ثقافة و فنونعربي المغربي أبو يوسف طه في عزلته: كتابتي تشبهني by admin 8 سبتمبر، 2020 written by admin 8 سبتمبر، 2020 34 توقف عن الكتابة 10 أعوام ثم عاد إليها برواية “عش الطائر المتوحد” اندبندنت عربية / عبد الرحيم الخصار يوجد صنف من الكتاب يؤثر أن يبقى قليل الظهور، في ما يشبه العزلة، أو الزهد في الأضواء، وإن لم تعد هناك أضواء في الحياة الثقافية الراهنة في العالم العربي. إنها غالباً ما تسلط على نوع آخر من الناس ليسوا بالضرورة كتاباً ومفكرين. الروائي والقاص المغربي أبو يوسف طه (مواليد عام 1946 – مراكش) ينتمي إلى هذا الصنف. إنه كاتب “وامض” تلمحه من حين لآخر في زاوية بعيدة عن الضجيج الثقافي، يظهر لبرهة، ثم يختفي. حتى تدويناته على وسائل التواصل الاجتماعي تجدها خاطفة، كما لو أن الرجل يريد أن يقول كلمته سريعاً، ويعود إلى خلوته، حتى لا يشغل الناس به، ولا يشغل نفسه بالناس. وقبل أن تدخل البلاد مرحلة “الحجر الصحي” كان أبو يوسف طه منذ سنوات عديدة في حالة من “الحجر الثقافي”. في هذا الحوار يشرح أبو يوسف طه، أحد رواد الأدب الحديث في المغرب، لـ”اندبندنت عربية” أسباب توقفه عن الكتابة، ثم عودته إليها، مبرراً خيار العزلة، ومُبدياً رأيه في الحياة الثقافية المغربية الراهنة. الرواية المغربية (دار النشر) سألته: قبل أربع سنوات أعلنت عن توقفك النهائي عن الكتابة، وتوقفت بالفعل فترة ثم عدت برواية “عش الطائر المتوحد” (المركز الثقافي العربي)، ما الذي جعلك تعلن عن التوقف؟ وما الذي جعلك تعود؟ فقال: “لم تكن الكتابة، كما لمعظم كتّاب جيلي، غواية أو استجابة لدواعٍ نفسية، بل اقتداء بكتاب ملتزمين، فهي في إدراكنا رسالية، قرينة برؤية حياتية مؤمنة بتجاوز عوائق الواقع وقساوته وإحباطاته، متجاوبة مع ما يروج في الحقل السياسي وما يسترفده من الحقل الثقافي. ولا يخفى وقتئذ أن السرديات المستأثرة بالاهتمام والأكثر تأثيراً، كانت ذات طبيعة راديكالية، وكانت الفجوة منعدمة في بلدنا بين الثقافي والسياسي. فالتصادي الوجداني والفكري مع تموجات الواقع في مواقفي، وفي محتوى ما أكتبه. وأنا بالغ الحرص على ألا أخطئ التقدير، كنت أتوقف استجابة لهذا الداعي من جهة، وتبرماً مما يصيب الجسم الثقافي والسياسي من مرائية وتزلف وانتهازية وسوء التقدير المتبادل، وأكاد أقر بأن “عش الطائر المتوحد” الثمرة الناضجة لمحمولات هذا المنحى”. مقاولة ثقافية قبل هذا الإعلان كان أبو يوسف طه منقطعاً عن الكتابة نحو عشر سنوات، فهل كان يرى أن الحياة العامة في المغرب، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لا تشجع على الكتابة، أم أن الانقطاع يعود إلى أسباب ذاتية؟ يجيب: “أما أن المغرب لا يشجع على الكتابة فالواقع يؤكد ذلك، ويوجد مدسوسون في مختلف المجالات ذات الصلة بالعمل الثقافي يستهويهم التحبيط، ودس البعوضة في الأذن. وهؤلاء فقراء الإدراك، كما أن البنيات الثقافية بمختلف تشعباتها لم ترق من حيث التحفيز وخلق أقنية التداول محلياً وعربياً إلى مقاولة صناعية (الصناعة الثقافية) ذات الإنتاج والمردودية العالية. الكتاب عندنا لا يمكنهم الاستغناء بالكتابة عن مورد عيش خارجها، لأنهم سيضطرون للتسول أو احتراف أي شيء. فالثقافة مُزدراة، وخاصة في العقود الأخيرة. ويجب أن نضع في البال التحولات الطارئة على الأوضاع الاعتبارية اجتماعياً. فالوجاهة متنقلة كما لو كان ذلك بفعل فاعل. وهنا نرى تقهقر وضع الكاتب والمثقف لحساب فئات أخرى. لقد تم التهميش والاقتناص والترويض. إن انقطاعي كان وعياً بذلك، وإحساساً بالخذلان، واكتشافاً لأغوار الناس، وتلمساً لما أجراه السياق العام من تبدل مضمون معجم القيم النبيلة إلى النقيض”. قلت له: تبدو منعزلاً عن الأوساط الثقافية، ميالاً إلى ما يشبه العزلة، فما السبب في ذلك؟ فرد قائلاً: “يجب إبلاغك صديقي أنني اشتغلت أستاذاً ثم مراقباً تربوياً، فرئيس مصلحة تربوية، ومكلفاً التخطيط. وهذه المواقع أتاحت لي الاشتغال والتواصل في الإطار اليومي، وفي إطار ندوات ولقاءات، وأيام دراسية وغيرها. وهذا عمل خصب ومتنوع في بُعده الأقصى، وحالة كهذه تخفض في النفس الميل إلى التسكع خلف المنصات الثقافية، في وقت ضمرت فيه محتويات الأشياء، وفسدت الحوافز والمطامح. كما أن معرفة دقائق الأمور في المجالين الثقافي والسياسي تملي وضع مسافة ببناء مرقبة عزلة”. عن اعتماده في كتاباته على لغة الإيماء والإشارة والتكثيف، بدل الإسهاب السردي والاستعراضات اللغوية، وهل يمكن أن نقول إن قصة أبو يوسف طه تشبه كاتبها؟ قال: “مجاراة لما قررت فإن كتابتي شبيهة بي، فأنا ميال للصمت، ويصدق ذلك على ما يَسِم نصوصي من التصرف في اللغة باتزان، وعدم الجنوح للتبذير. إن التعامل مع اللغة والأفكار كتقطير العطر. فكم نستخرج من العطر من حمولة شاحنة من الزهور؟ إن الوصول إلى اللب في التعبير ليس أمراً سهلاً. إنه عسير، ويتطلب جهداً في إطراح الزوائد. وأسألك كشاعر ألا يستهويك التعبير عن إحساس أو فكرة بكلمات قليلة؟ إن الأمر أشبه بكتابة على رأس دبوس، أليس الأمر جيداً؟”. المزيد عن: رواية مغربية/الكتابة/العزلة/الحجر الصحي/الواقعية/سوشيال ميديا 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post غضب خليجي رسمي على تصريحات فصائل فلسطينية next post أفلام إباحية بحاسوب بن لادن.. فرضيتان تفسران “الكشف الغريب” You may also like عندما يتحول التأويل الثقافي حافزا على عدم الفهم 12 يناير، 2025 مهى سلطان تكتب عن : الرسام الهولندي موندريان... 12 يناير، 2025 ليلى رستم تسافر إلى “الغرفة المضيئة” في الوجدان 12 يناير، 2025 زنوبيا ملكة تدمر… هل يسقطها المنهج التربوي السوري... 11 يناير، 2025 (15 عرضا) في مهرجان المسرح العربي في مسقط 11 يناير، 2025 أبطال غراهام غرين يبحثون عن اليقين عند الديكتاتور 10 يناير، 2025 رحيل “صائدة المشاهير”…ليلى رستم إعلامية الجيل الذهبي 10 يناير، 2025 سامر أبوهواش يكتب عن: حسام أبو صفية… الرجل... 10 يناير، 2025 كتب يناير الإنجليزية: سيرة هوليوودي واعترافات 3 نساء 9 يناير، 2025 عبده وازن يكتب عن: بثينة العيسى تروي خراب... 9 يناير، 2025 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.