X FILEعربي أزمة قيادة تنذر بعسكرة الولايات المتحدة by admin 14 سبتمبر، 2021 written by admin 14 سبتمبر، 2021 271 العلاقة المدنية- العسكرية المتصدعة في أميركا تهدد الأمن القومي اندبندنت عربية \ ريسا بروكس – جيم غولبي – هايدي أوربن حينما غادر الرئيس الأميركي دونالد ترمب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) تنفس الصعداء كثيرون من المهتمين بوضع العلاقات المدنية – العسكرية في الولايات المتحدة. لم يكن يجدر بهم أن يفعلوا ذلك. صحيح أن ترمب استخدم العسكريين مصدراً للدعم السياسي، فأشار إلى بعض قياداته كـ”جنرالاتي أنا” وواجه البنتاغون (وزارة الدفاع) لأنه تباطأ في تنفيذ محاولاته سحب القوات من ميادين القتال حول العالم. في المقابل، لم تبدأ مع ترمب تلك المشاكل العميقة في العلاقة بين ضباط القوات المسلحة والمسؤولين المنتخبين، وكذلك فإنها لم تنتهِ حين باشر جو بايدن مهامه رئيساً للبلاد. في ذلك الصدد، تضرب السيطرة المدنية على العسكريين جذورها في عمق دستور الولايات المتحدة، الذي يعتبر أن القوات المسلحة مسؤولة أمام الرئيس والهيئة التشريعية [البرلمان]. وبدءاً من عام 1947، بنى الكونغرس مؤسسات قوية صُمّمت بهدف الحفاظ على تلك العلاقة. في المقابل، تدهورت سيطرة المدنيين بصمت لكن بوتيرة ثابتة، على امتداد العقود الثلاثة الأخيرة. وربما لا يزال كبار الضباط يتّبعون الأوامر ويتجنبون العصيان العلني، لكن نفوذهم قد تنامى، فيما تعثّرت آليات الرقابة والمساءلة أيضاً. وحاضراً، يشعر الرؤساء بالقلق حيال المعارضة العسكرية لسياساتهم، إذ يتوجّب عليهم أن يحسبوا حساباً للمؤسسة التي تطبق في شكل انتقائي ما يصدر إليها من توجيهات تنفيذية [بمعنى أنها صادرة عن السلطة التنفيذية التي يقودها الرئيس]. وغالباً ما يعمل القادة العسكريون غير المنتخبين على تحديد خيارات المدنيين أو تصميمها بحيث يتمكن الجنرالات من إدارة الحروب وفق ما يرونه مناسباً. وبالتالي، لا تتصل السيطرة المدنية بمجرد تحدي القادة العسكريين الأوامر علانية أو رغبتهم في إطاحة الحكومة. بالأحرى، إنها تتعلق أيضاً بمدى قدرة القادة السياسيين على بلوغ الأهداف التي انتخبهم الشعب الأميركي كي يحققوها. وفي ذلك الصدد، ليست السيطرة المدنية ثنائية [بمعنى أنها إما تكون موجودة كسيطرة كلية وإما تنعدم تماماً]، بل تقاس بالدرجات. ومع الأخذ في الاعتبار أن العسكريين يغربلون المعلومات التي يحتاج إليها المدنيون وينفذون الأوامر التي يُصدرها المدنيون، فبوسعهم ممارسة تأثير كبير في صناعة القرار المدني. وحتى لو بقيت الكلمة الأخيرة في أيدي المسؤولين المنتخبين، إلا أنهم يتمتعون بقليل من السيطرة العملية على الأمور طالما تولى الجنرالات إملاء الخيارات كافة أو إبطاء عملية تنفيذها، على غرار ما يفعلون هذه الأيام في غالب الأحيان. واستطراداً، تشكل عملية إعادة ضبط هذه العلاقة المتصدعة مهمة شاقة. إذ تتطلب أن يتابع الكونغرس دوره الرقابي متابعة حثيثة، ويُخضع العسكريين للمساءلة، بغض النظر عمّن يقطن في البيت الأبيض. وتتطلب أيضاً أن يوظف وزراء الدفاع كوادر مدنية تتمتع بالمهارة مؤلفة من أشخاص يُعيّنون لأسباب سياسية إلى جانب موظفي خدمة مدنية. في المقابل، يكمن الأمر الأكثر أهمية في أن عملية إعادة ضبط تلك العلاقة تحتاج إلى جمهور منتبه ومستعد أن يحاسب العسكريين والقادة المدنيين على حد واحد وسواء. الفردوس المفقود ليس من الصعب إيجاد أدلة تشير إلى تراجع السيطرة المدنية على العسكريين. وعلى امتداد العقود القليلة الماضية، أحبط كبار القادة العسكريين بانتظام قرارات رئاسية حول السياسة العسكرية أو أخَّروا تطبيقها. على تلك الشاكلة، ساعد كولن باول في 1993، حينما تولى رئاسة هيئة الأركان المشتركة، على منع الرئيس بيل كلينتون من إنهاء السياسة التي حَظرت على المثليين الالتحاق بالقوات المسلحة، الأمر الذي أدى الى حل وسط، بات غير موجود حالياً، تَمثَّل آنذاك بعبارة “لا تسأل، لا تُخبِرْ”. وكذلك اشتكى الرئيسان باراك أوباما وترمب حصار الضباط لهما عبر تقليص الخيارات العسكرية المتاحة وتسريب معلومات، وأجبروهما أيضاً على قبول زيادة في عدد القوات مع أنهما لم يكونا يؤيدان ذلك. وتذكيراً، لقد أشار جنرالات أوباما إلى أنهم لن يقبلوا بأقل من اتخاذ الإجراءات اللازمة بهدف مكافحة التمرد في أفغانستان مكافحة شرسة، على الرغم من معارضة البيت الأبيض ذلك. وفي وقت لاحق، أقال أوباما الجنرال ستانلي ماكريستال من منصبه كقائد للقوات الأميركية في أفغانستان أثناء تلك الفترة، بعدما استخفّ أعضاء في هيئة الأركان العامة بمسؤولي البيت الأبيض في سياق تصريحات أدلوا بها إلى مراسل صحافي. في سياق موازٍ، رأى ترمب أن كبار القادة العسكريين يقاومون أوامره بسحب القوات من أفغانستان وسوريا. وعلى الرغم من أن تلك الإجراءات كانت وعوداً مهمة تُعتبر علامات مميزة في حملته الانتخابية، فقد اضطر ترمب إلى التراجع عنها في النهاية حينما أبلغه القادة العسكريون أنهم غير قادرين على تنفيذها، وأنها سياسات من شأنها أن تلحق الأذى بالأمن القومي. وبالطبع، لا ينال القادة العسكريون كل ما يريدونه على الدوام، غير أنهم غالباً ما يحصلون على أكثر مما يستحقون. ويتّسع نطاق صلاحياتهم كي يشمل نطاقاً أوسع من تلك القرارات التي تتصدر عناوين الصحف وتكون متعلقة بنشر القوات خارج البلاد أو تقليص عديدها. ويتجلى نفوذ العسكريين مئات المرات يومياً من خلال المناورات البيروقراطية داخل وزارة الدفاع الأميركية، والمناقشات المتعلقة بالسياسات في البيت الأبيض وأيضاً الإدلاء بشهاداتهم في مبنى الـ”كابيتول هيل” [مقر الكونغرس]. وربما أكثر من أي شيء آخر، تتولّى تلك التفاعلات العادية الرتيبة، توجيه عملية صنع القرارات بعيداً عن المدنيين في مكتب وزير الدفاع، بل تدفع بها نحو أصحاب البزّات العسكرية. ومثلاً، غالباً ما يستبق القادة العسكريون في البنتاغون التحليل والنصيحة التي تقدمها الكوادر المدنية، عبر إرسال مقترحاتهم مباشرة إلى وزير الدفاع، متجاوزين العملية المعقدة التي تقضي بإجازة عرضها، والتي يجب أن يتدبر الموظفون المدنيون أمرها. وإلى جانب ذلك، توجد إشارات تدل على تآكل السيطرة المدنية خارج البنتاغون أيضاً. ونادراً ما يطالب الكونغرس أيضاً بأن ينحني العسكريون أمام السلطة المدنية التي تعمل بدلاً من ذلك على إلقاء ثقلها بشكل انتقائي ولأسباب حزبية. ومثلاً، اقترح بعض المعلقين إضافة إلى عضو واحد في الكونغرس في الأقل، في أيام إدارة أوباما، وجوب استقالة مارتن ديمبسي الذي تولى آنذاك رئاسة هيئة الأركان المشتركة، وذلك احتجاجاً منهم على طريقة تعامل الرئيس مع الحملة الرامية إلى دحر تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف أيضاً بـ”آي أس آي أس” [الدولة الإسلامية في العراق وسوريا]. وحينذاك، تمثّل الهدف من تلك المطالبة في استعمال دور ديمبسي بوصفه كبير مستشاري الرئيس العسكريين، كوسيلة للتأثير في معركة حزبية حول سياسة أوباما الخارجية. وفي عهد ترمب، هلّل عدد من الديمقراطيين لجنرالات متقاعدين ومن لا يزالون على رأس عملهم، ممن رفضوا الانصياع إلى قرارات الرئيس. وتضم صفوف أولئك الرافضين الذين تصرفوا بحكمة كأنهم “البالغون الوحيدون بين مجموعة من الأشخاص غير الناضجين”، جيمس ماتيس (وزير الدفاع) ، وجون كيللي (وزير الأمن الداخلي ثم رئيس موظفي البيت الأبيض)، وأتش آر ماكماستر (مستشار ترمب للأمن القومي). وفي حالة قصوى، حثّ بعض معارضي ترمب كبار القادة العسكريين على التفكير في إزاحة الرئيس من منصبه. وفي أغسطس (آب) 2020، كتب جون ناغل وبول ينغلينغ، وهما من جنرالات الجيش المتقاعدين المعروفين جيداً، رسالة مفتوحة إلى مارك ميللي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، يطلبان منه فيها أن يخلع الرئيس إذا رفض أن يغادر منصبه بعد خسارته انتخابات 2020. وعلى الرغم من أن تلك الجهود ربما طمأنت من يشعرون بالقلق بشأن سياسات ترمب التي تعاني الفوضوية والغرابة، فإنها قوّضت السيطرة المدنية من خلال اقتراح أن مهمة العسكريين تتمثل في إبقاء السلطة التنفيذية تحت السيطرة. وحينما يؤيد السياسيون التمرد العسكري الذي يصبّ في مصلحتهم، فإنهم يلحقون الأذى الطويل الأمد بمبدأ الأسبقية المدنية. ولقد أصبحت الرقابة ذاتها مُسيَّسة أيضاً. فبشكل متزايد، يستعين السياسيون بمن لديهم خبرة عسكرية كي يديروا البنتاغون. هكذا، قرّر ترمب تعيين الجنرال المتقاعد ماتيس، وزيراً للدفاع، وفعل بايدن الشيء نفسه حين أسند المنصب نفسه إلى لويد أوستن. وفي الحالتين كلتيهما، توجّب على الكونغرس أن يتنازل عن شرط تقاعد الضباط مدة سبع سنوات في الأقل، قبل السماح لهم بالإمساك بأرفع منصب في الوزارة. وتذكيراً، لقد صُممت تلك القاعدة [التقاعد سبع سنوات] التي جرى تجاوزها مرة وحيدة فيما مضى، من أجل إعطاء الأولوية [للفوز بمنصب وزير الدفاع] للضباط الذين تفصلهم مسافة أبعد عن العقلية والشبكات الاجتماعية المرتبطة بالخدمة العسكرية. وفي الصورة المثالية، ينبغي أن يقدر وزراء الدفاع على العمل بارتياح كمدنيين، لا كجنود. وبالتالي، فقد مَثَّل ترشيح ماتيس وأوستن قطيعة مع تقاليد وقوانين طُبّقَتْ لأكثر من سبعة عقود. إذ بدأت مع إصلاحات عام 1947 التي نصَّتْ على أن وزير الدفاع لا يمكن أن يكون جنرالاً تقاعد قبل فترة قصيرة. واستكمالاً، لا يوجد سبب واضح يدعو إلى الاعتقاد بأن أولئك الذين يتمتعون بخبرة عسكرية يكونون أكثر ملاءمة للسيطرة على القوات المسلحة بالنيابة عن الكونغرس أو الرئيس، فيما يوجد عدد من الأسباب للاشتباه في عكس ذلك. إذ يتعلم الجنود في الخدمة العسكرية اتباع الأوامر، وليس التدقيق والتمحيص في مضامينها وأبعادها، وفق ما يجدر بمسؤول في مجلس الوزراء أن يفعل. علاوة على ذلك، يجري تعليم العسكريين، بشكل مثالي، أن ينأوا بأنفسهم عن الجدال الحزبي، بينما يتطلب عمل الوزير أن يتمتع بخبرة ومهارة حزبية جيدتين. ومع ذلك، ووفق ما يُظهر تعيين ماتيس وأوستن، تتحول الخدمة العسكرية في الوقت الحاضر، اختباراً حاسماً في