السبت, فبراير 1, 2025
السبت, فبراير 1, 2025
Home » أحياء في القبور… شهادة مروعة لسوري ولبناني عن سجن تدمر

أحياء في القبور… شهادة مروعة لسوري ولبناني عن سجن تدمر

by admin

 

الاعتراف بذنب لم ترتكبه هو سبيل الخلاص بين تعذيب وآخر… و”داعش” دمر أدلة تدين النظام بتدميره المعتقل

اندبندنت عربية / اسماعيل درويش صحفي تركي @ismaildarwish_

“ما لا يمكنني نسيانه في سجن تدمر أنه في عام 1997 حدثت هزة أرضية قوية منتصف الليل، أدّت إلى تشقق بعض الجدران، في الصباح كان معظم السجناء يبدو عليهم الحزن الشديد إلى درجة السخط، إذ كان أكثرهم يتمنى لو كانت الهزة الأرضية أكثر قوة إلى درجة يتهدم السجن، فيموت من يموت ويخرج من السجن من يبقى حياً، وهذا يدل على درجة اليأس والإحباط الشديدين في نفوس السجناء”، هذا ما قاله الشاعر والكاتب السوري حسن النيفي الذي كان معتقلاً في سجن تدمر، خلال شهادته لـ”اندبندنت عربية” عما عايشه في المعتقل، الذي وصفه سجين آخر سنروي قصته في هذا التقرير بأنه “قبر للأحياء”.
في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، كان الفرنسيون يسيطرون على سوريا، فبنوا ثكنة عسكرية في مدينة تدمر في البادية السورية، إلى جوار هذه الثكنة تم بناء إسطبل للخيول، لم يكن الفرنسيون ولا السوريون ولا الإنسانية تعرف أن هذا الإسطبل سيتحول إلى كابوس يُقتل فيه آلاف السوريين بأبشع الطرق التي عرفها العصر الحديث، وربما لم تشهدها البشرية من قبل، ولا تعرفها أي أرض خارج الجغرافيا التي سيطر عليها نظام البعث السوري.

مجازر بالجملة

في عام 1946 خرج الفرنسيون من سوريا تاركين خلفهم سلطة سورية وليدة تدير المرافق التي بنوها، فحولت الحكومة السورية إسطبل الخيول في تدمر إلى سجن عسكري، يتم فيه سجن المخالفين للأوامر العسكرية، أو المتهمين بتهم تتعلق بالجيش، وكل من له شأن في العسكر، وبقي السجن على هذه الحال حتى عام 1966 أي بعد ثلاثة أعوام من انقلاب حزب البعث، ليحوله إلى سجن “عسكري–سياسي”، فبدأ بإدخال المعتقلين السياسيين إليه.
وفي الفترة ما بين السبعينيات والثمانينيات شهدت سوريا انتفاضات متقطعة ضد حكم حافظ الأسد، فاستُخدم سجن تدمر لاعتقال آلاف المعارضين، وفي الـ26 من يونيو (حزيران) 1980، تعرض حافظ الأسد لمحاولة اغتيال نجا منها، فقامت “سرايا الدفاع” التي كان يقودها في ذلك الوقت رفعت الأسد بإعدام 1152 معتقلاً في سجن تدمر، وبعد تلك الحادثة يقول سجناء سابقون إن ساحة السجن كانت تشهد كل أسبوع عمليتي إعدام جماعيتين في الفترة ما بين عامي 1980 و1984، ثم تُنقل جثث القتلى لتُدفن في منطقة وادي عويطة بتدمر، دون أن يُسلم الجثمان للعائلة ودون إبلاغها بالإعدام، وفي بعض الأحيان تُمنح بعض العائلات شهادة “وفاة بجلطة قلبية أو دماغية”، دون إرفاق تقرير طبي ولا يتم السماح لهم بمعرفة مكان قبر فقيدهم لزيارته أو نقله.

