الإثنين, مايو 19, 2025
الإثنين, مايو 19, 2025
Home » معرض بيروت للكتاب يتعافى ببطء من وعكة المدينة

معرض بيروت للكتاب يتعافى ببطء من وعكة المدينة

by admin

 

برنامج تقليدي رغم بضعة أسماء مهمة والصراع مع نقابة الناشرين دلالة ضعف

اندبندنت عربية / فيديل سبيتي كاتب وصحافي لبناني

عاد إلى بيروت أخيراً معرضها الدولي للكتاب في دورته الـ66، على رغم المعاناة القاسية طاولت المدينة، التي توجتها أخيراً الحرب الإسرائيلية ضد “حزب الله”، كأن ما أصاب بيروت من أهوال في العقد الماضي طاول كل شيء فيها، وتحديداً الفضاء الثقافي الحيوي الذي كانت تتمتع به هذه المدينة، حتى في أحلك أعوام حروبها القديمة في ثمانينيات القرن الـ20. ولكن صبر المدينة، كصبر مثقفيها، لا يمكنه أن يتخطى الحدود، فسيطر الترهل على شوارع بأكملها كانت تعد حيزاً عربياً عاماً للتداول الثقافي، مثل شارع الحمراء البيروتي، وكذلك امتد الترهل إلى المعارض الفنية والنشاطات الثقافية على اختلافها، ومنها معرض بيروت الدولي للكتاب. كانت الظروف الاقتصادية المتردية وحال الشلل الثقافي والاجتماعي التي امتدت أعواماً، وحدهما كفيلتين بتحقيق موت ما تبقى من روح الثقافة اللبنانية والتشارك العربي فيها، لكن مثقفي بيروت، ومنهم القائمون على أعمال النادي الثقافي العربي الذي يقيم معرض بيروت للكتاب منذ عام 1956، لا يلبثون إلا أن يخرجوا من رمادهم من جديد، وكأن في كل بداية ولادة جديدة لا يترك الموت السابق أثره فيها، في مدينة كثيراً ما كانت منارة للنشر العربي وصناعة الكتاب وترويجه ونقده في ملحقاتها الثقافية، ونقاشه في مقاهيها الشهيرة على مدى عقود طويلة.

في الافتتاح الرسمي للمعرض (خدمة المعرض)

 

لهذا، فإن أهمية معرض بيروت الدولي للكتاب الذي تدعمه بطريقة غير مباشرة رئاسة الحكومة، لا تقتصر على برنامجه أو عدد زواره، بل تكمن في استمراره أساساً. ففي مدينة مرت بما مرت به في الأعوام الأخيرة، من أزمات سياسية وانهيار اقتصادي وتفجيرات كارثية وانسحاب استثماري ثقافي شبه كامل، فإن هذا الحدث يعد عرساً ثقافياً جامعاً، ولو بموارد محدودة، وبدعم مجتزأ، ومشاركة غير كاملة من دور النشر الكبرى.

بيروت لا تحتمل معرضين

لم تكن الظروف السياسية العامة ذات تأثير اقتصادي ومعيشي وحسب، بل طاولت أيضاً المعرض الدولي للكتاب، بعدما أطلق اتحاد الناشرين اللبنانيين قبل عامين معرضاً موازياً، بدعم غير مباشر من رئاسة المجلس النيابي، كدليل على نقل الانقسام السياسي اللبناني إلى المحافل الثقافية، هذا الانقسام أفرز مشهداً يضعف الصورة العامة لبيروت كمركز ثقافي موحد. وبات السؤال المطروح بين أوساط المثقفين: أليس من الأجدى توحيد الجهود لتقديم معرض واحد قوي وموحد للمثقفين والكتاب ودور النشر اللبنانية، كي تتمكن من جذب دور النشر العربية والعالمية وكتابها ووافديها من الزوار؟ أم أن الانقسام بات يعكس أشكالاً أعمق في البنية الثقافية اللبنانية نفسها؟

كتب وزائرون (خدمة المعرض)

 

وزارة الثقافة السابقة لم تضطلع بدور الوسيط الفاعل لتوحيد الطرفين، أما موقف وزارة الثقافة الحالية التي يقودها أحد أهم المثقفين اللبنانيين والعالميين، المفكر غسان سلامة، فلم يتضح تماماً، على رغم محاولة الوزير الجمع بين الطرفين، ربما لأن الوقت لم يحن بعد لمثل هذا الموقف، أو من منطلق أن تعدد المعارض ليس مشكلة، بل غنى وتنوع، مع العلم أن ناشرين كثراً أشاروا إلى أن هذا الانقسام أسهم في مقاطعة عدد من الدور العربية الكبرى المعرضين، مما أثر في مكانة الأول، وفي انطلاقة الثاني، أمام المعارض العربية الكبرى ذات الموازنات الضخمة، التي باتت تقام في معظم العواصم العربية.

تاريخ ومكانة رمزية

يعد معرض بيروت الدولي للكتاب من أقدم المعارض العربية، ومرآة لحيوية الحياة الثقافية في لبنان، ومنصة لإطلاق عشرات الكتب التي شكلت محطات أساسية في الفكر العربي الحديث.