الحصول على وظائف تتصل بسياسة وزارة الدفاع التي تولاها مدنيون بشكل تقليدي، حتى في الأوقات التي تكون أهميتها أدنى [بالمقارنة مع أوقات أخرى]. في تلك الأثناء، فشل الجمهور في الإصرار على أن يتولى القادة المنتخبون محاسبة العسكريين. إذ يفضل عدد من الأميركيين أن يضعوا العسكريين على قاعدة حجرية كالتي تقف عليها التماثيل، ويتأملوهم من بعيد. وأصبح ترديد شعار “ادعموا قواتنا” بديلاً عن أداء الواجب الوطني الذي يقضي بمساءلة المؤسسة التي تخدمها تلك القوات. وحاضراً، تُبدي أعداد كبيرة من المواطنين تردداً حتى في مجرد الإفصاح عن آرائهم أثناء إعطائهم ردوداً على أسئلة الاستبيانات عن القوات المسلحة، وأكثر من ذلك بكثير حينما يتعلق الأمر بانتقاد القادة العسكريين. وفي استطلاع أجرته مؤسسة “يو غوف” عام 2013، اختار في شكل منتظم ما يتراوح بين 25 و30% من المشاركين المدنيين الذين لم يخدموا في القوات المسلحة، الإجابة بـ”لا أعرف” أو “لا رأي لديَّ”، كرد على أسئلة تتعلق بالعسكريين. وفي أفضل الأحوال، تُحصِّن تلك الإجابات القوات المسلحة من الخضوع للتدقيق، وكذلك فإنها تمنح في أسوأ الأحوال، تصريحاً لها [القوات المسلحة] كي تتصرف بلا مبالاة كمن يعرف أن العقاب لن يطاوله. وجسّد مؤتمر صحافي عقد في البيت الأبيض عام 2017 تلك الميزة الاستثنائية. فخلال مناقشة اتصال أجراه ترمب مع أرملة جندي قتيل بغرض تعزيتها، رفض كيلي الذي خدم في القوات المسلحة ما يزيد على أربعة عقود ولقي ابنه مصرعه في حرب أفغانستان، السماح للصحافيين الذين لم يعرفوا شخصاً فقد أحد أفراد عائلته في القتال، بطرح أسئلة. وكذلك ألقت سارة هكابي ساندرز التي شغلت منصب السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض حينذاك، اللوم على صحافيين نظراً إلى أنهم تجرأوا على التشكيك بالجنرال كيلي [إذ اتُّهِمَ بمجافاة الحقيقة أثناء حديثه عن النائبة الديمقراطية فيديركا ويلسون]. وأوردت هكابي ساندرز أن الجدال مع “جنرال من مشاة البحرية من فئة أربعة نجوم” يشكّل أمراً “غير مناسب على الإطلاق”. قصة المنشأ من المستطاع رد أسباب التدهور في العلاقات المدنية – العسكرية في جزء منها إلى التغييرات المؤسّساتية. ففيما تحولت الولايات المتحدة إلى قوة عالمية، طوّر القادة المنتخبون بنية بيروقراطية تتولى إدارة القوات المسلحة على أساس يومي. وحين بات من الواضح في بداية “الحرب الباردة” أن مؤسسة الدفاع الأميركية قد أصبحت أكبر من أن يستطيع الرئيس أو المشرعون السيطرة عليها بأنفسهم، أقرّ الكونغرس “قانون الأمن القومي” عام 1947. ولقد أسّس ذلك القانون الكيان الذي سيصبح في نهاية الأمر وزارة الدفاع، ووضع على رأسها وزير دفاع مدني، من شأنه أن يغنيها بالخبرة في إدارة السياسات البيروقراطية والمحلية. سيتولى ذلك الشخص الوظيفة الحصرية المتمثلة في ضمان أن تكون النشاطات العسكرية متوائمة مع أهداف الأمة التي يحددها القادة السياسيون المنتخبون. ومنح الكونغرس الوزير كوادر مدنية مؤلفة من أفراد يمكنهم أن يستفيدوا من خبراتهم في الحكومة والأعمال التجارية والميدان الأكاديمي. وفي 1986، أبطل الكونغرس من دون قصد أشياء كثيرة في ذلك القانون. ففي ذلك العام، أجرى الكونغرس إصلاحاً واسعاً في قانون 1947، عبر إقرار “قانون غولدووتر– نيكولاس لإعادة تنظيم وزارة الدفاع” الذي جرّد القادة المدنيين من سلطات وموارد كثيرة كي يعطيها إلى نظرائهم العسكريين. ومنذ إقرار ذلك القانون، حلّت كوادر عسكرية كبيرة تملك موارد جيدة، بديلاً من المدنيين في وزارة الدفاع وبقية القطاعات الحكومية. ومثلاً، يعتمد السفراء وغيرهم من المسؤولين المدنيين في أحيان كثيرة حاضراً، على القيادات المقاتلة الإقليمية التابعة للقوات المسلحة من أجل تزويدهم بالموارد التي تلزمهم في أداء وظائفهم، بما في ذلك الطائرات والدعم اللوجيستي. وتتحمل القيادات المقاتلة الإقليمية أيضاً مسؤوليات تتجاوز الحدود الوطنية، ما يخولهم صلاحيات دبلوماسية فعلية بحكم الأمر الواقع، ويتيح لهم أيضاً إجراء اتصالات متكررة لا تقتصر على نظرائهم العسكريين في الخارج، بل تشمل قادة الحكومات الأجنبية. وبالتالي، تزايدت أعداد المسؤولين العسكريين ممن يديرون برامج المساعدة والتعاون الأمني وتنامى نفوذهم، ما أسهم في تعزيز عملية تهميش نظرائهم المدنيين في وزارة الخارجية. السيطرة المدنية على العسكريين عميقة الجذور في دستور الولايات المتحدة. وعلى نحوٍ مماثل، بات من الحقائق البديهية في نسيج الأمن القومي أن يعاني الدبلوماسيون نقصاً في التمويل، بالمقارنة مع العسكريين. ووصل الأمر إلى حد أن حذّر وزراء دفاع سابقون تشمل صفوفهم ماتيس وروبرت غيتس، الكونغرس من مخاطر نقص تمويل وزارة الخارجية. في المقابل، لم يفعل أحدٌ شيئاً على الإطلاق حيال ذلك. ومن دون إجراء محاولة جادة في إعادة التوازن، فلن تؤدي الأفضلية التي تتمتع بها المؤسسة العسكرية في الكوادر والموارد، إلا إلى زيادة تقويض السيطرة المدنية، ما سيوفر للعسكريين مزيداً من السرعة والقدرة اللتين يمكنهم الاستفادة منهما أثناء المعارك البيروقراطية بشأن وضع السياسات وتطبيقها. وفي الوقت نفسه، أُفرِغَتْ عمليات السيطرة المدنية ضمن وزارة الدفاع نفسها، من محتواها. وفي السنوات الأخيرة، واجه البنتاغون صعوبات جمة في تجنيد موظفين مدنيين مسؤولين عن الرقابة على العسكريين النظاميين، وكذلك الحال بالنسبة إلى الاحتفاظ بهؤلاء الموظفين وإدارتهم. وتعود تلك التحديات إلى شح الاستثمارات في أماكن العمل المدنية. وفي ذلك السياق، لا يتوفر سوى قليل من التدريب الممنهج الموجّه إلى إعداد مسؤولين مدنيين من أجل أداء مهامهم، بل غالباً ما يُزج بهم في أعماق البنتاغون ويُتْرَكون حتى يغرقوا أو يسبحوا. وعلى العكس من ذلك، يستطيع من يخدمون في القوات المسلحة، الاستفادة من برامج التعليم العسكري المهنية الشاملة، إضافة إلى فرص التطوير الأخرى، طوال حياتهم المدنية. ومع حلول 2018، تدهور ذلك الوضع إلى درجة استنتجت فيها “لجنة استراتيجية الدفاع الوطني”، المؤلفة من أعضاء في الحزبين [الجمهوري والديمقراطي] التي عينها الكونغرس، أن الافتقار إلى أصوات مدنية تسهم في صنع القرار المتعلق بالأمن القومي، عمل على “تقويض مفهوم السيطرة المدنية”. وكذلك من المؤكد أن تلك المشاكل صارت أكثر حدّة خلال إدارة ترمب، حين بات البنتاغون يعجّ بمسؤولين مدنيين غير ثابتين يعملون بالنيابة وفي وظائف شاغرة. في المقابل، لقد تقلص الحضور المدني هناك [في البنتاغون] قبل تسلم ترمب زمام السلطة بوقت طويل. ممارسة السياسة أدى الاستقطاب الحزبي إلى تقويض السيطرة المدنية، إذ ارتفع معدل التقدير الذي يحظى به العسكريون مِنْ قِبَل الجمهور إلى مستويات عالية في أعقاب ضربات 11/9، ولاحظ السياسيون ذلك. وبات القياديون المُنتَخَبون مستعدين بشكل متزايد أن يتجاهلوا المعايير المدنية – العسكرية، ويتجنبوا الرقابة الجادة والمُساءلة، ويشجعوا تمنّع العسكريين عن الخضوع [للسيطرة المدنية]، كي يسجّلوا [المُنتَخَبون] نقاطاً سياسية ضد خصومهم السياسيين. وحاضراً، يحاول السياسيون في الحزبين الرئيسين الاستفادة من هيبة العسكريين كي يحموا أنفسهم من النقد وهجمات منافسيهم. ويشكّل ذلك غالباً استراتيجية مجانية، نظراً إلى الشعبية التي يحظى بها العسكريون. وغالباً ما يزعم المرشحون في إطار الحملات الانتخابية أن القوات تفضلهم على خصومهم. في ذلك السياق، حمل أحد إعلانات ترمب في [الانتخابات الرئاسية] 2020 شعار “ادعموا قواتنا”، فيما استشهد بايدن باستطلاع للرأي في صحيفة “الأزمنة العسكرية” يظهر أنه هو الذي يحظى بدعم العسكريين. وعلى الدوام، يسعى المرشحون إلى كسب تأييد الجنرالات المتقاعدين بل يستخدمونهم رأس حربة في الهجوم على خصومهم السياسيين. على تلك الشاكلة، عمد مايكل فلين خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في 2016، وهو مستشار ترمب الذي كان في ذلك الحين قد قضى مجرد سنتين خارج الخدمة، إلى انتقاد هيلاري كلينتون مُنافِسَة ترمب، وشجّع الحشد على ترديد هتاف “احبسها”. وفي أكثر من مرّة، ألقى ترمب إبّان ولايته الرئاسية خطابات لها طابع حزبي قوي أمام جمهور من عسكريين نظاميين يرتدون زيّهم الرسمي. وذات مرّة، خاطب ضباطاً في “قاعدة ماكديل الجوية”، مشيراً إلى أنه “لقد أجرينا انتخابات رائعة، أليس كذلك؟ ورأيت تلك الأرقام، وأنتم مثلي وأنا مثلكم، وأنتم تحبونني، وأنا أحبكم”. ومنذ فترة، يحاول بعض قدامى المحاربين في زمن ما بعد هجمات 9/11 ممن يرشحون أنفسهم لاحتلال منصب ما، الاستعانة بتفاصيل مستمدة من تجربتهم تلك، من أجل بث الفرقة بين من أدّوا الخدمة العسكرية، ومن لم يؤدوها، مستندين إلى مقاطع فيديو مغرقة في المبالغة. وفي 2020، أطلق دان كرينشو، عضو في الكونغرس عن الحزب الجمهوري عمل سابقاً من أفراد “نايفي سيل” (قوات العمليات الخاصة التابعة لسلاح البحرية الأميركي)، إعلاناً موضوعه مستوحى من فريق “المنتقمون” الخيالي [المؤلف من الأبطال الخارقين في القصص المصورة الأميركية]، بعنوان “تلقيم تكساس من جديد”، تظهر فيه مروحيات وطائرات مُقاتلة يهبط كرينشو نفسه بالمظلة من إحدى الطائرات. محطة مترو “بنتاغون سيتي” في واشنطن (رويترز) وفي أغلب الأحيان، يجري تجاهل لحظات التسييس الأقل فظاعة على غرار ارتداء الرؤساء سترات “بومبر” الجلدية [شبه سترة طواقم الطائرات القاذفة في الحرب العالمية الثانية] وبدلات الطيران، أثناء إلقائهم خُطباً عامة أمام جمهور عسكري، أو المغامرة بالذهاب إلى “ويست بوينت” بهدف إلقاء كلمات رئيسة في السياسة الخارجية بدلاً من تقديمها في جامعة مدنية. وبالتالي، تعزّز كل تلك المظاهر الاعتقاد بأن الخدمة العسكرية أرفع مقاماً من أنواع الخدمة العامة الأخرى. وعلى الرغم من أن السياسيين يحاولون الحصول على ميزة انتخابية من خلال سلوك كهذا، فما يفعلونه في الواقع يؤدي إلى تقويض صلاحيتهم هُمْ بالذات في نهاية الأمر. إذ يُعَلِّم السياسيون الجمهور عبر الاحتفاء بالقوات المسلحة أن يتوقع من المسؤولين المنتخبين تقديم تنازلات للقادة