العودة والتدمير

في عام 2001 أصدرت “منظمة العفو الدولية” تقريراً واسعاً حول سجن تدمر، ووصفته بأنه مصمم “لإنزال أكبر قدر من المعاناة والإذلال والخوف بالنزلاء”، وبعد هذا التقرير ومرور نحو عام على موت حافظ الأسد واستلام ابنه بشار الحكم، صدر قرار بإغلاق سجن تدمر، تأمل السوريون حينها أن تكون النهاية لمأساة استمرت عقوداً، لكنها لم تكن كذلك، ففي يونيو 2011 أعاد النظام السوري فتح سجن تدمر لاعتقال معارضيه الجدد، وعادت الحكايات مجدداً، فما هي إلا أيام حتى اكتظ السجن بالمتظاهرين الذين اعتُقلوا من مختلف المدن السورية، والفارق بين السجن قبل وبعد الإغلاق، التطور في أساليب التعذيب.
بقي السجن يستقبل آلاف المعتقلين حتى يوم الـ12 من مايو (أيار) 2015، حين شن تنظيم “داعش” الإرهابي هجوماً مباغتاً على مدينة تدمر، وبعد معركة شرسة مع قوات النظام استمرت تسعة أيام، تمكن التنظيم من طرد النظام من تدمر والسيطرة على المدينة الأثرية بما في ذلك سجنها، وبعد أيام قليلة فخخ التنظيم سجن تدمر ونسفه بالكامل، مدمراً المعتقل الأشهر قبل صيدنايا، وماحياً آثار جرائم بالآلاف ارتُكبت في ذلك المكان.

بعد ذلك تحدثت تقارير عن اتفاق بين النظام والتنظيم على تفجير تدمر، وأكدت هذه التقارير شهادة معتقل لبناني سابق في سجن تدمر سنضيف شهادته في هذا التقرير.

أسى لا يُنسى

لكل سجن حكاية، ولكل سجين حكاية مستقلة، ربما “أجمل” ما فيها من ذكريات أن يوماً ما عاشه في السجن دون تعذيب، ويروي المعتقل السابق في سجن تدمر، الكاتب والشاعر السوري حسن نيفي شهادته على فترة من حياته وصفها بـ “المأسوية”، فيقول إنه اُعتقل بتاريخ التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1986، وعلى رغم مرور عشرات الأعوام لا يزال نيفي يتذكر لحظة اعتقاله ويومه، ويتابع “كانت تهمتي هي الانتماء إلى حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، وتحديداً جناح القيادة القومية، وبعد المحاكمة صدر في حقي قرار من محكمة أمن الدولة العليا بالسجن لمدة 15 عاماً، مع تجريدي من كافة الحقوق المدنية والعسكرية، بتهمة مناهضة أهداف الثورة ومناهضة تطبيق النظام الاشتراكي، أمضيت خمسة أعوام في بداية الاعتقال في سجن حلب المركزي، ثم أربعة أعوام في سجن عدرا المركزي بدمشق، ثم الستة أعوام الأخيرة في سجن تدمر العسكري، حتى خرجت من السجن بتاريخ الـ13 من نوفمبر 2001، أي بعد 15 عاماً وأربعة أيام من الاعتقال”.
يتابع المعتقل السابق حديثه بالقول “ما من مواطن يدخل أحد أفرع التحقيق بتهمة سياسية إلا وسيواجه أشكالاً مختلفة من التعذيب سواء بالدولاب، أو “بساط الريح”، أو “الشبح”، أو الصعق الكهربائي، فضلاً عن أشكال التعذيب النفسي المتمثل بعصب العينين والتعرض للإهانات والشتائم والتهديد بالموت، والغاية من ذلك هي انتزاع الاعترافات من المتهم أو إجباره على الاعتراف بما يطلبه عناصر الاستخبارات، كان التعذيب يستمر طيلة فترة التحقيق، التي قد تطول أو تقصر وفقاً لحجم التهم الموجهة للموقوف.

