جرى ضبط شحنة ذهب تتجاوز 22 كيلوغراماً في مطار بيروت يشتبه بأنها مخصصة لتمويل _حزب الله_ (رويترز) عرب وعالم الذهب من طهران إلى بيروت: هل بدأ تفكيك اقتصاد “حزب الله” السري؟ by admin 14 مايو، 2025 written by admin 14 مايو، 2025 13 التحقيقات أشارت إلى أن المعدن النفيس أتى من إيران مروراً بتركيا وليس من مصدر تجاري تقليدي اندبندنت عربية / طوني بولس @TonyBouloss في مرحلة ما بعد الحرب الأخيرة، تواجه “حزب الله” واحدة من أعقد التحديات المالية التي واجهته منذ تأسيسه. فمع تفكك بنيته العسكرية بفعل الحرب الإسرائيلية، والانكشاف العلني على الساحة اللبنانية والدولية، بدأت الدولة اللبنانية، مدفوعة بدعم دولي، باتخاذ إجراءات صارمة لضبط المعابر والمرافق السيادية التي كثيراً ما اعتبرها الحزب مساحات حيوية للتهريب، وعلى رأسها مطار بيروت ومرفأ بيروت. لكن على رغم هذه الإجراءات، تشير تقارير عدة إلى أن الحزب يواصل ابتكار آليات معقدة للتمويل، تقوم على اقتصاد ظلي محكم، تستخدم فيه شركات واجهة، وعملات مشفرة، وشبكات تهريب الذهب. ولم يكن مفاجئاً التحقيق الذي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” وكشف عن ضبط أكثر من 22 كيلوغراماً من الذهب كانت في طريقها إلى التهريب، وأن الشحنة كانت معدة لصالح “حزب الله”، في إطار شبكة أوسع تعتمد على نقل الذهب إلى الخارج لبيعه وتسييله نقداً، أو استخدامه كضمان لتمويلات خارجية. “القرض الحسن” جمع كميات كبيرة من الذهب من المواطنين عبر قروض بضمانات ذهبية (الوكالة الوطنية اللبنانية) ووفق تقارير غربية هناك شكوك حول التشابك الواضح بين هذه العملية و”القرض الحسن”، إذ يعتقد أن مصدر الذهب المضبوط هو من ودائع المواطنين التي أخذت كرهونات لقاء قروض مالية. في حين كانت السلطات اللبنانية اتخذت إجراءات وصفت بأنها “غير مسبوقة”، من إقالة موظفين في المطار، وحظر الرحلات الإيرانية، وتفتيش كل الطائرات، بما فيها تلك التي تحمل دبلوماسيين. ويعد مصرف “القرض الحسن” الركيزة الأبرز في البنية التحتية المالية لـ”حزب الله” داخل لبنان، هذا الكيان الذي يعمل بغطاء جمعية خيرية، يوفر خدمات مالية لمناصري الحزب من قروض وسحوبات نقدية، ويعمل فعلياً كبديل عن النظام المصرفي الرسمي. ومن خلال هذه الجمعية، جمع الحزب كميات هائلة من الذهب كضمانات، مستفيداً من انهيار الثقة بالمصارف اللبنانية خلال الأزمة المالية. ووفر هذا الذهب قاعدة احتياط نقدي، ووسيلة للتمويل السري عبر تهريبه وبيعه في الخارج. وتشير تقارير مركز Jamestown إلى أن الحزب استخدم هذا الذهب لاحقاً ليس فقط كوسيلة إقراض، بل كأداة تمويل بديل، في ظل استحالة التحويلات البنكية بسبب العقوبات. بهذا يكون “القرض الحسن” تحول من مؤسسة خدمات اجتماعية إلى مصرف رديف ذي طابع أمني واستخباري في جوهره. القيمة الصامتة وبرأي بعض المحللين الاقتصاديين، فإن الذهب بصفته سلعة ثمينة وغير قابلة للتتبع بسهولة، بات خيار الحزب الأول لنقل القيمة. فبين العقوبات الأميركية، وانكشاف أذرعه المالية في أميركا الجنوبية وأفريقيا، لم يعد أمامه سوى المعادن الثمينة