سهل انتشار وامتلاك التكنولوجيا وإن بدرجات متباينة في إحداث تحولات نوعية في معادلات "القدرة والكلفة المادية" لإدارة الصراعات (أ ف ب) X FILEعربي “الأسلحة المضادة”… تبدل موازين الحروب الحديثة بكلفة أقل by admin 14 مارس، 2024 written by admin 14 مارس، 2024 192 حربا غزة وأوكرانيا أكدتا قدرة الأسلحة الصغيرة ومنخفضة الكلفة على “تعطيل” قدرات الجيوش الكبرى وتوافر التكنولوجيا فتح الباب للجميع لتطوير ترسانته اندبندنت عربية / أحمد عبد الحكيم صحافي @a7medhakim مع دخول الحرب في غزة شهرها السادس، ومن قبلها الحرب في أوكرانيا التي اندلعت في فبراير (شباط) 2022، ولا تزال مستمرة، يعكس طول أمد الصراع وحجم القتال من دون حسم على رغم فجوات التسليح الضخمة بين الأطراف المتقاتلة، مدى التحول الذي أصاب طبيعة الحرب التقليدية التي لطالما اعتمدت على الأسلحة الثقيلة في تحقيق الغلبة العسكرية، إذ سهل انتشار وامتلاك التكنولوجيا وإن بدرجات متباينة في إحداث تحولات نوعية في معادلات “القدرة والكلفة المادية” لإدارة الصراعات. وبعد أن قادت الطائرات من دون طيار “الدرونز”، ومنظومات الصواريخ المحمولة ومضادات الدروع، لإحداث تحول نوعي على صعيد المواجهات الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، أكدت نتائج استخدام الأسلحة المضادة لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، لا سيما قذائف “الياسين 105” و”عبوات شواظ”، ومسيرات “الزواري” وبنادق القنص المعدلة، أهمية استخدام الأسلحة الصغيرة والفردية ومنخفضة التكلفة، في مواجهة الأسلحة الهجومية عالية “الكلفة والقدرة”، ما “عطل” قدرة إسرائيل إلى الآن على إعلان الحسم لمصلحتها، على رغم قدراتها الواسعة والدعم العسكري الأميركي والغربي الصلب لها، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإلى أي مدي غيرت تلك الأسلحة موازين الحروب الحديثة؟. أسلحة “عطلت” الموازين التقليدية في القطاع على مدار أشهر الحرب الراهنة في غزة، بدت الأسلحة المضادة الفردية والصغيرة ومنخفضة الكلفة لدى الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة “حماس”، من العلامات الفارقة في الجولة الحالية من الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، إذ تجلت فاعلية استخدامها وقدرتها على إصابة الأهداف، على رغم التفاوت التقني والمادي الواسع بينها وبين أهدافها، وهو الأمر الذي اعتبرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أنها أظهرت “ترسانة عسكرية لدى الفلسطينيين لم تعهد إسرائيل على اختبار قدراتها بشكلها المتطور حالياً من قبل”. وبعد الاستخدام المباغت والمكثف للصواريخ بالتزامن مع هجمات بمسيرات وزوارق بحرية وطائرات شراعية التي حملت مقاتلي الفصائل الفلسطينية إلى مسافة 25 كيلومتراً داخل البلدات الإسرائيلية، في يوم السابع من أكتوبر، كشفت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” خلال عملية “طوفان الأقصى”، عن أسلحة نوعية جديدة فاجأت الإسرائيليين أنفسهم، كان منها الطائرات المسيرة محلية الصنع، والقنابل الحارقة التي دمرت “مئات” الآليات والدبابات الإسرائيلية، وعلى رأسها قذائف “الياسين 105″، و”عبوات شواظ” المتفجرة، إضافة إلى صواريخ جديدة بعيدة المدى وصلت تل أبيب، ومنظومة دفاع جوي محلية الصنع أطلقت عليها اسم “متبر 1”. وأمام هذه الترسانة للفصائل الفلسطينية، والتي لا تتجاوز كلفتها بضع المئات من الدولارات أمام استهداف آليات تجاوز كلفتها ملايين الدولارات، تصاعدت