هل تحولت الحماية إلى لعنة؟ الأقليات بين الأنظمة والسلاح والطائفية عرب وعالم هل تحولت الحماية إلى لعنة؟ الأقليات بين الأنظمة والسلاح والطائفية by admin 7 مايو، 2025 written by admin 7 مايو، 2025 18 ليست “عبئاً” في سوريا بل عنصر استقرار إن جرى التعامل معها كشريك لا كخطر أو ورقة اندبندنت عربية / سوسن مهنا صحافية @SawsanaMehanna أعادت الأحداث المأسوية التي شهدتها ضواحي دمشق ذات الغالبية الدرزية جرمانا وصحنايا ومحافظة السويداء الدرزية، التي خلفت عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، بعد مواجهات اتخذت صبغة طائفية، تسليط الضوء على ظروف تلك الأقلية في سوريا، وظروف الأقليات في هذا الشرق. وكان “المجلس العسكري في السويداء” وفي بيان له، اتهم القوات الحكومية بارتكاب “جرائم حرب ممنهجة ضد المدنيين الدروز في مدينة صحنايا من خلال القتل العشوائي لأبرياء عزل تحت ذرائع طائفية وشن الاعتقالات التعسفية وإهانة مشايخ الطائفة الدرزية ورموزها ومقدساتها”، وطالب مجلس الأمن الدولي بفرض “منطقة آمنة في السويداء والمناطق المحيطة، تحت إشراف قوات دولية محايدة، لوقف نزف الدماء”. بدوره وصف الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري الفصائل التي قاتلت الدروز بـ”الإرهابيين التكفيريين”، وأشار الهجري في بيان له إلى أن الثقة بحكومة دمشق اهتزت “لأن الحكومة لا تقتل شعبها بواسطة العصابات التكفيرية التي تنتمي إليها، وبعد المجازر تدعي أنها عناصر منفلتة”. وطالب بفرض الحماية الدولية كـ”حق مشروع لشعب قضت عليه المجازر”، لأن “الوضع يلزم أن تتدخل القوات الدولية لحفظ السلم، ومنع استمرار هذه الجرائم ووقفها بصورة فورية”. وتابع البيان “نعيش تجربة الساحل ونطلب العون الدولي السريع والمباشر”، وذلك في إشارة إلى الأحداث الدامية التي شهدتها منطقة الساحل السوري خلال مارس (آذار) الماضي في ما عرف بـ”مجازر الساحل” نتج منها سقوط 1676 شخصاً من المدنيين في محافظات اللاذقية وطرطوس وبانياس، وفقاً لـ”المرصد السوري لحقوق الإنسان”. وكان الرئيس السوري أحمد الشرع علق على أحداث الساحل حينها، قائلاً إن “سوريا نحن أكدنا أنها دولة قانون، القانون سيأخذ مجراه على الجميع”، وأضاف “نحن بالأساس خرجنا في وجه هذا النظام وما وصلنا إلى دمشق إلا نصرة للناس المظلومين، لا نقبل أن تكون هناك قطرة دم تسفك بغير وجه حق، أو أن يذهب هذا الدم سدى من دون محاسبة أو عقاب. مهما كان، حتى لو كان أقرب الناس إلينا، أو أبعد الناس إلينا، لا فرق في هذا الأمر. الاعتداء على حرمة الناس، الاعتداء على دمائهم أو أموالهم، هذا خط أحمر في سوريا”. درزيات يتابعن مراسم تشييع أبناء أو أقارب لهن في السويداء خلال الأحداث الأخيرة، في الثالث من مايو الجاري (أ ف ب) دروز السويداء يشددون على أنهم “سوريون أولاً” وعلقت الحكومة السورية على لسان وزير خارجيتها أسعد الشيباني، وعبر حسابه على منصة “إكس”، على دعوة الشيخ الهجري بطلب الحماية الدولية، بأن “أية دعوة إلى التدخل الخارجي، تحت أية ذريعة أو شعار، لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام، وتجارب المنطقة والعالم شاهدة على الكلفة الباهظة التي دفعتها الشعوب جراء التدخلات الخارجية، التي غالباً ما تبنى على حساب المصالح الوطنية، وتخدم أجندات لا علاقة لها بتطلعات الشعب السوري”، مضيفاً “إن من يدعو إلى مثل هذا التدخل يتحمل مسؤولية تاريخية وأخلاقية وسياسية أمام السوريين والتاريخ، لأن نتائج هذه الدعوات لا تنتهي عند حدود الخراب الآني، بل تمتد لعقود من التفكك والضعف والانقسام”. تشير تلك المعطيات إلى أن ما يحصل ليس وليد اللحظة، بل أن هناك تراكمات نشأت بين الدروز في السويداء والحكومة السورية الجديدة وفي هذا الإطار كل من تحدثت معهم “اندبندنت عربية” من دروز السويداء ما زالوا يرفضون أن يشار إليهم فقط كدروز، ويشددون على أنهم سوريون أولاً، وأنهم لم يطلبوا الحماية من إسرائيل، وذلك على خلفية اتهامات الانفصال التي لاحقتهم، وأن ما يحصل يخدم المشروع الإسرائيلي في المنطقة. وقالت مصادر محلية إن “الدروز الذين كثيراً ما تمسكوا بموقعهم الوسيط بين المعارضة والنظام البائد، ورفضوا الانخراط في الصراع المسلح، يدفعون اليوم نحو الزاوية. فمن جهة، تفكك شبكاتهم الدفاعية والاجتماعية، ويتركون مكشوفين أمام تمدد الجماعات المسلحة المقربة من الرئيس الشرع”. ومن جهة أخرى، يعاقبون على موقفهم التاريخي بالتحييد، ويجرون قسراً إلى معادلات القوة الجديدة تحت عنوان استعادة هيبة الدولة”. وتتابع المصادر عينها، “إن صمت النظام عن اعتداءات موثقة على قرى درزية، وتواطؤ بعض الأجهزة مع القوى التي تمارس الترهيب والابتزاز في حقهم، ليس سوى انعكاس لاستراتيجية استخدام الأقليات للضغط، أو لإعادة إنتاج صورة الدولة وفق مصلحة المركز، لا مصلحة الوطن”. وتضيف المصادر أن “الرهان على كسر إرادة الدروز قد يكون خاطئاً، فهذا المكون الذي حافظ على تماسكه على رغم الحروب والانقسامات، يمتلك وعياً عميقاً بخطورة المرحلة. وهو يدرك أن حماية الأقليات اليوم لا تأتي من فوق، بل من قدرتها على تنظيم نفسها، وبناء تحالفاتها، ورفع الصوت في وجه التلاعب بمصيرها”. في السياق كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أعلن أن الجيش نفذ ضربة تحذيرية استهدفت متطرفين يستعدون لمهاجمة الدروز في سوريا، مؤكداً أن “إسرائيل تؤكد التزامها العميق بحماية الدروز في سوريا”. وكشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن أن تل أبيب وجهت تحذيراً شديداً للنظام السوري، وطالبته بمنع الاعتداءات على الدروز. استعادة “الثقة المنهارة” تلك الحيثيات تشير إلى أن الحكومة السورية الجديدة أمام تحد بالغ التعقيد، وهو كيفية التعامل مع فسيفساء المجتمع السوري، خصوصاً أن الأقليات العرقية والدينية خرجت من سنوات الحرب أكثر هشاشة، وأكثر وعياً بحقوقها وضرورة حمايتها. هذا التحدي لا يتعلق فقط بالحفاظ على السلم الأهلي، بل بمشروعية الدولة ذاتها، إذ إن أي فشل في احتواء الأقليات أو إشراكها في القرار السياسي والاجتماعي سيفتح الباب واسعاً أمام الانقسام والتدويل، وربما التفكك. خلفت سنوات الحرب جروحاً عميقة لدى الأقليات، من الإيزيديين في الشمال الشرقي إلى المسيحيين والدروز والعلويين في الجنوب والوسط، ويعتبر العدد الأكبر منهم أن الدولة تخلت عنهم أو استغلتهم كورقة سياسية. من هنا فإن استعادة “الثقة المنهارة” تحتاج إلى خطوات ملموسة، لا خطابات رمادية. إلى ذلك، فإن تكرار الاعتداءات على مناطق درزية من دون رد حازم من الدولة، يعيد طرح الأسئلة حول “نوايا السلطة”. وعند المسيحيين، فإن استمرار الهجرة وغياب الأمان الاقتصادي والخدمي جعل من بقائهم في سوريا