الكاتب البريطاني أنطوني ماكغاوان (صفحة الكاتب- فيسبوك) ثقافة و فنون البريطاني أنطوني ماكغاوان يستعرض محطات الفلسفة برفقة كلب by admin 20 أكتوبر، 2023 written by admin 20 أكتوبر، 2023 33 العودة الى الطريقة الإغريقية في شرح أفكار الفلاسفة خلال المشي اندبندنت عربية / أنطوان أبو زيد الكاتب البريطاني أنطوني ماكغاوان (1965) الحاصل على جائزة برانفورد لعام 2006، عن روايته الأولى “العازم بأي ثمن”، وصاحب سلسلة من الأعمال السردية، يطرح على القراء كتاباً، وإن يبد مستفزاً للوهلة الأولى فإنه يقترح عليهم نمطاً جديداً من تقديم المعارف الفلسفية القليلة الرواء ـ بل الجافة، بعنوان “كيف تلقن كلبك الفلسفة؟” وقد ترجمه إلى العربية الكاتب السوري متيم الضايع. إغراء الفلسفة وتبسيطها قد يتبادر إلى ذهن المتأمل في الغاية من إصدار كتاب عن الفلسفة وتلقينها – بغض النظر عن لعبة التورية المشغولة في العنوان – في زمن كثرت فيه الشعارات والانقسامات، وتنامت الهويات القاتلة والنعرات الشللية الضيقة، حتى ظن الفرد أن لا موضع يفيء إليه، أو يلتمس السكون في حناياه. يطرح كتاب أنطوني ماكغاوان “كيف تلقن كلبك الفلسفة؟” إشكال التعلم، لا التلقين، ذلك أن اختلاق الكاتب حواراً بينه وبين كلبه “مونتي” ليس من قبيل إضفاء قدر من الصدقية والواقعية على أخبار الفلاسفة وأقوالهم، وإنما من أجل كسر الطريقة النمطية التي فيها تعليب المعارف الفلسفية للقراء بغالبيتهم العظمى، الميالين اليوم إلى السرد القصصي والروائي. يشير المؤلف، في ملاحظته التمهيدية إلى أنه اتبع في كتابه طريقة تبين طبيعة “الفلسفة الهجينة” المكونة من أفكار وسيرة ذاتية “نابضة بالحياة”، بما “يساعد القارئ في فهم” المسائل الفلسفية. وأعد ذلك في سلسلة “مشاوير تمشية الكلب، التي ترتبط بممارسة أرسطو التعليم أثناء المشي”. الكتاب بالترجمة العربية (دار سبعة) يستهل المؤلف كتابه برسم إطار شبه واف لمشاويره الـ10، برفقة كلبه، التي سيجريها طارحاً رؤى الفلاسفة المأثورين لديه، من مثل علم الأخلاق، ونظريات أفلاطون وأرسطو الأخلاقية، ورؤية كانط والنفعيين، ومسألة الإرادة الحرة، ورؤى ما قبل الأرسطيين، ومسائل الميتافيزيق، ومشكلة الكليات، وغيرها. وفي هذا الاستهلال، يروي الكاتب كيف اكتشف أن صديقة له، في مطلع التسعينيات، كانت تعاني وسواساً غريب تجاه الرجال الذين يضعون شعراً مستعاراً. ومنذئذ، مضى يتقصى أشكال الباروكات، وصنعها، وما يميز أنواعها وكيفية وضعها. وحمله ذلك على البحث عن كيفية تعلم المرء كلمة أو اسماً، من خلال بحوث فلسفية ولسانية مختلفة. إلى أن اتخذ له كلباً يرافقه في يومياته، دعاه مونتي، بعد أن يبسط لنا تأريخاً يمتد 15 ألف عام من تدجين الإنسان الكلب، وتحوله كائناً أليفاً ومدللاً. بنية المشاوير المشوار الأول قضاه الكاتب مناقشاً مع كلبه مونتي علم الأخلاق، ومسألة الصواب والخطأ، وما يتصل بهما. وحتى يستوفي