ثقافة و فنونعربي الذاكرة والقصة والموسوعة by admin 14 يوليو، 2022 written by admin 14 يوليو، 2022 23 الإتاحة إلكترونياً لا تعني حصر المواد بشكلها الافتراضي، فهي متوفرة لدى أصحابها في مراكز ومؤسسات، لكن المقاربة الإلكترونية في إتاحة المواد أعطت لها معنى وجدوى ما كانت لتحصل عليه من دونها، رمان الثقافية \ سليم البيك – محرر المجلة جزء أساسي من القصور في علاقة الفلسطينيين بسرديتهم والتمكن منها وإيصالها، أو إتاحتها إلى العالم، تكمن في مصادر هذه السردية، والقطع ما بينها وبين الفلسطينيين الساعين إلى التمكن منها وإلى إيصالها. هذه المصادر وهذا الأساس هو المادة الأرشيفية، المواد الدراسية الخام الواصلة من ذلك الزمان، والحديث هنا عن أزمنة تسبق عام النكبة وأخرى تلحقه، حتى ١٩٨٢، عام الخروج من بيروت وفقدان كميات هائلة من الأرشيف المطبوع والمصوّر. بعدها بأعوام، استدرك الفلسطينيون ضرورة التوثيق والسعي إليه، وقد انتبهوا إلى مرحلة الهزيمة التي دخلوا فيها، فكان لا بد من حفظ ما تبقى، ما لم يُفقَد أو يُنهَب. اليوم، أو في العقدين الأخيرين، دخلت مقاربة جديدة إلى محاولات الحفظ، أو لملمة الأرشيف، الصحافي والسينمائي والفني والموسيقي والأدبي والبحثي، فكان الإنترنت وجهةً ضرورية في الحفظ والترميم والإتاحة، في تجميع الأرشيف وتحريره ودراسته وعرضه في سياقاته ضمن هوامش، وذلك كله افتراضياً، في موقع إلكتروني متاح للجميع، باحثين ومهتمّين، من خلال مؤسسات بدأت في السنوات الأخيرة عملها في هذا الخصوص، ما بدأنا نلمس نتائجه في الأيام الأخيرة. الإتاحة إلكترونياً لا تعني حصر المواد بشكلها الافتراضي، فهي متوفرة لدى أصحابها في مراكز ومؤسسات، لكن المقاربة الإلكترونية في إتاحة المواد أعطت لها معنى وجدوى ما كانت لتحصل عليه من دونها، والحديث هنا عن فلسطينيين مشتتين داخل وطنهم وخارجه، وعن باحثين عرب ومن كل العالم يمكن أن يجدوا ضالتهم في هذا الموقع/المرجع أو ذاك. أيّ قيمة لكنز أرشيفي مدفون في مؤسسة في رام الله مثلاً، أو بيروت أو أي مدينة، مادام الوصول إليه لمن هم خارج المدينة/البلد يتراوح بين الصعوبة والاستحالة؟ في الأيام الأخيرة، تم الإعلان عن ثلاثة مواقع إلكترونية بشكل منفصل، لا علاقة لأحدها بالآخر، لكنها نتيجة منسجمة لمقاربة واحدة وانتباه واحد وشغل واحد في ضرورة الحفاظ على الأرشيف الفلسطيني وضرورة تأمين مرجع موسوعي وبحوث متعلّقة وسيرة مفصّلة للفلسطينيين شعباً وأفراداً ومؤسسات. هو ما قد يستمر في مبادرات جديدة أو عناوين جديدة قد يسمع عنها أحدنا في أي وقت، فالعديد من مبادرات التوثيق والأرشفة والإتاحة أُنجزت لكن دون الجانب الموسوعي. المواقع الثلاثة هي “ذاكرة فلسطين”، وقد أُعلن عنه سريعاً في ندوة كانت للإعلان عن موقع آخر (في كلمة عزمي بشارة). يحفظ ويتيح “ذاكرة فلسطين” الأرشيف المطبوع للحركة الوطنية الفلسطينية، من مجلات وصحف ويوميات وبحوث وكتب ومنشورات وغيرها. أما الموقع الآخر فهو “القدس: القصة الكاملة”، والثالث هو موقع “الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية”. الإشارة إلى “ذاكرة فلسطين” كانت في أن إطلاقه سيتم أوائل العام القادم، وفي أنّه يوثّق بالمواد الأصلية مرحلة الثورة الفلسطينية، ما قبلها وما بعدها، وهو عمل مشترك بين “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” و”معهد الدوحة للدراسات العليا”. أما “القدس: القصة الكاملة“، فقط أطلقه أخيراً “المركز العربي” كذلك، في حزيران/يونيو ومن الدوحة. يختص الموقع بتاريخ مدينة