التساؤلات حول كيفية حصول الحركة على الأسلحة وتطويرها بهذا الشكل والتدريب عليها، على رغم أنها محاصرة في منطقة مساحتها 350 كيلومتراً مربعاً وتحت رقابة إسرائيلية صارمة وحصار بحري وجوي وبري. وبحسب ما نشرته كتائب القسام (الذراع العسكرية لحماس) في فيديوهاتها الدعائية حول تلك الأسلحة، وطبيعة عملياتها، لصد التوغل العسكري البري للقوات الإسرائيلية في قطاع غزة الذي بدأ في الـ27 من أكتوبر، كانت قذائف “الياسين 105″، أبرز ما يملكه مقاتلو الحركة في معاركهم على الأرض. جانب من أسلحة الفصائل الفلسطينية التي استخدمتها حركتي حماس والجهاد الإسلامي خلال “طوفان الأقصى” (أ ف ب) وتعد قذائف “الياسين 105″، وهي من عيار 105 ملم تم تعديلها لتصبح قادرة على استهداف وتدمير مدرعات “ميركافا” الإسرائيلية وناقلات الجند، قذيفة ترادفية، أي نوع من الأجهزة المتفجرة التي تحتوي رأس حربي يحتوي على شحنتين متفجرتين متتاليتين، الأولى تفجر درع الدبابة الخارجي، مما يتسبب في اختراق جزئي أو كامل للدرع الفولاذي، والثانية تكمل الاختراق داخل الدبابة، مما يتسبب في انفجار المدرعة تماماً. ويعود تسميتها نسبة إلى الشيخ أحمد ياسين، مؤسس “حماس”، الذي اغتيل على يد إسرائيل في 22 مارس (آذار) 2004 في غزة، وتطلق من مدفع “آر بي جي” محمول على الكتف. ووفق هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، يقدر المدى الفعال لقذيفة “الياسين 105” ما بين 150 و500 متر، وسرعتها القصوى هي 300 متر في الثانية. موضحة أن الأمر المثير للاهتمام في فاعلية تلك القذيفة هو أن الدبابات الإسرائيلية تحتوي على أنظمة مصممة لمحاولة تحديد الصاروخ القادم، ويمكنها تعطيله، لكن وعلى رغم ذلك تشير التقارير إلى أن هذه الأنظمة الإسرائيلية فشلت في إيقافها وتفادي إصابتها. كذلك من بين الوسائل القتالية التي برزت في ميدان غزة لدى الفصائل، كانت العبوة الناسفة “شواظ الدروع”، والتي ظهرت مع بداية الهجوم الإسرائيلي البري. وتعد تلك العبوة الناسفة، عبارة عن قرص معدني، عادة من النحاس، يتم غمره في المتفجرات، وعندما تنفجر تأخذ هذا القرص وتحوله إلى طلقة تصيب الدرع وتخترق المركبة المدرعة، ويمكن تفجيرها بواسطة عدة آليات تفجير مختلفة. وتشير تقارير إسرائيلية عدة إلى أن “حماس” قامت في السنوات الأخيرة بإنتاج عدد كبير من هذه الأسلحة. وإن إنتاج هذه الأجهزة يتطلب وجود ورشة عمل وخبرات تقنية. ووفق صحيفة “يديعوت أحرنوت”، فإن مثل هذا القذائف والعبوات شكلت طوال الأشهر الماضية تهديداً كبيراً للدروع الإسرائيلية والقوات البرية حيث تستخدم بديلاً عن الألغام، ويتم التحكم فيها من مسافة قريبة يحددها طول السلك المتصل بالعبوة المتفجرة، فضلاً عن أنها يوجد نسخ مختلفة منها ذات قوات تدميرية مختلفة تم تطويرها على مر السنوات. ولم يقتصر الأمر على قذائف “الياسين 105” أو “عبوات شواظ”، إذ كان من بين الأسلحة الجديدة التي كشفت عنها “حماس” خلال الحرب الراهنة، طوربيد أطلق عليه اسم “العاصف”، وهو عبارة عن صاروخ يعمل تحت الماء ذاتي الدفع، ويجري إطلاقه إما من غواصة وإما من سفينة وإما حتى من فوق الماء، وهو مصمم للانفجار عند ملامسة أسطح السفن أو الغواصات أو حتى بمجرد الاقتراب منها، لكن سرعته أقل بكثير من سرعة الصاروخ، إذ إنه يحمل رأساً ثقيلاً من المتفجرات. ووفق محللين، جرى تصنيع هذا الطوربيد محلياً، إذ يحتوي في الأعلى على جهاز توجيه وكاميرا صغيرة في المقدمة، ما يمكن من التواصل معه وتوجيهه. ويعمل عبر محرك احتراق داخلي يحركه من خلال