ثقافة و فنونعربي كارلوس ساورا ابن الديكتاتورية الإسبانية التي حاربها بالسينما by admin 16 فبراير، 2023 written by admin 16 فبراير، 2023 22 رحل عن 91 سنة وأنجز أفلاماً رائدة عن الثورة ومآسيها ثم انتقل إلى جماليات الفلامنكو اندبندنت عربية \ هوفيك حبشيان عشية تكريمه عن مجمل أعماله خلال حفلة توزيع جوائز الغويا الخاصة بـ#السينما_الإسبانية وبعد أيام على عرض فيلمه الأخير “#الجدران_تتكلم”، رحل المخرج الكبير #كارلوس_ساورا عن 91 سنة، بعد مسار سينمائي مجيد قدم خلاله عشرات الأفلام المهمة وبضع تحف من أصل نحو 50 فيلماً، حملت توقيعه على مدار نحو 70 عاماً من الانخراط في هم الشاشة، وهي أفلام لا يمكن التغاضي عنها عند الحديث عن الفن السابع. ظل هذا التسعيني، وهو فنان شامل للمناسبة، يعمل حتى اللحظة الأخيرة من حياته التي عاشها على أوسع نطاق: أحب وحارب وثار على الظلم، وقدم ما نال إعجاب أبناء ثقافات أخرى وفاز بعدد كبير من الجوائز. في رثائه، كتب الناقد البرتغالي رويي نوغييرا: “كان هناك لويس بونويل واليوم لدينا ألمودوفار، لكن بينهما هناك كارلوس ساورا”. مع التذكير أن ساورا لم يكن يخفي ارتباطه بالسوريالي بونويل. هذا الذي ولد لأم عازفة بيانو، تربى في جو فني من الدرجة الأولى، فتوجه باكراً إلى التصوير الفوتوغرافي الذي جعله تدريجاً يعتنق السينما ملجأ له. والاهتمام بالتصوير انعكس بوضوح في أفلامه التي تحمل جماليات خاصة وأحياناً معقدة. مع رحيل ساورا تخسر السينما الإسبانية آخر جهابذتها، من الزمن الكبير للسينما أي السبعينيات، علماً أن فيكتور إريسه، صاحب “روح خلية النحل”، لا يزال حياً يرزق. ويأتي موت ساورا في فترة أخيرة تخللتها وفيات كثيرة. أسماء كبيرة مثل آلان تانر وجان ماري ستروب وبول فيكيالي وغيرهم من مبدعي السينما فارقوا الحياة. الشاهد على المراحل المخرج السينمائي الإسباني كارلوس ساروا (رويترز) يصعب الحديث عن ساورا من دون العودة إلى تاريخ بلاده المتشعب، هذا التاريخ الذي لا يمكن فصله عن أفلامه، فهي منه وعنه، على غرار عديد من السينمائيين الأوروبيين، من أمثال روبرتو روسيلليني وثيو أنغلوبولوس، الذين كانوا شهوداً على الظروف التي عاشها الناس في ظل الأنظمة السياسية التي فرضت نفسها في بلادهم. وبهذا المعنى كان للديكتاتورية التي عاشتها إسبانيا مذ تسلم الجنرال فرنكو السلطة في عام 1936، وقع كبير على مساري ساورا، الشخصي والسينمائي، فانعكس هذا كله في أعماله الفنية ووجدانه كإنسان. السينما الإسبانية عانت كثيراً في تلك الحقبة السياسية، كثر غادروا البلاد، وكان ساورا من الذين بقوا وما كان للسينما الإسبانية لتستمر حينها، لولا عناده وإصراره وتحديه المتواصل وتحدي أمثاله من السينمائيين الإسبان. فهو لطالما أظهر جرأة في أن يشهد ويوثق في ظل نظام سياسي مستبد، وكان يلجأ إلى حيل ليفلت من مقص الرقيب وليصور فظاعة العيش تحت الفاشية. من فيلم “صيد” (ملف الفيلم) كان ساورا مسكوناً بتاريخ بلاده كأي فنان حقيقي يتفاعل مع ما يراه من حوله ويستوحي منه. وهذا قد يكون بديهياً عندما يعيش الفنان جزءاً كبيراً من طفولته خلال الحرب الأهلية. نجا ساورا من الحرب لكنه حولها أفلاماً قص فيها المآسي من وجهة نظر طفولية، ذلك أن الطفولة أصدق وغالباً تقول ما لا يقوله الكبار. الحرب الأهلية بقيت صدى بعيداً في عديد من أفلامه، حاضرة، حتى لو غابت، ويمكن التقاطها في سلوك الشخصيات وفي ماضيها وفي ذكريات أليمة عاشتها. لا يمكن للإنسان أن ينجو تماماً من مثل هذه التجربة. أفلامه في النصف الأول من مسيرته، استلهمت تجربة العيش تحت حكم فرنكو والهدف منها تقديم صورة اجتماعية شاملة قوامها ثلاثة محرمات: جنس ودين وسياسة. كل المعاناة التي تعيشها شخصياته تتناسل من القمع المفروض الذي يتسبب به لقاء المحرمات الثلاثة. أما الماضي، فهو أحد التيمات المفضلة لساورا. إنه السجن الأول والأخير. مجرد التفكير به يزعزع استقرار الحاضر. الطفل والمسدس في فيلم ” كريا كويرفوس” الشهير (ملف الفيلم) بدأ ساورا مسيرته السينمائية في منتصف الخمسينيات. منذ فيلمه الروائي الطويل الأول، “لوس غولفوس” (1960) شق طريقه إلى مهرجان “كان”. الفيلم عن شبان من ضواحي مدريد يعتاشون من النصب والاحتيال، لكن أحدهم يطمح في أن