من بين الأعمال المختارة لهذا الشهر كتب تتحدث عن عمال المناجم الإيرلنديين، وصدام حسين، ونوادي الجنس غير التقليدية (سيربنتس تيل، جوناثان كيب، كانونغيت، هيميش هاميلتون، ألين لين، باتسفورد، آي ستوك) ثقافة و فنون أبرز إصدارات الكتب في بريطانيا لشهر فبراير by admin 23 فبراير، 2024 written by admin 23 فبراير، 2024 90 ننتقي لكم أفضل الكتب التي ننصح بقراءتها هذا الشهر من “شفقة” لـ أندرو ماكميلان مروراً بـ “ذو الشهوة الشاذة” لـ كاثرين مين وصولاً إلى رواية جديدة لـ هاورد جاكوبسون، وكتاب لـ بول ثيرو عن الفترة التي قضاها جورج أورويل في بورما اندبندنت عربية / مارتن شيلتون كاتب وصحافي MartinChilton@ ربما تكون هناك ذكريات جميلة لدى عشاق الكتب الأكبر سناً الذين نشؤوا في وسط لندن أو كانوا يزورون مكتبة “سيلفر مون” Silver Moon، تلك المكتبة النسائية المشاكسة الواقعة في شارع تشارينغ كروس وتأسست عام 1984، وكانت تبيع كتباً تتناول مواضيع راديكالية ونسوية في فترة زمنية تفشى خلالها رهاب المثلية الجنسية وكراهية النساء. تروي جين تشومليلي، إحدى المؤسسات المشاركات، تاريخ هذا المتجر المثير للاهتمام الذي امتد لـ 17 عاماً، وذلك في كتابها “مكتبة المرء الخاصة: كيف انطلقت مجموعة من النساء لتغيير العالم” A Bookshop of One’s Own: How a Group of Women Set Out to Change the World الصادر عن دار مادلارك للنشر. يستعرض الكتاب لحظات النجاح – مثل جلسة توقيع مبهجة لمارغريت أتوود – وبعض اللحظات الصعبة، بما فيها معركة قضائية مع مجلس وستمنستر المحلي التافه والتحديات المهنية التي واجهت العاملين مثل “الاضطرار إلى تنظيف السجادة من السائل المنوي لشخص وضيع مارس الاستمناء”. كتاب “مكتبة الفرد الخاصة” عمل مضحك ودافئ. لقد عاد شبح تولي دونالد ترمب منصب الرئيس مجدداً، ولذا يبدو أن الوقت مناسب لإلقاء نظرة على كتابين يظهر فيهما الرجل الخطير صاحب البشرة البرتقالية. يتبنى جون ريني شورت، الأستاذ الفخري في كلية السياسة العامة بجامعة ميريلاند، وجهة نظر متفائلة (بشكل غير مبرر برأيي) بشأن المستقبل السياسي “المتلاشي” لترمب. في كتابه “تمرد: ما يكشفه هجوم السادس من يناير (كانون الثاني) على مبنى الكابيتول عن أميركا والديمقراطية” In Insurrection: What the January 6 Assault on the Capitol Reveals about America and Democracy (عن دار رياكشن بوكس Reaktion Books)، كتب شورت أنه يعتقد أن “القيادة السياسية للحزب الجمهوري ستتخلى” عن ترمب. ومع ذلك، في دراسته المتعمقة للاستقطاب في الولايات المتحدة الذي أدى إلى الهجوم على الكونغرس، يقدم شورت وصفاً دامغاً للدافع وراء تحريض ترمب المزعوم على التمرد. ويكتب: “كان الدافع الرئيس لتصرفات ترمب هو تجنب أن يُنظر إليه كخاسر. لقد قال لكبير موظفي البيت الأبيض، مارك ميدوز ’لا أريد أن يعرف الناس أننا خسرنا… هذا أمر محرج‘… اهتزت الديمقراطية، وتوفي سبعة أشخاص وأصيب 114 من ضباط إنفاذ القانون، كل ذلك لأن ترمب لم يكن يريد أن يُنظر إليه كشخص فاشل”. ويظهر ترمب أيضاً في كتاب “ردع أرماغيدون: سيرة ذاتية لحلف شمال