ثقافة و فنونعربي الرسام محمد المليحي جدد الفن المغربي بحركة الأمواج by admin 30 أكتوبر، 2020 written by admin 30 أكتوبر، 2020 27 وباء كورونا أنهى حياة التشكيلي الرائد والمثقف وصديق الشعراء وأحد مؤسسي مهرجان أصيلة اندبندنت عربية / عبد الرحيم الخصار لم يكن يدرك الفنان التشكيلي المغربي محمد المليحي (مواليد 1936 بأصيلة) أن رحلته إلى باريس لإجراء جراحة في ساقه ستكون الأخيرة إلى المدينة التي درس فيها الفنون الجميلة مطلع الستينيات. فهو توفي، مساء أمس الأربعاء، متأثراً بمضاعفات فيروس كوفيد- 19 في العناية المركزة في أحد المستشفيات الباريسية. في بداية شبابه درس المليحي الفنون في مدينة تطوان شمال المغرب ما بين عامي 1953 و1955. ثم توجه بعدها مباشرة إلى مدينة إشبيلية ليلتحق بمدرسة “سنانتا إيزابيل دي هنغاريا”، وبعدها بعام التحق بـ”المدرسة العليا للفنون الجميلة سان فرناندو” في مدريد، ثم واصل دراسته في المجال نفسه في معهد ستاتالي في روما. ومع مطلع الستينيات دخل معهد الفنون الجميلة في باريس، وبعدها حظي بمنحة دراسية لمدة سنتين من مؤسسة “روكفلير” في جامعة كولومبيا، ليعود مع أواسط الستينيات إلى بلده المغرب. عاد الفنان إلى موطنه بأفكار جديدة عنوانها “الحداثة الفنية”. وشكل برفقة الراحلين فريد بلكاهية ومحمد شبعة ثلاثياً مهماً كان له بالغ الأثر في تحول مسار التشكيل في المغرب. وعُرف عن هذا الثلاثي تكوينه الفني البانورامي ومرجعيته الفكرية الحداثية. لذلك خرجوا مع نهايات الستينيات بفكرة جديدة سموها “الفن الواضح”، وأقاموا معرضاً جماعياً في ساحة جامع الفنا الشهيرة في مدينة مراكش، وفتحوا نقاشاً مع الجمهور، محاولين الدفاع عن أفكارهم الجديدة في مغرب كان يطغى عليه الطابع التقليدي في مجال التشكيل. وأسس مع محمد بنعيسى “جمعية المحيط الثقافية” التي تنظم مهرجان أصيلة المعروف، وكان حريصاً على أن تزين المدينة سنوياً بجداريات فنية كبيرة، رغبةً منه في أن يبقى الفن عنصراً حاضراً ومرئياً للجميع. مجلة “أنفاس” كان المليحي عضواً في جماعة مجلة “أنفاس” اليسارية والطليعية الرائدة التي كان يرأس تحريرها عبد اللطيف اللعبي، وأسهم في تصميم أغلفتها أواسط الستينيات. وكان ضمن فريق التأسيس برفقة اللعبي ومصطفى نيسابوري ومحمد خير الدين، واختار أن يصمم الأغلفة ويقوم بإخراج المجلة دون مقابل مادي، دعماً منه لحركة فكرية طليعية كان لها بالغ الأثر في الحياة الثقافية المغربية. لم يكن المليحي رساماً فحسب، بل كان نحاتاً ومصمماً ومصوراً ومنظراً وأستاذاً للفن، وناشراً أيضاً. فهو أسس سنة 1974 دار نشر اسمها “شوف”، كما كان يصدر مجلة اسمها “أنتغرال”. فضلاً عن عمله مديراً عاماً في وزارة الثقافة، ثم مستشاراً ثقافياً لوزارة الشؤون الخارجية. رسام الأمواج في ورشته (موقع اتحاد الفنانين المغاربة) كان الفنان الراحل متابعاً عن كثب لجديد الحياة الفنية، وكان ينشر مقالاته في منابر ثقافية عالمية أبرزها مجلة “الفن العالمي” التي كانت تصدر في زيوريخ بثلاث لغات: الإنجليزية، الفرنسية والإيطالية. وإذا كان هناك من وصف للمليحي فسيكون “رسام الأمواج”، فهو عرف بميله إلى رسم الأمواج في معظم لوحاته. وظل يطور هذه التقنية في مختلف تجاربه، مع تغيير مستمر في الألوان والأشكال وضربات الفرشاة. ومن يتأمل لوحاته تلك يشعر فعلاً بحركة الموج وإيقاعه اللوني وقد يسمع ربما هديره ولكن ببصره وبصيرته. قريب ألبرتو مورافيا خرج بلوحاته باكراً إلى دول وقارات أخرى. شارك في بينالي الإسكندرية سنة 1958، وبينالي الشباب في باريس عام 1959، لتتوالى معارضه ومشاركاته في العديد من بلدان العالم كالجزائر والعراق والإمارات والبرازيل وأميركا وإسبانيا والسنغال وغيرها. تزوج من توني ماريني التي كانت تعمل معه أستاذة في مدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء. وعمل معها على وضع تصور فني يدمج بين الثقافة الشعبية مراهناً على الحداثة الفنية في العالم. وما لا يعرفه كثيرون هو أن المليحي تربطه بالكاتب الإيطالي المعروف ألبرتو مورافيا علاقة مصاهرة، فزوجته توني ماريني هي أخت زوجة مورافيا. يقول عنه الناقد شربل داغر في مقدمة معرضه الاستعادي في طنجة: “عاش المليحي عصره، ويعيش فيه، ويفعل فيه. وهو ما يجعله أكثر من مصور، وأكثر من “رائد”، فهو “معلم”، وفق كلام القدماء، سواء الإسلاميون أو “النهضويون” (الأوروبيون)، أي ممن يقود عملاً ثقافياً يتعدى اللوحة ويشمل فنوناً مختلفة، يكون فيها الملهم والموجه والصانع الأول. ومن يستعيد ما فعله المليحي في المغرب تحديداً يتحقق من دوره الكبير، بحيث يمكن اعتباره معلم “ثقافة الصورة” فيها”. وقبل رحيله حطم المليحي رقماً قياسياً بمزاد “سوثبيز” في لندن الذي أقيم أواخر شهر مارس (آذار) من هذا العام. وبيعت إحدى لوحاته بما يفوق نصف مليون دولار (399 ألف جنيه إسترليني). وحظيت لوحته “ذو بلاكس” بأعلى سعر من بين 71 لوحة لـ48 فناناً من العالم. وكان الفنان المغربي قد رسم هذه اللوحة سنة 1963 خلال إقامته في نيويورك. وقد وصف مزاد سوثبيز المليحي بأنه أحد الفنانين “الأندر والأكثر طلباً في العصر الحديث”. المزيد عن: فن تشكيلي/فن مغربي/باريس/الدار البيضاء/فريد بلكاهية/حداثة/نيويورك/مهرجان اصيلة/المغرب 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post فيلم “200 متر” عمل فلسطيني في الجونة مرشح للفوز بالجوائز الكبرى next post اتفاق السودان: تداعيات مَعْلَم هام آخر بين العرب وإسرائيل You may also like فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.