القدس، باللغة الإنكليزية، يقدّم الرواية العربية للمدينة، ضمن مواد بحثية وتحليلية ومتنوعة لها قيمة موسوعية، حول المدينة وأهلها، وحياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع صور وفيديوهات ورسوم بيانية وخرائط. سيستكمل الموقع مشواره بإتاحة مراجع حول المدينة، ليكون المصدر الأساسي لأي باحث في تاريخ القدس. الموقع الآخر، موازياً الأول والثاني في الضرورة والأهمية، هو “الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية” الذي أطلقته في الشهر ذاته “مؤسّسة الدراسات الفلسطينيّة” بالتعاون مع “المتحف الفلسطيني”، من بيروت وبيرزيت. وهي تختص بتاريخ فلسطين المعاصر من نهاية الحقبة العثمانيّة حتى اليوم. مقدّمةً معلومات وتحليلات مفصّلة حول أحداث وتطوّرات شكّلت التاريخ الفلسطيني المعاصر في المجالات العسكرية والدبلوماسيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة، وهي بالعربية والإنكليزية. تشمل جداول وبحوث وصور وكلّها مؤرخة، ومسرداً زمنياً للأحداث، إضافة إلى إضاءات حول أحداث وشخصيات ومؤسسات وأحزاب وغيرها، وقسم عن الأمكنة، وهي الصيغة الرقميّة للكتاب المرجعيّ «كي لا ننسى» للمؤرخ وليد الخالدي، الذي يصف كلّ قرية من القرى الـ ٤١٨ المدمّرة عام النكبة، ووثائق تتضمّن مئات النصوص التاريخيّة والصور والخرائط والمخطّطات. يجانب هذه المواقع أخرى ذات تخصصات أو تحديدات، إضافة إلى مبادرات لحفظ أرشيف بعينه لا تشملها صفة الموسوعية، إنما لتراكماتها وتكاملاتها، وتحديداً لكونها متخصّصة، أهمية قصوى، كموقع “يُرى” المعني بالفنون البصرية والذي أُطلق العام الماضي. أما الصفة الموسوعية فهي تنطبق على كل من المواقع الثلاثة التي تم الإعلان عنها في الشهر ذاته. شكّل هذا الشهر (وبه هذا العام) وبالمواقع الثلاثة، نقلة في مقاربة الفلسطينيين لتاريخهم الحديث والمعاصر، وقد انتبهوا أكثر إلى مكانة وقيمة السردية في صراعهم، ولا تكون هذه بالكتاب والفيلم والأغنية فحسب، بل بالموقع الإلكتروني وإتاحة المعلومة الموثقة والموثوق منها إلى كل مساهم في بناء هذه السردية. نحن هنا بصدد الإعلان عن مواقع هي بمثابة المراكز البحثية، في كل منها. ما لم يحكِ الفلسطينيون روايتهم لن يكترث غيرهم بسماعها، وما لم تكن هذه الرواية مفصّلة وموثّقة ومحكمَة، وبمصادر أصلية، قد لا يكترث السامع بتصديقها. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post عن مقاومة الانتظار الفلسطينيّ… «الباب» نموذجًا next post جديد: الجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة: عصر الإمبراطوريات الجديدة You may also like استعادة كتاب “أطياف ماركس” بعد 20 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 تحديات المخرج فرنسوا تروفو بعد 40 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 21 قصيدة تعمد نيرودا نسيانها فشغلت الناس بعد... 28 نوفمبر، 2024 الرواية التاريخية النسوية كما تمثلت لدى ثلاث كاتبات... 28 نوفمبر، 2024 بودلير وهيغو… لماذا لا يطيق الشعراء الكبار بعضهم... 27 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: شعراء «الخيام» يقاتلون بالقصائد... 27 نوفمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: ماجان القديمة …أسرارٌ ورجلٌ... 27 نوفمبر، 2024 «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد 27 نوفمبر، 2024 محمد خيي ممثل مغربي يواصل تألقه عربيا 27 نوفمبر، 2024 3 جرائم سياسية حملت اسم “إعدامات” في التاريخ... 27 نوفمبر، 2024