المراوح الخلفية، وزعانف تساعده على الطفو والتوجيه. وعلى مستوي الأسلحة الفردية، بدت فاعلية بندقية القنص “أم 99″ و”الغول” القاسمية. وعن “أم 99″، فهي بندقية قنص صينية الصنع، ودخلت الخدمة عام 2005، واستخدمت للمرة الأولى من قبل القوات البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني، وهي مضادة للعتاد برصاص من العيار الثقيل (12.7 × 108 مليمترات)، وتتميز بالقدرة على اختراق المركبات المدرعة والمواد الصلبة وتتمتع بمواصفات قياسية، إذ يبلغ وزنها 12 كيلوغراماً وطولها نحو 1.5 متر، كما أنها مجهزة بحوامل قابلة للتعديل، ويتسع مخزن الأعيرة النارية فيها لخمس طلقات، أما التلقيم فهو نصف آلي، ويصل نطاقها إلى نحو 1500 متر، فيما تبلغ سرعة الإطلاق 800 متر في الثانية أي أسرع من الصوت مرتين. فيما تأتي بندقية “الغول”، بعيار يبلغ 14.5 ملليمتر ومدى قاتل يصل إلى ألفي متر، وقالت “حماس” إنها “محلية الصنع بالكامل”. ومن سلاح البر إلى الجو، تجلت العديد من الأسلحة والمسيرات، التي أدخلتها الفصائل الفلسطينية للمرة الأولى، وعلى رأسها، المسيرات، سواء القاذفة أو الانتحارية، ومن أبرز الطرازات التي أعلنتها “حماس”، “مسيرات زواري”، والتي جرى تطويرها عام 2008 من قِبل المهندس التونسي محمد الزواري الذي اغتاله الموساد في عام 2016، وتستخدم في الاستطلاع والرصد نظراً إلى خفة وزنها وسهولة حركتها، كما تُستخدم لتنفيذ ضربات انتحارية مباشرة. وتمتاز طائرات الزواري بصغر الحجم والبصمة الحرارية القليلة، مما يصعب على الرادارات كشفها ويمنحها فرصة الاقتراب من الهدف وتدميره، وكان أول ظهور قتالي لها في 19 مايو (أيار) عام 2021 خلال معركة “سيف القدس”، وفق ما تقول هيئة الإذاعة البريطانية. بقيت الصواريخ القوة الضاربة لحركة “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في الحرب الراهنة بعد أن استطاعت أن تصل إلى أهداف بعيدة لم تصلها من قبل (أ ف ب) وعلى صعيد الصواريخ ومنظومات الدفاع الجوي، كان لافتاً استخدامها بشكل مكثف، وبقيت الصواريخ القوة الضاربة لحركة “حماس” في هذه الحرب، بعد أن استطاعت استخدام أنواع مطورة منها “عياش 250” الذي ضرب أهدافاً بعيدة المدى ووصل إلى تل أبيب، فضلاً عن منظومة صواريخ دفاع جوي “متبر 1” لاستهداف الطيران الإسرائيلي، وهى صواريخ تقليدية لا تناور فيزيائياً ولا تمتلك رأس توجيه، وتعد نسخة من “شهاب ثاقب” الإيراني المطور على أساس منظومة “أتش كيو 7” الصينية، لكن صواريخ “حماس” من دون أي أجنحة للمناورة، مما يضعف قدرتها على الاستهداف، وهي مخصصة أكثر للمروحيات والمسيرات ولا تتعامل مع الأهداف المرتفعة والسريعة. وتشير العديد من التقارير والتحليلات الدولية، إلى أن الفصائل الفلسطينية استطاعت طوال السنوات الماضية، تطوير “قدراتها الصاروخية كماً وكيفاً”، وأصبحت: “أكبر حجماً، ومليئة بمزيد من المتفجرات، ووصلت إلى نطاقات أكبر”. وتقول قناة “سكاي نيوز” البريطانية، إن “حماس” أربكت منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية الشهيرة “القبة الحديدية” خلال هجومها الأخير، عبر إطلاق وابل من الصواريخ، متعددة الطرز أبرزها صواريخ أرض-أرض “فاتح-110” التي حصلت عليها الحركة من طهران، ويصل وزن رأسها الحربي إلى 500 كلغ، من جانبها أوضحت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، في تقرير لها يعود إلى عام 2021، أن الاستخبارات الإسرائيلية تقدر ما تمتلكه حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” بما يصل