بأقلامهمعربي جهاد الزين: الأدوار المقلوبة بين أزمتي كوبا 1962 وأوكرانيا 2022 by admin 1 فبراير، 2022 written by admin 1 فبراير، 2022 43 إذن في الأدوار المقلوبة بين أزمتي كوبا 1962 وأوكرانيا 2022 يمكن للمراقب أن يتوقّع تراجعا ما في النهاية للحلف الأطلسي يضمن تهدئة المخاوف الروسية النهار اللبنانية – جهاد الزين تبدو روسيا والولايات المتحدة الأميركية في الأزمة الراهنة حول أوكرانيا في مواجهة شبيهة على أكثر من مستوى بأزمة الصواريخ الشهيرة في كوبا بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة عام 1962 ولكن مع فارق أساسي هو أن البلدين يتبادلان الأدوار. كان نشر الصواريخ في كوبا هو الاقتحام السوفياتي للمجال الحيوي الأميركي في نقطة تكاد تكون ملاصقة للأرض الأميركية (فلوريدا) بينما اليوم الأزمة تدور على الحدود الأوكرانية مع روسيا التي تعتبر أن أي وجود للحلف الأطلسي فيها وخصوصا مع وجود مشاريع نشر صواريخ للحلف فيها هو لعب في منطقة تهديد مباشر للأمن الاستراتيجي الروسي. تراجع الزعيم السوفياتي خروشوف يومها فمن سيتراجع اليوم؟ وما معنى التراجع اليوم؟ إذن أزمة عام 2022 مقلوبة عن أزمة 1962. كلاهما يضعان العالم على شفير حرب عالمية. قبل الذهاب في احتمالات هذه المواجهة الديبلوماسية الشديدة الحدة لا بد من تسجيل أو تأكيد بعض المعطيات الأساسية الضرورية لفهم ما يدور. 1- النقطة الأولى هي أن الدول الأوروبية التي كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي أو في منظومة فلكه تنقسم إلى فئتين: فئة في أوروبا الوسطى والقوقاز وآسيا الوسطى ولو كان الرئيس فلاديمير بوتين يعتبر الوجود العسكري الأطلسي فيها تهديدا للأمن الروسي ويعارض نشر صواريخ أطلسية فيها إلا أنه يصنِّفها في الدرجة الثانية من الخطورة وهي بولونيا وهنغاريا اللتان أصبحتا جزءا من الاتحاد الأوروبي وهناك دول مثل أوكرانيا وبيلاروسيا يعتبرهما في الحديقة الخلفية لروسيا بل هما بوابتان مباشرتان للدخول إلى موسكو. أوكرانيا أفلتت داخليا من النفوذ الروسي ويحاول بوتين إما استعادتها كحليف أو منع أي مزيد من الامتداد العسكري والسياسي لواشنطن فيها والثانية بيلاروسيا التي بقي النظام السياسي فيها موالياً لموسكو. في القوقاز ظهرت “نظرية بوتين” ( Putin Doctrine) هذه أول ما ظهرت عام 2008 عندما قام بالتدخل العسكري في أحد الأقاليم الجيورجية على الحدود مع روسيا وأعقب ذلك عام 2014 بالسيطرة على شبه جزيرة القرم خلال الأزمة الأولى الداخلية الإقليمية الدولية في أوكرانيا. وصعّد بوتين نظريته الأمنية عام 2015 بالتدخل العسكري في سوريا موسِّعاً مفهومَهُ للأمن القومي الروسي إلى الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وانتقاما من عملية “البلف” التي تعرّض لها الدور الروسي في ليبيا عام 2011 والتي حصل مثلها في كييف عام 2014 عندما نجح التشجيع الغربي في دعم ثورة أوكرانية أطاحت بمؤيدي موسكو. طبعا المعطى القوي الذي تستند عليه السياسة الغربية هو وجود رأي عام نخبوي وشعبي في أوكرانيا راغب باختيار نمط الحياة الغربية وقيمه تماماً مثل الرأي العام في هونغ كونغ حيال الصين وحتى يمكن إدراج الأكثرية النخبوية اللبنانية المؤيدة للغرب ضد النموذج الإيراني في هذا السياق. الجدير بالذكر هنا أن القوات الروسية موجودة في أرمينيا منذ فترة مبكرة لاستقلالها عن الاتحاد السوفياتي ولا تزال. 2- من المهم معرفة أن القوميين الروس يعتبرون كييف (العاصمة الراهنة لأوكرانيا) هي مهد القومية الروسية وسبق للكاتب الروسي الكبير سولجنستين فور عودته إلى روسيا من أميركا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وهو الذي كان منشقّاً عن النظام الشيوعي… سبق له أن فاجأ الأوساط الأوروبية بكتابته مقالاً يتبنى فيه وجهة النظر القومية الروسية هذه ويعتبر فيه كييف مصدرا تاريخياً “مقدساً” لانبعاث الأمة الروسية. إذن في الأدوار المقلوبة بين أزمتي كوبا 1962 وأوكرانيا 2022 يمكن للمراقب أن يتوقّع تراجعا ما في النهاية للحلف الأطلسي يضمن تهدئة المخاوف الروسية مع ملاحظة أن روسيا البوتينية الحالية هي عمليا في مجال حماية أمنها كقوة إقليمية عظمى وليست في العمق عالمية خلافاً لما كان عليه الاتحاد السوفياتي كقوة عظمى عالمية. من هذه الناحية روسيا اليوم تشبه حال الصين اليوم في المجال الجيوسياسي وهي التي تنافس، أي الصين، في محيطها الإقليمي في بحر الصين وتسعى للسيطرة على هذا البحر أو للتوسع ما أمكنها فيه، شرقا باتجاه اليابان وجنوبا باتجاه الفيليبين وفييتنام، مع فارق أساسي عن روسيا وهو أن الاقتصاد الصيني أصبح قوة عالمية (الثاني بعد الولايات المتحدة) بينما الاقتصاد الروسي ما يزال أضعف من اقتصاديات بعض الدول الأوروبية الغربية ويعتبره الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في كتابه “الأرض الموعودة” ” أصغر من اقتصادات إيطاليا وكندا والبرازيل معتمدا في معظمه تقريبا على النفط والمعادن وتصدير السلاح”.( الفصل ال19 ص 459 منشورات كراون- 2020). والمسؤولون الأميركيون دائما يذكّرون الرئيس بوتين بحقيقة ضعف الاقتصاد الروسي بهدف تهديده بمدى جدوى العقوبات الاقتصادية التي يمكنهم أخذها ضد الاقتصاد الروسي. يسأل بعض المراقبين (الواشنطن بوست 25 كانون الثاني) هل يبلف بوتين بالتهديد باجتياح أوكرانيا؟ سنرى كيف سينتهي التصعيد المتبادل ؟ قياسا بسلة المطالب التي يريدها الطرفان: الغرب في تأكيد وجود سلطة سياسية أوكرانية موالية سياسيا له وروسيا في منع جدي لأي امتداد عسكري لحلف الناتو على “حدود” موسكو . j.elzein@hotmail.com Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post أزمة السكن في إسرائيل تدفع مواطنيها للاستثمار في الضفة الغربية next post مبعوث الفاتيكان ينتقد الساسة اللبنانيين خلال زيارته لبيروت You may also like فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.