يُعد إيلي كوهين بطلاً قومياً في إسرائيل منذ أعدمته السلطات السورية شنقاً عام 1965 (مواقع التواصل) X FILE لمن بطولة كشف الجاسوس؟… وثائق “كوهين” تشعل جدلا قديما by admin 21 مايو، 2025 written by admin 21 مايو، 2025 17 عملية الكشف عن “كامل أمين ثابت”، الذي شغل موقعاً مؤثراً بين كبار ضباط الجيش السوري، لا تزال تحير العالم العربي اندبندنت عربية / إنجي مجدي صحافية @engy_magdy10 أثار إعلان إسرائيل عن استعادتها نحو 2500 وثيقة وصورة ومقتنيات شخصية تعود إلى “الأرشيف السوري الرسمي” المرتبط بعميل جهاز “الموساد” إيلي كوهين، بعد مرور 60 عاماً على إعدامه في دمشق عام 1965، موجة جدل واسعة بين الجمهور العربي. وتركز الجدل على خلفية العملية الاستخباراتية التي قالت تل أبيب إنها تمكنت عبرها من استرجاع الملف السري لأحد أبرز جواسيسها، الذي تمكن من التغلغل في أعلى هرم السلطة السورية آنذاك، كذلك أخذ النقاش بعداً تاريخياً، إذ أعيد طرح التساؤلات حول الجهة التي كشفت أمر كوهين في ستينيات القرن الماضي. استطاع كوهين التغلغل في أوساط النخبة العسكرية والسياسية السورية في الأعوام التي سبقت حرب الأيام الستة عام 1967. ويعتقد أن المعلومات التي حصل عليها أدت دوراً رئيساً في الهزيمة التي مني بها الطرف العربي في هذه الحرب. وألقي القبض عليه في يناير (كانون الثاني) 1965، وأعدم شنقاً في دمشق، لكن الظروف المحيطة باعتقاله ظلت محل جدل منذ ذلك الحين، وهي مصدر نقاش مستمر، إذ جادل بعضهم بأن كوهين لم يتبع الإجراءات الأمنية اللازمة، وحاول إرسال رسائل كثيرة جداً، مما لفت انتباه السوريين، وألقى آخرون باللوم على رؤساء كوهين، قائلين إنه تعرض لضغوط هائلة لتقديم معلومات جديدة، مما أدى إلى كشفه واعتقاله. روايتان مصرية وإسرائيلية لكن عملية الكشف عن هوية إيلي كوهين، أو من كان يعرف باسم “كامل أمين ثابت”، الذي شغل موقعاً مؤثراً كمستشار غير رسمي لكبار ضباط الجيش السوري، من بينهم أمين الحافظ الذي أصبح لاحقاً رئيساً لسوريا وكان من أصدقائه المقربين، لا تزال تثير جدلاً من نوع آخر في العالم العربي، إذ تتضارب الروايات حول الجهة التي تقف وراء فضح أمره، فبينما ترجع إحدى الروايات الفضل إلى الاستخبارات السوفياتية، تشير أخرى إلى دور محوري للاستخبارات المصرية في كشف الجاسوس الذي اخترق مفاصل السلطة السورية في واحدة من أخطر عمليات التجسس في تاريخ المنطقة. إيلي كوهين متنكراً في شخصية كامل أمين ثابت، يتوسط أصدقائه من الجيش السوري على هضبة الجولان (صورة لأفراد الجيش السوري عبر ويكيميديا كومونز) الرواية الأولى وهي الرواية التي يتبناها الجانب الإسرائيلي، تقول إن كوهين افتضح أمره نتيجة تعاون بين الاستخبارات السورية وخبراء سوفيات وفروا الدعم التقني من خلال معدات متطورة لتتبع إشارات الراديو التي أدت إلى اعتراض رسائله إلى “الموساد” وتحديد موقعه أثناء إرساله معلومات إلى إسرائيل. هذه الرواية أكدتها إسرائيل في ديسمبر (كانون الأول) 2022، عندما قال رئيس “الموساد” ديفيد بارنيا خلال افتتاح متحف لإحياء ذكرى كوهين في مدينة هرتزليا، إن تحقيقاً في الآونة الأخيرة خلص إلى أن كوهين قبض عليه “فقط لأن العدو اعترض عمليات إرسال له”، رافضاً النظريات القائلة بأن كوهين كشف نفسه للجانب السوري من طريق إرسال رسائل كثيرة، ربما تحت ضغط من قياداته أو خالف التعليمات. ومع ذلك فإن