الأطلسي” Deterring Armageddon: A Biography of NATO (عن دار وايلد فاير Wildfire)، وهو استعراض مثير للإعجاب للغاية من تأليف بيتر آبس لتاريخ منظمة حلف شمال الأطلسي، والتي تصادف الذكرى السنوية الخامسة والسبعون لتأسيسها في أبريل (نيسان). على مدار ثلاثة أرباع قرن من وجود حلف شمال الأطلسي، انتقلت الولايات المتحدة من حنكة أيزنهاور السياسية إلى فجاجة ترمب. يكتب آبس أنه عندما كان في البيت الأبيض يناقش مناورات الناتو في أوروبا، قال ترمب لأحد مساعديه العسكريين: “جنرالاتي كلهم مجموعة من الأوغاد”. في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1835، أصبح جيمس برات وجون سميث آخر رجلين يعدمان شنقاً في بريطانيا بتهمة المثلية الجنسية. في كتاب “جيمس وجون: قصة حقيقية عن التحيز والقتل” James and John: A True Story of Prejudice and Murder (عن دار بلومزبري)، يستكشف النائب كريس براينت فصلاً مخزياً في ماضي إنجلترا. خلال ثلاثة عقود فقط، حُكم على 404 رجال بالإعدام بتهمة “اللواط”. كتاب براينت مؤثر ومحبط، ليس أقله في ملاحظته أن إعدام الثنائي في نيوغيت أثبت أنه “مدر المال”، بخاصة بالنسبة لصانعي الفطائر الذين يقدمون فطائرهم لحشد محدّق. في حال كنتم تعتقدون أن كل ما ورد مبهم، يشير براينت إلى أن أمر أحكام القتل القانونية ضد رجال بالغين يمارسون الجنس بالتراضي لا يزال موجوداً في دول مثل بروناي والصومال ونيجيريا. بيتر كاري، الذي اعتاد كتابة مراجعات الكتب لـ”اندبندنت، يتتبع مجموعة من الفنانين الشباب المسيسين المقيمين في هوكستون في كتابه الساخر المظلم والمبهج “فن” Art (عن دار بيغاسوس) وهو عمل أول يستكشف أيضاً الجريمة والتحسينات في لندن. أخيراً أوصيكم برواية “ذو الشهوة الشاذة” The Fetishist (عن دار فليت)، وهي رواية أنقذت بعد وفاة كاتبتها كاثرين مين التي غادرتنا في دار لرعاية المسنين عام 2019 بعد يوم واحد من بلوغها عامها الستين. “ذو الشهوة الشاذة” عمل لاذع ومليء بالتحديات، ويتمحور حول ابنة تنتقم لموت والدتها. رواية مين هي استكشاف معقد ومضحك في بعض الأحيان للشهوة الشاذة التي يمتلكها الرجال البيض تجاه النساء الآسيويات. بطل روايتها القاسي دانيال “ليس شخصاً مميزاً، بل مجرد واحد في سلسلة طويلة ومملة من ذوي الشهوات الشاذة – الأولاد البيض الذين يشعرون بالإثارة كلما مرت بهم فتاة آسيوية نحيلة الخصر وذات أجفان مبطنة”. في “ذو الشهوة الشاذة” تترك مين للعالم عملاً أصيلاً وقوياً للغاية. في ما يلي استعراض كامل لروايات لـ بول ثيرو، وهاورد جاكوبسون، وروشين ماغواير، وأندرو ماكميلان، إضافة إلى كتابين عن تاريخ الولايات المتحدة وصدام حسين وعن عام من يوميات النساء. تعد رواية روشين ماغواير الأولى التي تدور أحداثها في إيرلندا بمثابة استكشاف متألق للصحة العقلية والوحدة في فترة الإغلاق الذي رافق جائحة كورونا (سيربنتس تايل) سباحو الليل Night Swimmers لـ روشين ماغواير ★★★★☆ تدور أحداث الرواية الأولى المتألقة لـ روشين ماغواير “سباحو الليل” أثناء فترة الإغلاق الذي رافق جائحة كورونا في قرية باليبريدي الصغيرة الواقعة على الساحل