بأقلامهمعربي إنها المركزية الغربية.. رغم الكورونا by admin 25 أبريل، 2020 written by admin 25 أبريل، 2020 125 مدى مصر / عبد العظيم حماد السابقة التاريخية التى تذكرتها وسط الجدل الدائر بلا انقطاع حول مستقبل العالم بعد وباء الكورونا، لم تكن الإنفلونزا الإسبانية منذ مائة عام تقريبًا، ولا الطاعون الأسود في أوروبا في مقتبل العصور الحديثة، ولا غير ذلك من الأوبئة والطواعين، ولكنها انتصار اليابان الشهير على روسيا في حرب 1905، وما أطلقه هذا الانتصار من ثورة تطلعات على امتداد الشرقين الأدنى والأقصى. كانت هذه أول حرب تنتصر فيها أمة شرقية على أخرى غربية منذ قرون عدة، تقريبًا منذ بدأ المد الاستعماري الأوروبي في آسيا وإفريقيا في أعقاب الكشوف الجغرافية، ونتيجة لها، وكأثر من آثار اكتشاف طاقة البخار والآلة والثورة الصناعية والتفوق العسكري، وقد كان شرقنا العربي الإسلامي كعادته مبالغًا في ابتهاجه بالانتصار الياباني والاندحار الروسي. وكان المصريون -كعادتهم أيضًا- الأعلى صوتًا في التعبير عن هذا الابتهاج، وعن الشماتة في الغرب الاستعماري، وفي التبشير بقرب انتهاء السيطرة الغربية على العالم. وجسدت هذه الحالة قصيدة مشهورة لثاني أكبر شعراء مصر في تلك الأيام حافظ إبراهيم الذي قال في أحد أبياتها يمدح إمبراطور اليابان وموجهًا الحديث إلى المواطن المصري أو العربي أو المسلم: «ملك يكفيك منه أنه أنهض الشرق وهز المغربا». بغض النظر عن وقوع الوعي المشرقي (إذا صح هذا التعبير) وقتها في خطأ تصنيف روسيا على أنها دولة غربية، فإن نبوءة أو أمنية شاعر النيل ومَن شاركوه فيها لم تتحقق على مدار أكثر من قرن من الزمان مضى الآن على تلك الحرب، بل تعزز ما نسميه بمصطلحات اليوم «المركزية الغربية»، أي تركز مصادر القوة والتأثير في شؤون البشر والبلدان والحضارات في ذلك التكوين الثقافي السياسي الجغرافي المُسمى بالغرب بشطريه الأمريكي والأوروبي، حتى وإن توالى تغيير مراكز القيادة فيه من لندن وباريس وبرلين إلى واشنطن على الساحل الآخر للمحيط الأطلنطي. سوف لن يخطئ المُراقِب للمشهد اليوم في ذروة عصف الفيروس التاجي «كورونا» بالعالم -وبالأخص بالولايات المتحدة الأمريكية- أوجه التشابه بين ثورة التطلعات المشرقية عقب الانتصار الياباني على روسيا عام 1905، وبين ثورة الشك الحالية لدى قوى ودوائر كثيرة في الشرق [بل والغرب نفسه أحيانًا] في إمكان بقاء النظام العالمي على حاله، وفي إمكان استمرار المركزية الغربية في المستقبل المنظور، مع ثورة توقعات بحلول الصين محل الولايات المتحدة في مركز القيادة العالمية، كوجه آخر لقطعة العملة، بدعوى نجاحها في هزيمة الوباء، بكلفة بشرية أقل كثيرًا مما لا تزال تتحمله أمريكا وأوروبا. ذلك بسبب كفاءة النظام وانضباط الإدارة في الصين، جنبًا إلى جنب مع صعودها الاقتصادي، الذي يتوقع أن يزيح الاقتصاد الأمريكي من مركز الصدارة العالمية بحلول عام 2030، أو بعده بقليل. لقد قرأتُ -كما قرأ غيري- لعشرات الكُتّاب وسمعتُ -كما سمع غيري- عشرات المُعلقين، وكلهم متفقون على سوء الأداء الأوروأمريكي في مواجهة وباء «كورونا»، وانكشاف الضعف في مرافق الخدمة الصحية، كما أنهم متفقون على الآثار المدمرة للوباء وإغلاق منافذ الحياة العامة، ووقف التشغيل على الاقتصاديات الوطنية. كذلك فهم متفقون على وجود أزمة قيادة على مستوى النظام العالمي، وهو ما أدى إلى عدم وجود استراتيجية عالمية