من الفيلم المصري _6 أيام_ (ملف الفيلم) ثقافة و فنون “6 أيام” فيلم استثنائي لكنه مصاب بلوثة الاقتباس by admin 27 أبريل، 2025 written by admin 27 أبريل، 2025 19 تغيب الأصالة عن إنتاجات ويغدو بعضنا مستهلكاً مستلباً لبريق المنتج الأجنبي اندبندنت عربية / موسى برهومة لعل “لوثة” الاقتباس التي أصابت السينما العربية، وبخاصة المصرية، تُشعر المراقب بشيء من خيبة الأمل، لاسيما وأنّ الاقتباسات تكون، أحياناً، مطابِقة للأصل، حتى يكاد الفيلم العربي أن يكون نسخة باهتة من الفيلم الأصلي، والأمثلة على ذلك كثيرة في السينما المصرية، ليس بدءاً من فيلم يوسف وهبي “أولاد الذوات” 1933 المأخوذ عن مسرحية فرنسية، وليس انتهاء بفيلم “أصحاب ولا أعز” 2022 المقتبس “حرفياً” عن الفيلم الإيطالي “Perfect Stranger” الاقتباسات تأكل من رصيد الإبداع، فعوضاً أن يكون الكاتب أو السيناريست خلاقاً ينتج الأفكار بعد كدح ومشقة، فإنه يختار الدرب السهل، ويسطو على ما صنعه الآخرون، وهذا في ظني عوار فادح من المؤسف أن يكون لصيقاً بأشكال من التعبير الثقافي العربي. لذا تغيب الأصالة عن بعض إنتاجاتنا، ويغدو بعضنا مستهلكاً مستلباً لبريق المنتج الأجنبي. ويتصل بما سبق، أنّ الفيلم الأجنبي الذي يسيل له لعاب بعض المخرجين العرب، ليس عبقرياً أو “مكسّر الدنيا” كما يقال، وليس أدل على ذلك من أنّ فيلم “6 أيام” المستوحى من فيلم رديء أخرجته الدنماركية لون شرفيج، من بطولة آن هاثاواي وجيم ستورجيس، قوبل منذ صدوره قبل 14 سنة بعاصفة من الاحتجاجات؛ بسبب ركاكته وجموحه نحو الإملال، مع أنّ رواية الكاتب ديفيد نيكولز المقتبس عنها الفيلم (الذي كتب السيناريو له المخرج نفسه) حققت نجاحاً ملحوظاً، ما دفع مخرجاً آخر لاقتباسها في مسلسل تلفزيوني، من بطولة أمبيكا مود، وليو وودال، عُرض على منصة “نتفليكس” سنة 2024. التدافع على استنساخ فكرة الفيلم التي تدور حول شابين يلتقيان في 15 يوليو بعد تخرجهما مباشرة من جامعة إدنبرة سنة 1988، ويمضيان ليلة معاً، ليصبحا ثنائياً يلتقيان في اليوم نفسه على مدار عشرين سنة شاهدة على التحولات التي تصيب الإنسان وتُغيّره. وفي غمرة ذلك تظهر عناوين صغيرة على الشاشة تخبر المشاهدين عن السنة الجديدة. من الفيلم الدانماركي “يوم واحد” الذي اقتبسه المخرج المصري (ملف الفيلم) وكان بمقدور الفيلم المصري “6 أيام: عملت إيه فينا السنين” الذي أخرجه كريم شعبان أن يربح الرهان لو أنه لم يقتبس حكايته من فيلم أجنبي، لأنّ رؤية المخرج المصري الشاب عكست وعياً متقدماً في الحساسية الفنية، لكنّ اقتراحات السيناريست وائل حمدي، الذي سبق أن كتب سيناريو أفلام “ميكانو” و”هيبتا” و”أنف وثلاث عيون”، لم تسعف كريم شعبان في رفع سقف طموحه الإبداعي إلى ذرى شاهقة. والعلة هي نسخ الأفكار. بين الإقتباس والأصل يتعين الاعتراف بأنّ النسخة المصرية الجديدة من فيلم “One Day” كانت أشد إقناعاً من النسخة الأصلية، ما يفتح أمامنا الباب للاستثمار بشكل كلي بعناصر صناعة الأفلام من الألف إلى الياء. تمكن شعبان من رسم المشاعر بدقة متناهية، وهذه مهمة شاقة في السينما. وما ساعده في ذلك أنه حصر أحداث عمله في شخصيتين مركزيتين (أحمد مالك/ يوسف، وآية سماحة/ عالية) اللذين قدما أداءً مدهشاً تفوق على أداء الممثليْن البريطاني جيم ستورجيس/ ديكستر، والأميركية آن هاثاواي/ إيما. “6 أيام” وهي مجموع لقاءات الشخصيتين (كل 19 ديسمبر/ كانون الأول)، على امتداد 18 سنة، لا تعكس بالضرورة تمثلاث كل واحد منهما على