روسيا ما زالت تمد أوروبا بنسبة 15 في المئة من استهلاكها من الغاز الطبيعي (أ ف ب) عرب وعالم العالم على أبواب شتاء مأزوم بـ3 تحديات by admin 24 يوليو، 2023 written by admin 24 يوليو، 2023 32 استمرار الحرب في أوكرانيا والتغيرات المناخية قد يزيدان الصعوبات بنهاية العام اندبندنت عربية \ أحمد مصطفى صحافي متخصص في الشؤون الدولية تشير التغيرات التي شهدتها أجواء المناخ حول العالم هذا الصيف إلى ارتفاع كبير في درجات الحرارة في أوروبا وقلة الأمطار في مناطق مختلفة، مما يثير مخاوف من أن يأتي الشتاء المقبل أيضاً بمعدلات برودة وأعاصير أشد وطأة من ذي قبل. يطرح ذلك تحديات عدة على العالم التحسب لها من الآن، كي لا يواجه أزمة خانقة محتملة في الشتاء المقبل، من أهمها ثلاثة تحديات هي أزمة طاقة وأزمة غذاء وأزمة أسعار بشكل عام مع استمرار ارتفاع نسبة الفائدة ومعدلات التضخم. ربما يبدو أن العالم تجاوز إلى حد كبير أزمة الطاقة المحتملة في أعقاب الحرب في أوكرانيا والعقوبات الصارمة المفروضة على روسيا، كما أن الدولة المنتجة والمصدرة للطاقة، ضمن تحالف “أوبك+”، لعبت دوراً أساسياً في الحفاظ على استقرار سوق الطاقة العالمية وتوازن العرض والطلب فيه. إلا أنه كما يرى كثير من المحللين والاقتصاديين لا يجب الركون إلى أن الأزمة انتهت وأن الأخطار زالت تماماً. ولعل في قرار موسكو الأسبوع الماضي، الخاص بتعليق اتفاق الحبوب عبر البحر الأسود لحين تلبية مطالبها ضمن الاتفاق، مما يدل على أن أزمة غذاء عالمية ربما تتشكل في الأفق، كما أن استقرار أسواق الطاقة ليس أمراً مضموناً تماماً في ظل احتمال حدوث أي اضطراب في الإنتاج أو التصدير نتيجة عوامل طبيعية أو جيوسياسية. على رغم بدء معدلات التضخم في التباطؤ، فإن أسعار الفائدة المرتفعة عالمياً مستمرة ربما حتى العام المقبل، مما يعني استمرار الضغط على الطلب العالمي العام. الشتاء والطاقة تمكنت أوروبا حتى الآن من تجاوز أزمة وقف إمدادات الغاز الطبيعي والنفط من روسيا، والتي توقفت نتيجة الحظر ضمن العقوبات المشددة المفروضة على موسكو بسبب حرب أوكرانيا، وعوضت أوروبا القدر الأكبر من واردات الطاقة الروسية بخاصة الغاز، التي شكلت قبل الحرب نسبة 40 في المئة من استهلاك دول الاتحاد، من مصادر أخرى، إضافة إلى خفض استهلاك الطاقة التقليدية مما أدى إلى انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا حالياً بنسبة 90 في المئة تقريباً عن أعلى معدل وصلت إليه بعد الحرب في أغسطس (آب) العام الماضي. ليس هذا فحسب، بل إن معظم مخزونات الغاز الطبيعي الأوروبية أوشكت على الامتلاء بالقدر الذي تتطلبه المفوضية الأوروبية لتفادي الأزمات في حالة نقص الإمدادات وهي نسبة تفوق 85 في المئة، بالتالي حتى لو جاء الشتاء المقبل شديد البرودة نتيجة التغيرات المناخية فقد تتمكن أوروبا من تفادي الأزمة، بخاصة أن استبدال بالغاز الطبيعي مصادر طاقة متجددة لتوليد الكهرباء يسير بوتيرة معقولة. لكن لا يمكن الاعتماد كثيراً على تلك المصادر البديلة، بخاصة في ظل الظروف الطبيعية المتقلبة نتيجة التغيرات المناخية، فالطاقة من الرياح عرضة للنقص إذا توقفت كثير من التوربينات نتيجة قلة معدلات الرياح، كذلك الطاقة الشمسية أيضاً عرضة لتقلبات الجو واحتمالات نقص فترات الجو المشمس، كما أن الاستثمارات في محطات الطاقة بالمفاعلات النووية تأخذ وقتاً وأموالاً طائلة، ذلك فضلاً عن أن روسيا ما زالت تمد أوروبا بنسبة 15 في المئة من استهلاكها من الغاز الطبيعي عبر خطي الأنابيب المارين في أوكرانيا وتركيا، ومع أنها نسبة ضئيلة إلا أن قطعها تماماً يمكن أن يشكل مشكلة بالفعل. تركز التحليلات أكثر على