العسكريين أو الإذعان لهم، في قرارات مهمة. واستطراداً، تحفز تلك الديناميكية نفسها القادة المدنيين على تشجيع الضباط أن يؤدوا الخدمة العسكرية بحكمة كما لو أنهم البالغون الوحيدون بين مجموعة أشخاص غير ناضجين، وكذلك مقاومة أو معارضة سياسات خصومهم الحزبيين أو الاستقالة احتجاجاً على أمر قانوني صادر عن الرئيس المنتخب. وعلى الرغم من إمكانية وجود مزايا قصيرة المدى في مثل ذلك السلوك (وبافتراض أن القادة العسكريين مصيبون، بالطبع)، يؤدي ذلك الأمر إلى تخريب المبدأ الأوسع الذي يقضي بوجوب أن يتّبِعَ المدنيون السياسات التي جرى انتخابهم كي يتولوا تطبيقها. وفي سياق مماثل، أدت المؤسسة العسكرية أيضاً دوراً في تدهور السيطرة المدنية. ويرجع أحد أسباب ذلك إلى تآكل أخلاقيات الحياد لدى الأحزاب. وفي حين أن معظم الضباط الكبار لم يتعاطفوا مع أي حزب سياسي قبل عام 1976، صار نحو ثلاثة أرباع أولئك الضباط يفعلون ذلك اليوم، بحسب استبيانات أُجريتْ مع كبار الضباط ممن التحقوا بكليات حربية مختلفة بين عامي 2017 و2020. وكذلك يشعر عديد من العسكريين العاملين بالارتياح عند طرح تعليقاتهم السياسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي على جمهور واسع. ومن شأن تلك الصراحة أن تجعل وجوه جنود الأجيال السابقة تحمر خجلاً. إن الجنرالات المتقاعدين ممن يتعاطون السياسة، خصوصاً من خلال الإعلان عن تأييد المرشحين أثناء حملاتهم الانتخابية، يعزّزون الانطباع لدى العسكريين النظاميين بأن الانقسامات الحزبية تمزّق القوات المسلحة. وإلى حد بعيد، لقد أخفق القادة العسكريون الكبار في معالجة ذلك السلوك. إذ اكتفوا إما بإشاحة وجوههم عنه وإما اعتبار أنه عائد إلى عدد قليل من التفاح الفاسد. وعلى الرغم من ذلك، يؤدي صمتهم إلى جعل الانتماء الحزبي بين العسكريين أمراً طبيعياً، فيما يخلص أولئك الموجودون في الخدمة العسكرية إلى أنه من المقبول تأييد أحد الأطراف السياسية علناً. وفي ذلك الصدد، وجدت استطلاعات للرأي جرت أخيراً وشملت ضباطاً كباراً أثناء ترؤسهم أعمالهم، أن ثلثهم تقريباً قد لاحظوا أن زملاءهم يقدمون أو يشاركون تعليقات تنمّ عن الاستخفاف بالمسؤولين المنتخبين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي. في سياق مُشابِه، من شأن من يخدمون في القوات المسلحة أن يجعلوا السيطرة المدنية أكثر صعوبة حين يتصرفون كأنهم أرفع مستوى من نظرائهم المدنيين. وتُظهر البحوث على الدوام أن عديداً من أفراد القوات المسلحة يعتقدون أن القرار الذي اتخذوه بشأن الالتحاق بالخدمة العسكرية النظامية يجعلهم متفوقين من الناحية الأخلاقية على أولئك الأميركيين ممن لم يتخذوا القرار نفسه. ويفيد استقصاء أجراه معهد الأبحاث” نورك” في 2020 بأن ذلك الإحساس بالتفوق يشمل حتى أولئك الأميركيين الذين يقومون بأعمال تنطوي على مخاطر كبيرة. إذ يشعر عسكريون أنهم أرفع أخلاقياً من الأطباء الذين يكافحون الجائحة أو الدبلوماسيين المنهمكين في تأدية مهام شاقة في مناطق تشهد قتالاً. وفي حالات قصوى، يشكّك العسكريون في شرعية المدنيين الذين يمارسون الرقابة عليهم، خصوصاً إذا كانوا يشّكون في أن أولئك القادة لا يشاطرونهم وجهات نظرهم الحزبية. واستكمالاً لتلك المشهدية، ثمة عامل آخر يسهم في تقويض السلطة المدنية، يتمثّل في تعلّق العسكريين بفكرة مفادها أنهم يجب أن يتمتعوا وحدهم بالسيطرة الحصرية على ما يعتبرونه شؤونهم الخاصة. إذ يؤكد ذلك المفهوم الذي يحظى بتأييد عالم السياسة صاموئيل هانتنغتون، أن العسكريين لديهم الحق في التصدي حين يحاول المدنيون التدخل في قضايا عسكرية. واستناداً إلى وجهة النظر تلك، فإن الاستقلالية تكون حقاً لا امتيازاً. في المقابل، لا تختلف الشؤون العسكرية والمدنية بعضهما عن بعض، وفق ما يوحى به إلى عديد من الضباط. إذ توحي تجارب الدول الأخرى إلى أن النماذج البديلة منطقية تماماً. ومثلاً، في أنحاء أوروبا، تعوَّدَ القادة العسكريون أكثر من نظرائهم في الولايات المتحدة، على رقابة أشد تدخلاً في شؤونهم بكثير [بالمقارنة مع عسكريي أميركا]. سيستفيد السياسيون في الحزبين الرئيسين من وجود رقابة مدنية أفضل. معالجة هوليوودية ثمة اتجاهات في الثقافة الأميركية تقدم الدعم لعدد من هذه المشاكل، إذ ينجذب الأميركيون بشكل متزايد إلى القوات المسلحة كأنها صنم يتعبدونه، ويعتقدون أن الوطنيين الحقيقيين يتمثّلون في أولئك الذين يرتدون الزي العسكري. ويثق الجمهور في أميركا بالعسكريين أكثر من أي مؤسسة وطنية أخرى، حسب استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “غالوب”. ويعني ذلك الإعجاب إلى جانب تراجع الثقة بالمنظمات المدنية، أن قطاعات كبيرة من السكان تعتقد أن من يلبسون الزي العسكري يجب أن يديروا القوات المسلحة، بل ربما الدولة نفسها أيضاً. وبصورة جزئية، تنامى ذلك العشق الذي يخصُّ به الأميركيون العسكريين بأثر من الجهود المبذولة في إخراج المؤسسة العسكرية من مأزق ما بعد فيتنام. وفي 1980، قد أعلن إداورد ماير إبّان ترؤسه آنذاك أركان الجيش، أن قواته “جيش أجوف”. وفي العام نفسه، انتهت عملية تهدف إلى إنقاذ الرهائن الأميركيين في إيران بكارثة، ما أظهر للجمهور مدى استنزاف قواته المسلحة. وبينما حاول الكونغرس تصحيح الوضع من خلال زيادة الإنفاق العسكري، عملت القوات المسلحة بمهارة على إعادة تأهيل صورتها عبر الثقافة الشعبية. وفي ثمانينيات القرن الماضي، تعاون البنتاغون في صناعة أفلام ذات ميزانيات ضخمة كـ”توب غان” (البندقية الأقوى)، ولا يزال مستمراً في هذه الممارسة حتى الوقت الحاضر. إذ ساعدت وزارة الدفاع على إنتاج أفلام الأبطال الخارقين على غرار “كابتن مارفل”. وكذلك تعلمت المؤسسة العسكرية أنها تستطيع التأثير في حبكات القصص وتعزيز تميّز علامتها التجارية، من خلال جعل تعاونها وتوفيرها للمعدات مشروطاً بموافقتها على نصوص الأفلام. وبالتالي، يعتبر ميل القوات المسلحة إلى التجنيد بكثافة من أبناء فئات فرعية بعينها من المجتمع الأميركي، مشكلة أخرى مؤثرة. ونظراً إلى عدم وجود كثير من الحثِّ على تقديم تضحيات مشتركة أو التعبئة الوطنية خلال حربي أفغانستان والعراق، لم يكن لدى غالبية الجمهور شيئاً يفعله عدا توجيه الشكر إلى القوات على الخدمة التي تؤديها. في غضون ذلك، بذلت القوات المسلحة قصارى جهدها من أجل تكريم الجنود من خلال عروض وطنية تركزت على نُبْل الخدمة العسكرية، وجرى تقديمها بشكل ملفت في المناسبات الجامعية والرياضية الاحترافية. وتالياً، عزّزت تلك الاتجاهات فكرة أن الأفراد الموجودين في الخدمة العسكرية كانوا استثنائيين حقاً، أفضل ومختلفين وأكثر نكراناً للذات من المدنيين الذين هلّلوا لهم. الإصلاح أو الفناء بصورة واضحة، أضعفت تلك الضغوط مجتمعة العمليات المؤسّساتية، والممارسات غير الحزبية، والقيم المجتمعية التي خدمت تاريخياً كأداة في حفظ قوة مبادئ السيطرة المدنية على القوات المسلحة، عبر ممارستها [السيطرة] اليومية العادية وغير الجذابة في كثير من الأحيان. في المقابل، من المستطاع إصلاح ذلك الضرر. وتتمتع الإصلاحات المؤسسية بأكبر فرص النجاح. وسيستفيد السياسيون في الحزبين الرئيسين من وجود رقابة مدنية أفضل. في ذلك الصدد، يستطيع الكونغرس أن يبدأ بإعادة التوازن في وزارة الدفاع، فيجرد “هيئة الأركان المشتركة” والقيادات المقاتلة (مراكز القيادة العسكرية الـ11 المعنية بمسؤوليات جغرافية أو وظيفية محددة) من بعض السلطات كي يعطيها إلى المدنيين في مكتب وزير الدفاع. وكذلك يستطيع المشرعون أن يفعلوا ذلك من خلال مقاومة دعوات تحثُّ على إجراء مزيد من الخفض للقوة العاملة المدنية في البنتاغون، وعبر القضاء على ازدواجية الجهود في “هيئة الأركان المشتركة” والقيادات المقاتلة، التي تشتمل على نحو 40 ألف وظيفة. وسيساعد برنامج موازٍ في تدريب القوة العاملة المدنية والاحتفاظ بها وإعدادها، على تعميق حضور المدنيين وعملهم في البنتاغون. في سياق متصل، يتوجّب على الكونغرس أيضاً أن يعيد النظر في الجهود المبذولة بهدف إسناد مهمة “التكامل العالمي” للقدرات العسكرية الأميركية إلى رئيس “هيئة الأركان المشتركة”، وتلك مبادرة ترسخت جذورها حينما شغل جوزيف دانفورد ذلك المنصب بين عامي 2015 و2019. وآنذاك، تمثّلت الفكرة في أن “هيئة الأركان المشتركة” يمكنها أن تَبُتَّ في المتطلبات الجغرافية المتنافسة للقوات المسلحة، وتكبح قوة القيادات المقاتلة، وتحدد الأولويات التي تُوَزَّع الموارد على أساسها. في المقابل، فإن المدنيين في مكتب وزير الدفاع، وليس أعضاء الطاقم العسكري الفضفاض، هم أفضل من يؤدي ذلك الدور. في سياق مماثل، يتوجّب على العسكريين الموجودين في الخدمة أيضاً أن يعالجوا دورهم في تقويض السيطرة المدنية. إذ تكمن السمة المميزة لأي مهنة في قدرتها على فرض معايير السلوك. وعلى الرغم من ذلك، فقد جُهدَت المؤسسة العسكرية في بعض الأوقات، كي تضمن امتناع أعضائها عن ممارسة نشاطات حزبية. ومن أجل معالجة تلك المسألة، ينبغي أن يتنصل الضباط الموجودون على رأس عملهم علناً من كبار الضباط المتقاعدين ممن ألحقوا الأذى بأخلاقيات الحياد في القوات المسلحة، من خلال تأييدهم مرشحين أثناء حملات انتخابية وغيره من أشكال التصريح بمواقف سياسية. وكذلك يتوجّب على الضباط المتقاعدين أيضاً أن يستعينوا بضغط الأقران كي يكبحوا عمليات المصادقة على حملات انتخابية ودعم المرشحين التي ينهض بها بعض زملائهم. وإذا فشل ذلك، يجدر بالكونغرس التفكير في وضع فترة تهدئة قوامها أربع سنوات من شأنها أن تمنع الجنرالات والأميرالات من الإعلان عن تأييدهم حزباً أو مرشحاً حزبياً بصورة مباشرة، في أعقاب تقاعدهم. وبالتالي، سيكون ذلك مشابهاً لما فعله مجلس النواب الأميركي بالنسبة إلى مشاركة الضباط في جهود مجموعات الضغط. يجب أن يتوقف السياسيون عن نشر خرافة مفادها أن الخدمة في القوات المسلحة تشكّل شرطاً أساسياً في ممارسة الرقابة عليها أخيراً، ينبغي للقادة العسكريين القيام بعمل أفضل لجهة تثقيف من يؤدون الخدمة العسكرية حول أهمية الحياد الذي يجب أن يحافظوا عليه، بما