اعتادت بعض القرى المصرية على العمل في مناطق معينة بالخارج، حيث يجذب أبناؤها بعضهم بعضاً للاستقرار هناك (أ ف ب) عرب وعالم العمالة المصرية في دول الصراع… رحلة محفوفة بالأخطار by admin 15 أبريل، 2025 written by admin 15 أبريل، 2025 15 تعددت دوافعهم من الاستفادة من فارق العملة إلى البحث عن استقرار وظيفي اندبندنت عربية / صلاح لبن صحافي مصري على رغم ما شهدته بعض المناطق العربية من صراعات وحروب أهلية، مثل ليبيا والعراق والسودان، ظلت هذه البلدان وجهة مفضلة لشريحة من العمالة المصرية التي اختارت البقاء والانجذاب لسوق العمل في تلك البلدان بدلاً من العودة إلى وطنها، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول الدوافع التي تجعلهم يفضلون الاستمرار في مناطق تعج بالأخطار. وفقاً لعمال مصريين يقيمون في دول لا تزال تعاني عدم الاستقرار، تحدثوا إلى “اندبندنت عربية”، فإن فارق العملة يعد من أبرز العوامل التي تدفعهم إلى اختيار العمل في بلدان غير مستقرة، بخاصة في ظل تراجع قيمة الجنيه المصري، إضافة إلى اعتياد بعض القرى المصرية على العمل في مناطق معينة، حيث يجذب أبناؤها بعضهم بعضاً للاستقرار هناك. ليبيا… وجهة عمل مغرية من بين الشهادات التي جمعناها ما يحكيه محمد علي، مهندس كهرباء متخصص في صيانة المحطات ويعمل في ليبيا بموجب تعاقد مع إحدى الشركات الإيطالية، إذ يقول لـ”اندبندنت عربية” إن تنقلاتهم تخضع لرقابة صارمة، إذ لا يسمح لهم بمغادرة الفندق إلا عبر سيارات مخصصة تقلهم إلى موقع العمل وتعيدهم إلى مقر إقامتهم في طبرق. وفقاً للشاب الأربعيني، العروض المالية المغرية كانت الدافع الأساس لقبوله العمل، على رغم إدراكه الأخطار. ويوضح “سبق ورفضت العمل في أفغانستان، لكنني عملت في الكونغو ودول أخرى تشهد نزاعات”، ويكمل قائلاً إن “الوضع في ليبيا غير مستقر، فقد تعرض زملاء لي لحادثة سرقة بعدما غادروا الفندق بمفردهم، وكانوا متجهين إلى مقهى قريب من مقر إقامتهم عندما اعترضتهم مجموعة استولت على هواتفهم وأموالهم، وكان الخوف الأكبر من تعرضهم للخطف أو القتل”. هذه الحادثة دفعت الشركة إلى فرض قيود أشد، إذ أصبح الخروج بمفردهم ممنوعاً، حتى لو كان المكان قريباً، كما يؤكد محمد علي الذي تابع “يسمح لنا أحياناً بالخروج برفقة أصدقاء ليبيين لحضور حفلات عشاء على البحر، لكننا نشعر بالملل بسبب صعوبة التنقل”، وعلى رغم هذه الأجواء، يؤكد علي أن الدخل الجيد يظل الحافز الأساس للاستمرار في العمل في المناطق غير المستقرة، على رغم الأخطار التي تنطوي عليها. يتفق معه حمادة مراد، الذي سافر إلى ليبيا قبل أشهر للعمل في مجال السباكة، إذ ورث المهنة عن والده، ويقول إن كثراً من أبناء دمياط الجديدة، حيث مكان إقامته في مصر، يفضلون السفر إلى هناك بحثاً عن فرص أفضل. يوضح حمادة، وهو شاب مصري في العقد الثالث من العمر، أن اختياره السفر إلى منطقة تشهد نزاعات يعود إلى فرق سعر الصرف وضعف الجنيه المصري، ويضيف، “حتى لو كانت هناك أخطار فإن ما أكسبه في أيام قليلة هنا أفضل مما كنت أحصل عليه في مصر، حيث كنت أعمل في محل أدوات صحية بدخل لا يكفي لتغطية نفقات أسرتي”. ويشرح طبيعة عمله قائلاً، “أعمل بشكل مستقل، وأنتظر طلبات السباكة من دون دخل ثابت، لكن ما أحصل عليه من أيام عمل قليلة يكفيني، لا يوجد من يشدد على مسألة الإقامات، وإذا قررت العودة إلى مصر لا شيء يمنعني”. وفي تصريحات تلفزيونية سابقة، صرح نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، مجدي البدوي، بأن ليبيا وضعت خطة لاستقدام مليوني عامل من مصر خلال عام 2024 للمساهمة في عملية إعادة الإعمار. أعمال البناء على مسارات الخط الثالث من مترو