السبت, نوفمبر 23, 2024
السبت, نوفمبر 23, 2024
Home » بريطانيا الخارجة من الاتحاد الأوروبي على شفير “إنهيارٍ وطني”

بريطانيا الخارجة من الاتحاد الأوروبي على شفير “إنهيارٍ وطني”

by admin

أمضى باتريك كوبيرن الأشهر الستة الأخيرة يطوف في أنحاء بريطانيا، سائلاً النّاس رأيهم عن قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي… وخلُص إلى أنّ الانقسامات السّياسية العميقة أكثر خطورةً من تبعات بريكست الاقتصادية.

اندبندنت عربية / باتريك كوبيرن مراسل الشؤون الدولية @IndyWorld

شعر في الأعوام الثّلاثة الأخيرة بالخيبة إزاء ما تبيّن لي أخيراً بأنّه مجرّد تغطية إعلاميّة سطحيّة لهوس البرلمان البريطاني بمسألة بريكست. فالبريكست، أزمة لم يشهد تاريخ البلاد الحديث مثيلاً لها، وعلى الرّغم من زعزعتها أُسس المجتمع والحكومة على السّواء، اكتفت التّقارير والتّعليقات الصّحافية حولها بتسليط الضّوء على السّياسات الحزبية وعمليّة الخروج من الاتحاد الأوروبي، بدلاً من الأسباب الدّاعية إلى هذا الخروج.

ما الذي وسّع رقعة الانقسامات ولماذا كان النّقاش السّياسي، وهذا هو التعبير المهذب البديل للمشاجرة الكلاميّة، بهذه الحدة وهذا التصلّب؟ وما الفائدة التي رآها الشّعب البريطاني في بريكست ولماذا دافعوا عن رؤيتهم هذه بحماسة المتديّنين للتمسّك بدينهم؟ وهل صحيح أنّ بريطانيا تتعرّض “لإنهيارٍ عصبي”، وفق ما ورد على لسان السّير جون سواير، الرّئيس السّابق لجهاز الاستخبارات الخارجيّة البريطانيّة “أم آي 6″، وإذا كان الأمر كذلك حقاً، فلماذا؟

يُمكن تشبيه بريكست بالزلزال من ناحية القوى الكامنة التي يمكن أن يُفجّرها بشكلٍ مفاجئ متسبباً ببروز خطوط تصدّع جديدة وتحريك خطوط أخرى قديمة، على شاكلة عدم المساواة وتراجع النّشاط الصناعي والعولمة والاعتكاف الامبريالي والهجرة والتقشّف. لطالما كانت لهذه الخطوط القدرة على إشعال فتيل الأزمات، لكنّ لم يسبق لها أن أشعلت أزمةً بالحجم الذي توقّعه كثيرون. وفي الوقت الحاضر، يبدو أنها تمتزج ببعضها البعض لتُشكّل المكوّنات المتفجّرة للأزمة العامة التي ستُمسي الأعظم في تاريخ بريطانيا منذ “الثورة المجيدة” لعام 1688. ولم يكن اختيار التّاريخ عشوائياً؛ ففي القرن السّابع عشر، كانت الجزر البريطانية مضرب مثل في عدم الاستقرار والعنف، وليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأنّ التاريخ لن يُعيد نفسه.

لكنّ اعتياد سكان المملكة المتحدة، باستثناء إيرلندا الشّمالية، على سياسة داخليّة مستقرّة نسبيّاً على امتداد أربعة قرون من الزّمن، هو ما يحملهم على الاعتقاد أن ذلك الاستقرار هو المسار الطبيعي للأمور. وهذا يتناقض مع تجارب سائر الدّول الأوروبية في تلك الفترة، والتي إما تكبّدت هزيمة عسكرية نكراء أو خضعت لاستعمارٍ أجنبي أو شهدت ثورة شعبية. ولذلك، يُمكن القول إنّ موقف بريطانيا حالياً أكثر حنيناً للماضي من مواقف جاراتها، وهذا من شأنه أن يُرسّخ أولاً، القناعة بقدرة بريطانيا على تحقيق النّصر مهما كانت الظّروف وثانياً، الشعور بأنّ “الأمور ستكون على ما يُرام الليلة”، كما في عنوان المسلسل الكوميدي الشهير.

لقد أمضيتُ الأشهر الستة الأخيرة من حياتي أتجوّل في أنحاء المملكة المتّحدة خارج لندن، في محاولة منّي لتحديد جوانب هذا “الإنهيار العصبي” الوطني، إذا صحّ التعبير. اخترتُ مدناً وأماكن تعجّ بالتنوّع وتُمثّل، برأيي الخاص، مختلف الموجات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي كانت جزءاً من قصة بريكست.

وفي أثناء جولتي في المملكة، وصلتُ إلى مقاطعة محرومة في كانتربري، كانت قد شهدت عملية إعادة تطوير في الماضي بفضل هبة أوروبية ضخمة. إلا أنّ ذلك لم يمنع أهلها من التصويت لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي. ومن هذه المنطقة اتّجهتُ جنوباً نحو مدينة دوفر التي سيكون ميناؤها الكبير في مقدّمة الجبهة المؤيّدة لبريكست من دون اتفاق. ثم زرت كارديف التي حصدت مكاسب كثيرة جراء ارتباطها بالاقتصاد العالمي، مثلها مثل العديد من المراكز الحضريّة الضّخمة في أوروبا. وهذا ما يجعلها مختلفة تماماً عن الوديان الويلزية التي تقع على بعد ساعة واحدة بالسيارة والتي لم تستفق بعد من صدمة إغلاق المناجم ومعامل الصلب فيها.

وفي برمنغهام التي شهدت ارتداداً إيجابيّاً عقب تداعي قطاعها الخاص بصناعة السّيارات خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، أخبرني السّير ألبرت بور، أحد صنّاع هذا الارتداد، أنه يخشى على اقتصاد المدينة أن يتعثّر من جديد وينقلب رأساً على عقِب بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي أسهم بشكلٍ مهول في نهضتها. وقال لي بالحرف الواحد إنّ “دماغي يكاد ينفجر من شدّة الغضب” لدى سماعه النّاس يلومون الاتّحاد الأوروبي على المشاكل التي تسبّب بها أصلاً فشل الحكومة البريطانية. أما في شمال شرق انجلترا، فإن الصّدمة الجارفة لتراجع النّشاط الصناعي، وهي شعور عززته السّياسات التقشفيّة،  لعبت دوراً مهماً وأساسياً في تصويت المنطقة ضدّ صفقة بريكست.

وقد تكون إيرلندا الشّمالية قضيةً قائمة بذاتها، لكنّها أيضاً يضاالمنطقة البريطانية التي بدأ أثر قرار بريكست المُزعزع يتجلّى واضحاً على استقرارها. أنا مصدوم للغاية من اللامسؤولية التي يتعاطى فيها السّياسيون البريطانيون مع “اتفاق الجمعة العظيمة” الذي وضع حدّاً لحرب عصابات استمرّت 30 عاماً وكانت الأعنف والأكثر حدّةً في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. قال لي المعلّق والمؤرّخ بريان فيني شارحاً “كلّ هذه الأشياء عن الرّموز والكاميرات (لمراقبة الحدود) غير منطقية. ولا يُمكنها أن تدوم عطلة نهاية أسبوع واحدة لأنّ الناس لن يتوانوا عن التخلّص من أيّ كاميرات أو ترتيبات من هذا القبيل”.

