تكنولوجيا و علوم تجربة نظارة “أبل” الجديدة: رأيت المستقبل وانهمرت دموعي by admin 9 يونيو، 2023 written by admin 9 يونيو، 2023 235 بعد تجربة جهاز “فيجن برو”، السؤال الآن ليس عما إذا كان هذا الابتكار سيغير العالم بل كيف؟ اندبندنت عربية \ أندرو غريفين محرّر التكنولوجيا ومراسل العلوم جلست في غرفة معيشة شخص آخر، مع أطفال غريبين، للاحتفال جميعاً بعيد ميلاد شخص آخر، ودموعي كادت أن تنهمر من عيني. كنت من أوائل الأشخاص في العالم الذين جربوا نظارة “الواقع الافتراضي” الجديدة “فيجن برو” Vision Pro من شركة “أبل”، وأنا على وشك البكاء تأثراً بأسرة لم ألتق بها من قبل. بعد نحو نصف ساعة من العرض التوضيحي، بت مقتنعاً بأن سماعة الرأس هذه لديها حقاً الميزات التي تحدثت عنها شركة “أبل” وهي: رؤية واضحة للمستقبل، وشهادة مقنعة على المنحى الذي تسلكه الحوسبة. وإذا كان هناك أي شيء يدعو إلى القلق، فقد تكون هذه التقنية مقنعة ومؤثرة إلى درجة أنها ترتب مسؤولية هائلة على كل من “أبل” والمطورين لاستخدامها بشكل أخلاقي. وينبغي ألا يقتصر التساؤل فقط حول ما إذا كانت هذه التكنولوجيا ستغير العالم، بل كيف؟ وكانت شركة “أبل” أعلنت جهاز “فيجن برو” هذا الأسبوع خلال “مؤتمر المطورين العالميين” Worldwide Developers Conference، مما يؤكد أعواماً من التكهنات المحيطة بخططها لغزو “الواقع الافتراضي” (VR) Virtual Reality و”الواقع المعزز”Augmented Reality (AR). وما كشفت عنه كان نظارة مذهلة، على رغم من أن ذلك ربما لم يكن مفاجأة كاملة لبعض منهك. ثمن الجهاز هو 3499 دولاراً أميركياً، ويمتاز بتصميم جذاب بحيث يركز بشدة على عدم عزل الناس عن العالم الحقيقي من خلال تقنية “عبور الفيديو” Video Pathrough [تقنية تقوم على رقمنة العالم المحيط بنا في الوقت الفعلي ودمج هذه البيانات مع المحتوى الافتراضي داخل الوحدة المعالجة مما يؤدي إلى طمس الخطوط الفاصلة بين الواقع والعالم الافتراضي]، للسماح لك برؤية الغرفة المحيطة بك، كما يركز على منصة حوسبة قوية، تقدم طريقة جديدة للتعامل مع البرامج. والسؤال الكبير الذي طال انتظاره: هل يمكنه حقاً الارتقاء إلى مستوى الادعاءات الكبيرة التي جرى سردها في الفيديو التوضيحي؟ هذا المنتج لم يستوف المعايير المتوقعة منه فحسب، بل تجاوزها بالفعل. لم يكن هناك شيء غير متوقع بالضرورة في شأن استخدام الجهاز – فهو يتمتع بالمزايا التي أفصحت عنها شركة “أبل” بالضبط – لكنه كان مع ذلك مذهلاً لجهة الطريقة التي ارتقى بها إلى ما بدا ضجيجاً غير واقعي أحاط به. ببساطة، هناك قليل من الفائدة من مقارنة “فيجن برو” بالنظارات الأخرى، مثل تلك التي تنتجها “ميتا” Meta، ليس فقط لأنها أفضل (وهي كذلك)، ولكن أيضاً لأنها تحاول أن تكون شيئاً مختلفاً تماماً. والسؤال الأفضل هو ما إذا كانت أفضل 10 مرات من نظارة “كويست” Quest الخاصة بـ”ميتا” كما يلمح لذلك سعرها. ولكن حتى هذا قد يكون السؤال الخاطئ، لأن الهدف من “فيجن برو” هو إظهار ما هو ممكن بقدر ما هو إقناعك بشرائه. النجاح بعيد من أن يكون مضموناً. تنضم “أبل” إلى كل الشركات الكبرى الأخرى تقريباً في محاولة إطلاق نظارة “واقع افتراضي”، فيما لم تحقق أي منها اختراقاً