تشابك الروايات والخلفية التاريخية لكوهين كمصري المولد وشارك في خلية تجسس داخل مصر في خمسينيات القرن الماضي، جنباً إلى جنب مع بعض شهادات إسرائيليين تحدثوا في كتب لهم عن النشاط الاستخباراتي المصري الواسع في ذلك الوقت، يشير إلى احتمال تعاون استخباراتي ثلاثي بين مصر وسوريا والسوفيات، أدى في نهاية المطاف إلى كشف هوية “كامل أمين ثابت”، الذي كان متزوجاً من يهودية عراقية. فضيحة “لافون” ولد كوهين في الإسكندرية في الـ26 من ديسمبر 1924، لأبوين من يهود مدينة حلب في سوريا. وعام 1949 انتقل والداه وإخوته الثلاثة إلى إسرائيل، بينما بقي إيلي في مصر لتنسيق الأنشطة اليهودية والصهيونية، وكان ضمن شبكة تجسس ما يعرف بفضيحة “لافون” أو عملية “سوزانا” الفاشلة، التي ضُبطت وفُككت عام 1954. وفي صيف 1954 نفذت وحدة سرية تابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تعرف بـ”الوحدة 131″ عملية تجنيد ليهود مصريين لتنفيذ تفجيرات في منشآت أميركية وبريطانية داخل مصر، بهدف تقويض العلاقات بين مصر والغرب. كشفت الاستخبارات المصرية الخلية، وألقت القبض على أعضائها، مما أدى إلى إعدام اثنين منهم وسجن الآخرين.وعرفت الحادثة لاحقاً باسم “فضيحة لافون” نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي بنحاس لافون، الذي تبادل الاتهامات مع رئيس الاستخبارات بنيامين جبلي حول المسؤولية عن العملية، مما أدى إلى استقالته وتسمية الفضيحة باسمه. وبينما لم يكن إيلي متورطاً بشكل مباشر في عملية “سوزانا”، إلا أنه كان منتظماً في أنشطة مؤيدة لإسرائيل، وقد خضع لاستجواب عنيف من قبل الاستخبارات المصرية. غادر إيلي كوهين مصر متوجهاً إلى إسرائيل في صيف عام 1955 ليتلقى تدريباً مكثفاً على التجسس، ووفق “المكتبة اليهودية” التابعة لمركز المشروع التعاوني الأميركي الإسرائيلي، تلقى كوهين تدريبه في المنشأة نفسها التي كانت قد استخدمت لتدريب أعضاء “عملية سوزانا” عام 1953. وعاد إلى مصر عام 1956، لكن الشكوك حامت حوله فوراً، ووُضع تحت المراقبة. وعند بداية حرب 1956 عندما احتلت إسرائيل سيناء اعتُقل من قبل السلطات المصرية، وطُرد من مصر مع بقية يهود الإسكندرية في نهاية الحرب، ليصل إلى إسرائيل في الثامن من فبراير (شباط) 1957. “كامل أمين ثابت” وفي حين ترددت الاستخبارات العسكرية في تجنيد كوهين مجدداً لأسباب تتعدد بين خشية افتضاح أمره من الاستخبارات المصرية أو عدم الاقتناع بمهاراته، لكن بحلول عام 1960 كانت الاستخبارات الإسرائيلية مستعدة لإعادة النظر في ذلك الشاب الذ ولد في بلد عربي، ويتمتع بملامح شرقية، وكان معروفاً بالشجاعة، ويتقن العربية والإنجليزية والفرنسية، كذلك فإن الحدود مع سوريا كانت تشهد تصعيداً. وبالفعل جُند ودُرب بشكل مكثف بما في ذلك تعلم تقنيات القيادة الهجومية واستخدام الأسلحة (وبخاصة الأسلحة الخفيفة) والخرائط، والأهم من ذلك الاتصالات اللاسلكية والتشفير. وكانت هذه المهارات ضرورية لتأمين سلامة وبقاء شخصية كامل أمين ثابت، وهو الاسم الجديد لإيلي كوهين. وكان تعلم اللهجة السورية بدقة من أصعب المهام، إذ كانت لهجة كوهين المصرية واضحة في السابق. أنشأت الاستخبارات الإسرائيلية له هوية جديدة بالكامل، ولد “كامل أمين ثابت” في بيروت لأبوين سوريين مسلمين، والده أمين ثابت ووالدته سعدية إبراهيم، وفقاً لسيرته الوهمية، انتقلت العائلة إلى الأرجنتين عام 