نحو خاص، أي أنّ اليوميات لا تحكي، حصرياً، عن يوسف وعالية، وإنما عن جيل كامل، أو عن صورة مقطعية من عصر قديم يتهدم وعالم يتهاوى بقيمه وحساسيته وجمالياته، ويحل مكانه، وهو حلول مؤقت، عالم جديد أكثر ارتجالاً، وأشد سرعة، وأبلغ قسوة، حيث تتلاشى المشاعر، ومعها تتشظى المعاني، وهو ما يتم التعبير عنها بحوارات مشبعة بالحنين “إلى لشجرة التي انقطعت، وأم حاتم اللي ماتت، وحاتم اللي هاجر، والناس اللي بطلت تقرأ جرايد، ورنة التلفون الأرضي” وسواها من التفاصيل. تنهمر الذكريات التي يستعيدها يوسف وعالية في لقاءاتهما التي تخللتها مشاوير طويلة ومديدة في الشارع، على أنغام أغنيات أم كلثوم، وعبدالحليم حافظ، ووردة، ومحمد منير، في لفتة فنية بالغة الأهمية إلى تلمس نبض الحياة من دون مكياج الاستوديو وكاميراته المهندَسة، وإضاءته المنسقة. الكاميرا حاضرة ومحايثة للزمن، في الأزقة، وفي العتمة، وعلى الأدراج، وفي الحدائق، وفي مقاهي الرصيف التي تبيع السندويشات والعصائر. الكاميرا أيضاً ترسم انبعاثات العيون وحركة الجسد، لا سيما الوجه وتعبيراته، وهو اختبار صعب نجح فيه الممثلان اللذان لم يظهر عليهما أنهما يؤديان دوراً مرسوماً بعناية، بل يحس المشاهد أنهما يرتجلان، وهذا ما حرر المعالجة الدرامية من قيود الامتثال المطلق للنص. الفيلم المصري الجديد كما سابقاه، “One Day” والمسلسل ذو ال 14 حلقة، الذي يحمل الاسم نفسه، وأيضاً الرواية التي تُرجمت إلى 40 لغة، ثلاثتها تتحرك في حيز الزمن وأثره على المشاعر. ولعل بيع نحو 6 ملايين نسخة من الرواية نابع من إيمانها بأنّ الحب يهزم الزمن، وأنّ أصالة المشاعر، وصفاء ينابيعها، والوفاء لذاكرة البدايات، تتحدى ما يعترض طريقها من زواج وطلاق وارتباط وانفصال وهبوط وعلوّ وتمزق في التواصل مع الآخرين، والهروب إلى الكحول والمخدرات. الحب يظل يلتمع من بين هذه الأنقاض، فيزيحها من طريقه، وهذه نظرة رومانسية (ضرورية) توقظ المشاعر من سباتها، وتختبر قوة الشغف، وهي تسأل: “وعملت إيه فينا السنين؟”. هذا التبشير الذي وعدت به الرواية ينفح في الروح الإنسانية المعاصرة قبساً من المسرة. الحياة تطحن كل شيء بإيقاعها الهستيري، وتفاصيلها التي تستنزف الأعصاب، وميل الأقطاب فيها إلى الحروب والتدمير الذاتي للطبيعة والكون والمعاني. وأمام كل هذه المصائب، التي لم تعد تأتي فرادى، يمكن للحب العابر للزمن أن يقول كلمته، وقد فعل. المزيد عن: فيلم مصريإقتباساستنساخالاستلابأفلام اجنبيةنتفليكسالإنتاجالإخراج 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هل ما زال فن الغرافيك صوتاً للجماهير كما في الزمن الايديولوجي؟ next post الولايات المتحدة والانزلاق إلى دولة بوليسية سرية You may also like هل ما زال فن الغرافيك صوتاً للجماهير كما... 27 أبريل، 2025 الياباني إيبوزي يستجمع أصوات ومصائر ضحايا حروب الآخرين 27 أبريل، 2025 إدوارد مونخ: وجوه بين العزلة والجنون 26 أبريل، 2025 رحيل محسن جمال رائد الأغنية المغربية العصرية 25 أبريل، 2025 شعر تحذيري للإنجليزي سوينبرن في معمعان السياسة الأوروبية 25 أبريل، 2025 “نافذة على الشعر الصيني” مختارات من الحقبات القديمة... 25 أبريل، 2025 أكثر اللحظات الصادمة التي غيرت مجرى الأفلام عبر... 25 أبريل، 2025 بيلاسكويث رسم لوحته الأكثر إنسانية بعد 10 أعوام... 24 أبريل، 2025 مهى سلطان تكتب عن: حادثة واحدة وحروب كثيرة... 24 أبريل، 2025 عبده وازن يكتب عن: نجوى بركات تروي تراجيديا... 24 أبريل، 2025