السبت, نوفمبر 23, 2024
السبت, نوفمبر 23, 2024
Home » الكاتب والأديب الفلسطيني توفيق فياض في : بيت الجنون – مسرحية من فصلين

الكاتب والأديب الفلسطيني توفيق فياض في : بيت الجنون – مسرحية من فصلين

by admin

مجلة ديوان العرب / بقلم توفيق فياض

حيفــــــــــا ليــــــــلاً

في أحد الأحياء المحاذية للبحر، لا يظهر في المسرحية سوى شخص واحد هو سامي الذي كان يعمل مدرساً للتاريخ والأدب.

يرفع الستار عن غرفة مظلمة تماماً. يستمر الظلام، بينما يسمع في الخارج من خلف المسرح، صفير ريح قوية ممزوج بشخير نائم.

ينقطع الشخير بينما تستمر الريح في هبوبها. صوت هذيان متقطع يأخذ في الارتفاع شيئاً فشيئاً، وفي نفس الوقت الذي يسلط فيه الضوء الأحمر على يسار المسرح، حيث يسير بعدها ببطء ناحية اليمين.

في يسار المسرح يظهر باب مغلق فيه مفتاح، ثم نافذة ذات ستار قديم في الصدر. مكتبة صغيرة تحوي بعض الكتب، ساعة حائط صغيرة تشير الى العاشرة ليلاً.

يستقر الضوء على مكتب في أقصى اليمين تحت ساعة الحائط الى جانب المكتبة . . ترى عليه صورة امرأة، بعض الكتب، وأوراق مبعثرة دونما نظام معين، تحتوي على بعض الكمبيالات المستحقة الدفع . . زجاجة خمر تكاد تكون فارغة وكأس. علبة سجائر من النوع الرديء فيها بعض اللفافات. مصباح كهربائي في طرفه الأيسر، مما يدل على أنها لأحد المثقفين. في أقصى اليمين من المسرح الى جانب المكتب، باب داخلي مغلق . . .
يسلط الضوء نهائياً على وجه رجل في مقتبل العمر، لحيته طويلة، ولا نظام في شعره ألبتة، يجلس على كرسي قديم خلف المكتب ويرتدي فوق ملابسه العادية، معطفاً شتوياً طويلاً رثاً. يرى مستغرقاً في نومه، ملقياً رأسه على ذراعيه فوق مكتبه . . بينما بقي الكتاب مفتوحاً أمامه.

تتعدد الأنوار على صفحة وجهه بشكل جانبي . . أحمر . . أصفر . . أزرق . . أخضر. ثم تتكرر بترتيب منعكس الى أن تتوقف عند النور الأحمر.

يتعذب النائم في الضوء، وكأنه يعاني كابوساً، ثم يسلط الضوء الأصفر. وفي نفس اللحظة يصرخ بأعلى صوته بفزع، قابضاً على عنقه بكلتا يديه مستيقظاً.

ينظر في أرجاء الغرفة مذعوراً . . بينما تأخذ يداه في الارتخاء من حول عنقه. يشعل مصباحه ذا النور العادي، وهو لا يزال يتفحص بنظره كل شيء من حوله متحاشياً النظر الى الجمهور. يطفئ المصباح بينما يظل الضوء الأصفر يلازمه طيلة الوقت أينما وكيفما تحرك، مستقلاً عن الأضواء التي يتطلبها السيناريو.

سامي: (مشعلاً لفافة)
الكابوس . . هذا الكابوس الرهيب! (متحسساً عنقه) مرة أخرى! وكأن أشباح الجحيم، انتقلت جميعها الى هنا . . لتشاركني هذا القبر المتعفن ! (محركاً عنقه) كادت أصابعه المتوحشة تخترق بلعومي.

(يشعل النور ثانية. ينظر حوله بخوف. يتوقف على الكتاب المفتوح أمامه يقرأ بحزم)

انهض ، انهض يا أوزيريس !
أنا ولدك حوريس . .
جئت أعيد اليك الحياة،
جئت أجمع عظامك .
واصل أعضاءك . . .
أنا حوريس الذي تكون أباه!
حوريس يعطيك عيوناً لترى،
وآذاناً لتسمع، وأقداماً لتسير
وسواعد لتعمل . . .
ها هي ذي أعضاؤك صحيحة،
وجسدك ينمو،
ودماؤك تدب في عروقك!
إن لك دائماً قلبك الحقيقي،
قلبك الماضي !
فانهض، انهض يا أوزيريس ! !
(يغلق الكتاب وهو ما زال يردد وبحزم أكثر)
انهض يا أوزيريس . .
يا أوزيريس انهض !
(ينظر الى الرسم متأملاً، ثم ييأس)

لبنى! أجل لبنى ! بل التنين ! ! من يتصور أن مثل هذه الحمامة الوديعة، تتحول الى تنين رهيب، يغرس مخالبه المتوحشة في عنقي؟
كدت أجن ! ! لكم تعذبني أيها الملاك التنين! ؟ (بضيق) هيرا ! هذه اللعنة لم تمت !

(يطفئ المصباح ناهضاً بتثاقل. يدعك لفافته في المنفضة ثم يتجه نحو النافذة. بينما يسمع هبوب الريح بوضوح . يزيح الستار ناظراً الى الخارج . . بأسف)

ايه . . . لا قمر في السماء ! (يسدل الستار عامداً . يرفع يده الى أعلى ثم ينزلها بعصبية كمن ينتزع شيئاً) قد انتزعه ذلك الشاعر اللعين من الأعالي، واغتصبه في ليلة مجنونة من ليالي الشتاء، على الشاطئ المقفر ! (معبراً بحركة من يده) ثم . . ثم ذوبه بالملح والكبريت ! (بسخرية) هه . . القمر! أجل. القمر بالملح والكبريت! ! (باستغراب) بل وشربه! كما لو كان يشرب خمرة رديئة في ليلة إفلاس ! (بضيق معبراً بيديه) لماذا لم يخنقه ذلك المجنون خنقاً؟ (ينظر الى يديه المتشابكتين بفزع) أوه . . كلا . . كلا . . (يرخي يديه وهو لا يزال يتأملهما) كنت افقد عقلي، لو رأيته يفعل ذلك ! مجرد أن أتصوره يفعل! ! (يتجه ناحية مكتبه ، وهو لا يزال يتأملهما. يشعل النور ثم يقلبهما متفحصاً) خيل إلي أنهما ملطختان بالدماء! اللعنة . . .

(ينظر الى الرسم بفزع . يطفئ النور ثانية. يسكب كأساً من الخمر، ثم يغمس إصبعه في الكأس محركاًن كمن يذوب شيئاً. يعب ما في الكأس جرعة واحدة . . يتجشأ بامتعاض).

لا بد . . . لا بد وأن ذلك المجنون . . ذوّب القمر في هذه الكأس ! (باستغرب) من يدري؟ ربما كان أحد الضالعين في الاغتيال البشري! ربما كانت هذه العملية، إحدى تجاربه الخبيثة، لاختراع ما هو كاف لإبادة البشرية. . بطريقة أسهل مما هو متبع الآن! مما هو متعارف عليه بين ساسة الدول ! أصحاب الحق الشرعيين، في تقرير ما إذا كانت، جديرة هذه البشرية باستمرارها أو غير جديرة !!

ولكن . . ولكن أي شأن لهذا الـ . . . (بأسف) يا إله السماء! حتى الشعراء أصبحوا . . . (باستغراب مفكراً) ولكن . . ولكن . . (بجدية)
قمر . . زائد ملح . . زائد كبريت . . زائد خمرة رديئة . زائد جوف مجنون ملتهب . . (مفكراً) يساوي . . يساوي . . (يتجشأ بامتعاض) يساوي فقاعات سامة . . (معبراً بحركة من يده) تتصاعد . . وتتصاعد. الى أن تملأ السماء غيوماً . . وغـ . . (ينصت الى صوت الريح، وهو لا يزال يعبر بيده ثم يتابع بعصبية) وريحاً غريبة مقيتة . . وأشباحاً رهيبة . . . (يتقدم من النافذة، يزيح الستار بحذر وينظر الى الخارج).

لا بد وأن هذا المجنون . . العالم في علم التخلص من العالم ونفسه! لا. وإنه من نسل الجن! أو . . أو إنه جن بنفسه ! ؟ حتى النجوم انتزعها؟ يا للعنة . . لم يترك لي في السماء شيئاً آنس إليه . . (عائداً الى أول المسرح) ولكن لماذا كان . . . (بضيق) لا أستطيع إدراك ذلك! لماذا كان عليه أن يختار هذه الكأس بالذات! كأسي أنا ! ! لتكون له ولتجاربه الخبيثة مصنعاً مشؤوماً للموت ! ! منتهى الوقاحة . .
(باستغراب) كأسي أنا ! وفي بيتي أنا ! ! منتهى . . .

(بجدية): قمر . . زائد كبريت زائد . . الكون الخارجي زائد . . مئة مليون ميجتون زائد . . السلام العالمي . . زائد . . . (يصمت مفكراً ثم يتابع) زائد . . السلام العالمي . . يساوي . .. (جيئة وذهاباً) يساوي . . يساوي . . ناقص الانسانية . . ناقص الكرة الأرضية ! (بحماس) ويساوي . بالطبع يساوي التكوين . . ناقص سبعة أيام ! (بحماس أكثر) وبالطبع أنها النتيجة الصحيحة الوحيدة! (بانتصار جالساً الى مكتبه): هه! كنت أظن أنني لا أستطيع حل معادلة إنسانية . . (مستدركاً) معادلة كيماوية واحدة! (بجدية) لا شك أن هؤلاء العلماء يعرفون النتيجة سلفاً . ومع ذلك . . لا ينفكون عن تجاربهم لها !! (بضيق) وعلى حساب أشيائي الخاصة. على حسابي أنا! (ينصت الى صوت الريح، ثم متابعاً) الريح الغربية . . (ناظراً الى أحد الكتب على مكتبه) ايه شيللي ! (بأسف) لقد جن هو الآخر . . اغتالته الريح الغربية . . ورمت به لأسماك البحر طعاماً! من كان يتصور أن أجمل الرياح تصبح قتالة مجرمة ! وأن ذلك الوجه الجميل – يا للتعاسة . . يشوهه سرطان البحر!

وإن تلك العبقرية – يا للضياع – تصبح وقوداً للنار ! ! ومن أجل ماذا؟ (بسخرية) العدل السياسي . . أجل. العدالة ! ! هه!؟ (باحتقار) «أنت الوجود للخريف النابض أيتها الرياح الغربية العاتية . . ذلك الذي من وجودك الخفي أوراقه ماتت وتلاحقت، كما الأشباح تهرب من ساحر»! (يسكب ما تبقى في الزجاجة من خمر ثم يشرب) كلهم مجانين أولئك الشعراء! خمر الجحيم ما تسكبه أرواحهم البائسة، الى أن تأتي على آخر رمق في وجودها! (ينظر الى الزجاجة بيأس. ثم يضعها مردداً بخوف) وتلاحقت كما الأشباح ! الأشباح !! . . (يتحسس عنقه يا للعنة . . كاد يزهق روحي، ذلك الشبح المتوحش! شبح لبنى ولا شك! (بغضب) كلا . . . كلا . . بل شبح المالك الوقح . . . (الريح بوضوح. يهب واقفاً ناحية الباب. ثم يجلس مردداً بشرود وتلعثم) عند منتصف الليل ذات مرة . . بينما في عالم الأموات زورقي، كان لموجه يفرش الشراع . . (معبراً بيديه) يدا شيتا مخيفة . . من خلف الظلام الدامس، اللتان امتدتا . . ثم . . ثم بكل ما فيهما من جن، أطبقتا حول عنقي! (بفزع) كدت أفقد صوابي . . كانت تنتصب حتى السقف ! كانت تتحول وهي تضغط على عنقي، الى تنين رهيب! تتوقد عيناه وتلتهبان. شعرها القبيح، الى حراشف مدببة يتحول. تنهش كل موضع في جسدي. . وفكاه المتوحشتان، كانتا تتسعان . . وتتسعان حول جمجمتي . . (مشيراً الى رأسه) هذه . . . الهاوية بعينها! فكّه الملتهبة . . يا للرهبة! كنت أصرخ وأنا أتردى في أعماق الهاوية، كنت أصرخ بأعلى صوتي! كنت أهوي . . وأهوي ! لم أصل الى قرار ! ! (باستغراب) ولكن لماذا شيتا؟ لماذا تنين !؟ (ناظراً الى يديه) أوه . . كلا . . كلا إنهما ولا شك يدان إنسانيتان ! لا بد وأنني لا أزال إنساناً . . كثيرون هم الذين يمسخون في أيامنا الى قرود ! الى ذلك النوع من الزواحف المخيفة ! ! قد . . .

(بحزم) لا . . . لا يمكن أن أمسخ الى واحد منها . . يجب أن أبقى آدمياً . . يجب! (ينظر الى يديه ثانية . . يبتسم بارتياح) كانت تقول عنهما لبنى، أنهما جميلتان كيدي الطفل ! ولكن . . .

(يصمت فجأة. ينصت الى صوت الريح ناحية الباب يفزع كمن يسمع طرقاً عليه) ولكن هذه اليد المتوحشة التي تطرق بابي، لا يمكن أن تكون يداً آدمية!