الشرقي لإيرلندا الشمالية. إيفان، أحد “سكان البلدة” الذي لجأ إلى بلفاست بعد وفاة ابنته الرضيعة وانهيار زواجه، كان في حالة يأس عندما أنقذت غريس كيلتي حياته، وهي امرأة تبدو “مثل مشردة” ويُنظر إليها محلياً على أنها “مجنونة مثل صندوق مليء بالضفادع”. لا تزال غريس نفسها تعاني من صدمة قديمة ولم تغادر باليبريدي منذ أواخر الثمانينيات. في “سباحو الليل” تستكشف ماغواير ببراعة الصحة العقلية والوحدة والشعور بالذنب والحزن والفردية. غريس وإيفان – وابنه لوكا، الطفل الأصم البالغ من العمر ثماني سنوات والذي يشعر مثله مثل أي شخص آخر بالضياع عندما يأتي للإقامة مع والده المضطرب – كلها شخصيات لها حضور قوي. تقوم ماغواير بتجميع فريق عمل جذاب حول شخصياتها الرئيسة هذه يضم رواد الحانة؛ بيكي، صاحبة المتجر الحكيمة وذات اللسان السليط، وابنة أخت غريس اللطيفة، آبي. قصة ماغواير الآسرة مليئة باللمسات البارعة الرائعة: العلاقة الحميمة بين شخصين غير متكافئين أثناء تنظيفهما سمك البولاك سوية، وهو ما يفسر وجود اللطخة نفسها دائماً على نظارات بيكي. حتى أن الكاتبة تبرع في استخدام الرسائل النصية لإضفاء تأثير على المشهد، وهي أداة سردية قد تكون مزعجة في أيدي كتّاب أقل براعة. لقد أحببت “سباحو الليل” وأعجبت بـ غريس، التي قالت إنها “كانت تأمل بألا يكون اليأس اللعين حالة متوارثة”. أضم صوتي إلى صوتها. تصدر رواية “سباحو الليل” لـ روشين ماغواير عن دار سيربنتس تيل في 1 فبراير (شباط) وتباع النسخة الواحدة بسعر 16.99 جنيهاً استرلينياً تنقسم الرواية التي تتمحور حول لندن إلى عقود زمنية وأجزاء، يستكشف أحدها عالم نوادي الجنس غير التقليدية (جوناثان كيب) ما سيبقى منا What Will Survive of Us لـ هاورد جاكوبسون ★★★☆☆ التشابكات الرومانسية الكوميدية المأسوية والضرر الذي يلحقه الرجال والنساء ببعضهم البعض هي موضوعات متكررة في مجموعة أعمال هاورد جاكوبسون الغنية. في روايته الجديدة “ما سيبقى منا” يقيم سام كايد، الكاتب المسرحي الحائز على جوائز، علاقة غرامية في أواخر حياته مع ليلي ريدفيرن، صانعة أفلام وثائقية تلفزيونية حائزة على جوائز. تتمحور هذه الرواية حول لندن ويتردد فيها ذكر مناطق مازويل هيل وتشيلسي وكامدن ونادي غروتشو (الممل) وهي مقسمة إلى ستة أجزاء وتمتد لعقود من الزمن. يحلل كل من كايد (“رجل أشعث يحاول أن يبدو متأنقاً”) وليلي مشكلات الخيانة الزوجية والشيخوخة (أصبحت علب الأدوية الفضية الأكبر حجماً هدية مفضلة) بينما يتفاوضان حول الحياة معاً في أعقاب تفكك زواجهما وقرارهما المتردد بالزواج مرة أخرى. الرواية مليئة بالإشارات الذكية إلى أعمال أدبية والجوانب التي نتوقعها من جاكوبسون، الذي قام بتدريس اللغة الإنجليزية في جامعة ولفرهامبتون بوليتكنيك. هناك أيضاً مشهد مواجهة لا يُنسى يشمل كايد ووالده العجوز البغيض أوسيان فرويد. في جزء من الرواية، أصبح كايد وليلي متحمسين لنوادي الجنس غريبة الأطوار. خصوصيات “الأزياء المصنوعة من الجلد والمطاط” تزود جاكوبسون بنوع من اللحظات الكوميدية التي ستسعد جماهير الكاتب البالغ من العمر 81 سنة (مثل: يفرك كايد سياط