ثقافة و فنونعربي خطوات سعودية جريئة لتعميق “أسئلة الفلسفة” by admin 5 ديسمبر، 2022 written by admin 5 ديسمبر، 2022 319 المفكر السعودي الغذامي يحذر من تحول سباق الفضاء إلى صراع بين القوى كما على الأرض اندبندنت عربية \ منى المنجومي صحافية @munaalmanjoomi اختيار هيئة الأدب والنشر في السعودية، “الفضاء والزمان والبشرية” شعاراً للنسخة الثانية من مؤتمر “الفلسفة” الذي تنظمه ربما يكون فتح الطريق لطرح تساؤلات عدة بين المنظمين والمشاركين من 19 دولة على حد سواء كما هو شأن الفلسفة دوماً، لا سيما أن عملية الاستكشاف على مر الأزمنة كانت مصحوبة بممارسات بشرية كثيرة، لما تدفع إليه من تغير موازين القوى والثروات والابتكارات والحدود. ومن أبرز تلك التساؤلات، هل نخرج من كوكبنا قليلاً؟ ألم نستكشف الفضاء؟ هل ستقسم البشر يوماً الفضاء ويرسمون حدوده مثلما فعلوا بالأرض؟ وما نتائج ذلك؟ وهل سيكون الفضاء مساحة تتسع للجميع أم حكراً على قلة من الأفراد؟ الهوس بالفضاء وأسئلته وكانت أولى تلك التساؤلات “لماذا يجب أن نتهيأ لعالم عابر للكوكب” وهو السؤال الذي أجابت عنه نائبة رئيس الاتحاد الدولي للملاحة الفضائية المهندسة مشاعل الشميمري في أولى الجلسات بالقول إن “من أولويات المرحلة الحالية إيجاد جيل بشري يمكنه التواصل بعيداً من الحدود البشرية داخل كوكب الأرض، مما يتطلب الاستعداد لتكوينه”. ولفتت إلى أن الانفجار السكاني الذي تشهده الأرض ومتطلبات المرحلة التي تستوجب أيضاً البحث في استدامة الحياة على كوكبنا واستكشاف كواكب أخرى، مثلما أنها مغامرة بشرية، هي أيضاً طموح خلاق “يفسر إنفاق الأموال الطائلة في التخطيط للذهاب إلى الفضاء”. وعددت الشميمري المشكلات البيولوجية والبيئية التي تواجهنا إضافة إلى دراسة الأجسام المجاورة للأرض، وذلك لأن البشرية بحسب اعتقادها “في مرحلة مصيرية ووجودية يجب العمل بجدية حيالها لضمان عدم انقراض البشرية في ظل التهديدات المحتملة للكوكب، لا سيما أن هناك أكثر من 30 ألف جسم فضائي قريب من الأرض”. والحديث عن الفضاء وما يحويه من مجرات كانا موضوعي جلسة الأستاذ في جامعة سانت لويس راي لي بيو التي حملت عنوان “البيئة المجرية: مسؤوليتنا”، تساءل خلالها حول من تقع عليه مسؤولية حماية الأرض من الآثار الجانبية والأضرار التي قد تلحق بها من جراء تلك المجرات. الفضاء من أجل الإنسانية وبعيداً من التحديات التي يواجهها الكوكب وأهمية البحث في عوالم خارج الأرض يمكن للبشرية الحياة بها، يرى أستاذ النقد والنظرية في كلية الأدب بجامعة الملك سعود عبدالله الغذامي أن عمليات استكشاف الفضاء لا بد من أن تكون من أجل الإنسانية وليس بغية السيطرة وتصارع القوى العظمى. واعتبر في ورقة العمل التي طرحها في سياق مناقشة “البشرية في الفضاء: مجد أم سلطة؟”، أن البشر لديهم القدرة الكاملة على صناعة الجمال والخير، وكذلك لديهم القدرة ذاتها لصناعة الشر والقبح في هذا العالم، مشيراً إلى أن “مشروع ريادة الفضاء من أهم المشاريع الإنسانية في الوقت الراهن التي يهتم بها الإنسان، المفطور على طلب المجد والتميز”. لكنه حذر من أن النتائج التي وصفها بالحتمية الناجمة عن التطورات جراء التنافس بين القوى، وهي التحول إلى الصراع من أجل بلوغ القمة، مؤكداً أنه إذا تطور شغف الاستكشاف إلى صراع بين أي طرفين “يحدث الأخطر وهو ما يعرف بـ’الإزالة‘ من القمة ومن ثم الإحلال ليمنعه من الوصول إليها”. وأكد أنه من دون أنسنة الأهداف فإن الفضاء سيكرر تجربة الأرض وضرب مثلاً باكتشاف أميركا، “فنحن نعرف أن سجل البشرية في الأرض لا يشجع على