ثقافة و فنونعربي ديفيد بارفيت: لا ينبغي أخذ جوائز السينما على محمل الجد by admin 6 مايو، 2023 written by admin 6 مايو، 2023 20 البريطاني الفائز بأوسكار عن فيلم “شكسبير مغرماً” يعتبر الفن مجرد مهنة اندبندنت عربية \ هوفيك حبشيان “الفن مجرد مهنة!”، بهذه العبارة بدأ حواري مع المنتج البريطاني الشهير ديفيد بارفيت (64 سنة) الفائز بـجائزة أوسكار أفضل منتج عن “شكسبير مغرماً” في أواخر التسعينيات. كان لقائي معه في الدوحة أثناء فعاليات “قمرة” التي تنظمها “مؤسسة الدوحة للأفلام”. يقول بارفيت الذي أعطى درساً في الإنتاج لمجموعة من السينمائيين الشباب والمنتجين عن سبل الحصول على تمويل لمشاريعهم، إنه “يجب عدم السقوط في فخ الادعاء والتكبر والغرور، مهما كان الإنجاز الذي حققناه، فهذا أسرع طريق إلى الفشل”. الفشل هو ما لم يختبره بارفيت بتاتاً، هذا ما تقول فيلموغرافياته. والأدق القول إنه في اللحظات النادرة التي فشل فيها استطاع أن يوظف ذلك الفشل وأن يرى مكاسبه على المدى البعيد، مستخلصاً منه العبر. بدأ بارفيت ممثلاً وهو لا يزال في العاشرة، بداية في المسرح ثم في الشاشة الصغيرة مع مجموعة من المسلسلات التي عرضت على التلفزيون البريطاني. استمر عمله كممثل حتى عام 1987، تاريخ تأسيسه “مسرح النهضة” مع الممثل والمخرج الكبير كينيث برانا الذي عاد وأنتج له عملين من أعماله المقتبسة من روائع شكسبير، وهما “هنري الخامس” و”كثير من الضجيج للا شيء”. أفلام جماهيرية المنتج البريطاني ديفيد بارفيت (اندبندنت عربية) في جعبة بارفيت أيضاً أفلام حققت نجاحات جماهيرية واستحساناً نقدياً، مثل “أجنحة الحمامة” لأيان سوفتلي و”أن نحب فينسنت” لدوروتا كوبييلا وهيو ولشمان، فيلم تحريك مغاير عن حياة فان غوخ جاء برؤية بصرية لسيرة الرسام الذي مات فقيراً. من دون أن ننسى عمله كمستشار إنتاج على “عصابات نيويورك” لمارتن سكورسيزي، لكن بعد “أسبوعي مع ماريلين” لسايمن كرتيس عن حياة النجمة الهوليوودية، الذي صدر في عام 2011، قرر برفيد التوقف عن العمل. وإذا ألقينا نظرة على سجله السينمائي، فنرى أنه لم ينتج أي عمل طوال السنوات التي تلت ذلك العمل. وددت معرفة السبب، فأجاب “كانت تجربة (أسبوعي مع ماريلين) في غاية الصعوبة، وهي التي جعلتني أشك في أنني قادر على الاستمرار كمنتج. العمل مع هارفي واينستين (المنتج الأميركي الشهير المتخصص بالأفلام المستقلة المسجون حالياً بسبب تعديات جنسية على مجموعة من الممثلات) كان مضنياً، حد أنني سألت نفسي لماذا أقوم بهذا العمل. تتطلب صناعة الأفلام في بعض الأحيان سنوات، وإذا لم أشعر بمتعة خلال كل تلك الفترة فالأجدر بي عدم الاستمرار في هذا العمل. الأمر لا يستحق هذا العناء كله. لا أؤمن بالعذاب من أجل الفن، ولا أعتقد أن العذاب ينتج بالضرورة فناً كبيراً. المتعة في العمل أساسية عندي وفي مرحلة من المراحل ما عدت أشعر