القاهرة، في محطة إمبابة الجديدة في الجيزة، المدينة التوأم للعاصمة المصرية، في 18 أكتوبر 2022 (أ ف ب) العراق يجذب العاملين بالمعمار في المقابل اختارت شريحة أخرى من المصريين العمل في العراق بحثاً عن فرص عمل بخاصة في المعمار والضيافة، ومن بينهم أحمد فراج، الذي يوضح قائلاً “اضطررت إلى السفر إلى العراق بسبب عدم قدرتي على تأمين دخل جيد في مصر، توجهت إلى هناك بالصنعة التي تعلمتها، إذ إنني صنايعي سيراميك”، وأضاف، “كان عملي في مصر بالكاد يكفيني لتلبية حاجاتي اليومية، لذلك قررت التوجه إلى بغداد، لم يكن سفري مرتبطاً بالشباب من قريتي، بل ذهبت بمفردي بحثاً عن تكوين مستقبلي والتمكن من تجهيز نفسي للزواج، وأعتمد على فرق العملة، والراتب هنا في مجال المعمار جيد بالنسبة إليّ، وهو ما شجعني على تحمل أية مصاعب قد أواجهها”. وأوضح فراج، الذي يعمل في مجال المعمار في العاصمة العراقية بغداد، في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، “المعيشة في مصر كانت تكفيني لتلبية حاجات المأكل والمشرب إذا توفر العمل طوال الشهر، لكن يوم عمل في العراق يعادل دخل نصف شهر من العمل في مصر، هذا الفرق في ظروف العمل هو ما جعلني أختار العراق الذي ينشط فيه العمل في مجال المعمار، حتى الآن لم أتعرض لأي خطر على حياتي، ولم أواجه صعوبة في التعامل مع العراقيين، حيث فتحت أبواب العمل لنا من دون تقييد أو أزمات”. وبحسب تقديرات نشرتها وسائل إعلام عراقية في منتصف العام الماضي، بلغ عدد المصريين العاملين في العراق نحو 40 ألف عامل، وهو أعلى معدل للعمالة المصرية في البلاد منذ الغزو الأميركي عام 2003. يروي محمود الصاوي، الذي يعمل في محل لبيع الحلويات في العراق منذ عامين، الأسباب التي دفعته إلى خوض هذه التجربة، قائلاً إنه “على رغم أن مستوى المعيشة في العراق متوسط، فإن الدخل الذي أحصل عليه أفضل بكثير من مصر”، ويضيف الصاوي، “الفوارق الاقتصادية ليست السبب الوحيد وراء استقراري هنا، بل سهولة الاندماج داخل المجتمع العراقي أيضاً كانت من العوامل التي دفعتني إلى البقاء”. وأوضح الصاوي، “لم أواجه صعوبة في الاندماج، فالعراقيون يعاملوننا بشكل جيد جداً، إلى درجة أن معظم المصريين في العراق يعملون بشكل غير قانوني، وعلى رغم كونهم مخالفين، فإن الشرطة العراقية لا تشدد الإجراءات عليهم”. وفي ما يتعلق بالأوضاع الأمنية أكد الصاوي، “نحن لا نشعر بالخطر على حياتنا هنا، بل نعتبر العراق بلدنا الثاني”، وفي ما يخص الإجراءات القانونية، أشار محمود إلى أن السلطات العراقية لا تفرض تشديداً في الإجراءات المتعلقة بالإقامة، مما يعوض الدخل المتوسط الذي يحصل عليه. سوريا… حياة تحت أنقاض لا يختلف الحال كثيراً بالنسبة إلى محمد غنام، وهو مواطن مصري في الـ63 من عمره، اختار البقاء في سوريا على رغم الدمار الذي شهدته البلاد منذ اندلاع الاحتجاجات عام 2011، يقول غنام لـ”اندبندنت عربية”، “وصلت إلى سوريا عام 1997، وكنت أعمل في التسويق والمبيعات للمجموعات التعليمية والثقافية للأطفال والكبار مع إحدى الشركات. وبعد فترة، قررت أن أبدأ عملي الخاص في المجال نفسه، استمررت في العمل في سوريا طوال فترة الحرب، كنت أعود إلى مصر فترات قصيرة ثم أعود مجدداً”، ويضيف غنام الذي لم يقتصر وجوده في سوريا على العمل وحسب، بل شمل أيضاً أسرته، “تزوجت بسيدة سورية عام 2001، وأنجبت ثلاثة أطفال، بنيت عملي منذ التسعينيات، وأصبحت نشطاً بين دور النشر والمراكز التعليمية. قبل عام 2011 كنت قد وسعت نشاطي في السوق المحلية، ولم يكن من السهل أن أترك كل ذلك وأبدأ من جديد في مصر، بخاصة مع تقدمي في العمر”. ويتابع غنام حديثه قائلاً، “عام 2006، اصطحبت أسرتي