وممّا لا شك فيه أنّ المقيمين في البرّ الرئيسي لبريطانيا يجهلون الكثير عن إيرلندا الشمالية. لكنّ الأمر لا يتوقّف عليهم وحدهم، فالبلاد برمّتها باتت أكثر تشرذماً وأقلّ اطلاعاً على مواقف المناطق الأخرى وأوضاعها. وفي هذا الخصوص، أعرب كريس داي، رئيس “جامعة نيوكاسل” عن دهشته إزاء تصويت المملكة المتحدة على قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي “قل لي مَن تعاشر أقل لك من أنت. الناس في الجامعة ولندن لم يفهموا طريقة تفكير سندرلاند وويلز”.

وفي بعض الأماكن، كانت دوافع التّصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي، والسّبب الكامن وراء ثبات الناخبين على موقفهم، واضحة بما فيه الكفاية. فما الذي قد يُحفّز “المنسيين” و”المهمشين” على التّصويت لصالح الوضع الرّاهن بواعزٍ من السلّطات التي غضّت الطّرف عن مشاكلهم لعقود؟ والأكثر غموضاً من ذلك هو تصويت المزراعين ميسوري الحال في هيرفودشاير الرّيفية لأجل الانسحاب من الاتحاد الأوروبي الذي لطالما قدّم لهم إعانات ضخمة لمجرّد أنّهم يمتلكون الأراضي. وما يظهر جليّاً في استفتاء بريكست ويحظى غالباً بتعليقات هو تصويت عدد كبير من النّاس ضدّ مصالحهم الاقتصادية الخاصة، وفي طليعة هؤلاء مربّو الأغنام في تلال ويلز الذين يُواجهون خطر الانقراض بعيداً عن أحضان الاتحاد الأوروبي. ورغم ذلك، فقد صوّتوا بـ”نعم” على استفتاء بريكست لأنّهم، بحسب مصادر محليّة، يخشون على أنفسهم من الهجرة الوافدة ، علماً أن المهاجرين غائبون بشكل شبه التام عن تلال ويلز.

وعلى خلفيّة عملي المكثّف في دول الشّرق الأوسط التي تُعاني من انقساماتٍ واضطراباتٍ سياسيّة مزمنة والتي أمضيتُ فيها مسيرتي المهنيّة كصحافي منذ تسعينيات القرن الماضي، مع بعض الأعمال الصّغيرة في بلفاست وموسكو وواشنطن، يُمكنني أن أقول إنّ لصفقة بريكست بعض الإيجابيات. وثمة عناصر في  هذه الأزمة من شأنها أن تُقرّبها من أزمات أخرى شهدتُها في أماكن أخرى في العالم، لكن بعض التطورات التي شهدتها تُعتبر خاصة ببريطانيا. من جهتهم، يميل ” أنصار الخروج”  من الاتحاد الأوروبي إلى الإيمان الشديد، سواء بوعي أو من دون وعي، بـ”استثنائية” بريطانيا ويسكتون عند عقد المقارنات بين بريطانيا ودول أخرى. أما “أنصار البقاء” في الاتحاد فيشيدون بأنفسهم وبنظرتهم الأكثر شمولية مقارنةً بآفاق خصومهم الضيّقة، متناسين تصوّراتهم المسبقة التي يتبيّن غالباً بأنّها انعزالية بنفس القدر.

من ناحية، ثمة سهولة في فهم الإيديولوجية التي تدفع ببريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي، إن لم يكن مصطلح “إيديولوجيّة” فضفاضاً عليها، فمؤيّدو الخروج المعروفون بـ”بريكستير” هم حركة وطنيّة على غرار العديد من الحركات الوطنيّة التي غيّرت وجه العالم الحديث من بغداد إلى كاراكاس ومن ملبورن إلى كيبيك. فالرّغبة في تقرير المصير وإحقاق الحرية الوطنية هي غريزة سياسية عالميّة وغالباً ما تكون مصحوبة بوعود بمكاسب اقتصادية، ولو أنّها قلّما تتحقّق.

لا خلاف على أنّ إيرلندا كانت أسوأ حالاً على مدى نصف قرن من الزّمن بسبب انفصالها عن بريطانيا عام 1922. ومع ذلك، قلّة قليلة من الإيرلنديين كانت لتعتبر ذلك حجةً مقنعة للتخلّي عن الاستقلال. فالحركات الوطنية والثورية تتفّق جميعها تقريباً على تحميل قوّة استبداديّة، أجنبية أو محليّة، مسؤولية المشاكل التي تقف حجر عثرة في وجه مجتمعاتهم، ولسببٍ وجيه غالباً. لكنّ لابد أن ينطوي تحويل اللوم إلى طرفٍ آخر على جرعةٍ قوية من التهرب واتخاذ جهة أخرى كبش فداء، على نحو ملائم سياسياً للجانب الذي يلقي باللوم.

في العراق، على سبيل المثال لا الحصر، اتُّهم صدام حسين من قبل أعدائه بإزكاء الانقسامات بين السنّة والشيعة. وكان الانطباع السائد لفترةٍ طويلة أنّ غياب صدّام عن مقاليد الحكم سيضع حدّاً لهذه العداوات. لكن الحقيقة أنّ سقوطه مهّد الطريق لحربٍ أهليةٍ طائفية وهمجيّة بشكلٍ استثنائي. وفي مناطق أقرب إلينا، أدانت المستعمرات البريطانية والفرنسية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كلاً من لندن وباريس محمّلةً إياهما مسؤولية مشاكلها، تماماً كما يتّهم حزب “بريكست” والمحافظون اليوم بروكسل وسط تبريرات أقل بكثير.

ومن خلال حديثي مع “أنصار الخروج” المنتشرين في أنحاء البلاد، شعرتُ بأنّ الجزء الأخطر من نسخة هؤلاء من القوميّة الانجليزية هو تشبّعها بتخيلات مواتية عن التفوّق الانجليزي على مختلف الأصعدة. فمثل هذه الافتراضات لم يكن أبداً صحيحاً حتى عندما كانت الامبراطورية البريطانية في ذروة مجدها. لكنّ مثل هذه التهيّؤات هو الذي يمنع ” أنصار الخروج ” اليوم، ولاسيما في المناطق البريطانية الأكثر حرماناً والأكثر تأييداً للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، من تكوين رؤية واقعيّة لتوازن القوى الاقتصادية والسياسية في العالم الحقيقي. يلفت ديفيد هاردمان، ممثّل حزب العمّال السابق في المجلس المحلي في نيوكاسل، إلى أن ” النّاس يقولون إنّهم فعلوها من قبل وسيفعلونها مجدداً..لكننا لا نمتلك الإمكانات ولا المؤهلات التعليمية التي تُخوّلنا المنافسة. ولا شكّ بأنّ اقتصاد شمال شرق بريطانيا سيتلقّى ضربة قوية. ببساطة، نحن نفتقر للميزة التنافسية”.

