لوحة تمثل بعض ثنايا المسرحية (موسوعة الأدب المسرحي) ثقافة و فنون عشرات النسخ من حكاية فاوست أفضلها بطل غوته المدهش by admin 15 مايو، 2025 written by admin 15 مايو، 2025 9 يوم كتب منافس شكسبير حكايته الخاصة عن ذلك “الإنسان” الأول في تاريخ الفكر اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب هناك بالطبع، وفي المكان الأول في تاريخ الأدب، مسرحية “فاوست” كما كتبها الألماني الكبير وولفغانغ غوته (1749-1832) في عام 1806 ليستكملها في قسم ثان بعد ذلك بأكثر من ربع قرن فتكون خاتمة ما كتب. وتعد “فاوست” غوته واحداً من أعظم النصوص الإبداعية التي كتبت في اللغة الألمانية. وهناك إلى هذا العمل عدد لا يحصى من نصوص فاوستية تواصل صدورها في القرن الـ20 مع توماس مان أو بول فاليري وعديد غيرهم وهي نصوص حازت دائماً شهرة ومكانة كبيرين في تاريخ الفكر والأدب. ولكن هناك أيضاً “فاوست” على شكل مسرحية تعود تاريخياً إلى عام 1588 بمعنى أنها سبقت معظم النصوص المتحدثة عن “فاوست” وربما ليس تاريخياً فقط. ومسرحية “فاوست” التي نشير إليها هنا، هي بالطبع تلك المسرحية التي تتوسط، زمنياً، أعمال الشاعر والكاتب الإنجليزي توماس مارلو الذي نعرف على أية حال أنه لم يعش سوى 29 سنة كان خلالها كاتباً غزير الإنتاج و… منافساً رئيساً لـ…شكسبير بل غريماً له. وربما قبل الدخول في حديثنا عن “فاوست” مارلو، يجدر بنا أن ننتهز المناسبة لمحاولة الإجابة عن سؤال كثيراً ما طرح من قبل الدارسين والمؤرخين: لماذا لم يكرس شكسبير مسرحية لفاوست، هو الذي تنوعت مسرحياته وتوسعت موضوعاته لتشمل ما استعاره من عدد كبير من التواريخ والبلدان؟ ولعل الجواب يكون أن شكسبير حين وجد نفسه مهتماً بفاوست وأراد الكتابة عنه، اكتشف أن مارلو قد سبقه إلى ذلك. فالواقع أن حكاية فاوست الحقيقية التي كانت نشرت في اللغة الألمانية لم تعرف في بريطانيا حيث ترجم ذلك الكتاب الأساس عنها إلا في عام 1592 أي بعد ما لا يقل عن ثلاثة أعوام من اطلاع مارلو على الحكاية في مخطوط مبكر كما يبدو، وكتابته مسرحية عنها ربما تكون من أول ما عرف أوروبياً خارج ألمانيا، من مسرحيات عن تلك الشخصية المدهشة. كريستوفر مارلو (1564 -1593) (الموسوعة البريطانية) شخصية أكثر تجوالاً طبعاً لا يمكن لأحد أن يزعم هنا أن فاوست مارلو يمكنه أن يبدو أكثر عمقاً من قرينه لدى غوته، فهذا الأخير تمكن في قسمي مسرحيته الخالدة من أن يبني واحدة من الشخصيات الأكثر هندسة فكرياً في تاريخ الأدب العالمي، بل ربما الشخصية الإنسانية الأكثر جدارة بهذا التوصيف، إذا اقتبسنا ما أجمع عليه باحثون ومؤرخون، استهواهم دائماً بناء غوته وفكره المحكم وتعمقه حتى في التاريخ المدون للقصة الحقيقية التي منها أتت تلك الشخصية في تاريخ الفكر. ومع ذلك يمكن التوقف طويلاً عند الشخصية التي قدمها مارلو في مسرحيته وعنوانها “حكاية الدكتور فاوست الفجائعية”. فهي، وربما يبدو هذا غريباً بالنسبة إلى شخصية مسرحية بنيت في العهد الإليزابيثي البريطاني، شخصية تتجاوز ومن بعيد السمات المحلية، ونكاد نقول، الفولكلورية الألمانية، التي تطبع ليس فقط الشخصية كما بناها غوته، بل كل الفاوستات التي صورت على مدى تاريخ الأدب ودائماً استناداً إلى فاوست “الحقيقي” الذي تقول لنا الحكاية إنه قد وجد وعاش حقاً قبل انتشار حكايته بأزمنة طويلة. وهو أمر يمكن بسهولة أن يستشف من خلال تلخيص ما تحمله مسرحية مارلو من أحداث قد تبدو في ظاهرها مماثلة للأحداث الفاوستية المعروفة بصورة عامة. ففي نص الشاعر الإنجليزي الشاب والمكتوب في مزيج من الشعر والنثر، يطالعنا الدكتور فاوست بوصفه أعظم عالم لاهوت عرفته المنطقة، التي يعيش فيها ناهيك بأن أحداً لا يمكنه أن يدانيه في قدرته على الجدل والتعمق في الفكر، وما من أحد يمكنه أن يدنو منه في الفهم واستخدام العقل، غير أنه لا يريد أن يكتفي بذلك، بل يتطلع دائماً إلى اكتساب مزيد من الفنون والمعارف، وصولاً إلى امتلاك قدرات سحرية لم تتح لإنسان من قبله. وهو يجد لزاماً عليه للبدء في السعي حقاً إلى ذلك أن يتخلى عن إيمان