الخميس, أبريل 17, 2025
الخميس, أبريل 17, 2025
Home » الحرب اللبنانية… كتابة التاريخ محظورة بعد 50 عاما

الحرب اللبنانية… كتابة التاريخ محظورة بعد 50 عاما

by admin

 

تفتقر بيروت إلى قراءة موحدة لما حدث في الحرب الأهلية وما قبلها

اندبندنت عربية / بشير مصطفى صحافي @albachirmostafa

خلال الـ26 من يوليو (تموز) 1976، كتبت نهاية مسيرة الرياضي اللبناني “بيار أنجيلوبولو” ابن الـ33 عاماً. في ذاك اليوم وأثناء ممارسته لـ”روتينه” اليومي داخل بيروت المنقسمة على ذاتها بين شرقية وغربية، اختطفه مسلحون واقتادوه إلى جهة مجهولة. وشكل هذا الحدث المؤلم صدمة لعائلته وزوجته الإعلامية ريموند أنجيلوبولو التي تقول إنها “كثيراً ما حاولت إعطاء الأمل للمواطنين خلال الحرب الأهلية، وبث الروح التفاؤلية بأن الغد سيكون أجمل”، و”الشجرة لا ترتوي إلا من جذورها، وجذورنا هي لبنان، لا يمكننا أن نعيش بعيداً منه”.

تعود ريموند في الذاكرة إلى حقبة الحرب الأهلية “كنا نعيش في حي مختلط من أبناء الطوائف اللبنانية يدعى ’رمل الظريف‘ في شارع الشاعر رشيد نخلة الذي كتب النشيد الوطني اللبناني”. لم تحل تلك الحادثة الأليمة دون إكمال ريموند مسيرتها، التي تلفت أنها عادت إلى الشاشة، و”كنا نعبر بين المناطق تحت القصف” وتوجهت برسالة عبر أثير التلفزيون إلى “القناص المجهول” الذي يحمل الموت لأبناء المدينة الأبرياء، وطالبته بالعودة إلى الحياة الطبيعية مع أسرته.

تأسف أنجيلوبولو لاستمرار دوامة العنف والحرب في لبنان منذ بداية السبعينيات “كنا نعتقد أنها أزمة عابرة، ولكن تحولت إلى حرب مدمرة تدمي القلب”. وتستذكر لقاءات السياسي ريمون إده الذي أبلغها أنه أجرى اتصالات بقادة الميدان والزعيمين كمال جنبلاط وياسر عرفات، إلا أن الموت كان سابقاً على الوساطة و”أنه لو كان محازباً لكانت شملته إحدى عمليات التبادل، إلا أن الإنسان المتجرد عن الانتماءات لا يجد من يطالب به”، جازمة أنها “لم تبلغ أبناءها أسباب وفاته لعدم زرع الحقد في نفوسهم”.

أسهمت أنجيلوبولو مثلها مثل باقي الإعلاميين والمصورين الصحافيين رواية “توثيقية” في الحد الأدنى، لما جرى خلال الحرب الأهلية اللبنانية ونجحت في تقديم صورة عن معاناة اللبنانيين، إلا أن تلك الرواية لم تكتمل بفعل الانقسامات الشديدة التي سبقت وتبعت الحرب الأهلية.

حرب الهوية

لا يتفق اللبنانيون على رواية التاريخ المشترك للبلاد، وتعود تلك الخلافات إلى مرحلة “نشأة الكيانات والدول في منطقة الشرق الأوسط”، إضافة إلى تأثير عوامل مختلفة كالمصلحة والأيديولوجيا والهوية، وانتماءات كتاب التاريخ.

ويرى المؤرخ اللبناني قاسم الصمد أن “من شأن اتباع الأساليب العلمية والموضوعية تقديم رواية تاريخية موثوقة، لأننا نتعامل مع تاريخ ممتد لم تنته أحداثه ومفاعيله بعد”، وتأتي الصعوبة لأسباب ذاتية وموضوعية، فمن ناحية أولى “لا يمكن كتابة التاريخ وقراءته بصورة دقيقة من قبل أصحاب الرؤوس الحامية، أو المتحزبين الذين يرون أن رفاقهم هم الضحايا حصراً، وكل من سواهم عملاء ومجرمون”. ناهيك بـ”أننا أمام تاريخ ممتد لم تكتمل أحداثه بعد”، و”نحن يمكننا رواية ماذا حصل من خلال سرد الأحداث والاجتياحات الإسرائيلية والمؤتمرات والوساطات وصولاً إلى اتفاق الطائف، ولكن لا يمكن كتابة أسباب لماذا حصلت تلك الأحداث؟”، و”بسبب تداخل الأحداث ومصالح الداخل والخارج ورهان الأطراف الداخلية على الخارج، واستثمار الأطراف الخارجية بالداخل اللبناني لتحقيق مصالحها، من ثم لا بد من الرجوع إلى المصادر التاريخية، وأرشيف وزارات الخارجية في الدول المؤثرة، وأجهزة الاستخبارات، وهذا يحتاج إلى وقت طويل للكشف عنه”، موضحاً “الآن يكتب المؤرخون العلميون تاريخ المجاعة في لبنان خلال الحرب العالمية الأولى مثلاً، بعد العودة إلى أرشيف الدولة العثمانية ووزارة الخارجية الفرنسية”.