(صوت الريح ثانية .يهب واقفاً عند أول المسرح، مشيراً بيده جانباً ناحية الباب بغضب): ماذا؟ . . . ألم يعد ثمة قانون يردع أولئك الأوغاد؟ ماذا يظنون؟ أنني متاع لهم! يقتحمون بيتي كلما شاؤوا ! ! (يتقدم قليلاً وبسرعة ناحية الباب) كلا . . . لن أرضخ لمشيئتكم أيها الأوغاد . . . (يحذّر باصبعه متراجعاً) أيها البرابرة المجرمون! (ينصت الى صوت الريح. ثم يغضب متقدماً ناحية الباب) لا بد وأنه ذلك الدب . . صاحب الحان! كلا . . . لن أستجيب لطرقاتك . . حتى ولو هشمت الباب بقبضتك المخمورة. (صوت لاريح. مندفعاً بسرعة ناحية الباب) ما الذي تريده أيها الأهوج ؟ أن أموت ظمأ للخمر؟ ولماذا؟ لأنني لا أملك ثمنها !؟ (بشراسة) قلت لك كلا . . . لن أفتح . . حطم الباب إن استطعت! (معبراً بيديه) إنني سأكتم أنفاسك بيدي هاتين . . (ينظر الى يديه المتشابكتين بفزع) أوه . . . لست مديناً لك بشيء . . . لست مديناً . . إنك من دمي صنعت خمرك! (صوت ريح خفيفة . . ينظر باستغراب، ثم بارتياح) الى الجحيم . . أجل . . ربما ضغط شحمك المتراكم فوق قلبك عليه، فعطل خفقاته. ربما استرحت منك! يجلس خلف مكتبه مشعلاً لفافة. ينفث دخاها بعصبية ناحية الرسم، ثم يراقب الدخان حتى يتبدد من حوله. ينظر إليه بحنان ثم يأخذه اليه) لبنى . . . أين أنت يا لبنى ؟ تركتني مع الآلام وحدي. لماذا؟ قلت أنك لن تتخلي عني الى الأبد! كيف استطعت . . .

(صوت الريح ثانية. يلتفت الى النافذة بذعر) الريح المجنونة مرة أخرى. ألا تكف عن هذا العويل – بحق الشيطان – !؟ تغتالني شيئاً فشيئاً! ! (مصغياً) ما هذا؟ . . إنه البوم ينعق في الخارج ! كلا . . ليس البوم ذلك ! كلا . . ليس البوم ذلك ؟ إنها لبنى ولا ش ! أنفاس لبنى المخنوقة . . حشرجاتها ! ! (ينقر باصبعه على مكتبه) خفقات قلبها ! ! (يضع يده على صدره) بل خفقات قلبي . . لا يمكن ! مستحيل أن تكون خفقات قلبها ! ! (صوت الريح. يقفز ناحية الباب بذعر) وقع أقدام ! أقدام متوحشة! ! تدب . . وتدب . . هؤلاء الوحوش ! لا بد وأنهم . . هذه الأحذية الثقيلة !

يا إلهي . . . إنهم يقتربون ! يقتربون! (بجنون متراجعاً) الى الجحيم ايها المتسولون . . ستفتح دونكم أبوابها . . أما بابي فلا . . (مستلقياً على مكتبه باعياء) حمدا لله . . إنهم ينصرفون . . ينصرفون بعيدا! ليأخذهم الشيطان . . . (بشرود مصغياً الى صوت الريح الهادئة) «برفق فوق موج الغرب، روح الله مري» (بصمت ثم يردد ثانية) «أحلام من البهجة والفزع أمواجك، رهيبة تجعلك وحبيبة» (بارتياح معبراً بيده) رقيقة مع خاطر . . . (صوت ريح قوية. بصمت فجأة. ثم بفزع ناحية الباب) يا إله السماء! إنه آت! ! حذاؤه الثقيل ! خطواته المتوعدة . . (يهب واقفاً عند أول المسرح) أجل خطواته . . أعرفها جيداً! ذلك المالك الأحدب. . سيقذف بي الى الشارع . . ذلك المستبد (بمرارة) القانون الى جانبه . . بل الدولة وجميع سلطاتها ملك له . . رهن إشارته! حتى الحرب تخوضها من أجله لو شاء ! (بغضب) أما أنا . . عضو غير صالح في الدولة! ! ولماذا ! ؟ لأنني لا أملك كرشاً مثله! (محذراً باصبعه) لم يبق لدي شيء أيها الثور الهائج. لم يبق شيء . . لقد سلبتم كل أشيائي بعتموها في المزاد العلني كلها ! ولكنكم ما زلتم تلاحقونني لم يبق غير ما أبقيتم لي من هذه الكتب المتعفنة ! خذها إذا شئت . . لم أعد بحاجة اليها . . (بسرعة نحو مكتبه) وهذه الكمبيالات المقيتة . . (يقذف بها ناحية الباب) ها . . ماذا تظن؟ أنك ستستعبدني؟ ! أن تجعل مني سلعة حلالاً لك، ولأعوانك! (محذراً بإصبعه) كلا . . وألف كلا! إنك لن تسطتيع ذلك . . أنت . . وجهاز الدولة جميعه! هذا الجهاز المتعفن، الذي تديره وفقاً لأهوائك! سأقذف بكم الى الجحيم جميعاً . جميعاً . . هل تسمع! ؟ لا . . لن أكون عبداً لكم . . وسأفعل ذلك وحدي . . أجل. إنني ما زلت قادراً على ذلك . . وحدي ! ! (باحتقار) ألا يكفي أنكم أخرجتموني من عملي؟ وبعد أن جردتموني من كل شيء، لكي أموت جوعاً، وليسهل قهري عليكم !؟ ولماذا؟ لأنني أشكل عليكم وعلى مصالحكم المقيتة خطراً ! لأنني أزيف التاريخ كما تدعون! لأنني اشوه الأدب! ! أما أنتم فلا ! ؟

(بغضب) وماذا أردتم؟ أن أعلم أبناءكم كيف يكونون ذئاباً بشرية مثلكم؟ كيف يمتصون الدماء! ؟ (ينصت باستغراب. بسرعة نحو النافذة. يزيح الستار ثم ينظر خارجاً) غريب ! إنه ينصرف! يغيب في آخر الزقاق ! ! (بارتياح عائداً الى مكتبه) حمدا لله . . . (يشعل النور، ثم يطفئه شاهقاً بفزع) إنه يعود ! يا للعنة . . هذا الثور الهائج! (بسرعة نحو النافذة ثانية. يطل بحذر) يا للوقاحة . . إنه يتوقف! هذا الثور . . إنه يتفحص نافذتي بنظراته الخبيثة! عيناه المتوقدتان في النور . . (يرخي الستار متراجعاً) باستطاعة هاتين العينين . . اختراق اسمك الجدران . . وأحلك النوافذ ظلمة ! هاتان العينان . . . (بغضب متوقفاً) لا يوجد غيري هنا! إنني . . إنني لا أعرف أين هي ! ! إنني لم أر وجهها منذ ذلك اليوم الذي . . (بضعف) قالت أنها لن تدعني أراها ما حييت ! (يقترب من النافذة ثانية. يزيح الستار ناظراً) يا الهي ّ . . إنه ينصرفّ يغيب في الزقاق مرة أخرى ! ! (عائداً الى أول المسرح) إنهم يحطمون أعصابي . . هذه الحرب المقيتة معهم . . تكاد تفقدني كل رغبة في المقاومة . . إنها تشل أعصابي . . تشل نفسي شيئاً فشيئاً. (بحزم) ولكنني لن أستسلم لن أستسلم أبداً ! !

(يلتفت ناحية الجمهور باستغرب. يتفحص الحاضرين بارتياب وكأنه يراهم لأول مرةّ يقترب منهم قليلاً وهو لا يزال يتفحصهم) يا إله السماء! أنتم . . . ماذا تفعلون هنا؟ كيف دخلتم داري بحق الشيطان !؟ كيف استطعتم ذلك !؟

(بغضب) ماذاّ ألم يعد ثمة قانون في العالم !؟ (باستغراب) منتهى الوقاحة! إنني لا أستطيع أن أتصور! كيف يسمح شخص لنفسه دخول بيت غير بيته. ودون إذن صاحبه!؟ (بغضب) حتى حديقة الحيوان . . . بل والمقابر أصبح لدخولها وقت معين ! بل وثمة أبواب لها تقفل على موتاها !! إنني . . إنني لا أفقه كيف تدخلون بيتي كما. كما لو كنتم تدخلون حاناً . . أو . . أو مرحاضاً عاماً !؟ (بضعف) هل مدين لكم أنا بشيء؟ (بغضب) كلا . . إنني لا أسمح لكم أن تتسللوا الى بيتي . الى حياتي الخاصة ! إنها ملك لي . . ولي وحدي . . (بثورة) لماذا تنظرون إلي هكذا؟ سترمونني بالجنون . . ها ! ! أليس من حقي الثورة لحريتي ستدعون بأنني أعتدي على حريتكم! ولكن الى الجحيم . . أنتم . . وحريتكم . . . تلك التي تبنونها على حطام حرية الاخرين . . حطام حريتي . . حطامي أنا !! (برزانة) أنكم تستطيعون ممارسة حقكم في الحرية . . دون قتل حريتي لو أردتم! أن أحداً لن يمنعكم من ذلك !!فلماذا على حساب حريتي إذن؟ ولماذا ينبغي علي أنا، أن أدفع الثمن من حريتي؟ هل حاولت أن أسلبكم مرة حريتكم ؟ . .

(بحزم) كلا! إنني لم أفعل . . بل ولم أفكر في ذلك أبداً. وإذا كنتم تدعون بأنني فعلت . . فإنما لتبرروا جريمتكم. . تلك التي ترتكبونها في حقي . . وليس إلا . . (بارتياب) لا أستطيع فهم ذلك ! لماذا تنظرون الي هكذا؟ عيكم اللعنة . . ما هذه المهزلة التي تمثلونها ! مشيراً الى أحد الحاضرين) أنت . . لماذا تنظر إلي هكذا؟ كيف دخلت بيتي ! ؟ ولماذا ! ! ؟ وبأي حق فعلت !؟

(بغضب) لماذا لم تذهب الى أي مكان آخر؟ الى الجحيم مثلاً . . لماذا بيتي أنا بالذات !؟ (باستغراب) يا إلهي ! . . هل نظرت الى عينيك؟ انهما تتوقدان . . إنهما . . إنهما . . لا بد وأنها ذئبة تلك التي أرضعتك ! من يدري أي شيطان . . ذلك الذي يسكن هذه الرأس الآدمية !؟ (الى آخر) أنظر إليه . . ألا تعتقد أنت الآخر أنه . . أنه كمن لو كان . . . (بضيق) لماذا تحدق أنت الآخر بي هكذا؟ يا للرهبة . . إنك لا تختلف عنه ! (ينقل نظره بين الاثنين) انني لم أعد أفرق بينكما ! (يلف الجميع بنظرات حادة) يا للعنة . . ما الذي حدث بحق الشيطان !؟ لماذا تتخذون جميعكم نفس الهيئة عندما أنظر اليكم ! هل تآمرتم علي جميعاً !؟ (يتفحصهم بارتياب) مستحيل هل أشبهكم أنا بشيء؟ (بحزم) كلا . . كلا . . يستحيل ذلك ! إنه لمريع أن . . أن . . (متراجعاً بيأس) لبنى . . . لو إنك الآن هنا يا لبنى . . كنت تقذفين بهؤلاء الذئاب الى الشارع . . الى الشارع . . . ولكنك . . ولكنك بعيدة عني الآن . . لقد رحت بعيداً . . هجرتني . . لا بد وأنك فعلت ذلك بإيعاز منهم ! فقد سيطروا على رأسك الصغير . . استعبدوا غباءك ! ! (بأسف) ايه لبنى . . . (بصوت حالم) «أجمل العينين عيناها. وأحلى السوسنات صدرها . . . والدمع بارع فهو في الصدر خفوق، وهو في العين صلاة. كوننا ما زال رائعاً . . « (بيأس) هكذا كنت أغني لها . . هكذا كنت أغني لها . . للبنى حبيبتي ! ولكنها أغلقت عن غنائي أذنيها وتركتني هكذا وحدي فريسة للوحدة . . يعذبني الليل، ويأكل روحي النهار !