تحية إلى الروائي الياس خوري (دار الآداب)

 

في الستينيات والسبعينيات كان المعرض محجة للمثقفين العرب من المشرق والمغرب. دور النشر المصرية والسورية والعراقية كانت تتسابق لحجز أجنحتها، وكان العارضون من شعراء وأدباء وكتاب ومفكرين وفلاسفة، إضافة إلى أصحاب دور النشر، يلتقون بجمهور واسع من مختلف الدول، وكانت الندوات تشهد نقاشات حادة حول قضايا الأدب والسياسة والدين. كان المعرض بمثابة برلمان ثقافي مفتوح، وكانت بيروت تنعشه بنبضها وحريتها، مما يمكننا من القول إن هذا المعرض كان بمثابة “سوق عكاظ” الثقافة العربية، منذ منتصف القرن الـ20 حتى العقد الأول من القرن الـ21.

في مرآة المعارض العربية الكبرى

في الأعوام الأخيرة تقلص الحضور العربي، وبرزت معارض جديدة في الخليج والمغرب العربي، أخذت تتفوق من ناحية الدعم اللوجيستي والقدرة التنظيمية وحتى في عدد الزوار على معرض بيروت للكتاب، ولكن على رغم هذا التراجع ظل معرض بيروت يحتفظ بهالته الرمزية، بوصفه أقدم معرض عربي، وأول من أرسى فكرة النقاش الثقافي العام، لكن هل تدوم هذه الرمزية مع انعدام التجديد، وضعف التمويل، في ظل إقامة أكثر من 20 معرضاً رسمياً في الدول العربية، تتفاوت في ضخامتها ومدى إقبال الجمهور عليها؟

أمام تطور معظم المعارض العربية يبدو معرض بيروت متواضعاً، إذ لا يتجاوز عدد زواره 100 ألف في أفضل حالاته، وتقلصت مشاركات الدور العربية والأجنبية إلى حدودها الدنيا. وبينما تعكس معارض الخليج واقع استثمار ثقافي ضخم، يظل معرض بيروت بمثابة وثيقة حية لتاريخ طويل من صناعة الكتاب ونشر الفكر النقدي.

نشاطات الدورة الـ66 

في دورته الحالية، التي تستمر حتى الـ25 من مايو (أيار) الجاري، تخصص مساحة بارزة للقضية الفلسطينية، تأكيداً لمركزيتها في الوجدان الثقافي العربي. وفي إطار هذه المبادرة ستُطلق مجموعات قصصية وشعرية فلسطينية، وتُنظم ندوات ونشاطات تتعلق بالقضية، إضافة إلى معرض خاص عن غزة يتضمن رسوماً كاريكاتيرية تسلط الضوء على معاناة الفلسطينيين تحت الحصار. وفي إطار تشجيع الإبداع الشبابي تنظم مسابقات بين طلاب الجامعات لأفضل إخراج كتاب وأفضل ملصق، سيُعلن عن نتائجها خلال المعرض، بهدف تحفيز الجيل الجديد على التفاعل وتعزيز دورهم في التعبير الفني والإبداعي.

تعد هذه الأنشطة جزءاً من برنامج ثقافي يشمل أكثر من 60 نشاطاً، منها ندوات وأمسيات شعرية ولقاءات فكرية. وفي قراءة سريعة لبرنامج المعرض هذه السنة، يمكن القول إنه يشبه إلى حد بعيد بيروت نفسها: عريق لكن متعب، وعنيد ويحتفظ بكرامته على رغم محاولات هزيمته.

من جهة نوعية البرنامج، فإنه يضم ندوات فكرية وثقافية ذات قيمة، بأسماء وازنة مثل الوزير طارق متري ومحمد السماك وهادي زكاك وديانا مقلد وحازم الأمين وبلال أورفلي وعلوية صبح وصقر أبو فخروسواهم، ولا يغيب الروائي الراحل إلياس خوري عن المشهد وكذلك الشاعر الراحل شوقي أبي شقرا اللذان تقام حولهما ندوتان. لعل هذه الأسماء تدل على تنوع الأجيال والدمج بين التقليدي والمعاصر وعلى تنوع العناوين، ومنها جلسات عن تفكك الدول والربط بين الذكاء الاصطناعي والتربية، وأخرى عن الإعلام البديل، ونقاشات حول الهوية والدستور، والمقارنة بين القراءة الرقمية والورقية، ومحاضرات ونقاشات حول أوضاع السينما اللبنانية، لكن ندوات أخرى تبدو ضعيفة وغير شرعية في المعنى الثقافي، وهي تجعل من المعرض أشبه ببازار مفتوح لأسماء دون المستوى.

وعلى رغم غياب الجديد عن هذه العناوين، فإنها تبدو محاولات صمود في الزمن الراهن. وكان حرياً بمنظميه أن يقيموا ندوات بعنوان: “جيل التيك توك والكتب”، أو “من يقرأ اليوم أصلاً؟”، فالمعرض لا يزال في قسم كبير من نشاطاته يخاطب جيلاً شارف على التقاعد.

ليس هناك أثر لمشاركة فاعلة من كتاب شباب أو مؤثرين أو أصوات من خارج الصالونات الأدبية التقليدية، مع غياب مساحة حقيقية لفنون الأداء والمسرح التفاعلي وعروض الكتب الحية، أو أي عمل بصري – سمعي يشد الجيل الجديد نحو المعرض، الذي سيتسلم قيادته في الأعوام القليلة المقبلة.

المزيد عن: معرض بيروت للكمتابنقابة الناشرينندواتغزةبرنامج ثقافيالحربالوضع الماليمثقفون

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili