مكتبة برغامس في العصر الهلنستي (صفحة مكتبات - فيسبوك) ثقافة و فنون “اختراع الكتب” من مدينة الملذات إلى روما اللصوص والمجرمين by admin 2 ديسمبر، 2024 written by admin 2 ديسمبر، 2024 26 الإسبانية إيريني باييخو تتبع مغامرة صيد العناوين بحثاً عن مخطوطات ضائعة وقصص مجهولة وأصوات على شفا السكوت اندبندنت عربية / زياد عبدالله على هذا النحو تصدر الكاتبة والباحثة الإسبانية إيريني باييخو كتابها “اختراح الكتابة – اللامتناهي في بردية” (دار الآداب – ترجمة مارك جمال) ليكون حكاية “تتبع المغامرة التي خاضها أولئك الصيادون، صيادو الكتب” ومؤلفته تتمنى أن تكون “رفيقة أسفارهم بعيدة الاحتمال، فأبحث معهم عن مخطوطات ضائعة، وقصص مجهولة، وأصوات على شفا السكوت”. تنطلق الكاتبة والباحثة الإسبانية إيريني باييخو في بحثها المترامي من أسئلة على شاكلة، متى ظهرت الكتب؟ ما الذي فُقد منها وما الذي نجا؟ ما حجم الخسائر التي ألمت بالكتب سواء جراء أنياب الزمن أو مخالب النار وسموم الماء؟ ما الكتب التي أحرقت في غضب، وما الكتب التي نُسخت بشغف أقوى؟. وإن كان لنا أن نعتبر هذه الأسئلة هي الناظم أو الهيكل العام للكتاب، فإننا سنجانب الصواب، ولكننا أمام كتاب من بين كتب كثيرة تتناول الكتب وملمسها ورائحتها والهوس بها وعوالمها وتاريخ القراءة والمكتبات ونحو ذلك، مما أصبح ظاهرة كبرى تستدعي التوقف عندها طويلاً، ودراسة دوافعها وضرورتها، ومنها ما هو سطحي إلى أبعد الحدود، ومنها ما هو مكرر ومستنفد، لا يتعدى محاولة فاشلة لتقديم مقاربة بورخيسية زائفة، أو قراءة تنحو منحى أمبرتو إيكو من دون منهج ولا تاريخانية ولا سيمائية، بل ذكريات عن أول كتاب قرأه الكاتب مع وابل من العناوين وأسماء الكتذاب، على مبدأ وسائل التواصل الاجتماعي فلا تعني مشاركات صور أغلفة الكتب أن من شاركها قرأها أو أنه سيقرأها. لعبة باييخو السردية الكتاب الإسباني بالترجمة العربية (دار الآداب) مروري السريع على تلك الظااهرة، يوضح أمراً شديد الأهمية في مقاربتي لكتاب “اختراع الكتب”، ألا وهو أن آخر ما كنت أود قراءته هو كتاب يحكي عن الكتب وتاريخ الكتب والمكتبات وأمناء المكتبات، لكنني ما إن شرعت بقراءته حتى أسرتني عوالمه، ليس لما يتضمنه من معلومات واكتشافات ونحو ذلك، أو إجابته عن الأسئلة سالفة الذكر، بل لأسلوب باييخو، للبنية التي أسست عليها لعبتها السردية، وتحليها بمنتهى الحرية والانضباط في آن معاً، وهي بهذا المعنى أشبه بصيادي الكتب، فرسان بطليموس، وهي تلاحق الشخصيات والعوالم والتواريخ والحكايا التي تقدمها، وليس العكس، من دون أن تتردد في أن تستطرد هنا وتسترسل هناك، سواء طوّعت هذا الاستطراد في ما يخدم بحثها أو لم تفعل، فهي في النهاية ستخلص إلى استنتاجات تاريخية أو ذكريات شخصية، أو تضعنا حيال عوالم كاتب أو فيلم وغير ذلك. مكتبة فرعونية (صفحة بابيروس – فيسبوك) يمكن توضيح هذه اللعبة السردية مع بداية الكتاب، فالحديث عن فرسان بطليموس سيأخذنا إلى الإسكندرية، وليبدأ الكتاب بقصة زوجة تاجر في جزيرة “كوس” أبحر زوجها إلى مصر منذ 10 أشهر، ولم تصلها رسالة واحدة منه. هذه الحكاية ستقدم باييخو من خلالها للنظرة الإغريقية للإسكندرية بوصفها “مدينة الملذات والكتب”، ومنها أيضاً ستنتقل إلى قصة حب كليوباترا وماركوس أنطونيوس “كبرى الأساطير الإيروتيكية”سشاأساطير، لتقول لنا