في ذلك المنشورات على وسائط التواصل الاجتماعي. وسيتطلب هذا وجود لوائح واضحة وتنفيذ متسق. ويجب على القادة أنفسهم إعادة التفكير في وجهات نظرهم حيال الاحتراف العسكري، والتخلي عن فكرة أن لديهم مجالاً حصرياً، واعتناق نهج يقبل أن هناك حاجة إلى الرقابة المدنية. وثمة حاجة إلى إصلاحات في مجالات أخرى، بما فيها ما يتصل بالقادة المدنيين المنتخبين، إلا أن تحقيقها غير مرجح. يواجه السياسيون اليوم القليل من العواقب بسبب تسييس القوات المسلحة، ولديهم حوافز كبيرة للاستمرار على هذا المنوال. ومع ذلك، يمكن للقادة المنتخبين البدء في التعامل مع هذه المشاكل من خلال وضع حد نهائي لممارسة التماس التأييد من قبل الجنرالات المتقاعدين. كما يمكنهم أيضاً أن يكفوا عن استخدام العسكريين ببزاتهم الرسمية كخلفية لخطابات سياسية حزبية، وأن يتوقفوا عن إطلاق حملات إعلانية تلمح إلى أنهم يتمتعون بدعم عسكري أكثر من خصومهم. ويجدر بالمحاربين القدماء والاحتياطيين الذين في أهبة الاستعداد للالتحاق بالقوات المسلحة أو أعضاء في “الحرس الوطني”، أن يقلعوا عن استعمال خدمتهم سلاحاً لتحقيق مكاسب انتخابية. ومن شأن هذا أن يعني نهاية استغلال الدعم العام للعسكريين عبر حملات إعلانية توحي أن الخدمة العسكرية تجعلهم مواطنين أرفع قدراً. ويجب أن يتوقف السياسيون أيضاً عن نشر الخرافة القائلة بأن الخدمة في القوات المسلحة هي شرط أساسي لممارسة الرقابة عليها. لا تقلل هذه القناعة فقط من أهمية الدور الذي يلعبه المدنيون، بل هي تُعلي أيضاً رمزياً مكانة العسكريين فوق مكانة رؤسائهم المدنيين في أذهان من هم في الخدمة العسكرية والجمهور أيضاً. إن تحديد فترة انتظار للضابط المتقاعد تستغرق عشر سنوات، أو في الأقل الالتزام بمدة الشرط النافذ حالياً وهي سبع سنوات، يستطيع بعدها أن يخدم كوزير للدفاع، هو خطوة من الضروري اتخاذها. ويتوجب كذلك تقييم مساهمات الخبرة المدنية والاستثمار فيها على جميع المستويات في البنتاغون. أخيراً، يتوجّب على أولئك الذين يواصلون نشر الخرافات عن القوات المسلحة في الثقافة الشعبية أن يعيدوا التوازن إلى صورهم. فليكن هناك مزيد من “ماش” مسلسل الكوميديا السوداء التلفزيوني الذي بُثَّ في سبعينيات القرن العشرين، وتدور أحداثه حول وحدة طبية تابعة للجيش الأميركي خلال الحرب الكورية، في مقابل خفض عدد الأعمال الفنية عن الجندية القويمة المعتدة بنفسها. ومن شأن ذلك أن يضفي طابعاً إنسانياً على العسكريين، ويقضي على نظرة الجمهور المشوَّهة للقوات المسلحة. واستطراداً، فمن شأن إعادة العسكريين إلى الأرض، وتقريبهم أكثر من المجتمع الذي يخدمونه، أن يساعدا السياسيين في جهودهم الرامية إلى التدقيق في الشؤون العسكرية، إضافة إلى تشجيع الأميركيين على النظر إلى المُساءلة كممارسة صحية في مجتمع ديمقراطي. وكخلاصة، إذا لم يلاحظ الأميركيون العفن الكامن تحت قشور رؤيتهم المثالية عن السيطرة المدنية، ستتفاقم الأزمة المدنية – العسكرية في الولايات المتحدة، وتزداد سوءاً بكل تأكيد. إذ تعتمد التقاليد الديمقراطية للبلاد والأمن القومي على تلك العلاقة الدقيقة، إلى درجة أعلى مما يدركه معظم المواطنين. ولن تبقى الولايات المتحدة دولة ديمقراطية أو قوة عالمية لفترة طويلة، من دون رقابة مدنية صارمة على القوات المسلحة. * ريسا بروكس، أستاذة كرسي “ألليس شالمرز”، بروفيسورة مساعدة في العلوم السياسية في “جامعة ماركيت”، وأستاذة مشاركة متقدمة غير مقيمة في “مركز الدراسات الاستراتيجية”، وباحثة مساعدة في “معهد ويست بوينت للحرب الحديثة”. ** جيم غولبي، زميل متقدم في “معهد كليمنتس للأمن القومي” في “جامعة تكساس، أوستن”، وزميل متقدم مساعد في “مركز الأمن الأميركي الجديد”، ومُضيف مشارك في المُدوّنة الصوتية “شكراً لك على خدمتك”. وهو ضابط متقاعد خدم في الجيش الأميركي. *** هايدي أوربن، بروفيسورة مشاركة مساعدة في “برنامج الدراسات الأمنية” الذي تقدمه “جامعة جورجتاون”، وزميلة متقدمة غير مقيمة في “معهد ويست بوينت للحرب الحديثة”. وهي ضابطة متقاعدة خدمت في الجيش الأميركي. مترجم من فورين أفيرز مايو (أيار)/ يونيو (حزيران) 2021 المزيد عن: الانقسام المدني العسكري في أميركا\جو بايدن\دونالد ترمب\البنتاغون 166 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post سيناريوهات مفتوحة خلف زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى إيران next post تجارب بشرية لعلاج السرطان بالحمض النووي الريبوزي You may also like جمال مصطفى: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم... 24 نوفمبر، 2024 أحوال وتحولات جنوب لبنان ما بعد الهدنة مع... 24 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: صهر صدام حسين وسكرتيره... 24 نوفمبر، 2024 كارين هاوس: مساعدو صدام حسين خافوا من أن... 23 نوفمبر، 2024 حافظ الأسد كان قلقا من أن تلقى سوريا... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: بن لادن استقبل مبعوث... 21 نوفمبر، 2024 من مول استهداف ملحق سفارة أميركا لدى بيروت... 17 نوفمبر، 2024 مرافق سفير بريطانيا لدى لبنان أنقذ الأميركيين من... 15 نوفمبر، 2024 بغداد: قصة مدينة عربية بُنيت لتكون عاصمة إمبراطورية... 15 نوفمبر، 2024 “إسرائيل الكبرى”… حلم صيف يميني أم مشروع حقيقي؟ 12 نوفمبر، 2024 166 comments Truck Seat 30 أكتوبر، 2021 - 1:44 ص After I initially left a comment I appear to have clicked the -Notify me when new comments are added- checkbox and from now on whenever a comment is added I recieve four emails with the same comment. Perhaps there is a means you are able to remove me from that service? Kudos! https://www.ielts.org/api/sitecore/RecognisingOrganisations/RegisterGoalAndRedirect?ROId=F1FCFC07-CD4C-451E-9FB1-85D2EDF276BA&link=https://stephenc47f5.vblogetin.com/5306735/a-secret-weapon-for-repair-shop/ Reply write an argumentative essay 13 نوفمبر، 2021 - 1:51 ص Hi, nice online site you possess going here. http://multiessay.com Reply gay cartoon sex games 17 نوفمبر، 2021 - 6:46 م Wow, lovely website. Thnx … https://winsexgames.com/ Reply sex education games 18 نوفمبر، 2021 - 6:57 ص Terrific webpage you’ve there. https://sexygamess.com/ Reply keto diet and blood pressure 18 نوفمبر، 2021 - 2:11 م Maintain the amazing work !! Lovin’ it! https://ketogendiets.com/ Reply keto advanced 19 نوفمبر، 2021 - 3:42 ص Howdy, good site you’ve gotten in here. https://ketogendiet.net/ Reply steam for sex games 19 نوفمبر، 2021 - 5:32 ص Many thanks extremely valuable. Will share website with my pals. https://sex4games.com/ Reply steam for sex games 19 نوفمبر، 2021 - 5:33 ص Many thanks extremely valuable. Will share website with my pals. https://sex4games.com/ Reply keto ranch dressing 19 نوفمبر، 2021 - 7:49 م Simply just wished to stress Now i’m delighted I stumbled on your website. https://ketogenicdiets.net/ Reply keto ranch dressing 19 نوفمبر، 2021 - 7:50 م Simply just wished to stress Now i’m delighted I stumbled on your website. https://ketogenicdiets.net/ Reply keto diet recipes for beginners 20 نوفمبر، 2021 - 11:43 ص Great looking website. Presume you did a bunch of your own html coding. https://ketogenicdietinfo.com/ Reply classification essay 12 يناير، 2022 - 3:15 م parcc essay grade 7 college essay format essay part of ftce classification essay Reply gay dating advice 12 يناير، 2022 - 7:40 م gay black dating site which gay dating app has most members lakeland fl gay men dating sites missouri gay dating advice Reply most popular gay dating 13 يناير، 2022 - 11:23 م gay dating sightsmost popular gay datingwhat’s the best site for finding a gay dating site for women gay dating games free gay dating games Reply brazilian beauty slots 22 يناير، 2022 - 8:54 م gossip slots slots of vegas casino coin slots still in vegas brazilian beauty slots Reply IverSar 6 يونيو، 2022 - 11:19 ص cost of ivermectin cream ivermectin oral solution Reply ThomasRaw 10 يونيو، 2022 - 5:25 م prescription drugs online without doctor prescription drugs online without doctor Reply Stevenunise 11 يونيو، 2022 - 8:08 ص https://drwithoutdoctorprescription.com/# ed meds online without doctor prescription Reply ThomasRaw 11 يونيو، 2022 - 5:58 م mexican pharmacy without prescription buy anti biotics without prescription Reply Stevenunise 12 يونيو، 2022 - 7:22 ص https://drwithoutdoctorprescription.online/# the canadian drugstore Reply Michaeljeria 17 يونيو، 2022 - 12:22 ص viagra shop best place to buy generic viagra online Reply BrandonFlini 18 يونيو، 2022 - 8:26 م viagra from canada online doctor prescription for viagra Reply Raymondadush 25 يونيو، 2022 - 6:01 ص https://buynolvadex.store/# tamoxifen benefits Reply Anthonyclats 26 يونيو، 2022 - 5:02 م https://buytadalafil.men/# tadalafil 20mg pills Reply IsiahMolla 2 يوليو، 2022 - 3:58 م cure ed best pill for ed Reply RobertShiet 3 يوليو، 2022 - 7:22 ص https://withoutprescription.store/# ed meds online without doctor prescription Reply Michealmic 3 يوليو، 2022 - 9:35 ص canadian drugs online buy prescription drugs without doctor Reply IsiahMolla 4 يوليو، 2022 - 4:45 ص cipro online no prescription in the usa purchase cipro Reply RobertShiet 4 يوليو، 2022 - 4:04 م https://gabapentin.icu/# generic