(بمرارة) لا. . لم يعد كوننا رائعاً. بل جحيماً لا يطاق أضحى . . (بضيق) الريح الغربية . . الأشباح . . طرقات أحذية الوحوش في قلب الليل . . وحرية الذئاب الآدمية ! ! (بحزن) وشبحها . . طيفها . . ذلك الذي تطير روحي خلفه كلما مر بي . . كما الى النار تطير الفراشة ! (كمن يرى طيفاً) «يا حبيبتي . . الى أين تخطرين؟ فإن عاشقك المخلص آت. حبيبك الذي يغني لك أجمل الألحان . . .» (ببكاء ناحية الباب كمن يفقدها) لبنى . . لبنى . . (بيأس عائداً الى مكتبه) طيفها مرة أخرى ! كم يعذبني أن أفقدها ! (يجلس الى مكتبه بعياء. ينصت الى صوت الريح الهادئة ثم يدندن بصوت حالم (أنت معي. . فلتعصف الرياح . . لتقصف الرعود . . (بحنان) جميلاً كان صوتها . . لبنى . . (بأسف) هكذا كانت تغني لي، كلما أكون لديها على شاطئ البحر . . كانت تحبني . . كنت أحبها حداء النفس التائهة كان صوتها ! (ينصت الى صوت الريح ثم يردد ثانية) أنت معي . . فلتعصف الرياح . . ولتهطل الثلوج . . (بشرود) مع أنسام الصباح . . ودفق عبير الشمس عبر نافذتي . . كان يدلف الي ذلك الهديل الرخيم من خلف شباكها . . وعند المساء . . كنت ألم ببيتها لأسمعها . . كانت دائماً تغني . . فتعلق على شباكها قلبي وذات صباح طروب رأيتها . . بحيرة الاخضرار رأيت! تلك المترامية على هدب الأفق البعيد في عينها. وذلك الفجر الملوح في وجهها الصغير ّ وتمطي الحرير، على ياسمين الشرفات. بله الانوثة المحوم جذلان، على تفتح القرنفل فوق صدرها ! ! (بأسف) ايه يا بحيرة الاخضرار . . يا حديقة الوجد المزهرة . . أي أعصار بدوحك مر؟ أي تنين بنبعك يا غدائر العنبر سكن ! أي لبناي . . لبناي الضائعة . . (ببكاء) أنت معي . . أجل. فلتعصف الرياح . . فلتعصف . . فلتهطل الثلوج. فلتهطل . . أنت معي . . ضمني إليك يا حبيبي . . أكثر . . أكثر . . موقد دائم الدفء قلبك لي ! . . لي ! . . . أنت معي . . (بيأس) أين ذهبت كل هذه الهمسات في عصف الرياح؟ وتلك الغمغمات على تقصف الشاطئ عند قدمينا! كيف نسيتها يا لبنى؟ كيف !؟ وكأنك لم تتفوهي قط بها !! (يأخذ الرسم اليه متأملاً بشرود) لبنى كما عرفتها . . (يضع الرسم متذكراً) إحدى ليالي الشتاء القاسية كان ذلك . . أول إشراقة في قدري كانت . . أول شرارة في موقد قلبي ! (بحنان ومحبة ناهضاً) كبسمة الدفء أطلت من خلف متاهة عمري . رقيقة عذبة . . . فخشعت في محراب تلك الآلهة الصغيرة، في مسالك الغاب أصلي . . (راكعاً معبراً بيديه) «أجل يا حبيب القلب . . إن هو إلا حبك هذا النور الذهبي الراقص على الغصون . .وهذه الغيوم الكسلى السابحة في الفضاء . . وهذا النسيم الراكض منعشاً مني الجبين . .» (ينهض متثاقلاً ناحية الجمهور (هكذا رحت أصلي لها بعد أن عرفتها . . لعشتروت. عشتروت الصغيرة الساذجة! عشتروت الحمامة . . عشتروت الأم . . وعندما كانت بشهور حملها الأولى . . (مبتسماً بسعادة) جميل ذلك . . لبنى . . (معبراً) لبنى حامل ! . . (ضاحكاً) كدت أجن . . تلك الآلهة الصغيرة . . حامل . . إله صغير يلجأ برفق الي . . الي . . لقد توردت وجنتاها حين . . (بخجل) حين رحت أتحسس ذلك التكور البديع . . زجرتني عندها خجلى . . كنت كالطفل اتوق لرؤية تلك الدمية . . دميتي التي تخبئها لي لبنى . . لقد ضربتني على يدي تردها . . (بحماس) فضممتها الي . . رحت الثم وبكل حبي كل موضع في جسمها . . خصلات شعرها . . جبينها . . أهدابها . . تورد وجنتيها . . شفتيها . . وذلك التكور البديع . . تلك الدمية المخبأة لي باحتراص ! كانت تبعدني عنها خجلة . . (راكعاً) الى أن ركعت على قدميها الحافيتين تينك القدمين الجميلتين . . قدمي عشتروت الصغيرة . . عشتروت الأم . . المبللتين بقطرات الفرحة من دموع سعادتي . (ناهضاً بحماس) كالظل بقيت أجلس عند قدميها. . تلك الشهور من حملها . . كنت لا أفارقها . . والدة الإله . . كنت أقوم على راحتها بنفسي . . أرقب ذلك التكور يعمر بالحياة . . وبفرحة طفلة . . يوماً بعد يوم! وعندما كانت تغفو الى جانبي . . كنت لا أنام ! كنت أرقب ذلك التكور يعلو بهدوء ويهبط . . (ضاحكاً) كنت أتخيله يكبر . . ويكبر . . ومن ثم . . كما تفتح الزنبقة أجفانها، أتصوره يتفتح ! ويطل من خلاله ذلك الوجه الصغير . . ذاك الملاك الوديع . . فأبسط راحتي لاحتضانه . . كان يفر . . ثم . . ثم يختبئ ! وتغمض الزنبقة أجفانها . . فأغمض على روعة أغفاءتها جفني ! (بسعادة) كنت سعيداً . . ملأت البيت بالدمى الصغيرة ! (بحماس) كل أنواع الدمى! نزعت عن فساتين الغيوم زركشها، وطرزت بوشيها فساتين دماه! الى الورود الراقصة مددت يدي . . ومن ثناياها حفنت مرح ألوانها . . وزركشت بها مهده الصغيرة ! أجل . . حتى المهد أحضرته له ! يتحتم علينا ذلك . . أن نمنح السعادة أطفالنا . . أن نمنحهم الحياة سليمة لكي يستمروا بها أن نحملهم مشعلها كما ينبغي أن يحملوه!

(بيأس) ولكنه . . ولكنه لم . . (يلتفت الى ساعة الحائط بذهول) يا إليه! كان علي أن أهذب ! . . لقد تأخرت! (يلتفت ناحية النافذة منصتاً ثم بارتياح) لقد هدأت الريح . . (يتقدم منها ويزيح الستار ناظراً الى الخارج) الزقاق مقفر . . والموت كفن نوافذه ! (يتجه ناحية الباب مصلحاً من شأن معطفه بارتباك) لا بد وأنها تنتظر. كانت تنتظرني في مثل هذه الساعة دائماً . . يتحتم علي أن أذهب ! (يفتح الباب، ثم يقف به ملتفتاً الى ساعة الحائط) هذه الساعة اللعينة كم تخونني! كان علي أن أحطمها . . يجب أن أحطمها! لقد فاتني موعدي مع لبنى . . تأخرت عن زيارة طفلي ! ملعون ذلك الذي يسلم للنسيان أبناءه فلأذهب الآن . . (يخرج مغلقاً خلفه الباب).

بيت الجنون
(مسرحية في فصلين)

يرفع الستار عن نفس الغرفة، ونفس الأشياء في الفصل الأول. يستمر الظلام فترة وجيزة، بينما يسمع في الخارج صوت ريح قوية.

يسلط الضوء الأحمر على ساعة الحائط. ثم على الكرسي الخالي أمام المكتب. يسير الضوء ببطء من اليمين الى أن يستقر على باب الغرفة في يسار المسرح، بينما يسمع سعال مكتوم خارج الباب ممزوجاً بخشخشة المفتاح وكأن فتحه يستعصي عليه.

يشق الباب محدثاً صريراً. ثم يدخل سامي بشكل جانبي، ملتصقاً بدفته مضطرباً، وهو لا يزال يسعل، يرافقه الضوء الأحمر حتى النهاية.

(يغضب وهو يحاول إغلاق الباب ساعلاً) هذه الريح المجنونة . . لا بد وأن إله الريح قد جن! عليه اللعنة . . هذا الشقي . . اللعنة على كل شيء ! (يوصد الباب من الداخل) وعلى هذا الباب اللعين! (متأكد من إيصاده) لم يدخل الي منه غير الشقاء! (يبتعد قليلاً ثم يعود ليتأكد من إيصاده ثانية) إلا تستطيع البشرية الحياة دون أبواب! ؟ (ساعلاً) أما حان لهؤلاء الجبناء الكف . . عن افتراس بعضهم البعض !؟ (يتجه نحو النافذة ممسداً شعره المنفوش) أي لعنة تلك التي راحت تغتال سلام الليل، وتهتك صمته بحوافر جيادها الجنية . . وصهيلها الرهيب ! (يزيح الستار ناظراً الى الخارج) ليشمل الموت هذه المدينة الى الأبد . . (يتأكد من إغلاق النافذة) الريح الغربية! هذه الريح الرهيبة العاتية! لم تعد هناك رمال على الشاطئ! كدت أجن ! يا لهول ما رأته عيناي! يا لبشاعة الأشياء!؟ (يزيح الستار ثانية ناظراً الى الخارج) شاطئ الموت! لم يعد ثمة سرطان واحد في أعماق البحر! اوه . . يا للرهبة، أمواجه المظلمة الرهيبة، كالأشباح المفزعة كانت تزحف نحويّ كانت ترتفع . . وترتفع . . ثم تندفع خائرة، كانت تتلوى على قدمي بوحشية كانت قدماي تنزلقان نحو الهاوية بقوة! كدت أستسلم لطغيانها! كدت أقفز في لجة ليلها المفزع! (بضعف معيداً الستار) في مثل هذه السرعة! أوه . . يا للشقاء من كان يتصور! ؟ (بغضب متجهاً الى مكتبه) لماذا لم تحمل هذه الريح المتوحشة، مياه البحر معها الى الجحيم! الى أي مكان آخر ؟ لماذا رمال الشاطئ!؟ أليس غير الرمال في العالم تحملها معها!؟

(يلتفت ناحية النافذة مشيراً) لماذا – بحق الشيطان – لم تحمل معها هذا العالم الآسن . . ربما أتت بعده بعالم أفضل . . أو . . أو هذه المدينة الزانية!؟

(ناحية الجمهور بحدة) أو هذا القبر . . هذا البيت وكل أشيائه المحنطة! ولكنها لم تفعل ! مجرد أن تتحداني . . أن . . اوه . . تلك الرمال . . يا للعنة! (يجلس الى مكتبه بإعياء ضارباً على ركبتيه) لا بد وأنها ليلة من الإفلاس، تلك التي تمخضت عني! (بصمت . . ثم بسخرية) هه . . في المرحاض! مسكينة أمي . . ألم تجد غير المرحاض تسقطني فيه؟ (بيأس) يا للتعاسة! هل ضاقت بها الدنيا! في المرحاض!؟ (بغضب) ولكن ثمة مبرر لم يكف لها! إنها تلك الطائرات المفترسة . . إنها هي التي ولدتني في المرحاض، وهي تلد الجنون بعينه، مع مئات القنابل . . والتي كانت تصبها تلك الليلة على هذه المدينة . . ودون انقطاع! تلك الرعود البربرية . . . وتلك الزلازل المفزعة، هي التي تمخضت عني . . وفي المرحاض! وكأنني . . وكأنني . . (بعصبية ناهضاً ناحية الجمهور) أي ليل من الخوف والرعب!؟ (مشككاً) ولكن . . أليس هو الإفلاس بعينه؟ إفلاس العقل! إفلاس العالم من كل قيمة الاخلاقية! بل إفلاس الانسانية بأسرها!؟ (بغضب) وماذا غير ذلك يعني . . أن يستبق ذلك الجحيم مولدي؟ أن أكون وليد خوف ورعب! أن تنحي الخالق عصبة مجنونة من الحدادين، والنحاسين عن إدارة مصنع الحياة . . ولتستبد هي به ! أليس الجنون بعينه؟ بل منتهى الجنون! أن يصبح الحداد والنحاس مسؤولين عن هذا المصنع! (بسخرية) هه . . أنا . . هه . . من صنع حداد! ولا بد أنني سأنتهي على يديه! (بمرارة) يا للتعاسة . . إنني لا أستطيع تصور ذلك! ولكنها الحقيقة . . والبرهان على ذلك، أنني ولدت في المرحاض! (بسخرية) الحرب . . الحرب من أجل الحياة الأفضل! هه . . من أجل أن تضعني أمي في المرحاض! وقبل أن يحين مع ذلك موعدي ! أجل. من أجل أن تكون المراحيض مهود ولادة للبشرية! ولماذا؟ لكي أحيا حياة أفضل! يا للشقاء . . (ناحية الجمهور) هل . . هل . . (توقف فجأة . يتفحص الجالسين بارتياب، مشيراً ناحية الجمهور باستغراب) ماذا؟ أنتم . . ألا تزالون هنا! ؟ ماذا تفعلون هنا بحق الشيطان! ؟ أوه . . يا للغباء! ظننتم أنني سأترك هذا البيت لكم! بل يا للوقاحة! منتهى الوقاحة! كدت أنسى أنكم هنا! كدت أنسى تماماً! ما كان علي أن أفعل . . يتحتم علي ألا أغفل عن ذلك مطلقاً! أنكم تحتلون بيتي . . تسرقون حريتي . . ودون مبرر دون أن يردعكم قانون عن ذلك ! لا . . لا . . لن أنسى مطلقاً . . أعدكم بذلك . . أنه لسوء حظكم! ولكنني سأبر بوعدي ! (بسخرية) أنكم تضيقون – ولا شك – بي ذرعاً ! ها . . (بجدية) إنكم على حق! طبيعي أن يضيق المجرم بآثار جريمته! وطبيعي أن يدفعه ذلك الى ارتكاب جريمة غيرها . . بل والتمادي في جرائمه . . حتى يتمكن أخيارً من القضاء على كل ما يذكره بجريمته الأولى! قانون ذلك . . بل دستور هو عندكم وشريعة! (بارتياب) لماذا تنظرون الي هكذا؟ لماذا تتخذون جميعكم نفس الهيئة حين أنظر اليكم . . أو أحدثكم! ؟ هذا التجهم القبيح . . هذا الصمت الرهيب، هذه الشراسة الساكنة في أشداقكم! يا إلهي! ما أسرع أن تتحول سحناتكم الى أشكال مفزعة! الىوجوه متوحشة بشعة! حتى أنفاسكم . . ثقيلة وبطيئة! وكأنها لهثات الذئاب المتضورة جوعاً . . فحيح الأفاعي المتحرقة الى الدماء عطشاً ! (بجدية) لم أرتكب خطأ . . إنها الحقيقة! ولكني تماديت في ثرثرتي، وكأنه لم يبق لدي ما أفعل، ما كان علي إزعاجكم بمشكلة تخصني وحدي وتقلقني ! لا أدري! ربما كانت تخصكم أيضاً: ؟ بل لا بد وأن تخصكم . . إنني لم أدعكم الى بيتي! ولكنكم دخلتموه دونما، إذن مني! اقتحمتموه علي اقتحاما! (مشيراً الى إحدى الحاضرات) هل تخصك هذه المشكلة؟ أعني . . أعني أن تكوني مجرمة . . وأنتقضي على كل أثر لجريمتك!؟ (مستدركاً) اوه . . لم أقصد . . كنت أعني . . أعني . . أن يكون جنينك من صنع حداد . . ثم . . ثم يميته؟ أجل. هذا ما كنت أعنيه بالضبط!

(بسرور) أشكرك . . لا يتحتم علي ذلك . . ولكنني أشكرك! مجرد أن تفهميني . . مجرد أن تنتصري لرأيي . . مجرد أن تحاولي إقناع غيرك بصحة رأيي . . تميل بكفة الغلبة لي في النهاية . . وانتصاري! طبيعي أن لا توافقي . . لا بد وأن يكون جنينك خلقاً إنسانياً!

(بحماس متراجعاً) أي أم توافق على جنون كهذا . . أن يكون المرحاض مهداً لوليدها؟ لا توجد أم في العالم توافق على ذلك ! يتحتم علينا جميعاً أن لا نوافق . . أن ننتصر لجميع الأمهات في العالم!

(بغضب) ولكن أمي . . أجل ولدتني في المرحاض . . أحد في العالم كله لم ينتصر لها! أم واحدة لم تعترض على ذلك! ما كان يحدث – بحق الشيطان – لو أنها . . لو أنها تتلقفني براحتيها! ؟ ما كان يحدث لو أن ذلك الجحيم اجتاح العالم وهي . . وهي تجلس على كرسي المرحاض! ؟ (باحتقار) بالطبع . . طبيعي أن تضحكوا! إنكم تعتبرونها قضية خاصة . . طبيعي أن لا تشذوا! قانون هو أن تدركوا الحقيقة بعد فوات الأوان! هذه طبيعتكم! نهاية العالم . . كيف يمكن لأم أن تضحك من مأساة كهذه! كيف يمكن لأم أن لا تثور لامتهان أمومتها! ؟

(بحماس معبراً) أي أم لا ترغب في أن تأخذ طفلها إليها . . أن تضمه الى صدرها، وتقبل ثغره أن تراقبه وهو يلوك ثديها بلثته اللحمية . . ويدغدغه بيديه الصغيرتين! منتهى السعادة . . كل أم تحب ذلك!

(بحزن متراجعاً) ولكن أمي لم تحظ بذلك . . إنها لم ترني ولو لمرة واحدة ألثم ثديها! في نفس اللحظات التي كانت تمنحني فيها الحياة . . كانت تفقد هي حياتها! (بنقمة) النزيف . . النزيف الأحر القاني أجل . إنه هو الذي قتلها، ودون أن يستطيع والدي، أن يفعل من أجل شيئاً ! أي شيء! (بغضب) وما الذي كان يستطيع فعله، وفي ذلك الجحيم الذي كان يجتاح العالم؟ ماذا ! ؟ إنه لم يكن يعلم! إن أحداً لم يستشره! بل تآمروا عليه جميعاً. (بثورة) أجل. تآمروا عليه . . العالم بأسره . . وسيظل ذلك النزيف القاني لطخة جريمة مروعة . . تلوث يديه أبد الدهر . . العالم بأجمعه! أجل . العالم بأسره . . هو المسؤول عن هذه المأساة الأليمة . . مأساة ولادتي! على كاهله سيحمل وزرها الى الأبد . . الى الأبد ! (بضعف) أليس هو البؤس بعينه، أن يرضع الانسان ثدياً غريباً عنه . . أن ينشأ ويكبر مع مأساة ولادة كولادتي! ؟ (بحزن) حتى أبي . . ذلك المسكين . . لقد جروه هو الآخر الى الموت قسراً . . كان يحمل الموت معه للآخرين! (بحماس) إنه لم يوافق مرة على ذلك! لكنه أرغم . . لم يكن له ثمة مبرر . . إنها الحرية . . الحياة الكريممة! (بشرود) أخذني اليه يقبلني . . كان يغالب دمعه . . كنت ألهو حينها مع الأطفال. أجابني بأنه سيعود قريباً! سألته عن سفره . . وعن تلك الملابس الرهيبة . . كان يبدو مرعباً . . (ببهجة حزينة) قال لي أنه يحبني كثيراً ! (بأسف) وحين استقل السيارة . . (معبراً ببكاء) جريت خلفه . . كنت أصرخ بأعلى صوتي منادياً . . أبي . . أبي . . كان يلوح لي وهو يبتعد . . ويبتعد . . كنت لا أزال أجري خلفه . . وأجري ! رأيته يمسح دموعه وهو يلوح لي . . الى أن غابت السيارة بعيداً! الى أن غاب والدي ! إنه لم يعد بعد . . لقد غاب الى الأبد! ؟ (بضعف) لم أره منذ ذلك اليوم . . كنت في التاسعة من عمري . . في التاسعة فقط! يا للضياع! (بشرود يائس) وأخيراً بقيت وحدي . . لقد ذهبوا جميعاً ! أمي . . والدي . . ذلك الإله الصغير طفلي . . لبنى . .

حتى لبنى تركتني مع الآلام وحدي . . لم يبق لي شيء! لا شيء! (يجلس الى مكتبه بإعياء) لا شيء . . الريح الغربية دائمة الهبوب . . لعنة المرحاض . . المجانين . . رمال الشاطئ المتعفنة . . ومن ثم سرطان البحر! أجل . سرطان البحر! هذا السرطان المسعور ذلك القطيع المفزع! لم يبق في أعماق البحر سرطان واحد ! ! كانت جميعها تزحف على الشاطئ . . كانت تغرس مناقيدها المسنة المتوحشة في أعمال الرمال . . وهي تنهش . . وتنهش . . أوه . . يا للرهبة! (يصمت. ينصت الى صوت الريح. يدندن بشرود ثم يردد) ذهب الصيف . . ولم تعد هناك طيور تغني . . ماذا أفعل الآن، وقد تركتني وحيدا؟ ماذا أفعل الآن، وقد تركتني وحيداً؟ تركتني وحيداً! (يدندن. ثم يصمت منصتاً الى صوت الريح) ولكن لماذا تركتني وحيداً يا لبنى؟ لقد أحببتك . . بل عبدتك! كيف استطعت؟ كيف !؟ أن تحطمي حياتي . لقد قضيت أجلم سني عمري أناضل من أجلها . . (بضعف) للا مأوى كنت . . للا طعام كان مأواي في الليل محطات القطار، وعفن الميناء في مخازنه مع الجرذان! وفي النهار، في جحيم الشمس. . وزفير المداخن الخانق! كيف أوفر الراحة بعدها لعيشي! كان علي أن أفعل ذلك لوحدي . . وحين حصلت عليها! إياها سلبتني! لقد سلبتني كل شيء ! ! (بغضب واقفاً) ولماذا؟ من أجل كل ذلك الجنون الذي تماديت فيه! (بيأس) أولئك السحرة المختالون . . لقد سلبوا عقلها . . أولئك اللصوص المتآمرون ! تلك الرأس الغبية! أحد خنجر يصوب الى قلبي . . أثقل صخرة تشد إليها رجولتي ! كيف ؟ كيف ! ؟ إنني لا أستطيع أن أتصور . (بشورد) يا إلهي . . تلك الرأس الصغيرة! من كان يتصور ! ! عندما عرفتها لأول مرة . . كانت بسيطة ساذجة . . رقيقة عذبة . . كان ذلكا لحزن الوديع الساكن في عينيها يزيد من سحرهما . . أجابت من خلف حزنها ذات مرة . . أن لا أحد في الدنيا لها! أخبرتني بأنهم تحت الردم جميعاً . . وذات ليلة مجنونة من ليالي الحرب ! ! (بعطف) كاد قلبي يتفطر حزناً . . شعرت أنها قريبة مني . . قريبة جداً ! أحسست أنني في أمس الحاجة الهيا . . لأن تكون الى جانبي . . لأنها تشاركني شيئاً ما . . مأساة ولادتي ! لعنة تيهي وتشردي ! (بأسف) ولكنها تغيرت . . تغيرت تماماً ! إنها لم تعد تلك التي كنت في حاجة اليها! تلك الساذجة الطفلة! ! ذلك الحزن الساكن في عينيها . . فقد تغير كل شيء ! (بضيق وتشكٍّ) الى نمرة شرسة تحولت، وفجأة! على أطراف فكيها المفترستين . . كانت الدماء لا تنفك تقطر . . يا للتعاسة . . كان صعباً علي أن أصدقّ في الصباح تركتها ذلك اليوم . . في الصباح فقط! وحين عدت اليها في السماء، كان كل شيء قد تغير! ليست العينان عينيها . . ولا الشعر شعرها ! كل شيء أصبح غير الذي كان في الصباح حين تركتها! بحثت عن تلك الواحة الخضراء في عينيها، فلم أجدها! كان وجهها . . كان صحراء لون الكبريت المحرق رمالها! حتى شعرها . . أجل شعرها! كان على النمرة أن تستكمل شكلها تلك اللبدة الصفراء الرهيبة . . كانت تغمر رأسها ووجهها . . بل وعينيها المشعتين بحقدهما . . كانتا تتوقدان من خلالها!

(بخوف) لم أجرؤ على الاقتراب منها . . كدت أفقد – يا للرهبة – في جحيم تينك العينين عقلي! حسبت أنني بنوع من عمى الألوان أصبت فجأة! ولكنها كانت هي . . أجل هي . . النمرة الشرسة! كانت هناك . . في زاوية البيت تربض أنه الجنون بعينه! منتهى الجنون! لم أجرؤ حتى على الكلام . . على استرداد لبناي . . صديقتي . . (بحنان) كان ذلك التكور الجميل . . ذلك الجنين الخالد الى رحم النمرة ولدي أنا . . . يمنعني من أن أعارضها في شيء! كنت أريد لها السعادة . . كل السعادة، وفي كل شيء! على حسابي . . حساب سعادتي ! أجل. هكذا كنت أعاملها دائماً! ينبغي علينا جميعاً ، أن نعامل نساءنا الحوامل هكذا فبعضنا ذلك الذي يحملنه لنا في أرحامهن ويحرسن ! (بسعادة) هل أجمل من أن يرى الإنسان بعضاً منه ينمو ويكبر؟ يمتص الحياة ليخرج اليها! وليملأ عليه بالسعادة علامه! ؟ ولكن . . ولكن . . (بيأس) كيف استطاعت ذلك؟ كيف!؟ لم يحدث في التاريخ . . لقد تعلمته جيداً. أجل . لم يحدث أبداً! نمرة واحدة لم تفترس طفلها! أما هذه النمرة الشرسة . . النمرة مفترسة أطفالها لقد افترسته . . أجل. اغتالته! كيف استطاعت ذلك – بحق الشيطان – ! كيف !؟ أن تجهضه بيديها هي! بيديها المجرمتين فعلت ذلك! (بغضب) كذب ذلك . . منتهى الكذب! لم يكن أبداً ضعفاً في الدم! لم يكن مطلقاً سوءاً في التعذية! أبداً لم يكن! كلهم كذابون أولئك الأطباء . . أفاكون جميعاً! بيديها المجرمتين فعلت ذلك . . وبإيعاز منهم! لقد ساعدوها على ذلك . . ولماذا؟ لأنه سيكون ولدي! (بأسف) يا الهي . . لقد أحضرت له المهد! إنه لم يره! كيف ندع للأرض بحق السماء . . أن تستقبل أطفالنا! وقبل أن تستقبلهم مهودهم! ؟ قبل أن يروا على درب الحياة نورها . . وهم الحريون بحمل مشعلها !؟ مشعلها المقدس. يا الهي . . ذلك الوجه الجميل ! تانك العينان! (ببكاء) ذلك الإله الصغير !؟ كم كنت أمني النفس به عزاء . . أن أراه يعبث بأشيائي . . بأشياء البيت كلها ! أن يملأ عالمي هديلاً عذباً . . أن أراه على الشاطئ يجري ويمرح . . في رماله الناعمة يغرس قدميه الصغيرتين . . وبيديه الطفلتين يصنع منها بيوت أحلامه . أن أشاركه مرحه ولهوه . أن آخذه الى صدري، أحكي له الحكايا. قصص آلهات الاغريق والأميرات الجميلات. أن أغني له أجمل الألحان . . أغان للجمال والحب عذبة . . متناسياً في روعة السحر على بسمته، كل مشاكل الحياة من حولي وجحيمها . . وتلك اللعنة التي لا تمحي . . لبنى! (بحزم) يتحتم علينا ذلك! أن نتنازل عن كل سعادة في الدنيا، مقابل ما يمنحنا أطفالنا من سعادة! أن نمنحهم نفوسنا! (مشيراً الى إحدى الحاضرات بإشفاق) هل رأيت قبره في الخارج؟ هناك عند مدخل البيت! ذلك القبر الصغير . . (بسعادة حزينة) إنه جميل! أليس كذلك!؟ (بأسف) لقد ذوت جميع أزهاره . . لم تعد لبنى تسقيها . . وشغلتني بمشاكلها وجنونها عنه! مؤسف ذلك! ولكنه ما زال جميلاً! (ببكاء) كلها جميلة. . تلك القبور التي تحوي في داخلها أطفالنا . . كلها عزيزة علينا! (يردد بشرود) «على شواطئ العوالم اللامتناهية أطفال يحتشدون، العاصة تدور في الجو على غير هدى، والسفن تغور في اليم معدومة الأثر، والموت جوابه يترصد، والأطفال يلعبون، على شواطئ العوالم اللامتناهية حشد من الأطفال عظيم!» (ببكاء) كم طويلة هي الساعات التي قضيتها . . في ضوء القمر الى جانب قبره! لقد فقدت كل شيء بعده . . كل سعادة! (بإعياء) ولماذا؟ لأن لبنى أصبحت تؤمن بالحرية . . حرية الذئاب . . تلك التي لقنوها! (بغضب) حرية ماذا؟ أن تهدم حريتي لتبني على أنقاضها حريتها . . أن تسترد حريتها المسروقة في تشردها وتيهها . . وما سلبتها الحرب من حقها في الحياة من حريتي أنا ! أجل . . أن تنتزع رئتي، لكي تتنفس هي بها! لقد علموها ذلك جيداً . . أولئك الذئاب! (بثورة) ملعونة تلك الحرية. . وملعون كل ناشد لها! (بيأس) ألا يكفي ذلك لأن يفقدني صوابي! لأن يجعلني أفر بعيداً، ولو الى الجحيم نفسه! لقد أرادوا لي ذلك . . (بحزم) ولكنني قررت ألا أفعل . وأن أقف في وجههم جميعاً ّ بل قررت أن أنتقم . . أن أنتقم لنفسي ولحريتي . . أن أخلق من هذا الجحيم الذي خلقته لي لبنى، جحيماً لها . . ولكل أولئك الذئاب . . ولكلبها الوقح . . ذلك الذي أحضرته لتعوض به عن الأطفال . . وليحتل فراشي . . أنني أعرف . . أجل . أعرف جيداً أن الانتقام خروج على القانون، بينما الاعتداء مخالفة له فقط . . فأنا مدرس للتاريخ! ولكنني قررت أن أنتقم . . وأن أنتقم بنفسي! (بحدة) فالقانون الذي يعتدى عليه دون رادع، ليس قانوناً هو ألبتة! (بيأس) ولأول مرة! أجل لأول مرة أصبحت أؤم الحان . . نعم أنا . . مدرس الأدب والتاريخ! أنا الذي كنت منذ المساء آوي الى عش لبنى! أصبحت اقضي ليلي مع السوقة في الحان أعب الخمر . . تلك الخمرة الرديئة القاتلة . . علها تنقلني بعيداً عن لبنى . . وعن كلبها، وعذابها المبرح في جحيم قربها! لأعود اليها كل آخر ليل، ثملاً مخموراً . . كنت أقذفها بكل ما يأتي الى يدي .. بل ومزقت جميع ثيابها وقذفت بها الى الشارع . . كل زينتها وأشيائها . . بل كل ما يتعلق بها ويعوزها! لكي أجعلها قعيدة البيت تموت بحقدها . . (بانتصار) لقد فعلت هي الأخرى كذلك! ولكنه لم يعد يهمني . . لقد طردني أولئك الأوغاد من عملي لم أعد مدرس التاريخ والأدب! لم أعد أصلح لذلك! هه . . ولماذا ! ؟ لأنني أشكل على مصالحهم خطراً ! أن أبغي الحياة الكريمة لأبنائهم، هه . . خطر . . أن أنقذ أبناءهم من ذلك الجنون . . أن أجنبهم من التردي في وحل آبائهم . . هه . . يا للشقاء – خطر !