سوق النفط العالمية، مع احتمال لجوء موسكو لإجراءات راديكالية في حال انقلبت موازين الحرب في أوكرانيا لغير صالحها، ونقلت صحيفة “فايننشال تايمز” عن محلل الشؤون الجيوسياسية في شركة “إنرجي أسبكتس” ريتشارد برونز قوله “يعتمد إمساك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالسلطة بقوة على نتيجة مرضية نوعاً ما للحرب في أوكرانيا… ونتوقع أن المخططين في موسكو يعملون على سبل بذر الشقاق بين الغربيين”. هناك اليوم فرصة لتلاعب روسي بأسواق الطاقة بخاصة مع انتخابات البرلمان الأوروبي العام المقبل، وتليها انتخابات عامة في بريطانيا ورئاسية وبرلمانية في أميركا. ويدرك الروس أهمية أسعار مشتقات البترول في محطات البنزين للناخبين وتأثيرها في تصويتهم، بالتالي قد تلجأ موسكو لاستخدام الطاقة، بخاصة النفط، كسلاح مجدداً للتأثير في نتائج الانتخابات وتأليب الرأي العام في دول الغرب على قادتها الداعمين لأوكرانيا. ومع أن الدول المستهلكة عادت إلى ملء مخزوناتها النفطية بشكل كبير في ظل انخفاض الأسعار واستقرار السوق نتيجة سياسات الدول المنتجة في “أوبك+”، إلا أن احتمالات استخدام المخزونات لتخفيف وطأة أي أزمة نتيجة خفض روسيا إنتاجها أو وقفه لن يكون ممكناً، حتى إذا شعرت القيادة في موسكو أنها في وضع صعب بسبب الحرب. في العام الماضي طرحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ما يصل إلى 200 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي في السوق لإغراق جانب العرض وخفض الأسعار، لكنها لن تستطيع فعل ذلك مجدداً هذا الشتاء، بخاصة والبلاد مقبلة على انتخابات رئاسية وعامة، وستكون تلك مخاطرة كبيرة من الرئيس الديمقراطي الذي واجه انتقادات من الجمهوريين حين هبط المخزون النفطي الاستراتيجي إلى أدنى مستوياته منذ ثمانينيات القرن الماضي عند 350 مليون برميل. الشتاء والغذاء على رغم بدء تباطؤ الارتفاع في معدلات التضخم في معظم البلدان حول العالم فإن أسعار الغذاء لم تشهد انخفاضاً بعد بالقدر الذي يتراجع به مؤشر أسعار المستهلكين، بل إن أسعار الغذاء في بعض الدول ما زالت تواصل الارتفاع على رغم انخفاض مدخلات الإنتاج من محاصيل زراعية وحيوانية وتوقف الارتفاع في أسعار الطاقة، وحتى قبل أيام ساد التوقع بأن تباطؤ معدلات التضخم سينعكس على أسعار الغذاء ربما قبل نهاية هذا العام، أي مع دخول فصل الشتاء. لكن مع مطلع الأسبوع الماضي أعلنت روسيا تعليق العمل باتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود الذي كان يسهل وصول ملايين الأطنان من القمح والذرة من إنتاج أوكرانيا إلى دول العالم التي تعتمد على واردات الحبوب منها لتوفير الغذاء وأيضاً كأعلاف للطيور والحيوانات، وعلى الفور ارتفعت أسعار القمح في السوق العالمية بما يصل إلى نسبة 10 في المئة وارتفعت أسعار الذرة بنسبة تساوي نصف ذلك تقريباً. ذلك الارتفاع يمكن أن يكون موقتاً في حال تم التوصل إلى حلول وسط للعودة إلى اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، فضلاً عن أن ارتفاع الأسعار الماضي للعقود الآجلة لتوريد الحبوب يأخذ وقتاً كي يشعر به المستهلك العادي للدقيق وغيره من المنتجات الغذائية التي تعتمد على الحبوب. وإذا عاد اتفاق تصدير الحبوب، ربما لا يشعر العالم بأزمة في الأشهر المقبلة حتى الوصول إلى فصل الشتاء، لكن إذا استمر تعليق الاتفاق أو تصاعدت الحرب في أوكرانيا بما يهدد بمزيد من العقوبات على صادرات الحبوب الروسية أيضاً، فإن فصل الشتاء المقبل يمكن أن يشهد أزمة غذاء ليس فقط نتيجة ارتفاع أسعار الحبوب بل أيضاً ارتفاع أسعار مواد غذائية أخرى مثل الحبوب والطيور والزيوت وغيرها. تزامن قرار