neurontin 600 mg Reply IsiahMolla 5 يوليو، 2022 - 5:41 م cipro 500mg best prices buy cipro online without prescription Reply Michealmic 6 يوليو، 2022 - 11:20 ص prescription drugs online best ed pills non prescription Reply Darrellwoops 7 يوليو، 2022 - 11:07 م ed meds online online ed medications Reply StevenKem 8 يوليو، 2022 - 7:37 ص https://drugsonline.store/# ed cure Reply StevenKem 9 يوليو، 2022 - 4:11 م https://drugsonline.store/# ed solutions Reply StevenKem 11 يوليو، 2022 - 12:57 ص https://edpills.best/# treatment for ed Reply DanielHak 11 يوليو، 2022 - 1:36 ص clomid 100mg for sale clomid coupon Reply Darrellwoops 11 يوليو، 2022 - 4:18 ص doxycycline without prescription can you buy doxycycline over the counter usa Reply DanielRurse 11 يوليو، 2022 - 7:48 م the best ed drug home remedies for erectile dysfunction Reply StevenKem 12 يوليو، 2022 - 9:27 ص https://doxycyclineonline.store/# purchase doxycycline Reply Davidbutle 13 يوليو، 2022 - 12:57 ص https://stromectol.life/# stromectol for sale Reply PhillipSnose 14 يوليو، 2022 - 4:52 م stromectol for humans for sale stromectol 3 mg tablets price Reply LarryEnata 17 يوليو، 2022 - 7:41 ص https://pharmacyizi.com/# buy prescription drugs from india Reply Arthurreack 18 يوليو، 2022 - 12:17 م https://pharmacyizi.com/# overcoming ed Reply LarryEnata 18 يوليو، 2022 - 5:04 م https://pharmacyizi.com/# best ed solution Reply SteveBus 18 يوليو، 2022 - 9:28 م erectile dysfunction drugs mens ed pills Reply Arthurreack 20 يوليو، 2022 - 1:34 ص https://pharmacyizi.com/# homepage Reply LarryEnata 20 يوليو، 2022 - 2:07 ص https://pharmacyizi.com/# ed solutions Reply Douglasfadly 20 يوليو، 2022 - 2:36 ص https://pharmacyizi.com/# pet meds without vet prescription canada Reply SteveBus 20 يوليو، 2022 - 7:43 ص cause of ed ed devices Reply Geralddidly 22 يوليو، 2022 - 6:41 م my canadian pharmacy reviews my canadian pharmacy reviews Reply Geralddidly 24 يوليو، 2022 - 3:37 ص ed pill ed meds Reply GeorgeMof 24 يوليو، 2022 - 2:07 م https://erectionpills.shop/# pills for erection Reply Geralddidly 25 يوليو، 2022 - 12:35 م canadian medications canadian drugs Reply Matthewchusa 26 يوليو، 2022 - 9:14 م https://onlinepharmacy.men/# pharmaceutical online ordering Reply Geralddidly 26 يوليو، 2022 - 9:48 م discount prescription drugs canadian drug prices Reply ThomasMup 27 يوليو، 2022 - 1:02 م https://onlinepharmacy.men/# online pharmacy india Reply GeorgeMof 27 يوليو، 2022 - 3:54 م https://onlinepharmacy.men/# canadian pharmacy store Reply Geralddidly 28 يوليو، 2022 - 6:57 ص Furosemide cialis pharmacy online Reply ThomasMup 29 يوليو، 2022 - 1:11 ص https://allpharm.store/# drug stores near me Reply GeorgeMof 29 يوليو، 2022 - 3:34 ص https://onlinepharmacy.men/# mexican pharmacy online Reply Lelandviene 30 يوليو، 2022 - 12:26 ص ivermectin horse paste ingredients ivermectin injectable dosage for goats Reply CareyRat 30 يوليو، 2022 - 3:18 ص ivermectin for dogs dosage valley vet ivermectin Reply JeffreyjEx 30 يوليو، 2022 - 12:14 م http://stromectolbestprice.com/# ivermectin lotion 0.5 Reply JeffreyjEx 31 يوليو، 2022 - 9:31 م http://stromectolbestprice.com/# horse stromectol Reply GerardDibra 2 أغسطس، 2022 - 7:03 ص https://drugsbestprice.com/# best ed supplements Reply Michaelinvaf 4 أغسطس، 2022 - 4:38 ص buy prescription drugs without doctor prescription drugs online without Reply DustinVak 4 أغسطس، 2022 - 4:07 م https://medrxfast.com/# comfortis for dogs without vet prescription Reply DustinVak 6 أغسطس، 2022 - 12:52 ص https://medrxfast.com/# ed drugs online from canada Reply Thomastix 7 أغسطس، 2022 - 2:34 ص https://medrxfast.com/# canadian pharmacy Reply DustinVak 8 أغسطس، 2022 - 12:46 م https://medrxfast.com/# online prescription for ed meds Reply DavidRoano 9 أغسطس، 2022 - 12:29 ص buy prescription drugs online mexican pharmacy without prescription Reply DustinVak 9 أغسطس، 2022 - 4:07 م https://medrxfast.com/# canadian drug Reply Thomastix 10 أغسطس، 2022 - 9:31 ص https://medrxfast.com/# prescription drugs online Reply DavidRoano 10 أغسطس، 2022 - 1:40 م ed meds online canada ed meds online without doctor prescription Reply DustinVak 10 أغسطس، 2022 - 7:12 م https://medrxfast.com/# how to get prescription drugs without doctor Reply DustinVak 11 أغسطس، 2022 - 9:58 م https://medrxfast.com/# canadian medications Reply DavidRoano 12 أغسطس، 2022 - 4:15 ص buy prescription drugs online without discount prescription drugs Reply DustinVak 13 أغسطس، 2022 - 12:41 ص https://medrxfast.com/# best canadian online pharmacy Reply Thomastix 13 أغسطس، 2022 - 9:01 ص https://medrxfast.com/# dog antibiotics without vet prescription Reply DustinVak 14 أغسطس، 2022 - 3:26 ص https://medrxfast.com/# pain meds online without doctor prescription Reply DavidRoano 15 أغسطس، 2022 - 6:03 ص ed meds online without doctor prescription canadian medications Reply DustinVak 15 أغسطس، 2022 - 6:06 ص https://medrxfast.com/# ed meds online without doctor prescription Reply Deshawnmed 17 أغسطس، 2022 - 10:42 م order neurontin gabapentin Reply Ralphacaft 18 أغسطس، 2022 - 7:49 ص https://ventolin.tech/# ventolin medicine Reply Ralphacaft 19 أغسطس، 2022 - 4:56 م https://ventolin.tech/# how much is a ventolin Reply TommyMot 22 أغسطس، 2022 - 8:25 ص https://paxil.tech/# paxil cr Reply TommyMot 23 أغسطس، 2022 - 5:35 م https://glucophage.top/# metformin purchase uk Reply TommyMot 25 أغسطس، 2022 - 2:35 ص https://finasteride.top/# cheapest propecia online Reply DavidDully 26 أغسطس، 2022 - 1:30 ص https://deltasone.icu/# prednisone 20mg online Reply Henryvax 27 أغسطس، 2022 - 7:39 ص zithromax 250 price amoxicillin 500 mg brand name Reply ThomasBup 27 أغسطس، 2022 - 2:48 م https://antibiotic.icu/# amoxicillin 500mg capsules price Reply ThomasBup 28 أغسطس، 2022 - 7:40 م https://tadalafil.pro/# cheapest tadalafil us Reply Henryvax 29 أغسطس، 2022 - 1:27 ص best antibiotic for eye infection buying bactrim antibiotic online Reply Ismael Ficenec 8 مارس، 2023 - 8:38 ص Layla Menghini https://example20233.com Reply best tips 25 مارس، 2023 - 6:20 م Undeniably believe that which you said. Your favorite justification appeared to be on the net the easiest thing to be aware of. I say to you, I definitely get annoyed while people think about worries that they just do not know about. You managed to hit the nail upon the top and defined out the whole thing without having side-effects , people can take a signal. Will likely be back to get more. Thanks https://greatgoodhealthtips1.blogspot.com/ Reply vigrx plus testimonials 1 أبريل، 2023 - 2:53 ص Thank you, I’ve just been searching for info about this subject for ages and yours is the greatest I’ve found out till now. But, what about the bottom line? Are you positive concerning the source? https://newherbalmaleenhancement.blogspot.com/ Reply 에볼루션카지노 14 أبريل، 2023 - 4:40 ص It?s actually a cool and helpful piece of info. I?m satisfied that you shared this helpful information with us. Please stay us up to date like this. Thanks for sharing. https://www.artporat.com/ Reply Desarrollamos un proyecto 17 أبريل، 2023 - 4:38 ص I think other website proprietors should take this website as an model, very clean and fantastic user genial style and design, as well as the content. You are an expert in this topic! https://vspmdcrc.edu.in/LMS/profile/andrewcordova Reply Dofollow Blog Comment Backlink Service 17 أبريل، 2023 - 5:10 م you’ve gotten an awesome weblog here! would you wish to make some invite posts on my weblog? https://www.fiverr.com/freeson/create-100-000-blog-comment-backlinks-using-scrapebox Reply Business Gust Post 18 أبريل، 2023 - 4:47 ص Thanks for the suggestions shared using your blog. Yet another thing I would like to state is that fat reduction is not information on going on a celebrity diet and trying to shed as much weight that you can in a few months. The most effective way to shed pounds is by having it gradually and following some basic recommendations which can allow you to make the most from the attempt to lose fat. You may learn and be following most of these tips, although reinforcing know-how never hurts. https://www.fiverr.com/freeson/give-your-one-crypto-guest-post-backlink-on-my-dr71-website Reply furniture removal services 19 أبريل، 2023 - 3:07 م Great post. I used to be checking continuously this weblog and I am inspired! Extremely