ثقافة و فنونعربي بين بيار أوغست وجان رينوار امرأة وتنافس ومواهب متعددة by admin 16 أغسطس، 2020 written by admin 16 أغسطس، 2020 151 السينمائي يتحدث بظرف عن أبيه الرسام والشاشة لهما بالمرصاد اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب إذا نحينا جانباً علاقة الكاتب التشيكي باللغة الألمانية فرانز كافكا بأبيه، سنجد أن ما من علاقة بين أب وابنه أثارت في عالم الإبداع ما أثارته من فضول وسبر وتعليق العلاقة بين الرسام الانطباعي بيار أوغست رينوار وابنه شاعر السينما الفرنسية الأكبر المخرج جان رينوار. ولكن لئن كان كافكا قد تحدث عن تلك العلاقة بقدر كبير من القسوة والحسّ الدرامي في “رسالة إلى الوالد”، فإن جان رينوار تناول علاقته بأبيه بشكل بالغ الظرف والاحترام والوداعة في كتاب شهير له، ترجم حتى إلى العربية، عنوانه “أبي رينوار”. ومع هذا، إذا صدقنا ما يحاول أن يقوله فيلم فرنسي عُرض عام 2012 بعنوان “رينوار” سنجد أن المسألة لم تكن أبداً على تلك البساطة التي يوحي بها رينوار الابن في كتابه. وأن تناحراً، يختلف كلياً عن التناحر بين كافكا أباً وابناً، خيّم بعمق على العلاقة بين السينمائي وأبيه. ونحن لدينا على أي حال الخطوط الرئيسة لذلك التناحر، المغلّف بتقارب إبداعي جعل أكثر من معرض يقام في فرنسا وغيرها جامعاً ومقارناً بين العديد من لوحات الأب الرئيسة وبعض المشاهد – المفاتيح في الأفلام الأساسية التي حققها الابن. كما لدينا دائماً إشارة واضحة تتمثل في أن جان إنما حقّق أفلامه الأولى لرغبة منه في تحويل الموديل الحسناء التي خدمت أباه فرسمها وعشقها وهو في آخر سنوات حياته، أندريه هوشلنغ، والتي عُرفت أيضاً باسم كاترين هسلنغ، إلى نجمة سينمائية. وهذا أمر كان تفسيره يبقى دائماً عند حدود التخمين، فجاء فيلم عام 2012، ليقول لنا بكل وضوح، إن جان الشاب كان عاشقاً لمعشوقة أبيه، وكان يترقب اليوم الذي يستطيع أن “يرثها” فيه من هذا الأب. الأب والابن في لقطة فوتوغرافية (ويكيميديا) المرأة في مركز الصدارة ومن هنا، فإن الفيلم وإن كان يعطي مساحة واسعة وربما متكافئة لشخصيتي الأب والابن، فإنه يجعل مركز الصدارة لهسلنغ نفسها تلك المرأة الفاتنة التي لطالما لفت حضورها في آخر لوحات بيار أوغست، كما في أول أفلام جان، نظر هواة الفن والسينما ومؤرخيها، ولطالما تساءلوا عما كانت تفعله وتفكر فيه تلك المرأة التي عاشت الجزء الأكبر من حياتها مشكّلة نوعاً من الرابط الإنساني والإبداعي بين اثنين من كبار المبدعين الفرنسيين عند بدايات القرن العشرين. وكان الفيلم مفاجأة لكثير من متابعي عمل هذين المبدعين من ناحية أن ضخامة موهبتي الرسام وابنه المخرج غطت دائماً على ذلك الجانب من حياتهما هما اللذان كان أولهما يعيش آخر سنوات حياته متنعماً بسمعته كزعيم للانطباعيين بل حتى كخاتمة المطاف في فن بات كلاسيكياً أمام زحف حداثة تمكنت من الحلول مكانه فيما عجزت عن إزاحته تماماً. وابن راح يخوض مغامرة ذلك الفن السينمائي الجديد، منطلقاً من شاعرية من المؤكد أنه ورثها من أبيه، لكنه لا يتوقف عن السعي إلى تجاوزها إنما دون أن يساهم في دفنها. ومن هنا، وبحسب الفيلم على الأقل، نجد جان إلى جانب عشقه للحبيبة المشتركة لا يحاول إخفاء استخدامه لها كرابط بين عالمين، وكوسيلة تمكنه من العثور على ذاته، كما على الخيوط الفنية التي تفتح أمامه آفاقاً مستقبلية. وهو ما حدث بالفعل لاحقاً وإن كانت أحداث الفيلم تتوقف عند لحظة ينتهي فيها “الصراع” بين الأب والابن برحيل الأب وتفرّد الابن بامرأتهما المشتركة… كمصدر وحي له ونجمة لأفلامه على أي حال. الأب والابن في لقطة من فيلم “رينوار” (2012) (موقع allo cine) كل منهما زعيم في عالمه ولئن كنا نعرف أن الابن جان رينوار، عُرف طوال النصف الأول من القرن العشرين على الأقل بأفلام شاعرية وذات خلفيات فكرية حققها في فرنسا ولكن في الولايات المتحدة أيضاً، (ومنها “قواعد اللعبة” و”الوهم الكبير” المحسوبان دائماً بين أهم عشرين فيلماً في تاريخ السينما العالمية) كما بأفلام حققها أيام انتصار حكم الجبهة الشعبية اليسارية في فرنسا قبيل الحرب العالمية الثانية، فإن الأب بيار – أوغست رينوار يُعتبر