جدوده وأسلافه، والانطلاق بالتالي للحصول على عون أكيد من الشيطان مفيستوفيليس، مستعيناً في ذلك بالشيطان الأصغر لوسيفر. وبالفعل يصل مع هذا الأخير إلى اتفاق على شكل رهان يوقع عليه بدمه وسيكون ملزماً له. وينص الاتفاق على أن يحصل فاوست على 24 عاماً إضافياً سيعيشها مهما كانت عليه الأمور، لكنه لن يحصل من بعدها ولو على ثانية إضافية. وخصوصاً أن روحه عند موته ستصبح تلقائياً ملكاً للشيطان. إحدى طبعات المسرحية التي كتبها مارلو (أمازون) جولات وانتصارات صحيح أن 24 سنة تعد مدة كافية بالنسبة إلى فاوست كي يحقق رغباته المعرفية وأحلام العظمة الخاصة به، لكنه وبالنظر إلى طموحه الذي لا يحد، يبدأ بالسعي راكضاً من فضاء إلى آخر لتحقيق كل ما يتطلع إليه، مروراً بمشاريع فكرية وحياتية تجعل منه الرجل الأقوى والأشهر في العالم. وهنا إذ يتنبه ملاك الخير لما يحدث لفاوست والمجازفات التي يتعرض لها، يشفق عليه ويحاول أن ينقذه من رهانه القاتل، فيخوض من أجله صراعات حادة مع ملاك الشر الذي يحضه على المزيد والمزيد، لكن الملاك الطيب يفشل في مهمته التي يحاول فيها إعادة فاوست إلى الصراط المستقيم. أما هذا الأخير فإنه يبدأ حينها تجوالات أوروبية تقوده إحداها إلى روما حيث يتمكن حتى من التلاعب بالكرادلة وكبار المسؤولين في الفاتيكان، كي يتمكن من إنقاذ بابا مزيف يدعى برونو كان قد قبض عليه. ولسوف نراه إثر ذلك، في ألمانيا، حيث يقدم في القصر الإمبراطورية عروضات تنم عن قدراته السحرية. وهو في خضم ذلك كله، يجد نفسه قادراً على خداع كل من هم حوله في وقت لا يقدر فيه أي من هؤلاء على مجابهته. فبكلمة أو نظرة منه، وبفضل قدراته الخارقة، يمكنه أن يسكت أي صوت بل أن يقتل وبإشارة خفية منه، أي شخص يحاول التصدي له. ولئن تطلع كثر من خصومه إلى قتله فإن ذلك مستحيل لأنه ضامن أن يعيش طوال السنوات التي ينص عليها رهانه. وفي المقابل إذا كان فاوست الآخر، فاوست غوته وغيره، مغرماً بمرغريت، يبدو فاوست مارلو هنا تواقاً إلى قبلة من هيلينا، تلك المرأة الإغريقية التي من أجلها اندلعت حروب طروادة. وها هو ذات لحظة يغني لها تلك الأغنية التي باتت شهيرة في إنجلترا منذ ذلك الحين ويقول فيها، “أوليس هذا هو الوجه الذي يمكنه عبر البحار أن يطلق ألف سفينة وسفينة؟”. ولكن عند تلك اللحظة بالذات وقبل أن يصل فاوست إلى هدفه الأسمى ذاك تكون ساعته قد حلت ووصل إلى نهايته. لقد حلت الساعة التي كان يخافها إنما من دون أن يحسب لها حساباً… صحيح أنه يعتقد الآن أنه في مقدوره أن يؤجل ساعته لكنه الأمر الوحيد الذي يكتشف عنه عاجز عنه. وهكذا تحل نهايته وينتهي معه كل ذلك الجهد الذي بذل في سبيله السنوات الـ24 الأخيرة من حياة عاشها من أجل العلم. ولكن هل حقاً من أجل العلم أم من أجل هدف في التجاوز لا يكف عن أن يموت، لدى غوته كما لدى مارلو ولدى كل من دنا حق من هذه الحكاية الأخاذة. هدف لا يزال الإنسان يضعه نصب عينيه ويعقد من أجله تلك الاتفاقات والرهانات موقعاً عليها بدمه…؟ المزيد عن: فاوستوولفغانغ غوتهتوماس مانبول فاليريالكاتب الإنجليزي توماس مارلوشكسبير 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “كلو مسموح” عرض غنائي اميركي في صيغة لبنانية next post فلاسفة العصور القديمة عاشوا وفق ما تقتضيه أفكارهم You may also like “حربنا” فيلم وثائقي سجالي يطلق شعلة مهرجان كانّ 15 مايو، 2025 فلاسفة العصور القديمة عاشوا وفق ما تقتضيه أفكارهم 15 مايو، 2025 “كلو مسموح” عرض غنائي اميركي في صيغة لبنانية 15 مايو، 2025 رحيل كافون صوت الشباب المهمش في تونس 14 مايو، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: شاهدان جنائزيان من البحرين... 13 مايو، 2025 شوقي بزيع يكتب عن: تريستان وإيزولد يرسمان للعشق... 13 مايو، 2025 هل من المسلمات أن الإيطالي روسيني تفوق على... 13 مايو، 2025 “حي بن يقظان” ما زال يعاصرنا بعد 850... 13 مايو، 2025 يوم زاوج بلزاك في “الجلد المسحور” بين الفانتازيا... 13 مايو، 2025 “بيبي جيرل” الانتصار للرغبة ولو بكسر القواعد 13 مايو، 2025