useful info particularly the final section 🙂 I maintain such info much. I used to be seeking this certain information for a long time. Thanks and best of luck. https://costplusjunkremoval.com/what-we-take/furniture-removal/ Reply apply for a merchant account 22 أبريل، 2023 - 8:37 م I truly appreciate this post. I?ve been looking everywhere for this! Thank goodness I found it on Bing. You have made my day! Thx again https://dtwhistle.wpengine.com/members/haldhelbo7/activity/35540/ Reply my blog 27 أبريل، 2023 - 10:58 م hello there and thanks on your info – I’ve certainly picked up something new from proper here. I did alternatively expertise some technical points the use of this web site, since I skilled to reload the web site many times prior to I may get it to load correctly. I were wondering in case your hosting is OK? No longer that I’m complaining, however slow loading instances instances will very frequently impact your placement in google and could harm your high-quality ranking if ads and ***********|advertising|advertising|advertising and *********** with Adwords. Well I’m adding this RSS to my email and can look out for much extra of your respective fascinating content. Make sure you update this once more soon.. https://iliradco.weebly.com Reply SEO white label dashboard 28 أبريل، 2023 - 12:08 م This is the right blog for anyone who desires to search out out about this topic. You understand a lot its virtually hard to argue with you (not that I really would want?HaHa). You positively put a new spin on a subject thats been written about for years. Nice stuff, just nice! https://tunein.com/podcasts/Business–Economics-Podcasts/Rank-Fortress-Radio-p3695366/?topicId=275198610 Reply Public Relations (PR) 28 أبريل، 2023 - 2:55 م A further issue is really that video gaming became one of the all-time most significant forms of recreation for people of various age groups. Kids participate in video games, and adults do, too. The actual XBox 360 is probably the favorite games systems for many who love to have a huge variety of activities available to them, and who like to learn live with other folks all over the world. Thank you for sharing your thinking. https://tasktigerdesigns.blob.core.windows.net/branding-new-jersey/what-is-branding-new-jersey-as-well-as-exactly-how-can-it-boost-your-business-1.html Reply Our site 30 أبريل، 2023 - 4:06 م Thanks for the tips on credit repair on this particular web-site. What I would tell people would be to give up a mentality that they may buy at this moment and pay out later. Like a society we tend to try this for many factors. This includes trips, furniture, and also items we’d like. However, it is advisable to separate your wants from all the needs. When you are working to improve your credit rating score you have to make some trade-offs. For example you can shop online to save cash or you can check out second hand retailers instead of expensive department stores regarding clothing. https://theprose.com/post/720423/sightcare-reviews Reply how to become a payment processor company 5 مايو، 2023 - 5:07 م I do agree with all of the ideas you have presented in your post. They are really convincing and will definitely work. Still, the posts are too short for beginners. Could you please extend them a little from next time? Thanks for the post. https://aomenxingpujing88.com/accessing-and-evaluating-credit-card-processing-companies/ Reply chennai security services 5 مايو، 2023 - 9:39 م Hello there, just became aware of your blog through Google, and found that it’s truly informative. I?m gonna watch out for brussels. I will appreciate if you continue this in future. Many people will be benefited from your writing. Cheers! https://www.thebangaloreescorts.in/ Reply boxes 7 مايو، 2023 - 10:58 م This is really fascinating, You are an excessively skilled blogger. I have joined your feed and look ahead to seeking more of your excellent post. Additionally, I have shared your web site in my social networks! https://bestcheapcustomboxes.doodlekit.com/ Reply reformas presupuestos 10 مايو، 2023 - 12:00 ص you have got an awesome weblog right here! would you like to make some invite posts on my weblog? https://www.producthunt.com/@reformasenzaragoza Reply 20รับ100 ล่าสุด 10 مايو، 2023 - 1:33 ص Hello, Neat post. There’s an issue together with your web site in web explorer, would check this? IE still is the market leader and a big element of other folks will leave out your wonderful writing because of this problem. https://www.youtube.com/watch?v=1cObDeG6cP0 Reply reformas pisos cadrete 12 مايو، 2023 - 12:19 ص I’m very happy to read this. This is the type of manual that needs to be given and not the accidental misinformation that’s at the other blogs. Appreciate your sharing this best doc. https://marialauramontoya.edu.co/miembros/ronaldfeliciano Reply สล็อตออนไลน์ 16 مايو، 2023 - 4:40 ص Excellent weblog here! Also your site lots up very fast! What host are you the use of? Can I am getting your affiliate link for your host? I want my website loaded up as fast as yours lol https://whanmhoo569.com/ Reply how to become a credit card processor 16 مايو، 2023 - 6:31 ص I really appreciate this post. I?ve been looking all over for this! Thank goodness I found it on Bing. You have made my day! Thanks again https://socialnewsweb.com/your-home-business-must-have-a-card-developing-product/ Reply ikaria juice us 22 مايو، 2023 - 2:38 ص I have figured out some important matters through your website post. One other thing I would like to say is that there are several games available and which are designed specifically for toddler age kids. They contain pattern acknowledgement, colors, pets, and models. These usually focus on familiarization as an alternative to memorization. This makes a child occupied without having a sensation like they are learning. Thanks Reply 日本集運 22 مايو، 2023 - 11:37 ص I just could not depart your web site before suggesting that I actually enjoyed the standard info a person provide for your visitors? Is going to be back often to check up on new posts Reply ikaria lean belly juice 25 مايو، 2023 - 11:51 م I have come across that right now, more and more people are being attracted to digital cameras and the area of pictures. However, to be a photographer, you should first commit so much period deciding which model of camera to buy plus moving store to store just so you could potentially buy the least expensive camera of the trademark you have decided to pick. But it does not end there. You also have to take into account whether you should obtain a digital digicam extended warranty. Thanks alot : ) for the good tips I received from your weblog. Reply Furniture Idea 26 مايو، 2023 - 6:54 ص Thanks for this article. I will also like to convey that it can end up being hard when you find yourself in school and merely starting out to establish a long credit score. There are many individuals who are only trying to live and have an extended or good credit history can occasionally be a difficult matter to have. Reply link bokep 28 مايو، 2023 - 4:41 ص I feel this is one of the most vital information for me. And i am satisfied reading your article. But want to observation on some general things, The site style is wonderful, the articles is in reality great : D. Just right job, cheers Reply situs porno 29 مايو، 2023 - 2:26 ص Thanks for the diverse tips shared on this website. I have observed that many insurance companies offer customers generous savings if they opt to insure a couple of cars with them. A significant variety of households possess several autos these days, particularly those with older teenage kids still dwelling at home, and the savings in policies can soon increase. So it makes sense to look for a good deal. Reply link bokep 29 مايو، 2023 - 10:06 م Today, with the fast life style that everyone is having, credit cards get this amazing demand in the economy. Persons out of every area of life are using credit card and people who aren’t using the card have lined up to apply for just one. Thanks for spreading your ideas about credit cards. Reply Pisos tras reformas zaragoza 30 مايو، 2023 - 8:08 م Thanks for your post. I also believe laptop computers are becoming more and more popular right now, and now are often the only kind of