روسيا تعليق اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود مع قرار حكومة الهند وقف تصدير الرز غير نوعية (البسماتي)، مما يعني انخفاض صادراتها من المنتج الغذائي الرئيس إلى النصف تقريباً، ذلك مع الأخذ في الاعتبار أن الهند هي من أكبر مصدري الرز في العالم وتمثل صادراتها منه أكثر من 40 في المئة من الصادرات العالمية. جاء القرار الهندي نتيجة تغيرات مناخية أيضاً، إذ إن الأمطار الموسمية المتأخرة عن موعدها والتي هطلت بغزارة أضرت بمحصول الرز، مما أدى إلى ارتفاع أسعار التجزئة له، بالتالي فرضت الحكومة حظر التصدير لتوفير حاجة السوق المحلية. وما لم يحدث تغيير في ما يتعلق باتفاق تصدير الحبوب الذي علقت روسيا العمل به في غضون الأسابيع المقبلة، فعلى العالم أن يتحسب لأزمة غذاء في الأشهر المقبلة وربما حتى نهاية العام وفصل الشتاء. الشتاء والأسعار من الصعب التكهن بوتيرة ومدى تراجع الارتفاع في معدلات التضخم حول العالم، إذ فشلت تقديرات البنوك المركزية الرئيسة منذ نهاية عام 2021 في توقع مدى ونطاق ارتفاع معدلات التضخم، بالتالي لا يعول كثيراً على نماذج تقدير آفاق المستقبل، وإن كانت المؤشرات الحالية تدل على أن التضخم ربما وصل ذروته وأخذ في التراجع، مع ذلك يرى معظم المحللين أن تراجع ارتفاع معدلات التضخم لا يعني بالضرورة أن ينعكس ذلك في انخفاض الأسعار بالقدر نفسه. يبدو ذلك واضحاً في الفارق الكبير بين أسعار مدخلات الإنتاج في قطاعات مختلفة وسعر المنتج النهائي للمستهلك، وإذا كان ذلك واضحاً أكثر في أسعار الأغذية، فإنه يحدث في ما يخص غيره من السلع والخدمات، ويفاقم من أزمة الأسعار المرتفعة، التي قد تظل كذلك حتى فصل الشتاء بنهاية العام وبداية العام المقبل، مع استمرار ارتفاع كلفة المعيشة للأسر في معظم دول العالم. وحتى إذا توقفت البنوك المركزية عن سياسة التشديد النقدي (رفع أسعار الفائدة وسحب السيولة من السوق) فمن غير المتوقع بحسب تقديرات غالبية الاقتصاديين والمحللين في السوق أن تبدأ في التيسير النقدي (خفض أسعار الفائدة) قبل العام المقبل، أي إن العالم سيدخل فصل الشتاء في ظل أسعار فائدة مرتفعة تزيد من كلفة الاقتراض، وتضاعف العبء على الأسر في قدرتها على الإنفاق حتى على الحاجات الأساسية. ومع أن الأجور في معظم الاقتصادات الرئيسة تشهد ارتفاعاً بمعدلات معقولة، فإن القيمة الحقيقية للدخول تظل متدنية بسبب ارتفاع معدلات التضخم، وفي ظل الضبابية المحيطة بمستقبل النمو الاقتصادي تتردد الأسر في الإنفاق الاستهلاكي إلا على ما هو ضروري. المزيد عن: الاتحاد الأوروبيأزمة الطاقةالتضخمالغاز الروسيروسيا 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post أبو القنبلة الذرية يطل في فيلم “أوبنهايمر”بطلا ثم خائنا next post [تقرير] الجالية المغاربية في كيبيك موضوع محاضرة في مونتريال You may also like “الأوضاع المزرية” تجبر لبنانيين فروا إلى سوريا على... 23 نوفمبر، 2024 ماذا ينتظر غزة… حكم عسكري إسرائيلي أم لجنة... 23 نوفمبر، 2024 طهران ترد على قرار “الطاقة الذرية” باستخدام “أجهزة... 23 نوفمبر، 2024 كارين هاوس: مساعدو صدام حسين خافوا من أن... 23 نوفمبر، 2024 مصادر:الغارة الإسرائيلية استهدفت رئيس قسم العمليات بحزب الله 23 نوفمبر، 2024 غارات عنيفة تهز بيروت وتوسع العمليات البرية وأنباء... 23 نوفمبر، 2024 شاهد : من هو “حزب الله”؟ متى وكيف... 22 نوفمبر، 2024 إيطاليا تحمل “حزب الله” مسؤولية إصابة 4 جنود... 22 نوفمبر، 2024 إسرائيل تنهي الاعتقال الإداري لمستوطني الضفة 22 نوفمبر، 2024 لماذا أصدرت “الجنائية الدولية” مذكرة توقيف ضد نتنياهو... 22 نوفمبر، 2024