(يجلس الى مكتبه بإعياء. يأخذ زجاجة الخمر الفارغة اليه . . يتأملها ثم يحاول استنزاف ما فيها من خمر، ثم يضعها بعصبية) لم يبق لي شيء. أجل . . طردني أولئك الأوغاد . . لقد قضوا على آخر عزاء لي! ولكنني لن أخضع لهم! ولن أستسلم أبداً . . لا يمكن أن أستسلم . . فلأمت جوعاً كما يبغون. يستطيعون هم شل معدتي وإسكاتها . . أما لساني، فلا! مستحيل أن . . (يصمت فجأة. ينصت الى صوت الريح القوية بذعر) الريح الغربية مرة أخرى! هذه الريح المجنونة العاتية . . إنها تزهق روحي . . لا تهب إلا لاغتيالي . . حتى الريح – يا للعنة – جندوها لصالحهم ! (بضيق) ألا تكف هذه الريح – بحق جهنم – عن هبوبها؟ لا بد وأنها لم تترك على الشاطئ . . ذرة من الرمل واحدة! (بخوف) لا بد وأنها حملتها معها جميعها، وأنها كشفت عنها مرة أخرى! اوه . . كلا . . كلا . . حتى ولو كان إله العواصف نفسه فقد . . اوه . . يا الهي! مستحيل لا أستطيع أن أتصور . . (ينصت الى صوت الريح. يقفز ناحية الباب بذعر وفزع) دبيب أقدام! في هذا الوقت المتأخر من الليل! ؟ يا للرهبة ! إنها تدب . . وتدب . . هؤلاء الوحوش . . لا بد وأنهم قد . .لا بد وأنهم تبعوني الى الشاطئ! لا بد وأن ذلك الوغد . . كان يختبئ خلف المنحنى! (متراجعاً) كلا. . لا يمكن أن يكونوا . . أن أحداً لم يرني حين ذهبت . . (ينصت ثانية ثم يضيف) حذاؤه الثقيل . . نفس الحذاء . . نفس الدبيب . . لا بد وأنه يقترب من البيت . . أنه ينظر الى النافذة . . نظراته تخترق الجدار! كلا . . بل هو قطيع من الأحذية . . الأحذية الثقيلة المفزعة. القطيع يزحف نحو البيت! (صوت الريح بوضوح . . صارخاً بغضب) ليوقف هؤلاء الأوغاد زحفهم المقيت . . ليسكتوا مطارق أحذيتهم . ليخرسوا هذه الطبول البربرية . . هذا الهتاف البشع على دروب المشانق! (بصمت . . الريح بهدوء. ثم باستغراب) أنهم يبتعدون . . يبتعدون . . (بخوف) نفس الليلة . . نفس الريح . . نفس الجنون! كنت ثملاً حين رجعت الى البيت لقد شربت طول الليل دونما انقطاع! (بيأس) وجدتها تنتحب . .كانت تضم ذلك الكلب اللعين اليها . . كنت متعباً . . وفي أمس الحاجة اليها . . كنت أود أن أعانقها . . على صدرها الدافئ انتحب! كان كلانا يحترق بعذابه للآخر، كان كلانا ينصهر في جحيم الثأر المتأجج في صدره. وددت لو ينسى كلانا ما بيننا . .لعنة الانتقام . لعنة هيرا، التي لا تزال تجري في دمائنا! أن نبدأ حياتنا من جديد . . ولكنها . . (بغضب) ولكنها لم تعطني الفرصة لذلك الجنون بعينه! أقصتني بعيداً عنها . . صرخت كالمجنونة في وجهي كما . . كما لو كنت وحشاً ضارياً ! أنه الحقد . . ذلك الحقد الأسود، والذي كان يأكل قلبها . . تلك النمرة الشرسة! (بثورة) لقد فقدت عقلي عندها . . انقضضت عليها . . قبضت بكل ما تملكه يداي من قوة، ورغبة في الانتقام . . على عنق ذلك الكلب المقيت . . كانت تقاوم . . النمرة الحقود تقاوم . . تنشب مخالبها المفترسة في عنقي . . إلا أنني لم أتركه . . زهقت روحه على صدرها . . بين ذراعيها ! (بإعياء) لم أفكر أبداً في قتلها هي! لم أفكر مرة في ذلك! كنت أريدها تتعذب وتتألم بقدر ما أحببتها! إلا أنها . . هذه الشقية! اندفعت كالمجنونة الى الخارج تصرخ بأعلى صوتها! لقد جن . . سامي جن . . أنه يريد قتلي! يريد قتلي! يريد قتلي! (بهستيريا) الشقية . . أنا مجنون! مدرس الأدب . . مدرس التاريخ. . مجنون! اندفعت خلفها . . (يتوقف فجأة. ينص الى صوت الريح ملتفتاً ناحية الباب بفزع) الأحذية المتوحشة . . يا للعنة . . أنهم يتقدمون! أنهم يعودون (بجنون نحو النافذة. يزيح الستار ناظراً الى الخارج) يا للشيطان! إنه هو نفسه! ذو القبعة السوداء! إنه يتوقف . .ينظر الى النافذة . . نظراته الموقدة . . لا شك أنه رآني، حين كنت أدفن جثتها عميقاً! خشية تلك الريح المسعورة! (متراجعاً بخوف) هذه الريح اللعينة . . كادت تحملها مع الرمال . . يا للرهبة . . لم يبق منها سرطان البحر شيئاً! تانك العينان! ذلك الفم الجميل! أوه . . يا لبشاعة الأشياء . .قطيع من سرطان البحر!؟ كانت مجرد هيكل عظمي! رمة متآكلة . . كيف حدث ذلك! كيف!؟ وبمثل هذه السرعة! (بغضب) هذه الريح المقيتة انى أتت!؟ (يعود الى النافذة ثانية. يزيح الستار ناظراً الى الخارج بغضب) إنه لا يبرح مكانه! عيناه المتوقدتان . . (يفتح النافذة بثورة) ما الذي تريده أيها الذئب؟ ها . .أيها الثور الهائج! إنني لا أخشاك .. لا ! لا أرهب نظارتك هذه الخبيثة . .لم أرد قتلها . . أنك تعرف ذلك جيداً! أبداً لم أفكر في ذلك . . إنه ذلك الوقح كلبها ما أردت قتله! إنها فعلت ذلك بنفسها! لقد فرت من البيت . . كان كالمجنوننة تجري ناحية الشاطئ . . كانت تريد الانتحار ولا شك! أنني . . إنني لم . . لقد حاولت إرجاعها فقط . .ردها عن ذلك الجنون! ولكنها أبت ! (بهستيريا) لماذا لا تتكلم؟ لماذا لا تأتي الي!؟ لماذا تقف كالصنم هكذا!؟ ها . .؟ لما لا تقول أنك رأيتني، أدفنها في جوف الرمل عميقاً . .عميقاً !؟ فإنني لا أخافك . . هل تسمع؟ لا أرهبك! لقد فقدت كل شيء . .إنها هناك أيها الذئب . . هناك على الشاطئ . . كتمت أنفاسها بيدي هاتين . . هناك . . لا . . بل أنتم الذين قتلتموها. . لقد فعلت ذلك بإيعاز منكم . . لقد أردت إرجاعها فقط . . كانت تريد الانتحار! كانت تغرس أنيابها المتوحشة في يدي . . أردت إنقاذها من ذلك الجنون . .كانت تجري بكل قواها نحو البحر . . كادت تقذف بنفسها في ليل أمواجه الرهيب . . (يندفع نحو الباب بجنون ثم يعود الى النافذة) هناك . .هل تسمع . . فإنني لا أخافكم . . (يندفع نحو الباب بجنون يحاول فتحه) لا أرهبكم . . سأتحداكم جيمعاً . . سأنتصر عليكم جميعاً . . جميعاً . . وحدي (يخرج) وحدي.

ستـــــــار
(انتهت)

كتبت هذه المسرحية في ستينات القرن العشرين في فلسطين

 

توفيق فياض

من كتاب القصة والرواية المبدعين، ولد في قرية المقيبلة في المثلث – فلسطين عام (1938) ودرس في الناصرة. عام 1970 اعتقل مع شبكة اتهمتها إسرائيل بالتجسس لصالح سوريا ضدها، واطلق سراحه عام 1974 ضمن عملية تبادل أسرى مع مصر ونفي إلى القاهرة ثم انتقل إلى دمشق وبيروت وتونس وهو مقيم في تونس حتى اليوم.
من مؤلفاته: المشوهون – رواية، الشارع الأصفر – قصص، وادي الحوارث – رواية، بيت الجنون – مسرحية.. وقد صدرت سلسة الشارع الأصفر للمرة الرابعة عام 2004 وهي كما يقول عنها توفيق :

(هذه القصص القصيرة تحتوى المأساة الفلسطينية بكافة أبعادها، وتعبر عن ارتباط الإنسان الفلسطيني بأرضه واحتضانه لها رغم ما تتجرعه من علقم وما يكبده من معاناة).

بعد إطلاق سراحه من السجن وتسليمه لمصر بتبادل الأسرى بعد حرب عام 1973 يقول عن تلك التجربة:

خرجت من وطني فلسطين سنة 1974 ضمن عملية تبادل لأسرى الحرب بين مصر والكيان الصهيوني، وكنت آنذاك في السجن، وقد كان خروجي إبعادا قسريا ، وليس مجرد خروج فحسب، وقد عرفت ذلك وأنا ما أزال داخل السجن، حيث اكتشفت بعد اقتيادي من سجن (شطة) في منتصف الليل مقيدا، ومعصوب العينين، ليقطعوا بي الصحراء باتجاه مصر لتسليمي للجيش المصري، ولكن رفضي كان دون جدوى، وحين استل الضابط المصري سكينه ليبعد عني الضابط الصهيوني الذي كان يقودني بحركة متعالية، وراح يقطع قيدي البلاستيكي المنغرس في معصمي ، غصصت بالدمع، وتيبس لساني ففقدت القدرة على الكلام، كانت لحظة من أصعب لحظات حياتي .. فقد عرفت أنني أصبحت بعيدا عن وطني، وأنه صار ورائي، وأن هذه اللحظة هي اللحظة التي ستغير تاريخ حياتي ومجراه .. أيضا.

تم تكريمه من قبل ديوان العرب حيث قدم له درع المجلة تقديرا لعطائه الأدبي والفكري

 

 

 

 

 

You may also like

224 comments

Corliss Naveja 7 يوليو، 2020 - 7:43 ص

I just want to tell you that I’m beginner to weblog and seriously loved your blog. Almost certainly I’m likely to bookmark your website . You actually come with fantastic stories. Thanks a lot for revealing your website page.

http://www.withapackofpizzaz.com

Reply
where can i buy viagra without 9 يوليو، 2020 - 12:48 ص

Can I simply state what a relief to find someone that really knows what theyre speaking about on the internet. You definitely know exactly how to bring an issue to light and also make it vital. Even more people need to read this as well as comprehend this side of the story. I angle think youre not much more preferred since you most definitely have the gift.

https://judpharmacy.com/

Reply
cbd for pain 9 يوليو، 2020 - 7:46 ص

This is such a great post, and was thinking much the same myself. Another great update.

http://www.qldcoastconstructions.com.au/services/services-1/interior-bedroom/

Reply
John Deere Technical Manuals 10 يوليو، 2020 - 7:16 ص

I never usually post on blogs but I have found this is very useful work.

http://partscatalog.sellload.com

Reply
security screen monitor 10 يوليو، 2020 - 10:42 ص

I love your blog.. very nice colors & theme. Did you design this website yourself or did you hire someone to do it for you? Plz respond as I’m looking to design my own blog and would like to find out where u got this from. appreciate it

https://vegasinc.lasvegassun.com/business/2020/jun/29/when-it-comes-to-security-everything-is-fine-until/

Reply
security screens diy 10 يوليو، 2020 - 1:14 م

Hey! Someone in my Facebook group shared this site with us so I came to take a look. I’m definitely loving the information. I’m bookmarking and will be tweeting this to my followers! Fantastic blog and outstanding style and design.

https://www.youtube.com/watch?v=f4Sa8t2b-H8

Reply
Learn More 12 يوليو، 2020 - 8:56 ص

The next time I read a blog site, I really hope that it does not disappoint me as high as this set. I suggest, I recognize it was my selection to read, yet I in fact thought youd have something interesting to say. All I hear is a number of grumbling concerning something that you might take care of if you werent too busy seeking focus.

https://judproducts.com/

Reply
cbd edibles for sale in tn 13 يوليو، 2020 - 9:37 م

Hey there! I just would like to give a substantial thumbs up for the great details you have below on this post. I will certainly be coming back to your blog site for more quickly.

https://cbdhempoilsale.us/

Reply
Tractor Workshop Manuals 14 يوليو، 2020 - 1:22 م

Hi man, .This was a great post for such a tough topic to discuss. I look forward to reading many more great posts like this one. Thanks

http://www.repairloader.net

Reply
cbd oil for sale 14 يوليو، 2020 - 6:50 م

An impressive share, I simply given this onto an associate that was doing a little evaluation on this. As well as he as a matter of fact purchased me morning meal since I found it for him. smile. So let me reword that: Thnx for the reward! However yeah Thnkx for spending the time to review this, I really feel strongly concerning it and love finding out more on this topic. Ideally, as you end up being expertise, would you mind upgrading your blog site with more details? It is very valuable for me. Huge thumb up for this post!