إلى 30 ألف صاروخ. لكن ما من معلومة مؤكدة حتى الآن عن حجم الترسانة الصاروخية لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. وفي مواجهة تلك الترسانة العسكرية “البدائية” وفق كثر، لجأت إسرائيل إلى استخدام كافة أسلحتها وأحدثها، من قنابل وصواريخ موجهة وخارقة للتحصينات. وتقول صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية، إن تل أبيب استخدمت كل ما تملك في القصف المركز على قطاع غزة، من قنابل خارقة للحصون وصواريخ لضرب الأنفاق من نوع “هالبر”، وآلاف القنابل الموجهة بنظام GPS بهدف تدمير البنية التحتية للقطاع. سؤال “القدرة والفاعلية والكلفة” من بين الأسئلة العدة التي طرحتها الجولة الراهنة من الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، كان قدرة “حماس” والتنظيمات الفلسطينية على تطوير تلك الترسانة العسكرية على رغم سنوات الحصار والتضييق المفروض عليها بحراً وبراً وجواً، ما دفع إلى زيادة معاناة القوات الإسرائيلية من أجل “تحقيق أهدافها المعلنة”، وفق ما قالت صحية “فايننشال تايمز” البريطانية. فمن ناحية القدرات، أجاب تحقيق مطول لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، عن كيفية حصول “حماس” على تلك الأسلحة، حين أشار إلى أن مسؤولين عسكريين واستخباراتيين إسرائيليين خلصوا إلى أن حصة كبيرة من الأسلحة التي استخدمتها “حماس” في عملية “طوفان الأقصى” وفي التصدي للحرب الإسرائيلية على غزة، مصدرها من إسرائيل. موضحة إن الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة أحد أبرز مصادر المتفجرات لدى “حماس”، حيث يفكك مقاتلوها القنابل وقذائف المدفعية التي تسقط عليهم من إسرائيل، ويعيدون استخدام كثير منها بعد ذلك في متفجراتهم وصواريخهم. طورت الفصائل الفلسطينية مسيرات قاذفة وانتحارية لعبت دورا بارزا في الحرب الراهنة (أ ف ب) في التحقيق ذاته، نقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إن نسبة الذخائر التي لا تنفجر تبلغ نحو 10 في المئة من إجمالي الذخائر المستخدمة في العادة، وقد تصل إلى 15 في المئة، مشيرة إلى أن ترسانة إسرائيل تشمل صواريخ يعود تاريخ تصنيعها إلى حقبة الحرب الأميركية على فيتنام في خمسينيات القرن الماضي وستينياته. وأن قنبلة واحدة من القنابل الإسرائيلية التي يبلغ وزنها 350 كيلوغراماً ولم تنفجر، يمكن أن تتحوّل بعد ذلك إلى مئات من القذائف والصواريخ. كذلك الأمر بالنسبة لقنبلة واحدة تزن 750 رطلاً ولا تنفجر، يمكن أن تتحول إلى مئات الصواريخ. في السياق ذاته، كشفت “نيويورك تايمز”، عن تعرض بعض مستودعات الجيش الإسرائيلي للسرقة وتتضمن آلاف الطلقات ومئات الأسلحة والقنابل اليدوية المسروقة من قواعد إسرائيلية سيئة الحراسة. مشيرة إلى أن بعض هذه الذخائر نقل إلى الضفة الغربية، بينما انتقل البعض الآخر إلى غزة عن طريق سيناء. وأوضحت أن المسؤولين الإسرائيليين كانوا يعلمون قبل الحرب الأخيرة، أن “حماس” قادرة على إنقاذ بعض الأسلحة الإسرائيلية غير المتفجرة، لكن النطاق فاجأ خبراء الأسلحة والدبلوماسيين على حد سواء. تلك القدرات الإسرائيلية، فضلاً عن دعم “إيراني” لم تنفه الفصائل الفلسطينية، أحدثت الكثير من الضرر للقدرات الإسرائيلية، إذ نقلت صحيفة “تليغراف” البريطانية، عن العقيد آفي بانوف، وهو مسؤول طبي كبير بـ الجيش الإسرائيلي قوله “إن عدد الضحايا الإسرائيليين الذين سقطوا في الأشهر الماضية أكبرُ مما شهدته إسرائيل في العقود الأربعة الماضية”، موضحاً أن “الجنود الإسرائيليين