بوجودها. فقررت أن أبتعد قليلاً وأن أتوقف عن العمل كي أفكر في الكيفية التي كنا ننجز فيها الأفلام والفرق مع الكيفية التي كان يجب أن ننجزها. في غضون ذلك، توجهت إلى العمل في التلفزيون وخضت تجارب أخرى، ثم عدت إلى السينما عندما شعرت بأنني وضعت يدي على المشروع الملائم للعودة”. من فيلم “جوان الحمراء” الذي حقق نجاحاً جماهيرياً (ملف الفيلم) “جوان الحمراء” (2018) هو المشروع الذي أعاد بارفيت إلى السينما، دراما تجسسية إخراج ترايفر نان اقتبسها من رواية تحمل العنوان نفسه مستوحاة من سيرة ميليتا نوروود (1912 – 2005)، أمينة سر بريطانية عملت جاسوسة لخدمة الـ”كي جي بي”، وكانت تمد الاتحاد السوفياتي بأسرار دولة تتعلق بتطوير السلاح النووي. عرض الفيلم في مهرجان تورونتو وحقق نحو عشرة ملايين دولار في شباك التذاكر، إلا أن بارفيت يبدو جد سعيداً بهذه النتيجة، مكرراً كلمة “متعة” في معرض الحديث عن الفيلم. يحملنا هذا إلى الحديث عن عمله التالي “الأب”، الفيلم الرقيق الذي داس على قلوب الملايين حول العالم، ولعب بطولته أنتوني هوبكنز في واحد من أعظم أدواره على الشاشة. الفيلم عن أب في الثمانينيات من عمره يعاني اضطراباً وفقداناً تدريجاً للذاكرة، ويروح هذا الإحساس ليزيد مع تطور الأحداث. الفيلم مقتبس من مسرحية كتبها الفرنسي فلوريان زيلر، عرضت للمرة الأولى في سبتمبر (أيلول) من عام 2012، واستمر عرضها على مدى سنتين، وفازت بعديد من جوائز الـ”موليير” الخاصة بالمسرح، ثم قرر زيلر أن يحولها إلى فيلم. عن هذه التجربة التي أعادته إلى الأضواء، ذلك أنه رشح عنها إلى ست جوائز “أوسكار”، يقول بارفيت “الفيلم بلورته جهات فرنسية بالتعاون مع كاتب السيناريو كريستوفر هامبتون. أنا وصلت في مرحلة لاحقة. لم أكن حاضراً في مرحلة التطوير. عندما جئت، كان هوبكنز جزءاً من الكاستينغ، ولم أفعل سوى الإتيان بالممثلين البريطانيين. كنت حريصاً أن يكون المخرج فلوريان زيلر محاطاً بأشخاص على درجة عالية من الحرفية، لكن لا أستطيع الادعاء بأنني بلورت المشروع من الصفر. الفرنسيون هم الذين فعلوا ذلك وبرعوا في ذلك. كنت محظوظاً بأنني جزء من هذا الفيلم الذي قام على تمثيل باهر وسيناريو استثنائي. وعلى رغم من جدية الموضوع فكان هناك جو مرح خلال التصوير. عادة تتغير الأفلام عند انتقالها من مرحلة السيناريو إلى مرحلة الفيلم، لكن في ما يخص (الأب) فكان طبق الأصل عن السيناريو. ربما لأن فلوريان يأتي من المسرح ويولي أهمية للنص”. مغامرات سينمائية “شكسبير عاشقاً” الذي فاز به بارفيت بأوسكار (ملف الفيلم) إذا كان بارفيت يعتبر تصوير “الأب” عملية ممتعة، فهذا اعتراف ضمني بأن بعض المغامرات السينمائية التي خاضها لم تكن كذلك. وودت أن أستوضح منه نقطة معينة: هل المتعة عنده تتعلق بما يشعر به خلال التصوير أم هي مرتبطة بالنتيجة من إيرادات واستقبال حسن وغيرها؟ فرد قائلاً “أتحدث بشكل خاص عن التصوير. أما كل شيء بعد ذلك، فهذا لا يخضع إلى سيطرتنا بل يتجاوزنا تماماً. كل منتج ينطلق من مشروعه معتقداً بأنه سيصنع أعظم فيلم في التاريخ، أحياناً يصيب وأحياناً يخيب. إلا أن الجهد الذي تبذله في سبيل فيلم هو هو مهما تكن النتيجة. (شكسبير مغرماً) على سبيل المثال تجاوز توقعاتنا. كان نجاحاً كامل المواصفات: سيناريو جيد، رد فعل إيجابي من الجمهور، جوائز، لكن لا أستطيع أن أكشف ما نوع الكيمياء الذي حدث. قد تأخذ المكونات نفسها وتضعها في مشروع آخر ولن تحصل على النتيجة عينها. في السينما لا توجد وصفة جاهزة. وإذا انوجدت فلا أعرفها، لكن ما هو أكيد أن هارفي واينستين كان نابغة في مجال التسويق. كان يعرف كيف يسوق الأفلام وكل ما فعله في ذلك العام هو التأكد من أن جميع أعضاء الأكاديمية، حتى الذين يعيشون على قمة جبل شاهدوا (شكسبير مغرماً). إتاحة فيلمك لأكبر عدد من الأعضاء، هذا كل ما يمكن أن تفعله لتقوية حظوظك في نيل أي جائزة”. من “أجنحة الحمامة” (ملف الفيلم) ما إن يلفظ بارفيت عنوان فيلمه الأشهر “شكسبير مغرماً” حتى أستغل الفرصة لأصارحه عن حقيقة مشاعري حول هذا الفيلم، وكيف أغضب كثراً منا عندما فاز بسبع جوائز “أوسكار” حارماً عامذاك تحفتين (“الخط الأحمر الرفيع” لترنس ماليك و”إنقاذ الجندي راين” لستيفن سبيلبرغ) منها، لكن مرة جديدة فاجأني برده الهادئ والمدروس، ودعوته لي للنظر إلى الأشياء من زاوية أخرى “يجب النظر إلى كل هذه الأفلام المرشحة في ذلك العام والشعور بالسعادة أن من بين 400 فيلم تم تقديمها وصل عدد قليل منها إلى اللائحة القصيرة، هذا في ذاته إنجاز”. كان لا بد أن أتحدث مع بارفيت عن ظاهرة الصواب السياسي التي تحكم الصناعة السينمائية في أجزاء كبيرة من العالم ولا سيما هوليوود، لكن الرجل الستيني أكد في محاولة لتدوير الزوايا أنه لا يعاني آثار تلك الموجة التي تسيء إلى الفن والتعبير الحر، وفق كثيرين. قال “كشخص أصبح في سن معينة أنظر إلى هذه الظاهرة باهتمام. شيء جيد أننا بتنا نعطي الكلمة للفئات التي لطالما عانت التهميش ولا سيما الأقليات. كثر من الناس جرى تهميشهم لفترات طويلة، لكن هذا سيخلق مع الوقت بعض التوازن. لن تبقى الأمور كما هي الآن. قد نشهد انحيازاً لهذا الطرف ثم للطرف المقابل، لكن مع الوقت سنجد الحلول الوسطى التي ترضي الجميع”. عندما أشرت إلى بارفيت أن السينما على رغم كل هذه المحاولات لدعم من لا يجدون تمثيلاً كافياً لهم على الشاشة، لم تصبح أفضل، بل إن بعض الكلاسيكيات التي تعود إلى الخمسينيات والستينيات لا يمكن بلوغها اليوم، قال “هذه مسألة نسبية. على الطائرة وفي طريقي إلى هنا شاهدت (رومان هوليداي)، يا له من عمل رائع، أبكاني ومسني في الصميم بعد كل هذه السنوات، لكني لا أعلم ماذا حل بالأفلام الأخرى التي نزلت إلى الصالات في تلك السنة، ما عدنا نتذكر من تلك السنة إلا بضعة أفلام