كبديل للتحويلات المالية. وتكشف مصادر أمنية لبنانية عن أن التهريب عبر المطار كان يتركز تحديداً على الذهب والدولارات النقدية. وزارة الخزانة الأميركية كشفت عن شبكة غسل أموال للحزب في أميركا الجنوبية عبر تجارة الفحم (أ ف ب) ويعتقد هؤلاء أن بيع الذهب في بيروت لا يفيد الحزب، بل يحتاج لتحويله إلى سيولة خارج النظام اللبناني، ولتحقيق ذلك يجري تصدير الذهب المذوب بطرق احترافية، عبر شركات واجهة غالباً ما تكون مسجلة بأسماء وهمية أو شريكة في منظومة “القرض الحسن”، ومن ثم يباع في أسواق مثل تركيا أو ماليزيا أو أميركا الجنوبية. تبييض الأموال وكانت وزارة الخزانة الأميركية كشفت عن شبكة مرتبطة بالحزب في أميركا الجنوبية، استخدمت تجارة الفحم كغطاء لتحويل الأموال. الشركة التي جرت إدارتها من كولومبيا كانت تصدر الفحم إلى لبنان، لكنها في الواقع كانت تغسل الأموال الناتجة من تجارة المخدرات، ثم تحول 80 في المئة من أرباحها لـ”حزب الله“. وتظهر تقارير وزارة الخزانة الأميركية أن الحزب يملك بنية تحتية كاملة من الشركات الوهمية في لبنان ودول الخارج، هذه الشركات تستخدم لتسجيل عمليات تجارية وهمية، وتزوير فواتير، وإجراء تحويلات مصرفية تمر عبر بنوك شرعية، مما يصعب تعقبها. وبعض هذه الشركات ترتبط مباشرة بعمليات تهريب النفط الإيراني، وتعاون مع “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري. ويكمن الخطر في أن جزءاً من هذه الشبكات يستفيد من تعاون مؤسسات مالية في دول عديدة ضمن شبكة مموهة ومعقدة، وذلك بحسب تقارير الخزانة الأميركية. بين الرقابة والتكيف الضغوط على الحزب اليوم غير مسبوقة، فشبكات التمويل عبر المطار تعطلت، وخطوط النقل من سوريا وإيران تراجعت، وواجهاته في أميركا اللاتينية وأفريقيا باتت تحت المجهر، لكن على رغم ذلك لم يتوقف الحزب. وتشير بعض التقارير إلى أن “حزب الله” يعتمد على عنصرين لضمان الاستمرارية: الحاضنة الاجتماعية والابتكار المالي، ففي الداخل لا يزال الحزب يقدم خدمات مالية بديلة تغني الناس عن المصارف التقليدية. أما خارجياً، فهو يوسع استخدامه للعملات الرقمية، ويعيد توجيه خطوط التهريب نحو البحر، خصوصاً عبر المرافئ البحرية. وسيلة آمنة وفي السياق أكد الخبير العسكري العميد المتقاعد سعيد القزح أن الذهب يعد إحدى الوسائل التي قد يلجأ إليها “حزب الله” أو أية جهة أخرى لتهريب البضائع والأموال، مشدداً على أنه ليس الوسيلة الوحيدة، بل جزء من منظومة أوسع تشمل طرقاً ووسائل متعددة لتأمين التمويل أو إجراء تجارة غير شرعية. وأوضح في تحليله أن الميل نحو تهريب الذهب يرجع جزئياً إلى ارتفاع قيمته عالمياً واعتباره وسيلة آمنة للحفاظ على الثروة، ورجح أن الكمية المضبوطة في مطار بيروت قد تكون جزءاً من شحنات أكبر تدخل البلاد عبر المنافذ الجوية والبحرية والبرية. ولفت إلى أن وسائل التهريب “متعددة وكثيرة وكبيرة” ويصعب ضبطها بصورة كاملة، حتى في دول متقدمة مثل الولايات المتحدة. واعتبر أن التهريب يبقى وسيلة لتبييض الأموال، متوقعاً استمرار محاولات التهريب التي تجمع بين الذهب والنقد، مع الإشارة إلى