واضحاً في السوق. لقد جربت كل نظارة في كل من تلك المحاولات الأخرى عند إطلاقها، ولكن هناك شيئاً مختلفاً بشكل مهم حول نظارة “أبل”. ليس هناك ما يضمن أنها ستنجح. لكنها على الأقل لن تفشل بالطرق نفسها. بدأ اختباري للجهاز داخل مكعب أبيض كبير، سمي “فيلد هاوس” Field House، بني خصيصاً ضمن نطاق مجمع “أبل بارك” Apple Park للتباهي بـ”فيجن برو”. وجرى في البداية مسح وجوه الزائرين باستخدام جهاز “أيفون”، بهدف إعطائهم نظارة مناسبة من حيث الحجم، ومسحت آذانهم ضوئياً لضمان تلقي عيار الصوت المكاني بشكل صحيح. بعد ذلك، قمت بلقاء عامل آخر لدى “أبل”، للتحقق مما إذا كنت أضع نظارات، ليضيف العدسات إلى إعدادات تلك الخوذة. (عندما إصدار “فيجن برو” ستجرى نسخة من هذه العملية عند شرائه). عندما دخلت إلى غرفة الحدث الرئيس، لم أستطع إلا أن ألاحظ الجهاز الجديد الذي هو أشبه بنظارة تزلج متلألئة وبراقة، مصنوعة من الألمنيوم والزجاج والقماش، فيما يتوافق مظهره المستقبلي والأنيق مع العروض والصور الترويجية له. ويمكن القول إن أقرب مقارنة تتبادر إلى الذهن هي بالتأكيد سماعة “إيربودس ماكس” AirPods Max التي لها الحجم نفسه ولغة التصميم ذاتها. تتمتع شركة “أبل” بسجل حافل من الخبرات في تحويل التكنولوجيا المتقدمة إلى منتجات يمكن حملها وتندمج بسلاسة في حياتنا، مثل سماعات “إيربودس” AirPods وساعات “أبل ووتش” Apple Watch، وغيرها من المنتجات، ويظهر ذلك في الجهاز الجديد. وعلى رغم مظهره المبتكر، بمزيجه الأنيق من المعدن والزجاج، إلا أنه لا يعطي انطباعاً سلبياً أو غير مريح. نظارة “أبل” قادرة على إدخال كائنات افتراضية إلى عالمنا الحقيقي، واستعادة ذكريات العالم الحقيقي على نحو افتراضي (غيتي) يضم جهاز “فيجن برو” سلسلة من الأربطة والإكسسوارات اللينة والقابلة للتعديل، كي تضمن ملاءمة مريحة وآمنة عندما يضعه المستخدم على رأسه. في داخل العلبة توجد عدسات وشاشة. ومن الخارج، لا توجد شاشة عرض أخرى ظاهرة للآخرين فحسب، بل أيضاً مجموعة من المستشعرات التي تتضمن 12 كاميرا وأدوات يمكنها قياس البيئة ثلاثية الأبعاد. تستقر هذه النظارة بلطف على الرأس، وتثبت بسلسلة من الأشرطة التي تضمن ثباتها بإحكام على نحو مريح على وجه المستخدمين. وهناك عملية إعداد موجزة، تشمل تلقين سماعة الرأس حركات عينيك، من خلال تتبع النقاط المعروضة على الشاشة – من ثم يبدأ فعلاً العرض التوضيحي. كان واضحاً على الفور تقريباً أن تلك الأجهزة تقوم بالضبط بما زعمت “أبل” أنها تقوم به. فالعناصر والشاشات الافتراضية كانت مقنعة وقدمت تجربة غامرة. وعلاوة على ذلك، كان يبدو العالم الحقيقي خلفها في الغالب أصيلاً وملموساً. وفي حين أن هناك جوانب لا بد من أن تشهد تحسينات في النسخات المستقبلية، كتوسيع مجال الرؤية وتعزيز السطوع، فإن هذه القيود الثانوية لم تنتقص من عامل الدهشة المطلقة والطبيعة المذهلة للتجربة. من خلال نظارة “فيجن برو” تمكنت من مشاهدة ألبومات صور أعادت الحياة إلى صور بانورامية من خلال وضعها مباشرة أمام عينيك، بحيث تكون قريبة للغاية وزاهية إلى درجة يكاد المرء أن يدرك شم روائح المشاهد المعروضة. وكانت تطبيقات “أبل” تظهر وتغيب تباعاً عن الأنظار، وفتحت إحداها