ثقافة و فنونعربي “الغصن الذهبي” 7 أجزاء من تاريخ للفكر الإنساني سبق العلماء ومهد لأمجادهم by admin 18 أكتوبر، 2022 written by admin 18 أكتوبر، 2022 23 الترجمة العربية الجديدة زادته غموضاً ولم تكن الجهة الوحيدة التي أساءت إلى مؤلفه اندبندنت عربية \ إبراهيم العريس باحث وكاتب “إذا كانت الآلهة العظام الذين يقعون بعيداً من البلاء والفناء وحمى الحياة الأرضية، كان يُعتقد في موتهم أخيراً، وكان من غير المتوقع أن الإله الذي يسكن جسمهم وحتى اللحم سيهرب من نفس مصير الموت، والذي تسمعه عن الملوك الأفارقة الذين تخيلوا أنفسهم لا يموتون بفضل السحر. والآن فإن الشعوب البدائية كما شاهدنا في بعض الأحيان، تعتقد أن أمنها في هذا العالم يرتبط ببقاء حياة هؤلاء الرجال الآلهة أو اتحاد أرواحهم الجسدية بعالم الألوهية. ومن الطبيعي، فمن ثم أنهم يبذلون أقصى أنواع الرعاية للمحافظة على حياتهم حتى بعيداً من اهتمامهم بأنفسهم. ولكن فإنه لا الرعاية ولا الحذر سيمنعان الإنسان – الإله من أن يكبر في السن ويضعف وأخيراً يموت. ويقوم الذين يعبدونه بحساب حدوث الضرورة الحزينة ويجب أن يواجهوها كلما استطاعوا…”، حسناً سنتوقف هنا سائلين القارئ عما إذا كان قد فهم شيئاً من هذا اللغو الذي يبدو وكأنه تُرجم من طريق مترجم الحاسوب من دون أن يجد مَن يصححه. ومع ذلك تحمل هذه الترجمة اسماً لقائم بها يوصَف بأنه أستاذ ودكتور وما إلى ذلك. والنتيجة: مسكين العالم الإنجليزي جيمس فريزر الذي انتزعنا هذه الفقرة من الترجمة العربية لكتابه الأساسي “الغصن الذهبي” الصادرة قبل حين في القاهرة عن “المركز القومي للترجمة” في طبعة أولى أنيقة كان المركز يراهن عليها لرد الغبن التاريخي اللاحق بهذا المؤلف الإنجليزي. وكان المأمول من المركز أن يحقق ذلك وهو المعروف بما لا يقل عن ألفي كتاب تُرجمت عن لغات عدة أتى معظمها مميزاً ورائداً وجديراً بالتنويه. ولكن ما العمل وفريزر سيء الحظ مع مترجميه العرب؟ بدايات أنثروبولوجية مدهشة لكن هذا ليس المهم طبعاً بالنسبة إلى سفر علمي صدر قبل ما يزيد على قرن وربع القرن وما برح منذ ذلك الحين يتبوأ على الأقل مكانةً كبيرة في الثقافة الشعبية في أنحاء كثيرة من العالم. وذلك على رغم أن تطور المكتشفات والتجديدات في علوم الأنثروبولوجيا والأعراق وحتى الأساطير في القرن العشرين أسقطه عن عرش علمي كان يحتله تاركاً له مكانته في الثقافة الشعبية وفي قراءات الشعراء وربما أنصاف المثفقين أيضاً. غير أن ذلك لا يغمطه حقه في كونه، وبصرف النظر عن الفقرة المترجَمة إلى العربية والتي اخترناها عشوائياً من هذا النتاج غير الموفق للمركز القومي القاهري، في كونه واحداً من الكتب العلمية التي يقرؤها عامة الناس بشغف. وفي كونه بالأساس قد شكّل تلك الحلقة المفقودة بين نصوص داروين التأسيسية، وحداثة وبالتالي صعوبات ودهاليز علم بات له في القرن المنصرم كباره من بواس إلى ليفي ستراوس، ومن مالينوفسكي إلى مرغريت ميد، بل حتى مروراً بجورج دوميزيل في فرع