بعد الاعتراف أو إصدار الحكم لا يتعرض المعتقل للتعذيب كثيراً في السجون المدنية مثل سجن حلب المركزي أو سجن دمشق المركزي، لكن الأمر مختلف في سجن تدمر، حيث التعذيب حال دائمة وممنهجة، لا يخضع لمزاج السجان وحسب، بل ثمة برنامج يصدر عن الجهات الأمنية العليا في السلطة وعلى إدارة السجن تنفيذه”.

في غياهب “تدمر”

 صنوف التعذيب

ويوضح نيفي أن “التعذيب في سجن تدمر كان يرقى إلى درجة التوحش، يبدأ بالدولاب، مروراً بضرب السجناء بالهراوات المعدنية (أنابيب المياه) أو الكابلات المطاطية، وانتهاءً بالموت، وحين يموت السجين لا تُعطى جثته لذويه بل يُلقى في مقابر جماعية في صحراء تدمر، وهذا ما فعلته السلطات في معظم المعتقلين الذين تمت تصفيتهم في سجن تدمر العسكري، أما المشاهد المأسوية فكثيرة في سجن تدمر ولعل أبرزها إجبار السجين على تناول الحشرات الميتة أو الحية، أو إجبار السجين على التعرّي، أو إجبار السجناء على سكب الماء البارد في الشتاء على أجسادهم أو البطانيات التي يلتحفون بها، أو توجيه الشتائم المقذعة للسجناء وغيرها.

وهذه الأشكال من التعذيب يراد بها إذلال السجين وليس إيذاءه جسدياً وحسب.

ما لا يمكنني نسيانه أنه في عام 1997 حدثت هزة أرضية قوية منتصف الليل، أدت إلى تشقق بعض الجدران، في الصباح كان معظم السجناء يبدو عليهم الحزن الشديد إلى درجة السخط، إذ كان أكثرهم يتمنى لو كانت الهزة الأرضية أكثر قوة إلى درجة يتهدم السجن، فيموت من يموت ويخرج من السجن من يبقى حياً، وهذا يدل على درجة اليأس والإحباط الشديدين في نفوس السجناء”.
ويؤكد نيفي أن “تفجير سجن تدمر من قبل تنظيم ‘داعش’ كان جريمة في حق العدالة، لأن هذا العمل هو مسعى واضح وممنهج إلى طمس معالم الجريمة، وهذا بحد ذاته جريمة أيضاً، وسواء كان ‘داعش’ قد نسق مع نظام الأسد بهذا الخصوص أم لا، فإن النتيجة واحدة، أي إن المستفيد من تفجير سجن تدمر ومحو معالم الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد داخل هذا السجن منذ عام 1980 وحتى ساعة تفجيره هو نظام الأسد ذاته، حيث إن تلك الزنازين لم تكن مخصصة ليسكنها البشر، ولا تتطابق مع أي معايير صحية ولا تنطبق عليها أي مواصفات تناسب الإنسان، الزنازين مستطيلة الشكل مبنية من جدران سميكة، يتراوح عرضها بين أربعة وخمسة أمتار، ويتراوح طولها بين ستة أمتار و20 متراً حسب كل زنانة، وليس فيها نوافذ على الإطلاق، لكن بسبب كثرة المعتقلين وحصول حالات اختناق عدة فتحوا نوافذ صغيرة أعلى جدار كل زنزانة تلاصق السقف، ويتم تثبيت قضبان حديدية قوية عليها”.

