ثقافة و فنونعربي “ميتافيرس”… الواقع المعزز يصعب مهمة صناع الخيال العلمي by admin 18 فبراير، 2022 written by admin 18 فبراير، 2022 26 عشرات الأعمال تنبأت بالتكنولوجيا السوداء وحولت الكوابيس إلى واقع فهل باتت مؤسسات الإنتاج الفني في مأزق؟ اندبندنت عربية \ حميدة أبو هميلة كاتبة تنشغل الشاشة في أوقات كثيرة بتحويل الكوابيس إلى واقع، تعود بالزمن، أو تذهب بالمشاهدين في رحلة إلى المستقبل تلهث معها الأنفاس، تخترع خيالات تكنولوجية بحتة وتصور كيف سيكون التعايش معها، لكن حتى في أكثر الخيالات سواداً لم يكن يتوقع أحد أن تتحقق أوهام السينما بتلك السرعة، كما لم يتوقع أحد أن تتعرض سيدة تعيش في إنجلترا للتحرش عبر خاصية الواقع المعزز “ميتافيرس Metaverse” لدرجة تجعلها تخرج سريعاً من التجربة التي بدت واقعية تماماً بالنسبة لها على حد وصفها. التكنولوجيا السوداء سبقتها أعمال فنية تنبأت بها وبتأثيراتها الجسدية والعاطفية والنفسية العنيفة على البشر، لكن هل هناك وجه واحد لتقنية مقبلة بقوة تتسع اقتصادياتها سريعاً وتستقطب كل يوم مستثمرين جدداً؟ المؤكد أنه لا مجال أبداً للوقف أمامها ومقاومتها. الشاشة تسبق والواقع يتفوق حتى الآن لا يزال يطلق على هذا العالم واقع افتراضي، ولكنها تسمية تخصم كثيراً من حقيقته، فهو بالنسبة لبعض المنغمسين والمشجعين يمثل ما هو أكبر من الواقع، وليس وهماً افتراضياً، فحينما بشّر مارك زوكربيرغ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بميتافيرس، سارع المستخدمون باستقبال ما قاله بضحكات وتندر وسخرية وقائمة طويلة من الكوميكس والميمز، ثم وجدوا أنفسهم يرغبون بالتجريب والتفاعل وهي أمور بدورها قادت إلى التعلق الشديد وأصبحت مهمة البعض اليومية هي انتقاء واقعه بإرادته ثم الانغماس فيه على غيرها، تماماً مثلما حدث مع أبطال حلقة “Striking Vipers ـ ضرب الأفاعي” في الموسم الخامس من مسلسل “Black Mirror ـ المرآة السوداء”؛ العمل الذي انطلق في عام 2011 وكان يعرض لعواقب التطور التكنولوجي الوخيمة، في حلقات نهاياتها بائسة دوماً، وكانت قصة “ضرب الأفاعي” من أكثرها قتامة حيث يجد البطل أن العالم الافتراضي الذي يعيش فيه من خلال لعبة إلكترونية مع صديق له أكثر قرباً لشخصيته وروحه، ويبدأ في الانعزال عن حياته الحقيقية، وتفسد علاقاته تماماً في أرض الواقع، كما لم تخل الحكاية من مشاهد عنف ودموية، مثل حال بقية حلقات العمل الذي يمثل طاقة سلبية لكثير من المشاهدين بحسب تعليقات شتى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فعلى رغم التقييمات الإيجابية وشعبية المسلسل، لكن هناك من لا يتحمل أن يتصور أن كل هذا الرعب تحمله التكنولوجيا بخاصة في حلقات مثل “Nosedive” حيث يحصل الأشخاص على المزايا مثل الرعاية الصحية والترقي الوظيفي بناء على تقييمات الآخرين لهم، وأيضاً حلقة Be Right Back، حينما تحاول البطلة التغلب على وحدتها وحنينها لحبيبها بعد موته باستحضاره عن طريق تقنية متطرفة مكنتها من أن يعود لها بأفكاره وبنيانه الجسدي في محاكاة كاملة له بناء على طلبها من إحدى شركات الذكاء الاصطناعي، الأمر وصل ذروته في “Bandersnatch” وهو الفيلم التفاعلي الوحيد في السلسلة، ومن خلاله يتسنى للمتابعين في مرحلة منه اختيار سير الأحداث بأنفسهم، ويتورط المشاهد بنفسه في تحديد مصائر الشخصيات والعيش في مغامراتهم غير السعيدة على الدوام. المفاجأة أن أغلب تلك الخيالات متاحة الآن بضغط زر، فكيف تتحقق رؤى صناع الأعمال الفنية بتك السرعة؟! أوهام الأفلام تتحقق إذا كانت حلقات “بلاك ميرور” ذات طابع اجتماعي في أغلبها تحاول رسم صورة للعائلات كيف ستكون معيشتها إذا انخرط أفرادها بلا وعي في تجربة كل ما تفرزه أنظمة الشتغيل الحديثة، فإن أزمة فيلم Her لواكين فينكس وسكارليت جوهانسون وروني مارا وإيمي آدامز وسيناريو وإخراج سبايك لي المعروض عام 2013 والحائز على عدة جوائز؛ بينها أوسكار وجولدن جلوب، كانت الفراغ العاطفي الذي يعيشيه ثيودور تومبلي بعد انفصاله، حيث وجد ضالته في صوت سامنثا بعد اشتراكه في أحد أنظمة التشغيل الذكية، وتتطور علاقته مع الصوت المؤنث ويبدو منجذباً إليه