مخصصة للتأمل السريع ظهرت على إثرها منحوتة متحركة، ساعدت في التحكم بالتنفس، بحيث كان صوت ناعم يطفو حول رأسي في الغرفة. ثم انتقلت إلى تجربة الأفلام والترفيه. وفي هذا السياق، عرضت شركة “أبل” تنسيقاً جديداً سمي “إيميرسيف فيديو” Immersive Video، يستخدم كاميرات خاصة لإظهار عرض بـ180 درجة، ويتضمن أيضاً صوتاً مكانياً. ويسمح لك بالتحليق من فوق جرف، أو الغطس تحت سطح البحر، على رغم أن العرض التجريبي الأكثر إقناعاً تمثل في سلسلة من الألعاب الرياضية، تشعر معها كما لو أنه يمكنك حقاً أن تصطدم بكرة، وتوجيه متبعتك الخاصة، من خلال تحويل التركيز إلى أي لاعب أو لعبة تثير اهتمامك. تجدر الإشارة هنا إلى أن التجربة كانت طوال الوقت غامرة أو شفافة على النحو الذي تبتغيه، ويمكنك الوصول إلى قرص في الجزء العلوي من سماعة الرأس، لزيادة اختبار الأجواء الحقيقية أو العكس، على الجهاز. فالكاميرات وشاشة العرض تجعل العالم الحقيقي كما يبدو داخل الجهاز مقنعاً بدرجة كافية بحيث أنك تنسى ما يحدث. وفيما لا يبدو العالم الخارجي مشابهاً تماماً لما تراه عندما لا تضع النظارة، لكنه قريب من حيث الدقة البصرية بدرجة كافية، بحيث لا يؤثر بشكل كبير في التجربة ككل. وعلى سبيل المثال، كنت في مرحلة ما أنظر من خلال النظارة إلى العالم الحقيقي عندما تلقيت إشعاراً بأن شخصاً ما يتصل بي. أجيب ويظهر أحد أعضاء فريق “أبل” أمامي، أو بالأحرى “شخصيته الرقمية” التي أنشأت عندما قمت بإعداد الجهاز للمرة الأولى. إنها تشبه شخصية لعبة فيديو دقيقة التصميم للغاية تحرك استناداً إلى الطريقة التي يستشعر الجهاز حركاتك عندما تتحدث، وربما هذا هو الجزء الوحيد من العرض التوضيحي الذي لا يبدو أنه جاهز تماماً، لأنه لا يشتمل على ما تنطوي عليه ظاهرة “الوادي الخارق” Uncanny Valley [مفهوم في علم الروبوتات تزداد معه الواقعية المرئية لشخصية تشبه الإنسان]، وأشعر بأنني أتحدث مع شخص ما في لعبة. ولكن هناك تقنيات أخرى هادئة تظهر مدى عمق تخطيط “فيجن برو”. إذا قمت بتحريك نافذة تطبيق “فيس تايم” FaceTime [منتج “أبل” للمهاتفة عبر الفيديو] بشكل دائري، يتفاعل الصوت. تسمح تقنية تسمى تتبع الأشعة الصوتية للنظارة برسم الغرفة، وفهم كيفية ارتداد الموجات الصوتية على مواد معينة. إذا قمت بنقلها بالقرب من طاولة قهوة، كان يتردد صداها وفقاً لذلك، ضعه بجانب سجادة بعيدة وستكون مكتومة بشكل موائم لها. خلال مكالمات عبر تطبيق “فيس تايم” فإنك ترى الشخصية الرقمية داخل الجهاز في أعلى الغرفة. فلو كنت في المنزل، لكان بإمكاني ترتيب الغرفة أثناء تجاذب أطراف الحديث، فيما يبقى وجهها موجوداً قبالتي طوال الوقت. في الوقت نفسه، كان لدي خيار تعديل إعدادات النظارة للتركيز فقط على العالم الافتراضي، وحجب البيئة المحيطة موقتاً لتعزيز التركيز. وحرصت الشركة كذلك على التأكد من أنه حتى عند الانغماس الكامل في المكالمة [الافتراضية]، لا يقطع التفاعلات مع العالم الحقيقي تماماً. فإذا دخل شخص ما إلى الغرفة، فسيظهر في الفضاء الافتراضي، ويخترق الواقع الغامر. هذه الميزة مهمة لأن بعض سماعات الواقع الافتراضي يمكن أن تثير الشعور بالخوف أو القلق من خلال عزل المستخدمين تماماً عن بيئتهم