التفاؤل، خصوصاً أن الإنسان دائماً في صراع مع الإنسان الآخر، فالعلم نافع للبشرية ولكن إذا أصبحت فيه منافسة يمكن أن يتحول إلى ضرر”، مشيراً إلى علم الفيزياء وكيف كان نافعاً للبشرية قبل اكتشاف الفيزياء النووية التي أمكنت من إنتاج القنابل الذرية المهلكة. وأوضح الغذامي أهمية منع تحول العلم إلى أداة ضارة خلال رحلة استكشاف الفضاء والإبقاء على هذا المشروع منزهاً عن الأضرار الثقافية التي تنشأ بشكل طبيعي على حواف الأنشطة البشرية وأثناء التنافس على المجد وعدم تحويل الرحلة من رغبة استكشافية إلى غزو تنافسي. الفلسفة تستبق الحدث وبعيداً من اكتشافات الفضاء، يرى أستاذ الفلسفة بكلية التربية الأساسية في الكويت فهد الرويشد أن الفلسفة بدأت بالتشكل في قالب مثير للإعجاب وأن القطاعات العلمية الأخرى لا تستطيع التعاطي مع القضايا الكبرى بمعزل عن علم الفلسفة الذي بدوره يتعاطى معها ويمكن الإجابة عن عدد من التساؤلات العميقة التي تطرح منها على سبيل المثال “من أين أتينا؟” أو”من نحن”؟ معرباً عن اعتقاده بأنه “من الصعب أن تجد إجابة عن تلك التساؤلات لدى العلماء ولكن يمكن للفلسفة أن تجيب عنها”. وأضاف “هناك حاجة البشرية إلى الفلسفة كي نسابق الأحداث ونستشرف المستقبل ونتخيل شكل الحياة بعد مرور آلاف السنين”. منظور آخر وعلى رغم غنى المؤتمر في أطروحاته وتفاعل الجمهور معه، إلا أن الباحث في الأديان والفلسفة خالد الغنامي طرح تساؤلات من منظور آخر، إذ قال “ترجمت سبعة كتب، ستة منها في الفلسفة، ولي كتابان من تأليفي في الفلسفة. ومع ذلك لا أدعى إلى مؤتمر الفلسفة الذي يقام في بلدي وفي مدينتي لسنتين متتابعتين. ما السر يا ترى؟”.وفي وقت طرح الغنامي سؤاله حول اختيار المشاركين ومعايير إرسال الدعوات، طالبت ديمة عبدالجواد الجميع بالتسجيل في المؤتمر في نسخته المقبلة وقالت إن “المؤتمر يطوع الفلسفة، ينزلها من برجها العاجي ويجعلها متاحة للجميع”. من جانبه يرى المؤسس لمنصة تشكيل الأدبية معجب الشمري أن المؤتمر استطاع بناء كل الأفكار بصورة مدهشة وذكية من خلال فهم الكون بشكل آخر، لافتاً إلى أن التنوع في برامجه الموجهة إلى جميع الفئات العمرية كان أمراً جميلاً. الفضاء والناس وبالعودة إلى فعاليات مؤتمر الفلسفة في نسخته الثانية، بدأت جلسات اليوم الثاني بمحاضرة بعنوان “لقاءات بشرية دخيلة: من سنكون في المستقبل؟” أدارها أستاذ الفلسفة بجامعة كوليدج بدبلن جوزيف كوهين، فيما تحدث خلالها الباحث في الفلسفة بجامعة ولاية بنسلفانيا في أميركا الدكتور نيكولاس دي وارن الذي أكد أن استكشاف الكون الخارجي يعني استكشاف أنفسنا. وبزيّ رواد الفضاء، قدم كبير التقنيين والشريك المؤسس في منتدى الفضاء النمسوي نوربيرت فريشاوف محاضرة وعرضاً مرئياً أجاب فيهما عن سؤال فلسفي “هل نحن وحدنا؟”. وكان “الاستكشاف خارج نطاق المعرفة” عنواناً للجلسة الحوارية التي أدارها أستاذ الفلسفة المساعد في جامعة طيبة حسن الشريف وشارك فيها رئيس مجلس إدارة جمعية الفلسفة السعودية عبدالله المطيري الذي أكد أن الاستكشاف هو حال من الارتباط الخارجي بالغريب والمجهول وأن الاتصال بالآخرين هو جوهر الاستكشاف، مشيراً إلى أن الاستكشاف ينطلق من شغفنا بما لا نعرف حتى الآن. وفي السياق ذاته بدأت فعاليات اليوم الثالث والأخير بجلسة حوارية حول “استكشاف المعرفة الفلسفية بشكل جماعي الإرث اليوناني – العربي” التي تحدث خلالها المشاركون عن المفاهيم الفلسفية للعقل البشري وعما يؤديه العقل في العصور الإسلامية المختلفة. الأطفال والفلسفة أما اليوم الثالث، فشهد محاضرات حول تعليم الأطفال طرق طرح الاسئلة الفلسفية، فأوضحت مديرة مؤسسة بصيرة داليا تونسي في ورقة عمل حملت عنوان “التفكير الفلسفي والتربية الحكيمة في المنزل”، أهمية التساؤلات في حياة الطفل وكيفية تعليمه طرق طرحها بحيث تكون أداة مساعدة للمعرفة. وشرحت تأثير الطفل الفلسفي في من حوله من خلال تفاعله مع الأحداث ومشاهداته الخاصة، مضيفة “يكون الطفل الفلسفي مرشداً للكبار من خلال أسئلته الجريئة ومعالجتها وتوجيهها بالشكل الصحيح”. كما تطرقت نقاشات المؤتمر إلى موضوع “السلطة ومؤسسات المعرفة”، إذ طرح المشاركون مسألة لقاحات كورونا أنموذجاً على ذلك وما واجهته من معارضة وعدم ثقة من قبل بعض الأشخاص والمنظمات، متناولين الحلول المطروحة لمواجهة هذه الحالات من عدم الثقة وذلك عبر تقديم الأدلة والبدائل الكافية لتعزيزها. وحول القضايا التقنية عقدت جلسة بعنوان “المساحات الحوارية وتحديات التكنولوجيا”، تناول خلالها المشاركون تأثير المنصات الإلكترونية في علاقات الأشخاص والأفراد ببعضهم بعضاً وكيف تسهم في تعزيز التعارف وأهميتها في نقل الحال الواقعية للشخص من خلال مشاهدته بالصوت والصورة عبر منصة “زوم” على سبيل المثال، متناولين أسئلة عدة حول الفروقات بين الأشياء المتضادة وكيفية معرفة ذلك من خلال أجوبة فلسفية عبر تخصيص وقت ومساحة خاصين للأطفال ومناقشتهم في ذلك. منصة سعودية للفلسفة يذكر أن النسخة الثانية لمؤتمر الرياض الدولي للفلسفة تأتي في إطار إيجاد منصة سعودية مرموقة لمناقشة مستجدات علم الفلسفة وتطبيقاته الحديثة ودعم المحتوى الفلسفي متعدد الأبعاد والآفاق والموجه إلى جميع الفئات المجتمعية بالتعاون مع المؤسسات الناشطة في مجال الفلسفة من مختلف دول العالم. وقال الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة محمد علوان إن الدورة الجديدة تأتي استمراراً لخلاصات التي سبقتها والأفكار التي خرجت بها “ومن أجل المضي قدماً نحو المعرفة والاستكشاف وخلق فضاء فلسفي موازٍ للفضاء الفيزيائي تطرح فيه مفاهيم جديدة في منطقة مجهولة”. وتعتبر المناسبة الوحيدة من نوعها في البلاد بهدف مناقشة القضايا الفلسفية المعاصرة الأكثر إلحاحاً وتسليط الضوء على دور الفلسفة ومساعدتها في فهم عالم اليوم وإيجاد مساحة حوار تناقش مستجدات علم الفلسفة وتطبيقاته الحديثة. المزيد عن: الفلسفة السعودية\مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة\السعودية\الفلاسفة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post توماسو كامبانيلا على خطى أرسطو وضده بين “مدينة الشمس” و”فن الشعر” next post مهرجان البحر الأحمر يلغي الرقابة على كل الأفلام You may also like استعادة كتاب “أطياف ماركس” بعد 20 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 تحديات المخرج فرنسوا تروفو بعد 40 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 21 قصيدة تعمد نيرودا نسيانها فشغلت الناس بعد... 28 نوفمبر، 2024 الرواية التاريخية النسوية كما تمثلت لدى ثلاث كاتبات... 28 نوفمبر، 2024 بودلير وهيغو… لماذا لا يطيق الشعراء الكبار بعضهم... 27 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: شعراء «الخيام» يقاتلون بالقصائد... 27 نوفمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: ماجان القديمة …أسرارٌ ورجلٌ... 27 نوفمبر، 2024 «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد 27 نوفمبر، 2024 محمد خيي ممثل مغربي يواصل تألقه عربيا 27 نوفمبر، 2024 3 جرائم سياسية حملت اسم “إعدامات” في التاريخ... 27 نوفمبر، 2024