المشوار سرديته، رسم له الكاتب الراوي إطاراً مكانياً، هو البراح، وحدده في شارع إحدى المديريات بمدينة لندن، بل في ضواحيها القريبة. وكان هذا كافياً لأن ينطلق في مسار حواره المفترض، وتعليقاته وتعليلاته في مسألة الأخلاق وشخصية الفيلسوف المعصوم عن الخطأ، بناء على آراء الفلاسفة الرواقيين. وبينما هو مستغرق في الشرح، يقطع كلب بولدوغ عليهما الانسجام، ويحرف سياق التأمل في الاستدلال التراكمي من خلال مثال افترضه بتقبيل هيلدا مقابل 10 ملايين جنيه، أو جنيه واحد، إلى اشتداد العواء بين كلبه مونتي، والكلب المقتحم. ومن ثم يستطرد الكاتب إلى الكلام على المحظورات بمفهوم نيتشه، صاحب مثال الرجل الكامل أو السوبرمان، الذي استغلته النازية أبشع استغلال. وعلى هذا النحو، ينقضي المشوار الأول، بين سرد، وحوار، وتعليق، واستطرادات إلى نواح ذات صلة قريبة أو بعيدة بالطرح الأساس المتعلق بعلم الأخلاق والقيم والإرهاب، والذاتية والنسبية، والقوة المادية والفروق بين الأثينين والإسبارطيين، وغيرها. الكتاب بالأصل الإنجليزي (أمازون) المشوار الثاني كان حول “أفلاطون وأرسطو والحياة الرائعة”، وفيه متابعة للنقاش حول الأخلاق والقيم بين البشر، والتي تختلف باختلاف الشعوب والزمان والمكان. ويروح الكاتب الراوي، وفي سياق حوارية يجريها مع كلبه مونتي، وهما جالسان في حديقة المقبرة، يستعرض رؤية أفلاطون الأخلاقية التي تقوم على تطرف أخلاقي قوامه الإيمان بالخير والعمل بالحاسة الأخلاقية. وفي المقابل، يعرض الكاتب لقوانين أرسطو الأخلاقية الخاصة بالفضيلة، وتلك الخاصة بعيش حياة رائإنجليزي (أمازون)عة، ويخلص إلى التركيز على القوانين الأخلاقية ذات الغائية النفعية. ولا يقتصر تقصي القيم الأخلاقية على هؤلاء الفلاسفة، وإنما يتعداه إلى كل من جان جاك روسو، وإيرل شافستبري، وفرانس هاتشسون، وإدوارد مور، وتوماس هوبز، وغيرهم ممن يعولون على النزعة المثالية الخيرة عند البشر. وفي المقابل يجد الكاتب أن ثمة فلاسفة يقرون بأن “الناس ليسوا بطبيعتهم خيرين”، على حد وصف الفيلسوف هوبز، ومانفيل، وغيرهما، وأن الشر الظاهر في ممارسات البشر هو لازم لبقاء بشر آخرين، فلولا اللصوص لن يكون ثمة عمل للمحامين، ولولا وجود الفاسق التافه لانعدم وجود الخياطين والطهاة ومصففي الشعر وغيرهم. (ص:68) وبهذا، يكون الكاتب أوفى بالطابع الجدالي لهذا المحور، شأنه في سائر المشاوير. الفلسفة من نسيج الحياة إن أهم ما ينطوي عليه كتاب “كيف تلقن كلبك الفلسفة؟” من دروس، اعتبار الفلسفة جزءاً من سرديات الإنسان المعاصر، ومن حياته اليومية، ومن معين تأملاته المستندة إلى مدونة الفلسفة قديمها وحديثها في آن. ففي المشوارين الثالث والرابع، يتابع الكاتب حواره الأخلاقي مع مونتي، مناقشاً فلسفة كانط الأخلاقية المتماشية مع سيرته المعروفة، فقد كان كانط، بحسب المؤلف، “مفكراً ثورياً وملهماً، وراديكالياً حقيقياً بكل ما في