ليلي بمناديل معقمة ونضبطها وهي تشكك في ما إذا كانت تستمتع حقاً بربط “امرأة خريجة كلية إيتون المرموقة عارية لا تقاوم مثل دجاجة”). لم أستمتع بالموضوع حقاً، ربما هذه ذائقتي الشخصية، لكنني فشلت أيضاً في الابتسام لنكتة حول طبيب نسائي يُدعى الدكتور أوملاوت والتلاعب بالكلمات حول ترقق جدار الرحم. أفضل إرث سيتركه هاورد جاكوبسون هو ربما أعماله الأخرى، لكن لا يزال هناك كثير مما يمكن الاستمتاع به في هذه الرواية، وبخاصة القسم الافتتاحي الذي يحمل عنوان “الآنسة بيكي”، حيث تستعرض قصة الحب بين كايد وليلي ومواجهات الإغراء الذكية بينهما بأسلوب مليء بالحيوية والرونق. وكما تقول ليلي، “لطالما كان التحدث شيئاً يفعلانه بشكل جيد”. تصدر رواية “ما سينجو منا” لـ هاورد جاكوبسون عن دار جوناثان كيب في 1 فبراير وتباع النسخة الواحدة بسعر 18.99 جنيهاً استرلينياً يقدم الشاعر المشهود له كل مواهبه اللغوية في هذه الرواية التي تتحدث عن الرجولة والحياة على الهامش (كانونغيت) شفقة Pity لـ أندرو ماكميلان ★★★★★ “الاثنين، وعطلة نهاية الأسبوع لا تزال بقايا عالقة في ذهنه”، هذه هي الاستعارة الجميلة التي ينسبها أندرو ماكميلان إلى براين بانكس وهو يتجه في وقت مبكر عند الفجر إلى عمله في منجم مظلم مخيف في السبعينيات. تعرض للسحق حتى الموت في هذه الحفرة لما كان في الـ 51 من عمره. في روايته الأولى، يستغل ماكميلان، الشاعر الشهير، كل مواهبه اللغوية لخلق لحظات فلاش باك قصيرة وذكية ترسم الحياة العملية البائسة للراوي. تدور أحداث رواية “شفقة” في مدينة بارنسلي وتمتد على مدار ثلاثة أجيال من عائلة من جنوب يوركشير، بما في ذلك بريان وابنه الذي يحمل الاسم نفسه. أما أليكس، الابن الآخر لعامل المنجم فلديه طفل وحيد اسمه سايمون يحاول شق طريقة في الحياة في بريطانيا الحديثة ويعمل في مركز للاتصال، ويجمع الأموال من عمله الجانبي في الاشتغال في الجنس، ويعيش من أجل شغفه: إحياء حفلات كفنان مثلي الجنس. من خلال تقسيم الرواية إلى وجهات نظر متعددة، تعتبر “شفقة” بمثابة نظرة رائعة على عالم تغير إلى الأبد بسبب إغلاق الحفر – وتأثير ذلك على الحياة في الهوامش وعلى الذكورة بشكل خاص. ينضح الكتاب بروح الدعابة. يسخر سايمون من مارغريت تاتشر في وصلاته الفنية – حيث يتلاعب بكلمات عبارات شهيرة من خطاب تاتشر أمام حزب المحافظين عام 1980 – وقد ضحكتُ بصوت عال على المشهد الذي يقترح فيه سايمون ووالده أسماء فنية يمكنه تبنيها كفنان مثلي، بما في ذلك مارثا سكارغيل. من خلال قصص سايمون وحبيبه رايان (الذي يسمح عمله كحارس أمن لماكميلان بالاستفادة من الحيلة الفنية الرائعة المتمثلة في استخدام كاميرات المراقبة كوسيلة لملء الخلفية بالأحداث)، يستكشف الكاتب كيف كانت حال الأشخاص المثليين الذين نشأوا في بارنسلي في حقبة مضت. رغبة سايمون بمجرد البقاء على قيد فقط توازي اختبارات التحمل اليومية التي واجهها جده. العلاقة بين أليكس وسايمون معقدة وحزينة ولا تخلو من تطور مؤثر. لقد استمتعت أيضاً بالفصول التي عنونت “ملاحظات ميدانية”، وهي ملاحظات من أكاديميين خياليين يدرسون ماضي بارنسلي؛ تفاعلاتهم مع برايان الأصغر ممتازة. تحرض هذه الجوانب على التفكير فعلاً، مما يدفعني إلى البحث عن القصص الخلفية الحقيقية لجزء من تاريخ بارنسلي المذكور، بما في ذلك متجر بوليانا للأزياء الراقية وكارثة القاعة العامة المشؤومة التي وقعت عام 1908 ودُهس فيها 16 طفلاً صغيراً حتى الهلاك وهم يحاولون الدخول لمشاهدة فيلم يعرض صبيحة يوم السبت. أشعر بالخجل من القول إنني لا أعرف شيئاً عن هذه المأساة، لكن “شفقة” توضح أن ماضي بارنسلي “مُحي وأخفي ودفن” إلى حد ما. رواية “شفقة” هي عمل رائع يقدم نظرة ثاقبة: إنها حزينة، حكيمة، تنويرية، ومتعاطفة. تصدر رواية “شفقة” لـ أندرو ماكميلان عن دار كانونغيت في 8 فبراير وتباع النسخة الواحدة بسعر 14.99 جنيهاً استرلينياً ترك الوقت الذي قضاه جورج أورويل في بورما بصمة لا تمحى عليه ككاتب وكرجل (هيميش هاميلتون) صحبة بورما Burma Sahib لـ بول ثيرو ★★★☆☆ تصادف هذه السنة الذكرى السنوية الخامسة والسبعون لصدور رواية “1984”، ويمكن إرجاع الكراهية الشديدة للسلطة والإمبريالية التي تعد جزءاً لا يتجزأ من هذه الرواية، بشكل جزئي، إلى تجارب جورج أورويل كعضو في الشرطة الإمبراطورية الهندية في بورما في عشرينيات القرن العشرين. رواية بول ثيرو، “صحبة بورما” التي تصور تلك الفترة من حياة أورويل (الذي كان معروفاً آنذاك باسم إريك بلير)، تبدأ بعبارة من رواية أورويل الأولى “أيام بورمية” Burmese Days: هناك فترة قصيرة في حياة كل فرد عندما ترسخ شخصيته إلى الأبد”. عاشت جدة أورويل لأمه في مولمين، واختار التلميذ السابق في مدرسة إيتون المرموقة وظيفة في بورما، التي كانت في ذلك الوقت لا تزال إحدى مقاطعات الهند البريطانية؛ “صحبة بورما” هي تصوير جريء وينقل أجواء حياة أورويل هناك من سن 19 إلى 24 سنة. يعيد ثيرو بذكاء بناء كيف هي حال المرء بلا شك عندما يكون شاباً وحيداً حساساً يتعرض فجأة لعالم من الجثث المقطعة والأطفال المغتصبين والكراهية الدينية – عالم يمكن فيه اتهام النساء بالسحر وإغراقهن في الآبار. يجسد ثيرو المولود في ولاية ماساتشوستس، وهو روائي وكاتب رحلات بارع، بشكل أنيق انزعاج أورويل، واشمئزازه في نهاية المطاف، لكونه جزءاً من النظام الاستعماري البريطاني الذي كان يعيش سكرات موته البطيء. صار يعتقد أن الإمبراطورية البريطانية كانت “خدعة هائلة”. من خلال الشخصية الخيالية لرجل من غلاسكو يُدعى أنغوس ماكباك، يُظهر ثيرو أيضاً خسة الضباط رفيعي المستوى الذين اعتمدوا على عضلات رجال الشرطة المتوحشين ذوي الرتب الأدنى لإبقاء السكان المحليين تحت السيطرة. وتعد الحياة الجنسية لأورويل الشاب موضوعاً بارزاً في الرواية – ربما تترك للقراء مسألة الحكم بأنفسهم على ذنبه لاستخدام عاملات الجنس الصغار جداً في بيوت الدعارة البورمية – وتظهر المواقف الفاسدة لممثلي الهند البريطانية في الطريقة التي يشار بها إلى النساء بانتظام باسم “عاهرة” ببساطة وذلك فقط من أجل متعة الضباط “المتجولين”. على كل حال، وبشكل عام كنت في نهاية المطاف غير متأكد حيال “صحبة بورما”. على رغم كل مزاياها كوصف ثاقب للطبيعة الاستبدادية للإمبراطورية