الخارجية، في حين أن جهاز “برو فيجن” لا يسمح لك أبداً بأن تنسى المكان الحقيقي الذي تكون موجوداً فيه. يجرى التحكم بمختلف تلك التطبيقات ببساطة من خلال النظر إلى أصابعك ولمسها معاً. وضبطت المستشعرات المتقدمة في سماعة الرأس بدقة لتتبع اتجاه نظراتك وموضع أصابعك، مما يوفر مستوى من الدقة قد يفاجئك في البداية. ومع ذلك، فإن هذا المستوى العالي من الدقة يعني أن التكنولوجيا تتسم بالسلاسة [مما يتيح لك الانغماس الكامل في التجربة من دون تشتيت انتباهك بالتكنولوجيا نفسها]. لن أصف جميع التجارب بعمق، لأن القراءة عنها بلا شك تشبه شخصاً يروي لك أحلامه: إنها تجربة رائعة للشخص الذي مر بها، من دون شك، لكنها نتاج عالم خاص قد لا يكون له معنى بالنسبة إلى أي فرد آخر. وانطلاقاً من ذلك، سأقدم تلخيصاً لهذه المراجعة: لا بد من خوض هذه التجربة بأسرع ما يمكن، ومن المرجح أن تروق لكم. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن “أبل” أنتجت عدداً محدوداً من النظارات المتاحة حتى موعد إطلاقها الرسمي، الذي من المقرر أن يكون في وقت ما من السنة المقبلة. إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تكون أسعارها مرتفعة للغاية، ومن المحتمل أن يكون هناك نقص في المعروض منها. لكن تلك الصور لحفلة عيد الميلاد التي تظهر في منتصف العرض التوضيحي، تجسد بالضبط الإمكانات العميقة للجهاز. وقدمتها “أبل” كجزء من العرض التوضيحي للصور، بعدما أدرجت مزيداً من المرئيات التقليدية. وبلمحة سريعة، كنت أشاهد ما يسمى “الفيديو المكاني” Spatial Video: ففي هذه التجربة الآسرة، ظهرت أمامي طاولة قهوة عليها كعكة عيد ميلاد، وأريكة مليئة بالأطفال المبتهجين. وكان هناك عمق حقيقي ومقنع، بما يكفي ليجعلك تشعر كأنك كنت حاضراً جسدياً تقريباً في الاحتفال. مع ذلك، كانت “تقريباً” هي الجانب الحاسم الذي أوجد مسافة طفيفة من العالم الافتراضي، مما أثار استجابة عاطفية قوية تشبه الحنين إلى الماضي أو الحزن. قد يبدو الأمر غريباً إلى حد ما عند النظر إليه بموضوعية. لكن في تلك اللحظة، كانت ردة الفعل فورية ولا يمكن إنكارها. وشعرت كأنني نقلت مرة أخرى إلى الصورة، كما لو كنت بمثابة شبح داخل المشهد. كانت التجربة مؤثرة للغاية عند مشاهدة مقطع فيديو لأسرة لم أكن أعرفها. وليست لدي أية فكرة عما قد تشعر به عند النظر إلى ذاكرة شخصية حقيقية بهذه الطريقة. لست متأكداً من أنني أستطيع تحمل مشاهدة مثل تلك الصورة المؤثرة لشخص عزيز غاب عن الدنيا. ذلك يشبه حقاً استعادة ذكريات غالية، مع ما يرافقها من مشاعر بالكآبة والحنين. ما قلته ينبغي ألا يؤخذ بأي شكل من الأشكال على أنه انتقاد لهذه التقنية – بل على العكس تماماً. فنحن لا ننتقد الأفلام التي تستثير المشاعر. إنها مجرد بضع ملاحظات للإشارة إلى أن وقعها قوي وعميق. ومع هذه القوة، تقع علينا مسؤولية كبيرة للتعامل معها بحذر. إن جهاز “فيجن برو” ليس لعبة على الإطلاق. بعد الكلمة الرئيسة والعروض التوضيحية الأولية، نشأ نوع آخر من المخاوف في شأن العواقب المحتملة التي انطوى عليها هذا المشهد من عيد الميلاد، ويتمثل في الفكرة الآتية: إن الأهل قد يشعرون بأنهم مضطرون إلى ارتداء الجهاز في أعياد ميلاد