يفقدون أطرافهم ويعانون إصابات في العين والوجه، وأن معظم الإصابات التي لحقت بهم في غزة ناتجة من الأسلحة المتفجرة مثل العبوات الناسفة والقذائف الصاروخية التي تسبب المزيد من الضرر”. جانب من عبوات “العمل الفدائي” والعبوات الناسفة التي لجأت لها “حماس” في الحرب الأخيرة (أ ف ب) وأمام “حالة الاستنزاف المتبادلة” بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، ترتفع الكلفة المادية والبشرية لدى الطرفين، إذ قدرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” كلفة الحرب بالنسبة لإسرائيل بأكثر من 60 مليار دولار أميركي، فيما فشلت حكومة الحرب في تحقيق “أهدافها للآن”، مشيرة إلى أن التكلفة تشمل كلاً من الموازنة القتالية للجيش، والمساعدات الواسعة للاقتصاد في جميع المجالات، وموضحة أن تكلفة اليوم القتالي للجيش الإسرائيلي بلغت مليار شيكل (270.35 مليون دولار)، وذلك قبل أن تتراجع قليلاً الكلفة اليومية بعد التسريح الجماعي لعشرات الآلاف من الجنود أواخر العام الماضي، لتصل إلى 600 مليون شيكل (164.11 مليون دولار) يومياً. “الدرونز” وتغير المعادلة في أوكرانيا على مدار عامي الحرب المستمرة في أوكرانيا والتي دخلت عامها الثالث، مرت الحرب بمحطات فاصلة، كان لاستخدام أسلحة نوعية فيها، أحد العوامل الحاسمة في تبديل موازين الصراع. وفيما لم يظهر الصراع في أوكرانيا بعد أي مؤشرات تشي بقرب حسمه لأحد الأطراف أو انتهائه سياساً ودبلوماسياً، تمضي عمليات التسليح المتبادلة بساحة المعركة نحو مستويات غير مسبوقة في “زخمها وحدتها وخطورتها”، وفق تقدير البعض، في تداخل بين الأسلحة التقليدية وتلك التكنولوجية المتطورة. وبحسب رصد لـ”اندبندنت عربية” أحدثت بعضاً من الأسلحة النوعية تحولاً في مجرى المواجهات الميدانية بين القوات الروسية ونظيرتها الأوكرانية، بدءاً من المسيرات والدبابات والصواريخ متوسطة المدى ومضادات الدروع وغيرها. إذ دفع لجوء طرفي الصراع إلى التقنيات التكنولوجية المتطورة، لا سيما على صعيد الطائرات من دون طيار “الدرونز”، لإحداث تحول نوعي على صعيد المواجهة، وباتت واحدة من أهم أدوات الحرب. ووفق ما وثقته تقارير غربية، وحتى روسية وأوكرانية، فقد استخدم طرفا الصراع المباشران طائرات مسيرة في مهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وتنفيذ الضربات، وكان من بينها مسيرات “بيرقدار تي بي 2” التركية من فئة “أم أي أل إي” و”مهاجر 6″ الإيرانية التي يمكنهما إطلاق ذخائر موجهة بدقة، وكذلك مسيرات “كاميكازي”، مثل “سويتش بليد” الأميركية و”شاهد 136″ و”شاهد 131″ الإيرانية. وبحسب مجلة “نيوزويك” الأميركية، فقد أظهرت القوات الأوكرانية استخداماً بارعاً لطائرات “بيرقدار تي بي 2” المسيرة (من إنتاج شركة بايكار التركية، وهي شركة تعمل في مجال الدفاع والطيران منذ عام 1984) التي حيدت بشكل فعال عديداً من القوات الروسية المتقدمة، بما في ذلك الدبابات والمدفعية والمروحيات والدفاعات الصاروخية، فضلاً عن الأهداف البحرية المهمة. أحدثت “المسيرات” تحولا نوعيا في مسار الموجهات الميدانية بين القوات الروسية ونظيرتها الأوكرانية (أ ف ب) وكانت أبرز الحوادث بالمسيرات الأوكرانية في بداية الحرب استهداف الطراد الروسي “موسكافا” أهم السفن الحربية في البحر الأسود، في أبريل (نيسان) 2022، بطائرة مسيرة قبل إغراقه بصاروخ “نبتون” الأوكراني. كذلك أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، أن لندن زودت كييف بأنظمة الرفع الثقيلة للطائرات من دون