرم المُشاهد من الخيال ويحتكر الحقيقة. عن جماليات العمل التي تختلف إضاءةً وألواناً وأجواء بحسب المرحلة التي نحن فيها، قال نصرلله: “بصرياً، تعاملنا مع الجزء الأول كنوع من الخيال، وسعينا إلى تجسيد فلسطين كما يحكيها لنا أهالينا والجيل الذي عرفها. بدايات المقاومة مثلاً حكايات سمعناها من الآخرين، ومن خلال هذه الأقاصيص حاولنا تشغيل مخيلتنا الروائية. إخراجياً، حاولت في الجزء الأول أن أعطي المُشاهد الإنطباع أنه يشاهد “حدوتة”. أما في الجزء الثاني فاكتفيت بتصوير ما عاشه جيلي… وطرحنا السؤال: كيف بالإمكان تحويل مشاعر وتجارب إلى صيغة روائية وعدم الاكتفاء بالتوثيق؟ هذا الموضوع كان يتطلّب “فورما” أو صيغة، وجمالية وتركيبة ما. لذلك، كان من المهم أن أبدأ الجزء الثاني بالفيديو، لأننا كنا ننتقل إلى عالم آخر، وكان من المفترض أن يحظى هذا العالم بطابع بصري آخر. كان يجب أن تكون الصورة مختلفة تماماً، وكان التركيز على الريبورتاجات المصوّرة بكاميرا محمولة، تماماً كالتحقيقات التي يجريها الصحافيون خلال التظاهرات”. لم يتعامل نصرلله مع الفرد الفلسطيني كضحية، وهذا بعض من أهم ما جاء في الفيلم، لأنّ “عندما تضع نفسك في موقع الضحية، تصبح تصرفاتك كلها ردود أفعال الطرف الثاني، تتخلى عن بنودك الأخلاقية، ويتجه تركيزك إلى تأثير العدو فيك”، على قوله. يعتبر نصرلله أن “باب الشمس”، سواء الرواية أو الفيلم، هو أول عمل أظهر الفلسطينيين بشراً قبل أن يكونوا قضية، وهذا ما يبث لدى المتلقي الإحساس بأنه تحرر وبإمكانه أن يتعامل مع هذا الكابوس أخيراً. المزيد عن: فيلمفلسطينالشعب الفلسطينيالحبالنزوحالتهجيرالعلاقات البشريةالياس خوري 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “لصوص المقابر” تروي مصر بعيون الآخرين next post سؤال قديم متجدد: هل تخفي أميركا مركبات فضائية؟ You may also like مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024