والجدير ذكره أنّ الفرضيّات المغلوطة بشأن التفوّق الوطني كانت أساساً لحسابات خاطئة عظيمة في تاريخ أوروبا الحديث، فأحدها استدرج فرنسا لخوض حربٍ كارثيّة عام 1870 ، كما دفع حساب خاطئ آخر من هذا النوع بألمانيا إلى إشعال حربين عالميتين مدمرتين في عامي 1914 و1939. هل يُعقل أنّ يتكرر الأمر نفسه الآن مع بريطانيا؟

خلال الأعوام الثلاثة الماضية، شعر المسؤولون المؤيّدون لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالحيرة والغضب إزاء فشل المفاوضين البريطانيين في المضي قدماً في محادثات بروكسل وإلقائهم أسباب فشلهم على غياب قوّة الإرادة، و ضعف الالتزام ببريكست، وحتى على الغدر. يبدو أنّ هؤلاء قد تناسوا حقيقةً واضحة، وهي أنّ أيّ مفاوضات أو محادثات مع دول الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين مجتمعةً، لا بدّ أن تخضع لسيطرة هؤلاء باعتبارهم الطرف الأكثر نفوذاً. وحسبما أُفيد، يعتزم بوريس جونسون، فور تولّيه منصب رئاسة الوزراء، السّعي من أجل عقد اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة ليكون بمثابة تعويض عن فقدان إمكانيّة الوصول إلى أوروبا، مع العلم أنّ 45% من صادرات بريطانيا اتجهت نحو الاتّحاد الأوروبي عام 2017 و18% منها فقط نحو الولايات المتّحدة. أما وارداتها للفترة نفسها، فاستُقدمت بنسبة 53% من الاتحاد الأوروبي و11% من الولايات المتحدة. ولأنّ القرب الجغرافي مهم عندما يتعلّق الأمر بعمليات التّبادل التّجاري، من الطّبيعي أن يتفوّق حجم صادراتنا إلى إيرلندا على حجم صادراتنا إلى أستراليا بواقع أربع مرات.

من المفترض باختلال موازين القوى أن يكون واضحاً في حدّ ذاته. لكنّه ليس كذلك؛ وفي كل مكانٍ قصدته في بريطانيا، من دوفر وصولاً إلى وديان ويلز، كان “أنصار الخروج” يتجاهلون هذه الوقائع الاقتصادية والسياسية. ففي جنوب ويلز مثلاً، قيل لي إنّ تلك المسائل كانت جزءاً من “مشروع الخوف”. وبفضلها، لن يتوانى الفرنسيّون يوماً عن بيع منتجاتهم من الجبن إلى بريطانيا، كما لن يمنع الألمان من توريد ما يصنعونه من سيارات إلينا. وفي برمنغهام، شرح لي الطالب مايكل دوغلاس من جامعة برمنغهام، أنه قد صوّت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “لشعوره بأنّه غير ديمقراطي إلى حدٍّ ما” وهو “بحاجة إلينا بقدر ما نحن بحاجة إليه”. وفي نيوكاسل، برّر أحد قادة الحملات المؤيّدة للخروج من الاتحاد الأوروبي، وهو إنسانٌ ذكي ومتعلّم لم يرد الكشف عن اسمه، موقفه بالقول إنّ أوروبا تشهد ركوداً وعلى بريطانيا أن تتطلّع نحو آفاق عالمية أوسع في إطار بحثها عن شركاء تجاريين جدد، كالّصين والهند والبرازيل.

أما “أنصار البقاء”، فهم يعضّون على شفاههم في كلّ مرة يواجهون فيها ما يعتبرونه جهلاً إجرامياً ومتعمّداً للسياسات الاقتصادية من جانب خصومهم. لكنّهم بهذه الطّريقة، يرتكبون خطأً مدمّراً ويغيب عنهم أنّ الضّرر الذي يُمكن أن يلحق باقتصاد بريطانيا ككلّ ليس بالضرورة حجةً دامغة تدعم موقفهم لدى الأكثرية التي تعيش حالياً في  مجتمعٍ بريطاني غير متكافئ اجتماعياً يكاد الازدهار أن ينحصر فيه ضمن منطقتي لندن وجنوب شرق بريطانيا.

وقد تكون هذه الحجّة مقنعة في قلب المدن الكبرى، على غرار برمنغهام وكارديف ونيوكاسل، لكن ليس في الأمكان المهمّشة مثال دوفر وهارتلبول ووديان ويلز. هنا، ينظر إيدي موريتون، وهو موسيقي وصاحب حانة ومطالب عنيد بالحفاظ على عضويّة بريطانيا داخل مجموعة دول الاتحاد الأوروبي، بعين العطف إلى أبناء مسقط رأسه والسال الذين صوّتوا جميعاً لصالح بريكست، قائلاً “لم تشهد والسال أي استثمار منذ أربعين عاماً، أيّ منذ دمّرت تاتشر قطاع التصنيع فيها. لدينا (في بريطانيا) الآن اقتصاد قائم على التمويل. وهذا الأمر لا يُفيدهم البتة، ولهذا السبب ينتفضون عليه. هم لا يأبهون لو تراجع الناتج القومي الإجمالي، لأنه لا يخصّهم، على حد تعبير الرجل”.

وهذه النّقطة نفسها تناولها أليكس سنودن، أحد المؤيّدين اليساريين للخروج من الاتحاد الأوروبي في نيوكاسل، في معرض حديثه عن شمال شرق بريطانيا، موضحاً أن كثيرين ممّن كلّمهم أثناء فترة الاستفتاء لم يبدوا أيّ نوع من الحماسة، لكنّهم سألوا أنفسهم السؤال التالي “الحالة ميؤوس منها بالفعل. ما الذي سنخسره لو منحنا صفقة (بريكست) فرصة. فلننتظر لنرى ما الذي سيحدث”. هذا الشّعار ذاته يتردد في أنحاء ويلز وانجلترا اللتين تشهدان تراجعاً في النشاط الصناعي: بغضّ النّظر عمّا فعله الاتحاد الأوروبي لغاية الآن، فهو لم يفعل ما يكفي بعد لقلب حياتهم رأساً على عقب، لافتين إلى أنّ مرحلة الانكماش تتناسب أكثر مع دخول بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي عام 1973.

إلى ذلك، تطرّق سنودن في كلامه إلى نقطةٍ أخرى جديرة بالاهتمام لأنّ تداعياتها لم تتبلور بعد، إذ قال إنّ إحساس النّاس بالهوية والصّورة التي يرسمونها لأنفسهم ولبلادهم أضحيا منذ العام 2016 متصلين اتصالاً وثيقاً بمسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولذلك باتت المواقف من بريكست، معه أو ضدّه، أصعب وأكثر تصلّباً ممّا كانت عليه منذ ثلاث سنوات.

