الإثنين, نوفمبر 25, 2024
الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Home » الياس خوري في وداع جيزال خوري : كيف تكتب الدموع؟ هل شاهدتم دموعاً تكتب؟

الياس خوري في وداع جيزال خوري : كيف تكتب الدموع؟ هل شاهدتم دموعاً تكتب؟

by admin

 

الحياة لم تنطفئ يا صديقتي، فكما قال الناصريّ: «لم تمت الصبيّة لكنها نائمة»، فأنت يا صديقتي نائمة على عشب الحياة وعلى احتمالات الممكن وعلى الأمل بأننا حتّى إذا متنا لن نموت.

الياس خوري/ صفحة الكاتب facebook

لم أكن أعي أن هناك دموعاً تكتب إلا حين ماتت جيزال خوري،

كانت جيزال ابنة الحب، وطفلة الاحتمالات، وحين التقت بسميرها، انفجرت الحياة ينابيع تتدفق، وصرنا جميعاً أبناء الحب.

لكنني، وأنا أكتب الآن بالدموع، لم أعد أعرف لون الحبر أو طعمه.

حبري صار دمعاً ودمعي صار دماً.

وعندما يختلط الحبر بالدم وتصبح الكلمات مجموعةً من الالتباسات لا يعود بإمكاننا التفريق بينها، ندخل في وهم الكتابة التي تضيع معانيها.

سوف أخبركم هذه الحكاية: حصل هذا في أوائل الثمانينيات، كنت أنا رئيساً لتحرير ملحق النهار، وكان سمير صحافيّاً جديداً عائداً من باريس. كانت تجمعني به صداقة عميقة وروح من الأخوّة والمحب، فأمسكته من يده وقلت له: «تعال لأعرّفك على أجمل فتاة في بيروت!». لست متاكداً من صحة هذه الحكاية، قد أكون قد قلت له، أو قد أكون قد قلت لها: «تعالي لأعرّفك على أجمل شاب في بيروت!» ومنذ تلك اللحظة التقى حبيبان في واحدة من أجمل حكاياية الحب التي أعرفها. كان حبّاً يتجاوز كلّ أشكال الحب ويتشكّل كنغمين لعصفورين لا مكان لهما إلا في المتخيّل الشعري. واستمرت تلك العلاقة طويلاً لأنّها لم تكن حبّاً فقط، ولكنها كانت ما يتجاوز الحب إلى التناغم والجمال والسحر.

كان هذان الشابان الجميلان يسحران بيروت، وليس صدفة أن يكون نتاج هذا السحر كتاب «تاريخ بيروت» لسمير قصير، وبرنامج «حوار العمر» في تاريخ بيروت.

صنع سمير حكاية كاملة عن مدينة تولد وتموت ثم تولد من جديد، وفي «حوار العمر» صنعت جيزال تاريخاً شفويّاً من تاريخ هذه المدينة الرائعة التي يحاولون اليوم قتلها.

تاريخان صنعا حلماً ما لبس أن تطوّر إلى حلم للحرية والمساواة والديمقراطية.

هذا هو جيل بيروت الذي صنع مدينة لا تشبه المدن ولكنها أجمل من كل المدن.

هذا الجمال كان لا بد له أن يصير مأسويّاً لفرط جماله، قمة المأساة تلتقي بقمة البحث الروحي عن المعاني. قيل ويقال وسيقال إنّ بيروت مدينة حطّمت نفسها بنفسها، ولكنّ بيروت لم تحطّم نفسها، بل حطّمت أشباحاً والقوى التي حاولت اغتيالها.

نعود إلى حيث كنّا، أين كنا؟ كنّا نعالج حكاية حب فإذا بنا نحبّ الحكاية، فالحكاية هي التي صنعتنا ونحن من صنعها.

نعود إليها كي نشهد بأمّ أعيننا تلك المأساة الرهيبة التي أخذت سمير قصير إلى موته المبكّر. اغتيل الرجل وهو يصارع من أجل الحياة ويكتب سيرة الحياة. أمّا المرأة التي أحبّته وأحبها فبقيت صامدة إلى أن انكسر الصمود.

ماذا تفعل امرأة عاشقة بحبّها الذي طمرته الأيام بالدم و التراب، ماذا تستطيع أن تفعل كي تبقي شعلة الحياة مضاءةً في عينيها.

الحياة لم تنطفئ يا صديقتي، فكما قال الناصريّ: «لم تمت الصبيّة لكنها نائمة»، فأنت يا صديقتي نائمة على عشب الحياة وعلى احتمالات الممكن وعلى الأمل بأننا حتّى إذا متنا لن نموت.

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00