قليلة. هنا لب المشكلة”. لا يكتمل اللقاء ببارفيت من دون التطرق إلى موضوع الجوائز، لكونه تبوأ منصب رئيس “بافتا” (“أوسكار” السينما البريطانية) لثلاث سنوات. فكان سؤالي له حول رأيه في الجوائز التي تمنح لأفلام لا من أجل مستواها الفني بل للقضايا التي تعالجها، وهذا مجحف في حق الفن السابع ويفتح الباب أمام تجار القضايا لاستغلاله. يقول بارفيت “سياسياً يصعب عليَّ التعليق على هذا الموضوع بالتفاصيل، لكني أؤمن بأنه على أعضاء (بافتا) أن يمنحوا الجوائز فقط لمن يستحقها فنياً. ولا أعتقد أن أحداً يتدخل في قرار المصوتين، لكن في المقابل يجب الإقرار بأن كل آليات التصويت تتضمن ثغرات. أما المهرجانات فهذا شأن آخر، إذ إن هناك دائماً لجان تحكيم. أحياناً بعض المواضيع والقضايا تلمس مشاعر المحكمين فيتحمسون لها، لكن في النهاية دعني أقل لك شيئاً: لا ينبغي لنا أن نأخذ الجوائز على محمل الجد. لأنه في نهاية المطاف ما يهم هو الجمهور. هناك أفلام حققت نجاحاً جماهيرياً باهراً، لكن الجوائز تجاهلتها. عندما أنجزت (جوان الحمراء) لم أنل عنه جوائز لأنه لم يكن هذا النوع من السينما، لكنه حقق إيرادات عالية في شباك التذاكر. كان عملاً ترفيهياً مشغولاً بشكل جيد. الناس أعجبهم الفيلم وهذا أكثر ما كان يهمني، كما أسلفت، يجب ألا نعطي الجوائز أكثر من حجمها. أقول مثل هذا الكلام وأنا مدرك أني كنت مسؤولاً سابقاً عن واحدة من أهم الجوائز، أي (بافتا)، لكن دعني أعترف لك أن (أوسكار) التي نلتها لم تغير شيئاً في مسيرتي. عدت إلى بريطانيا وواجهت الصعوبات نفسها التي كنت أواجهها قبل فوزي بالجائزة. لم أنجز أي جديد لنحو سنتين بعد ذلك. لا تعتقد أن العروض ستنهال عليك بمجرد نيلك جائزة”. المزيد عن: سينما\هوليوود\جوائز أوسكار\افلام\مغامرات\إنتاج\ممثلون\مخرج\الجمهور 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الروائي السوري حيدر حيدر يرحل في منفاه الداخلي next post فارس الفرسان في نظرات معاصرة بين بارغاس يوسا وميشال فوكو You may also like بودلير وهيغو… لماذا لا يطيق الشعراء الكبار بعضهم... 27 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: شعراء «الخيام» يقاتلون بالقصائد... 27 نوفمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: ماجان القديمة …أسرارٌ ورجلٌ... 27 نوفمبر، 2024 «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد 27 نوفمبر، 2024 محمد خيي ممثل مغربي يواصل تألقه عربيا 27 نوفمبر، 2024 3 جرائم سياسية حملت اسم “إعدامات” في التاريخ... 27 نوفمبر، 2024 سامر أبوهواش يكتب عن: “المادة” لكورالي فارغيت… صرخة... 25 نوفمبر، 2024 محامي الكاتب صنصال يؤكد الحرص على “احترام حقه... 25 نوفمبر، 2024 مرسيدس تريد أن تكون روائية بيدين ملطختين بدم... 25 نوفمبر، 2024 تشرشل ونزاعه بين ثلاثة أنشطة خلال مساره 25 نوفمبر، 2024