التلقيح في سباق مع الموجة الرابعة ومن كان متردّداً بات يشجّع المتردّدين

 راديو كندا الدولي \ Fadi Harouny

حملة التلقيح ضدّ فيروس كورونا المستجدّ متواصلة في مقاطعة كيبيك وسائر كندا. وفي تاريخ 24 تموز (يوليو) كان 63,68% من الكنديين البالغين 12 عاماً فما فوق قد تناولوا جرعتيْ اللقاح، يُضاف إليهم 16,65% تناولوا الجرعة الأولى منه فقط.

وبموازاة ذلك تعتقد وكالة الصحة العامة الفدرالية أنّ كندا هي حالياً في بداية موجة رابعة من جائحة ’’كوفيد – 19‘‘ (نافذة جديدة) متصلة بسلالة ’’دلتا‘‘ من فيروس كورونا المستجدّ، وهي تحثّ كافة ’’المترددين‘‘ على تناول اللقاح. نطّلع في هذا التقرير على رأي شخص كان حتى الأمس القريب في عداد ’’المترددين‘‘ وعلى موقف شخص آخر لم يتردّد مطلقاً في تناول اللقاح.

التقيتُ برضا الصاحبي وهو خارج مساء أمس من مركز للتطعيم في شمال غرب مدينة لافال حيث تناول الجرعة الأولى من لقاح ’’فايزر بيونيتك‘‘ وسألتُه عن سبب تأخره في تناول اللقاح.

• أخذتُ وقتي لأرى كيف يتفاعل الناس مع اللقاح، وبصراحة كان لديّ تخوّف، فهذه أول مرّة أتناول فيها لقاحاً منذ سنوات الطفولة

رضا الصاحبي، مواطن كندي من سكان لافال

سألتُ رضا الصاحبي ما إذا كانت لديه شكوك حول فعالية اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجدّ المسبّب لجائحة ’’كوفيد – 19‘‘، فأجابني بالنفي مشيراً إلى أنه شخص يؤمن بالعلم، لكنه أضاف أنه وزوجته كانا يشعران ’’ببعض القلق‘‘ بالنسبة للمضاعفات المحتمَلة للقاحات.

وتابع رضا الصاحبي تطور الأوضاع الصحية في كندا ووجد أنّ عملية التلقيح أتت ثمارها، إذ تراجع عدد الإصابات بالفيروس بنسبة كبيرة، ما ساهم باستعادة الكنديين حياة شبه طبيعية مقارنةً بتلك التي كانت سائدة قبل وصول الجائحة إلى بلادهم في آذار (مارس) 2020.

تشجّع رضا الصاحبي بهذه التطورات الإيجابية وشجّع زوجته واتّخذا القرار معاً بتناول اللقاح، وتناولت هي الجرعة الأولى منه يوم الاثنين، أي قبله هو بيوم. وهذا الفارق الزمني مجرّد صدفة لا علاقة له بـ’’إتيكيت‘‘ إعطاء الأسبقية للسيدات.

يقع مركز التلقيح في مركز ’’سبور إكسبير‘‘ في لافال على شارع لويس ب. .ماير عند زاوية شارع لوسيان لالييه
الصورة: PHOTO PRISE PAR FADI HAROUNY

ويبلغ رضا الصاحبي الثامنة والأربعين من العمر وهو جزائري الأصل، من الجزائر العاصمة، هاجر إلى كندا قبل 13 عاماً. سألته ما إذا كان تفاقم الجائحة في وطنه الأم، حيث يفتك متحوّر ’’دلتا‘‘ بالناس، قد ساهم أيضاً في تشجيعه وزوجته على تناول اللقاح، فأجابني ’’بالطبع، بالطبع!‘‘.

