الأحد, مارس 9, 2025
الأحد, مارس 9, 2025
Home » “الفتاة الوحيدة في الأوركسترا” أشد رقة في محاورة الكمنجات

“الفتاة الوحيدة في الأوركسترا” أشد رقة في محاورة الكمنجات

by admin

 

عندما تذوب الحدود بين الفيلم الوثائقي والروائي لينتصر الخيال

اندبندنت عربية / موسى برهومة

لزمن طويل ظلت الحدود الفاصلة بين الفيلم الوثائقي والفيلم الروائي صلبة وقاسية. وساد اعتقاد أن الوثائقي مستمد من اسمه المعتمد أساساً على الحقائق والمقابلات، والنبش في الأرشيف، وملاحقة خيوط المشكلة في شكل يضاهي أسلوب التحريات، حيث الصحافي الاستقصائي هنا محقق يبحث عن الأدلة الدامغة، أو ما يعتقده كذلك.

في أحسن تلك الأحوال، كان ينظر إلى الفيلم الوثائقي على أنه “ريبورتاج”، ولا طموح له أن . ذلك أن الفيلم الروائي يتقصى أحياناً، ويعتمد على الوثائق والبيانات والبيّنات، لكنّ هذا يظل في إطار التمثيل المؤسس على سيناريو معد مسبقاً وإدوار مرسومة بدقة، وأحياناً لا يسمح للممثل أن يخرج عن النص.

الآن، في زمن اختبار الطاقات القصوى للفن، ذابت الحقول بعضها ببعض، فأضحينا أمام غابة كثيفة من التجريب الإبداعي، وصار الفنانون أشد شكيمة في مواجهة النقاد الذين بدورهم أصبحوا أكثر مرونة في التعاطي مع تلك الانزياحات المقترحة. فالمهم في النهاية، أن يكون المنتَج خلاقاً ويحترم ذائقة الجمهور، ويوقر خياله ويوسعه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

آخر مخرجات هذا التمازج الخلاق بين الوثائقي والروائي، فيلم “الفتاة الوحيدة في الأوركسترا” (The Only Girl in the Orchestra) الفائز بجائزة الأوسكار 2025 كأفضل فيلم وثائقي قصير، وهو عن عازفة الكونترباص أورين أوبراين (1934- ) ومسيرتها الموسيقية كأول عازفة أنثى يتم تعيينها بدوام كامل في أوركسترا نيويورك الفيلهارمونية.

من جو الفيلم الذي يدمج بين الوثائقي والروائي (نتفليكس)

 

الفيلم، كما تقول أوبراين، جاء على مضض وتحت إلحاح ابنة أختها، صانعة الأفلام مولي أوبراين، التي أمضت وقتاً طويلاً في إقناع خالتها بالخروج إلى الإعلام وإشهار تجربتها، علّها تكون ملهمة لآخرين. فالفيلم، كما تظهر دقائقه الأربع والثلاثون، يلقي أضواء ساطعة وسريعة على مسيرة امرأة متفردة كان لها السبق في الانضمام إلى أوركسترا نيويورك الفيلهارمونية، عام 1966، تحت إدارة ليونارد بيرنشتاين (1918 – 1990، وهو أحد أهم قادة الفرق الموسيقية في عصره)، وسط 103 من الموسيقيين الذكور.

ولئن كانت بعض المراجعات الصحافية أشارت قديماً إلى مغالطات نفتها أبراين في الفيلم، فإن ثمة مقالات زعمت أن أبراين، التي تحتضن الآن سنواتها الإحدى والتسعين، كانت تتعرض لمضايقات في إطار المشكلة الجندرية، وهو ما لا نلمحه في الفيلم، لا تصريحاً ولا إشارة، فقد أمضت هذه الفنانة العبقرية أكثر من نصف قرن في العزف، وبعدها في تدريس طلبتها فن الإحساس بالموسيقى، في ظل متعة البقاء في منأى عن الأضواء. وهذه ثيمة أساسية تابعها الفيلم بعمق وشاعرية، لا سيما وهي تمتدح البقاء في الخلفية، كواحدة من فريق كبير: “لا يمكن لأي شخص أن يصبح جنرالاً؛ بل يجب على شخص ما أن يكون جندياً. وهذا جزء من متعة العزف في الأوركسترا؛ حيث يمكنك الانضمام إلى ما يفعله الجميع”.