أحد المشاهد للمقارنة بين الحرب الأهلية ونفس الموقع في لبنان الآن (أ ف ب)

 

ويعد الصمد أن “المشكلة تكمن في كتابة تاريخ موحد للبنانيين من مختلف الزوايا، وصولاً إلى الاعتراف بأخطاء كل من شارك في الحرب الأهلية، فذلك يحتاج إلى أمانة علمية ونزاهة وصدقية والتحرر من الانتماءات، والعودة إلى الوقائع والمصادر وتوخي وجه الله والحقيقة فحسب. لأنه وبكل بساطة تاريخ الطوائف موجود ويردد كل يوم، ولكنه بأكثره مشوه ومكتوب وفق الأهواء والمصالح، لأنه يجد الكمال عند طرف ما ويشيطن الطرف الآخر”.

جذور ضاربة في التاريخ

لم تأت الحرب الأهلية وليدة لحظتها، فهي ليست حدثاً عابراً مجرداً عن السياق التاريخي للعبة الصراعات الداخلية والخارجية، كما لا يمكن فصل ذكراها عن جرائم الاغتيال والعنف السياسي وعمليات القتل والتعذيب خارج إطار القانون، إضافة إلى عمليات التهجير والتصفية لأسباب طائفية ومناطقية وحزبية. وتشير المعطيات إلى أن الحرب التي اندلعت خلال الـ13 من أبريل (نيسان) 1975 واستمرت 15 عاماً، أدت إلى سقوط نحو 150 ألف ضحية وأكثر من 200 ألف جريح من ضمنهم قرابة 14 ألف معوق و17 ألف مفقود، وخسائر مادية تجاوزت 25 مليار دولار، ودمار هائل طاول الصناعات والخدمات التي كانت مزدهرة قبل الحرب، وجعلت من لبنان سويسرا الشرق، حيث تستمر جدران المباني في مناطق خطوط التماس داخل بيروت وطرابلس والجبل في رواية أحداث صمتت عن ذكرها أقلام المؤرخين، ولا يمكن إغفال الجرح النفسي الذي ولدته في نفوس المواطنين والشرخ الاجتماعي والثقافي، إذ تنتصب الاتهامات بالعمالة في صلب السجال اليومي.

ويؤصل الدكتور قاسم الصمد أسس الخلافات الجوهرية في النظرة بين اللبنانيين والتي جعلت من البلاد عرضة للصدام المستمر، وأرضية خصبة لاحتضان الخلافات بين أهل العقائد والمصالح. ويعود إلى عام 1920 تاريخ تأسيس لبنان الكبير وتقسيم المنتدب الفرنسي سوريا إلى دويلات طائفية دون العودة إلى إرادة الشعوب نتيجة اتفاق بين فرنسا وبريطانيا من خلال ممثليهما مارك سايكس وجورج بيكو بهدف اقتسام تركة الدولة العثمانية. ويلفت إلى “الخلاف المستمر” بين المكونات اللبنانية والقيمين على النظام السياسي اللبناني، إذ لم تعمل النخبة على استجلاب رضا وقبول المعارضين للكيان الجديد، واتخذ المسلمون ذلك ذريعة للانضمام إلى دعوات القومية العربية التي تجلت في محطات عدة.

وخلال أوائل الخمسينيات، وقف “فتى العروبة الأغر” الرئيس الراحل كميل شمعون جنباً إلى جنب مع الجبهة الاشتراكية برئاسة كمال جنبلاط، قبل الافتراق نتيجة الاختلاف في الموقف من العدوان الثلاثي الذي شنته فرنسا وبريطانيا وإسرائيل على مصر عام 1956. ويضيف الصمد “بدأت القطيعة بعد أن رفض الرئيس اللبناني آنذاك كميل شمعون موقف القمة العربية التي أجمع أعضاؤها على قطع العلاقات مع دول العدوان الثلاثي، لأنه رأى أن يكون للعرب منبر للتخاطب مع الغرب. وأعلن الساسة المسلمون ومنهم عبدالله اليافي وصائب سلام هذا الطرح، لتبدأ مرحلة من الصدام، التي عززتها الانتخابات الفضيحة عام 1957، عندما أسقط الرئيس شمعون أشد خصومه بغية الوصول إلى مجلس نيابي يمدد له في رئاسة الجمهورية، فأسقط عبدالله اليافي وصائب سلام وأحمد الأسعد وصبري حمادة”.

ويعتقد الصمد أن هناك تراكمات سبقت الانفجار الكبير أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، ويكمل السرد التاريخي، إذ “توجه المسلمون إلى دمشق خلال فبراير ’شباط‘ 1958 للمطالبة بالانضمام إلى الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا بزعامة جمال الناصر، ليكون لبنان القطر الثالث في هذه الجمهورية، والتي استمرت حتى سبتمبر ’أيلول‘ عام 1961”.