وصورة بريكست هذه كدليل واضح وظاهر على حدّة الانقسامات في بريطانيا، تؤكدها بيانات انتخابية جاء فيها أنّ الدوائر التي تضمّ أعلى متوسط عمري وأدنى مؤهلات تعليمية، هي بالتحديد الأوساط التي صوّتت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومن بين 1283 شخصاً شملتهم دراسة للخبير مارتن روزنبوم، 82.5% صوّتوا ضدّ الاتحاد الأوروبي؛ وهؤلاء في معظمهم من دائرتي برامبلز وثورنتون في ميديلزبره التي تحوي أقلّ نسبة من المتعلّمين وأصحاب الشهادات بين دوائر انجلترا وويلز، قل 4% فقط  من مجمل السكان.

لماذا يعتبر النّاس في المناطق المحرومة أنّ الاتّحاد الأوروبي هو مصدر مشاكلهم؟ ليس الأمر كما لو أنّه ما من أطراف أخرى محتملة تستحق اللوم مرشحين عنه. وفي هذا الصّدد، سألتُ غراهام سيمونز، وهو عضو مستقلّ في مجلس بلدية كارفيلي جنوبي ويلز، عن دوافع المناطق المحرومة للتفكير على هذا النّحو وعمّا إذا كان من العدل جعل بروكسل كبش فداء في الوقت الذي تستحقّ فيه الحكومة البريطانية، و”جمعية ويلز الوطنية” بدرجة أقل بكثير، الحصّة الأكبر من اللوم؟

وافقني سيمونز على أنّ الأمر بالفعل هكذا، لكنّ “الشّعب اتّخذ قرار إلقاء اللوم على الاتّحاد الأوروبي”. مرة بعد أخرى، وفي أيّ منطقة فقيرة حللتُ، كان النّاس يشتكون لي من أنّ وجهات نظرهم لم تلقَ اهتماماً في الماضي والاستفتاء كان فرصتهم الأولى ليقولوا كلمتهم. وتعليقاً على ذلك، أكّد إيريك سيغال، أحد النّقابيين من فولكستون، أنّ بعض الأشخاص صوّتوا في الاستفتاء، رغم أنّهم لم يصوتوا في حياتهم من قبل. وهذا ما حمله على التفكير بأنّ “الشّوارع ستغرق في الدماء” لو لم يُؤخذ بتصويت هؤلاء أو تقرر إجراء استفتاء ثان.

لا يُمكن لأيّ تعميمات مُطلقة بشأن بريكست أن تكون صحيحة تمام الصحة. ربما يكون الاتحاد الأوروبي قد فشل في القيام بما يكفي من أجل مساعدة ضحايا التّراجع الصّناعي وسياسات التقشّف في معظم أجزاء انجلترا وويلز، لكنّ مناطق محددة كثيرة استفادت من مساعدته. وقد اتّضح لي أخيراً أنني عشتُ بالقرب من إحدى هذه المناطق في ضواحي كانتربري، وهي مقاطعة ثانينغتون الحضرية الفقيرة التي يقطنها حوالي 2794 نسمة.

قبل عشرين عاماً، كانت ثانينغتون تُلقّب بـ”بيروت الصّغرى” لأنّها كانت مسرحاً لأعمال العنف ولأنّ عدداً كبيراً من منازلها كان فارغاً. وفي تلك الأثناء، كان على مجموعات الأطفال فيها أن يُخبئوا ألعابهم في كوخ حفّاري القبور المجاور للمقبرة من أجل الحفاظ عليها. إلا أن أحوال المنطقة انقلبت رأساً على عقب بفضل مساعدة مالية بقيمة 2.5 مليون جنيه إسترليني خصّها بها الاتحاد الأوروبي لترميم المنازل وتشييد مركزٍ مجتمعي، وكانت نتيجتها الأولى والمباشرة تراجع مستوى الجريمة في المنطقة وضمان وجود أماكن آمنة للأطفال للدراسة واللعب. وعلى الرّغم من كلّ ذلك، أفادت التقارير عن أن  أكثرية سكان ثانينغتون صوتوا لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في خطوةٍ يُصنّفها العديد من “أنصار البقاء” على أنّها مثال آخر للجحود ونكران الجميل.

ومن جهّته، ذكر نيك أيدن-غرين، عضو حزب الديمقراطيين الأحرار في المجلس البلدي للمنطقة، أنّ هناك سببين رئيسيين للنتيجة التي أفضى إليها الاستفتاء: أراد الناخبون أن “يلعنوا جميع” الأحزاب السّياسية ويقولوا بأعلى الصوت إنّهم يشعرون بالتهديد من الهجرة الوافدة. “لو قرعتَ أبواب النّاس ستلقى منهم الجواب التّالي: هؤلاء هم حتماً المهاجرون غير الشرعيين” (الذين يملؤون “خدمة الصّحة الوطنية” ويعيشون على مساعدات الحكومة)”، على حدّ تعبيره.

وضع الهجرة الوافدة في أزمة بريكست، مثير للفضول؛ والجميع يتّفقون على أنّها واحدة من المسألتين المهيمنتين اللتين منحتا حملة تأييد الخروج من الاتحاد الأوروبي نصرها بفارق ضئيل قبل ثلاث سنوات. ومنذئذ وقادة حملة البريكست، مثل بوريس جونسون ومايكل غوف، إلى جانب الإعلام المؤيّد لبريكست، يُحاولون التّقليل من خطر المهاجرين الوافدين الذي روّجوا له في مرحلةٍ سابقة.

أما الليبراليّون، فيُواسون أنفسهم بالاستطلاعات التي تُظهر تراجع اهتمام الرأي العام بالهجرة الوافدة مقارنةً بما كان عليه قبل ثلاثة أعوام. لكنني أشكّ بأن تكون المشكلة قد ولّت إلى غير رجعة أو اختفت بشكلٍ مؤقت. ولو حدث ذلك فعلاً، فإنّ اختفاءها لن يستمرّ طويلاً. ودوفر مثال جيد في هذا الشأن: فهي معروفة كمدينة تشهد توترات عنصرية ناتجة عن وجود الغجر أو الرّوما السلوفاكيين الذين قدموا إليها في تسعينيات القرن الماضي؛ ولدى سكانها المحليين وعيٌ تام بالتوافد االتدريجي لملتمسي اللجوء تدريجيا ومعظمهم من الإيرانيين الذين يُجازفون بعبور القناة الانجليزية بواسطة قوارب مطاطية هشّة للوصول إليها.

