قبطان هوليوود في واحد من أدواره الأكثر شعبية في فيلم نسر البحار (موقع الفيلم) ثقافة و فنون إيرول فلين كان عميلا نازيا ومن أنصار كاسترو السينما لم تكفه by admin 18 فبراير، 2024 written by admin 18 فبراير، 2024 46 نجم نجوم زمانه لعب شخصيات الأدب الكبرى على الشاشة لكن طموحاته أنهت أسطورته اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب من الواضح أنه يبدو اليوم منسياً تماماً، لكن إيرول فلين كان خلال سنوات عديدة سبقت الحرب العالمية الثانية، نجم الشاشة وبطل شباك التذاكر بل حتى المنافس الرئيس لبطل أفلام المغامرات المطلق دوغلاس فيربانكس. فعلى الشاشة الهوليوودية كان مرة روبن هود ومرة دون جوان ومرات الكابتن بلود، وغالباً ما لقب بـ”نسر البحار” تيمناً بدور القبطان البحري المغامر في أفلام عدة مثلها من إنتاج استوديوهات وارنر التي جعلته نجمها الأول وحصان رهانها، ولا سيما حين تمول أفلاماً لمايكل كورتيس أو راؤول ولش مخرجيها اللامعين. غير أن كل المجد السينمائي الشعبي والعالمي الذي أسبغته دزينة الأفلام التي قام فلين ببطولتها من إدارة كورتيس والسبعة التي فرضته عليها وارنر فاختار هو أن يمثلها تحت إدارة ولش، لم تكن كافية لطموحاته، الفنية من ناحية والحياتية من ناحية أخرى. ولا سيما أن شعبيته هبطت بعد الحرب العالمية الثانية. فتركزت طموحات متعددة له خارج السياق السينمائي ولكن عبر اختيارات غريبة لم تلق قبولاً من جمهوره العريض. فهذا الجمهور لم يستسغ ما راح يقال عنه من أنه تعاون مع النازيين قبيل تلك الحرب بل كان عميلاً لهم يتنقل بيخته بين الأميركتين خادماً قضيتهم بوسائل متعددة يزعم البعض أن التهريب كان من بينها كما بث الدعابات لصالحهم، كما أن ذلك الجمهور لم يستسغ بعد ذلك مواقفه المعلنة التي أبدى خلالها إعجاباً لا يحد بفيديل كاسترو ما قاده وقاد يخته أيضاً إلى كوبا في زيارات متعددة. سياسات بحرية صحيح أن توزيع إعجابه مناصفة وتباعاً بين هتلر وفيديل كان من شأنه أن يكشف عن أن فلين لم يكن متعمقاً في السياسة. وهو تعمق سيكتشف بنفسه لاحقاً وسيلة للتمكن منه، حين سيتبين له أنه كان في مقدوره أن يبحث عما قد يعطيه قيمة تختلف عن قيمته كممثل ونجم خارج إطار تلك السياسات التي أضرت به أكثر مما أسبغت عليه مكانة تعزز مكانته السينمائية. ولعله حين قرأ رواية إرنست همنغواي الكبرى عن الحرب العالمية الثانية تعلق بها آملاً أن يتاح له أن يلعب على الشاشة شخصيتها المحورية شخصية المايجور فورسايت، فوجد ضالته من خلال الأدب حين قام بالدور في الفيلم الذي أخرجه هنري كينغ عن الرواية (عام 1957). غير أن نجاح الفيلم لم يشمل تقديراً لفلين الذي كان يتطلع حينها لنيل جائزة أوسكار التي لن يقال أبداً إنه استحقها يوماً. وكذلك ستكون الحال عند أدائه لنفس الغاية دور البطولة في فيلم “جذور السماء” (عن رواية رومان غاري عام 1958) في الفيلم الكبير الذي حققه هذه المرة جون هستون فكان هذا الأخير نجم الفيلم الحقيقي. وهكذا، مرة أخرى وأخيرة أفلتت الفرصة