طيار “يو أي في” لتقديم الدعم اللوجيستي للقوات المعزولة، وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية، “تشمل الطائرات من دون طيار الأخرى التي قدمتها المملكة المتحدة مئات الذخائر الجوية”. وفي أكثر من مناسبة، نشر الجيش الأوكراني منذ بداية الحرب مقاطع لاستهداف طائراته المسيرة مواقع تابعة للجيش الروسي وعربات ودبابات وتجمعات لجنوده في عدد من المدن، خصوصاً في محيط العاصمة كييف التي تراجعت موسكو عن الهجوم عليها بسبب الضربات التي تلقتها قواتها على أطراف المدينة، وفق متخصصين عسكريين. واعتبر المتخصصون أن المسيرات ساعدت أوكرانيا في التقليل من أضرار التفوق الروسي من حيث حجم الجيش وقدراته، فبدلاً من إرسال وحدات قتالية خاصة في مهام استطلاعية قد ينجم عنها سقوط قتلى، استخدمت أوكرانيا “الدرونز” لكشف مواقع الجيش الروسي. في المقابل، هي الأخرى، لجأت موسكو لسلاح المسيرات، إذ تمكنت من توظيف طائراتها من طرز “أورلان-10″ و”كلاشنيكوف كوب” و”لانسيت كاميكازي” في مهام الاستطلاع، ما مكنها من استهداف الخصم في غضون ثلاث إلى خمس دقائق من تحديد موقعه، وهي مدة أقل بكثير من الفترة التي تتطلبها الطرق التقليدية قبل تنفيذ الهجوم، التي تتراوح بين 20 و30 دقيقة، وفق مجلة “فورين أفيرز”. كذلك لجأت موسكو لمئات المسيرات الإيرانية من طرز “شاهد” لمهاجمة أهداف أوكرانية أو القيام بمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وفق ما شددت عليه تقارير استخباراتية غربية وأوكرانية في أكثر من مناسبة. وأعلنت كييف للمرة الأولى في سبتمبر (أيلول) 2022، أن قواتها تمكنت من إسقاط طائرات “شاهد” إيرانية الصنع بمنطقة خاركيف، وتوالت إعلانات مماثلة منذ ذلك الحين، لكن طهران نفت تزويد موسكو بالأسلحة. وكانت “الطائرات المسيرة الحديثة جزءاً لا غنى عنه في الحرب على مدى العقدين الماضيين”، بحسب ما كتبه كل من الباحثة غلوريا شكورتي أوزدمير من مؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أنقرة، ورفعت أونسل الباحث في الشؤون الدفاعية بالمؤسسة نفسها، في تقرير لمجلة “ناشيونال إنتريست” الأميركية. وأوضح الباحثان أن استخدام الولايات المتحدة طائرات “بريداتور” المسيرة في مهام الاستطلاع خلال حرب كوسوفو ضد القوات الصربية (أواخر تسعينيات القرن الماضي) كانت المرة الأولى التي تدخل الدرونز رسمياً في المعادلة. من جانبه، يقول أستاذ العلوم السياسية في “معهد ماساتشوستس” للتكنولوجياً إيريك لين غرينبيرغ إن “طائرات ’درونز‘ غيرت طابع الصراع الحديث من خلال السماح للدول بإظهار قوتها، وفي الوقت نفسه تقليل الأخطار على قواتها من خلال إبقاء المجموعات المحاربة بعيدة من الخطوط الأمامية، إذ تسمح الطائرات من دون طيار للحكومات بشن هجوم محفوف بالأخطار أو جمع معلومات استخباراتية، وهما مهمتان ما كانتا لتنفذا لولا تلك المسيرات”. وبحسب ما كتبه غرينبيرغ في مجلة “فورين أفيرز” الأميركية فقد “توفر الطائرات من دون طيار دعماً جوياً ورؤية شاملة للقوات البرية من الأعلى، وهذا غالباً ما يقلب الموازين أثناء الصراع، وعلاوة على ذلك فعادة ما تكون الطائرات من دون طيار أرخص وأسهل في التشغيل والصيانة مقارنة بالصواريخ أو الطائرات المأهولة التي تحل “درونز” محلها، مما يجعل من الأسهل على الدول دمج الطائرات من دون طيار في العمليات العسكرية”. منظومات “نوعية” تعيد بعضاً من التوازن لم تكن المسيرات وحدها التي أحدثت نوعاً من التوازن في مسار الحرب الروسية- الأوكرانية، فأمام الترسانة العسكرية