متحوّر ’’دلتا‘‘ جعلني أشعر بالخوف، وسمعتُ أحدهم على شاشة التلفزة يقول ’’إذا لم أتناول اللقاح سألحق الأذى بوالديّ‘‘، ففكّرتُ بوالديّ وبالناس الذين أعرفهم وقضوا بالمتحوّر

رضا الصاحبي، كندي جزائري من سكان لافال

وأخبرني رضا الصاحبي أنّه ينوي منذ مدة زيارة الجزائر لتفقد والدته ووالده الذي كان مريضاً، وقال في نفسه إنه إذا لم يتناول اللقاح قد يتسبب بنشر الوباء في أوساط أهله في الوطن الأم.

’’تحسّنت حال والدي والحمد لله، وأريد أن أن أراه وأن أرى أمي، وشجّعني والدي على تناول اللقاح‘‘، أضاف رضا الصاحبي.

• أشجّع الجميع على تناول اللقاح حتى وإن وجدوا في الأمر صعوبةً ما، فاللقاح يشكل وقاية لنا جميعاً

رضا الصاحبي، كندي جزائري من سكان لافال

يُشار إلى أنّ اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجدّ يحمي من يتناوله ويحدّ من إمكانية نقله الفيروس إلى أشخاص آخرين لكنه لا يقضي على على هذا الاحتمال بالكامل.

وأضاف رضا الصاحبي أنه ’’كرياضي سابق‘‘ يتذكّر كيف أنّ الكثير من الرياضيين كانوا يتلقون لقاحات ضدّ أوبئة معينة قبل زيارتهم بعض الدول الإفريقية ليشاركوا فيها في مباريات وبطولات.

وأخبرني رضا الصاحبي أنه كان من مزاولي رياضة التنس (كرة المضرب) وأنه عمل مدرّباً محترفاً للأطفال في هذه الرياضة خمس سنوات في الجزائر وثلاث سنوات في تونس وعشر سنوات في مقاطعة كيبيك.

ويعمل رضا الصاحبي حالياً كمدرّس رياضة في مدرسة ابتدائية عامة في لافال. وتقع هذه المدينة مباشرة إلى الشمال من جزيرة مونتريال، وهي مدينة متنوعة ثقافياً يشكّل القادمون من العالم العربي شريحة واسعة من سكانها.

ويقيم محدّثي في حيّ سانت روز في شمال لافال على مسافة نحو ثلاثة كيلومترات من مركز التلقيح الذي زاره.

الصيدلانية زينب حَسَن تعطي رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو الجرعة الأولى من لقاح ’’أسترازينيكا‘‘ المضاد لوباء ’’كوفيد – 19‘‘ في 23 نيسان (أبريل) الفائت في إحدى صيدليات العاصمة الفدرالية أوتاوا.
الصورة: LA PRESSE CANADIENNE / ADRIAN WYLD

وتحدثت أمام مدخل مركز التلقيح إلى الشاب عبد الله زيداني الذي بدأ العمل مؤخراً في خدمة العملاء في المركز الذي بات يستقبل زواراً دون مواعيد مسبقة، أسوة بالكثير من مراكز التلقيح في مقاطعة كيبيك، في مسعى من سلطات الصحة العامة لتشجيع أكبر عدد ممكن من الناس على تناول الجرعة الأولى لمن لم يأخذها بعد وعلى الإسراع في تناول الجرعة الثانية لمن أخذ الأولى.

• أقدّر حقاً عملي هنا لأنه يتيح لي خدمة المجتمع المحلي ولأنه لصالح الجميع بشكل عام

عبد الله زيداني، موظف في مركز للتلقيح ضدّ فيروس كورونا المستجدّ في لافال

وأخبرني عبد الله زيداني أنه تناول جرعتيْ لقاح ’’فايزر – بيونتيك‘‘ منذ بداية حملة التطعيم لأنه ’’مقتنع حقاً بأنه إذا تناول كلّ منّا اللقاح فسنتيح للجميع تغيير أسلوب حياتهم، لأننا نعيش أوقاتاً صعبة منذ حلول الجائحة‘‘ قبل سنة ونصف.

وسألته ما إذا تناول اللقاح عن قناعة شخصية بفائدته أم لأسباب متصلة بعمله في مركز التلقيح، فأجابني بأنه تناوله عن قناعة وقبل مدة طويلة من بداية عمله في المركز.