معركة بقاء لا خياراً وطنياً، وكان المكتب السوري للإحصاء قدر عدد السوريين عام 2011 بـ24 مليون نسمة. ووفقاً لتقارير صحافية، وبحسب مصادر كنسية، ومراكز أبحاث متعددة معنية بالشأن السكاني، كان المسيحيون يشكلون من ذلك النسيج الديموغرافي ما تقارب نسبته 10 في المئة، أي نحو مليونين ونصف مليون نسمة كأقلية كبرى في البلاد. ولكن الحرب السورية مع ما خلفته من دمار وموت وتهجير قسري، أثرت في كل السوريين بمختلف طوائفهم، ليتراجع تعداد المسيحيين إلى نسبة تتراوح ما بين 1 إلى 2 في المئة، وذلك وفق صحف لبنانية. وحصلت صحيفة “النهار” اللبنانية على معلومة موثقة تفيد بأن ثالث المدن من حيث احتضان المسيحيين في الشرق الأوسط وهي حلب بعد القاهرة وبيروت، كانت تضم نحو 500 ألف مسيحي في عام 2011، أما اليوم لم يتبق فيها سوى 27 ألف مسيحي من ضمنهم الأرمن. وعلى رغم الانقسام الداخلي لدى الأكراد، إلا أن النظرة العامة تجاههم ما زالت أمنية أكثر منها نظرة شراكة سياسية حقيقية. تعرض الإيزيديون لإبادة جماعية في سنجار (غيتي) توازنات النفوذ الخارجي ويشار هنا إلى أن دول كإيران وروسيا وتركيا والقوى الكردية المدعومة من أميركا، كلها أطراف ذات نفوذ مباشر على جماعات تنتمي إلى أقليات، ولا تملك الإدارة السورية الجديدة حرية القرار الكامل في المناطق التي تقع ضمن نفوذ تلك القوى، مما يجعل التعامل مع الأقليات مشروطاً بتفاهمات خارجية، لا بقرارات سيادية. ولا تزال مسألة الاعتراف بحقوق الأقليات محصورة في النصوص العامة، لا قانون أحزاب يضمن تمثيلهم الحقيقي، ولا قانون انتخابات عادل، ولا نظام لا مركزي يحفظ خصوصياتهم الثقافية والدينية. من هنا تطالب تلك الأقليات الحكومة إن أرادت بناء دولة بوضع ضمانات دستورية لحقوق الأقليات، لا الاكتفاء بإدماج رمزي لبعض الشخصيات في المناصب. وسوريا البلد الذي لا يزال يكافح من أجل بسط سيطرة الدولة على كامل أراضيه، ما زال الخطر الأمني والانفلات المحلي يهدد عدد من المناطق. من هنا باتت الحماية الذاتية واقعاً، إذ يتولى أبناء بعض المناطق الدفاع عن أنفسهم في ظل غياب قوات الجيش النظامي، وأية محاولة من الحكومة لفرض حضورها بالقوة من دون تفاهم، ستقابل بالرفض وربما التصعيد. الصراع بين الهوية الوطنية والطائفية وتلك المعطيات تبرز أخطر التحديات التي تواجه الحكومة السورية، وهو تفكيك معادلة “الهوية مقابل الولاء”، إذ تطالب الأقليات بهوية وطنية شاملة، لكن النظام الحالي ما زال غير مستقر، وما زال في مرحلة البناء. لذلك أن الانتقال من نهج السيطرة التي كانت معتمدة طوال فترة حكم “البعث”، إلى نهج الشراكة ليس مجرد تغيير خطاب، بل يحتاج إلى تغيير جذري في بنية النظام. في المحصلة، فإن الأقليات في سوريا ليست “عبئاً”، بل عنصر استقرار إن جرى التعامل معها كشريك لا كخطر أو ورقة، وأمام حكومة الرئيس الشرع فرصة نادرة لإعادة صياغة العلاقة مع هذه المكونات، لكن أي إخفاق سيعيد إنتاج دوامات العنف والتهجير والتدويل التي عصفت بسوريا لسنوات. حسابات استراتجية لا إنسانية التحولات الحرجة التي تشهدها الدولة السورية، تطرح عدد من الأسئلة حول من يحمي الأقليات في خريطة الشرق الأوسط المعقدة؟ هذا السؤال الذي يتكرر مع كل حرب أهلية، وكل انهيار أمني، وكل صعود لتنظيم متطرف، وفي كل لحظة تصاعد للصراع في الشرق الأوسط، ليس باعتبارهم أضعف عنصر في المعادلة، بل لأنهم غالباً ما يكونون أول من يدفع ثمن انهيار الدولة أو صعود التطرف أو التواطؤ الدولي. والسؤال لا يزال بلا إجابة واضحة، بل تتغير إجابته من بلد إلى آخر، ومن لحظة تاريخية إلى أخرى، وغالباً ما يكون الجواب ضبابياً، متناقضاً بين القوى الدولية، والأنظمة، وحتى الجهات المسلحة. إن الاعتداءات التي طاولت قرى درزية ومجازر صحنايا وجرمانا واختطاف المشايخ، والسكوت المريب من الدولة، كشف عن أن الأقليات في سوريا، كما في كل الشرق، ما زالت تستخدم في لعبة أكبر منها، فإذا تماشت مع السلطة، تمنح حماية موقتة، وإذا رفضت، تترك لمصيرها. فمنذ عقود، تستخدم الأقليات كورقة سياسية في يد الأنظمة أو القوى الكبرى، في بعض الحالات، لجأت الأقليات إلى السلطة المركزية للاحتماء بها، وفي حالات أخرى، انقلبت هذه السلطة ذاتها إلى مصدر خطر. الدروز والمسيحيون والإيزيديون والعلويون، والشيعة في بعض البيئات السنية، والسنة في بعض البيئات الشيعية، جميعهم تعرضوا في مراحل مختلفة للتهديد، وتحولوا من شركاء في الوطن إلى رهائن في لعبة الصراعات الإقليمية. وتتدخل القوى الدولية حيناً لحمايتهم، ولكن دائماً عبر حسابات استراتيجية لا إنسانية، مثال على ذلك التدخل الأميركي لحماية الإيزيديين في سنجار، أو الحماية الروسية للمسيحيين في سوريا، لم تكن يوماً خالصة النية. كذلك فإن الحماية التي تدعيها بعض الفصائل، مثل “حزب الله” للمسيحيين أو إيران للشيعة، تندرج في سياق أوسع من النفوذ والسيطرة، لا في سياق شراكة وطنية. أما المنظمات الدولية، فغالباً ما تصل متأخرة، وتكتفي بالتنديد، أو تشل حركتها بفعل الفيتوهات السياسية. لبنان… الحماية في قلب التسوية الطائفية كثيراً ما قدم لبنان كنموذج للتعايش الطائفي، ولكن الحقيقة أن نظامه السياسي بني على معادلة “الطوائف تحمي نفسها”. إذ إن الدولة ضعيفة، والكيانات الطائفية أقوى من مؤسساتها. فالمسيحيون حموا أنفسهم عبر “القوات اللبنانية” وبعض الأحزاب المسيحية الأخرى، والدروز عبر “الحزب التقدمي الاشتراكي” ومشايخ العقل زمن الحرب، ولاحقاً الشيعة عبر “حزب الله”، وكل طائفة طورت بنيتها الأمنية والخدماتية الخاصة، لكن هذه الحماية الطائفية هي حماية مشروطة، تنكسر عند كل تغيير إقليمي، كما حدث خلال الحرب الأهلية، أو بعد انسحاب جيش النظام السوري البائد، أو في موجات اغتيالات ما بعد 2005. وما زالت الدولة، على رغم كل الشعارات، عاجزة عن ضمان حماية متساوية لجميع مواطنيها، مما يجعل الأقليات في لبنان تعيش ضمن “هدنة غير مضمونة” أكثر منها شراكة وطنية حقيقية. سوريا… حين تحولت الحماية إلى لعنة في سوريا تحولت الأقليات إلى أدوات في الصراع بدل أن تكون مكوناً وطنياً له حقوق، سابقاً استثمر النظام السوري البائد في حماية الأقليات، لا من باب الدولة، بل كأداة لترسيخ حكمه. العلويون جرى ربط مصيرهم بمصير النظام، والمسيحيون جرت إخافتهم من “الآخر غير المسيحي” ليدوروا في فلك السلطة، والدروز جرت محاصرتهم في جبل العرب تحت ضغط التهديدات وتفكيك التوازنات المحلية، لكن مع اندلاع الحرب السورية، تحولت هذه الحماية إلى سلاح ضدهم. تعرض المسيحيون للتهجير والدروز للمجازر والاختطاف، وأصبح “الانحياز للحياد” تهمة قد تكلف المجتمع وجوده. وتدخلات القوى الإقليمية والدولية، لم تكن معنية فعلياً بحماية الأقليات، بل بتأمين مصالحها، روسيا لحماية قاعدتها، وإيران لتثبيت نفوذها الطائفي، والولايات المتحدة لحماية قواتها وشركائها من الكرد. 