تكشف “الفتاة الوحيدة في الأوركسترا”، (في الفيلم الذي يعرض على منصة “نتفلكيس) عن خصال أضحت نادرة في عالم الفن المنخطف للأضواء، حيث نطل على إنسانة متواضعة تتردد كثيراً أمام لقب “فنانة”، وتكتفي بكونها عاشقة للموسيقى، وأن إنجازاتها “عَرَضية”، وأن مركزها في الصفوف الخلفية للأوركسترا، تمنحها السكينة، وتوفر لها التناغم والرغبة في الانصهار مع الألحان. وهو ما تستذكره وهي تخاطب طلابها: “لا تسعوا إلى أن تبرزوا. أنتم دعم لما يحدث. أنتم الأرضية التي قد تنهار تحت الجميع إذا لم تكن آمنة”.

في غضون ذلك، تتدخل المخرجة في حوار يبدو كمقطع من فيلم روائي، ثم يتم توفير “ممثلين” يكملون الحكاية، مستعرضين على نحو مدبر قصاصات من الصحف القديمة، تلقي أضواء كاشفة على هذه الفتاة التي لم تهرم أبداً، وما انفكت تحتفظ بدهشتها وابتسامتها التي تشع رضى وحبوراً، وبساطة، وسط عالم رسمته لنفسها محاط بالموسيقى ولا شيء سواها، إلا عجن شرائح الخبز لطلبتها في أثناء الأوقات المستقطعة. وفي ذلك يكمن سر إلهام آخر يستبطن معاني التفاني والولاء للموسيقى التي شغفتها وهي في الثالثة من عمرها حينما ذابت هياماً في عالم بيتهوفن.

وفي لحظة آسرة في الفيلم، بدا التصاعد الدرامي يتعالى على نحو يخطف الأنفاس، تصحبنا الكاميرا إلى عمّال يفككون بيانو “ستينواي” الخاص بأبراين والذي يبلغ عمره 100 عام، تمهيداً لنقله إلى منزلها الجديد. إنها تخفي وجهها بكفيها، لئلا تشاهد آلام البيانو، كمن تشهد على جراحة لطفلها.

المحطات الآسرة في الفيلم كثيرة، رغم كثافتها الموحية، وهذا تقريظ بحق المخرجة التي يستحق فيلمها الأوسكار، لأنه منسوج بالخيوط ذاتها التي تتحدث عنها، وربما ورثتها من خالتها، ومن العائلة الفنية، إذ كان والد أورين، جورج أوبراين، وزوجته مارغريت تشرشل، من نجوم هوليوود اللامعين.

الكاميرا في الفيلم تتحرك في فضاء ثري بالدلالات والحنين، لا سيما حين تحاور تاريخ الكمنجات، مستذكرة محطات التقطتها روح الموسيقى وذاكرتها: أه لو تبوح بأسرارها ومسراتها.

هذه الكمنجات، تكون أكثر رقة عندما تعزف عليها فتاة. بذلك أخبر أوبراين “أستاذي العبقري في نيويورك، فريد زيمرمان. إنه يعتقد أن الفتيات أكثر حساسية من الأولاد في ما يتصل باستخراج نغمة من آلة الكونتراباص. وقال إن الأولاد يحاولون إخراجها باستخدام قوتهم، لكن الفتيات يستدرجنها، وهذه هي الطريقة التي يجب أن يتم بها الأمر”.

المزيد عن: فيلم وثائقيجائزة أوسكارالفيلم الروائيالأوركستراالكمنجاتالعزفالموسيقىالخيال

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili