بأقلامهمعربي جهاد الزين: احتفالية “طالبان” وغيوم المنطقة السوداء by admin 19 أغسطس، 2022 written by admin 19 أغسطس، 2022 41 علينا أن نكون حذرين جدا في لبنان من هذه المفاوضات الإقليمية حتى لو أنها تأتي بالنتيجة حصيلة الضغط الخليجي الذي ألزم إدارة بايدن الاعتراف بضرورتها. النهار اللبنانية – جهاد الزين تحتفل “حركة طالبان” بالذكرى السنوية الأولى على استلامها أو “تسليمها” السلطة في أفغانستان. ذكرى أليمة لكل طامح أو عامل في منطقتنا كي تكون منطقة حريات وتحديث بعيدة عن التعصّب والظلامية. هذا الحدث الارتدادي الجلل أعطى إشارات سوداء على مستقبل ينخر فيه الإسلام السياسي الأصولي من شبه القارة الهندية إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط. لا يمانع جزء كبير متزايد من النخبة السياسية الأميركية أن تعود الولايات المتحدة الأميركية إلى انتهاج سياسة دعم الاستقرار في الشرق الأوسط وهذا يعني تركيز أولوية علاقات مع أنظمة المنطقة أو ما يسمّيه ف.غريغوري غوس الأستاذ في كلية بوش للشؤون الحكومية والعامة في جامعة تكساس أي إم في تكساس في مقال له في “الفورين أفيرز” “إعطاء الامتياز للنظام (Order)على حساب الأهداف وهذا يعني التعامل مع أنظمة سياسية وحّكام ملطخة أياديهم بالدم إذا كان ذلك يخدم المصالح الأميركية” كما كان دائما الوضع في الشرق الأوسط منذ خمسينات القرن المنصرم. كيف يمكننا أن نتصوّر جدول أعمال مفاوضات إقليمية (غير النووية) بين واشنطن وطهران وهل كانت المحادثات التي حصلت في قطر بين الإيرانيين والأميركيين بوساطة أوروبية هي مسودة أولية عن المحادثات “المنتظَرة”حول الوضع الإقليمي التي تستكمل المحادثات النووية والتي كان الخليجيون قد اعتبروا أن الاتفاق النووي الأول عام 2015 أهملها أو تركها للتفسير الإيراني الوحيد الجانب.، نعني هنا المحادثات “الإقليمية” والتي ربما قد لا تكون بَلَغَتْها المفاوضات في مرحلتها الحالية ولكن لاشك ستبلغها لاحقا. المباحثات السابقة التي استضافتها قطر كانت غاية في الأهمية وأسفرت عن اتفاق أميركي مع حركة “طالبان” أدّى إلى “تسليم” واشنطن لأفغانستان إلى “حركة طالبان”. وعلى الرغم من اختلاف موضوع المفاوضات شكلا ومضموناً نووياً واتساعاً إقليمياً مع إيران عنها مع “طالبان” غير أن السابقة “الطالبانية” يمكن أن تدل على أن واشنطن يمكن أن تسلِّم دولة بكاملها إلى حركة أصولية متشددة إذا اقتضت مصالحها ذلك، كما حلّ في البلد السيئ الحظ أفغانستان حيث يظهر من سلوكيات قادة “طالبان” أي تشدد مؤسساتي وظلامي متواصل فيها منذ “سقوط” كابول في أيدي تلك الحركة الأصولية المتطرفة. صحيح أن الجولة الأولى من محادثات قطر أُعلِن عن فشلها لكنها الجولة الأولى في مسار تفاوضي متعرِّج ومتشدد وطويل. طبعا إلى أمن الخليج وضماناته التي هي الموضوع الأساس للبحث الإقليمي من ناحية الهاجس الأميركي ودول مجلس التعاون الخليجي، فإن الدول التي ستكون على بساط المقايضة بين الأميركيين والإيرانيين هي العراق (حيث النفط) وسوريا (العلاقات مع إسرائيل) ولبنان (العلاقات مع إسرائيل والدور الإيراني على شاطئ البحر الأبيض المتوسط) واليمن (الأمن السعودي ). علينا أن نكون حذرين جدا في لبنان من هذه المفاوضات الإقليمية حتى لو أنها تأتي بالنتيجة حصيلة الضغط الخليجي الذي ألزم إدارة بايدن الاعتراف بضرورتها. وفي مرافعة المفاوض الأميركي الرئيسي روبرت مالي أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أواخر شهر أيار تأكيد واضح على التزام واشنطن مطلب شركائها الخليجيين ببحث الوضع الإقليمي خلال المفاوضات النووية الجارية مع إيران أو كبند متصل بها. المقصود هنا بالحذر هو ما يمكن أن يطلبه الإيرانيون من “ضمانات” مشاركتهم بالأمن الإقليمي. وهي مطالب لا نعرف بالضبط كيف سيترجمها الدهاء الإيراني بين نفوذه وامتداداته الحالية وبين ما يعتبره تكريسا مستقبلياً لها داخل الأطر الشرعية التي يفتقدها في معظم الحالات. فعلى أي دولة سيقع “لوتو” لعبة الأمم المحتملة الجديدة؟ – العراق الملاصق لإيران والذي باتت تتمتّع فيه باختراقات شعبية وسياسية وأمنية واقتصادية ولكن أيضا الذي أصبح فيه لإسرائيل على الجانب الكردي الشمالي مواقع استخبارية وعلاقات مع بعض النخبة الكردية يُقال حسب “الفورين أفيرز” والكاتب المتخصّص في الشؤون الإيرانية والشيعية والي نصر أنها تستخدم، هذه المواقع، في الضربات الاستخبارية المؤذية التي توجّهها إسرائيل للأمن الداخلي الإيراني بشكل منهجي بات يشمل إلى العلماء النوويين شخصيات من الحرس الثوري. – أم سوريا الملاصقة لإسرائيل والتي يبدو أن الأخيرة ممعنة أيضا بشكل منهجي، في توجيه ضربات عسكرية من الجو على مناطق الانتشار الإيراني المفترَضة حول دمشق والتي امتدت مؤخرا إلى مناطق الانتشار الروسي دون أن تصيب طبعا أهدافا روسية من المؤكد أنها لن تستهدفها في ظل التفاهم الروسي الإسرائيلي على مساحة حرية تحرك إسرائيلية ضد إيران داخل سوريا وضمن معادلة “حرب بين حروب” التي ابتدعها التخطيط العسكري الإسرائيلي مقابل منطق “الغيريللا” الذي برع فيه الإيرانيون في سوريا لبنان والعراق واليمن. – أم لبنان ذو التركيبة الخاصة والتي هي أكثر تعقيدا من التركيبة العراقية بحكم التكوين اللبناني العريق الانتماء للمنظومة الغربية سياسياً و ثقافيا واقتصاديا حتى لو كان لبنان أصغر حجما من العراق ولكنه بفارق بل بفوارق التنوع الطائفي الديني الثقافي التعليمي أكثر صعوبة على “الابتلاع” حتى لو كانت الأحجام الديموغرافية العراقية ومنها الامتداد الشيعي أضخم جغرافياً وعددياً واقتصادياً. وينبغي هنا التساؤل عن معنى كون العراق يحتوي على ثروة نفطية ضخمة وعالمية الحجم وما إذا كان ذلك يمثّل عقبة في وجه أي “تسليم” غربي كامل له فيما ينبغي الانتباه أن العراق بعائداته النفطية الحالية (مائة مليار دولار سنويا) وفي ظل احتدام الصراع الإيراني الأميركي يمثّل أحد وربما أهم عنصر غير معلن في تقاسم نفوذ بين الطرفين جارٍ عملياً منذ عام 2003 لاشك أن الاقتصاد العراقي يشكّل فيه متنفساً للاقتصاد الإيراني المختنق بالعقوبات وبتخلف تركيبته الذاتية. يُقال أن عدد الميلشيات العراقية التي ينال عناصرها مخصصاتٍ شهريةً وموازناتٍ موسميةً من خزانة الدولة العراقية وموازنتها العامة وتحت مسميات وظيفية متعددة هو مليونا “موظف”، فكم من هؤلاء عدد وحجم الميليشيات التابعة لإيران؟ نحن نعرف في لبنان معنى ما آل إليه الانتشار الميليشياوي المتعدد المسمّيات داخل جهاز الدولة فكيف بدولة نفطية كالعراق؟! يجدر التذكير أن من المقاربات النادرة المتفائلة والهامة لمستقبل الشرق الأوسط والتي لا تقتصر على الخليج بل على كل الشرق الأوسط هي مقاربة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي توقّع مستقبلا قريبا زاهرا للشرق الأوسط معتبرا أنه سيكون “أوروبا الجديدة”. وكم يتمنى الكثيرون من أبناء المنطقة، بمن فيهم المتشائمون، أن يكون ولي العهد مصيباً في هذه النظرة بعدما أُتْخِم الشرق أوسطيون بالحروب والنزاعات وأن يتمكّن الشعب الفلسطيني من الحصول على تسوية عادلة. والجدير ذكره أيضا أن ولي العهد وضع العراق و لبنان من ضمن هذه الرؤية التي تشمل إلى الخليج دولاً عديدة منها مصر والأردن “وستلتحق بنا دول أخرى لا ضمانات في “لعبة الأمم” المحتملة لأن المسألة تتعلق بالطرفين المتفاوضَيْن وحدهما ومصالحهما وهما واشنطن وطهران. لكن يظهر ولو أحيانا أن المناعة اللبنانية يمكنها أن تتجلّى وعلى مستويات عالية في الدولة ضد انفراد “الممانعة” في تكتيكات خطرة غير منسّقة مع الدولة اللبنانية كما حصل في نقد رئيس الحكومة ووزير الخارجية اللبنانيّين لإرسال المسيّرات الإيرانية إلى المنطقة البحرية المتنازَع عليها.. ولا شك أن هذا الموقف يحظى بتأييد غالبية اللبنانيين. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post كيف تغيرت الطقوس الجنائزية من الممالك القديمة إلى يومنا هذا؟ next post Nova Scotia seeking an exemption from federal carbon tax, saying it is doing enough You may also like شيرين عبادي تكتب عن: السعودية وإيران من وجهة... 26 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: لبنان… و«اليوم التالي» 26 نوفمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024