يكون مصارع ثيران، وأصدقاؤه يساعدونه لتحقيق حلمه. لكن مخططهم يفشل، الأمر الذي يترتب عليه بعض المشكلات. المغزى السياسي والإجتماعي الفيلم تعرض للرقابة وهو المصير الذي لقاه أيضاً بعض أفلامه اللاحقة، منها “أنجليكا”، على رغم النقد الإيجابي الذي فاز به، وعلى رغم أنه كان يعد رائد حركة السينما ذات المغزى السياسي والاجتماعي في إسبانيا الفرنكوية. مع “الصيد”، في عام 1966، وهو ثالث روائي طويل له، ظهرت موهبته علانية وكشف عن وعي سياسي ناضج، فنال عنه “الدب الفضي” في مهرجان برلين، ليبدأ معه رحلة اعتراف دولي به. ثلاثة أصدقاء مختلفين عن بعضهم بعضاً وسبق أن حاربوا في معسكر فرنكو، يلتقون من أجل رحلة صيد أرانب في أحد الأرياف التي شهدت معارك ضارية بين أنصار فرنكو والجمهوريين. إلا أن الأشياء تغيرت منذ بداية الحرب (الحكاية تجري في الستينيات)، واللقاء هذا كفيل بأن يكشف الاختلافات بينهم. فكل منهم يمر بفترة عصيبة، الأمر الذي يفضي إلى الشعور المزمن بالكبت والحرمان. هذا كله يفجر عنفاً وغضباً تحت سماء ترمي نيرانها عليهم. الفيلم مصور بالأسود والأبيض الرائعين، مع ممثلين يؤدون أدوارهم على أكمل وجه. هذا كله في ظل إخراج متماسك وجو مشحون بالتوتر يصعد تدريجاً إلى الذروة. جماليات الفلامنكو في فيلم “” (ملف الفيلم) بعد عامين، نال ساورا الجائزة نفسها في المهرجان نفسه، هذه المرة عن واحد من أهم أفلامه، “مخفوق النعناع”، وهو عن أخصائي أشعة يقع تحت سحر زوجة صديقه المغامر، وهي إمرأة لعوب تتحكم به. وكان من المفترض أن يعرض الفيلم في مهرجان “كان”، إلا أن أحداث أيار 68 أطاحت بالحدث وألغته. الفيلم عن بورجوازيين في زمن فرنكو، وهو من تمثيل جيرالدين تشابلن (ابنة تشارلي تشابلن) التي تلعب دورين، والتي تعاونت معه في ثمانية أفلام، وارتبطت معه بعلاقة عاطفية دامت نحواً من عقد من الزمن. الفيلم أهداه ساورا للويس بونويل، على رغم أن كثراً وجدوا فيه تأثيرات “غودارية” لا تقبل الشك. مع “كريا كويرفوس”، في منتصف السبعينيات، أخرج ساورا فيلمه الأشهر والأهم. إنها تنويعة أخرى عن الديكتاتورية من خلال نص ممعن في الواقعية الاجتماعية، حيث الانحياز للطرف الأضعف، كما كانت الحال دائماً عند ساورا. عندما خرج الفيلم إلى الصالات، كان الجنرال فرنكو قد مات. الفيلم عن آنا، ابنة التاسعة، الشاهدة البريئة على موت والديها، التي ترفض ان تكبر متمكسةً بأحلامها من أجل إعادة خلق الواقع الذي تفتقده. هذا الفيلم الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان “كان”، خطف قلوب المشاهدين في العالم أجمع، ولعبت أغنية الفيلم، “لماذا تذهب؟” بصوت جانيت، دوراً بارزاً في نجاحه الدولي. مع سقوط الديكتاتورية وسلوك إسبانيا مسار الديمقراطية، توقف ساورا عن الحديث عن الماضي. طواه نوعاً ما وقطع علاقته به. ارتدت سينماه ثوباً مبهجاً، من وحي حبه للموسيقى والرقص، بخاصة وخصوصاً رقصة الفلامنكو التي عشقها، لدرجة أن كل أفلامه بعد تلك الحقبة تبدو احتفاء بصرياً بولادة جديدة تعيشها بلاده الجميلة. معها ولد ساورا مجدداً. أفلامه تلك، كتبت صفحة جديدة من الثقافة الإسبانية منظوراً إليها من زاوية أخرى، مع التركيزعلى أجمل ما فيها. في “عرس الدم” الذي يعد أول جزء من “ثلاثية الفلامنكو” (تتضمن “كارمن” و”الحب الساحر”)، فرقة تقوم بتمارين لتقديم كوريغرافيا راقصة لمسرحية كتبها غارثيا لوركا. أما في فيلمه “فلامنكو” الذي قدمه في وسط التسعينيات، فهو مجموعة من اللوحات الغنائية الراقصة مع عدد من أبرز الأسماء في موسيقى الفلامنكو. استعان ساورا بمايسترو الضوء الإيطالي فيتوريو ستورارو لتصوير الفيلم، وهو تعاون تكرر في عدد من الأفلام ووصل إلى ذروته الجمالية في “تانغو” (1998) الذي تحول إلى ظاهرة عند هواة النوع، مدعوماً بموسيقى المؤلف الأرجنتيني الكبير لالو شيفرين. المزيد عن: سينمائي إسباني\أفلا\مفلامنكو\لويس بونويل\بيدرو ألمودوفار\نظام فرانك\والثورة الإسبانية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post من أين جاء بيكاسو بالتفاصيل غبر المتوقعة للمشهد الذي رسمه في “غرنيكا”؟ next post محمد أركون يتحدث عن مشروعه الفكري وإشكالاته You may also like فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024