بأقلامهم دلال البزري تكتب عن: ترامب كاره الحريات… كانت أميركا تبتز حكّامنا بها by admin 22 مايو، 2025 written by admin 22 مايو، 2025 20 عبّر ترامب بمزيد من الصدق عن إعجابه بالاستبداد، فدان “التدخّل الغربي في بناء الأمم”، و”عشرات السنوات من التدخّل الأميركي في الشرق الأوسط” من أجل الحريات العربي الجديد / دلال البزري – كاتبة وباحثة لبنانية بالسرعة التي يجيدها دونالد ترامب، وصلت الولايات المتحدة إلى حافّة الاستبداد. الأميركيون خائفون، يراقبون كلّ كلمة ينطقها الواحد منهم، فيبدون اليوم أقرب إلى سكّان عالمنا المطحون. فماذا حقّق ترامب منذ تنصيبه قبل أربعة أشهر؟… بمراسيمه الخاصّة، ألغى الحقّ في التظاهر، وخصوصاً من أجل فلسطين. مئات من الطلاب شاركوا فيها، استُهدفوا بالترحيل أو بالاحتجاز في “مراكز”، هي في الواقع سجون. خاض ترامب (وما زال) معارك مع الصحافة، فهاجم الصحافيين المستقلّين، وأقام دعاوى ضدّهم، وقطع عنهم التمويل الحكومي، وأملى عليهم قواعده الخاصّة. أضعفَ سلطة القانون بتجاهله قرارات قضاة خالفت مراسيمه، بتهديدهم، بل باعتقال قاضيةٍ عارضت أحد إجراءاته غير القانونية. ثمّ هاجم المحامين، وابتزّهم، ونال من الذين أقاموا عليه دعاوى الاغتصاب والاحتيال، فأرغمهم على العمل مجّاناً لقضاياه الشخصية، كالعبيد. أغلق كلّ البرامج الخاصّة بالحريات والمساواة، وأوقف برامج الحريات المخصّصة للخارج. هدد بقطع تمويل الجامعات المعروفة بمناهضتها التمييز العنصري، عزّزه بكلام عنصري صريح ضدّ السود والأقلّيات الأخرى. انتهك حقوق النساء والمختلفين جنسياً، وحقوق المهاجرين القانونية بالعيش في أميركا. ففصل بين العائلات، بين الأولاد وآبائهم وأمّهاتهم. أنذر خصومه السياسيين بالملاحقة والعقاب، بمن فيهم مرشّحون ديمقراطيون، والرئيس السابق جو بايدن نفسه. وقد تمكّن من ذلك بفضل مراسيم سريعة أيضاً، وقّعها فور تنصيبه، الواحد تلو الآخر، بها وسّع من صلاحياته الشخصية، وخالف القانون والدستور، وبثّ الرعب في قلوب الموظّفين الحكوميين، وأزاح من لا يعجبه واستبدل بهم موالين له. وينكّب الآن على تطوير مشروعه المسمّى “مؤسّسة التراث”، غرضها تقليص الفصل بين السلطات، ومنح كلّ السلطات للرئيس، أي له. وهو مفتون بالرؤساء الدائمين؛ بعض أسلافه دافعوا عن الديكتاتوريين مثل أيزنهاور ونيكسون وريغان. ولكن، ولا واحد منهم عبّر عن ميله هذا صراحةً. في عهده الأول، كان يسترسل في “حبّه” فلاديمير بوتين وعبد الفتاح السيسي وكيم جونغ أون. وفي عهده الثاني صار يحلم بأن يصبح مثلهم، فعبّر عن رغبته بالتمديد لرئاسته، ما يخالف الدستور الأميركي. كرّرها مرّات، وجملته الشهيرة إنه ليس هو الراغب إنما “كثيرون يريدون أن أفعل ذلك”، منهم مستشاره السابق ستيف بانون، الذي أعلن أنه يمتلك أربع أو خمس طرق للتمديد لرئاسته، يسمّيها “مفاتيح”، عارضاً عليه النصائح الدستورية اللازمة. وكما بتنا نعرف عن سلوكه، بعد هذا الإعلان، أبقى التمديد احتمالاً غائماً، ملتبساً، أو سيفاً مسلّطاً فوق رقاب الجميع، من خصوم وأصدقاء. والديستوبيا، عكس اليوتوبيا، باتت الكلمة الأكثر تداولاً لوصف الخراب المقبل الشامل الذي هيأ أرضيّته ترامب في مختلف مجالات الحياة الأميركية. الديستوبيا تصف مجتمعاً “كارثياً” في المستقبل القريب، يكون أحد مجالاتها، أيّ الحريات، قد تآكل واشتدّ القمع في حقّ المعارضين، الذين تحوّلوا أكباش فداء لأيّ خراب تكون سياسته سبباً له. بهذه الروحية، وبهذا المزاج، زار ترامب الخليج مستعرضاً، على هامشها، أو في صلبها، بحسب زاوية نظرك، كان ذاك الإعجاب الفائق بولي العهد السعودي محمّد بن سلمان: إنه “رجل غير معقول”، “قائد عظيم”، “أحبّه كثيراً، أحبّه فعلاً كثيراً”. وفي كلمة أمام المستثمرين العالميين، عبّر ترامب بمزيد من الصدق عن إعجابه بالاستبداد، فدان “التدخّل الغربي في بناء الأمم”، و”عشرات السنوات من التدخّل الأميركي في الشرق الأوسط” من أجل الحريات، ووعد بأن “الولايات المتحدة لن تعطي دروساً حول طريقة الحياة” لغيرها من الأمم، واستنكر ما يفعله “الذين يتدخّلون في