من يد ذاك الذي لم يعد ومنذ سنوات طويلة “نجم النجوم”. ومن هنا إذ أسقط في يده وهو كما حال كل أهل البحار، من أهل البحار أصلاً، جلس وكتب مذكراته وقد أحس أنه سيجد في الكتابة ما يعوض عليه ما خيب آماله في السينما والسياسة. وكان لافتاً إلى أن يكون عنوان تلك المذكرات في ترجمتها الفرنسية مشابهاً لعنوان الفيلم الروائي الأول الذي حققه الفرنسي فرانسوا تروفو ضمن قواعد “الموجة الجديدة الفرنسية” في “الضربات الـ400” الذي عرض وتوج في مهرجان “كان” في العام نفسه. ويقيناً أن فلين الذي مات وصدرت مذكراته في عام 1959 نفسه لم يكن على علم بذلك التشابه في العناوين وهو الذي لم يعرف عنه بعد كل شيء أنه كان مثقفاً حقيقياً. إيرول فلين (1909 – 1959) (غيتي) شعبية استثنائية لكن تلك الأعوام التي شهدت عند نهايتها موته المبكر من جراء إفراطه في تناول الكحول إلى حد إدمانها، حملت واحدة أخرى من مفاجآته التي كان من المؤسف أنه لم يعش أكثر من الـ50 عاماً التي عاشها فلم يشهد ما كان لها من تأثير في الجمهور العريض. ومهما يكن يمكننا القول هنا إنه لو عاش أكثر لزادت خيبات أمله خيبة جديدة: أدبية هذه المرة. ففلين الذي كان جرب حظه بعد أن وجد أن الشعبية الهائلة التي حققتها له تلك الشخصيات السينمائية العديدة التي لعبها خلال ما كان يعتبره “النصف الأول” من حياته، فلم يسعفه ذلك الحظ بأن تتحقق له طموحاته الكبيرة خارج نجوميته السينمائية وحضوره الاجتماعي العالمي الكبير، وبعد أن أدرك في مضمار ما يتعلق بمحاولاته الكتابية أن النقد الأدبي الجاد لم ينظر إلى مذكراته بقدر ما كان يتوخى، وضع أخيراً ما تبقى له من آمال في نوع كتابي كان على أية حال قد دنا منه ما إن انتهت الحرب العالمية الثانية، وهو مجال الكتابة الروائية التي كان قد خاضها ولكن ليس بدأب كبير. لقد أمل هذه المرة في أن المجال الروائي سيؤمن له ما زال يحتاج إليه من استجابة لتلك الطموحات فاستعاد من خزائنه رواية أولى له عنوانها “أمير البحار”، ليعدل كثيراً مما سبق أن كتبه فيها ويلحقها بعد حين برواية ثانية عنوانها هذه المرة “على محك الحقيقة”. ولنقل هنا إن أولى هاتين الروايتين كانت قد صدرت في أصلها الأميركي قبل زمن من مذكراته ولكن من دون أن تثير اهتماماً كبيراً بالنظر إلى أنها بالاستقبال البارد الذي كان لها حفزته لكتابة تلك المذكرات التي سينجزها لاحقاً. كل ما في الأمر أن “أمير البحار” لم تكن من ثم أكثر من صورة من بعض حياته تستعيد بعض الفصول والمواقف من أفلامه “البحرية”، وكان ذلك طبيعياً نظراً إلى ارتباطه بالبحر منذ ولادته وطفولته في جزر تسمانيا في أقصى بحار الجنوب. وهو أمر نعرف أنه طبع كل حياته وربما يفسر كيف أنه وضع نفسه ويخته في خدمة النازيين بشكل يؤمن له بقاءً متواصلاً في البحار، تماماً كما سيدفعه إلى ذلك التقرب من كوبا كاسترو التي اعتبرها إمبراطورية بحرية! من الشاشة إلى الرواية من هنا لم يستغرب أحد أن الروايتين اللتين سيصدرهما تباعاً ستكونان روائيتين بحريتين بخاصة أن ثانيتهما ستكون نوعاً من المزج بين السينما والبحر ومغامرات أمير البحار الذي كأنه فلين نفسه. وفي هذا المجال تبدو “على محك الحقيقة” أقل سوءاً من سابقتها وفي الأقل في رأي النقاد حتى وإن لم يخف هؤلاء في نهاية الأمر تفضيلهم قراءة مذكراته وفي الأقل بالنظر إلى أن الرواية – بل الروايتين – لن تبدوا مقارنة بها سوى نوع من مسودة مليئة بالأخطاء والترهات وصولاً إلى الحوارات التي راح المعلقون يتسلون بالبرهنة على أن “الكاتب” إنما استعارها من حوارات أفلامه “البحرية” من دون أن يرف له جفن. ولسوف يبرر فلين نفسه ذلك الأمر بقوله إنه نعم! استوحى بعض أجواء “الرواية” من مشروع سينمائي كان يحاول كتابته قبل أن يستقر رأيه في نهاية الأمر على الاكتفاء بتحويل ما كتبه إلى رواية. وقد يكون من المفيد هنا أن نذكر أن موضوع الرواية (والفيلم المنشود كذلك) كان يدور من حول قبطان بحري “شديد الدهاء” يخوض بوسامته وشعبيته التمثيل وربما أيضاً الإخراج السينمائي، يصطحب في مركب يجول به في بحار الجنوب من أستراليا إلى تسمانيا فريقاً سينمائياً، مع بعض الركاب الرفاق الآخرين ومن بينهم قسيس وراهبة بغية التقاط مشاهد سينمائية على طول الشاطئ ووسط روعة مناظره وخطورة عواصفه وبشكل يدور معه من حول البطل الذي يشبه إيرول فلين تمام الشبه – وينطق بتلك العبارات نفسها المستقاة من حوار أفلام هذا الأخير – ويتعرض لنفس المواقف التي تعرض لها نسر البحار في أفلامه، ولكن مع مقدار أكبر من الأخطاء الجغرافية والتاريخية ومنها الحديث مرات ومرات عن ضرورة بلوغ “خط الطول 142” (علماً أن عدد خطوط الطول في المقاييس الجغرافية ينطلق من صفر عند خط الاستواء إلى 90 لا أكثر عند الخط القطبي! وقس على ذلك!) أما الذروة في هذه “المعرفة البحرية المدهشة” فتطالعنا حين يصدر القبطان أوامره بـ”تحريك المركب بسرعة ورمي المرساة للتوصل إلى ذلك!” على ذمة النقد الفرنسي الذي علق على الكتاب ولكن بعد سنوات من رحيل كاتبه النجم… لحسن حظ هذا الأخير! المزيد عن: الممثل الأميركي إيرول فلينالنازيةفيديل كاستروهوليوودإرنست همنغواي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ارموا الهواتف next post موجة قلق من فيديوهات الدقيقة الواحدة للذكاء الاصطناعي You may also like براعة باخ في كونشرتوات براندنبورغ وأثرها الدائم 19 نوفمبر، 2024 في روايته الجديدة… أوبير حداد يصوّر الحرب بعيني... 19 نوفمبر، 2024 16 فيلم رعب تسببت بصدمة نفسية لممثليها 19 نوفمبر، 2024 العداوة والعدو كما فهمهما الفلاسفة على مر العصور 19 نوفمبر، 2024 قصة واحدة من أكبر الأكاذيب في تاريخ حكايات... 19 نوفمبر، 2024 أول ترشيحات “القلم الذهبي” تحتفي بالرعب والفانتازيا 17 نوفمبر، 2024 شعراء فلسطينيون في الشتات… تفكيك المنفى والغضب والألم 17 نوفمبر، 2024 “بيدرو بارامو” رواية خوان رولفو السحرية تتجلى سينمائيا 16 نوفمبر، 2024 دانيال كريغ لا يكترث من يخلفه في دور... 16 نوفمبر، 2024 جاكسون بولوك جسد التعبيرية التجريدية قبل أن يطلق... 16 نوفمبر، 2024