أساسي منه هو علم اللغات، أما أن تأتي التطورات العلمية في القرن العشرين لتقلل من مكانته العلمية فهذا أمر آخر لا يضيره وتحديداً بالنظر إلى أنه في الزمن الذي صاغه فيه مؤلفه (في سبعة أجزاء شكلتها الطبعة الثالثة، والنهائية التي اشتغل عليها المؤلف) كان يمثل أعلى ما توصل إليه ذلك العلم. غلاف واحدة من الطبعات الأولى لـ”الغصن الذهبي” (أمازون) جهود ربع قرن وأكثر ولكن ما هو كتاب “الغصن الذهبي” الذي شغف به الشعراء والروائيون وحتى الرسامون طوال النصف الأول من القرن الفائت على الأقل؟ هو كتاب أنفق فريزر في العمل عليه كتابةً وإعادة كتابة وتصحيحاً وتعديلاً، ربع قرن كامل من حياته بين عامَي 1890 و1915؛ بحيث لم يعد ثمة كتاب واحد يشكّله هذا السفر بل ثلاثة كتب تكاد تختلف إلى حد كبير في ما بينها. ويمكن أن نقول إن الطبعة الثالثة والنهائية في 7 أقسام والتي ذكرناها هنا لم تكن، حتى هي، الطبعة النهائية. فالكتاب واصل حياته بوصفه عملاً قيد التطوير، مرات على يد فريزر نفسه، كما شراكة مع زوجته، ثم لاحقاً حتى بعد رحيله حين أصدرته دور النشر ملخَصاً حيناً وكاملاً مضافاً إليه أحياناً أخرى، وصولاً إلى عام 1994 حين قامت منشورات جامعة أكسفورد بنشر طبعة جديدة مختصرة ورد فيها معظم ما يشكل الطبعتين الأولى والثانية وتستعيد ما كان فريزر وزوجته قد ألغياه لخشيتهما من أن تُغضب بعض النصوص، الجهات المسيحية الكنسية. إستنكاف العلماء الكبار كل هذا والعلماء المعاصرون لا يعولون عليه كثيراً حتى وإن ظهر لهم، من خلال بحوثهم الميدانية وليس من خلال رجوعهم إليه، أن ثمة جوانب فيه كانت تبدو مستغربة كما وردت لدى فريزر، لكن بحوثهم أكدتها. وتلك مثلاً حالة حكاية “الملك آريسي” الذي يكاد يشكل أصل الحكاية كلها والحلقة المفقودة بين الأساطير التكوينية القديمة والتاريخ الروماني الذي اعتمدها على رغم كل عقلانيته. وهذا الذي يلقَّب بـ”الملك آريسي”، إنما كان في حقيقته عبداً هارباً أو قائداً عسكرياً أو مصارعاً قبل أن يصبح كاهن المعبد العائد إلى الآلهة ديانا آريسي في قلب غابة تقع في مكان غير بعيد من روما. ويستمر آريسي في إقامته هناك حتى وصول عبد هارب آخر يقوم من فوره بانتزاع غصن من شجرة كان آريسي مكلفاً بالسهر عليها لكنه أخلد إلى النوم فقُطع غصنها. ما يعني أن النوم وحده يمكنه أن يتسبب في الخراب. وإذ لفتت هذه الحكاية نظر فريزر، ظل يتعقب مصادرها حتى تبيّن له أن ثمة حكايات تراثية مشابهة وينتج منها المغزى نفسه في حضارات أخرى عدة نمت في مناطق من العالم متباعدة عن بعضها البعض وفيها جميعاً مكانة أساسية لحكاية الغصن المقطوع. بالتالي واصل فريزر تحقيقاته ومقارناته وتقريباً على النمط نفسه الذي سيشتغل عليه مؤرخ الأديان والمعتقدات ميرشيا إلياد لاحقاً حين يتوصل إلى العثور على أساطير تكاد تكون هي نفسها وتحمل نفس دلالاتها في حياة العديد من الشعوب البدائية ودائماً في مناطق متفرقة ومتباعدة من العالم بل متباعدة إلى درجة لن يكون ثمة منطق يفيد