أطفالهم، لتصوير هذه اللحظات الثمينة والحفاظ عليها لمشاهدتها في المستقبل. ووفقاً لبعضهم، فإن الهدف الأساسي من النظارة هو ربط الناس باللحظة الراهنة، لكنها في الواقع أدت إلى فصل المستخدمين عنها من خلال إجبارهم على وضعها كي يتمكنوا من مشاهدة اللحظة في وقت لاحق (وبالتالي تحويل انتباههم بعيداً من عيش تجربة الحدث بشكل كامل). لكن اتضح أن هذه المخاوف هي في معظمها في غير محلها ولا أساس لها، بحيث يمكنك استخدام السماعة ككاميرا حتى عندما لا توضع على الرأس. إنها تحتوي على زر في الجزء العلوي لتسهيل الأمر، وتحويلها إلى شيء أشبه بكاميرا مع حزام أو رباط غير ضروري المرافق لها. إلا أن هذه المخاوف قد تتلاشى مع حلول الموعد الفعلي لإطلاق السماعة، نظراً إلى أنه يبدو من المحتم تقريباً أن يتضمن هاتف “آيفون 15” الجديد الذي سيصدر في سبتمبر (أيلول) المقبل على كاميرات متقدمة لالتقاط الصوت المحيطي والفيديو spatial audio and videos، لإضفاء الطابع الشخصي على مستوى الانغماس. هذا هو مجرد جانب واحد من التجربة الشاملة لاستخدام “فيجن برو” الذي يبدو وكأنه مسألة انتظار: فقد أقرت شركة “أبل” علانية بأن بعضاً من الفجوة الزمنية الممتدة بين الكشف الأولي والإصدار الفعلي هي متعمدة، مما يتيح للمصممين والمطورين الوقت الكافي لفهم حاجات المطورين بدقة، والتأكد من أن التصميم النهائي يلبي توقعاتهم. وبالتالي، قد تخضع التقنية – التي ستكون متاحة في أوائل العام المقبل وربما في أواخر شهر مايو (أيار) – لتحولات كبيرة في التصميم، بحيث من المتوقع أن تتضمن النسخة النهائية تحسينات جوهرية مختلفة تماماً عن تلك التي عرضت في كاليفورنيا هذا الأسبوع. بعد نحو نصف ساعة من العروض التوضيحية، توجهت إلى التجربة الأخيرة لليوم: تطبيق من “أبل” يحمل إسم “إنكاونتر ديانصورس” (التق الديناصورات) Encounter Dinosaurs حين انفتح الجدار البعيد ليكشف عن مجموعة من المخلوقات المتجولة بحرية ضمن مشهد افتراضي آسر، لتنتقل لاحقاً إلى داخل الغرفة، إذ أتيح لي التحرك من حولها على نحو يحاكي الواقع إلى حد مثير للذهول والدهشة. هاتان التجربتان – مشاهدة كائنات افتراضية تأتي لتدخل إلى العالم الحقيقي، كتلك الديناصورات، واستعادة ذكريات العالم الحقيقي على نحو افتراضي – كانتا “التطبيقين المفضلين من دون منازع” في العرض التوضيحي. لقد أظهرت حالات الاستخدام هذه الإمكانات المهمة لهذا التصميم الثوري، على نحو يبرر قيمته لجعله يبدو وكأنه يستحق كل هذا العناء. لكن هناك كثير من التجارب الأخرى التي ترتكز أساساً على شاشات افتراضية تعرض تطبيقات مألوفة في الغرفة، لاستحداث بيئة غامرة وجذابة، إلا أنها تظل تجربة عادية ترتقي إلى الواقع الافتراضي، بدلاً من أن تكون طريقة جديدة تمثل نهجاً جديداً تماماً للتفاعل. عادت الديناصورات إلى عالمها الافتراضي. وأغلق الجدار بأمان. وعادت الغرفة إلى ما كانت عليه سابقاً في مجمع “أبل بارك”، إذ جلست مرة أخيرة وشاهدت انتهاء تلك التجربة غير العادية. نزعت النظارة، وبينما شعرت ببعض الارتياح للتخلص من وزنها الخفيف، من السهل جداً تخيل البقاء فيها براحة لفترة أطول. إنني عادة ما أعاني دوار الحركة في الواقع الافتراضي، وتوقعت بعض