البريطانية، وباعتبارها وصفاً دقيقاً ومتعاطفاً للشاب أورويل، إلا أنها لم تثر حماستي. تصدر رواية “صحبة بورما” لـ بول ثيرو عن دار هيميش هاميلتون في 22 فبراير وتباع النسخة الواحدة بسعر 16.99 جنيهاً استرلينياً يتعمق كتاب “فخ أخيل” الذي يمتد على أكثر من 500 صفحة، في قصة ما قبل غزو العراق (ألين لين) فخ أخيل: صدام حسين، الولايات المتحدة والشرق الأوسط، 1979-2003 لـ ستيف كول ★★★★☆ يبدو أن جورج بوش وتوني بلير لم يقضيا كل الوقت الذي أمضياه سوية في مناقشة ما إذا كان العراق يمتلك فعلاً أسلحة دمار شامل. ومن الغريب، وفقاً لستيف كول في كتاب “فخ أخيل: صدام حسين والولايات المتحدة والشرق الأوسط، 1979-2003″The Achilles Trap: Saddam Hussein, the United States and the Middle East, 1979-2003 أن العلاقة بينهما تشكلت على خلفية مشاهدة الفيلم الكوميدي العائلي “قابل الوالدين” Meet the Parents من بطولة بن ستيلر. وقال بوش إن استمتاع بلير بالفيلم أثبت أنه ليس “شخصاً يمتلك ذائقة جامدة”. على رغم أن ملحمة أسلحة الدمار الشامل المثيرة للجدل واردة في الكتاب، إلا أن “فخ أخيل” هو في الأساس دراسة للجغرافيا السياسية الفاشلة التي أدت إلى الحرب وسقوط صدام حسين. يتعامل كول، الحائز على جائزة بوليتزر وعميد كلية الدراسات العليا للصحافة في جامعة كولومبيا، مع صعود صدام إلى السلطة و”التعاون الخفي مع وكالة الاستخبارات المركزية”، ويؤرخ عهده المروع من التعذيب والقتل. من بين الصفات المستخدمة لوصفه “الماكر، المتوهم، الغاضب، المنغلق، الهستيري، المتقلب والقاسي”. أحد الأشياء الغريبة التي تعلمتها من الكتاب هو أن صدام كان يعتبر الأدب المتخيل “أداة للدعاية”، وكتب روايات عدة بنفسه، بما في ذلك “القلعة المحصنة” The Fortified Castle التي وصفها أحد العلماء في ما بعد بأنها “قراءة مملة ومتكررة بشكل خاص”. من الصعب أن نحسد أي ناقد أدبي عراقي اضطر إلى إعطاء تقييمه لمنشورات صدام. يعتبر “فخ أخيل”، الذي يزيد طوله على 500 صفحة، عملاً تاريخياً حديثاً بارعاً: مكتوب بشكل جيد، وحكيم، ويحتوي على بحث شامل. من المنطقي إذاً أنه لا يصور القادة الغربيين فيه بشكل جيد. إذا أردتم مثالاً عن مدى تنازل السياسيين البريطانيين وإفلاسهم الأخلاقي عند التعامل مع صدام، يستشهد كول بحالة الصحافي المستقل فرزاد بازوفت الذي كان مقيماً في بريطانياً وشنق بعمر 31 سنة عام 1990 بتهمة التجسس. قال صدام إنه “أعدم كعقاب لمارغريت تاتشر” ولموقفها المناهض للعراق. يستشهد كول بالسجلات البريطانية التي رفعت عنها السرية ليشير إلى نصيحة وزير الخارجية دوغلاس هيرد، بعد خمسة أيام من مقتل بازوفت، حيث نصح تاتشر بعدم قطع التجارة مع العراق. كتب هيرد بنبرة ماكرة: “سيكون من دواعي سرور منافسينا أن يأخذوا حصتنا من السوق”. يصدر كتاب “فخ أخيل: صدام حسين، الولايات المتحدة والشرق الأوسط، 1979-2003” لـ ستيف كول عن دار ألين لين في 27 فبراير وتباع النسخة الواحدة بسعر 35 جنيهاً استرلينياً “أصوات سرية” دليل مثير للاهتمام وسهل القراءة للغاية لتجارب النساء على مدى القرون الأربعة الماضية (باتسفورد) أصوات