بأنها أُخذت عن بعضها البعض. ولعل في وسعنا أن نقارن كل هذا بالعديد من الفصول والصفحات الواردة في رباعية كلود ليفي ستراوس “أسطوريات”. ولكن ليفي ستروس وميرشيا إبلياد وجورج دوميزيل في مجال مقارناتهم اللغوية واشتغالهم على التقسيم الثلاثي في المجتمعات القديمة، صبغوا بحوثهم واستنتاجاتهم بطابع بحثي علمي موثق فيما اكتفى فريزر بسرد يكاد يكون شاعرياً. كأنها قصائد شعر بل إن الشاعرية في نص جيمس فريزر (1854 – 1941) الطويل تلوح ليس فقط من خلال العنوان العام الذي اختاره لكتابه العمدة هذا، بل بشكل أكثر وضوحاً وجمالاً من خلال العناوين التي جعلها للأجزاء التي يتألف منها الكتاب في نسخته الأطول وهي على التوالي: “الجذور السحرية للملكية” و”المحظور ومخاطر الروح” و”الإله الذي يفنى” ثم “أدونيس آتيس أوزيريس، أرواح القمح والغابات” و”كبش الفداء” و”بالدر الرائع”. بينما كرس الجزء السابع والأخير لسرد المراجع التي اشتغل عليها المؤلف والفهارس. والحقيقة أن ما اعترف به العلماء الأكثر إنصافاً لفريزر، إنما هو تمكنه عبر اشتغاله على العادات والمعتقدات والتقاليد وكل ضروب الطقوس في أنحاء العالم القديم، ولكن أيضاً في الزوايا الخفية في العالم المعاصر حيث تكمن بقايا بالغة الأهمية من تلك العائدة إلى الزمن القديم لكنها باقية كقوى فاعلة وليس كفولكلور وحسب، تمكنه من تتبع حركة مسار الفكر الإنساني ولو عبر ما قد يبدو فرضيات تحتاج إلى توكيدات علمية، ما جعله في نهاية الأمر يرسم نوعاً من المسار التخطيطي للأديان القديمة وما جرى الاحتفاظ به منها عبر العصور. وفي هذا السياق، حتى لئن كان العلماء الأكثر جدية والأقل شاعرية استنكفوا في أغلب الأحيان عن الإشارة إلى منجزات فريزر في هذا المجال، فإنهم تمكنوا على أي حال من وضع تأكيدات علمية لما كان هو قد افترضه، أو تكهن به ولكن من دون أن يقدر على بناء تصورات علمية من حوله. المزيد عن: الغصن الذهبي\الفكر الإنساني\العلماء\الترجمات الى العربية\جيمس فريزر\الأنثروبولوجيا 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post السينما السعودية ضيف شرف مهرجان “أيام قرطاج” next post 30 يوماً من الغضب في إيران You may also like أول ترشيحات “القلم الذهبي” تحتفي بالرعب والفانتازيا 17 نوفمبر، 2024 شعراء فلسطينيون في الشتات… تفكيك المنفى والغضب والألم 17 نوفمبر، 2024 “بيدرو بارامو” رواية خوان رولفو السحرية تتجلى سينمائيا 16 نوفمبر، 2024 دانيال كريغ لا يكترث من يخلفه في دور... 16 نوفمبر، 2024 جاكسون بولوك جسد التعبيرية التجريدية قبل أن يطلق... 16 نوفمبر، 2024 المخرج والتر ساليس ينبش الماضي البرازيلي الديكتاتوري 16 نوفمبر، 2024 الحقيقة المزعجة حول العمل الفائز بجائزة “بوكر” لهذا... 16 نوفمبر، 2024 فرويد الذي لم يحب السينما كان لافتا في... 16 نوفمبر، 2024 يونس البستي لـ”المجلة”: شكري فتح السرد العربي على... 15 نوفمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 15 نوفمبر، 2024