ثقافة و فنونعربي ديرك والكوت شاعر الكاريبي قاوم الاستعمار بغنائية عالية by admin 25 نوفمبر، 2021 written by admin 25 نوفمبر، 2021 59 مختارات جديدة بالعربية تضيء زوايا من عالمه الرحب وتجربته الملحمية اندبندنت عربية \ أنطوان أبو زيد الشاعر الكاريبي ديرك والكوت (1930-2017) الحائز نوبل للآداب عام 1992، يحضر مرة جديدة في ترجمة عربية لمختارات من أشعاره، بعد ترجمات سابقة صدرت في القاهرة. المختارات الجديدة ترجمها من الإنجليزية الشاعر والمترجم السعودي شريف بقنة، وصدرت في كتاب عن دار روايات- الشارقة. قد تكون هذه المناسبة فرصة لأمرين معاً؛ التعرف إلى عالم والكوت (والكت) الشعري الغني، وإلى محيطه وعالمه وزمنه ومواقفه منهما، ومن ثم الحديث عن الكتاب المترجم موضوع العرض، وسبر أعماق لغة الشاعر الشعرية، وأهم التمايزات التي صنعت شهرته في العالم الأنكلوفوني. قبل أن يلمع نجم ديرك في سماء الأدب، وهو سليل طبقة فقيرة من مواليد كاستريس، عاصمة جزيرة سانتا لوسيا، في البحر الكاريبي، لوالدين فقيرين، وأم عاملة مياومة، تنقل الفتى في مدارس المدينة، وعمل كثيراً لكسب لقمة عيشه، من دون أن يهمل نظم الشعر الذي واتاه صغيراً، على الأوزان التقليدية الإنجليزية، في البدء، وبغير الأوزان والقوافي لاحقاً. ولما بلغ، وصارت له نظرة مبدئية إلى عالم الجزيرة وما بعدها، في زمن انتفاض الشعوب على مستعمريها، في الخمسينيات من القرن العشرين، عزم على النفي الإرادي إلى الولايات المتحدة الأميركية، شأن زملائه الأدباء جورج لامينغ، وسامويل سيلفون، وف. س. نايبول، لرفضهم العيش في ظل مجتمعات لا تجهد نفسها من أجل أن تنال مكانتها تحت الشمس، وتنكر في المقابل على أدبائها وشعرائها مكانتهم التي سوف تعيد لها الألق وتزيدها حضوراً بين الأمم. الكتاب الذي يضم مختارات شعرية (دار روايات) وفي السياق نفسه، يجدر بالمراقب أن يشير إلى أن جزءاً من أعمال والكوت، لا سيما المجموعات الشعرية الثلاث الأولى (“في الليلة الخضراء”، و”الخليج”، و”المنبوذ”)، تزامن مع الاضطرابات السياسية في الجزر الكاريبية التي كانت قد انتقلت من السيادة الفرنسية، إلى السيطرة الاستعمارية البريطانية، في حقبة شهدت بروز نزعة استقلالية عارمة (في كل من ترينيداد، وبرباد، وجامايكا، وفي الكاريبي) والتي تنازع فيها اتجاهان هما، تحقيق المثل أو إبطالها. وفي موازاة ذلك، راحت تتنامى لدى الشعراء والكتاب المحليين الميول إلى العناية بجمالية الجزر الكاريبية على الصعيد الأدبي. وجدانية الجزر وعلى هذا كانت المجموعات الشعرية الثلاث الأولى للشاعر المشار إليها أعلاه شديدة الدلالة على صلته الوجدانية بهذه الجزر، مصحوبة بانتقاد صارخ لشعوبها بسبب تخليها عن هويتها، وخضوعها الميسر لاستلاب المستعمر إياها، حتى تجريدها من جماليتها ومن استعاراتها، وفي هذا يقول “إنها عالم أخضر من دون استعارات”، ويروح يصف حال سكانها، مستحضراً قمع ذوي البشرة السمراء الأفارقة في الجزيرة: “ريح تقشعر جلدة أفريقيا/ السمراء كيكويو. بسرعة كذباب/ يسبح في حمام دم فوق السهاب/ الجثث مبعثرة في الجنة/ وحدها الدودة، كولونيل الجيفة، تبكي:/ لا تضيعوا أية رأفة على هؤلاء/ القتلى الانفصاليين!”. ومثل ذلك، تسليط الشاعر الضوء على مظالم قديمة، للحاكم والمستعمر البريطاني، سلاحه الوحيد فيه استعارة نفاذة وحية، ومشهد صادم، كقوله: “من ناحية، إنجلترا المروعة/ الحديد، وحل مدارج المطار، من الناحية الأخرى، أنقاض أشجار/ محترقة، يد تعبث بنوافذ العربة… من أين جاء جدي الأبيض الشبق؟