• كنت مقتنعاً بفوائد اللقاح منذ البداية، وأرى أنّ عدم تناوله حالياً مرادفٌ للأنانية، وإذا أردنا أن نتقدّم (بالنسبة للوضع الصحي) يجب علينا جميعاً أن نبذل جهداً. ولهذا السبب تناولتُ اللقاح، لا لأتمكن من العمل هنا ولكن من أجل خير الجميع

عبد الله زيداني، موظف في مركز للتلقيح ضدّ فيروس كورونا المستجدّ في لافال

أنيتا كويدانجين التي تعمل في دار للمسنين في تورونتو كانت أوّل شخص يتلقّى لقاحاً مضاداً لوباء’’كوفيد – 19‘‘ في كندا، وذلك في 14 كانون الأول (ديسمبر) 2020.
الصورة: LA PRESSE CANADIENNE / FRANK GUNN

وسألتُ عبد الله زيداني، الجزائري الأب والتونسي الأم والبالغ من العمر عشرين عاماً، ما إذا كان يعتقد أنّ أفراد جيل الشباب متردّدون في تناول اللقاح، فنسبة الذين تناولوه في صفوفهم هي أدنى من المعدّل الوطني.

• نعم، أعتقد أنّ أفراد جيل الشباب لا يزالون متردّدين نوعاً ما، وأعتقد أنّ السبب الرئيسي يتصل بما يُنشر على منصات التواصل الاجتماعي من تدوينات مفادها مثلاً أنّ شبكات الجيل الخامس للهواتف المحمولة هي التي تنشر فيروس كورونا المستجدّ وأنّ اللقاحات تستخدم لزرع رقائق إلكترونية دقيقة في أجسادنا بغية التحكم بنا، وهذا كله طبعاً كلام فارغ لا أساس له من الصحة

عبد الله زيداني، موظف في مركز للتلقيح ضدّ فيروس كورونا المستجدّ في لافال

وأضاف عبد الله زيداني أنه يعتقد أنه لم تتم بعد توعية جيل الشباب بما فيه الكفاية لأهمية تناول اللقاح، وختم كلامه قائلاً ’’كلمتي الأخيرة للجميع هي: تناولوا اللقاح!‘‘.

وعبد الله زيداني ليس الاسم الحقيقي لمحدثي. فبعد أن أنهيتُ المقابلة معه وأخذتُ له صورة أمام مدخل مركز التلقيح خرج رجل من المركز وقال لي إنه المسؤول عن سلامة المركز وإنه لا يحقّ لي إجراء مقابلات دون إذن مسبق من مديرية الصحة العامة التي يتبع لها المركز. ولمّا قلت له إني لم أدخل إلى المركز ولم أعرقل سير العمل فيه وإني أجري المقابلات في موقف السيارات الخاص بالمبنى الذي يضمّ المركز ومؤسسات أُخرى أيضاً، أجابني بأنّ المبنى بأكمله هو مركز للتلقيح في الوقت الراهن.

ودّعتُ محدّثي وتوجهتُ إلى سيارتي، فتبعني وطلب مني ألّا أنشر صورته وألّا أذكر اسمه الحقيقي مخافة تعرّضه للطرد من العمل، وهو طالب أجنبي في إحدى جامعات مونتريال ويعمل في الصيف لتغطية بعض مصاريفه، واقترح ’’عبد الله زيداني‘‘ اسماً له في هذا التقرير.

(تقرير من إعداد فادي الهاروني)

روابط ذات صلة:

• كندا:مجموعات طبيّة تدعو للتطعيم الإلزاميّ لعمّال الرعاية الصحيّة

• الانتصار على الجائحة: ’’تفاؤل معقول‘‘ بالنسبة للصيف لكن مع التلقيح الواسع النطاق (نافذة جديدة)

• كبيرة المستشارين العلميين لرئيس الحكومة الكندية قلقة من متحوّرات فيروس كورونا