إن أنطونيوس أهداها هدية لن تقوى كليوبترا على أن تزدريها واضعاً تحت قدميها “مئتي ألف مجلد من أجل المكتبة العظمى”. ولاستكمال صورة الإسكندرية، فإنها ستسعين بشاعرها كفافيس (1863 – 1933) الذي يرى “المدينة الغائبة تخفق تحت طبقات المدينة الواقعية”، ولورانس داريل (1919 – 1990) صاحب “رباعية الإسكندرية”، وبهذا يتضح ما الذي يعني توصيفها بـ”مدينة الملذات والكتب”. صندوق داريو سيمضي سرد باييخو نحو الإسكندر بوصفه مؤسس الإسكندرية، مثل مدن وحواضر كثيرة في هذا العالم، ولتجد في “الإلياذة” ما هو على اتصال بالكتب لدى الإسكندر، فملحمة هوميروس لم تكُن تفارقه، واجداً في آخيل مثالاً يحتذى، كما تقول لنا مؤلفة الكتاب، وصولاً إلى الصندوق أو القطعة الأنفس التي عثر الإسكندر عليها في إيوان داريو الفارسي، وسؤاله لرجاله عن الشيء الأكثر قيمة الذي يستحق أن يحفظ في ذلك الصندوق، وكل منهم يقول، “المال، الحلي، العطور، التوابل. لكن الإسكندر هز رأسه نافياً، آمراً بإيداع نسخته من الإلياذة في ذلك الصندوق”. رسمة تمثل مكتبة الإسكندرية القديمة (مكتبة الإسكندرية) سنصل وفاة الإسكندر وهو في الـ32، وفرضية أن رجالاته من “سمموه” بمن فيهم بطليموس ومعه سلوقس وأنتيغونس، وما تلا ذلك من صراعات، وتقاسم مملكته المترامية بينهم، ولتكون مصر من نصيب بطليموس. وهنا يعود بنا الكتاب لمكتبة الإسكندرية، وليطالعنا بمقطع مدهش عن دوافع بطليموس لتأسيس مكتبة الإسكندرية، “لا بد من أن بطليموس قد شعر بالاضطراب، والحيرة، والعزلة. لم يفهم اللغة المصرية، وأبدى ارتباكاً خلال المراسيم، كما ارتاب في سخرية أفراد الحاشية منه. وعلى رغم ذلك، فلقد تعلم من الإسكندر أن يتحلى بالجسارة. ما دمت لا تفهم الرموز، فاخترع رموزاً أخرى. وإن تحدتك مصر بعراقتها المذهلة، فانقل العاصمة إلى الإسكندرية، المدينة الوحيدة التي لا ماضي لها، واجعل منها المركز الأهم في المتوسط بأسره. ولو نظرت الرعية إلى المستجدات بعين الارتياب، فاجعل جرأة الفكر والعلم كلها تتدفق في هذه الأرض. وهكذا رصد بطليموس ثروات ضخمة حتى يشيد مكتبة الإسكندرية ومتحفها. لقد استرسلت في ما تقدم للإضاءة على الآلية السردية المتبعة في الكتاب، التقديم والتأخير، المضي مع الشخصيات ، تتبع الأفكار والمعطيات التاريخية والخلاصات، ومن ثم العودة للكتب والمكتبات، وهذا سيكون الأسلوب المهيمن على الكتاب، وباييخو تتبع المكتبات منذ 13 ألف سنة قبل الميلاد، ونشأة الكتاب منذ أكثر من 5 آلاف سنة، ولعنة سارقي الكتب في بلاد الرافدين وسوريا، وتجربتها الشخصية في مكتبة “بودليان” في أكسفورد وشبكة الأنفاق ذات السيور التي تحمل الكتب إلى تحت الأرض بما يربو على ثلاثة كيلومترات من الأرفف كل عام، وصولاً إلى البردي، ورِق “البيرغامينو”، وليقودها هذا الأخير إلى الكتابة عن الجسد الإنساني والوشوم وفيلم كريستوفر نولان “ممنتو”، وتخيل أن المخطوطات الكبيرة كانت سبباً في موت قطيع بأكمله من المواشي. وفي انتقالها إلى الشفاهية، فإنها تفرد مساحة كبيرة لسقراط الذي امتنع عن الكتابة، هو المولع بـ”التسكع والثرثرة” متهماً الكتب بـ”عرقلة المحاورة بين الأفكار، لأن الكلمة المكتوبة لا تجيد الإجابة عن تساؤلات القارئ واعتراضاته”. الباحثة الإسبانية إيريني باييخو (دار الآداب) سيمتد الأمر بالمضي مع هوميروس المجهول، وأسخيليوس وانفتاحه على الآخر