1948 حيث أسسوا عملاً ناجحاً في النسيج، فيما عودة كامل إلى سوريا كانت ستبدو وكأنها تحقيق لحلم وطني طال انتظاره. بوينس آيرس – دمشق أرسل إيلي أولاً إلى بوينس آيرس، الأرجنتين، لتقديمه كلاجئ سوري. وسرعان ما أصبح جزءاً من الحياة الاجتماعية والثقافية للجالية السورية هناك، وكان معروفاً كرجل أعمال ثري وكريم ومحب للحياة الليلية. سرعان ما كون علاقات مع سياسيين ودبلوماسيين وعسكريين من السفارة السورية، ومن بينهم العقيد أمين الحافظ، أحد مؤيدي حزب البعث. بفضل حفلاته الفاخرة وكرمه، تلقى دعوات لزيارة دمشق وتأسيس مشروع تجاري هناك. ووعده بعض السوريين بالدعم الكامل، وأثار المال الذي بدا أنه يمتلكه اهتمام الطامعين والفاسدين، وكذلك الوطنيون السوريون الذين كانوا يأملون في ضخ أموال أجنبية إلى الاقتصاد السوري. وكان نجاحه في اختراق المجتمع والسياسة السورية قد فاق كل التوقعات. وصل إيلي أخيراً إلى دمشق في فبراير 1962، متظاهراً بأنه رجل أعمال عاد من الأرجنتين. وهناك كون علاقات مع قيادات حزب البعث ومنهم أمين الحافظ، وكان يشارك في المقاهي يستمع للأحاديث السياسية، ويستضيف حفلات حيث كان المسؤولون يتحدثون بحرية، بينما كان إيلي يتظاهر بالسكر ويبقى متيقظاً. عندما استولى “البعث” على السلطة عام 1963، كان إيلي جزءاً من النخبة السورية، وكان يرسل معلومات إلى إسرائيل عبر جهاز إرسال لا سلكي في غرفته. عاد إلى إسرائيل ثلاث مرات بين 1962 و1965. وفي إحدى المرات نقل معلومات حول مشروع سوري لتحويل مجرى نهر بانياس – أحد روافد نهر الأردن – بعيداً من إسرائيل. ونتيجة لهذه المعلومات دمرت الطائرات الإسرائيلية المشروع في أوائل 1964. وزار مرتفعات الجولان مع ضباط كبار، حيث صور مع كبار المسؤولين السوريين وهو يطل على إسرائيل. وقد حفظ إيلي مواقع المدافع والخنادق والمواقع المحصنة والفخاخ المضادة للدبابات، وأبلغ إسرائيل بها، واقترح على السوريين زراعة أشجار الكافور لإخفاء المواقع، وهو ما مكن إسرائيل لاحقاً من تحديد تلك المواقع بدقة. وبعد أن أصبح أمين الحافظ رئيساً للوزراء، كاد إيلي أن يعين نائباً لوزير الدفاع السوري، لكن تغييرات في الحكومة السورية، وعداء رئيس الاستخبارات السورية العقيد أحمد السويداني، جعلت إيلي يشعر بالخطر. وفي زيارته الأخيرة لإسرائيل في نوفمبر (تشرين الثاني) 1964، أعرب عن رغبته بإنهاء مهمته، لكن الاستخبارات طلبت منه العودة مرة أخيرة. صوره مع كبار قادة سوريا ظهوره المتزايد مع النخبة السورية والصور التي التقطت له تتفق مع الرواية المصرية التي تقول إن ضابطاً مصرياً سبق له التحقيق مع كوهين في القاهرة تعرف إليه من خلال صوره مع المسؤولين السوريين ومن ثم أبلغت القاهرة الاستخبارات السورية. ووفق رواية أخرى منسوبة لـ”فالتراود بيتون” زوجة ضابط الاستخبارات المصري رفعت الجمال المعروف بـ”رأفت الهجان” الذي دسته مصر في إسرائيل، فإن الجمال هو الذي كشف هوية الجاسوس الإسرائيلي في سوريا عندما رأى صورته في إحدى الصحف بصحبة ضباط سوريين. وفي الـ24 من يناير 1965، حدد خبراء روس مصدر الإرسال اللاسلكي في دمشق – وكان منزل إيلي، ومن ثم اقتحمت الاستخبارات السورية منزله أثناء الإرسال، بقيادة العقيد السويداني، حيث ألقي القبض عليه متلبساً. ثمة عديد من الكتب لمؤلفين إسرائيليين تناولت تلك الحقبة الزمنية وحياة كوهين، لمحت إلى نشاط أجهزة الاستخبارات