computer employed in a household. The reason is that at the same time they are becoming more and more reasonably priced, their computing power keeps growing to the point where they may be as robust as personal computers out of just a few years back. Reply payment processing sales jobs 1 يونيو، 2023 - 8:41 ص In line with my observation, after a the foreclosure home is marketed at an auction, it is common for that borrower to still have any remaining unpaid debt on the financial loan. There are many loan providers who attempt to have all expenses and liens paid by the up coming buyer. Nevertheless, depending on particular programs, regulations, and state guidelines there may be a few loans which aren’t easily fixed through the shift of lending products. Therefore, the responsibility still rests on the debtor that has obtained his or her property in foreclosure process. Many thanks for sharing your notions on this site. Reply gai goi quan 8 8 يونيو، 2023 - 4:16 م This will be a great web site, will you be interested in doing an interview about how you developed it? If so e-mail me! Reply bokep indo 9 يونيو، 2023 - 5:59 م I have realized some significant things through your site post. One other subject I would like to express is that there are numerous games in the marketplace designed specifically for preschool age little ones. They consist of pattern acceptance, colors, creatures, and shapes. These usually focus on familiarization rather than memorization. This will keep a child occupied without sensing like they are learning. Thanks Reply become a payment processor 10 يونيو، 2023 - 12:41 م Thank you for another informative web site. Where else could I get that kind of information written in such a perfect way? I’ve a project that I’m just now working on, and I’ve been on the look out for such information. Reply reformas suelos centricos 12 يونيو، 2023 - 10:34 ص I have been exploring for a bit for any high-quality articles or weblog posts on this sort of space . Exploring in Yahoo I eventually stumbled upon this web site. Reading this information So i?m glad to convey that I’ve an incredibly just right uncanny feeling I found out exactly what I needed. I so much certainly will make certain to do not put out of your mind this site and provides it a look regularly. Reply Escort Twitter 17 يونيو، 2023 - 9:56 م One thing I want to touch upon is that weightloss routine fast may be possible by the perfect diet and exercise. An individual’s size not merely affects appearance, but also the general quality of life. Self-esteem, despression symptoms, health risks, plus physical ability are affected in fat gain. It is possible to just make everything right and still gain. In such a circumstance, a condition may be the offender. While excessive food rather than enough physical exercise are usually the culprit, common medical conditions and widely used prescriptions can certainly greatly enhance size. Thanks for your post here. Reply psychic parties 18 يونيو، 2023 - 1:44 ص Whats up this is kind of of off topic but I was wondering if blogs use WYSIWYG editors or if you have to manually code with HTML. I’m starting a blog soon but have no coding knowledge so I wanted to get advice from someone with experience. Any help would be greatly appreciated! Reply hotel with outdoor pool 20 يونيو، 2023 - 11:30 ص One thing is one of the most prevalent incentives for utilizing your credit cards is a cash-back or perhaps rebate offer. Generally, you will get 1-5 back with various expenses. Depending on the cards, you may get 1 again on most acquisitions, and 5 back again on acquisitions made going to convenience stores, gasoline stations, grocery stores and also ‘member merchants’. Reply zaragoza paneles solares 21 يونيو، 2023 - 1:05 م One thing is that one of the most prevalent incentives for making use of your cards is a cash-back as well as rebate supply. Generally, you’ll have access to 1-5 back with various expenses. Depending on the card, you may get 1 returning on most purchases, and 5 back again on buying made on convenience stores, gasoline stations, grocery stores and ‘member merchants’. Reply video porno 22 يونيو، 2023 - 4:56 م Hello, you used to write great, but the last several posts have been kinda boring? I miss your great writings. Past several posts are just a little bit out of track! come on! Reply instaladores plazas solares 25 يونيو، 2023 - 6:42 ص Awesome blog! Is your theme custom made or did you download it from somewhere? A theme like yours with a few simple tweeks would really make my blog shine. Please let me know where you got your theme. Thanks a lot Reply 200 pink roses 28 يونيو، 2023 - 3:34 م My spouse and I absolutely love your blog and find most of your post’s to be just what I’m looking for. Does one offer guest writers to write content for you? I wouldn’t mind producing a post or elaborating on a lot of the subjects you write in relation to here. Again, awesome site! Reply sex 3 يوليو، 2023 - 7:50 م Thanks for these guidelines. One thing I should also believe is the fact that credit cards supplying a 0 apr often appeal to consumers in zero rate of interest, instant acceptance and easy on-line balance transfers, nevertheless beware of the number one factor that is going to void your current 0 easy streets annual percentage rate as well as throw you out into the terrible house quickly. Reply mold remediation 4 يوليو، 2023 - 12:36 م Thanks for the helpful content. It is also my belief that mesothelioma has an really long latency period of time, which means that signs of the disease might not exactly emerge until finally 30 to 50 years after the 1st exposure to asbestos. Pleural mesothelioma, that is the most common type and has effects on the area across the lungs, might cause shortness of breath, upper body pains, as well as a persistent coughing, which may lead to coughing up blood. Reply Click Here to Learn More 7 يوليو، 2023 - 9:08 م Thanks for the several tips provided on this weblog. I have realized that many insurance firms offer consumers generous deals if they choose to insure many cars with them. A significant variety of households possess several cars these days, specifically those with older teenage young children still living at home, along with the savings on policies may soon begin. So it makes sense to look for a great deal. Reply Psychic Medium 9 يوليو، 2023 - 10:52 ص Heya! I’m at work browsing your blog from my new iphone 3gs! Just wanted to say I love reading through your blog and look forward to all your posts! Keep up the fantastic work! Reply difference between oscillation and vibration 10 يوليو، 2023 - 7:21 م you might have a great weblog right here! would you prefer to make some invite posts on my blog? Reply lucky cola 12 يوليو، 2023 - 6:36 ص There are actually a number of particulars like that to take into consideration. That may be a great point to deliver up. I offer the ideas above as normal inspiration however clearly there are questions just like the one you carry up the place crucial factor will likely be working in sincere good faith. I don?t know if best practices have emerged around issues like that, however I’m certain that your job is clearly identified as a fair game. Each girls and boys really feel the influence of just a second?s pleasure, for the remainder of their lives. Reply bokep indo 14 يوليو، 2023 - 4:36 م I have come to understand that charges for on-line degree authorities tend to be a great value. For instance a full College Degree in Communication with the University of Phoenix Online consists of 60 credits at $515/credit or $30,900. Also American Intercontinental University Online gives a Bachelors of Business Administration with a entire program requirement of 180 units and a worth of $30,560. Online studying has made getting the degree far less difficult because you might earn your degree through the comfort of your abode and when you finish from office. Thanks for all your other tips I’ve learned through the site. Reply Business Analytics Software 22 يوليو، 2023 - 9:52 ص Wonderful work! That is the kind of info that are meant to be shared around the internet. Disgrace on the seek engines for now not positioning this publish higher! Come on over and discuss with my website . Thank you =) Reply