ستيفن كنيغ سيفاجئ قراءه برواية جديدة (رويترز) ثقافة و فنون الغرام يعيد ستيفن كينغ إلى بطلته السابقة هولي by admin 2 مارس، 2025 written by admin 2 مارس، 2025 17 القاتل الذي يلقي الرعب يفرض ذريعة للانتقام في الرواية المنتظرة “لا تحجم” اندبندنت عربية / سناء عبد العزيز ما الذي يجعل القارئ يلهث خلف الكلمات، يقلب الصفحات بلهفة كأنه على وشك كشف سر الوجود؟ ربما لأن الحكاية ليست مجرد أحداث مختلقة، بل بالأحرى، نوع من الغواية التي تستدرجنا بعيداً من أرض الواقع، تماماً كما تفعل جنية البحر حين تغني للصياد لتسحبه طواعية إلى الأعماق. كثيراً ما صادفنا هذا السحر في روايات أغاثا كريستي، حيث نتتبع كل تفصيل كما لو كان خيطاً سيقودنا للحقيقة، ونستغرق بكاملنا في لعبة الاستنتاجات الذكية لمغامرات شارلوك هولمز. أما عند ستيفن كينغ فإن التشويق ينبع من التوتر الآخذ في التصاعد تدريجاً حتى يجد القارئ نفسه شريكاً في الجريمة. بهذه الوتيرة، جاء الإعلان عن روايته الجديدة “لا تحجم” (Never Flinch)، المنتظر صدورها في مايو (أيار) المقبل. وكشف كينغ عن خطوطها الرئيسة للمرة الأولى في نهاية 2024، ثم نشر مقتطفاً في مجلة “إنترتيمنت ويكلي” أثار حفيظة القراء، مما دفع ناشره إلى التأكيد أنهم “لن يستطيعوا الإفلات من قبضتها”، واصفاً إياها بأنها “رحلة لا رجوع منها، تتلاشى فيها الحدود بين العدالة والانتقام”. الرواية الجديدة “لا تحجم” التي ستصدر خلال شهرين (أمازون) البطولة لا تمنح جزافاً تأتي الرواية في عصر يعاني أزمة ثقة بالعدالة، لتعيد طرح السؤال القديم: ماذا لو أخفقت الجهات الرسمية في تحقيق العدالة، هل علينا أن نقف مكتوفي الأيدي أم نسعى إلى تحقيقها بأيدينا؟ في مدينة باكاي، تصل رسالة تهديد إلى قسم الشرطة: “سأقتل 13 بريئاً وواحداً مذنباً، للتكفير عن ذنب لا يغتفر، العدل لن يتحقق إلا بهذه الطريقة.” ومع انقسام المدينة بين الذعر والتكهنات، يسابق المحققون الزمن لكشف هوية المرسل قبل أن ينفذ تهديده، في الوقت نفسه تواجه الناشطة النسوية كيت ماكاي عاصفة من التهديدات أثناء جولتها عبر الولايات المختلفة، بسبب أفكارها الجريئة عن الحرية والمساواة وهو ما يجعلها مثاراً للجدل وموضع استفزاز لجميع الأمراض الذكورية. ومع تصاعد الخطر تُستدعى المحققة هولي جيبني لمواجهة مزدوجة مع قاتل غامض، وقضية تهدد حياة امرأة، ليتداخل خطا السرد في ذروة مشوقة. لم تكن هولي جيبني يوماً بطلة بالمعنى التقليدي، بل بدأت كشخصية هامشية في ثلاثية السيد مرسيدس (2014-2016)، التي شكلت أول دخول حقيقي لكينغ إلى عالم الجريمة، بعيداً من العوالم الخارقة. في البداية لم يشأ كينغ منحها دوراً رئيساً، غير أنه رقاها خلال فترة وجيزة وسرعان ما وقع في حبها، كما صرح لاحقاً، فعمل على تطويرها حتى استحقت دور البطولة. ستيفن كينغ الباحث عن الحقيقة (رويترز) يبدو أن بعض الشخصيات الأدبية تتجاوز حدود الورق، لتنبض بالحياة وكأنها كائنات من لحم ودم. ألم يبكِ تولستوي حين انتحرت آنا كارينينا، صارخاً في غضب: “الغبية قتلت نفسها!”