جماعية للمواجهة، بل إن أحدًا لم يفكر أصلًا في الحاجة إلى مثل هذه الاستراتيجية. لذا فالاتفاق شامل على أن العالم سوف يتغيّر نتيجة لذلك كله، سواء على الدول فرادى، أو على مستوى التكتلات الاقليمية، أو على مستوى التنظيم الدولي والنظام العالمي. لكن الاختلاف يبدأ بعد ذلك، أي حول معالم ذلك التغيّر المتوقع، ومضامينه وسيناريوهاته. أعرف، وتعرفون، أن البعض تحدث عن القيادة الصينية المُقبلة للنظام العالمي، وأن آخرين توقعوا انحسار العولمة، وهناك فريق ثالث تحدث عن عودة مظفرة للاشتراكية، في حين تمنى فريق رابع، وتخوف فريق خامس، من التمكين لنُظم الحكم الشمولية السلطوية، خارج أوروبا وأمريكا، وامتدادها لتعصف بالديمقراطية الأوروأمريكية نفسها. لكن، وعلى قدر اطلاعى المحدود بالتأكيد، لم يقدم أي من تلك السيناريوهات تصورًا معقولًا وقابلًا للتصديق لعملية استبدال تاريخية للمركزية الغربية في شؤون العالم بمركزية صينية، أو مركزية مشرقية متآلفة من الدائرة الحضارية الآسيوية (الصينية/ اليابانية) والحضارة الهندية والحضارة العربية الإسلامية، وفقًا لما كان يسميه المفكر المصري اليساري الراحل أنور عبد الملك بـ«ريح الشرق»، كخاتمة منتصرة للحقبة الراهنة من جدلية الحضارات. وما نقصده بالمركزية الغربية هو متلازمة عميقة الجذور وممتدة التاريخ تشمل السياسة والاقتصاد والبحث العلمي والتكنولوجيا والتنظيم الاجتماعي والحريات الفردية، والأهم علمانية الدولة. وتعبّر عن نفسها بجاذبية النموذج من ناحية، وبالتفوق الاستراتيجي من ناحية أخرى. وقد يُعبر عن كل هذا اختصارًا بلفظ واحد موضوعي هو الحداثة، أو قد يُعبّر عنه بوصف أيديولوجي هو الحداثة الرأسمالية الصناعية. عند هذه النقطة، وقبل الإجابة عن التساؤل حول مصير هذه المركزية الغربية الحداثية بعد الوباء الحالي، يستحسن استعراض أهم التحديات التي واجهتها تلك المركزية منذ الضحى الأول لظهورها حتى يومنا هذا. وهي في تقديري ثلاثة تحديات، أولها الحروب الدينية من عام 1618 حتى عام 1648، والحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن الماضي، والتحدي الأيديولوجي الشيوعي والحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية، وحتى العقد الأخير من القرن العشرين. وكما نعلم فقد خرجت المركزية الغربية من هذه التحديات منتصرة بلا لبس أو مواربة، بما فى ذلك الانتصار على إفرازاتها السلبية الذاتية كالديكتاتوريات النازية والفاشية، وكسائر التطبيقات العنصرية، من الحرب الأهلية الأمريكية وتحرير العبيد، إلى حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة في ستينيات القرن الماضي، وصولًا إلى سقوط النظام العنصري في جنوب إفريقيا، ومن قبله في روديسيا الجنوبية (زيمبابوي الحالية). ويلفت النظر بشدة في نجاح المركزية الغربية في هزيمة التحدي الشيوعي، ليس فقط سقوط الاتحاد السوفيتي، ولكن أيضًا اجتذاب الصين نفسها إلى نموذج التنمية الرأسمالي، ودمجها فى السوق العالمية، في وقت كانت الصين تشكل فيه مركز الجذب الهائل لمناهضي الغرب في العالم الثالث على وجه الخصوص. ليس ذلك فحسب، بل إن نموذج النمو الصيني قام منذ بدايته -ولا يزال- على الإنتاج للسوق العالمية، أو لتلبية الطلب الخارجي، أكثر منه لتلبية الطلب الداخلي، ومن هنا سندخل مباشرة إلى الأسباب التي نرى أنها تمنع ظهور مركزية مشرقية تحل محل المركزية الغربية في قيادة الحضارة الإنسانية، ولا