sexting 25 يوليو، 2023 - 5:51 ص Currently it seems like Wordpress is the best blogging platform available right now. (from what I’ve read) Is that what you’re using on your blog? Reply transgender 25 يوليو، 2023 - 6:50 ص You need to participate in a contest for top-of-the-line blogs on the web. I will advocate this site! Reply work from home jobs for stay home moms 25 يوليو، 2023 - 11:46 م Hey! I just want to give a huge thumbs up for the nice information you will have right here on this post. I will probably be coming again to your blog for extra soon. Reply Maid Agency in Kerala 27 يوليو، 2023 - 7:00 ص I absolutely love your blog and find almost all of your post’s to be what precisely I’m looking for. Do you offer guest writers to write content in your case? I wouldn’t mind writing a post or elaborating on some of the subjects you write related to here. Again, awesome web site! Reply bokep indo 30 يوليو، 2023 - 11:34 م I have mastered some important things through your blog post. One other thing I would like to convey is that there are lots of games available and which are designed specially for preschool age young children. They contain pattern acknowledgement, colors, creatures, and models. These usually focus on familiarization as an alternative to memorization. This will keep little children occupied without feeling like they are studying. Thanks Reply hire hula dancers 10 أغسطس، 2023 - 10:46 م Hi! I could have sworn I’ve been to this site before but after checking through some of the post I realized it’s new to me. Anyways, I’m definitely happy I found it and I’ll be bookmarking and checking back often! Reply bingo plus 14 أغسطس، 2023 - 3:09 م I do love the manner in which you have framed this specific problem plus it does indeed give me a lot of fodder for consideration. Nonetheless, because of what I have experienced, I just wish when the actual comments pack on that individuals remain on point and don’t start on a soap box regarding some other news of the day. Anyway, thank you for this superb point and whilst I can not necessarily agree with the idea in totality, I respect the perspective. Reply kontol kuda 15 أغسطس، 2023 - 12:37 ص you’re really a good webmaster. The website loading speed is amazing. It seems that you’re doing any unique trick. Also, The contents are masterwork. you have done a fantastic job on this topic! Reply situs porno 15 أغسطس، 2023 - 6:41 ص Thanks for your article. What I want to comment on is that when looking for a good on the internet electronics shop, look for a site with total information on key elements such as the security statement, safety measures details, any payment procedures, and other terms as well as policies. Always take time to look at help and also FAQ pieces to get a superior idea of how the shop is effective, what they are capable of doing for you, and ways in which you can take full advantage of the features. Reply strippers dallas 16 أغسطس، 2023 - 12:30 ص Does your blog have a contact page? I’m having problems locating it but, I’d like to send you an email. I’ve got some recommendations for your blog you might be interested in hearing. Either way, great website and I look forward to seeing it expand over time. Reply Situs Judi 16 أغسطس، 2023 - 4:24 م Thanks for your posting on this site. From my experience, there are occassions when softening upward a photograph may well provide the wedding photographer with a little an artistic flare. Many times however, the soft cloud isn’t just what you had as the primary goal and can quite often spoil an otherwise good picture, especially if you thinking about enlarging that. Reply houston strippers 16 أغسطس، 2023 - 5:03 م I?ve been exploring for a bit for any high quality articles or blog posts on this sort of area . Exploring in Yahoo I at last stumbled upon this website. Reading this info So i?m happy to convey that I’ve a very good uncanny feeling I discovered just what I needed. I most certainly will make sure to don?t forget this site and give it a look on a constant basis. Reply iso merchant services 18 أغسطس، 2023 - 8:21 ص This really answered my drawback, thanks! Reply cardboard gift boxes 20 أغسطس، 2023 - 12:33 ص I discovered your weblog web site on google and test a few of your early posts. Proceed to keep up the very good operate. I simply further up your RSS feed to my MSN Information Reader. Looking for ahead to studying more from you afterward!? Reply iso vs payment processor 21 أغسطس، 2023 - 3:27 م I’m impressed by the quality of this content! The author has undoubtedly put a tremendous amount of effort into researching and structuring the information. It’s inspiring to come across an article that not only offers valuable information but also keeps the readers hooked from start to finish. Kudos to him for making such a masterpiece! Reply Situs Slot Online 21 أغسطس، 2023 - 10:48 م My coder is trying to persuade me to move to .net from PHP. I have always disliked the idea because of the expenses. But he’s tryiong none the less. I’ve been using Movable-type on a number of websites for about a year and am worried about switching to another platform. I have heard good things about blogengine.net. Is there a way I can transfer all my wordpress posts into it? Any kind of help would be really appreciated! Reply help energy 22 أغسطس، 2023 - 7:59 ص There may be noticeably a bundle to find out about this. I assume you made certain nice factors in options also. Reply CNC machine manufacturer 22 أغسطس، 2023 - 10:27 ص I’ve learned several important things as a result of your post. I’d also like to mention that there might be situation where you will apply for a loan and don’t need a co-signer such as a Government Student Support Loan. However, if you are getting a borrowing arrangement through a traditional loan provider then you need to be ready to have a co-signer ready to assist you to. The lenders will probably base that decision using a few aspects but the biggest will be your credit rating. There are some creditors that will as well look at your work history and come to a decision based on this but in most cases it will hinge on your report. Reply help energy drink 24 أغسطس، 2023 - 3:52 ص fantastic points altogether, you simply gained a brand new reader. What would you recommend in regards to your post that you made some days ago? Any positive? Reply display module 24 أغسطس، 2023 - 2:31 م It is perfect time to make some plans for the future and it’s time to be happy. I’ve read this post and if I could I want to suggest you some interesting things or advice. Perhaps you could write next articles referring to this article. I wish to read more things about it! Reply how to start a merchant processing company 25 أغسطس، 2023 - 7:35 ص Interesting article. It is extremely unfortunate that over the last 10 years, the travel industry has had to fight terrorism, SARS, tsunamis, influenza, swine flu, as well as the first ever true global economic depression. Through it all the industry has really proven to be sturdy, resilient as well as dynamic, obtaining new tips on how to deal with hardship. There are always fresh problems and the possiblility to which the field must once more adapt and answer. Reply strippers near me 26 أغسطس، 2023 - 3:56 ص I have observed that in the world of today, video games would be the latest trend with children of all ages. Periodically it may be extremely hard to drag your family away from the games. If you want the best of both worlds, there are various educational activities for kids. Interesting post. Reply credit card processing ISO programs 27 أغسطس، 2023 - 1:01 م I was wondering if you ever considered changing the page layout of your blog? Its very well written; I love what youve got to say. But maybe you could a little more in the way of content so people could connect with it better. Youve got an awful lot of text for only having one or 2 images. Maybe you could space it out better? Reply Gasinstallasies kan 'n konstante energiebron wees, selfs tydens beurtkrag. 28 أغسطس، 2023 - 11:30 ص It?s actually a nice and helpful piece of information. I am satisfied that you shared this useful information with us. Please keep us up to date like this. Thank you for sharing. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.