الانزعاج. ومع ذلك، لم يكن هناك أي من ذلك تقريباً. وتؤكد “أبل” أن التكنولوجيا المتطورة المدمجة في الجهاز تضمن مثل هذا الكمون المنخفض [تطابق الحركة في العالم الحقيقي والافتراضي) بحيث ينبغي ألا تسبب مشكلة كبيرة لغالبية المستخدمين. نظارة “فيجن برو” ليست مثالية، بعيداً جداً من ذلك، وهي إلى حد كبير منتج من الجيل الأول. يمكن أن تكون أخف وزناً، والمرور [إلى العالم الافتراضي] بشكل أكثر إقناعاً. (من المؤكد تقريباً أن “أبل” تريدها أن تكون في النهاية خفيفة وشفافة مثل زوج حقيقي من النظارات). شعرت ببعض الراحة إثر خلعها، لكنني أردت العودة لها مرة أخرى بعد فترة وجيزة. من دون النظارة، عادت الغرفة إلى حالتها الطبيعية غير الافتراضية. وفي تلك اللحظة، شعرت فوراً بفقدان القدرة على الضغط لإظهار التطبيقات الافتراضية، وبدا أن العالم الحقيقي يفتقر إلى الحيوية التي أضفتها تلك الأدوات الافتراضية على الأجواء. ربما يشكل ذلك أحد التداعيات المحتملة لمساعي “أبل” إلى ضمان بقاء مرتدي سماعة الرأس على اتصال بالعالم الحقيقي، وليس الانفصال عنه: هذا يعني أن ارتداءها يجعل الحياة فيها تبدو أكثر إثارة، إلى درجة أن الواقع المجرد قد يبدو مملاً قليلاً. مرة أخرى، لا يوجد ما يشير إلى أن هذه هي الحال، بحيث أظهرت “أبل” أنها تبذل جهوداً في العمل على تجنب ذلك – لكن قوة التكنولوجيا تعني أن المخاطر هي كبيرة للغاية. تدرك “أبل” بوضوح هذه المخاطر، وتؤكد في المقدمة أنها لم تكشف النقاب عن جهاز فحسب، بل عن نظام أساسي شامل، مما يشير فقط إلى المرحلة الأولية من خططها الأوسع نطاقاً. ونقلت هذه الرسالة من خلال العرض التجريبي أيضاً، وعلى رغم أن الجهاز كان مثيراً للإعجاب بشكل كبير، إلا أن الغرض الحقيقي منه يصب في خدمة رؤية “أبل” في مجال “الحوسبة المكانية”، التي تتطلع الشركة إلى تمكينها وتعزيزها. وصمم جهاز “فيجن برو” ليس فقط كقطعة تقنية رائعة، بل أيضاً كوسيلة للأشخاص للانغماس في تجربة موجهة نحو المستقبل واحتضانه، بصفتها قطعة مذهلة في حد ذاتها. يبدو هذا المستقبل مشرقاً وغامراً ومقنعاً ومفيداً. وبدأنا نشعر به بشكل فعلي. © The Independent المزيد عن: النظارات الواقع الافتراضيفيجن بروأبل 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post طبيب الذكاء الاصطناعي “ليس كمثله معالج” next post أول روبوت “يتنفس ويتعرق ويرتجف” You may also like الحكومة الأميركية تطلب من القضاء إجبار “غوغل” على... 21 نوفمبر، 2024 تعرف على مزايا «بلايستيشن 5 برو»: جهاز الألعاب... 19 نوفمبر، 2024 “استنسخ سراً”.. خروف عملاق يضع أميركا في حالة... 17 نوفمبر، 2024 اكتشاف كائن بحري عملاق يمكن رؤيته من الفضاء 15 نوفمبر، 2024 كيف يجعل الذكاء الاصطناعي الطابعات أكثر ذكاءً؟ 15 نوفمبر، 2024 صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود» 15 نوفمبر، 2024 «غوغل» تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات 13 نوفمبر، 2024 دول تسخر مواردها لتطوير الجيل السادس من الطائرات... 8 نوفمبر، 2024 التلسكوبات… عين الإنسان العلنية على أسرار الكون 6 نوفمبر، 2024 تعرَّف على مزايا كومبيوتر «أونر ماجيك بوك آرت... 5 نوفمبر، 2024