الكلمة من معنى” (ص:84). إذ رأى أن التصرف الأخلاقي يعني دوماً التصرف وفقاً لقانون معين، وهذا القانون الأخلاقي يندرج في باب “الأخلاق الواجبة”، التي تعادل الوصايا في الأديان السماوية. وما على الكائن سوى العمل بموجب هذه الأخلاق، من دون أن يطرح على نفسه أسئلة تتجاوز حدوده، إلى ما وراء المادة أي الميتافيزيق. بحسب كانط فإنه يستخلص قوانين جديرة بأن تطبق على كل إنسان، في أي زمان ومكان، فتصير مسلكه الذي لا يستجلب نقيضاً له. وفي المشوار الرابع والخامس، أيضاً، إلى السيناريوات الشيقة بين الراوي (الكاتب) وكلبه مونتي، سعي دؤوب إلى تبسيط قضايا فلسفية مثل حرية الاختيار ومفهوم الذرة، والقياس المنطقي وذلك من خلال أمثلة حسية وأخرى منطقية وظواهر طبيعية وأدوات من صميم الحياة العصرية للقرن الـ21. ومع ذلك، يحسن بالكاتب، الحريص على خطه الفلسفي الأدبي – الأنطولوجي أن يسلم مفاتيح الفلسفة، أعني مفاهيمها إلى القارئ، المفترض به إنساناً حياً كائناً – في – العالم ومتسامياً إلى ما بعده، على حد الفيلسوف هايدغر، بعد أن يبسطها له. ومن تلك المفاهيم التي عرضها الكاتب تباعاً، في مشاويره اللاحقة (من السادس إلى العاشر)، الميتافيزيقا والأنطولوجيا (علم الوجود)، ومشكلة الكليات، أي الأفكار والقيم العامة عند بني البشر. وفيها أيضاً الابيستمولوجيا، أو نظرية المعرفة من عهد الإغريق، مروراً بفيتاغوروث وأفلاطون وأرسطو، وانتهاء بديكارت وسبينوزا وليبنز، ومسألة التجريبية الحسية وغيرها. وكل ذلك، مصوغاً في حوارات بين الراوي – الكاتب وكلبه مونتي، محفزة حيناً، ومسقطة حيناً آخر لتكون مجرد إطار سردي مشوق من أجل تجديد النظر إلى الفلسفة وفهمها وإحلالها في سجل الكلام المعاصر، وهو محتاج إليها بالتأكيد. المزيد عن: فلسفةالفلاسفة المشاؤونالإغريقالفكرتاريخ الأفكارالتربيةالأدبالمعرفة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “آخر أيام فان غوخ” تعود بعد ثلث قرن من غزوها السينما next post تحذير جديد في بريطانيا للحوامل بوجوب تلقي لقاح “كورونا” You may also like هوبيما الرسام الهولندي الذي أسس المدرسة الطبيعية الإنجليزية 29 ديسمبر، 2024 “الحمار الذهبي” من أقدم السرديات الكبرى في التاريخ 29 ديسمبر، 2024 سامر أبوهواش يكتب عن: بين “سقوط الأسد” و”مئة... 29 ديسمبر، 2024 يوسف بزي يكتب عن العودة إلى دمشق: قصر... 29 ديسمبر، 2024 يوسف بزي يكتب عن: العودة إلى دمشق.. عشوائية... 29 ديسمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: جدلية العلاقة بين ابن... 27 ديسمبر، 2024 جون هستون أغوى هوليوود “الشعبية” بتحف الأدب النخبوي 27 ديسمبر، 2024 10 أفلام عربية وعالمية تصدّرت المشهد السينمائي في... 27 ديسمبر، 2024 فريد الأطرش في خمسين رحيله… أربع ملاحظات لإنصاف... 27 ديسمبر، 2024 مطربون ومطربات غنوا “الأسدين” والرافضون حاربهم النظام 27 ديسمبر، 2024