تلقت القاهرة لأول مرة معونة عسكرية من الولايات المتحدة في أعقاب توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل بينما تمتد جذور الدعم الاقتصادي لأواخر أربعينيات القرن الماضي (أ ف ب) عرب وعالم المساعدات الأميركية لمصر… سلاح ضغط أم وسيلة تنموية؟ by admin 3 فبراير، 2025 written by admin 3 فبراير، 2025 18 ازداد حجمها بعد معاهدة السلام مع إسرائيل ولا إلزام أو تعهد باستمرار تقديمها مع مخاوف استغلالها للضغط على القاهرة للقبول بتهجير الفلسطينيين اندبندنت عربية / أحمد عبد الحكيم صحافي @a7medhakim في الـ 25 من يناير (كانون الثاني) الماضي أعاد قرار الإدارة الأميركية الجديدة تجميد مساعدات الولايات المتحدة الخارجية كافة، بما فيها المساعدات الطارئة لمدة 90 يوماً حتى تجري مراجعتها، مستثنية من ذلك المساعدات الغذائية الطارئة والتمويل العسكري لإسرائيل ومصر، فتح باب الجدل في مصر حول أهداف المعونة التي تتلقاها من واشنطن منذ أكثر من 45 عاماً، ولا سيما وأن القرار يأتي في وقت يسعى الرئيس العائد للبيت الأبيض دونالد ترمب إلى الضغط على القاهرة وعمّان لاستقبال سكان غزة بصورة موقتة أو دائمة بهدف تطهير القطاع. والقرار الأميركي الذي جاء في صورة مذكرة داخلية أرسلت من وزير الخارجية الجديد ماركو روبيو إلى المسؤولين والسفارات الأميركية في الخارج، إذ أمر بإجراء “مراجعة واسعة النطاق لجميع المساعدات الأجنبية لضمان التزامها بأهداف السياسة الخارجية للرئيس ترمب”، لم يمر عليه سوى أيام قليلة وبدأت تقارير غربية تتحدث عن احتمال استغلاله بالنسبة إلى إدارة ترمب للضغط على القاهرة، فضلاً عن فرض تعرفات جمركية أخرى بهدف تمرير خطة “تطهير غزة” التي كررها ثلاث مرات في غضون أقل من أسبوع، وقال إنه لن ” يتراجع عن فكرة نقل السكان من القطاع”، فلماذا جرى استثناء القاهرة من القرار الأميركي بتجميد المساعدات الخارجية؟ وماذا نعرف عن تاريخها؟ وإلى أي مدى يمكن التلويح بقطعها أو استغناء مصر عنها؟ وهل تستغلها واشنطن كسلاح ضغط أم كوسيلة تنمية للحفاظ على الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما وأن مصر وإسرائيل تتربعان على قائمة أكبر المستفيدين من المساعدات العسكرية الأميركية، إذ تتلقى تل أبيب 3.3 مليار دولار سنوياً في شكل تمويل عسكري خارجي من واشنطن، بينما تحصل القاهرة على 1.3 مليار دولار، فضلاً عن المعونات الاقتصادية الأخرى؟ قصة المساعدات الأميركية لمصر وفي وقت يشير كُثر إلى أن ملف المساعدات الأميركية لمصر متربط بصورة كبيرة بما بعد توقيع اتفاق السلام بين القاهرة وتل أبيب في مارس (آذار) 1979، لكن تاريخ الدعم الأميركي للدولة العربية ذات الكثافة السكانية الأعلى بدأ قبل تلك المحطة بنحو ثلاثة عقود من الزمن، وبحسب إحدى دراسات الكونغرس الأميركي التي ناقشت الدعم المالي للقاهرة فإن أول مساعدات اقتصادية تلقتها كانت عام 1946 حين منحتها واشنطن 9.3 مليون دولار، وهو الرقم الذي ارتفع نسبياً في عام 1955 بعد ثلاثة أعوام من ثورة يوليو (تموز) 1952 ليصل إلى 66.3 مليون دولار أميركي قبل أن يتوقف عام 1956 في ضوء العدوان الثلاثي على مصر الذي شاركت فيه بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، ويعود مرة أخرى عام 1958 بنحو مليون دولار فقط، ثم أخذ منحى أكثر تحولاً عام 1961 في بدايات حكم الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي قبل أن يتوقف مرة أخرى إبان