أن النقد يلفت الانتباه بصورة أكبر. وفي ما يتعلق بعملية الضبط الأخيرة في المطار، نوه القزح إلى أن الأجهزة الأمنية تمكنت من الكشف عن كمية من الذهب كانت مخبأة في حقيبة أو حقيبتين عبر أجهزة المسح الضوئي “السكانر”. وكشف عن معلومة مفادها بأن الجيش اللبناني تسلم مسؤولية الإشراف على هذه الأجهزة، بعد أن كانت حصراً بيد الجمارك اللبنانية التي تتولى الكشف على البضائع الواردة بعد تسليمها من أمن المطار، ورأى أن إشراف عناصر الجيش على أجهزة “السكانر” سيسهم في زيادة عدد المضبوطات مقارنة بالفترات السابقة. كما أشار إلى أن النقطة الإيجابية التي جرت في جهاز الجمارك بالمطار، والمتمثلة في استبدال العناصر القديمة بعناصر جديدة، ستعزز من قدرة السلطات على ضبط عمليات التهريب بصورة أكثر فعالية. أنشطة مشبوهة بدوره كشف الصحافي والكاتب السياسي أسعد بشارة عن تصاعد الضغوط الدولية على لبنان بهدف تقويض استخدام مطار بيروت الدولي كمعبر لأنشطة لها ارتباط بـ”حزب الله”، مشيراً إلى أن هذه التحركات تأتي في سياق محاولات دولية للحد من قدرة الحزب على استغلال نفوذه المتبقي داخل المرفق الحيوي. وأوضح أن “حزب الله” يمتلك شبكة مالية واسعة الانتشار تمتد عبر قارتي أفريقيا وأميركا اللاتينية، وتعمل كرافد أساس لتمويل أنشطته، ولفت إلى أن هذه الشبكة تكتسب أهمية خاصة في ظل التذبذب المتزايد في الدعم الإيراني، الذي بات تأمينه أكثر تعقيداً نتيجة للضغوط والعقوبات الدولية المفروضة على طهران. وبين أن هذه الشبكة المالية تعد من أبرز مصادر دخل الحزب، إذ تستخدم في دعم قدراته العسكرية والأمنية. وكشف عن محاولات متكررة لاستغلال مطار بيروت في إدخال أموال أو شحنات من الذهب، بهدف تحويلها لاحقاً إلى سيولة نقدية للاستخدام الداخلي. وشدد على أن السلطات اللبنانية بدأت تتعامل بصرامة متزايدة مع هذه المحاولات، واصفاً ذلك بـ”توجه جديد حازم” يهدف إلى منع استغلال الأراضي اللبنانية لتغذية شبكات تمويل قد تعرض البلاد لمسؤوليات دولية وخيمة، ومحذراً من أن أية محاولة لتبييض أموال أو تهريب ذهب بهدف تمويل الحزب داخلياً ستواجه “رداً دولياً حاسماً”، لافتاً إلى أن لبنان قد يتحمل تبعات مباشرة في حال ثبوت تواطؤ أو تغاضي أطراف فيه عن مثل هذه الأنشطة المشبوهة. من طهران إلى بيروت من جانبه اعتبر الكاتب السياسي إبراهيم ريحان أن شحنة الذهب المضبوطة في المطار ليست حادثة عابرة، بل تمثل تحولاً نوعياً في المعركة بين الدولة اللبنانية ونفوذ “حزب الله”. وأوضح أن الذهب الذي ضبط قبل أكثر من شهر لم يكن مصدره تركيا كما أشيع، بل نقل من إيران إلى تركيا ثم إلى بيروت، في مسار يؤكد ارتباطه بـ”حزب الله”، بحسب نتائج التحقيقات. وأشار إلى أن هذه الشحنة تتجاوز قيمتها 2.5 مليون دولار، وهي بذلك توازي المبالغ النقدية التي كان الحزب يدخلها سابقاً عبر المطار، مؤكداً أن ما يجري هو انحسار حقيقي لنفوذ الحزب، لا مجرد إجراءات رمزية. وأوضح أن الإجراءات الأمنية لم تعد تقتصر على الطائرات الإيرانية والعراقية، بل تشمل حتى الرحلات التركية والجزائرية، مع تفتيش دقيق للمسافرين والحقائب. ورأى