دائماً، الزعيم الفعلي لفن الرسم الفرنسي خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر والعقدين الأولين من القرن العشرين. صحيح أن رينوار الأب عاش كل مراحل حياته وفنه ينتقل من تأثير عليه إلى آخر، ويبدو لمن يتابع سيرة حياته، وكأنه كان دائماً في الصف الثاني، ومع ذلك فإن نظرة متأنية إلى أعماله وإلى تركيباته وألوانه ستقول لنا، إنه غالباً ما كان يتفوق حتى على الذين يؤثرون عليه ويعتبرهم، هو، أساتذته الكبار. حدث هذا بالنسبة إلى علاقته مع مانيه وسيسلي، وبالنسبة إلى استيعابه لدروس ديلاكروا وروبنز ورافائيل، وأيضاً بالنسبة إلى التأثير المتبادل بينه وبين بيسارو. ومن هنا، حين نذكر، اليوم، اسم بيار أوغست رينوار، ستقفز أمام أذهاننا صورته كزعيم للحركة الانطباعية، على الرغم من خروجه الدائم على تلك الحركة، أو على الأقل على القواعد التي وضعت لها من خلال أعمال مانيه ومونيه وسيسلي وغيرهم. اقرأ المزيد هل انتهى فن الإغراء في السينما العربية بعد الجيل الذهبي؟ الحياة تدب من جديد في بلاتوهات السينما المصرية الفن في زمن القلق… دور الصورة في عصر الإنترنت امراة تواجه الصورة النمطية للجمال بتقديم جوارب نسائية مبتكرة للممتلئات الرسم خارج الجدران بدأ بيار أوغست رينوار، المولود في ليموج عام 1841، حياته الفنية حين كان في الحادية والعشرين من عمره، حيث انضم إلى محترف الرسام شارل غراير، ليجد نفسه في صحبة رسامين شابين آخرين كانا قد أصابا بعض الشهرة عبر لوحات لفتت أنظار الباريسيين، والرسامان هما كلود مونيه وكاميل بيسارو. وكان هذان من أقنعا رينوار بأن الرسم الحقيقي هو الرسم بالخارج في الطبيعة وليس داخل الأبواب المغلقة. ومن هنا كانت بداية رحلته الانطباعية. بيد أنه، على الرغم من مشاركته في معارض الانطباعيين المتمردة على الفن الرسمي السائد، فإن رينوار ظل يرسل أعماله إلى الصالون الرسمي، حيث كان أول نجاح حققه هناك، بفضل لوحته «السيدة شاربانتييه وبناتها» (1879) وهي اللوحة التي وطدت مكانته كرسام «بورتريه» من طراز أول، وإن كانت ملوّنته ذات سمات انطباعية واضحة. والحال أن مساهمة رينوار الأساسية في الحركة الانطباعية كانت في ألوانه. وفي “البورتريهات” وفي التكوينات التي بدت، لوهلة أولى، متعارضة تماماً مع المشاهد الطبيعية التي كان يرسمها مونيه والفريد سيسلي. مهما يكن فإن اللوحات التي رسمها رينوار خلال السبعينيات والثمانينيات، اعتبرت نوعاً من التصوير الشعبي المتقن لأعياد وإجازات الطبقة المتوسطة الفرنسية أيام الجمهورية الثالثة. غير أنه ما إن حلت أواسط سنوات الثمانين حتى بدأ يدرك أن عليه تطوير ملونته، وإلا لوقعت أعماله في روتينية كان يبغضها. وهكذا سافر إلى إيطاليا، موطن إلهام معظم الفنانين الأوروبيين، حيث قام بجولة على فنون عصر النهضة، وكان أكبر اكتشاف يحققه هناك لوحات رافائيل الجدارية التي فتنته بألوانها وتكويناتها، ويبدو لنا واضحاً اليوم مقدار تأثره بها خلال اللوحات التي راح يرسمها ما إن عاد إلى فرنسا بعد ذلك. غير أن اهتمامه برافائيل لم يمنعه من أن يهتم أيضاً بكبار المعلمين الفرنسيين الذين استغلوا في حقبة النيوكلاسيكية، في القرن الثامن عشر، بحيث إن لوحاته لتلك المرحلة تعكس بوضوح إعجابه وتأثره بيوجين ديلاكروا، كما بفرانسوا بوشيه، وكان من شأن هذا أن يبعده كلياً عن الانطباعيين. لكنه لم يفعل، وببساطة لأن رينوار عرف كيف يكيف تأثراته الجديدة تلك بولعه بالأساليب الانطباعية، وعلى الأقل كما كانت قد تطورت وتبدلت على يديه. مهما يكن فإن رينوار عرف دائماً بأنه يلوّن بالغريزة، لا انطلاقاً من نظرية تلوينية محددة. ومن هنا، مثلاً، حين اكتشف لوحات روبنز وعمق استخدام هذا الأخير للون الأحمر أضحى ارتباطه بهذا اللون نوعاً من الهاجس سيطر على لوحات سنواته الأخيرة. المزيد عن: فنون/الرسم/السينما/الادب والشعر/لوحات 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post اندبندنت (تقرير خاص) : 7 سنوات من الإهمال و13 دقيقة من الفوضى وراء دمار بيروت next post أمين معلوف: مافيا محلية خزنت نترات الأمونيوم في المرفأ You may also like مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.