/ غادر من هنا قبل قرن/ ليجد مزرعته،/ ومثل آلاف آخرين،/ بذروا أرخبيلهم مخمورين. / أسود ويائس/ وضع لحمه على النار…” . مختارات شعرية بالإنجليزية (أمازون) بيد أن ميل والكوت الاحتجاجي، بل الثوري حيناً والناقم أحياناً على خنوع أهليه حيال الاستعمار واستلاب هويتهم وأرضهم، لا يلبث أن يستكين، فينحو إلى تعديل رؤيته، ويقرر أن ينقل جمالات جزيرته، ويبتدع سبيلاً كان سبقه نفر قليل إلى اتباع شبيه به، عنيت استثمار الشعر والكتابة، على نحو يكفل تخلص الكائنات ومناظر الطبيعة، في بلاده من مسمياتها القديمة، بأن يخلع عليها أسماء جديدة، مستمدة من لغات دهرية سابقة للغات الاستعمار، وأدل على جوهرها، وأقدر على إحيائها وتحريرها من غفليتها السالفة. ولا ضير إذاً من استخدام خليط اللغات القديمة، وتلك التي عرفتها البلاد، كالفرنسية واللاتينية، ولغات السكان المحليين والأميرانديين، إلى الإنجليزية التي لم يتوان عن تطويعها وبثها قدراً من الروحانية تفتقدها بحسبه. وفي هذا يقول الشاعر: “إن خير ما أعطي لآدم سلطان تسمية الأشياء متى تسنى له فهم كتاب البلاد الحي. أما الشاعر فله أن يجدد، كل صباح، لغته واستعاراته لتصير حية، بعد أن تكون لغته الأولية قد أصابها الوهن والتحلل وهي تعبر ضباب المحيط”. “البحر هو التاريخ” يواصل الشاعر إعادة تسمية البحر والكائنات الطبيعية، والشواطئ الممتدة على مد نظره وخياله، فيضفي عليها ما يحررها من أسمائها الأولى، وما يديم ألقها وحياتها عبر الدهور. ويقول الشاعر والكوت، في هذا الشأن، لدى تسلمه جائزة نوبل: “لا يمحي التاريخ عند طلوع الشمس، فالتاريخ ماثل هنا، في الجغرافيا الأنتيلية (نسبة إلى جزر الأنتيل)، وفي نباتها. والبحر إذ يتنهد فتحسراً على غرقى العبور، ويحتضر مع مجازر الهنود المحليين، في الجزيرتين الكاريبيتين أراواك وتاينوس، مثلما تدمى الزهرة الخالدة لتلك الفواجع. وحتى الموجة الدفاقة أبداً لا يسعها أن تمحو ذلك من ذاكرتها”. وفيما يجدد الشاعر لغته، ويبتدع لها استعارات حية بديلاً عن الصور الشعرية المتداولة في التراث الغربي، اهتدى ديرك والكوت إلى التراث اليوناني، وإلى الإلياذة تحديداً، فاختار أن يحوك حول شخصية هوميروس أسطورة بحرية تتوافق مع رؤاه باعتباره شاعراً خلاقاً ونافحاً الحياة في أسماء كائنات بلاده وبحرها وما نسجته مخيلات الأوائل من أساطير وحكايات جديرة بالخلود. ومن هذا القبيل كان إطلاق اسم هوميروس على الملحمة التي يحاكي فيها ملحمة الإلياذة، ويختلق فيها رحلات يقوم بها أوليس إلى الجحيم، ولكن مستهدياً بطير السنونو يعبر به المفازات، ناسجاً رباطاً متخيلاً بالطبع بين أفريقيا، موطن أوليس الأول، بحسب والكوت، وبين جزر البحر الكاريبي، أسطورة تزاد إلى الخزين الأدبي، وتديم صور الرحلة إلى أعماق الذات حتى المنتهى. وإن صح أن الكتاب المترجم هنا ليس فيه اقتباس من ملحمة “هوميروس”، فإن فيه قصائد منتقاة من مجموعات شعرية متأخرة، من مثل “الهبة” (1997)، ومنه القصيدة ذات عنوان “2 علامات” والمهداة إلى الشاعر البولندي آدم زاغايفسكي: “رسمت أوروبا ظلها في القرن التاسع عشر/ بمحطات القطار البخارية، ومصابيح الغاز، والموسوعات/ تمدد خصر الإمبراطوريات يفتح شهية البشر/ رواية تعج بالأفكار والشتات… بعيداً عن الشوارع تغلي الروايات بحزن القرن/ من رسومات الفحم لكولفتز، ألم المهاجرين/ تلك هي المشاعر التي تترجمها، هالة اصطناعية/ لتركيبة غريبة، بناء متغير من شأنه تدوين/ أدق التفاصيل للكآبة: لصرير أشعة الشمس…” . واستكمالاً للنظرة البانورامية إلى شعر