http://cbdoil4u.org/

Reply
what is cbd for dogs and how do you get it 15 يوليو، 2020 - 9:42 ص

There are some interesting points in this post however I don?t understand if I see every one of them center to heart. There is some credibility yet I will certainly take hold point of view up until I explore it even more. Good write-up, thanks and also we desire much more! Contributed to FeedBurner too

https://cbdoilfordog.org/

Reply
cbd oil for dog itching 15 يوليو، 2020 - 8:31 م

After research study a few of the article on your web site now, and I genuinely like your means of blog writing. I bookmarked it to my book marking site listing and also will certainly be checking back quickly. Pls look into my website as well as well as let me understand what you believe.

https://wfieldsforpets.com/

Reply
benefits od cbd oil for dogs 17 يوليو، 2020 - 2:19 ص

There are some fascinating moments in this write-up but I don?t know if I see all of them facility to heart. There is some validity but I will take hold viewpoint till I check into it additionally. Excellent post, thanks and we want much more! Contributed to FeedBurner as well

https://cannabidioloilfordogs.com/

Reply
mercola on benefits of cbd oil 18 يوليو، 2020 - 10:30 ص

There are certainly a great deal of information like that to take into account. That is an excellent point to bring up. I offer the thoughts over as basic motivation but plainly there are inquiries like the one you raise where the most crucial thing will certainly be operating in sincere good faith. I don?t understand if best methods have actually arised around points like that, however I am sure that your task is plainly determined as a level playing field. Both young boys as well as ladies feel the effect of simply a moment?s enjoyment, for the rest of their lives.

https://cannabidioloilfordogs.com/

Reply
do marijuana capsules with thc and cbd give you diarrhea 18 يوليو، 2020 - 5:10 م

Your location is valueble for me. Many thanks !?

https://cbdpillsforsale.org/

Reply
understanding 20 يوليو، 2020 - 12:24 ص

I?d need to get in touch with you here. Which is not something I typically do! I enjoy reading an article that will make individuals assume. Additionally, many thanks for enabling me to comment!

https://judpharmacy.com/generic/clomid_prices.htm

Reply
Google 21 يوليو، 2020 - 8:19 ص

The very next time I read a blog, I hope that it won’t disappoint me as much as this particular one. I mean, Yes, it was my choice to read, but I actually thought you’d have something useful to say. All I hear is a bunch of moaning about something you could fix if you weren’t too busy seeking attention.

https://google.com

Reply
Milo Roefaro 22 يوليو، 2020 - 5:12 ص

Oh my benefits! a remarkable post guy. Thanks However I am experiencing concern with ur rss. Don?t know why Unable to subscribe to it. Is there any person getting the same rss problem? Anyone who understands kindly respond. Thnkx

http://ruscon-mordovia.ru/

Reply
get more info 25 يوليو، 2020 - 4:35 م

very nice article, i definitely love this web site, keep on it

http://wowgambling.ru/are-branded-remedies-better-than-generic-buddy-group-cbd-oil-mod/

Reply
my review here 28 يوليو، 2020 - 3:14 ص

There are some fascinating times in this article yet I don?t know if I see all of them center to heart. There is some legitimacy but I will take hold opinion until I explore it further. Excellent write-up, many thanks and we desire extra! Included in FeedBurner as well

http://ivanteevka-conditioner.ru/

Reply
you can try here 29 يوليو، 2020 - 3:04 ص

You should participate in a competition for one of the most effective blogs online. I will certainly advise this site!

http://swarbiznes.ru/

Reply
Go Green 29 يوليو، 2020 - 2:22 م

Saving the environment is essential and a priority for all of us. The setting is one thing that everyone has an element to play in preserving. Environment is the most important side of the human race and we’ve an obligation to preserve it. So, to save lots of nature, we must protect it and to protect the setting we should be taught about the importance and fragility of our environment.

https://ecol.net

Reply
Learn More 30 يوليو، 2020 - 9:20 ص

Hello! I just wish to offer a significant thumbs up for the fantastic information you have below on this article. I will be returning to your blog site for more quickly.

http://hitletit.ru/top-choices-of-mattress/

Reply
안전토토 31 يوليو، 2020 - 6:42 ص

Best view in the town !

https://kizi-2.org

Reply
fetish sex chat 1 أغسطس، 2020 - 6:17 ص

This is my first time go to see at here and i am actually pleassant to read all at single place.

https://www.landpage.co/c9ad11cc-c83c-11ea-8c4c-def777a16ebd

Reply
visit here 1 أغسطس، 2020 - 7:50 م

Youre so amazing! I do not expect Ive review anything similar to this before. So nice to find somebody with some initial thoughts on this subject. realy thank you for starting this up. this internet site is something that is needed online, someone with a little creativity. beneficial task for bringing something brand-new to the internet!

http://kingpen.ru/seven-simple-ways-to-protect-yourself-from-fraudulent-medicines-cbd-clinic-level-5/

Reply
안전카지노 2 أغسطس، 2020 - 6:32 ص

Best view in the town !

https://warrantnavi.net

Reply
Vi 3 أغسطس، 2020 - 4:28 ص

My brother suggested I might like this blog. He was entirely right. This post actually made my day. You can not imagine simply how much time I had spent for this info! Thanks!

http://collegehelp.collegekegerators.com

Reply
click to investigate 3 أغسطس، 2020 - 5:54 ص

There are some interesting points in this post however I don?t know if I see every one of them facility to heart. There is some credibility but I will take hold opinion up until I check into it better. Great write-up, thanks and also we want extra! Added to FeedBurner as well

http://lovepager.ru/most-noticeable-mattress/

Reply
안전 메이저사이트 3 أغسطس، 2020 - 7:50 ص

Best view in the town !

https://www.tranquilkneads.org

Reply
Renea Williamsen 4 أغسطس، 2020 - 2:06 ص

Hello, this weekend is fastidious in support of me, for the reason that this time i am reading this wonderful educational article here at my home.

https://shawnnpearce.site123.me/

Reply
click here! 4 أغسطس، 2020 - 4:11 ص

It?s difficult to find well-informed individuals on this topic, yet you seem like you recognize what you?re discussing! Thanks

http://kiridk.ru/7-benefits-to-purchase-the-best-mattress-for-back-pain/

Reply
i was reading this 5 أغسطس، 2020 - 11:59 ص

This truly addressed my trouble, thank you!

http://albuma.ru

Reply
is it dangerous to order cbd oil online 7 أغسطس، 2020 - 10:22 ص

I am typically to blogging and i really value your web content. The short article has really peaks my rate of interest. I am going to bookmark your site and also keep looking for new info.

https://cbdoilcompanies.com/

Reply
tyngsboro family pharmacy cbd gummies 8 أغسطس، 2020 - 1:40 ص

There are some fascinating moments in this post yet I don?t understand if I see all of them center to heart. There is some validity however I will certainly take hold viewpoint till I look into it additionally. Great article, many thanks and we want much more! Included in FeedBurner as well

https://cbdediblescandy.com/

Reply
cbd oil tinctures 9 أغسطس، 2020 - 8:01 ص

Would certainly you be intrigued in trading web links?

https://blurpalicious.com/

Reply
viagra canadc3a1 en lc3adnea 14 أغسطس، 2020 - 10:52 ص

Spot on with this review, I genuinely think this site requires far more factor to consider. I?ll probably be again to review far more, thanks for that details.

https://judproducts.com/

Reply
viagra forum experiences 14 أغسطس، 2020 - 11:34 م

There are definitely a great deal of details like that to think about. That is a great point to bring up. I supply the thoughts over as basic inspiration yet clearly there are concerns like the one you bring up where one of the most crucial thing will certainly be working in sincere good faith. I don?t recognize if ideal methods have emerged around things like that, but I make certain that your job is clearly recognized as a fair game. Both young boys and women really feel the impact of just a moment?s pleasure, for the remainder of their lives.

https://judpharmacy.com/

Reply
viagra treatment for pulmonary hypertension 17 أغسطس، 2020 - 12:04 م

There are some fascinating points in time in this short article however I don?t understand if I see all of them facility to heart. There is some validity however I will take hold viewpoint till I consider it further. Good post, thanks and also we want a lot more! Included in FeedBurner also

https://judshop.com/

Reply
Google 17 أغسطس، 2020 - 8:14 م

I really like it whenever people come together and share views. Great site, keep it up!

https://google.com

Reply
when will viagra be over the counter 18 أغسطس، 2020 - 2:07 م

There are certainly a great deal of information like that to take into account. That is a fantastic point to bring up. I supply the ideas over as basic inspiration but plainly there are inquiries like the one you raise where the most essential point will certainly be operating in honest good faith. I don?t understand if ideal techniques have arised around things like that, however I make sure that your task is clearly determined as a fair game. Both young boys and women really feel the effect of simply a moment?s pleasure, for the rest of their lives.

https://jud10.org/

Reply
viagra nurse 19 أغسطس، 2020 - 2:09 ص

There are definitely a lot of details like that to think about. That is a wonderful point to raise. I use the ideas above as general motivation yet clearly there are inquiries like the one you raise where the most crucial point will be operating in sincere good faith. I don?t understand if finest techniques have actually emerged around things like that, yet I make certain that your work is plainly identified as a level playing field. Both young boys as well as girls feel the influence of just a moment?s pleasure, for the rest of their lives.

https://viagrawithoutadoctorprescription.com/

Reply
what's the difference between viagra and cialis 19 أغسطس، 2020 - 9:39 م

Hi! I just want to provide a significant thumbs up for the terrific details you have below on this article. I will be returning to your blog for even more quickly.

https://judpharm.com/

Reply
viagra competitor 21 أغسطس، 2020 - 3:43 ص

I found your blog site on google and also check a few of your early posts. Continue to keep up the great operate. I just added up your RSS feed to my MSN News Visitor. Looking for ahead to reading more from you in the future!?

https://noprescriptionproducts.com/

Reply
Zackary Llano 22 أغسطس، 2020 - 8:19 ص

Hey there, I think your website might be having browser compatibility issues. When I look at your website in Firefox, it looks fine but when opening in Internet Explorer, it has some overlapping. I just wanted to give you a quick heads up! Other then that, very good blog!

https://shannonlawrence91.wordpress.com/

Reply
cbd oil in oklahoma city 26 أغسطس، 2020 - 8:39 م

This truly addressed my problem, thank you!

https://blurpalicious.com/

Reply
best foods to apply cbd oil 27 أغسطس، 2020 - 12:04 م

Oh my goodness! an amazing write-up guy. Thank you Nonetheless I am experiencing problem with ur rss. Don?t recognize why Unable to sign up for it. Exists any person obtaining identical rss trouble? Anyone who knows kindly react. Thnkx

https://cbdoil4u.org/

Reply
consultant 30 أغسطس، 2020 - 3:35 م

This internet site is truly a walk-through for every one of the info you desired regarding this and didn?t recognize that to ask. Glance here, as well as you?ll absolutely discover it.

http://1c-rybinsk.ru/5-advantages-to-acquire-best-mattress-in-may/

Reply
Jeremy Foeller 4 سبتمبر، 2020 - 5:25 م

Good blog post. I learn something more challenging on various blog sites daily. It will always be promoting to check out content from other writers as well as exercise a something from their store. I?d favor to make use of some with the web content on my blog whether you don?t mind. Natually I?ll offer you a link on your internet blog. Many thanks for sharing.

http://krasotka99.ru/

Reply
Peter East 6 سبتمبر، 2020 - 9:07 ص

A fascinating discussion is worth comment. I think that you need to compose a lot more on this subject, it may not be a forbidden subject yet usually people are insufficient to talk on such subjects. To the next. Thanks

http://ppt-x.ru/

Reply
can low testosterone cause cialis not to work 8 سبتمبر، 2020 - 1:36 ص

I discovered your blog website on google and also check a few of your very early blog posts. Continue to maintain the great run. I just extra up your RSS feed to my MSN News Reader. Looking for onward to learning more from you later!?

https://cheapgenericpharmacy.org/

Reply
which works better cialis or viagra 9 سبتمبر، 2020 - 12:55 م

Youre so great! I do not intend Ive check out anything like this before. So great to locate someone with some original ideas on this subject. realy thank you for beginning this up. this website is something that is needed on the web, a person with a little creativity. useful task for bringing something brand-new to the net!

https://chrxproducts.com/

Reply
sildenafil chewable tablets reviews 11 سبتمبر، 2020 - 12:35 ص

This truly addressed my trouble, thanks!

https://stablepharmacy.com/

Reply
is viagra and sildenafil the same 13 سبتمبر، 2020 - 10:07 م

Good article. I find out something a lot more challenging on different blog sites day-to-day. It will certainly always be stimulating to read content from various other writers as well as exercise a something from their store. I?d like to utilize some with the web content on my blog whether you don?t mind. Natually I?ll give you a link on your web blog site. Thanks for sharing.

https://fortunegraphite.com/

Reply
sildenafil generico farmacias similares 15 سبتمبر، 2020 - 5:23 ص

You ought to participate in a contest for among the very best blog sites online. I will certainly advise this site!

https://tevaviagra.com/

Reply
generic sildenafil online 16 سبتمبر، 2020 - 6:05 ص

This web site is truly a walk-through for every one of the details you desired about this and didn?t know that to ask. Glance below, and also you?ll definitely discover it.

https://upharmacy24.com/

Reply
iron dragon sildenafil 17 سبتمبر، 2020 - 2:01 م

This website is truly a walk-through for all of the details you wanted regarding this and also didn?t know who to ask. Glance here, and you?ll definitely discover it.

https://cheapgenericpills.com/

Reply
non prescription ed drugs 18 سبتمبر، 2020 - 2:34 ص

I?d have to talk to you right here. Which is not something I normally do! I enjoy checking out a message that will certainly make people believe. Also, thanks for permitting me to comment!

https://pharmacywithoutdoctorprescription.com/

Reply
cbd oil fro sale in brookside kc mo 21 سبتمبر، 2020 - 1:35 م

I uncovered your blog site on google and also examine a few of your very early blog posts. Remain to keep up the very good operate. I simply extra up your RSS feed to my MSN Information Visitor. Seeking forward to learning more from you later on!?