وبالنسبة إلى سام هول، وهي معلمة تشتغل في مدرسة محلية، فإنّ السّكان يشتكون إليها قائلين “إن لم يكن بمقدورنا رعاية أنفسنا، ما الذي يُجبرنا على تقديم الرّعاية للآخرين؟” أما بالنسبة إلى قائد نقابي في دوفر لم يرد الكشف عن هويته، فقد “كان التّصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي يتمحور حول موضوعٍ واحدٍ ألا وهو الهجرة”. ورفض الرأي القائل بأن فكرة استعادة بريطانيا لعظمتها التاريخية في  نسخة تتمثل تشرشل عن أميركا التي يمثلها ترمب، هو في وقاع الحال ماحفز النّاس على التّصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. بالفعل، ثمة أشخاص يُفكّرون بهذه الطريقة، لكنّهم لا يُشكّلون المكوّن الرئيس في الائتلاف الدّاعي إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ومن وجهة نظر “أنصار البقاء” والعديد من الخبراء الاقتصاديين، فإنّ الهجرة تؤثّر إيجاباً في الاقتصاد من خلال مساهمتها في تجديد القوى العاملة المحلية المتقدّمة في السن. يبدو أنّ هؤلاء يُحاولون التقليل من أهمية دور المهاجرين في خفض الأجور واستيلائهم على وظائف شاغرة بدلاً من السّكان المحليين. لكن بالنسبة لأولئك الذين بالكاد يستطيعون أن يتدبروا أمورهم، يٌعتبر المهاجرون عبئاً إضافياً، حقيقياً أو خيالياً، على كواهلهم إلى جانب أعباء أخرى عديدة.

والفكرة الأخيرة هي نقطة مهمة للغاية: كلّ ما نعرفه عن العالم من حولنا هو ثمرة تجاربنا وخبراتنا الخاصة، فضلاً عمّا يُخبرنا به الآخرون أو ما نراه على شاشة التلفزيون أو ما نقرأه في الصّحف. فمنذ حوالى ست سنوات وقبل بروز حزب استقلال المملكة المتحدة والوعود بإجراء استفتاء بريكست، أصدرت شركة “إيبسوس موري” استطلاعاً نجحت من خلاله برسم صورةٍ مذهلة لوجهة نظر العامة حيال الأحداث الراهنة ومقارنتها مع أرض الواقع. وفي ملفّ الهجرة تحديداً، أظهر الاستطلاع إياه أنّ الشعب البريطاني يعتقد بشدّة أن 31% ممن يعيشون بينهم هم من المهاجرين فيما الرّقم الحقيقي هو 13%، وأن 30% من السكان هم من الآسيوين وأصحاب البشرة السوداء فيما الرقم الحقيقي هو 11%. وبيّن الاستطلاع كذلك أنّ ربع سكان البلاد يعتبرون أنّ المساعدات التي تقدمها بريطانيا لجهات خارجية تمثل جزءاُ مهماً من الإنفاق الحكومي، فيما لا تتعدّى نسبتها الحقيقة الـ1.1% فقط من الانفاق الحكومي.

سُئلتُ خلال الأشهر الستة الأخيرة، مرّاتٍ عدّة عن رأيي بالنتيجة التي ستتخمّض عن أزمة بريكست. وأنا دائماً أجيب بأني لاأعرف وأنّه لا يزال من المبكر جداً الخروج بأيّ معلومة. وهذه الإجابة صحيحة فقط بما يتعلق بتداعيات بريكست الاقتصادية التي لم تتبلور بعد، مع استمرار بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي إلى اليوم. لكنّها لا تنطبق أبداً على التغيّرات السياسية التي حدثت بالفعل على خلفية انقسام حزبي العمال والمحافظين ومحاصرة “حزب بريكست” لهما من جوانب مختلفة.

وصحيح أنّ الاستقطاب بشأن البريكست عميق ويزداد عمقاً يوماً بعد يوم، لكنّ تحقيق الغاية منه أيّ خروج بريطانيا فعلاً من الاتحاد الأوروبي لن يضع حداً نهائياً لهذا الاستقطاب. ويرى عضو سابق في حزب استقلال المملكة المتحدة كان ينظّم الحملات في مختلف أنحاء البلاد،  أنه لو كُتب لحزب “بريكست” الوصول إلى الحكم، فسيكون الانقسام مصيره الفوري، بسبب ميل ناشطيه إلى التصرّف بتاتشرية مفرطة في سعيهم لخلق بريطانيا نيو ليبرالية قائمة على اقتصاد سوقيّ حر أقرب إلى النموذج الأميركي منه إلى النموذج الأوروبي. ولكن الجماهير المؤيدة  للخروج التي التقى بها في شمال شرق بريطانيا وفي بلدتي ايسيكس وكنت الساحليتين، كانت تريد من الدولة أن تتدخل بشكل لا بشكل اقل، وينسحب الأمر نفسه على مؤيدي حزب “بريكست”.

في الوقت الحاضر، ثمة تغيير سياسي آخر يفرض نفسه علينا، ألا وهو إضعاف الدولة البريطانية. نعم، هذا صحيح. فتأثير بريطانيا اليوم على أوروبا لم يعد كسابق عهده، ومرد ذلك إلى قرارها بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وفي حين يعتبر الوطنيّون في إيرلندا الشمالية واسكتلندا أنّ النّزعة الانفصالية هي خيار مجدٍ وعمليّ بصورةٍ متزايدة، يتفهّم الفرنسيون بواقعيّة أكبر من البريطانيين أنفسهم، الطبيعية الثّورية لما تعتزم المملكة المتحدة القيام به.

وفي مقالٍ في صحيفة “لوفيغارو”، يُلخّص الصّحافي الفرنسي أدريان جولمس بدقّة التحوّلات والتغيّرات التي حصلت بالفعل، قائلاً إنّ “المملكة المتحدة بنت قوّتها على مبدأين: الحفاظ على وحدة الجزر وانقسام القارة الأوروبية. وها هي اليوم أقرب إلى تحقيق العكس”.

كان ثمة أمر عبثيّ بشأن المرشحين لمنصب رئاسة الحكومة. فقبل فوز بورس جونسون بانتخابات زعامة حزب المحافظين  وعد هو ومنافسه السابق جيريمي هانت بتوحيد البلاد في حين أنهما كانا يوسّعان خطوط تصدّعها العديدة. وبالنسبة إلى “أنصار البقاء”، فهم لا يزالون يرتكبون خطأ التعريف عن أنفسهم على أنّهم حزب الوضع الراهن. وقد تكون الكارثة الاقتصادية على قاب قوسين أو أدنى، لكنّ الإصلاح السياسيّ الذي أفضى إليه البريكست لا رجعة فيه والتفكك الذي أحدثه سيبقى محفوراً في ذاكرة التاريخ إلى ما لا نهاية، سواء أكانت بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي أو خارجه.