120 ألف عراقي مسيحي أرغموا على النزوح عن بلداتهم وقراهم في سهل نينوى (أ ف ب) العراق… الإبادة والتهميش باسم الحماية ويقدم العراق المثال الأكثر فظاعة لما يحدث حين تنهار الدولة، إذ دفعت الأقليات هناك، من الإيزيديين إلى المسيحيين والصابئة، ثمن الاحتلال الأميركي، وصعود “القاعدة” ثم “داعش”. وتعرض الإيزيديون لإبادة جماعية في سنجار، وقالت “منظمة العفو الدولية”، قبيل حلول الذكرى السنوية العاشرة لهجوم “داعش” على المجتمع الأيزيدي في العراق يوليو (تموز) 2024، إن الآلاف من الأيزيديين الناجين من الفظائع التي ارتكبها التنظيم، لا يزالون في عداد المفقودين، ومن بينهم على الأرجح مئات محتجزين إلى أجل غير مسمى في شمال شرقي سوريا. كما وفر المسيحيون من الموصل وسهل نينوى، ووفقاً لتقارير إعلامية فإن 120 ألف مواطن مسيحيي أرغموا على النزوح عن بلداتهم وقراهم في سهل نينوى بالعراق ليل السادس من أغسطس (أب) 2014، والصابئة تكاد تختفي أصواتهم. وعلى رغم أن بعض الحمايات الدولية توفرت موقتاً، إلا أنها لم تكن كافية لبناء ضمانات طويلة الأمد. و”الحشد الشعبي”، الذي ادعى حماية الأقليات، ارتكب انتهاكات في حقهم في بعض المناطق، وميليشيات كردية وشيعية اقتسمت السيطرة على مناطقهم، فباتت حماية الأقلية مرتبطة بـ”بيعة” لطرف مسلح، لا بحقوق دولة. حماية مشروطة بالقوة وليس بالقانون بالتوازي مع ما سبق فإن الخلاصة، في هذا الشرق لا تحمي الأقليات، لا الدولة، لأنها ضعيفة أو متواطئة، ولا المجتمع، لأنه نفسه يعيش الانقسامات، ولا القوى الدولية، لأنها لا ترى سوى مصالحها. وغالباً ما تجبر الأقليات على التحول إلى أدوات، أو حلفاء مرحليين، أو مقاتلين تحت رايات لا تعبر عنهم. ذلك أن حماية الأقليات لا تأتي اليوم من القانون، ولا من الدولة، بل من ميزان القوة الذي يتغير بتغير التحالفات. من هنا وحدها دولة مدنية قوية، تضمن المواطنة الكاملة، وتعيد تعريف الهوية الوطنية كمظلة جامعة، يمكن أن تكون الحصن، ويمكن أن تقدم الحماية الحقيقية، لكنها لا تزال مشروعاً مؤجلاً لصالح الولاءات العابرة للوطن، والمصالح المتغيرة، وتوازنات السلاح، في هذا الشرق المأزوم. المزيد عن: سورياأبناء الأقلياتالدروزالمسيحيونالإيزيديونالعلويون 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حكمت الهجري… شيخ العقل الدرزي في زمن الفتن next post “مرضى افتراضيون”… محاكاة مولدة بالذكاء الاصطناعي You may also like جيمس جيفري: ترمب يصغي لأصدقائه العرب وعليهم إقناعه... 8 مايو، 2025 باريس: الجزائر أصدرت مذكرتي توقيف دوليتين بحق الكاتب... 8 مايو، 2025 قاض أميركي: الترحيل السريع لمهاجرين إلى ليبيا يخالف... 8 مايو، 2025 “خور عبدالله” ومعضلة ترسيم الحدود بين الكويت والعراق 8 مايو، 2025 القصة الكاملة للاتفاق بين ترمب والحوثيين: مفاجئ وغامض 8 مايو، 2025 بعد 17 عاماً من «أحداث 7 مايو»… سلاح... 8 مايو، 2025 مصادر: الإمارات تتوسط في محادثات سرية بين إسرائيل... 8 مايو، 2025 سموتريتش يقول إن غزة ستُدمّر ”بالكامل“ و”تركيز” سكانها... 8 مايو، 2025 مصادر: أمريكا وإسرائيل تناقشان إمكان تشكيل إدارة بقيادة... 8 مايو، 2025 السيسي يؤكد حرص مصر على عدم تهجير الفلسطينيين... 8 مايو، 2025