https://cbdhempoilsale.us/

Reply
Stefan Kraskouskas 29 سبتمبر، 2020 - 5:23 ص

Would you be intrigued in exchanging web links?

http://chehov-townhouse.ru/

Reply
cbd oil for sale fargo nd 30 سبتمبر، 2020 - 1:53 م

You made some decent points there. I searched the web for the issue and found most individuals will support with your web site.

https://cannabidioloilsale.com/

Reply
Migdalia Carleton 7 أكتوبر، 2020 - 1:39 ص Reply
Randal Foddrill 7 أكتوبر، 2020 - 4:14 م

vanity leads to more plastic surgery procedures. people are becoming more conscious about their appearance’

https://papaly.com/categories/share?id=8c295f6b5f654b36b41516863cfc878d

Reply
Alta Zedaker 8 أكتوبر، 2020 - 12:53 ص

I hope your knowledge gets spread around so a lot of people can see what the real problems are in this situation.

http://operations-management-company.mystrikingly.com/blog/managing-through-crisis-how-mbas-are-bring-ppe-to-boston-hospitals

Reply
Cedric Nicklaus 8 أكتوبر، 2020 - 5:28 م

too much vitamin-a can also cause osteoporosis but aging is the number cause of it.

https://www.netvibes.com/subscribe.php?preconfig=1a043246-9bf0-11ea-8d66-a0369fec9884&preconfigtype=module

Reply
cbd products for dogs near me 16 أكتوبر، 2020 - 5:40 ص

This website is truly a walk-through for all of the information you desired concerning this as well as didn?t know who to ask. Peek right here, as well as you?ll certainly uncover it.

https://wfieldsforpets.com/

Reply
cbd products for pain 16 أكتوبر، 2020 - 11:48 م

I found your blog site on google and examine a few of your very early posts. Continue to keep up the excellent run. I simply extra up your RSS feed to my MSN Information Viewers. Looking for onward to finding out more from you later on!?

https://cannabidioloilforpain.com/

Reply
Abel Dopf 27 أكتوبر، 2020 - 9:42 ص

After study a few of the post on your internet site now, as well as I genuinely like your means of blogging. I bookmarked it to my book mark site list and also will certainly be checking back soon. Pls take a look at my web site also and also let me recognize what you believe.

http://audi-80.ru/

Reply
Esperanza Siefert 28 أكتوبر، 2020 - 8:29 ص

After study a few of the blog posts on your website currently, and also I genuinely like your way of blog writing. I bookmarked it to my book marking website checklist as well as will certainly be examining back soon. Pls check out my web site also as well as let me recognize what you believe.

https://cbdediblescandy.com/

Reply
where can i find cbd oil 9 نوفمبر، 2020 - 3:01 ص

There are absolutely a lot of details like that to take into account. That is a wonderful point to bring up. I offer the ideas over as general inspiration however plainly there are questions like the one you raise where one of the most vital point will be operating in truthful good faith. I don?t know if ideal methods have emerged around things like that, however I make sure that your task is plainly determined as a fair game. Both young boys and also ladies feel the effect of simply a moment?s enjoyment, for the remainder of their lives.

https://cannabidioloilbenefits.com/

Reply
canadian online pharmacy 13 نوفمبر، 2020 - 7:33 ص Reply
WWW.XMC.PL 15 نوفمبر، 2020 - 6:30 ص

There is little free thinking at all.

http://www.xmc.pl

Reply
pharmacy rx canada 11 ديسمبر، 2020 - 8:24 م

Can I just say what an alleviation to locate someone who actually recognizes what theyre talking about on the web. You definitely know exactly how to bring a problem to light as well as make it crucial. Even more individuals require to read this and also comprehend this side of the tale. I angle believe youre not more prominent since you most definitely have the present.

http://supermarketpharmacysummit.com/

Reply
Shirl Glime 31 ديسمبر، 2020 - 9:46 م

I need to find blogging websites that deal with legal issues such as contracts, wrongful death claims, fraud, etc. I don’t even know where to start looking. Any advice would be appreciated.. . Thanks..

https://twitter.com/straininfoonli1/status/1323374066171039745

Reply
Leigh Bulan 1 يناير، 2021 - 11:35 ص

Blogger/Blog*Spot feeds shows the most recent (recently updated as the default setting) 25 headlines or what others call as post titles. My question is how can I increase/decrease the number of those headlines because I think they’re too many..

https://www.facebook.com/KateKowalskyWebMarketing

Reply
Rickey Becklund 4 يناير، 2021 - 11:58 ص

I have just spent the last few months creating a blogging website from scratch and i am launching on Monday. I was just wondering if anyone knew some free ways to get it noticed on google or through fan pages or something, other cheap options would be great too thanks..

https://twitter.com/katekdesigns

Reply
Tianna Betzel 5 يناير، 2021 - 4:21 ص

How do I copyright the content on my web site?

https://bookeworm94.tumblr.com/

Reply
Elfreda Froberg 8 يناير، 2021 - 1:48 ص

How can I import my blog to another gmail account?

https://www.linkedin.com/in/kmkowalsky/

Reply
Ernie Lipsky 15 يناير، 2021 - 10:53 م

I am a business man dealing in direct marketing. I need to start a blog for my business purposes. For this I hope I do not have to have an exclusive web site. Kindly advise about books where the fundamentals are explained..

https://ask-cloudkicker.tumblr.com/

Reply
Harris Lanum 17 فبراير، 2021 - 6:48 ص

What are some really good poetry blogs or websites to post journal entries?

https://ask-cloudkicker.tumblr.com/

Reply
Rueben Deanes 9 مارس، 2021 - 9:47 م

Thanks for sharing your thoughts on meta_keyword. Regards

http://sefzig.net/link/cheapphonesex553595

Reply
WilliamKeego 29 يوليو، 2021 - 8:19 ص

adult ads
jewish dating

Reply
WilliamKeego 30 يوليو، 2021 - 11:59 ص Reply
Earn Online 6 أغسطس، 2021 - 7:59 م

I have been browsing on-line greater than 3 hours nowadays, yet I by no means found any fascinating article like yours. It is beautiful value sufficient for me. Personally, if all site owners and bloggers made good content as you did, the net will be a lot more useful than ever before.

https://www.blogexpander.com/2020/10/

Reply
KevinPep 7 أغسطس، 2021 - 2:41 ص

dating gay older men advice
gay dating sites suck
gay dating cedar hill

Reply
KevinPep 7 أغسطس، 2021 - 2:40 م

gay catholic dating sites
gay dating profiles
best free gay dating sites 2021

Reply
keto meatloaf 7 أغسطس، 2021 - 4:41 م Reply
gay dating quiz 9 أغسطس، 2021 - 5:43 م

gay dating houston https://gaychatus.com/

Reply
college dating gay 9 أغسطس، 2021 - 9:42 م

europe gay dating sites https://gaydatingzz.com/

Reply
lancaster sc gay dating 10 أغسطس، 2021 - 11:55 ص

gay wealthy men dating https://freegaychatnew.com/

Reply
free gay teen dating sites 11 أغسطس، 2021 - 1:02 ص

indian gay online dating sites https://gaychatrooms.org/

Reply
KevinPep 11 أغسطس، 2021 - 6:14 ص

hily dating site no gay
gay asian dating website
philippines gay dating site

Reply
KevinPep 11 أغسطس، 2021 - 5:45 م

gay bdsm sites dating
best gay men dating site
best gay dating sites for free

Reply
KevinPep 14 أغسطس، 2021 - 4:44 ص

gay dating ct
male gay dating
gay japanese dating sim

Reply
KevinPep 14 أغسطس، 2021 - 4:01 م

gay dating younger for older
upstate ny gay men dating
hogwarts a mystery dating gay

Reply
KevinPep 17 أغسطس، 2021 - 2:27 ص

gay sm dating
gay bear dating sites
canada gay men dating

Reply
KevinPep 17 أغسطس، 2021 - 1:52 م

gay dating pueblo
gay guys am i dating a guy
gay dating sims porn

Reply
web hosting their 28 أغسطس، 2021 - 3:48 م

Somebody necessarily lend a hand to make significantly posts I would state.
This is the very first time I frequented your website page and thus far?
I amazed with the analysis you made to make this particular publish incredible.

Great job!

Reply
bitly.com 29 أغسطس، 2021 - 11:33 م

What’s up every one, here every one is sharing these kinds of experience, therefore it’s fastidious to read this webpage, and I used to go to see
this website daily.

Reply
men.date belted_boy gay dating 1 سبتمبر، 2021 - 2:31 م

vgl gay dating site https://gaychatgay.com/

Reply
Patrickwor 2 سبتمبر، 2021 - 6:37 ص

gay dating websites singapore
gay mens dating sites
gay fantasy dating sims

Reply
Patrickwor 2 سبتمبر، 2021 - 6:38 م

gay surfer dating
gay professionals dating
dating gay blind men

Reply
bitly.com 3 سبتمبر، 2021 - 6:20 ص

Thanks for sharing such a good thought, paragraph is pleasant,
thats why i have read it fully

Reply
Stromectol 4 سبتمبر، 2021 - 5:31 م

Cialis 5mg Prix

Reply
Patrickwor 5 سبتمبر، 2021 - 8:24 ص

joe kirsch gay dating
gay married men dating
gay dating websites 2021

Reply
Patrickwor 5 سبتمبر، 2021 - 8:24 م

gay canada dating site
gay porn dating sites free
gay dating profile

Reply
Michaelsig 7 سبتمبر، 2021 - 5:11 ص

dating services for gay men
craigslist gay dating
orange county gay sex dating

Reply
Michaelsig 7 سبتمبر، 2021 - 5:15 م

gay free online dating
gay dating sites malaysia
gay chub speed dating

Reply
Google Yahoo Domains 8 سبتمبر، 2021 - 3:21 ص

OK, this here post appears to be one where internet marketers have spotted a place to drop their respective web sites trying to entice the leading search engines, most notably Google, to rate their sites highly. Impossible to truly critizise this tactic when considering any web site sadly is nowhere to be found unless there are links from other web properties voting for it.

http://www.webmaster.m106.com

Reply
disabled gay dating sites 8 سبتمبر، 2021 - 3:02 م

gay dating shows https://gayedating.com/

Reply
gay dating no registration 9 سبتمبر، 2021 - 2:45 ص

gay lesbian dating websites https://gaydatingcanada.com/

Reply
Henrytiz 10 سبتمبر، 2021 - 11:30 ص

chubby gay dating site
tucson gay dating
older younger gay dating

Reply
new gay dating site 2021 10 سبتمبر، 2021 - 6:08 م

gay military dating uk https://gay-singles-dating.com/

Reply
gay speed dating bay area 11 سبتمبر، 2021 - 2:43 ص

free gay dating on desktop https://datinggayservices.com/

Reply
Henrytiz 12 سبتمبر، 2021 - 3:10 م

interracial gay dating sits
best gay dating sims site
gay pocs of dating

Reply
ralcodo 14 سبتمبر، 2021 - 2:13 م Reply
Henrytiz 15 سبتمبر، 2021 - 1:46 ص

dating gay lesbian
gay dating scene nashville
grindr gay dating website

Reply
Henrytiz 15 سبتمبر، 2021 - 1:06 م

dating tips for gay guys
interracia gay local dating
gay dating in usa

Reply
hydroxychloroquineen 16 سبتمبر، 2021 - 7:25 م

buy hydroxychloroquine hydroxychloroquine cost at costco hydroxchloroquin

Reply
chloroquine purchase 17 سبتمبر، 2021 - 3:10 ص Reply
prednisonesteroid 24 سبتمبر، 2021 - 3:23 ص

prednisolone online prednisolone vs prednisone

Reply
bactrim antibiotic 24 سبتمبر، 2021 - 3:24 ص

sulfamethoxazole tmp 800 160 trimethoprim for dogs

Reply
modafinilwithdrawal 24 سبتمبر، 2021 - 3:27 ص

modafinil schedule https://modvigilmodafinil.com/

Reply
writing a college application essay 28 سبتمبر، 2021 - 11:55 م

best online essay writing services https://essaywritercentral.com/

Reply
writing the college essay 29 سبتمبر، 2021 - 7:47 م

writing essay for college https://essayghostwriter.com/

Reply
Entigginc 30 سبتمبر، 2021 - 2:32 م Reply
prednisoloneacetate 1 أكتوبر، 2021 - 3:04 ص

prednisone for dogs prednisone side effects in dogs

Reply
modafinilvsadderall 1 أكتوبر، 2021 - 8:45 ص

modafinil weight loss provigil prescription

Reply
modafinilprovigil 1 أكتوبر، 2021 - 10:06 ص

provigil online provigil

Reply
bactrim ds 800 160 1 أكتوبر، 2021 - 10:58 ص

trimethoprim drug class https://bactrimtrimoxazole.com/

Reply
GustavoDab 9 أكتوبر، 2021 - 3:13 ص

statistics homework help
thesis writing help

Reply
Taxes.XMC.PL 9 أكتوبر، 2021 - 4:43 م

I admire the beneficial data you offer in your articles or blog posts. Ill bookmark your blog and have my children check up right here typically. Im fairly sure they will learn lots of new stuff here than anybody else!

http://www.taxes.xmc.pl

Reply
writing college essays 11 أكتوبر، 2021 - 8:47 م

what to write a college essay about https://essaysnet.com/

Reply
persuasive essay writing 12 أكتوبر، 2021 - 7:07 ص

what to write for college essay https://essaypoints.com/

Reply
writing the college essay 12 أكتوبر، 2021 - 3:22 م

exploring writing paragraphs and essays https://essaytag.com/

Reply
MatthewElibe 13 أكتوبر، 2021 - 2:39 ص

buying essays online
online paper editing

Reply
www williams sonoma capitaone com activate 14 أكتوبر، 2021 - 5:51 ص

Well I truly liked studying it. This post provided by you is very helpful for accurate planning.

http://www.backpagenation.com/user/profile/267824

Reply
analytical essay writing 14 أكتوبر، 2021 - 9:07 ص Reply
writing a reflective essay 15 أكتوبر، 2021 - 6:36 ص

best custom essay writing services https://onlinecasinos4me.com/

Reply
Click here 20 أكتوبر، 2021 - 2:52 ص

Im not that much of a internet reader to be honest but your sites really nice, keep it up! I’ll go ahead and bookmark your site to come back down the road. Many thanks

http://serviceaubar.com/2021/07/01/an-extremely-intriguing-web-site-along-with-terrific-posts-2/