تعذيب بالتناوب

ويتابع المعتقل السابق، “كانت هناك فترات تنفس يومية، فترة التنفس لا تشبه التنفس على الإطلاق، بل هي فترة تعذيب، حيث كان السجّانون يصفّون المعتقلين ويتناوبون عليهم بالضرب والركل والشتم، وأذكر أنه في الأشهر الأولى من اعتقالي في سجن تدمر، سمعنا صوت أحد الرقباء في الشرطة العسكرية منادياً من خارج المهجع يسألنا عن اسم أحد المعتقلين إن كان موجوداً معنا في المهجع أم لا، فتوهمتُ أن الرقيب يقول: صباح الخير، فرددتُ عليه فوراً بكلمة: صباح الخير، وما إن سمع هذه العبارة مني حتى جنّ جنونه ولم يعرف بأي الشتائم سيشتمني ويمطرني بأقذع العبارات، وكنت أتمنى أن ينتهي الأمر عند حدود الشتائم، لكنه غاب ساعتين ثم عاد وأخرجني من المهجع، وربما كان حظي جيداً إذ اكتفى بجلدي حوالى مئة كابل بعد حشر جسدي في الدولاب”.

يكتفي حسن نيفي بذكر هذا القدر من ذكريات تدمر، راجياً أن تتحقق العدالة والمساءلة ويُحاسب المجرمون.

لبنانيون في تدمر

لم تكن سجون نظام الأسد مخصصة للشعب السوري وحسب، بل كانت تستضيف أشخاصاً من مختلف الجنسيات، ممن تمكن النظام من اعتقالهم أو اختطافهم، وكثيراً ما حاول حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار العبث في جغرافيا الجار اللبناني، ومحاولة الاستيلاء على سيادته واستقلاله، وكان كل من لا يرضى عن ذلك من اللبنانيين مهدداً بالاعتقال، وحتى اليوم لا يزال مصير عدد كبير من اللبنانيين ممن اعتقلهم نظام الأسد مجهولاً.

والتقت “اندبندنت عربية” المعتقل اللبناني السابق في السجون السورية علي أبو دهب، الذي وثّق شهادته وروى بعضاً مما رأى في غياهب سجن تدمر، فقال “أمضيت في سجون النظام السوري السابق 13 عاماً، في الفترة ما بين عامي 1987 و 2000، حيث خرجت بعد موت حافظ الأسد وإصدار بشار عفواً محدوداً شمل ما بين 600 و700 سجين، خرج في هذا العفو 54 معتقلاً لبنانياً كنت بينهم، وتهمتي كانت مقاومة الاحتلال السوري في لبنان سياسياً، وتم إصدار حكم في حقي بالسجن المؤبد، لأن وجهة نظري الشخصية أن سوريا وإسرائيل كليهما تقاسما احتلال لبنان، وعلى رغم خروج إسرائيل بقي جيش النظام السوري يسيطر على جميع المرافق السياسية والاقتصادية في لبنان، ولهذا السبب كانت هناك مقاومة ضدهم، وعلى رغم أنني كنت ضد الاحتلال الإسرائيلي فإنهم اتهموني بالعمالة لإسرائيل”.

اعتراف على ذنب لم يُرتكب

وأوضح أبو دهب “أثناء التحقيق معي تم وضعي على كرسي حديث مثبت على الأرض، وعيناي مغطاتان، وخلعوا كامل ملابسي بما في ذلك الملابس الداخلية، وربطوا يديّ على سواعد الكرسي، وربطوا قدمَي على أقدام الكرسي في الأسفل، وربطوا ظهري بالكرسي، يعني وثقوني بطريقة لا أتمكن فيها من التحرك على الإطلاق، ثم قال لي المحقق باللهجة العامية: ولَا (كلمة للتحقير) أنت تعاملت مع إسرائيل… قلت له لا لم أتعامل مع إسرائيل أبداً، فرد عليّ: سنرى إذا تعاملت أو لا، فطلب من مساعده إحضار الشمعات، وأشعلوا شموعاً أسفل كرسي الحديد الذي أجلس عليه عارياً، وبدأت الحرارة ترتفع تدرجاً، بدأت أشعر بالاحتراق لدرجة أنني شعرت أني أشم رائحة شواء لحمي وأنا أصرخ دون أن أتمكن من التحرك، وفي هذه الأثناء سألني بخصوص الوجود السوري في لبنان: هل تقبله، فأجبته بلا، فزاد تقريب الشموع إلى الكرسي أكثر والحرارة ترتفع وبدأت أصرخ: يا الله يا الله، فقال لي بالحرف: إذا كنت تعرف الله فليأت ليفكك، ألا تعلم أن آل الأسد منعوا الله أن يأتي إلى هنا؟ واستمر التعذيب بطرق لا يمكن وصفها لدرجة أنني اعترفت أني قابلت رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون، وسهرت معه، وعلى هذا الأساس أصدروا في حقي حكماً بالمؤبد”.