إلى الإسكندرية حيث تقيم عائلتي، لكنهم لم يتأقلموا مع الحياة هناك فعدنا إلى سوريا، خلال الحرب كانت بعض المناطق أكثر خطورة من غيرها، لكن عملي كان في حلب، حيث كانت الأوضاع أكثر هدوءاً مقارنة بمناطق أخرى”. وحول الأسباب التي دفعته إلى الاستقرار في سوريا على رغم الأحداث المدمرة التي دفعت غالبية السوريين إلى مغادرة بلدهم، قال “لا شك أن الوضع كان صعباً، لكن المدارس لم تتوقف، لذا استمر عملي، كنت على دراية بأن حياتي مهددة، لكن كل شيء كان يربطني بسوريا: عملي وأولادي واستقراري”، وأنهى حديثه قائلاً، “مع مرور الوقت كبر أطفالي وتأقلموا مع الحياة في سوريا، عام 2021 سافرت بهم إلى مصر، لكنهم قالوا لي: ‘نحن في سوريا مصريون، وفي مصر سوريون’، نظراً إلى أن لهجتهم شامية”. يقول عبده محمد، الذي يعمل في أحد المكاتب التي تروج لتزويج المصريين من جنسيات أخرى، إنه منذ عام 2011 كان يُمنع الشباب المصريون من السفر إلى سوريا بسبب المخاوف المتعلقة بانضمامهم إلى جماعات متشددة حتى لو كان بغرض إتمام الزواج، ويضيف، “لذلك كنا نسهل الإجراءات المتعلقة بتزويج المصريين من سوريات، إذ نساعد الفتيات في إنهاء الإجراءات التي تسمح لهن بالانتقال إلى مصر، ونقدم الدعم في كتابة صيغة التوكيل وتوثيق الزواج وإنهاء إجراءات الفحص الطبي”. عمالة مصرية بالخرطوم لم تغب السوق السودانية عن المشهد أيضاً، حيث ظلت جاذبة للعمالة المصرية، على رغم ما تشهده البلاد من تصاعد في عمليات العنف بين الجيش النظامي وقوات “الدعم السريع ،”يقول أحمد عجمي، الذي عمل في السودان منذ عام 2015، “كنا نبتعد عن مناطق غرب السودان، حيث كان يتركز عمل المصريين في مناطق الشمال، من الخرطوم حتى حلفا، وكانت تلك المناطق هادئة قبل الحرب المستعرة التي اندلعت في أبريل (نيسان) 2023، وغالبية المصريين كانوا يعملون في بيع الأجهزة المنزلية، إذ تعد السوق نشطة”. وفي منتصف يونيو (حزيران) 2023 احتجزت قوات “الدعم السريع” عدداً من المصريين العاملين في السودان بتهمة ارتباطهم بأجهزة أمنية مصرية، إذ تعرضوا للتعذيب وفقاً لشهادات مفرج عنهم على مدى 21 شهراً، قبل أن يُطلق سراحهم. ويعزو عجمي سبب بقاء المصريين في السودان خلال اشتداد النزاع إلى القوة الشرائية العالية في السودان للأجهزة المنزلية مقارنة بمصر، حيث كانت تباع الأجهزة بنظام الأقساط ويكون المكسب أكبر، وأضاف أن “احتجاز المصريين خلال الحرب من قبل قوات ‘الدعم السريع’ كان سبباً في مغادرتنا السودان، حين اضطر البعض إلى العمل أثناء الحرب بسبب وجود بضاعة في المخازن”. المزيد عن: مصرالعمالة المصريةليبياالسودانالعراقالأوضاع الاقتصاديةسوريافارق العملة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ( 10 ) أفلام لبنانية غاصت في هاوية المأساة next post تفاصيل غير معلنة رسميا عن شبكة “الإخوان” المسلحة في الأردن You may also like لبنان يؤكد للأردن استعداده للتعاون في تحقيقات “الشبكة... 15 أبريل، 2025 تسريب تسجيل لخليفة الخميني السابق: “ولاية الفقيه أصبحت... 15 أبريل، 2025 الرئيس اللبناني: لن نستنسخ تجربة “الحشد الشعبي” 15 أبريل، 2025 بيروت بلا شعارات حزبية أو طائفية بمواكبة من... 15 أبريل، 2025 ما علاقة أوروبا بمسيرات “حزب الله”؟ 15 أبريل، 2025 كيف تغيرت خريطة السيطرة العسكرية في السودان منذ... 15 أبريل، 2025 تفاصيل غير معلنة رسميا عن شبكة “الإخوان” المسلحة... 15 أبريل، 2025 قيود التأشيرة تهدد مستقبل الطلاب العرب في الولايات... 15 أبريل، 2025 “لسنا كفارا”… سوريون يعترضون على مظاهر سيارات “الحسبة”... 15 أبريل، 2025 “مهمة النار” وحدة سرية إسرائيلية تتبعت “حزب الله”... 15 أبريل، 2025