الروسية التي تعد من بين الأقوى في العالم، تمكن الغرب عبر تزويد كييف ببعض المنظومات والأسلحة النوعية، من إيجاد بعض التوازن العسكري في ساحات المعركة بين الطرفين. وتزامناً مع تراجع قواته في الميدان، كان لافتاً تسمية وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، في أغسطس (آب) 2022، أربعة من الأسلحة التي حصلت عليها كييف من الغرب، وقادت إلى تحول في ساحة المعركة، قائلاً: “الغرب شرع بداية بإمداد أوكرانيا بصواريخ غافلين المضادة للدبابات ومن ثم المسيرات، وانتقل بعدها إلى راجمات صواريخ هيمارس ومدافع هاوتزر”، فماذا نعرف عن تلك المنظومات. حصول القوات الأوكرانية على صواريخ “غافلين” و”ستينغر” وقاذفات “هيمارس” الأميركية، أسهم في صد الهجوم الروسي الكثيف على محاور المواجهة (أ ف ب) تشير التقديرات الغربية إلى أن حصول القوات الأوكرانية على صواريخ “غافلين” و”ستينغر” وقاذفات “هيمارس” الأميركية، أسهم في صد الهجوم الروسي الكثيف على محاور المواجهة. ودخلت صواريخ “غافلين” و”ستينغر” إلى المعركة مع بداية هجوم روسيا على أوكرانيا، إذ أعلنت واشنطن أوائل مارس (آذار) 2022 أنها قدمت نحو 200 صاروخ من هذين الطرازين للجيش الأوكراني ودربت عناصره على استخدامها، كجزء من حزمة مساعدات لأسلحة فتاكة وغير فتاكة بقيمة 350 مليون دولار وفق شبكة “سي أن أن”. بحسب شبكة “أن بي سي نيوز” الأميركية، يعتبر صاروخ “ستينغر” من أشهر أنظمة الدفاع الجوي الخفيفة المضادة للأهداف الجوية على علو منخفض، وهو نظام خفيف يحمل على الكتف، ومن أحدث الصواريخ الأميركية المضادة للطائرات والمروحيات والمسيرات، وبدأ تطويره عام 1972، كما يعد نظاماً صاروخياً “أرض-جو” محمولاً ويوجه بالأشعة تحت الحمراء. وتتميز هذه الصواريخ بقدرتها على ضرب الهدف أو أي جزء منه من مسافات قريبة، ويصل مداها إلى خمسة كيلومترات وتفوق سرعتها سرعة الصوت، ومثل رقماً بحرب أفغانستان ضد السوفيات في سبعينيات القرن الماضي. أما عن “جافلين” الذي دخل الخدمة عام 1996، فهو صاروخ أميركي محمول وموجه ومضاد للدروع، يمكنه تتبع الهدف بمفرده بعد الإطلاق، وتقوم شركتا “رايثيون” و”لوكهيد مارتن” الشهيرتان بتصنيعه، ويزن مع وحدة الإطلاق 22.3 كيلوغرام، أما وحدة الإطلاق وحدها فتزن 6.4 كيلوغرام. ويبلغ مدى الإطلاق الفعال من 75 متراً إلى 2500 متر، أما أقصى مدى إطلاق فهو 4750 متراً، وتوجد طريقتان للصاروخ في القضاء على الهدف، الأولى عندما يكون الهدف مكشوفاً أمامه فيطير باتجاهه مباشرة، أما الثانية فعندما يكون الهدف وراء حاجز عندها يطير الصاروخ إلى ارتفاع مناسب (أقصى ارتفاع 160 متراً) لتجاوز الحاجز ثم ينزل ساقطاً على الهدف. أما عن راجمات “هيمارس”، فوفق التقارير اليومية لوزارة الدفاع البريطانية، بدأت أوكرانيا باستخدام راجمات “هيمارس” المتعددة التي يبلغ مداها 80 كيلومتراً والمتفوقة على المعدات الروسية، منذ نهاية يونيو (حزيران) 2022 لاستخدامها في الجبهة بمنطقة دونباس شرق البلاد، ولعبت الراجمات دوراً مهماً في تدمير مراكز القيادة الروسية ومخازن الأسلحة خلف خطوط الجبهة. وتعد “هيمارس أم 142″، الذي يصل مداها ضعف المسافة التي تصل إليها مدافع “هاوتزر”، راجمة صواريخ أميركية تم تطويرها أواخر السبعينيات من القرن الماضي، لكنها لم تدخل الخدمة فعلياً مع الجيش الأميركي وسلاح مشاة البحرية إلا عام 2005، وتصنف منظومة على أنها وحدة سلاح متنقلة يمكنها إطلاق صواريخ عدة دقيقة التوجيه في وقت متزامن. وتحمل الراجمة الواحدة ستة صواريخ موجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي “جي بي أس” بمدى يقارب ضعف مدافع الهاوتزر “أم 777” التي يمكن إعادة تحميلها في غضون دقيقة بطاقم صغير فقط. ووفق صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، تسلمت كييف كذلك النسخة الجديدة للمنظومة الصاروخية “هيمارس 60” التي تتميز بكونها أخف وزناً وأكثر رشاقة، ومثبتة على عجلات تسهل نقلها من دون عناء. تمكن الغرب عبر تزويد كييف ببعض المنظومات والأسلحة النوعية من إيجاد بعض التوازن العسكري في ساحات المعركة بين الطرفين (أ ف ب) وتوفر منظومة الراجمات الحماية ضد نيران الأسلحة الصغيرة وشظايا قذائف المدفعية وانفجارات الألغام والأجهزة المتفجرة المرتجلة، موضحة أن استخدام راجمات “هيمارس” في معارك خيرسون وليستشانسك، أسهمت في قطع خطوط الإمداد الروسية. كذلك ومع الأسابيع الأولى من الحرب، لعبت مدافع “هاوتزر 155” دوراً مهماً في صد تقدم القوات الروسية، إذ أسهم تزويد القوات الأوكرانية بآلاف من المدافع الخفيفة المحمولة على الكتف المضادة للمدرعات والدبابات، لا سيما من طراز “هاوتزر”، في إيقاف تقدم الروس بجبهة دونباس بداية الحرب، إذ بدأت بتزويد واشنطن لكييف بنحو 18 مدفعاً من طرازها، ولاحقاً في أبريل أعلنت الولايات المتحدة إرسال قرابة 70 مدفعاً إضافياً. ووفق التقديرات الغربية، ألحقت مدافع “هاوتزر” أضراراً كبيرة بالجيش الروسي على طول جبهة دونباس (شرق)، نظراً إلى أنه يمكن للمدفع إطلاق أربع دفعات في الدقيقة الواحدة، إضافة إلى خفة وزنه وسهولة نقله، وربطه بنظام تحديد المواقع العالمي “جي بي أس”، ما يجعله قادراً على تحديد الأهداف بسهولة ودقة. في المقابل، يرتكن سلاح الجو الروسي إلى قاذفات وصواريخ باليستية كصواريخ “إسكندر” و”كاليبر كروز”، فضلاً عن الطائرات والمروحيات الهجومية ذات القدرة التدميرية الهائلة. ويعد صاروخ “إسكندر الروسي” ذات قدرة هائلة على المناورة، وهو قادر على تدمير أهداف كأنظمة الصواريخ والمدفعية بعيدة المدى، والطائرات والمروحيات في المطارات ومراكز القيادة ومراكز الاتصالات، إضافة إلى المباني الكبيرة والمنشآت المحصنة، على بعد أكثر من 500 كيلومتر، إضافة إلى قدرته على تجاوز أنظمة الدفاع الجوي. المزيد عن: حرب القطاعغزةحماسكتائب القسامالقوات الإسرائيليةحركة الجهاد الإسلاميالقضية الفلسطينيةبنيامبن نتنياهوالأسلحة المضادةالمسيراتقذائف الهاونالحرب الروسية الأوكرانية فلاديمير بوتينفولوديمير زيلينيسكيالجيش الروسيالجيش الأوكرانيالدعم الغربي لأوكرانياموازين القوى 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حصيلة متواضعة لعام من التطبيع بين السعودية وإيران next post السيناريوهات المحتملة لتطورات الحرب الروسية في أوكرانيا You may also like من مول استهداف ملحق سفارة أميركا لدى بيروت... 17 نوفمبر، 2024 مرافق سفير بريطانيا لدى لبنان أنقذ الأميركيين من... 15 نوفمبر، 2024 بغداد: قصة مدينة عربية بُنيت لتكون عاصمة إمبراطورية... 15 نوفمبر، 2024 “إسرائيل الكبرى”… حلم صيف يميني أم مشروع حقيقي؟ 12 نوفمبر، 2024 الشرق الأوسط الكبير حلم أم كابوس؟ 7 نوفمبر، 2024 “في رحيل زاهر الغافري” ملف جديد من مجلة... 3 نوفمبر، 2024 محمد أبي سمرا يكتب عن: سحر عالم “حزب... 2 نوفمبر، 2024 محمد أبي سمرا يكتب عن: وقائع محو أثر... 1 نوفمبر، 2024 محمد أبي سمرا يكتب عن: الضاحية قبل “حزب... 1 نوفمبر، 2024 محمد أبي سمرا يكتب عن: “ساحل النصارى” قبل... 31 أكتوبر، 2024