نكسة يونيو (حزيران) 1967، وحينها قطعت القاهرة علاقاتها الدبلوماسية مع واشنطن على خلفية دعمها تل أبيب، مشيرة إلى أن حجم دعم مصر مر بمجموعة من المحطات منذ بدايته منتصف أربعينيات القرن الماضي وكان اقتصادياً بامتياز. وعلى رغم اقتصار ذلك الدعم في تلك الفترة على شكله الاقتصادي لكنه ارتبط كذلك بالظروف السياسية وطبيعة العلاقات التي تجمع بين البلدين، فعلى سبيل المثال تسببت أزمة تمويل السد العالي الذي بدأ إنشاؤه عام 1960 بدعم كبير من الاتحاد السوفياتي الذي تحرك لبنائه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بدءاً من منتصف خمسينيات القرن الماضي، في توقف الدعم الأميركي بعد أن سحبت واشنطن دعمها لتلقي القاهرة تمويلاً أولياً من البنك الدولي على وقع صفقة أسلحة وقعها الرئيس ناصر مع الاتحاد السوفياتي، ليشتد التوتر بينهما بعدها إثر تأميم القاهرة قناة السويس في يوليو عام 1956. وخلال ستينيات القرن الماضي، وعلى رغم التحسن النسبي في بداية عهد الرئيس الراحل جون كينيدي لكن سرعان ما عاد التوتر مع إقرار الكونغرس عام 1963 قانوناً يقضى بمنع المعونات الأميركية عن أية دولة تقوم أو تستعد لعمل عسكري ضدها أو ضد أي دولة تتلقى مساعدات منها، في إشارة إلى إسرائيل، وذلك على خلفية رفض الرئيس عبدالناصر التوقف عن إنتاج الصواريخ وتحديث القوات المصرية. تخلت مصر بعد حرب أكتوبر 1973 عن تحالفها مع الاتحاد السوفيتي لصالح التحالف مع الولايات المتحدة الأميركية (أ ف ب) ومع تعدد المحطات التي مرت بها المساعدات الأميركية كان لافتاً ارتباطها هبوطاً وصعوداً بالظروف الإقليمية والدولية في وقتها، وذلك قبل أن تأتى محطة حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 والتي حولت شكل العلاقة بين واشنطن والقاهرة إلى تحالف بعد أعوام من القطيعة قاد إلى خروج الأخيرة من المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي آنذاك، وهو الأمر الذي ظهرت أولى ثماره في توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل في الـ 26 من مارس عام 1979 برعاية أميركية، لتبدأ معها القاهرة في تلقي دعم عسكري للمرة الأولى أسس له خطاب بعثه وزير الدفاع الأميركي آنذاك هارولد براون في الـ 23 من مارس عام 1979 إلى نظيره المصري الفريق أول كمال حسن علي، يعبر فيه عن استعداد الولايات المتحدة للدخول في علاقات عسكرية ممتدة من أجل توريد معدات حربية لمصر مع تمويل واشنطن لجانب من هذه المعدات، وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم معونة لمصر تصل إلى 1.5 مليار دولار للأعوام الثلاثة التالية، وهو ما تزامن مع توجيه وزير الدفاع الأميركي خطاباً مماثلاً لنظيره الإسرائيلي تناول فيه حجم المعونة التي ستقدمها أميركا لإسرائيل. وعلى رغم أن عام 1979 شهد أعلى مستوى من المساعدات الأميركية لمصر مع بدء تلقي القاهرة مساعدات عسكرية بلغت قيمتها 1.3 مليار دولار، لكن الأعوام التي سبقتها ومنذ حرب أكتوبر شهدت تغيرا كبيرا في المعونات الاقتصادية كذلك، ففي عام 1975 صادق الرئيس الأميركي آنذاك جيرارد فورد على قانون المعونات الخارجية لعام 75 متضمناً نحو 250 مليون دولار كمساعدات اقتصادية لمصر، ومنذ تلك الفترة ومع إعلان الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، بقيت المساعدات على نحو ثابت تقريباً لكلا البلدين وتحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار كمعونة اقتصادية و1.3 