مجتمعات معقّدة، لا يفهمونها أصلاً”، غامزاً ولامزاً بحقّ أسلافه، خصوصاً بايدن، داعياً سكّان هذه المجتمعات إلى أن “يُحدّدوا مصيرهم على طريقتهم”. ومن طرائف ردّات الفعل على هذه الكلمات ما كتبه أحد المغرّدين السعوديين في “إكس”، إن ترامب هنا يتكلّم كما لو كان فرانز فانون، المناضل والكاتب المارتينيكي، الداعم للثورة الجزائرية، ولكلّ حركات التحرّر في العالم في ستينيّات القرن الماضي وسبعينياته. ولكنّ المدقّقين الجدّيين في هذه الكلمات رأوا من خلفها قضية جمال خاشقجي، الصحافي السعودي المعارض الذي اغتيل بوحشية في قلب إسطنبول عام 2018، ثم أصبح رمزاً عالمياً لحرية الصحافة. وقد أجمعت التحقيقات الأممية والأميركية والمنظّمات الحقوقية على الاشتباه بضلوع بن سلمان في القضية. وكانت هذه الأخيرة، أيّ القضية، موضوع خلاف بين جو بايدن وبن سلمان. إلغاء العقوبات الاقتصادية على سورية يعني تدعيم حكم الشرع، وهذا مطلب ترامب ومطلب الأوروبيين والعرب وترامب لم يتوقّف عند هذه النقطة. الأهم ربّما في هذه الزيارة كان لقاؤه برئيس سورية أحمد الشرع، بحضور محمّد بن سلمان. بعيد هذا اللقاء، أسهب ترامب في مديح الشرع أيضاً: إنه “رجل شابّ وجذّاب”، إنه “قوي البنية”، رجل “واعد”. الموضوع؟… إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، أي تدعيم حكم الشرع. وهذا مطلبه، ومطلب الأوروبيين والعرب. العقوبات كما نعلم قائمة منذ حكم الأسد الأب، تزايدت بعد الثورة السورية ضدّ الابن. كانت ذريعتها الدفاع عن الحريات، ولكنّها في الواقع أفقرت السوريين بغالبيتهم، وحقّقت أرباحاً عاليةً لأولئك الذين انتهكوها. ماذا يريد ترامب من الشرع في مقابل رفع هذه العقوبات؟… لا شيء جدّياً غير “التطبيع مع إسرائيل”، وملحقه “محاربة الإرهاب” و”الوجود الفلسطيني في سورية”. والموضوع ليس جديداً. الاتصالات التي تسرّبت إلى العلن بين موفدين من الشرع والإسرائيليين تجعل الطلب الأميركي مقدوراً عليه، ولكن على الطريقة العربية المعطوفة على الترامبية الآن، يتركها في مجال الالتباس والهمهمة، وبالونات الاختبار، من نوع اعتقال فلسطينيين في منظّمات فلسطينية، أو من هيئة تحرير الشام عندما كان أحمد الشرع هو أبو محمّد الجولاني، ثمّ إطلاق سراحهم. وقد ينضج ظرف الإعلان الرسمي عن تلبية الطلب الأميركي، بعدما يكتمل الاحتلال الإسرائيلي لجبل الشيخ وللأراضي الجديدة المحتلّة أخيراً، ناهيك عن هضبة الجولان. الجولان الذي نسيناه، وتحتلّه إسرائيل منذ 1967، ضمّته إليها عام 1981 بـ”قانون الجولان”، ولم يعترف أحد في العالم بهذا الضمّ إلا ترامب في ولايته الأولى عام 2019. هكذا، بهذه السياسة المتحرّرة من التزام بالديمقراطية، ولو صورياً، ولو على سبيل الابتزاز، تعيش سورية معادلةً صفريةً؛ أيام الديكتاتور الدموي كانت الحريات تُسحق بحجّة النضال من أجل التحرّر الوطني. والآن، تهاوى التحرّر الوطني، وصارت الديمقراطية أضغاث أحلام، أو وسوسة شيطان.. الآن، لا تحرّر وطني، ولا حرّيات، ولا عزاء للاثنين. المزيد عن:حقوق النساءأحمد الشرعالعقوباتالتمييز العنصريالديمقراطية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post مشاركة كندا في ’’القبة الذهبية‘‘ غير محدَّدة التفاصيل بعد next post Daughter of historical hit-and-run victim speaks out in RCMP video You may also like مصطفى كوتلاي يكتب عن: معضلة تركيا كقوة إقليمية... 21 مايو، 2025 دلال البزري تكتب عن: الغرام الروبوتي آخر صيحات... 20 مايو، 2025 دلال البزري تكتب عن: الإبادة مستمرّة وسط ترحيب... 18 مايو، 2025 حازم صاغية يكتب عن: عودة أخيرة إلى «أوسلو» 18 مايو، 2025 جيمس جيفري يكتب عن: التحرك الأميركي الحاسم بشأن... 15 مايو، 2025 حازم صاغية يكتب عن.. بالعودة إلى اتّفاقيّة أوسلو... 15 مايو، 2025 يوسف بزي يكتب عن: من سيفاوض حزب الله؟ 15 مايو، 2025 جهاد الزين يكتب عن: بعد هزائم المشاريع القومية... 13 مايو، 2025 بول سالم يكتب عن: تحديات إعمار الشرق الأوسط…... 13 مايو، 2025 غسان شربل يكتب عن: ترمب ومواعيد الرياض 12 مايو، 2025