السجين المحظوظ

وعن وصفه لسجن تدمر الذي قضى فيه أكثر فترة حكمه، يقول المعتقل اللبناني السابق أن “سجن تدمر من أسوأ سجون العالم، على بوابة هذا السجن تُكتب العبارة الشهيرة “الداخل مفقود والخارج مولود”، ويعد بالفعل من يخرج من سجن تدمر محظوظاً، الموت في السجن هو أفضل بكثير من خيارات البقاء، يعني أن ما يغضب السجناء هو أنهم لا يموتون شنقاً أو بالرصاص على الفور، وإنما يكون الموت بصورة بطيئة وبطرق عدة، أما بالنسبة إلى الطعام فهو شبه معدوم، يُحضرون لنا في الصباح بيضة واحدة مسلوقة لكل خمسة أشخاص، مع حبة زيتون لكل شخص ورغيف خبز، وفي الغداء يعطون كل سجين ملعقتين أو ثلاثاً من البرغل مع مرق قليل وفيه حبتان أو ثلاث من الفاصولياء أو الحمص على حسب الوجبة التي يتم اختيارها، فكانوا يقدمون الطعام فقط بهدف البقاء على قيد الحياة وليس للتغذية، يعني بهدف تأخير موت السجين أكثر، الشخص الأكثر سُمنة في السجن يزن حوالى 60 كيلوغراماً وهذه حالات نادرة، غالبية المساجين تتراوح أوزانهم بين 35 و50 كيلوغراماً”.

أما بخصوص توفر الأدوية والعلاج والأمراض، فقال أبو دهب إن “أكثر الوفيات بسبب الأمراض تعود إلى انتشار مرض السل، كانت الأدوية ممنوعة، كلما يتم اكتشاف حالة بمرض السل يتم نقلها إلى مهجع مخصص لتجميع المصابين بهذا المرض، ولا يُسمح لهم بمغادرته حتى الموت، لاحقاً التقيت 23 معتقلاً سابقاً في سجن تدمر وقررنا إنتاج فيلم يحمل اسم ‘تدمر’ كي يوثق الجرائم التي ارتُكبت هناك، ما دفعنا لذلك هو أننا لا يمكننا أن ننسى ما حصل معنا، كنا نشم رائحة جثث السجناء القتلى الذين كانوا رفاقاً لنا ثم قُتلوا، حتى أحياناً في الليل كنا نشم جثث الأشخاص الذين دفنوا في المقابر الجماعية قرب السجن”.

“داعش” ومسح آثار الجريمة

وفي ما يتعلق بسيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي على السجن، يقول المعتقل السابق إنه بكى “عندما دمر ‘داعش’ سجن تدمر، كان الهدف إخفاء أدلة مهمة على جرائم كثيرة تم ارتكابها في هذا المكان، قبل تفجير السجن منتصف عام 2015 كان التنظيم دخل إلى تدمر لفترة وجيزة في 2014، لكن بعد سيطرته على السجن في 2015 أعلن إطلاق السجناء، لكن من الحوادث التي حصلت أثناء إطلاق سراح السجناء تم إطلاق النار على بعض المعتقلين من قبل عناصر التنظيم أنفسهم، ‘داعش’ قتل عدداً ممن أخرجهم من سجن تدمر، ثم نسف السجن كلياً ودمره ومعه آثار الجرائم، أنا شخصياً لي ذكريات مع جدران المهاجع، الجدران كانت أصدقاء للمساجين”.