؟ ماذا يعني ذلك؟ هل تخرج الشخصيات عن السيناريو المرسوم لها، أم أنها هي تكتب مصيرها بنفسها؟ في نظر كينغ البطولة ليست هدية تمنح، بل تنتزع بالصمود والمواجهة، حتى يتجلى مبدأ أن “ما لا يقتلنا يقوينا”. هكذا تتطور هولي جيبني، من شابة خجولة تعاني اضطرابات القلق وتعتمد كلياً على والدتها، إلى محققة مستقلة ذات شخصية صلبة، قادرة على مواجهة تهديدات العالم المعاصر. في “الدخيل” (2018) أصبحت هولي عنصراً محورياً في الحبكة، قبل أن تبلغ قمة استقلالها في “هولي” (2023)، حين حملت الرواية اسمها للمرة الأولى. ويبدو أن افتتان كينغ بشخصيته، دفعه في البداية إلى الإعلان عن روايته التالية بعنوان “هولي” دائماً، قبل أن يعيد النظر في الحبكة ويغير العنوان إلى “لا تحجم”، لتكون هذه سادس رواية تتناول شخصية هولي جيبني، والثالثة التي تتصدر فيها المشهد. الجلاد والضحية يفتتح السرد في مكان غير متوقع، مركز لإعادة التأهيل من الإدمان، حيث يجلس رجل متكدراً، بسبب مقتل شخص بريء في السجن، لا نعرف تحديداً لماذا يعتريه الذنب حيال جريمة لم يرتكبها، لكنه يقرر القصاص ممن تسببوا في قتله. تبدو هذه الافتتاحية نافذة إلى عقلية قاتل غير نمطي، فهو لا يقتل بدافع المتعة أو الحصول على منفعة من الجريمة، بل يعتقد أن وفاة رجل بريء تتطلب نوعاً من التكفير الجماعي، فهل يعوض قتل مجموعة من الأبرياء حقاً عن موت شخص بريء؟ أم أن هؤلاء الضحايا ليسوا مجرد أهداف عشوائية، بل لهم دور غير مباشر بالجريمة، قد يتعلق بالتواطؤ أو الصمت للحفاظ على مصالحهم. ألا يذكرنا ذلك بـ”دانتيس” في “الكونت دي مونت كريستو”، كلاهما لم يجترح فعل القتل عبثاً، بل تنفيذاً لعدالة أخطأتهم تحت مسمى “القصاص العادل”. وفي الوقت نفسه يردد أصداء بطل “الجريمة والعقاب”، راسكولنيكوف، قاتل المرابية العجوز تحت وطأة تبرير فلسفي يضفي على جريمته بعداً أخلاقياً. لقد اعتقد راسكولنيكوف نفسه شخصاً استثنائياً يمكنه أن يتجاوز القانون، تماماً كما يدعي قاتل كينغ بأنه يضبط ميزان العدالة المختل. هل نحن حيال إحدى الشخصيات الرمادية التي أفرزها أدب الجريمة في عصرنا المضطرب؟ ما علاقة قاتل كينغ بما يحدث الآن من قتل وترويع جماعي بحيث تزايدت الهجمات التي يرتكبها أفراد يعتقدون أنهم ينفذون “عدالة سماوية” أو “انتقاماً مستحقاً”، من دون أن ينتبهوا إلى أنهم أصبحوا قتلة بدورهم. في كتابه “ما وراء الخير والشر”، يرى فريدريك نيتشه أن العدالة الأخلاقية التي تعتمد على فكرة العقاب ليست إلا مجرد استمرار للانتقام بطريقة مؤسساتية، إذ إن القانون نفسه قد يكون مبنياً على نزعات انتقامية مغلفة بتسميات أخلاقية. موت الشخصية في أدب الجريمة يتناول الكتاب أيضاً التوترات الاجتماعية والسياسية حول الحركات النسوية وحرية التعبير، من خلال الصراع الذي تواجهه كيت ماكاي كناشطة نسوية في بيئة معادية، بخاصة مع تأثيرها المتزايد في الرأي العام، فكلما اكتسبت قضيتها زخماً سياسياً وجدت نفسها محاصرة بين هجمات إعلامية مضللة ومحاولات لإسكاتها بالقوة، لكن لماذا أصبحت هدفاً لهذا القاتل الذي يدعي تحقيق العدالة؟ هل تقف في طريق مشروعه الدموي، أم أنها مجرد جزء من معادلة انتقامية أوسع، حين يتشابك القصاص مع الأيديولوجيا؟ في قلب هذا المثلث المتوتر يدور الصراع بين رجل وامرأتين: القاتل والناشطة والمحققة. وهنا يكشف عنوان الرواية “لا تحجم” عن دلالاته المتعددة، فهو قانون يتبناه القاتل كذريعة للانتقام، وترفعه الناشطة كشعار للصمود، بينما تمضي هولي بين طرفي النقيض، تحاول التوازن بين الإقدام والإحجام، في حركة أشبه ببندول يترنح بين الفعل ورد الفعل. هذا التوتر المتشابك هو ما برع ستيفن كينغ في تجسيده عبر مسيرته الأدبية الطويلة. بدأ كاتباً للقصص القصيرة، لكن روايته الأولى كاري (1974) منحته شهرة واسعة، وسرعان ما تحولت إلى فيلم ناجح، تبعته أعمال فارقة في أدب الرعب، مثل “البريق” و”الشيء” و”بؤس”، وكلها تستكشف الجانب المظلم للنفس البشرية، ذلك المكان الذي تتوارى فيه الهواجس والمخاوف التي نحاول دفنها. واليوم، مع ظهور هولي جيبني للمرة السادسة في رواياته، يبرز سؤال مهم، بخاصة بعد اعترافه بأنه وقع في حبها: هل تواصل صعودها في أعمال لاحقة، أم أن عليها الانسحاب من دائرة الضوء؟ حين قرر آرثر كونان دويل إنهاء حياة شارلوك هولمز في “المشكلة الأخيرة” (1893)، أصيب القراء بصدمة هائلة، وانهالت عليه رسائل الغضب من كل حدب وصوب. بل إن بعضهم ارتدى شارات الحداد من فرط الحزن، مما أجبره في النهاية على إعادة شخصيته إلى الحياة، هل يمكن أن يحدث الأمر نفسه مع هولي إذا ما قرر كينغ التخلي عنها؟ المزيد عن: ستيفن كينغادب التشويقرواية بوليسيةالبطلة المستعادةعلاقات معقدةالرعبالتحقيقالقاتل 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post فيلم لأيقونة حركة “أنا أيضاً” اليابانية يترشح لجائزة الأوسكار لكن لا يمكن عرضه في البلاد next post ساره برنار… سيرة مدهشة للسفر والرسم والكتابة والتلاعب بالرجال You may also like كيف يستمر منتدى أصيلة بعد رحيل رائده محمد... 3 مارس، 2025 صوتان شعريان بين الواقعية العصرية والفانتازيا الساخرة 3 مارس، 2025 ساره برنار… سيرة مدهشة للسفر والرسم والكتابة والتلاعب... 2 مارس، 2025 فيلم لأيقونة حركة “أنا أيضاً” اليابانية يترشح لجائزة... 2 مارس، 2025 محمد بن عيسى… روح “أصيلة” تدخل الأبد 1 مارس، 2025 ماريا كالاس تحت ملامح الفاتنة أنجلينا جولي 1 مارس، 2025 رمزية التزامن بين صوم المسلمين والكاثوليك والأرثوذكس 1 مارس، 2025 كردي أعاد الاعتبار للنثر العربي 1 مارس، 2025 غموض يلف ظروف وفاة الممثل جين هاكمان وزوجته…... 28 فبراير، 2025 إضاءات على حياة رامبو في عدن 28 فبراير، 2025