Reply
Skywest employee login 20 أكتوبر، 2021 - 6:45 م

I like the valuable information you provide in your articles. I will bookmark your blog and check again here frequently. I am quite sure I will learn a lot of new stuff right here! Best of luck for the next!

https://miraresources.org/story.php?title=A-very-intriguing-web-site-with-excellent-short-articles!-r9t6c4o0

Reply
free spins casino 26 أكتوبر، 2021 - 11:22 م

free sign up bonus https://casinoonlinet.com/

Reply
casino games that pay real money 27 أكتوبر، 2021 - 12:21 م

free welcome bonus no deposit casino https://onlinecasinoad.com/

Reply
deposit bonus casino 27 أكتوبر، 2021 - 3:38 م Reply
top online casino real money 28 أكتوبر، 2021 - 1:05 ص

real casino games online https://casinoonlinek.com/

Reply
Enforma 29 أكتوبر، 2021 - 12:42 م Reply
writing essays in college 29 أكتوبر، 2021 - 3:22 م

writing an essay online https://dollaressays.com/

Reply
legitimate essay writing service 30 أكتوبر، 2021 - 5:03 ص

writing numbers in essays https://multiessay.com/

Reply
Viagra 30 أكتوبر، 2021 - 10:17 ص

Pantoprazole From Canada

Reply
write a persuasive essay 30 أكتوبر، 2021 - 8:24 م

writing a cause and effect essay https://essaytodo.com/

Reply
BrandonCeF 3 نوفمبر، 2021 - 4:46 ص

essay paper writing service
writing essay conclusion
writing a literary analysis essay

Reply
dunkinrunsonyou com 5 نوفمبر، 2021 - 1:41 م

I’m not sure exactly why but this website is loading extremely slow for me. Is anyone else having this issue or is it a problem on my end? I’ll check back later on and see if the problem still exists.

http://www.avaliaconsultoria.com.br/?option=com_k2&view=itemlist&task=user&id=1060635

Reply
Read here 6 نوفمبر، 2021 - 4:46 ص

Your online site is really necessary to your guests. Many thanks with regards to publishing, kudos with regard to the various area of interests.

http://dopka.shop/bitrix/rk.php?goto=https://www.clipsit.net/httpsn11-ultipro-com-login-to-payroll-and-time-attendance/

Reply
mercurycards.com/activate today 9 نوفمبر، 2021 - 4:00 ص

Please let me know if you’re looking for a author for your weblog. You have some really great articles and I feel I would be a good asset. If you ever want to take some of the load off, I’d love to write some material for your blog in exchange for a link back to mine. Please send me an email if interested. Kudos!

https://www.eduplus.hk/special/emailalert/goURL.jsp?clickURL=https://www.clipsit.net/www-mercurycards-com-activate-login-mercury-mastercard/

Reply
DonaldKiz 11 نوفمبر، 2021 - 3:54 ص

school uniform argumentative essay
how many sentences are in a essay
essay cover page example

Reply
www.dunkinrunsonyou.com customer survey 12 نوفمبر، 2021 - 5:00 م Reply
Prednisone 15 نوفمبر، 2021 - 2:46 م

Amoxicillin Dosage Instructions

Reply
online adult sex games 17 نوفمبر، 2021 - 7:11 م

Thanks meant for supplying these good post. https://winsexgames.com/

Reply
futanari sex games 18 نوفمبر، 2021 - 7:21 ص

Pretty educational….look forth to coming back again. https://sexygamess.com/

Reply
are tomatoes keto 18 نوفمبر، 2021 - 2:48 م

You’re a very valuable website; couldn’t make it without
ya! https://ketogendiets.com/

Reply
are tomatoes keto 18 نوفمبر، 2021 - 2:49 م

You’re a very valuable website; couldn’t make it without ya! https://ketogendiets.com/

Reply
tranny sex games 19 نوفمبر، 2021 - 5:52 ص

Thanks, this website is very valuable. https://sex4games.com/

Reply
Mytjx.com 19 نوفمبر، 2021 - 7:37 ص

Sweet blog! I found it while browsing on Yahoo News. Do you have any tips on how to get listed in Yahoo News? I’ve been trying for a while but I never seem to get there! Appreciate it

http://cse.google.com.pk/url?q=https://www.clipsit.net/www-mytjx-com-associates-login-and-self-service/

Reply
keto diet fruit list 20 نوفمبر، 2021 - 4:57 ص

Whoa….this is a important web-site. https://ketogenicdiets.net/

Reply
best keto diet pills 20 نوفمبر، 2021 - 12:00 م

I enjoy this site – its so usefull and helpfull. https://ketogenicdietinfo.com/

Reply
sex board games for couples 24 نوفمبر، 2021 - 1:12 م

xenomorph sex games https://sexgameszone.com/

Reply
Arthurkaply 25 نوفمبر، 2021 - 1:20 ص

multiplayer sex games
gay sex escape games
foreplay sex games

Reply
erotic group sex games on webcam 27 نوفمبر، 2021 - 12:25 ص

games that have sex mods https://sexgamesx.net/

Reply
txxx sex games 27 نوفمبر، 2021 - 7:58 ص

candy shop sex games https://sex4games.com/

Reply
Donaldwaimi 27 نوفمبر، 2021 - 12:39 م

love sex games
games sex 2016
sex games bachelorette party

Reply
Skywestonline com 2 ديسمبر، 2021 - 8:33 ص

Good day! This post couldn’t be written any better! Reading through this post reminds me of my good old room mate! He always kept chatting about this. I will forward this post to him. Fairly certain he will have a good read. Thanks for sharing!

http://google.co.vi/url?q=http://theondecknews.com/skywest-among-top-50-companies-to-work/

Reply
when a secretive commitment phobic guy you are dating is really gay 11 يناير، 2022 - 9:40 م

what are the names of gay dating sites older gay men dating sites british gay men dating american gay
men https://gaytgpost.com/

Reply
chubby gay dating 12 يناير، 2022 - 6:22 ص

dating gay strippers pros and cons stories gay dating
site out personal custormer service gay dating game orgy https://gaysugardaddydatingsites.com/

Reply
personal narrative essay 12 يناير، 2022 - 8:42 ص

5 paragraph essay outline uchicago uncommon essay essay on colorblindness https://essaysitesreviews.com/

Reply
Hevawhase 17 يناير، 2022 - 2:17 م

Le Iene Viagra Generico priligy medication Baineele

Reply
best free vpn for ipad a 17 يناير، 2022 - 2:45 م

using vpn to buy steam games
best vpn for china
vpn stocks to buy

Reply
best vpn torrenting l 18 يناير، 2022 - 1:20 م

reddit best vpn
the best vpn
buy secure vpn

Reply
what is an analytical essay z 18 يناير، 2022 - 2:59 م

order essay cheap
persuasive essay structure
essay crossword clue

Reply
nipples gay chat i 19 يناير، 2022 - 11:01 ص

gay chat apps for pc
best gay webcam chat
free gay phone chat

Reply
best vpn for schools h 20 يناير، 2022 - 10:02 ص

best vpn for netflix
free windows vpn
buy vpn service

Reply
play ginger wild slots 21 يناير، 2022 - 6:49 ص

pop slots free 777 slots no download free slots to play now https://2-free-slots.com/

Reply
essay for me a 24 يناير، 2022 - 3:18 ص

multi paragraph essay
slavery essay
how many paragraphs are in an essay

Reply
how to write comparison essay r 25 يناير، 2022 - 1:54 ص

career goals essay
introduction essay examples
what is a reflective essay

Reply
gay chat rooms free in illinois u 26 يناير، 2022 - 12:18 ص

gay chat phone
gay chat safe
dos chicos se conocieron en un chat gay

Reply
adam4adam gay online dating f 26 يناير، 2022 - 10:25 م

gay men vs women dating as a bi man
gay dating site free
gay sex dating

Reply
gay dating cites k 27 يناير، 2022 - 3:07 م

gay dating naked vh1
gay dating app for over 50
young gay dating porn video

Reply
gay dating in clarksville z 28 يناير، 2022 - 7:38 ص

adam for adam gay dating website
gay dating “professional bodybuilders”
gay dating for ftm’s

Reply
gay chat room carneys point h 29 يناير، 2022 - 5:35 م

gay chat random alternative
free live gay webcam chat rooms
live gay webcam chat rooms

Reply
essay concerning human understanding u 30 يناير، 2022 - 2:58 م

chicago style essay format
how to structure an essay
essay about school uniform

Reply
easy keto diet plan g 31 يناير، 2022 - 11:58 ص

keto diet salads
keto diet cheap
starting the keto diet

Reply
bread for keto diet s 1 فبراير، 2022 - 9:21 ص

keto diet what is it
cheap keto diet
diet soda keto

Reply
diabetic keto diet j 2 فبراير، 2022 - 7:17 ص

keto diet dangerous
keto diet and diabetes
keto diet wiki

Reply
coffee on keto diet d 3 فبراير، 2022 - 4:26 ص

keto diet constipation
targeted keto diet
dave palumbo keto diet

Reply
casino free money t 4 فبراير، 2022 - 1:45 ص

online casino free bonus no deposit
casino signup bonus no deposit
bonus casino no deposit

Reply
dating site for gay k 8 فبراير، 2022 - 3:32 م

gay dating hole
the gay dating game
gay dating games

Reply
free vpn pc c 9 فبراير، 2022 - 11:10 ص

free vpn hotspot shield
best vpn for uk
buy vpn accounts

Reply
critical thinking paper s 13 فبراير، 2022 - 7:04 ص

critical thinking concepts
critical thinking involves
critical thinking skills nursing

Reply
DualCyclop :) 14 فبراير، 2022 - 9:28 م

Useful post can i have your permision to translate into French for my sites viewers? Thanks

https://www.nahaczyku.xmc.pl

Reply
firefox vpn p 15 فبراير، 2022 - 3:53 ص

vpn service usa buy
best free vpn reddit 2022
vpn blocker free

Reply
vpn services l 16 فبراير، 2022 - 1:34 ص

best vpn for uk
best anonymous vpn
vpn online free

Reply
free windows vpn s 17 فبراير، 2022 - 2:00 ص

download vpn free
free vpn hotspot shield
spotflux vpn

Reply
literary analysis essay h 18 فبراير، 2022 - 2:46 ص

reword my essay
american dream essay
autobiography essay

Reply
Evaleeneaot 13 مايو، 2022 - 3:23 م

law dissertation help
nursing dissertation help
help writing my dissertation

Reply
Charlaeaot 19 مايو، 2022 - 8:23 م

phd dissertation example
dissertation help sites
sample dissertation prospectus

Reply
Katineeaot 11 يونيو، 2022 - 2:57 م

100% free slots games
caesarsfreeslots
slots free

Reply
Aurlieeaot 12 يونيو، 2022 - 11:05 ص

no download casino mac realmoneyonlyhr
lucky plus 777
slots of vegas casino

Reply
Cyndiaeaot 15 يونيو، 2022 - 8:04 ص

vegas world free games online slots sign
facebook free slots games
slots of vegas instant play

Reply
Cyndiaeaot 15 يونيو، 2022 - 11:09 ص

las vegas slots
old vegas slots games
instant slots games play now

Reply
Paolinaeaot 16 يونيو، 2022 - 6:26 ص

free games
jackpot magic slots blog
wobka slots promo codes

Reply
Twylaeaot 17 يونيو، 2022 - 2:08 ص

online free slots
central vally slots
best time to play slots

Reply
Adrianaeaot 18 يونيو، 2022 - 8:40 م

slots game free online
free slots online
777 deluxe slots

Reply
Neddaeaot 19 يونيو، 2022 - 6:24 م

free game slot
slotsfree
big win cat

Reply
Ingunnaeaot 20 يونيو، 2022 - 2:56 م

video slots free
all free slots play now
machines slot

Reply
Margeauxeaot 21 يونيو، 2022 - 10:50 ص

free jackpot party slots downloads
free vegas world
clip art gambling slots

Reply
Jannelleeaot 21 يونيو، 2022 - 2:03 م

vegas 7 slots
all slots
slots to play online

Reply
Dennaeaot 23 يونيو، 2022 - 11:03 م

aol slots lounge games
luckyland slots cheat codes
big fish casino online

Reply
www.candipharm.com/ 11 ديسمبر، 2022 - 1:04 ص Reply
Allan Sonnee 12 ديسمبر، 2022 - 2:12 م

Howdy just wanted to give you a brief heads up and let you know a few of the pictures aren’t loading correctly. I’m not sure why but I think its a linking issue. I’ve tried it in two different browsers and both show the same outcome.

https://google.com.mx/url?q=https://atlasrosetta.com

Reply
Margie Sanosyan 18 ديسمبر، 2022 - 8:03 ص

Hey very nice blog!! Man .. Beautiful .. Amazing .. I will bookmark your web site and take the feeds also…I am happy to find so many useful info here in the post, we need work out more techniques in this regard, thanks for sharing. . . . . .

https://google.me/url?q=https://atlasrosetta.com

Reply
Morrismek 24 ديسمبر، 2022 - 9:39 م

https://www.hydroxychloroquinex.com/# does hydroxychloroquine require a prescription

Reply
Morrismek 25 ديسمبر، 2022 - 6:09 ص

plaquenil generic plaquenil generic

Reply
Alphonso Connette 29 ديسمبر، 2022 - 1:49 ص

Very great post. I just stumbled upon your weblog and wished to say that I’ve really loved browsing your weblog posts. In any case I will be subscribing on your rss feed and I am hoping you write once more very soon!

https://call.ebimarketing.com/friendship/how-to-habituate-the-top-executive-of-the-cyberspace-to-push-your-concern-information-no-15-from-379.html

Reply
姚芳 2 يونيو، 2023 - 3:58 ص

有可见 lot 意识到.我 think 你在功能上也取得了 various good 点.

Reply
Alejandrina Okafor 25 يونيو، 2023 - 11:54 ص

Can a blog really be that helpful? What type of content should a business blog have? If there are any blog experts out there please help me out. What are some good companies to set up a blog with? And any other general/specific information on setting up a blog for a business….

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00