© The Independent

المزيد عن: بريكست / الاتحاد الأوروبي/الجنيه الإسترليني

 

 

You may also like

82 comments

Ashleigh Ducos 7 يوليو، 2020 - 7:04 م

I simply want to mention I am all new to weblog and certainly loved your website. Very likely I’m want to bookmark your blog post . You actually come with exceptional articles and reviews. Appreciate it for sharing with us your webpage.

http://www.withapackofpizzaz.com

Reply
CBD Oil 9 يوليو، 2020 - 12:58 ص

You seem to be very professional in the way you write.::’~*

https://www.assurereal.com/property/plot-sell-at-santapeta-junction-visakhapatnam/

Reply
places to buy viagra 9 يوليو، 2020 - 3:08 ص

very wonderful blog post, i certainly like this internet site, keep it

https://judpharmacy.com/

Reply
John Deere Diagnostic and Test Manuals 11 يوليو، 2020 - 12:54 ص

comforter sets really makes me me warm and comfy specially at night;;

http://www.repairloader.net

Reply
colorado cbd plant for sale 14 يوليو، 2020 - 12:57 ص

You must participate in a competition for among the very best blog sites online. I will recommend this website!

https://cbdhempoilsale.us/

Reply
Tractor Workshop Manuals 15 يوليو، 2020 - 7:41 ص

Aw, this became an exceptionally nice post. In thought I have to place in writing like this additionally – spending time and actual effort to make a good article… but exactly what can I say… I procrastinate alot and by no means often go carried out.

http://www.repairloader.net

Reply
try these guys out 15 يوليو، 2020 - 1:14 م

I am frequently to blogging and also i really value your content. The write-up has truly peaks my rate of interest. I am going to bookmark your website and also maintain checking for brand-new details.

https://judproducts.com/

Reply
blossom cbd oil dosage for dogs 16 يوليو، 2020 - 5:33 م

It?s tough to discover well-informed individuals on this subject, yet you sound like you recognize what you?re speaking about! Many thanks

https://cannabidioloilfordogs.com/

Reply
cbd oil benefits for hair 18 يوليو، 2020 - 3:48 ص

After research a few of the blog posts on your internet site currently, and also I really like your way of blog writing. I bookmarked it to my bookmark internet site listing and also will be checking back quickly. Pls take a look at my web site as well and let me recognize what you think.

https://cannabidioloilfordogs.com/

Reply
how much cbd do you lose by taking capsules 19 يوليو، 2020 - 4:58 ص

Aw, this was an actually wonderful article. In suggestion I would like to place in composing such as this additionally? taking time as well as actual effort to make a very good short article? yet what can I claim? I procrastinate alot and never seem to get something done.

https://cbdpillsforsale.org/

Reply
Read More 20 يوليو، 2020 - 9:55 ص

You made some good factors there. I viewed on the internet for the concern and discovered most individuals will go along with with your internet site.

https://judpharmacy.com/generic/ambien_prices.htm

Reply
Wendell Demuizon 21 يوليو، 2020 - 3:32 م

After research a few of the blog posts on your web site currently, and also I genuinely like your means of blog writing. I bookmarked it to my bookmark site listing and also will be inspecting back soon. Pls take a look at my web site as well and let me know what you think.

http://peresmishnik.ru/

Reply
Lakeesha Conlon 22 يوليو، 2020 - 9:30 م

This internet site is really a walk-through for every one of the details you desired about this and didn?t know who to ask. Look here, and also you?ll most definitely find it.

http://ivrex-player.ru/

Reply
read 24 يوليو، 2020 - 9:12 ص

You must participate in a contest for among the best blogs on the internet. I will advise this site!

http://gozzoli.ru/tuft-amp-needle-primary-mattress-princess-or-queen/

Reply
the original source 30 يوليو، 2020 - 4:30 ص

I am frequently to blog writing and i actually value your web content. The post has actually peaks my rate of interest. I am mosting likely to bookmark your site as well as maintain looking for new details.

http://lacoste-shoes-com.ru/8-advantages-to-acquire-best-mattress-from-consumer-ratings/

Reply
안전해외사이트 30 يوليو، 2020 - 6:42 م Reply
Google 31 يوليو، 2020 - 12:03 ص

Aw, this was a really good post. Taking a few minutes and actual effort to generate a superb article… but what can I say… I procrastinate a lot and never manage to get nearly anything done.

https://google.com

Reply
안전 메이저사이트 31 يوليو، 2020 - 4:57 ص

Best view in the town !

https://kizi-2.org

Reply
안전토토 31 يوليو، 2020 - 8:11 م Reply
안전사이트 2 أغسطس، 2020 - 4:13 م

Love watching movies !

https://tripleshottuesday.com

Reply
안전사이트 3 أغسطس، 2020 - 5:20 ص

Love watching movies !

https://kizi-2.org

Reply
안전카지노 3 أغسطس، 2020 - 5:54 ص

Best view in the town !

https://www.tranquilkneads.org

Reply
your domain name 3 أغسطس، 2020 - 5:59 ص

A fascinating conversation deserves remark. I believe that you need to compose much more on this subject, it could not be a taboo topic however normally people are not nearly enough to talk on such topics. To the next. Cheers

http://5fs.ru/protecting-sufferers-the-fight-against-illegal-remedies-cbd-oil-hemp-oil/

Reply
this post 3 أغسطس، 2020 - 11:30 م Reply
Las Vegas 6 أغسطس، 2020 - 7:30 ص

Hey there! Someone in my Myspace group shared this site with us so I came to give it a look. I’m definitely loving the information. I’m book-marking and will be tweeting this to my followers! Fantastic blog and amazing design.

https://youtu.be/f4Sa8t2b-H8

Reply
security screens on windows 6 أغسطس، 2020 - 11:30 ص

I am curious to find out what blog platform you’re utilizing? I’m experiencing some small security problems with my latest site and I would like to find something more risk-free. Do you have any recommendations?

https://youtu.be/f4Sa8t2b-H8

Reply
cbd gummies alton il 7 أغسطس، 2020 - 9:16 م

This web site is truly a walk-through for all of the information you desired about this and also didn?t understand who to ask. Peek below, and also you?ll certainly discover it.

https://cbdediblescandy.com/

Reply
cbd oil massage 9 أغسطس، 2020 - 9:13 ص

Oh my goodness! an outstanding article dude. Thank you However I am experiencing issue with ur rss. Don?t recognize why Incapable to subscribe to it. Is there any person obtaining identical rss trouble? Any person who knows kindly respond. Thnkx

https://blurpalicious.com/

Reply
super viagra review 14 أغسطس، 2020 - 10:05 م

There are some interesting points in this write-up yet I don?t recognize if I see all of them facility to heart. There is some credibility but I will hold point of view until I check out it further. Good short article, thanks and also we desire more! Contributed to FeedBurner too

https://judpharmacy.com/

Reply
Google 17 أغسطس، 2020 - 8:07 ص

Your style is really unique compared to other people I have read stuff from. I appreciate you for posting when you’ve got the opportunity, Guess I’ll just book mark this site.

https://google.com

Reply
price for generic viagra 17 أغسطس، 2020 - 8:13 ص

Hey there! I simply want to provide a massive thumbs up for the terrific information you have right here on this article. I will be returning to your blog for more soon.

https://judshop.com/

Reply
addyi female viagra 19 أغسطس، 2020 - 10:56 ص

you have a fantastic blog site right here! would certainly you like to make some invite messages on my blog site?

https://viagrawithoutadoctorprescription.com/

Reply
female viagra generic 20 أغسطس، 2020 - 1:53 ص

You made some respectable factors there. I looked on the net for the issue as well as found most people will certainly go along with with your internet site.

https://judpharm.com/

Reply
online usa viagra 21 أغسطس، 2020 - 10:01 ص

The following time I check out a blog, I hope that it does not dissatisfy me as high as this set. I suggest, I understand it was my option to read, yet I in fact believed youd have something interesting to claim. All I listen to is a lot of yawping regarding something that you might fix if you werent too hectic searching for focus.