سرية: عام من يوميات النساء Secret Voices: A Year of Women’s Diaries تحرير سارة غريستوود ★★★☆☆ لطالما تكون الكتب التي ترغب في الانغماس فيها متعة خالصة، وكتاب “أصوات سرية: عام من يوميات النساء”، الذي يضم مشاركات مرتبطة بالتواريخ من أكثر من مئة كاتب يوميات، هو دليل مثير للاهتمام وسهل القراءة للغاية لتجارب نساء على مدى القرون الأربعة الماضية. هناك ظهور متكرر لبعض كتاب اليوميات – بمن فيهم باربرا بيم، آن فرانك، سيلفيا بلاث، وجورج إليوت – لكن يمكن العثور بشكل عشوائي على كثير من الجواهر النادرة. هناك روح الدعابة: تنسى عائلة لويد جورج عيد ميلاده؛ وتسمع إيما طومسون كايت وينسلت وألان ريكمان وهما يمزحان حول اشتكاء الممثلة من أنه “يا إلهي، لقد انحشر سروالي الداخلي في مؤخرتي” – إلى جانب رؤى مذهلة حول العوالم الخفية للسلطة. على سبيل المثال، تأتي إحدى التدوينات الكاشفة التي تحمل تاريخ 2 يوليو (تموز) من عام 1956 من الناشطة السياسية سينثيا غلادوين، التي فضحت مذكراتها العائلة المالكة. كتبت غلادوين: “الليلة تناولنا العشاء السنوي مع عائلة ويندسور… كان الحفل في المقام الأول أميركياً، وضم السيدة دوناهو، [صاحبة متاجر] وولوورث الغنية جداً والتي تدفع جزءاً كبيراً من تكاليف حياة عائلة ويندسور. إنها والدة دوناهو مثلي الجنس، التي أوجدت الدوقة له مثل هذا الشغف المشين منذ عامين أو ثلاثة أعوام، وأصبحت خلالها وقحة وبغيضة وغريبة. يتكون لدى المرء انطباع بأنها إما مخدرة أو في حالة سكر. أمضت كل وقتها مع شاب مخنث، وبقيت في النوادي الليلية حتى الفجر وأرسلت الدوق إلى منزله مبكراً. ’اغرب عن وجهي أيها البعوضة‘ – يا لها من طريقة لمخاطبة الرجل الذي كان ملك إنجلترا ذات يوم! وأخيراً، يُزعم أن صديق دوناهو قال له ’إما هي أو أنا‘، ولذلك تخلص من الدوقة”. يصدر كتاب “أصوات سرية: عام من يوميات النساء” من تحرير سارة غريتسوود عن دار باتسفورد في 29 شباط وتباع النسخة الواحدة بسعر 25 جنيهاً استرلينياً © The Independent المزيد عن: أحدث إصدارات الكتبأخبار بريطانياقراءة الكتب 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post وثائق إيرانية مسربة 5: رسالة سرية من مدعي عام طهران عن مسيح علي نجاد next post صاحب “سيد الخواتم” جمع العقلانية بالخيال والعلم You may also like أول ترشيحات “القلم الذهبي” تحتفي بالرعب والفانتازيا 17 نوفمبر، 2024 شعراء فلسطينيون في الشتات… تفكيك المنفى والغضب والألم 17 نوفمبر، 2024 “بيدرو بارامو” رواية خوان رولفو السحرية تتجلى سينمائيا 16 نوفمبر، 2024 دانيال كريغ لا يكترث من يخلفه في دور... 16 نوفمبر، 2024 جاكسون بولوك جسد التعبيرية التجريدية قبل أن يطلق... 16 نوفمبر، 2024 المخرج والتر ساليس ينبش الماضي البرازيلي الديكتاتوري 16 نوفمبر، 2024 الحقيقة المزعجة حول العمل الفائز بجائزة “بوكر” لهذا... 16 نوفمبر، 2024 فرويد الذي لم يحب السينما كان لافتا في... 16 نوفمبر، 2024 يونس البستي لـ”المجلة”: شكري فتح السرد العربي على... 15 نوفمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 15 نوفمبر، 2024