بأقلامهمعربي دلال البزري من تورونتو : إبراهيم الأمين يشيْطن الشهيد لقمان سليم by admin 25 فبراير، 2021 written by admin 25 فبراير، 2021 48 دلال البزري / كاتبة وباحثة لبنانية صحافة الممانعة وذبابها الإلكتروني ليسوا على ما يُرام. إغتيال لقمان سليم يحرّك لسانهم وعقيدتهم. والفرق بين الاثنين، أي الذباب والصحافة، ليس شاسعاً. فالإثنان يخضعان لـ”أمر اليوم”. أي ماذا يقول الحزب القائد اليوم حول هذه أو تلك من الأحداث. حسناً. اغتيل لقمان سليم. واتهام “حزب الله” باغتياله ليس ناجماً عن عبث. ولا خالياً من سوابق، من تهديدات وإغتيالات سابقة. أو محاكمات أثبتت عليه تورّطه ببعضها، سخر منها ومن أصحابها القضاة الدوليين. وبدل أن تصمت هذه الصحافة، كما ذبابها، بدل ان تنافق وترتدي السواد، أو تمشي في الجنازة، كما يفعل القتَلة المحترفين… تنتفض لكرامتها المهدورة على مذبح الإتهام، وتشهر سلاحها الأمضى، وتطلق العنان لهوياتها المعهودة: أي الشيْطنة. وأكفأ اولئك المشَيْطنين كان إبراهيم الأمين، رئيس تحرير “الأخبار” الصحيفة الممانعة الأولى، الناطقة بإسم “حزب الله”، فرع اليسار الممانع. وقد أخذ على عاتقه مهمّة صياغة ما يمكن إعتباره قطعة خالدة من أدبيات شيْطنة ضحايا الحزب. كيف تمّت صياغة هذه القطعة؟ إبراهيم الأمين يجتزىء أقوالاً للشهيد، خارج سياقها، تكشف بنظره انه، أي الشهيد، كان صاحب “دعوة علنية إلى إبادة جماعية بحق شعبه”، أي ابناء الطائفة الشيعية، باللغة اللبنانية. كما هو “مثبّت” في هذه الأقوال، المغدور. إذاً كان مجرماً. وهو فوق ذلك “مطبّع مع إسرائيل”، وداعٍ للإستسلام أمامها. ألم يقل: “الإستسلام، أحياناً، هو الخِيارُ الأخلاقِي بامتِياز”؟ إذن لقمان سليم خائن متخاذل مهزوم. الغرض العلني، العبثي، من هذه الشيْطنة، هو دفع إتهام “حزب الله” باغتيال لقمان سليم. ببساطة: قتل القتيل وعدد أسباب شرعية قتله… وذلك دفاعاً عن نفسه من تهمة القتل! ولكن المرافعة لا تقف عند هذا الحدّ. إذ ينتقل إبراهيم الأمين إلى دفتر آخر: طبائع لقمان سليم الشخصية. هو يعرفه جيداً، إذ يقول عنه انه “مجرّد مريض مجبول بحقد، وتسكنه روح فيها خلطة من سادية ونازية”. شرير صميمي، متجذّر بشرّه. أي انه جوهر الشرّ. ألم يلقب نفسه في مواقع التواصل، بـ”الصديقة الشريرة”؟ لقبٌ يرى الأمين انه يليق بلقمان، لأن “الشريرة(…) ليست سوى نفسه”. وكتتمة طبيعية لهذا الرجْم، يسخر إبراهيم الأمين من الصفات التي قيلت عن شخصية الشهيد ومساره وانتاجه. ثم يمرّر لطْشات “طبقية”، وأخرى مذهبية. اللطْشة الطبقية: يتطلع إبراهيم الأمين في المقالة نفسها إلى زوال “عائلات الإقطاع القديم والجديد”.وهي برسم الشهيد، إبن النائب والبيت الأصيل. فيما اللطْشة المذهبية تحريض ذي كودات خاصة، تفهمها من بين الكلمات والسطور، هي بمثابة العقيدة “الزمنية” عند جمهور “حزب الله” وأنصاره من النخبة: من ان كل من يتوسّل عداوة “حزب الله”، يكون بذلك معادياً للشيعة، كارهاً لهم. ومن انه إذا تخلّى الشيعة عن “حزب الله”، فسيعودون كما كانوا في العهد الذهبي الملعون للبنان القديم: فقراء، مهمّشين، في أسفل الرتب الإجتماعية. إذن، مرة أخرى، تغتني الحيثيات، بعد القاتل والخائن. صار هناك: نازي، سادي، مريض، شرير، إقطاعي، عدو ابناء طائفته… ولكن ليس نحن الذين قتلناه. والذين يتهموننا مدعاة سخرية واتهام. هؤلاء الأغبياء المستعجلين الذين يطلقون تهماً لا أساس لها…. عليهم قبل ذلك، “إنتظار نتائج التحقيق…”. في بلد يفهم كل طفل فيه بأن هذا “الإنتظار” يعني “إغلاق ملف التحقيق”. وممن تأتي الدعوة إلى “إنتظار نتائج التحقيق”؟ من صحيفة، سبق وأن تحمّست لتوجيه تهم ضد أشخاص، قيد التحقيق، ظهرت براءتهم بعد حين. الآن، من المسؤول عن تشويه سمعة “حزب الله”، والإستعجال باتهامه باغتيال لقمان سليم؟ انهم اليساريين المتخاذلين، الذين “باعوا القضية كلها…” بحُفُنات من السلطة او المال. على هؤلاء تحديداً تقع التهمة. اولئك اليساريين “المزيفي”ن، يجب ان يتعلموا من “اليساري الحقيقي”، والمجسّد الآن برئيس التحرير ابراهيم الامين. وقفة أخرى الآن، ذات صلة: بعد يوم واحد على صدور مقال ابراهيم، تجد في “الأخبار” مقالاً آخر لمؤسسها الراحل، ورئيس تحريرها الأول، جوزيف سماحة، عنوانها “رفض التخوين” (2006). في هذا المقال، يهاجم سماحة أصحاب الرأي المناهض للمحور الممانع. هم أيضاً، اليساريين الذين تراجعوا عن مسيرتهم، وفضلوا المنافع والمواقع والسلطة مقابل تنازلهم عن الإستمرار في مقارعة الصهيونية والامبريالية. ولا يحق لهم الإحتجاج على ما يرمونهم بهأاصحاب الممانعة، من تهم خطيرة كالخيانة. أي ان لتخوين هؤلاء اليساريين حق مشروع، طالما ان المتضررين منه من اليساريين السابقين المتخاذلين المتقاعسين المستفيدين. لاحظ: توارد الأفكار بين رئيس التحرير الأول الراحل، سماحة، وبين الثاني الحالي، الأمين. العدو في الحالتين هم أصحاب الرأي المضاد من اليساريين السابقين. أو قلْ، هؤلاء الخونة هم “مجالهم”، ميدانهم، وحيث تكرار الكلمات ذاتها، وفي مواقع مماثلة. والهدف الصالح من هذه الحملات هم اليساريين السابقين المناهضين لـ”حزب الله”. والسؤال العابر هو: لماذ اليساريين بالذات؟ أليس هناك يمين يقارعهم؟ أين اليمين؟ من هم اليمين؟ رئيس التحرير الحالي نشر مقال رئيس التحرير الراحل، لأنه على الأرجح وجد تشابها بين الحالتين، أو بين التاريخين: الخونة هم الذين يناهضون حزب الله. وحماة الوفاء للوطن هم الذين يدافعون عنه. وبما اننا نتكلم عن مجالات العداوة، يمكن اعتبار اليساري القديم هدفا قريبا وسهلا، لوجستيا، و”فكرياً”. والتشابه بين الحالتين، أو تكرار المعنيين بعبارات مختلفة قليلاً يكشف عن تكرار الحالات. من ان “حزب الله” يرتكب جريمته، تقوم الدنيا وتقعد، ترتفع رايات الدفاع عنه بالعبارات نفسها، التي صار عمرها الآن خمسة عشر سنة. وما زالت الجريمة مستمرة، وما زال القتلة يفلّتون آلات التخوين، وآلات رفض رافضي التخوين… وبذلك ترتسم المعالم الذهنية لترسانة “حزب الله” الفكرية، الصحافية، الاهلية… ولكن التثاقف الذي حصل بين حزب الله والنظام السوري كان له الفضل في بلورة هذا النوع او هذا النهج السياسي. فالأرجح ان الذين قاتلوا جنباً إلى جنب مع هذا النظام ضد الشعب السوري استوحوا من بعضها هذا “التكتيك” الذهني، بلوروه وجعلوه نظام تفكير قائم بذاته: يكفي ان تقول بأن خصمك السلمي الذي لا يحمل سلاحاً، لا بوجهك ولا بوجه الصهيونية ووالامبريالية… إذ لا يبغي هذا الخصم غير حياة كريمة وطبيعية. يكفي ذلك، لتقوم أنت، فتنعته إما بالخيانة أو بالإرهاب، أو الإثنين معاً. فيجوز لك في هذه الحالة قتل الشعب الثائر. إما بالبراميل المتفجرة او بالاغتيال الكاتم للصوت. وبهذا التثاقف، يكون تلازماً إجرامياً بين مسارَين، سوري ولبناني. فوق الولي الإيراني الذي شبّت على يديه ميليشياته التابعة، و”حزب الله” أعرقها. فيأتي إغتيال لقمان سليم، كمحطة ضرورية في هذه الدورة من القتل بالذات: دورة التحقيق في جريمة انفجار المرفأ. ومن تتمّاتها: ان حسن نصر الله أعطى الضؤ الأخضر اللازم، المفهوم، لإقالة القاضي فادي صوان المكلف بالتحقيق في جريمة المرفأ (عُيّن بدله طارق البيطار). مع إشارته إلى ضرورة إقتصار التحقيق على الجيش. فمن روافد هذه دورة مقتلة المرفأ ان الجيش نالَ مؤخرا قسطاً وافراً من الهجاء الممانع… أما نائب الحزب حسين الحاج حسن، رئيس لجنة الإعلام والإتصالات النيابية، فقد حاول إسكات وسائل الإعلام المرئية في ما يخصّ “حزب الله”، بعد سيل الإتهامات بقتله لقمان سليم. بعدما حجب هذا الحزب أصلاً بثّ محطتين عن مناطق نفوذه. والضغوط جارية، في الخفاء وفي العلن، لإخفاء معالم جريمتَي المرفأ واغتيال لقمان سليم. والرسالة مفهومة: من اننا نقتلكم، مرة وإثنين وثلاث، ونمثّل بجثثكم… ولكن إياكم، أنتم الذين ما زلتم عائشين، ان تتفوّهوا بكلمة… فنحن نرفض التهم، ونرفض رافضي التخوين. ولنا دروساً نمْليها عليهم. هكذا يتم إغتيال لقمان سليم مرتين: الأولى معروفة. والثانية تنال من ذاكرته. ذاك الرحم الذي ولّد إرثه. ولا ردّ على الجريمتين إلا بإحياء هذا الإرث. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post اعتراض كمية من الكوكايين “تقدر قيمتها بمليارات” متجهة إلى أوروبا next post فهمي جدعان في رحلة إلى أرجاء الماضي والعالم والفلسفة You may also like ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.