أقول فقط في قيادة النظام العالمي بعد الكورونا، ولمستقبل طويل غير منظور. إن معنى الإنتاج لتلبية الطلب الخارجي هو بقاء قطاعات هائلة من المجتمع خارج علاقات السوق الحديثة أو الحداثية، حتى مع امتداد بؤر التنمية جغرافيًا لتشمل مناطق وقطاعات جديدة من السكان، إذ تحتاج الصين إلى سنوات كثيرة مقبلة، لا يمكن حساب عددها الآن، لكي يمكن القول إن الحداثة بمعاييرها الاقتصادية -فضلًا عن الاجتماعية والثقافية والسياسية- اتسعت لتشمل كل مكان وكل مواطن، أو أغلب المناطق وأغلبية المواطنين، مثلما هو الحال في أوروبا الغربية والولايات المتحدة، فهل تتصورون مثلًا أن الصين لا يوجد بها حتى الآن قانون مدني مكتوب؟ بل إن مما له مغزى هنا أن المجتمع الياباني السابق كثيرًا على الصين في دخول عصر الصناعة الرأسمالية لا يزال يحتفظ بكثير من القيم والأفكار غير الحداثية، ولربما لم يكن للقيم الحداثية لتتمكن بين النخبة المثقفة والمسيسة هناك لولا الإملاء الأمريكي بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية. و بالطبع فإن ما يسري على الصين، يسري من باب أولى على الهند وإندونيسيا وكل الدول العربية والإسلامية، أي على مكونات ما يمكن أن يشكل ما يفترض أن يكون مركزية مشرقية بديلة للمركزية الغربية. وإذا كان من الشائع القول بعدم جاذبية الثقافة الصينية خارج حدودها بسبب حاجز اللغة وطريقة الكتابة من ناحية، وتأخّر خروج الصين الحديثة إلى العالم نسبيًا، وانعدام الحريات العامة والخاصة فيها فهناك عامل آخر -ربما أكثر أهمية- يعمل لمصلحة المركزية الغربية، فهذه المركزية في نشأتها الأولى هي حضارة متوسطية، أي تنتمي إلى البحر المتوسط حيث يقع قلب العالم قديمًا وحديثًا، فهي قد بدأت في اليونان القديمة، وانتقلت إلى روما التي تحوّلت إلى إمبراطورية تسود معظم العالم القديم، ولم يفعل اعتناق الرومان للديانة المسيحية سوى توثيق الروابط المتوسطية للحضارة الأوروبية. ومن ثم فهذه الحضارة كانت دائمًا متفاعلة مع العالم القديم حتى الهند تقريبًا، ليس فقط منذ الإسكندر الأكبر، ولكن من قبله منذ الحروب والمعاهدات والتبادلات الفارسية الإغريقية، ومن قبلها منذ توطد العلاقات المصرية الإغريقية، وعلاقات المشرق العربي الحالي وبلاد الرافدين مع حضارات آسيا الصغرى والبلقان. في حين بقيت الصين منعزلة طويلًا وراء السهوب والصحارى والجبال الآسيوية، كما بقيت اليابان منعزلة لأحقاب أطول وراء مياه الباسيفيك. لدواع التركيز أتحول من الحديث عن المركزية الغربية -بوصفها متلازمة حداثية شاملة ترتكز على روابط متجذرة مع غير الأوروبيين والأمريكيين- إلى تناول العنصر أو المكون الاستراتيجى منها، وفي قلبه أزمة النظام العالمي الحالية، وأزمة القيادة في هذا النظام. مبدئيًا يجب أن نفهم مصطلح «الاستراتيجي» هنا بمعنى معادلة القوة الشاملة.. أي كفاية وفاعلية النظام السياسي، وقدرة ومرونة عملية الإنتاج الاقتصادي، ووحدة التيار الثقافي والاجتماعي الرئيسي في المجتمع، والتحديث الدائم للقوة العسكرية، وتوافر العدد الكافي من الحلفاء والأصدقاء المهمين. ويكاد يكون هناك تعريف إجرائي متفق عليه للقوة العظمى عالميًا من الناحية الاستراتيجية هو قدرة هذه القوة منفردة أو مع حلفائها على خوض حربين على جبهتين فى وقت واحد، والانتصار فيهما، أو على الأقل عدم الهزيمة فيهما. وبالطبع لا ينطبق هذا التعريف أو المقياس الإجرائي في عالم اليوم وعالم الغد أيضًا إلا على الولايات المتحدة الأمريكية، التي تنتشر قواعدها في كل أنحاء العالم، والقادرة على توفير إمداد وتموين ونقل القوات عبر كل القارات، دون أن ينفي ذلك التراجع النسبي في النصيب الأمريكي في الإنتاج العالمي، وفي ثقة الحلفاء والأصدقاء في القيادة الحالية في واشنطن، وربما تمتد أزمة الثقة هذه في المستقبل المنظور، ودون أن ينفي ذلك المزاحمة الصينية للقوة الأمريكية أحيانًا، وفي مجالات بعينها. لكن علينا ألا ننسى هنا أن جميع جيران الصين بلا استثناء -كانوا ولا يزالون وسيبقون- متوجسين منها بسبب أثقال التاريخ، وثقل الحجم في الوقت نفسه، ولا يشعر هؤلاء الجيران بما فيهم الهند نفسها بالاطمئنان إلا بالتوازن الاستراتيجي في المحيطين الهندي والباسيفيك بين الصين وبين الولايات المتحدة. كما قيل توًا، فإن المركزية الغربية والتفوق الإستراتيجي لهذه المركزية يعاني من أزمة كبيرة وعميقة في القيادة سواء على المستوى القطري أو على مستوى الكتلة ككل، ومن ثم ضربت الأزمة النظام العالمي كله، ومن مظاهرها نمط السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعنون «أمريكا أولًا» بتطبيقاته المشهورة كالانسحاب من سياسات التعاون والتنظيم الدوليين، في التجارة وفي الأمن وحماية البيئة، والحد من التغيّر المناخي، وغير ذلك من المجالات التي كان أحدثها وقف المساهمة الأمريكية فى ميزانية منظمة الصحة العالمية. ولسنا نقول جديدًا عندما نذكر بأن هذا النمط من سياسات ترامب الخارجية اقترن بإعادة الروح إلى أشد تطبيقات السياسات الاقتصادية النيوليبرالية تطرفًا في الحد من الإنفاق العام داخل الدول خاصة على الخدمات العامة، والبرامج الاجتماعية والتخفيضات الضريبية على قطاعات الصناعة والأعمال، وهو ما أدى إلى سوء تقدير خطر وباء الكورونا في بداية ظهوره وسوء التعامل معه في بداية انتشاره في كل دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة، وهو ما أدى أيضًا إلى إثارة كل التساؤلات حول الأوضاع داخل كل دولة، وحول النظام العالمي. وأدى بالتالي إلى توقع هذا السيناريو أو ذاك، مما سبق الحديث عنه محليًا وعالميًا. من مجريات العمل السياسي والتناول الفكري في مواجهة هذه الأزمة، وبغض النظر عن المسميات الإيديولوجية فقد أُعيد اكتشاف أهمية الدور الاجتماعي والخدمي للدولة على المستوى المحلي، وسقطت -فيما يبدو- نظرية النيوليبرالية في إعادة إطلاق آليات السوق الرأسمالية كمحرك للتنمية ومحقق للتقدم وكفاءة التوزيع وفقًا لما عُرف باسم نظرية تساقط الثمار. وقد يؤدى ذلك إلى انتصار فكرة السوق الاجتماعي في الولايات المتحدة ذاتها بعد سلسلة من الهزائم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.. كان آخرها هزيمة مشروع أوباما للتأمين الصحي. لكن المعركة ضد القوى المحافظة في المجتمع الأمريكي ستكون أصعب كثيرًا من مثيلاتها في أوروبا. أما على مستوى النظام العالمي، فمن المؤكد أن المتتبع لكتابات كبار مفكري الغرب الاستراتيجيين، وأخص منهم هنري كيسنجر ونعوم تشومسكي وجوزيف ناي سوف يكتشف إدراكًا متجددًا ومتزايدًا لأهمية العمل الدولي الجماعي، ولأهمية عودة الولايات المتحدة لدورها القيادي لهذا النظام، وهذا بالضبط ما نتوقعه، وما شرحنا حيثياته في السطور السابقة، على ألا يفهم أننا نرى المركزية الغربية والقيادة الأمريكية خيرًا مطلقًا، أو أنها كانت دائمًا عادلة في داخلها وخارجها. لكننا في نهاية المطاف نقدم تحليلًا وليس تفضيلًا، ومن باب أولى ليس أمنية كتلك التى تمناها، بوجدان الشعراء، حافظ إبراهيم عام 1905. 28 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post وفقا للخبراء.. هكذا قد يقضي الصيف على فيروس كورونا next post هيو جاكمان: لولا رفض راسل كرو دور وولڤيرين لما حصلت عليه You may also like فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 28 comments dating sites free of charge 31 يناير، 2021 - 11:08 م free local dating sites http://freedatingsiteall.com Reply зарубежные сериалы в хорошем HD качестве 24 مارس، 2024 - 6:12 ص Hi! I could have sworn I’ve been to this site before but after going through some of the posts I realized it’s new to me. Nonetheless, I’m definitely pleased I discovered it and I’ll be bookmarking it and checking back regularly! Reply глаз бога бот 11 أبريل، 2024 - 7:40 م Excellent article! We will be linking to this great article on our site. Keep up the good writing. Reply steam csgo live gamble sites 8 مايو، 2024 - 8:37 ص I constantly spent my half an hour to read this weblog’s articles or reviews everyday along with a cup of coffee. Reply университет 16 مايو، 2024 - 11:23 م Francisk Skorina Gomel State University Reply гостиничные чеки Санкт Петербург 25 مايو، 2024 - 1:12 ص This post will help the internet people for building up new website or even a blog from start to end. Reply удостоверение тракториста машиниста купить в москве 31 مايو، 2024 - 3:59 ص Every weekend i used to visit this website, as i want enjoyment, as this this website conations truly good funny data too. Reply 乱伦色情 4 يونيو، 2024 - 2:37 ص It’s an awesome piece of writing in favor of all the web users; they will get benefit from it I am sure. Reply www.russa24-diploms-srednee.com 11 يونيو، 2024 - 7:29 ص You’re so cool! I don’t suppose I’ve read something like this before. So great to find somebody with a few unique thoughts on this subject. Really.. thank you for starting this up. This site is something that is needed on the web, someone with a little originality! Reply хот фиеста играть 13 يونيو، 2024 - 8:43 ص Hi there to all, how is all, I think every one is getting more from this web site, and your views are good for new users. Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 1:41 م Pretty! This was an extremely wonderful post. Thanks for providing this information. Reply Теннис онлайн 30 يونيو، 2024 - 3:33 م Normally I do not read article on blogs, however I wish to say that this write-up very pressured me to try and do so! Your writing taste has been amazed me. Thank you, quite great article. Reply Прогнозы на футбол 2 يوليو، 2024 - 9:16 م of course like your web-site however you need to check the spelling on quite a few of your posts. Several of them are rife with spelling problems and I find it very bothersome to tell the truth then again I will certainly come back again. Reply Прогнозы на футбол 4 يوليو، 2024 - 12:14 ص I appreciate, lead to I found exactly what I used to be taking a look for. You have ended my 4 day long hunt! God Bless you man. Have a nice day. Bye Reply Прогнозы на футбол 4 يوليو، 2024 - 12:59 م This design is wicked! You most certainly know how to keep a reader entertained. Between your wit and your videos, I was almost moved to start my own blog (well, almost…HaHa!) Great job. I really enjoyed what you had to say, and more than that, how you presented it. Too cool! Reply автомойка самообслуживания под ключ 7 يوليو، 2024 - 12:47 ص Франшиза автомойки позволяет предпринимателям использовать уже известный на рынке бренд и проверенную бизнес-модель для создания прибыльного дела с минимальными рисками. Reply автомойка под ключ 7 يوليو، 2024 - 1:36 م “Строительство автомойки под ключ” гарантирует высокую отдачу от инвестиций. Начните свой путь к успешному бизнесу с нами! Reply строительство автомойки 8 يوليو، 2024 - 1:08 م Мойка самообслуживания под ключ — это удобно и выгодно. Оборудование европейского качества обеспечит стабильную прибыль. Reply Прогнозы на футбол 10 يوليو، 2024 - 6:02 م Very nice article, just what I needed. Reply Прогнозы на футбол 11 يوليو، 2024 - 7:10 ص Great post. Reply строительство автомойки 15 يوليو، 2024 - 2:38 م Строительство автомоек под ключ – наша специальность. Мы заботимся о каждой детали, чтобы обеспечить надежное и прибыльное хозяйство. Reply Джак 19 أغسطس، 2024 - 11:40 م Greetings! Very helpful advice within this article! It is the little changes which will make the most important changes. Thanks for sharing! Reply Jac Амур 20 أغسطس، 2024 - 10:25 ص It’s awesome for me to have a web site, which is valuable in favor of my experience. thanks admin Reply Jac Амур 20 أغسطس، 2024 - 9:02 م My brother suggested I might like this website. He was totally right. This post actually made my day. You cann’t imagine just how much time I had spent for this information! Thanks! Reply Jac Благовещенск 21 أغسطس، 2024 - 7:19 ص Heya great blog! Does running a blog like this take a massive amount work? I have virtually no expertise in programming but I was hoping to start my own blog soon. Anyway, if you have any suggestions or tips for new blog owners please share. I know this is off topic nevertheless I just had to ask. Thank you! Reply Джак 21 أغسطس، 2024 - 7:04 م No matter if some one searches for his necessary thing, thus he/she desires to be available that in detail, so that thing is maintained over here. Reply Джак 22 أغسطس، 2024 - 8:08 ص Highly energetic article, I liked that a lot. Will there be a part 2? Reply theguardian.com 24 أغسطس، 2024 - 4:25 ص Very rapidly this web site will be famous among all blogging people, due to it’s pleasant articles or reviews Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.