عرب وعالمعربي كازاخستان: لماذا يتظاهر الناس في الشوارع في جميع أنحاء البلاد؟ by admin 7 يناير، 2022 written by admin 7 يناير، 2022 19 أولغا إيفشينا وكاترينا خينكولوفا بي بي سي – الخدمة الروسية تشهد كازاخستان مظاهرات احتجاجية على ارتفاع أسعار الوقود في كل أنحاء البلاد. وتقول قوات الأمن إن “كثيرين من عناصرها لقوا مصرعهم في الاضطرابات التي سقط فيها عشرات القتلى من مثيري الشغب المناوئين للحكومة”. وأثارت السرعة التي تحولت بها المظاهرات إلى العنف دهشة كثير من المراقبين سواء في الداخل أو الخارج، وأومأت إلى أن الأمر أكبر من كونه مجرد ارتفاع في تكلفة الطاقة. وفيما يلي نحاول فهم ما يحدث في كازاخستان. ماذا حدث؟ بدأت المظاهرات بعد ما أقدمت السلطات في كازاخستان الغنية بالنفط على رفع أسعار غاز البترول المسال، والذي يستخدمه كثيرون لسياراتهم، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية. واشتعلت المظاهرات في منطقة واحدة يوم الأحد، وبحلول الثلاثاء كانت أنحاء كازاخستان تعجّ بمظاهرات شهدت صدامات مع الشرطة. وسرعان ما تحوّلت المظاهرات إلى العنف مع لجوء الشرطة للغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت ضد الآلاف من المحتشدين في ألماتي – أكبر مدن كازاخستان وعاصمتها السابقة. وبحلول يوم الأربعاء، أُعلنت حالة الطوارئ، لكن الآلاف استمروا في النزول للشوارع. وأفادت تقارير بانقطاع خدمة الإنترنت في أجزاء عديدة من البلاد. وحلّ الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف الحكومة، ملقيًا عليها باللائمة في وصول البلاد إلى حالة الاضطراب، ووعد توكاييف بعودة أسعار الوقود إلى ما كانت عليه من انخفاض “حفاظا على استقرار البلاد”. وردّ المتظاهرون باجتياح مكتب عمدة ألماتي، ونهب محال تجارية، وبإضرام النار في سيارات. مظاهرات غير معتادة ،REUTERS،أعداد كبيرة من شرطة الشغب تم نشرها تُعتبر كازاخستان الغنية بالنفط والغاز، وإحدى دول الاتحاد السوفيتي السابق، أكثر البلاد تأثيرًا في منطقة آسيا الوسطى. وتسهم كازاخستان بنحو 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة. وغالبا ما يوصف نظام الحكم في كازاخستان بالسلطوي. وتأتي كازاخستان في المرتبة التاسعة عالميا من حيث المساحة، لكن تعداد سكانها صغير نسبيًا عند 18.8 مليون نسمة. وأعلنت كازاخستان استقلالها عام 1991 مع انهيار الاتحاد السوفيتي. وتولى نور سلطان نزار باييف قيادة البلاد لسنوات عديدة كأول رئيس وزراء في عام 1984، بينما كانت كازاخستان لا تزال جمهورية سوفيتية. بعد ذلك، أصبح نور سلطان رئيسًا عبر انتخابات غير مطعون في نزاهتها، وشهدت فترة حكمه عوامل تمجيد لشخصه، وشيدت تماثيل له في عدد من الميادين في أنحاء البلاد، وسُميت العاصمة الجديدة باسمه. وفي عام 2019، تنحى نزار باييف عن السلطة، وسط مظاهرات نادرة مناوئة للحكومة، حاول الرئيس إخمادها بالاستقالة. وجاء توكاييف، خلفًا لنزار باييف، عبر انتخابات مبكرة واجهت انتقادات من مراقبين دوليين. وكان نزار باييف هو من صعّد توكاييف في مدارج السلطة. وعلى الرغم من أنه لم يعد رئيسا لكازاخستان، لا يزال نزار باييف مؤثرا في المشهد الكازاخي. ويرى مراقبون أن المظاهرات الراهنة تمثل احتجاجا موجّها ضده في الأساس. ومنذ استقالته قبل ثلاث سنوات، لم تشهد السياسات في كازاخستان سوى القليل من التغيرات، ويستاء كثيرون من غياب إصلاحات، ومن تدني مستوى المعيشة، ومحدودية الحرية المدنية. وترى كيت مالينسون، الخبيرة في شؤون آسيا الوسطى بمركز تشاتام هاوس في لندن، أن نزارباييف يملك شكلاً من أشكال العقد الاجتماعي مع الشعب الكازاخي. وتقول مالينسون لبي بي سي: “الناس كانوا موالين للنظام، لأنهم لمسوا تحسنًا في الوضع الاقتصادي. لكن بدءًا من 2015، بدأت الأوضاع تسوء، وعلى مدى العامين الماضيين في ظل وباء كوفيد، وصل معدل التضخم في كازاخستان مستوى مرتفعًا جدًا”. وتتمخض معظم الانتخابات في كازاخستان عن فوز الحزب الحاكم بنسبة تناهز أحيانا 100 في المئة من أصوات الناخبين، في غياب معارضة سياسية فاعلة. ثم جاء ارتفاع أسعار الوقود، التي طالما كانت في المتناول، لتمثل القشة التي قصمت ظهر البعير في كازاخستان. ماذا يريد المتظاهرون؟ ،REUTERSمتظاهرون يريدون قلب مركبة رغم حلّ الحكومة وإعادة أسعار الوقود إلى ما كانت عليه، لا يُبدي المتظاهرون نيّة لمغادرة الشوارع. ويبدو أن المتظاهرين تعلموا من درس 2019 عندما استقال الرئيس نزار باييف، أن تغيير الحكومة لا يأتي بالضرورة بنتائج مرغوبة. والآن ثمة سؤال يُطرح في شوارع وميادين ومدن عديدة في كازاخستان، هذا السؤال هو: “ما الذي فعلته السلطات لنا في الـ 30 عامًا الأخيرة؟” وأصبحت مدينة جاناوزن، في مقاطعة مانكيستاو جنوب غربي كازاخستان، إحدى بؤر الاضطراب الأساسية في البلاد. وكانت جاناوزن بؤرة ساخنة في مظاهرات سابقة شهدتها البلاد عام 2011، سقط فيها 14 قتيلا وأكثر من مئة جريح من العمال في مواجهات مع الشرطة، احتجاجًا على الأجور وظروف العمل. والآن، أصبحت جاناوزن مجددًا مركزًا للمظاهرات، وقد حدد الناشطون خمسة مطالب أساسية: 1 – تغيير حقيقي للحكومة 2 – انتخابات مباشرة لحكام المقاطعات (الذين يعيّنهم رئيس البلاد في الوقت الراهن) 3 – عودة دستور 1993 الذي حدّد فترات الرئاسة وسلطات الرئيس 4 – عدم اضطهاد الناشطين المدنيين 5 – السماح بشغل مناصب لشخصيات لا تربط بينها وبين النظام الحالي علاقة ولا يبدو أن لهذه المظاهرات قيادات واضحة. وبحسب مراقبين، تتم الإطاحة مبكرًا بكل المعارضين في كازاخستان، بحيث لا تتأتى فرصة لعملية انتخابات ديمقراطية حقيقية في البلاد. ويرى الباحث السياسي غريغوري غولوسوف من الجامعة الأوروبية في سانت بطرسبورغ، أن الشعب الكازاخي وجد في النزول للشوارع فرصة لسماع صوته. وقال غولوسوف لبي بي سي: “في ظل الأوضاع السلطوية، تُعتبر المظاهرات في الشوارع ردّ فِعل عادي أمام الشعوب على تدابير اقتصادية غير مرغوبة”. ما الذي قد يحدث لاحقًا وما أهميته؟ ،EPAشرطة الشغب في أحد شوارع ألماتي مبدئيا، بدا الأمر أن السلطات في كازاخستان كانت تحاول حلّ الأزمة دون اللجوء إلى العنف الشديد. لكن سرعان ما تبدّل الأمر بعد أن اتهم الرئيس توكاييف المتظاهرين بالانتماء “لعصابات إرهابية تلقّت تدريبًا في الخارج”. وطلب توكاييف دعمًا من منظمة معاهدة الأمن الجماعي – وهي تحالف دولي يضم عددا من دول الاتحاد السوفيتي السابق بما في ذلك كازاخستان وروسيا. ويعني ذلك أن قوات بقيادة روسية ستُنشر في كازاخستان من أجل إعادة الاستقرار إلى البلد الذي يشهد مظاهرات مناوئة للحكومة. ويشير ألكساندر بونوف، من مؤسسة كارنيجي في موسكو، إلى أن كازاخستان ليست حليفًا تقليديا للغرب، ومن ثمّ سيلجأ القادة الغربيون إلى القول إن ما يحدث في كازاخستان هو “انتفاضة ديمقراطية ضد حكومة مستبدة”. ويقول بونوف لبي بي سي: “سيكون من الصعب على القادة الغربيين عدم دعْم المتظاهرين، وسيكون من الصعب على السلطات الكازاخية في المقابل عدم الرد. وعلى المدى البعيد، ترجّح هذه المظاهرات اقتراب كازاخستان من موسكو”. وشرعتْ بالفعل قنوات إعلامية روسية عديدة في الترويج لوجهة النظر القائلة إن المظاهرات التي تشهدها كازاخستان هي “بتحريض من القوى الغربية”. وباعتبار كازاخستان مصدرّا رئيسيا للغاز، والنفط، والمعادن، يتعين عليها أن تولي اهتماما بعنصر ثقة المستثمرين الذي يعتمد على الاستقرار السياسي. لكن يبدو أن كثيرين من الكازاخيين قد سئموا العيش في ظل سياسات الرئيس السابق نزار باييف، وأنهم مستعدون للنضال من أجل تغيير حقيقي. المزيد عن : مظاهرة\روسيا\آسيا الوسطى\الإنترنت\الاحتجاج 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post قصة الحرب الأهلية الأمريكية التي راح ضحيتها أكثر من 800 ألف شخص next post بخاري معلقا على خطاب نصرالله: العلاقات مع لبنان لا تنال منها تصريحات غير مسؤولة You may also like ما سر استبعاد مئات الإخوان من قوائم الإرهابيين... 26 نوفمبر، 2024 “إنهاء نظام خامنئي الخيار الوحيد أمام إسرائيل في... 26 نوفمبر، 2024 ماذا نعرف عن بنود الاتفاق بين حزب الله... 26 نوفمبر، 2024 وزير المالية الإسرائيلي يدعو لخفض عدد سكان غزة... 26 نوفمبر، 2024 غسان شربل يتابع الكتابة عن .. جمال مصطفى:... 26 نوفمبر، 2024 بعد أنباء استهدافه في بيروت… مَن هو طلال... 26 نوفمبر، 2024 ماذا وراء رفع مصر مئات الأسماء من “قوائم... 26 نوفمبر، 2024 صور فضائية تكشف خطط كوريا الشمالية في “مصنع... 26 نوفمبر، 2024 سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة نصفهم... 26 نوفمبر، 2024 هل لبنان على موعد مع الإعلان عن اتفاق... 26 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.