مليار دولار كمعونة عسكرية، وهو ما ترجعه واشنطن في تصريحاتها الرسمية إلى اعتباره بـ “مثابة استثمار في الحفاظ على استقرار منطقة الشرق الأوسط واعترافاً بالدور المصري في التأثير في مجريات الأمور بالمنطقة، وكذلك أهمية معاهدة السلام مع إسرائيل”. وأمام عدم تضمين أي نص أو إشارة بأي شكل من الأشكال على التزام أميركي بأية مساعدات للدولتين الأطراف في أي من اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، أو حتى اتفاقي كامب ديفيد الموقعين في سبتمبر (أيلول) 1978، أقرت آلية لتقديم تلك المساعدات، ففي الحال المصرية فإن مبلغ المعونة العسكرية الذي يتضمن جزءاً ثابتاً قيمته 980 مليون دولار لا يخضع للمراجعة وغير مشروط، و95 مليون دولار متعلقة بإطلاق السجناء السياسيين، والـ 225 مليوناً الباقية متعلقة بتلبية مصر لحقوق الإنسان وفق التقييم الأميركي، ولا يجري تحويلها في شكل أموال سائلة إلى القاهرة بعد مصادقة الكونغرس عليها عبر تحويل المبالغ إلى حساب في المصرف الاحتياط الفيدرالي في نيويورك الذي يحوّل بدوره المبالغ إلى أحد الصناديق الائتمانية قبل أن يجري تحويلها إلى شركات السلاح والموردين، مع ضرورة أن تكون مقار الشركات والموردين في الولايات المتحدة، وذلك من أجل ضمان الأخيرة أن توافر هذه الشركات وظائف للأميركيين. في عهد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما علقت لأول مرة المعونة العسكرية بالكامل في العام 2013 قبل أن يلغى القرار لاحقا (أ ف ب) وعليه ومنذ ثمانينيات القرن الماضي استمرت الولايات المتحدة في تقديم المعونة العسكرية لمصر عند مستوى 1.3 بليون دولار حتى الآن من دون تغيير، إذ يربط الكونغرس نحو 300 مليون دولار منها بأوضاع حقوق الإنسان، غير أن المعونات الاقتصادية بدأت في التناقص منذ عام 1998 حين قررت واشنطن خفضها سنوياً بمعدل خمسة في المئة لمدة 10 أعوام، لتقل من 815 مليون دولار إلى حدود 250 مليوناً اعتباراً من عام 2010، ونحو 200 مليون دولار عام 2015، ليصل إجمال المساعدات التي تتلقاه القاهرة من واشنطن نحو 1.5 مليار دولار. وبينما تقول الوكالة الأميركية للتنمية إن المساعدات الاقتصادية لمصر تشمل الحكومة ومنظمات غير حكومية، وتستهدف برامج في مجالات التعليم والصحة والتنمية الاقتصادية والحوكمة صُممت بالتنسيق مع المصريين، تشير البيانات الرسمية المصرية إلى أن إجمال مما تتلقاه القاهرة من مساعدات خارجية لا يتجاوز اثنين في المئة من إجمال الدخل القومي المصري، وتمثل المساعدات الأميركية نحو 57 في المئة من إجمال ما تحصل عليه. محطات من المراوغة والضغط وأمام تناقص قيمة المساعدات الاقتصادية والاحتفاظ بحجم المساعدات العسكرية للقاهرة على مدى أربعة عقود إلا أنها كثيراً ما تعرضت من أجلها لضغوط، بعدما دأب الكونغرس الأميركي منذ عام 2012 على ربط أجزاء منها بمجموعة من القيود ومن بينها ضرورة أن يشهد وزير الخارجية الأميركي بأن مصر ماضية في طريق تحقيق حكم ديمقراطي يقوم على إجراء انتخابات حرة، وكذلك احترام الحكومة المصرية حق التعبير عن الرأي وحرية ممارسة الشعائر الدينية، لكنها في الوقت ذاته كثيراً ما كانت تلك القيود تواجه بأصوات أميركية تدعو إلى أهمية الشراكة الإستراتيجية مع مصر في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، وهي قيود وشروط فتحت بين حين وآخر مساحات النقاش والانقسام في الأوساط المصرية وحتى في الداخل الأميركي، حول أهمية المعونة