السجين رقم 13

بعيداً من سجن تدمر، يروي علي أبو دهب لـ”اندبندنت عربية”، واحدة من القصص التي حصلت معه في “فرع فلسطين” سيئ الصيت، فقال “أخذوني إلى (فرع فلسطين) للتحقيق بتهمة إطلاق النار على الجيش السوري في لبنان، على رغم أني عارضت الوجود السوري في لبنان سياسياً، بقيت هناك لمدة 12 يوماً، في هذا الفرع لكل سجين رقم يُنادى به، كان رقمي 13، كنت في زنزانة منفردة عرضها حوالى 90 سنتيمتراً، بطول مترين وارتفاع مترين، ومظلمة كلياً، وليس فيها نافذة ولا إضاءة، ذات يوم دخل إليّ العنصر وقال لي: سيادة العقيد طلبك، وطلب مني ألا أُغلق عينيك، من المحتمل أنه سيتم إطلاق سراحك الليلة، عندها تفاجأت، ولم أُصدق ما سمعت، لكن بالعادة أثناء اصطحابنا للتحقيق يتم إغماض عيوننا كي لا نرى شيئاً، لكن هذه المرة لم يفعل، وخرجنا إلى الطابق العلوي وحفظت بعض معالم السجن، أيضاً مررنا حينها بحوالى سبعة مهاجع مخصصة للنساء المعتقلات، أجلسني في غرفة فيها إبريق شاي ساخن، قال لي إنه سيذهب لرؤية العميد وطلب مني أن أشرب شاياً، شربت الكأس الأول، كان شاياً ساخناً فيه سكر، كان بمثابة صدمة، للمرة الأولى منذ أعوام يمكنني أن أشرب شاياً، كان شعوراً لا يوصف، بقيت أشرب حتى شربت حوالى 12 كاسة، ولم يبق شيء في الإبريق، بعد قليل عندما تأكد أني شربت كامل إبريق الشاي دخل العقيد ومعه عنصر، وشتمني على الفور، وطلب من العنصر إغماض عينيّ، ثم جردني من ملابسي كاملة، وقام بربط العضو التناسلي بخيط متين، ثم أنزلني إلى الزنزانة بعد شرب كمية كبيرة من الشاي الساخن، بدأت أحتاج إلى التبول، لكن لا يمكن فعل ذلك، بدأت أصرخ بأعلى صوت وأستنجد ولا أحد يرد، بعد أربع ساعات من الصريخ والاستنجاد خطرت لي فكرة، ناديت العنصر وقلت له إني أريد الاعتراف، وأخذني إلى العقيد وقلت له بماذا تريد أن أعترف؟ قال: أنت قاتلت ضدنا، قلت له: نعم قاتلت ضدكم وحملت السلاح لكني لم أقتل أحداً، وعندما أخذ مني هذا الاعتراف سمح لي بالتبول، كانوا يقومون بالتعذيب بأساليب تجبر الإنسان على الاعتراف بكثير من الأمور التي لم يفعلها، ثم يحاكمونه عليها”.

المزيد عن: النظام السوريسجن تدمرتنظيم داعشالتعذيبلبنانسورياالمعتقلون السياسيونسجن صيدناياحافظ الأسدبشار الأسدالسجون

مدخل سجن تدمر بعد سيطرة قوات “داعش” عليه كما أظهرته صورة وزعتها وسائل إعلام متشددة في 28 مايو 2015 (أ ف ب)

ما تبقى من سجن تدمر بعدما فجره عناصر تنظيم “داعش” (أ ف ب)

إحدى غرف اعتقال السجناء في سجن تدمر (أ ف ب)

مكتب أحد المسؤولين من النظام السوري السابق عن سجن تدمر (أ ف ب)

 

 

 

 

 

 

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00