إسرائيل تضع آليات تنفيذ خطة ترمب لترحيل الغزيين من القطاع

يشير سموتريتش إلى أن الاستثمار في هذا الحل يكلف أقل من القتال المتوالي

اندبندنت عربية / عز الدين أبو عيشة مراسل @press_azz

“لكي ننجح في إخراج الجميع من غزة، علينا ترحيل خمسة آلاف شخص يومياً، سبعة أيام في الأسبوع لمدة عام كامل”، بهذا التصريح صدم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الغزيين وكشف بكل وضوح عن المرحلة التي وصلت إليها إسرائيل في تنفيذ خطة “ريفييرا الشرق الأوسط”.

وعلى رغم طرح العرب خطة لإعادة إعمار غزة، فإن إسرائيل ما زالت متمسكة بفكرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي تقضي بتهجير الغزيين من القطاع إلى دول الاستضافة، وتشغل هذه الخطة بال الحكومة في تل أبيب.

جهود آليات التنفيذ

منذ أن طرح ترمب خطته في شأن القطاع ركزت حكومة بنيامين نتنياهو جهودها على آليات التنفيذ لدرجة أن الوزراء يعقدون اجتماعات شبه يومية لتطوير وبلورة طريقة البدء بتهجير الغزيين، وفي كل لقاء صحافي أو حكومي في تل أبيب يفتح ملف “ريفييرا غزة“.

وتقوم فكرة ترمب على ثلاث نقاط رئيسة، الأولى تهجير الغزيين من القطاع والثانية تولي الولايات المتحدة إدارة غزة والثالثة إعادة بناء المنطقة وفق مشروع اقتصادي وسياحي وتجاري، وترى أميركا أن ذلك يضمن استقرار الشرق الأوسط وإنهاء القضية الفلسطينية.

وتمسكت إسرائيل بالخطة التي أعجبت نتنياهو وجميع أعضاء ائتلاف حكومته لأنها تتضمن ترحيل سكان غزة، أي تتضمن إنهاء حقبة الحروب كما تعتقد تل أبيب وتحقق هدفاً كان نتنياهو يصبو إليه منذ بدء الحرب على غزة.

من الممكن أن يستغرق ترحيل الغزيين من القطاع نحو عام كامل (اندبندنت عربية – مريم أبو دقة)

تنظيم ترحيل الغزيين

وإسرائيل المعجبة بخطة ترمب المثيرة للجدل أخذت الموضوع على محمل الجد على رغم أن رئيس الولايات المتحدة تراجع نسبياً عن فكرته، وأكد أنه يمكن مناقشة الخطة العربية لإعادة إعمار القطاع وتطويرها وجعلها قابلة للتنفيذ، لكن تل أبيب بدأت بوضع خطط التنفيذ.

ومن أكثر الخطوات العملية التي بدأت تل أبيب بها رسم آليات تهجير سكان غزة ووضع خطط لذلك، وأول خطوة اتخذتها تمثلت في إنشاء مديرية لتهجير الغزيين ضمن هيكلية وزارة الدفاع الإسرائيلية وتخصيص موازنة لها لتتولى مسؤولية تنظيم عمليات ترحيلهم.

لكن هل يحتاج تهجير الغزيين إلى إنشاء مديرية خاصة؟ وهل تنوي إسرائيل ترحيل جميع سكان القطاع؟ وما هي آليات تهجير الغزيين… عشوائية أم منظمة؟ إجابات هذه الأسئلة عند وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

يومياً لمدة عام

بصفته وزيراً ثانياً في وزارة الدفاع الإسرائيلية سيتولى سموتريتش رئاسة مديرية هجرة الغزيين، وبحسب تأكيده فإن هذه الخطوة حظيت بدعم من أحزاب الائتلاف الحكومي والمعارضة على حد سواء وتأييد من اللوبي اليهودي وإدارات الاستيطان وبإشراف ومشاركة من الولايات المتحدة.

وعما ستقوم به هذه المديرية، يقول سموتريتش “فقط لأعطيكم فكرة، إذا قمنا بتهجير 10 آلاف شخص يومياً من غزة فسيستغرق الأمر نصف عام، وإذا هجرنا خمسة آلاف يومياً فسيستغرق عاماً كاملاً، نعمل الآن على دراسة اللوجستيات”.

ويضيف سموتريتش “وافقنا على إخراج الغزيين من الأراضي الإسرائيلية براً وبحراً وجواً من مطار الرامون وميناء أسدود، لكن هذا ليس كل شيء، فالأمر ليس محصوراً بكيفية إخراجهم وأي حافلة تنقلهم ومن أي طائرة، الأمر أكثر تعقيداً”.