والكوت، ينقل المترجم شريف بقنة، آخر قصيدة في الكتاب، تعود إلى مجموعة شعرية صادرة لوالكوت عام 2010، وهي بعنوان “البلشون الأبيض”، يقول فيها: “هذا ما يفعله الآخرون، يموتون، حتى الأقربون/ في صباح مجيد ومختال وكما تذهب الأغنية/ النخيل الأصفر البهيج أو الذهبي وكل البقية يرحلون/ النخيل الأصفر البهيج أو الذهبي وكل البقية يرحلون/ بروعة فاترة، يموتون، يرتجلون كاليبسوس الهندية/ ينصبون الخيام ويشدونها، يقطعون رؤوس/ جوز الهند حول السافانا، يتكئ الرجال/ ثم يقفزون في القوارب، يظهر الناموس/ ويبزغ القمر في نفس المكان فوق جبال/ مورن كوكو، عندها يضربني الحزن الفظيع…” (ص:19) ولا ننس أن للشاعر ديرك والكوت عشرين مجموعة شعرية، مما استخلص المترجم قصائده، وأكثر من عشرين مسرحية مترجمة إلى لغات العالم قاطبة. المزيد عن: شاعر\الكاريبي\الجزر\الإستعمار\الغنائية\ترجمة\البحر\الجمالية 7 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post قاس واستغلالي وجارح: الجانب المظلم من تشارلي تشابلن next post “غوغل” يحتفل بذكرى محمد الفيتوري شاعر أفريقيا العربية You may also like سامر أبوهواش يكتب عن: “المادة” لكورالي فارغيت… صرخة... 25 نوفمبر، 2024 محامي الكاتب صنصال يؤكد الحرص على “احترام حقه... 25 نوفمبر، 2024 مرسيدس تريد أن تكون روائية بيدين ملطختين بدم... 25 نوفمبر، 2024 تشرشل ونزاعه بين ثلاثة أنشطة خلال مساره 25 نوفمبر، 2024 فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 7 comments 카지노사이트쿠폰 25 نوفمبر، 2021 - 6:27 ص It’s actually a great and useful piece of information. I am glad that you simply shared this helpful info with us. Please keep us informed like this. Thanks for sharing. Reply Slot Online 25 نوفمبر، 2021 - 6:34 ص Wow that was odd. I just wrote an really long comment but after I clicked submit my comment didn’t appear. Grrrr… well I’m not writing all that over again. Regardless, just wanted to say great blog! Reply शीर्ष एसईओ कंपनी भारत 25 نوفمبر، 2021 - 6:37 ص Hello, i think that i saw you visited my blog thus i came to “return the favor”.I am attempting to find things to enhance my site!I suppose its ok to use some of your ideas!! Reply iptv reddit 25 نوفمبر، 2021 - 7:01 ص Your way of explaining everything in this paragraph is really pleasant, every one be capable of easily know it, Thanks a lot. Reply onesie pajamas 25 نوفمبر، 2021 - 7:18 ص This piece of writing will help the internet people for setting up new web site or even a blog from start to end. Reply ทลายเว็บพนันรายใหญ่ sagame จับได้ 4 คน เงินหมุนเวียน 1.5 หมื่นล้าน 25 نوفمبر، 2021 - 7:21 ص Hey! I understand this is kind of off-topic but I had to ask. Does running a well-established blog such as yours require a lot of work? I’m completely new to operating a blog but I do write in my diary on a daily basis. I’d like to start a blog so I can share my experience and views online. Please let me know if you have any kind of suggestions or tips for new aspiring blog owners. Thankyou! Reply Lamborghini V12 engine 28 يوليو، 2024 - 8:05 م Thanks for breaking this down into easy-to-understand terms. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.