في مسرحه، والخلوص إلى أن قدموس من علّم الإغريق الكتابة، والمضي خلف فرضية أن “قسمات المرأة التي كانت تدعى أوروبا “هي لامرأة فينيقية، وكنا لنصفها اليوم بأنها سورية-لبنانية”. تراث شعب مهزوم في القسم الثاني من الكتاب المعنون بـ”الطرق التي تؤدي إلى روما” تغيب “الكتب والملذات”، يهيمن مستوى تاريخي آخر منطلقه الحروب والصراعات وربما القسوة، منذ أن صار مركز العالم مدينة ارتبطت بها “أسطورة في غاية السوء” أو “أسطورة سوداء مروعة منذ البداية”، والحديث هنا عن نشأة روما وصراع الأخوين رومولوس وريموس، حفيدي الملك آليا لونغا، وقتل رومولوس أخاه، بعد أن تجاوز هذا الأخير الأسوار التي شيدها رومولوس، متبعاً ذلك بتنظيم صفوف المجرمين، فحاجة المدينة إلى مواطنين دفعته إلى إعلانها ملاذاً للمجرمين والهاربين، ليكونوا هؤلاء هم الرومان الأوائل، فإذا بغياب النساء في المدينة المشكلة الأشد إلحاحاً، وبذلك نصل إلى “ثالثة الوقائع الخسيسة: الاغتصاب الجماعي”، إذ يدعو رومولوس عائلات القرى المجاورة إلى الاحتفال ببعض “الألعاب المزمع أن تقام على شرف الإله نبتون”، ولتكون كل هذه الدعوة حيلة، إذ سيقدم الرومان على اختطاف الشابات اللاتي حضرن برفقة عائلاتهم. تعرض باييخو، انطلاقاً من تلك النشأة السوداء، لتوسع الإمبراطورية الرومانية، وتنامي جيوشها وغزوتها وحروبها، وتجارة الرقيق وشبكات النقل والأعمال الهندسية، بالتالي تكديس الأموال والثروات، لتتمكن في النهاية من رسم الكيفية التي تأسست فيها الآداب اللاتينية، أو الكلاسكيات، بعد أن تبنى الرومان تراث شعب أجنبي مهزوم (الإغريق) ليكون مكوناً أساسياً من مكونات الهوية الخاصة. وليمضي الكتاب في هذا القسم نحو ملابسات نشأة وتطور الثقافة الرومانية وينفتح على دفق جديد من الأفكار والحكايا والأخبار، من ثقافة العبيد والأسياد والنساء في روما، وباعة الكتب والمكتبات والتنقلات بين الوسائط والبحث في ماهية الكلاسيكيات، وروما والحضارة الرومانية تعاود الظهور كخيط ناظم عابر للأزمنة، كما هو الإسكندر والإسكندرية والإغريق في القسم الأول “بلاد الإغريق تتخيل المستقبل”، بما يعزز على الدوام السعي وراء اللامتناهي من المواضيع والأفكار التي يستدعيها هذا الكتاب. المزيد عن: الكتبتاريخ الكتابةالمكتباتالتراثرواية إسبانيةالملذاتروما القديمةالمخطوطات 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post رواية “غاتسبي العظيم” تسطع في برودواي بعد 100 عام next post ساطع نورالدين يكتب عن: دمشق..الحساب والعقاب You may also like هل هناك مدرسة فلسفية مغربية؟ 3 ديسمبر، 2024 “الجميلات النائمات” في رحلة الحب والموت 3 ديسمبر، 2024 “أعراس” لسترافنسكي: تقاليد الريف الروسي تغزو الموسيقى الأوروبية 3 ديسمبر، 2024 العراقي قيس الزبيدي ترك اثرا كبيرا في السينما... 3 ديسمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: لُقى «سمهرم» في محافظة... 3 ديسمبر، 2024 “أيام الرخص” تسترجع الأربعينيات الليبرالية في مصر 2 ديسمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الفن والجنون وجهان لعبقرية... 2 ديسمبر، 2024 ما حدود قدرة كُتاب الظل على نقل التجارب... 2 ديسمبر، 2024 برامانتي بصحبة ليوناردو سنوات بداياته في خدمة آل... 2 ديسمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 2 ديسمبر، 2024