الأميركية ولا سيما مع محطات تعثرها أو التلويح بوقف أجزاء منها وخصوصاً خلال العقيدين الأخيرين، بين من يطالبون بالتخلي عنها نظراً إلى حجمها مقارنة بالدخل القومي للبلاد، وآخرين يدعون إلى التريث نظراً إلى أهمية الشراكة مع الولايات المتحدة، مما يستدعي السؤال لدي بعضهم عن مدى صعوبة التخلي عنها أمام استمرار الضغط بها على الحكومة المصرية، بحسب توصيف مراقبين. وبتتبع “اندبندنت عربية” محطات تعثر المساعدات الأميركية للقاهرة، فقد شهد العقد الأخير أكثر من تعثر حولها بسبب قضايا متعلقة بحقوق الإنسان وملفات الديمقراطية والحكم، وهي تلك الفترة التي شهدت فيها مصر تحولات سياسية منذ عام 2011 حين الإطاحة بحكم الرئيس السابق حسني مبارك، ومن بعده وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة عام 2012، ثم الإطاحة بحكمهم عام 2013. وكانت المرة الأولى التي تُعلق فيها المعونة العسكرية لمصر منذ إقرارها عام 2013 حين أعلنت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما “عزمها درس تعليق نحو 585 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر إلى أن يتم إجراء مراجعة أوسع للسياسة”، وبالفعل أوقفت واشنطن تسليم القاهرة أربع مقاتلات “أف-16″من إنتاج شركة “لوكهيد مارتن”، لكن القرار ألغي بعد شهر. طوال سنوات حكم الرئيس جو بايدن لم تصرف المعونة العسكرية لمصر بصورة كاملة إلا عام 2024 (أ ف ب) ومع استقطاع جزء من تلك المعونة بداية فترة ترمب الأولى عام 2017، شهدت فترة الرئيس السابق جو بايدن تعثرات طوال أعوامه في البيت الأبيض بالنسبة إلى المعونة العسكرية لمصر، إذ لم تصرف بصورة كاملة طوال الأعوام الأربعة الأخيرة، ففي عام 2021 حجبت واشنطن ما قيمته 130 مليون دولار بسبب أوضاع حقوق الإنسان ومنحتها 200 مليون دولار من المساعدات العسكرية فقط، وفي عم 2022 جرى استقطاع 130 مليون دولار وسمحت بالإفراج عن 75 مليون دولار من المساعدات العسكرية، كما تلقت القاهرة 95 مليون دولار أخرى بموجب استثناء قانوني يتعلق بتمويل مكافحة الإرهاب وأمن الحدود، وفي عام 2023 جرى حجب 85 مليون دولار وتحويلها لمساعدات لدول أخرى بسبب عدم إحراز تقدم في ملف حقوق الإنسان، ولكن هذا العام أُفرج عن 95 مليون دولار من المساعدات بناء على الجهود المصرية لتحسين أوضاع السجناء السياسيين وتحديث بعض التشريعات ذات الصلة، وفي سبتمبر من العام ذاته أعلنت إدارة بايدن أنها قررت التنازل عن تجميد مبلغ 235 مليون دولار أميركي من المساعدات بسبب قيود حقوق الإنسان، معللة ذلك بمزايا أمنية تحصل عليها الولايات المتحدة في المقابل. ومع نهاية فترة حكم بايدن وللمرة الأولى قررت إدارته في سبتمبر الماضي إقرار المساعدة العسكرية كاملة لمصر من دون اشتراط تحقيق تقدم في ملفات حقوق الإنسان، وهي المرة الأولى منذ عام 2020 التي تتلقى فيها مصر المساعدات بكامل المبلغ، وقالت الخارجية الأميركية وقتها إن ذلك من “أجل مصلحة الأمن القومي الأميركي”، لكن وكالة “رويترز” نقلت في السابع من يناير الماضي عما وصفته بوثيقة أن إدارة بايدن قررت تحويل 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية المخصصة لمصر إلى لبنان من دون توضيح رسمي عن الأسباب التي دفعت إدارة بايدن إلى ذلك. لماذا لم تتخل عنها القاهرة؟ على وقع الضغوط التي تتعرض لها القاهرة لقاء المساعدات الأميركية التي تتلقاها، سواء العسكرية منها أو الاقتصادية، تكثر الأسئلة في الأوساط السياسية حول عدم تخلي مصر عنها ولا سيما أن المبلغ زهيد أمام حجم الاقتصاد القومي لها، إذ تشير الإحصاءات الرسمية المصرية إلى أن إجمال مما تتلقاه القاهرة من مساعدات خارجية لا يتجاوز الاثنين في المئة من الدخل القومي للبلاد، ويقول رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق في الجيش المصري وأستاذ العلوم الإستراتيجية في الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا اللواء نصر سالم إن “واشنطن لطالما اعتبرت المساعدات إلى القاهرة وسيلة للضغط عليها وأن مصر تدرك ذلك ومستعدة لسيناريو قطعها”، موضحاً خلال حديثه إلى “اندبندنت عربية” أن ” الولايات المتحدة قطعتها بعد الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين، وحينها لم تهتز الدولة المصرية ولم يؤثر الأمر في مصادر تسليحنا، إذ عملنا منذ أعوام على تنويع مصادر التسليح تلك”، مضيفاً “مصر مستعدة لمثل هذا اليوم ولدينا قيادة سياسية تمتلك هذه الإرادة”، ومعتبراً في الوقت ذاته أن “المساعدات العسكرية لمصر مهمة، لكن في حال استخدامها للضغط بشكل يمس الأمن القومي للبلاد فهذا أمر غير مقبول”. وفي المقابل يبرر مستشار “مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية” عماد جاد صعوبة التخلي عن المساعدات الأميركية “لقيمتها وليس لحجمها”، قائلاً في حديثه إلينا إن “المشكلة ليست في المعونة الاقتصادية بل في المعونة العسكرية المرتبطة بقطع غيار وسلاح وتدريب وصيانة معدات عسكرية”، ويضيف جاد متسائلاً “هل يؤثر فقدان الاقتصاد المصري 1.3 مليار دولار سنويا؟” ليجيب بـ “القطع الإجابة لا، فعلى سبيل المثال فقدت القاهرة أكثر من 7 مليارات دولار بسبب أزمة الملاحة في قناة السويس العام الماضي في ضوء الحرب في غزة ولم يتأثر اقتصادها بقوة، إلا أن الأمر مرتبط بهيكلية تسليح الجيش المصري وخصوصاُ في حال رفضت الولايات المتحدة تسليح مصر وتدهورت معها العلاقات، فقد تضطر القاهرة إلى إعادة هيكلة عمليات تسليحها بالمجمل، إذ تعتمد في الغالب على التسليح الغربي والأميركي على رغم تنويع مصادر تسليحها”. ويتابع: “المعونة العسكرية الأميركية تصرف داخل الولايات المتحدة سواء في تدريبات أو معدات عسكرية أو صيانة أو شراء قطع غيار، ولو رفضت واشنطن هذا الأمر فسندخل في حسابات معقدة وقد يتحول معظم تسليحك الغربي إلى خردة”. يشكل السلاح الغربي وخصوصا الأميركي العماد الرئيسي لتسليح الجيش المصري رغم توجه القاهرة في السنوات الأخيرة لتنويع مصادر تسليحها (أ ف ب) من جانبه يرى مساعد وزير الخارجية المصري السابق وأحد المفاوضين السابقين في شأن المعونات الخارجية لمصر، السفير جمال بيومي، أن القاهرة تملك من الأوراق التي تحجم الولايات المتحدة من الإقدام على قطع المعونة لها، ومن بينها “التسهيلات التي تقدمها مصر للجانب الأميركي في المنطقة، وأهمية مصر الإستراتيجية ودورها في الحفاظ على الأمن والاستقرار، فضلاً عن حجم الواردات المصرية من الولايات المتحدة والتي تتجاوز 70 ضعف المعونة الأميركية”. ويوضح بيومي أنه “لا شك في أن مبلغ المعونة الأميركية مقارنة بالفوائد التي تعود على الولايات المتحدة منه ضئيل للغاية”، معتبراً أن السؤال الأهم في ما يتعلق بالمعونة الأميركية هو “ما الدافع الذي قد يحرك القاهرة للاستغناء عن حق من حقوقها ضمن عملية السلام التي تمت مع إسرائيل في سبعينيات القرن الماضي”، ومضيفاً أن “الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر قال إن مقابل السلام مصر أن تحصل على المساعدات، وكان التعهد وقتها أن المساعدات التي تأخذها مصر لا تقل عن ثلثي المساعدات لإسرائيل، لكن تدريجاً تحول الأمر وأصبح هناك فارق كبير في حجم المساعدات المقدمة للبلدين مقارنة بعدد السكان”، متابعاً “يدرك الأميركيون أنهم الأكثر استفادة من الشراكة مع مصر بصورة تفوق بكثير قيمة تلك المساعدات، بالنظر إلى الوضع المميز لمصر في المنطقة”. وقد أعيد طرح احتمالات الضغط من طريق حجب المساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر مع احتمالات أن يقدم عليها الرئيس الأميركي ترمب من أجل تمرير سيناريو نقل سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، وهو ما رفضه كلا البلدين، إذ كرر ترمب خلال ثلاث مناسبات الأسبوع الماضي عزمه دفع القاهرة وعمّان لتنفيذ الخطوة، وعما إذا كان سلاح المساعدات قد يدفع القاهرة نحو التخلي عن موقفها الرافض تهجير الفلسطينيين، أوضح اللواء المتقاعد نصر سالم أن “مصر لا يمكنها المقايضة على أمنها القومي”، مضيفاً “لو أرادت واشنطن تهجير الفلسطينيين في مقابل استمرار المساعدات العسكرية فهذا أمر لن يحدث وغير مقبول ولا يمكن معه أن تستسلم القاهرة لمثل هذه الضغوط، وحينها قد تتخلى مصر عنها وعن التزاماتها مع الولايات المتحدة في المنطقة في السياسة والأمن والاقتصاد وغيرها”. وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قال الأسبوع الماضي إن “ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني ظلم لا يمكن أن تشارك مصر فيه”، مؤكداً أنه “لا يمكن أبدا التنازل بأي شكل من الأشكال عن الثوابت والأسس الجوهرية التي يقوم عليها الموقف المصري التاريخي تجاه القضية الفلسطينية”، وأن بلاده عازمة على العمل مع الرئيس ترمب للتوصل إلى سلام منشود قائم على حل الدولتين. يذكر أنه في عام 2019، وقت فترته الرئاسية الأولى، قال الرئيس ترمب إن الولايات المتحدة قدمت لمصر مساعدات عسكرية بأكثر من 40 مليار دولار، ومساعدات اقتصادية بأكثر من 30 مليار دولار منذ التوقيع على معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية عام 1979. المزيد عن: مصرالولايات المتحدة الأميركيةالمساعدات العسكرية الأميركيةالجيش المصريالقاهرةغزةحرب القطاعتهجير الفلسطينيينإسرائيلاتفاقية السلام 1979الرئيس الأميركي دونالد ترمبالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post أدوات الضغط الأميركية على الأردن: عقوبات اقتصادية أم تهديدات استراتيجية؟ next post ترقب في إسرائيل لمدى نجاح نتنياهو في إقناع ترمب بخطته الشرق أوسطية You may also like السجن 14 عامًا لجندي بريطاني سابق مُدان بالتجسس... 4 فبراير، 2025 مصدر مصري لـCNN: السلطة الفلسطينية تستعيد إدارة معبر... 4 فبراير، 2025 ترودو يعلن تعليق الرسوم الجمركية الأمريكية على كندا... 4 فبراير، 2025 مصر تسجل رقمًا قياسيًا في صادرات الصناعات الغذائية... 4 فبراير، 2025 أبرزها غزة وأوكرانيا.. ترامب يتحدث عن الملفات “الشائكة” 3 فبراير، 2025 كتاب صادم لضابط إسرائيلي.. يكشف خفايا “جيش الميليشيات” 3 فبراير، 2025 ترمب لا يضمن صمود الهدنة في غزة ويطلب... 3 فبراير، 2025 السويد تتهم إيران بالتجسس وطهران ترد باستدعاء سفيرها 3 فبراير، 2025 طارق الشامي يكتب عن: أوراق ترمب وحدود مقاومة... 3 فبراير، 2025 ماجد كيالي يكتب عن: من “انتصارات” الأنظمة إلى... 3 فبراير، 2025