أن ما يحدث اليوم هو تنفيذ لإرادة سياسية لبنانية جديدة على أعلى المستويات، انطلقت مع العهد الجديد، وقال أيضاً “رفع الإمارات حظر السفر إلى لبنان لم يكن ليحدث لولا القناعة بوجود تغيير جذري في الرقابة داخل المطار، نحن أمام مرحلة جديدة تبسط فيها الدولة سلطتها، ويطوى معها عهد استخدام المطار كممر آمن للحزب ولأذرعه في المنطقة”. وفي رده على من يعتبر أن كل القوى السياسية استفادت من المطار، قال ريحان “صحيح أن أطرافاً سياسية لجأت سابقاً إلى تسهيلات في المطار، لكن لا أحد منها أدخل قياديي الحشد الشعبي أو استخدم المطار كممر لسليماني (قاسم سليماني) أو قاآني (إسماعيل قاآني) كما فعل حزب الله، لا مجال للمقارنة”. تهرب وليس تمويلاً في المقابل قدم الباحث في العلاقات الدولية علي شكر قراءة مختلفة للمشهد، مشككاً في الرواية التي تربط التهريب المضبوط بـ”حزب الله” بصورة مباشرة. واعتبر أن التقرير الذي نشرته “وول ستريت جورنال” يفتقر إلى الدقة، مشيراً إلى أن الشحنة هي عبارة عن مصاغ ذهبي وليس سبائك، مما يدحض فرضية أنه معد للتمويل أو الاستثمار العسكري. وبرأي شكر، “فإن العملية تتعلق أساساً بمحاولة تهرب من الرسوم الجمركية من تجار صاغة لبنانيين لديهم سوق معروفة في بيروت، ولا علاقة مباشرة للحزب بها”، ولفت إلى أن الجهاز الذي أحبط العملية لا يرتبط بالحزب، وأن التحقيقات القضائية لم تنته بعد، وبالتالي لا يمكن الجزم بطبيعة العلاقة. وعلى مستوى أوسع، رفض شكر تصوير ما يجري كأنه انحسار دراماتيكي لنفوذ “حزب الله”، “ما يحدث هو جزء من محاولات إصلاح بنيوية في مرافق الدولة، تشمل كل القوى السياسية، لأن التهريب والفساد ظاهرتان لم يكن الحزب وحده يستفيد منهما. كل الأحزاب مارست نوعاً من التحكم بالمطار وغيره”، وشدد شكر على أن “حزب الله” يتعامل بواقعية مع المتغيرات، وهو ينتظر ما ستؤول إليه الأمور في الداخل والخارج. مضيفاً “الحزب لن يصعد، لا لأنه ضعيف، بل لأنه يدرك حجم الضغوط الدولية، وهو يتفادى استفزازاً إضافياً قد يعمق عزلته”. المزيد عن: القرض الحسنتهريب الذهبأسلحة لحزب اللهوزارة الخزانة الأميركيةوول ستريت جورنال 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post إدانة الممثل الفرنسي ديبارديو بالاعتداء الجنسي على امرأتين next post توجس في سوريا من فرض اللباس الشرعي والحد من الحريات You may also like توجس في سوريا من فرض اللباس الشرعي والحد... 14 مايو، 2025 الـ” يونيفيل” في جنوب لبنان… معضلة التجديد والصلاحيات 14 مايو، 2025 رحلة صعود وسقوط «غنيوة» أحد أمراء الحرب في... 13 مايو، 2025 ترمب يتوعد إيران بـ«ضغوط هائلة» إذا رفضت «غصن... 13 مايو، 2025 القوة الأممية: عثرنا على 225 مخبأ سلاح في... 13 مايو، 2025 تحذيرات من عودة شبح الحرب الأهلية لليبيا 13 مايو، 2025 دلالات تزوير جوازات سفر جزائرية لسوريين 13 مايو، 2025 “طالبان” تمنع لعبة الشطرنج في أفغانستان 13 مايو، 2025 مصادر لتايمز أوف إسرائيل: وسيط سري ساعد في... 13 مايو، 2025 «العمال الكردستاني»… من التأسيس إلى الحلّ في نصف... 13 مايو، 2025