https://noprescriptionproducts.com/

Reply
Dwight Ranalli 22 أغسطس، 2020 - 5:53 م

Hey there I am so grateful I found your blog, I really found you by error, while I was researching on Google for something else, Anyways I am here now and would just like to say thanks for a incredible post and a all round thrilling blog (I also love the theme/design), I don’t have time to browse it all at the minute but I have book-marked it and also included your RSS feeds, so when I have time I will be back to read a lot more, Please do keep up the fantastic work.

http://b3.zcubes.com/v.aspx?mid=5012730

Reply
nudes swap 24 أغسطس، 2020 - 3:48 م

Hello there, just became aware of your blog through Google, and found that it’s truly informative. I am gonna watch out for brussels. I’ll be grateful if you continue this in future. Numerous people will be benefited from your writing. Cheers!

https://www.landpage.co/free-sexting

Reply
cbd oil discount coupons 26 أغسطس، 2020 - 1:31 م

This truly addressed my trouble, thanks!

https://blurpalicious.com/

Reply
bed bath and beyond cbd oil 27 أغسطس، 2020 - 2:19 ص

There are certainly a great deal of details like that to consider. That is a wonderful point to raise. I offer the thoughts over as general motivation but plainly there are concerns like the one you bring up where the most vital point will be operating in honest good faith. I don?t understand if finest techniques have arised around things like that, but I make sure that your task is clearly determined as an up for grabs. Both boys as well as ladies really feel the influence of just a moment?s satisfaction, for the remainder of their lives.

http://cbdoil4u.org/

Reply
best type of cbd oil for pain 28 أغسطس، 2020 - 7:15 ص

The following time I check out a blog site, I hope that it doesn’t disappoint me as high as this. I mean, I recognize it was my selection to read, but I really assumed youd have something interesting to say. All I hear is a lot of whimpering regarding something that you might take care of if you werent too active searching for attention.

https://cannabiseducationcentre.com/

Reply
click now 31 أغسطس، 2020 - 2:04 م

It?s difficult to find experienced people on this subject, but you sound like you recognize what you?re discussing! Thanks

http://manimarket.ru/

Reply
Ezra Ohora 3 سبتمبر، 2020 - 11:29 م

Area on with this review, I genuinely think this internet site requires far more factor to consider. I?ll possibly be again to read far more, thanks for that information.

http://portugal-foot.ru/

Reply
Jean Huprich 6 سبتمبر، 2020 - 1:21 م

This really answered my trouble, thank you!

http://vladstalsnab.ru/

Reply
what is a good blood pressure for a man to have to be on cialis 9 سبتمبر، 2020 - 5:43 ص

This web site is actually a walk-through for every one of the details you wanted concerning this and didn?t understand that to ask. Look right here, as well as you?ll definitely find it.

https://chrxproducts.com/

Reply
sildenafil price per pill walmart 11 سبتمبر، 2020 - 8:07 ص

Aw, this was an actually nice post. In concept I want to put in composing like this additionally? taking time as well as actual effort to make an excellent short article? yet what can I claim? I put things off alot and by no means seem to obtain something done.

https://stablepharmacy.com/

Reply
apo sildenafil 14 سبتمبر، 2020 - 3:53 م

You should take part in a contest for among the very best blogs on the web. I will recommend this website!

https://fortunegraphite.com/

Reply
sildenafil citrate tablets 100mg reviews 15 سبتمبر، 2020 - 6:11 ص

The following time I read a blog site, I really hope that it does not disappoint me as high as this. I indicate, I recognize it was my option to check out, yet I actually assumed youd have something fascinating to claim. All I hear is a lot of yawping about something that you can fix if you werent as well active seeking attention.

https://tevaviagra.com/

Reply
sildenafil 20 mg tablet dosage 16 سبتمبر، 2020 - 11:56 ص

I?d need to consult you below. Which is not something I typically do! I take pleasure in checking out an article that will make individuals think. Likewise, thanks for allowing me to comment!

https://upharmacy24.com/

Reply
pulmonary hypertension sildenafil 17 سبتمبر، 2020 - 8:37 ص

Aw, this was an actually great blog post. In concept I would like to place in writing like this additionally? taking time as well as real initiative to make a very good post? but what can I claim? I put things off alot as well as never seem to get something done.

https://cheapgenericpills.com/

Reply
online drugs without prescription 18 سبتمبر، 2020 - 2:02 م

An excellent share, I simply provided this onto an associate that was doing a little evaluation on this. And he in fact got me morning meal due to the fact that I discovered it for him. smile. So let me rephrase that: Thnx for the treat! However yeah Thnkx for investing the moment to discuss this, I really feel strongly regarding it and also love learning more on this subject. When possible, as you become knowledge, would you mind updating your blog with more information? It is highly helpful for me. Big thumb up for this article!

https://pharmacywithoutdoctorprescription.com/

Reply
cbd oil for vaping for sale near me 21 سبتمبر، 2020 - 9:37 ص

I am typically to blog writing and also i really value your material. The article has truly peaks my rate of interest. I am going to bookmark your site and also maintain looking for brand-new information.

https://cbdhempoilsale.us/

Reply
James Seniff 29 سبتمبر، 2020 - 3:19 ص

You should take part in a competition for among the best blog sites online. I will certainly suggest this site!

http://doskavrn.ru/

Reply
cbd joints whole sale 30 سبتمبر، 2020 - 4:33 م

When I initially commented I clicked the -Notify me when brand-new comments are included- checkbox as well as currently each time a comment is added I get four emails with the same remark. Exists any way you can eliminate me from that service? Many thanks!

https://cannabidioloilsale.com/

Reply
list of teeth 30 سبتمبر، 2020 - 10:24 م

I’m really enjoying the theme/design of your website. Do you ever run into any internet browser compatibility issues? A number of my blog visitors have complained about my website not working correctly in Explorer but looks great in Opera. Do you have any solutions to help fix this problem?

http://maps.google.cm/url?q=https://www.google.com/maps?cid=4475027198637780466

Reply
low cost dental care 1 أكتوبر، 2020 - 5:21 ص

Howdy! Do you know if they make any plugins to protect against hackers? I’m kinda paranoid about losing everything I’ve worked hard on. Any tips?

https://maps.google.ne/url?q=https://www.google.com/maps?cid=4475027198637780466

Reply
teeth bleaching service 2 أكتوبر، 2020 - 11:39 ص

I absolutely love your blog and find most of your post’s to be what precisely I’m looking for. Does one offer guest writers to write content for yourself? I wouldn’t mind composing a post or elaborating on a number of the subjects you write in relation to here. Again, awesome website!

http://cwf-fcf.org/en/redirect.html?src=shortcut&shortURL=CanadianWildlifeFederation.ca/adopt&NEXTURL=https://sites.google.com/site/affordabledentistinannapolismd/

Reply
city dental clinic 2 أكتوبر، 2020 - 4:05 م

Do you have a spam problem on this blog; I also am a blogger, and I was wondering your situation; many of us have developed some nice practices and we are looking to exchange solutions with others, why not shoot me an e-mail if interested.

http://ceskapozice.lidovky.cz/redir.aspx?url=https://sites.google.com/site/dentistorangecountyca/