تماماً، وغارقاً في حب “صاحبته” الافتراضية، والأمور تأخذ أبعاداً أخرى بعد أن تتولد لديه مشاعر غيرة عليها؛ فهي عبارة عن نظام ذكي يتحدث مع مئات الآلاف، فيما شخصية سامنثا ليس لها وجود على أرض الواقع، ما يفعله ميتافيرس هنا قد يكون خبراً سعيداً لبطل الفيلم، حيث أن هذه التقنية تقيم واقعاً بديلاً بشكل كامل ومعزز به مئات الفرص ويضعنا أمام أعلى سقف متاح للتقدم التكنولوجي إذا لم تتم إساءة استخدامه، كأن يلجأ إليه المتخصصون في إنقاذ حياة المرضى عن بعد، فعالم ما بعد الإنترنت مثلما فيه نقاط تبدو مرعبة وتحمل شروراً وتعزز النزعة الاستهلاكية والتباهي في العالم الموازي أو البديل هناك أيضاً إيجابيات ينبغي استغلالها من أجل تقليل الشرور في العالم. المؤكد أن هناك إقبالاً هائلاً على تلك التقنية في ما يتعلق بمكاتب وشركات العمل عن بعد وشراء الأراضي الافتراضية بمئات ملايين الدولارت وحتى شراء ملابس والأحجار الكريمة من متاجر عالمية في مراكز تسوق افتراضية، وكل هذا عن طريق “أفتار” يمثل كل شخص… “الأفتار” هنا يعيد إلى الأذهان فيلم الخيال العلمي الشهير للمخرج جيمس كاميرون Avatar حيث يتم صنع نسخ مجسمة من أفتار أزرق للبشر الذين يذهبون في مهمة تنقيب عن معدن نفيس في كويكب خارج الأرض. هل فقد مصطلح “خيال علمي” معناه؟ كذلك يندرج فيلم Eternal Sunshine of the Spotless 2004 لجيم كاري وكيت وينسلت تحت قائمة أفلام الخيال العلمي المروعة، فالحبيبان يقرران الاستعانة بتقنية تمكنهما من حذف جميع الذكريات من عقليهما بعد أن فشلت قصة حبهما، وتبدو التفاصيل بمنتهى القسوة، ويجد المشاهد نفسه غارقاً في أسئلة منطقية تماماً في حين أن التقنية ليست واقعية بالمرة، ولكن على ما يبدو أنها وبسبب كل ما يحدث ستكون غير منطقية إلى حين فقط، وقريباً قد نجدها في متناول المستخدمين بسهولة. بالطبع تمتلئ المكتبة العالمية بمئات الأعمال التي تستشرف المستقبل التكنولوجي من خلال نظرة مظلمة في الغالب، وتطرح إشكاليات عن مدى أخلاقية تلك التقنيات، وفي ظل تلك العوالم التي باتت بين أيدي من يريد، لم تعد كلمة “خيال علمي” ذات مغزى جاذب بالنسبة لمستخدمي التكنولوجيا من الجيل الحالي، بالتالي أصبحت مهمة صنع فيلم خيال علمي يحوذ على الإعجاب ويأتي بفكرة مبتكرة أمراً في غاية الصعوبة، ففي حين أن جيل اليوم يمكنه معايشة تلك التقنيات مباشرة فما الذي سيدهشه في قصة موازية تصنع في الاستديوهات المغلقة، إلا إذا جاء صاحبها بما يضاهي أفكار عالم ميتافيرس، وعالم التزييف العميق، حيث يمكن محاكاة ملامح كبار المشاهير بدقة متناهية وجعلهم يظهرون وهم يفعلون كل ما ترغب، وهي الحيلة التي انطلت على كثيرين حينما قام أحدهم بانتحال صفة النجم توم كروز وخدع الملايين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فهل عكس ما يتوقع البعض جاء التطور التكنولوجي غير المسبوق ليصعب مهمة الخيال السينمائي؟! المزيد عن: الخيال العلمي \ ميتافيرس \ التكنولوجيا والسينما \ التكنولوجيا والفن \ أفلام عالمية \ المرآة السوداء 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “جميلة بوباشا” في رسم لبيكاسو ونصوص من دي بوفوار ورفاقها next post بطلات ثلاث خالفن التقاليد ومتن بالحب انتحارا أو قدرا You may also like بودلير وهيغو… لماذا لا يطيق الشعراء الكبار بعضهم... 27 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: شعراء «الخيام» يقاتلون بالقصائد... 27 نوفمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: ماجان القديمة …أسرارٌ ورجلٌ... 27 نوفمبر، 2024 «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد 27 نوفمبر، 2024 محمد خيي ممثل مغربي يواصل تألقه عربيا 27 نوفمبر، 2024 3 جرائم سياسية حملت اسم “إعدامات” في التاريخ... 27 نوفمبر، 2024 سامر أبوهواش يكتب عن: “المادة” لكورالي فارغيت… صرخة... 25 نوفمبر، 2024 محامي الكاتب صنصال يؤكد الحرص على “احترام حقه... 25 نوفمبر، 2024 مرسيدس تريد أن تكون روائية بيدين ملطختين بدم... 25 نوفمبر، 2024 تشرشل ونزاعه بين ثلاثة أنشطة خلال مساره 25 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.