المصرية في المنطقة في ذلك الوقت والتعاون الاستخباراتي الواسع بين القاهرة ودمشق. وعلى سبيل المثال، تحدث كتاب “صمت محطم: قضية إيلي كوهين” الصادر عام 1971 لمؤلفيه زافي ألدوباي وجيرولد بالينجر، عن البيئة الاستخباراتية الإقليمية المعقدة التي عمل ضمنها كوهين، والتي تشمل بالطبع نشاطات الاستخبارات المصرية، وفي حين لا يحدد الكتاب دوراً مباشراً لمصر، لكنه يشير إلى أن التعاون بين أجهزة الاستخبارات العربية قد يكون أدى دوراً غير مباشر في الكشف عن كوهين. ومع ذلك يذكر أيان بلاك وبيني موريس في كتابهما الصادر عام 1991 “حروب إسرائيل السرية: تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية”، أن كوهين لم يكن جاسوساً مثالياً. خلال زياراته إلى الوطن، حذره رؤساؤه مراراً من إرسال كثير من الرسائل أو من التصرف بلا جدية عبر الأثير، فقد أرسل مرة رسالة يعبر فيها عن خيبة أمله من خسارة فريق كرة القدم الوطني الإسرائيلي، وغالباً ما كان يرسل تحيات إلى زوجته نادية، ورسائل شخصية أخرى. وكان شقيق كوهين، موريس، يعمل حينها في قسم الاتصالات بالموساد وسرعان ما خمن هوية “منشيه” التي كان يستخدمها في رسائله، كذلك كان بعض المسؤولين في الاستخبارات الإسرائيلية يعتقدون أنه كان يلعب لعبة خطرة. ويذكر أهارون ياريف “لقد كان جيداً جداً كعميل، إلى درجة أنه أصبح قريباً جداً من شخصيات سورية مهمة، وبذلك أصبح مكشوفاً أكثر من اللازم”، واعتبر رافي إيتان، ضابط الموساد المخضرم، كوهين “جاسوساً سيئاً جداً” تصرف بغباء في دمشق. كان كوهين يستخدم جهازه اللاسلكي وكأنه هاتف. ووفق بلاك وموريس، قال أحد مشرفيه لاحقاً “كنا نطرح عليه سؤالاً في الصباح، وبحلول المساء نحصل على الجواب”. وبين الـ15 من مارس (آذار) والـ29 من أغسطس (آب) 1964، على سبيل المثال، أرسل نحو 100 رسالة، مدة كل واحدة نحو تسع دقائق، وبين الثاني من ديسمبر واعتقاله في الـ18 من يناير 1965، أرسل 31 رسالة، جميعها في الساعة 8:30 صباحاً. وعلى رغم أنه كان يعتبر فنياً جيداً في استخدام الراديو، فإن الإفراط في استخدام الأثير شكل خللاً أمنياً تراكمياً، وكان على الأرجح السبب المباشر لاعتقاله، فقد لاحظت الشاحنات التي يقودها رجال الأمن السوريون ومستشارون سوفيات التكرار في البث وتمكنت من تحديد مصدره حيث شقة كوهين. المزيد عن: الموسادإسرائيلسورياإيلي كوهينالمخابرات المصريةالرئيس السوريمصرالجولان 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هل تحسم زيارة محمود عباس ملف السلاح الفلسطيني في لبنان؟ next post معلومات استخباراتية أميركية: إسرائيل تجهز لضرب منشآت نووية إيرانية You may also like إيلي كوهين… ماذا نعرف عن أشهر جاسوس إسرائيلي؟ 20 مايو، 2025 استعادة أرشيف كوهين بادرة “حسن نية” سورية أم... 19 مايو، 2025 “أنف الأسد” كلمة سر استعادة إسرائيل رفات فيلدمان... 13 مايو، 2025 غسان شربل في حوار مع عمرو موسى: عرفات... 13 مايو، 2025 غسان شربل في حوار مع عمرو موسى: عاملني... 11 مايو، 2025 صعود القوميات… أو التاريخ يرجع إلى الخلف 11 مايو، 2025 حروب مشتعلة بين الهند وباكستان وفي السودان وغزة... 10 مايو، 2025 ما تاريخ النزاع بين الهند وباكستان حول كشمير؟ 8 مايو، 2025 كيف كانت سوريا قريبة من التطبيع مع إسرائيل... 3 مايو، 2025 وداع مهيب للبابا وجولة ثالثة لنووي إيران و”حماس”... 26 أبريل، 2025