Reply
dental cart 2 أكتوبر، 2020 - 7:45 م

I’m not that much of a online reader to be honest but your sites really nice, keep it up! I’ll go ahead and bookmark your site to come back in the future. Cheers

http://membership.gwsgiants.com.au/analytics/outbound?url=http://www.jackiejonesdmd.com

Reply
periodontist near me 4 أكتوبر، 2020 - 10:11 م

Howdy are using Wordpress for your blog platform? I’m new to the blog world but I’m trying to get started and create my own. Do you need any coding knowledge to make your own blog? Any help would be really appreciated!

http://go.takbook.com/index.php?url=https://podcasts.google.com/feed/aHR0cHM6Ly9mZWVkcy5idXp6c3Byb3V0LmNvbS83OTUyOTAucnNz

Reply
Barbar Duerkop 7 أكتوبر، 2020 - 3:05 م

There is noticeably a lot of money to comprehend this. I assume you have made particular nice points in functions also.

https://blackplanet.com/dehlcows0204/message/21762854

Reply
Wonda Escue 7 أكتوبر، 2020 - 11:44 م

An impressive share, I just given this onto a colleague who was doing a bit evaluation on this. And he actually bought me breakfast because I found it for him.. smile. So let me reword that: Thnx for the treat! However yeah Thnkx for spending the time to debate this, I really feel strongly about it and love reading more on this topic. If possible, as you become experience, would you mind updating your blog with more details? It’s extremely useful for me. Big thumb up for this blog put up!

https://trello.com/c/V15lkqe6

Reply
is the cbd oil for dogs the same as for humans 16 أكتوبر، 2020 - 5:26 ص

Can I simply state what an alleviation to find a person who actually recognizes what theyre speaking about on the web. You absolutely know how to bring an issue to light and also make it important. Even more people require to read this as well as understand this side of the story. I cant think youre not a lot more prominent since you definitely have the gift.

https://cbdoilfordog.org/

Reply
cbd for pain 17 أكتوبر، 2020 - 2:54 م

After research a few of the blog posts on your website currently, and I absolutely like your means of blogging. I bookmarked it to my book marking internet site listing as well as will be examining back quickly. Pls check out my internet site too as well as let me recognize what you assume.

https://cannabidiolnopain.com/

Reply
Irene Houtchens 27 أكتوبر، 2020 - 8:28 م

Youre so great! I do not suppose Ive check out anything similar to this before. So great to discover someone with some initial ideas on this subject. realy thanks for starting this up. this website is something that is needed online, a person with a little originality. helpful task for bringing something brand-new to the net!

http://www.laboratory-test.ru/

Reply
Lea Shymske 28 أكتوبر، 2020 - 10:21 ص

you have a fantastic blog site right here! would you such as to make some welcome blog posts on my blog?

https://cbdediblescandy.com/

Reply
what dosage of cbd oil for 130lb dog 9 نوفمبر، 2020 - 8:07 ص

When I originally commented I clicked the -Inform me when new comments are added- checkbox and now each time a comment is added I get four e-mails with the same comment. Is there any way you can remove me from that solution? Thanks!

https://todohemp.com/

Reply
canada pharmacy 13 نوفمبر، 2020 - 4:32 ص

bluemountain canadian pharmacies online

http://supermarketpharmacysummit.com/

Reply
best canadian pharmacies 10 ديسمبر، 2020 - 9:22 م

Oh my goodness! an impressive short article guy. Thank you However I am experiencing issue with ur rss. Don?t recognize why Incapable to subscribe to it. Is there anyone getting the same rss issue? Any person that recognizes kindly react. Thnkx

http://supermarketpharmacysummit.com/

Reply
can you get viagra without a doctor 16 ديسمبر، 2020 - 12:53 ص

Can I simply claim what an alleviation to locate someone who actually understands what theyre speaking about on the internet. You most definitely understand just how to bring a concern to light as well as make it important. Even more people require to read this and understand this side of the story. I angle think youre not more prominent since you certainly have the present.

https://judshop.com/

Reply
getting viagra without a doctor 16 ديسمبر، 2020 - 11:42 م

really good message, i absolutely enjoy this website, keep on it

http://jud10.org/

Reply
hemp derived cbd oil safety 17 ديسمبر، 2020 - 5:28 م

Your area is valueble for me. Many thanks !?

https://cannabisoil24.com/

Reply
is cialis over the counter in usa 18 ديسمبر، 2020 - 10:31 م

This website is truly a walk-through for all of the information you wanted concerning this and didn?t understand that to ask. Glimpse here, and also you?ll definitely find it.

http://cialispharm.com/

Reply
cialis 10mg prices 20 ديسمبر، 2020 - 2:29 ص

Place on with this write-up, I really think this web site requires a lot more consideration. I?ll possibly be once again to check out a lot more, many thanks for that details.

https://chrxproducts.com/

Reply
prednisone sinus infection dosage 22 ديسمبر، 2020 - 2:56 ص

Your place is valueble for me. Many thanks !?

https://judpharma.com/zz239654.htm

Reply
canadian tadalafil 20mg 22 ديسمبر، 2020 - 11:40 م

very good post, i definitely love this site, keep it

https://usorganicpharmacy.com/

Reply
what is the cost of generic viagra? 24 ديسمبر، 2020 - 4:22 ص

Hello there! I just want to provide a significant thumbs up for the terrific information you have right here on this post. I will certainly be coming back to your blog site for more quickly.

https://judproducts.com/

Reply
pfizer viagra without a doctor prescription 25 ديسمبر، 2020 - 1:28 م

Place on with this review, I truly believe this website needs a lot more consideration. I?ll most likely be again to read far more, many thanks for that info.

https://judpharmacy.com/

Reply
how well does viagra work 26 ديسمبر، 2020 - 5:55 ص

After study a few of the post on your internet site currently, and also I really like your means of blog writing. I bookmarked it to my book marking internet site checklist and also will certainly be inspecting back soon. Pls check out my internet site too and also let me understand what you think.

https://judrxstore.com/

Reply
sildenafil para mujeres 27 ديسمبر، 2020 - 12:10 م

you have a terrific blog site here! would you such as to make some invite articles on my blog?

https://fortunegraphite.com/

Reply
sildenafil citrate chewing gum 28 ديسمبر، 2020 - 1:30 م

Can I just say what a relief to discover a person who in fact knows what theyre discussing online. You most definitely recognize just how to bring an issue to light and also make it essential. Even more individuals need to read this as well as comprehend this side of the tale. I cant think youre not much more preferred because you certainly have the gift.

https://tevaviagra.com/

Reply
calox sildenafil 29 ديسمبر، 2020 - 4:29 م

An interesting discussion is worth remark. I assume that you must write extra on this topic, it could not be a frowned on subject yet usually people are inadequate to talk on such topics. To the following. Cheers

https://upharmacy24.com/

Reply
25mg sildenafil reddit 31 ديسمبر، 2020 - 9:27 ص

You made some respectable points there. I looked on the web for the concern and also located most people will certainly support with your web site.

https://cheapgenericpills.com/

Reply
Lamborghini customization 22 يونيو، 2024 - 11:27 م

Fantastic post! I look forward to reading more from you.

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00