فكرة ترحيل سكان القطاع تعد حلاً للنزاع المستمر منذ 76 عاماً بحسب إسرائيل (أ ف ب)

توزيع الغزيين بحسب حاجات الدول

ويؤكد سموتريتش أن تهجير الغزيين ليس عشوائياً وأن العملية تحتاج إلى معرفة كل شخص إلى أي دولة سيذهب، والأمر ليس مرتبطاً بالغزي فقط، بل بالدول المستضيفة وما هي متطلباتها في المهاجرين، وما هي الفئات العمرية التي تحتاج إليها وما هي حاجاتها من القدرات الجسدية والتأهيلات؟

ويبيّن أن إسرائيل بالتنسيق مع الإدارة الأميركية تبحث عن دول مستعدة لاستقبال الفلسطينيين لأن هذه الخطوة تتطلب إجراءات دبلوماسية وأمنية مكثفة، موضحاً أن عملية تهجير الغزيين عملية لوجستية ضخمة وطويلة جداً.

وتستند إسرائيل إلى ذلك لأن ترمب عندما عرض خطته أكد أنه يجب توطين سكان غزة في البلاد التي يرحلون إليها، إذ لا عودة لهم بعد تهجيرهم من القطاع.

لحل الصراع

ويقر سموتريتش بأن تنفيذ الخطة ليس سهلاً وأن هناك صعوبات جمة، ومن الممكن أن يستغرق تطبيقها وقتاً طويلاً جداً، لكنه يعتبر أن مبادرة ترمب ربما تغير المنطقة بأكملها وتحدث تغييراً تاريخياً في الشرق الأوسط، كما أنها فرصة لإنهاء النزاع.

ويشير إلى أن الاستثمار في تهجير الغزيين يكلف أقل من القتال المتوالي وفكرة ترحيل سكان القطاع تعد حلاً للنزاع المستمر منذ 76 عاماً، لذا يعد هذا الحل الأفضل وينهي حقبة الصراع.

وبحسب وزير المالية ومدير مديرية هجرة الغزيين، فإن ترحيل سكان غزة سيشمل جميع السكان ويمتد إخراجهم من القطاع نحو عام كامل على أبعد تقدير، مما يعني هجرة قسرية ويخالف ما أكده نتنياهو أن ترحيل الغزيين طوعي وبحسب حرية الاختيار، ويخالف أيضاً ما أقرته الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأخيرة حول خطة تهجير ناعمة للراغبين.

التهجير يستهدف فكر الفلسطينيين

تقول الباحثة في الشأن الإسرائيلي ميساء أبو غنام إن “خطة التهجير تتحول إلى واقع، فهناك تحرك الآن مع الإدارة الأميركية، وأعتقد بأن جميع دول العالم، بخاصة أوروبا وبعض دول آسيا وأفريقيا جاهزة لاستقبال الفلسطينيين من غزة”.

وتضيف أن “حرب غزة خلقت حالاً من التعاطف الشعبي والسياسي وتضامناً عالمياً تجاه الفلسطينيين، وهذا عامل جذب قوي من قبل الشعوب لاستقبالهم كضحايا حرب وهنا تكمن لعبة التضامن الدولي”.

وتوضح أن إسرائيل لا ترغب في أن يكون تهجير الغزيين إلى مصر أو الأردن لأن الهدف النهائي هو تشتيت الفلسطينيين في مختلف دول العالم، بحيث تُقطع صلتهم بوطنهم فلسطين نهائياً، فتل أبيب لا تستهدف الأرض فقط بل الفكر أيضاً.

وتشير أبو غنام إلى أن الهدف الإسرائيلي لا يقتصر على تهجير الغزيين جغرافياً فقط، فهي لا تريد التخلص من الوجود الفلسطيني، بل من الفكر الفلسطيني المعادي لليهود والرغبة في المقاومة أو الانتقام، ومع عملية توزيع الفلسطينيين على مختلف الدول تسعى تل أبيب إلى تحييد الأجيال المقبلة وإضعاف أي نزعة وطنية من الممكن أن تهددها مستقبلاً.

المزيد عن: غزةحرب القطاعإسرائيلبتسلئيل سموتريتشالترحيل القسريبنيامين نتنياهوريفييرا غزةالولايات المتحدةالقضية الفلسطينيةأحزاب الائتلافمطار رامونميناء أسدودالأردنمصر