بأقلامهمعربي محمد حجيري يكتب عن : 25 عاما على رحيل ميشال طراد…ألهمته جلنار وغنته فيروز by admin 3 أبريل، 2023 written by admin 3 أبريل، 2023 57 عرف طراد كيف يحرّر الشعر العامي من المناسبات، وتبناه الشاعر يوسف الخال في مجلة “شعر”، إذ نشر فيها العديد من قصائده العامية بدءاً من العدد الأول إذ كانت قصيدته الأولى بعنوان: “كذبي” (بالفصحى: كذبة) وكتب الخال عنه مقالة في المجلة حول ديوانه “دولاب” المدن مجلة الكترونية \ محمد حجيري – رئيس القسم الثقافي في “المدن” قبل ربع قرن، رحل ميشال طراد(1998)، “أبو الشعر العامي اللبناني”، الذي في نظمه وعلاقته بالطبيعة والمرأة، رفع الزجل إلى مستوى الشّعر وأخذه إلى بلاغة أخرى، وما كتبه، ما عاد “عامياً” كما يقول الصحافي سمير عطاالله، “أصبح صيغة غير خاضعة لمقاييس الفصحى، لكنها أيضاً بعيدة عن الإيقاع العامّيّ المباشر والخالي من لطائف اللغة”. وطراد المولود عام 1912 تزخر حياته بمحطات كان تأثيرها وأثرها… يذكر الناقد والقاص مارون عبود أنه في سنة رحيل جبران خليل جبران (1931)، كان ميشال طراد من تلاميذه في الجامعة الوطنية، وأقام طلاب المدرسة حفلة تأبينية لجبران، فأجاد طراد الرثاء، وفي بحر السنة كان قد قرأ على رفاقه قصيدته “ليلة العرزال”، فلم يصدِّقوا أنها من قوله. أما مارون عبود فلم يستغرب ذلك، “دفعته إلى الأَمام فقال غيرها”، وعندما طلَّق طراد المدرسة أرسل قصيدة من شعره إلى مجلة “العاصفة” لصاحبها كرم ملحم كرم، فأعجبه قوله، فنشره تحت عنوان: ابن عم الشعر. ولمع نجم طراد، وأُعجب به الأدباء، فاحتل “المقام المرموق”، ليس أقله أنّ الشاعر الياس أبو شبكة كتب عنه في مجلة “المعرض” (أيار – حزيران 1936) ووصفه بـ”الشاعر الملوّن” الذي “ينشد بلغة إقليم لبناني ويحسّ بقلب شاعر كوني”، و”يخاطبك أو يخاطب أحلامه بلغة القرية الوادعة وسكونها الصافي طابع ساذج بل من السذاجة اللبنانية الحلوة بحيث أخشى عليه مثل ذلك التحوّل الذي كثيراً ما قضى على شعراء مثله كانوا يرسلون النفس على سجيتها ولما حالوا عن عهدهم معها حالت معهم عن عهدها وإذا هم – بين ليلة وضحاها- ينقلبون من بلابل وحساسين إلى خواطف وغربان”. وكتب سامي الشقيفي في مجلة “الرسالة” المصرية العدد 144/ 1936 قائلاً “ثمّة شعر لبناني محض يمثل فرعاً لنفسه هو الشعر العامي، وقد ارتقى جداً وزعيمه الأول رشيد نخلة؛ لقد تطوّر هذا النوع من الشعر على غرار الشعر الحديث؛ ومحدث هذا التطوّر ميشال طراد فهو أيضاً ينهج نهج الشعراء (الرمزيين)…”. وواظب طراد على نشر قصائده في مجلة “القيثارة” السورية التي كانت تصدر في اللاذقية في منتصف الأربعينيات، إلى جانب النشر في بعض الصحف اليسارية اللبنانية، وكتب شعره بلغة الحياة والطبيعة. والنقلة النوعية في حياته تمثّلتْ في إصدار كتابه “جلنار” (1951)، الذي رفعه إلى مصاف كبار الشعّراء. لقي شعره ترحيب العديد من الشعراء والأدباء، فالشاعر سعيد عقل قدّم الطبعة الأولى من الديوان، وقد شبّه صاحب الديوان بـ”النجمة الجديدة”، وقال:”إنّه كان على ثقة في أنّ ميشال طراد سوف يخلد”..وكان مارون عبود، من بين الذين احتفوا بصدور “جلنار” وكتب يقول:”هو “جلنار”حقّاً، نور يرسله كلامًا يخلب الألباب ويبهر العيون، شعر فيه زبرج وبهرج ريش الطواويس، وكرَّات الكناري، وزقزقة الحساسين، صور ألوان طاغورية، وإن لم تعرف الصوفية، وحكايات عمريَّة لا تبذُّل فيها، قصائد يخرجها الشاعر في ثياب القصة، فتأتي مفصَّلة على القَدِّ، تحب قراءتها وسماعها؛ لأنها تكلمنا بلهجتنا”. والظريف أّن مارون عبود قارن بين سعيد عقل وميشال طراد فكتب “ألا تقول معي حين تقرأ ديوان “جلنار” ومقدمته: إننا حين ننتقل من مقدمة سعيد عقل العاميَّة إلى زجل ميشال طراد نكون كمن ينتقل من قطعة حرش فيها السنديان والبطم والقندول والعلِّيق والطيُّون، إلى حديقة حديثة أُحكم ترتيبها وتنظيمها، وهي حافلة بالخضرة الدائمة والعطر الأبدي؟” ورأى عبّود “قرابة” شديدة بين “جلنار” باكورة طراد وديوان “رندلى” لسعيد عقل، وكاد أن يتّهم سعيد عقل بأخذه بعضاً من معجمه من طراد. لكن عقل يقول “لو كنتُ أنا متأثراً بميشال طراد هل كان طلب مني كتابة مقدمة ديوانه! في حياة الشاعر وجلنار، هذه المرأة التي سحرت ميشال طراد وامتلكت كيانه، وسمى ابنته باسمها، ويوم سأله الكاتب المسرحي فارس يواكيم هل اسمها على اسم ديوانك الأول؟ أم عنوان الديوان من اسمها؟ أجاب: “لا هذا ولا ذاك. جلنار اسم الحبّ الأول”. كان الطفل ميشال بعد وفاة أبيه قد انتقل مع والدته من زحلة المدينة البقاعية إلى بسكنتا، البلدة الجبلية المتنية. ولما بلغ عمر المراهقة هام عشقاً من طرف واحد بابنة خاله وكان اسمها جلنار. كانت تكبره بعدّة سنوات. وفي حبّها كتب قصائده الغزلية الأولى، وحين توقفت عن لقائه، أخذ يبث ذكرياتهما في كل ديوان من دواوينه، وأصبح اسمها غطاءً لقصص حبّ أخرى متعدّدة، غَزَلها ونسجها في القصائد التي طرّزت ديوانه الأول. ووصل الأمر إلى ابتداع حياة جديدة لجلناره، فهو أحب أن تكون معه في الطبيعة، حيث البساطة والمحبة، وكان يتخيلها بجانبه عندما كان تلميذاً يدرس أمثولته: “هونيك بالأيام كان يلعب ولد ويغيّب متيلي يخرتش شعار شعار شو فيهن غناج لهك الجلنار هـ القاعدي تغزل على ضو السراج”. والنقلة الأساسية الثانية في حياة طراد تمثّلت عندما سمع الناس المطرب وديع الصافي يغني “رح حلّفك بالغصن يا عصفور” أو فيروز تنشد “تخمين راحت حلوة الحلوين/ وما ظل في غير الحبق/ تخمين هالقلب انطبق/ وما عاد يرجع لي بعد… تخمين”، أو “يا صبح روّج طوّلت ليلك/ خلّيت قلبي نار/ بلكي بتجي أختك تغني لك/ بلكي بتجي جلنار”، أعجب الجمهور بهذه الكلمات الشعرية التي يؤنسن فيها الشاعر الأشياء بطريقة أشبه بالصوفية، يقول فارس يواكيم لأن معظم أغاني فيروز من كلمات الأخوين رحباني، لم ينتبه معظم المستمعين إلى أن هذه الأغاني من شعر ميشال طراد. هو لم ينظمها خصيصاً للغناء، لكنها قصائد منشورة في دواوينه، أعجبتْ الأخوين رحباني فلحّناها وغنتها فيروز، وحكي الكثير عن تأثير ميشال طراد بالرحابنة. عرف طراد كيف يحرّر الشعر العامي من المناسبات، وتبناه الشاعر يوسف الخال في مجلة “شعر“، إذ نشر فيها العديد من قصائده العامية بدءاً من العدد الأول إذ كانت قصيدته الأولى بعنوان: “كذبي” (بالفصحى: كذبة) وكتب الخال عنه مقالة في المجلة حول ديوانه “دولاب”، وكانت المآخذ الرئيسية للشاعر الحداثوي على الشاعر العامي هي استمراره على النمط التقليدي، وحدة البيت لا القصيدة كبناء فني، والاعتماد على الفكرة لا على الصورة. كذلك رحب الشاعر أدونيس به في مجلة “مواقف” في سبعينيات القرن العشرين. سيرة ولد طراد في زحلة في 21 تشرين الأول (أكتوبر) 1912، وتوفي في 8 شباط (فبراير) 1998. عاش طفولته بين زحلة وبعلبك وبسكنتا بلدة والدته مهيبة أيوب (ابنة عم الشاعر المهجري رشيد أيوب). وتعلّم في عدّة مدارس، درس في المدرسة الشرقية وتتلمذ على يد الشاعر عبدالله غانم. وفي العام 1931 التحق بالجامعة الوطنية في عاليه، ثم الكُلْيَة الأورثوذكسيّة في حمص بسورية. عمل مُدرّسًا لمدةٍ قصيرةٍ جدًا، منذ أوساط الثلاثينيات، موظفاً في تعاونية تابعة لثكنة رياق العسكرية، قبل تعيينه مدرّساً في مدرسة “الثلاثة أقمار”، ثم عيّنه الأمير موريس شهاب في عداد العاملين في قلعة بعلبك الأثرية، منذ بدايات نشوء “مديرية الآثار” في مطالع الأربعينيات. أمضى واحد وثلاثون سنة من عمره في الوظيفة. عام أصدر ديوانه الثاني “دولاب” (1957) و”ليش” (1964)، و”كاس عشفاف الدني”(1972)، و”عربيي مخلعة”(1986) وفي العام نفسه ديوانه “الغراب الأعور”، في العام 1992 أصدر “عيد الشحادين”، تلاه “وردة بأيد الريح” 1993، وقبل وفاته بسنة صدر كتابه الأخير “المركب التائه”. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post عبد الرحمن بسيسو يكتب عن : حَيثُ يَمْكُثُ الغُولْ next post سرفانتس مخلّداً في مغارته الجزائرية… محنة الاختباء التي ألهمته “دون كيشوت” You may also like شيرين عبادي تكتب عن: السعودية وإيران من وجهة... 26 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: لبنان… و«اليوم التالي» 26 نوفمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024