العامل الفلسطيني

لعب الكفاح الفلسطيني المسلح دوراً في اندلاع واستمرار  الحرب الأهلية اللبنانية لأعوام طويلة. ويؤكد الدكتور قاسم الصمد أن “جميع الأنظمة العربية كانت تدعي ارتباطها بالقضية الفلسطينية إلا أن الحقيقة كانت مختلفة”، و”لا نبالغ إذا قلنا إن العامل الفلسطيني هو أحد أهم العوامل التي أدت إلى انفجار الحرب الأهلية، واستمرار حال اللا استقرار في لبنان حتى اليوم، لأن بعضاً أراد القضاء على القضية الفلسطينية، وتنفيذ مخطط هنري كسينجر بجعل لبنان بلداً بديلاً للاجئين الفلسطينيين”، و”استغل الإسرائيلي التناقضات للقضاء على الوجود الفلسطيني من جذوره في ظل صمت عالمي مطبق بسبب المصالح الدولية”.

ويتحدث الصمد عن مرحلة عدم اليقين التي سبقت اندلاع الحرب الأهلية، و”اتفاق القاهرة المشؤوم خلال عام 1969 الذي لم يذهب الرئيس اللبناني شارل حلو ليفاوض عليه رئيس الحكومة رشيد كرامي، وصوت عليه مجلس النواب اللبناني دون معرفة مضمونه، وهو ما كان مثار اعتراض (زعيم الكتلة الوطنية) ريمون إده الذي كان يردد: كيف تريدون مني الموافقة على اتفاق أجهل مواده ويعلم حذافيره سائق ياسر عرفات؟ في حينه ذهب قائد الجيش إميل البستاني للتوقيع، وأعلن اتفاق القاهرة بمباركة جمال عبدالناصر”. ويضيف “بعد عام تماماً، شكلت أحداث ’أيلول الأسود‘ في الأردن جرس إنذار، عندما حارب الملك حسين تنامي النفوذ المسلح في أراضي بلاده”، متسائلاً “من أوصل الفلسطيني وياسر عرفات إلى لبنان؟ ألم يأتوا من خلال الأراضي السورية؟ لماذا لم يحتضنوا في مخيمات اللاجئين هناك؟”.

 

المؤرخ اللبناني قاسم محمد الصمد ​​​​​​​(اندبندنت عربية)

 

يعد الصمد أن تلك المرحلة “كرست لبنان بوصفه ساحة للصراعات الدولية، وجيء بالمقاومة الفلسطينية إلى لبنان من أجل القضاء على القضية الفلسطينية، وربما تمكن (الرئيس السابق) شارل حلو من بذل قصارى جهده لترحيل اندلاع الحرب، التي انفجرت في عهد خلفه الرئيس سليمان فرنجيه”. ويأسف للاستثمار المتكرر للقضية الفلسطينية من أجل مصالح هذا النظام أو ذاك، أو هذه الحركة أو ذاك الحزب والتنظيم”.

حرب من؟

على رغم مرور 50 عاماً على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، يستمر السياسيون اللبنانيون بين الفينة والأخرى باستخدام أطروحة الأستاذ غسان التويني “حرب الآخرين على أرضنا”، للدلالة على عمق الاستثمار الخارجي في التباينات الداخلية اللبنانية، واستخدام البلاد كساحة.

ويتبنى الوزير السابق يوسف سلامة، رئيس “لقاء الهوية والسيادة” هذا الموقف، ويعد أن “لبنان رسالة وهو أكثر من وطن كما قال البابا مار يوحنا بولس الثاني”، وهو ذو تركيبة تعددية خاصة وثقافة متنوعة، واستفز ذلك إسرائيل التي وجدته فيه نموذجاً مناقضاً لها، ومنافساً جدياً لها بسبب اجتذابه الاستثمارات العربية والنفطية، لذلك عملت على تغذية الخلافات وتدمير الاقتصاد اللبناني ورسالته الحضارية والصيغة اللبنانية”.

ويضع سلامة الحرب الأهلية في خانة “الأخطاء الفادحة التي ارتكبها المسيحيون والمسلمون على حد سواء، لأن النخبة المسيحية المسيطرة على الحكم لم تعزز فكرة المواطنة على رغم الصلاحيات الدستورية المطلقة لرئيس الجمهورية، أدى ذلك إلى شرخ اجتماعي. وأخطأ المسلم عندما راهن على العامل الفلسطيني لقلب السلطة، ويدخل الجميع في حرب أحرقت الأخضر واليابس”. ويضيف “أدت الحرب إلى خسائر فادحة، ويتهم اللبنانيون بعضهم بعضاً بارتكاب جرائم همجية ضد الإنسانية”. ويطالب سلامة بعدم المبالغة في ظلم اللبنانيين، لأنهم “خلال حرب السنتين، وما إن توقف إطلاق النار حتى احتضنوا بعضهم بعضاً وعاشوا معاً بسلام، وهم لم يمارسوا العنف كما يتصور بعض ولكن كانت المؤامرة الدولية كبيرة على لبنان، بعد أن تحولت البلاد إلى ساحة لجميع أجهزة الاستخبارات العالمية”، محملاً القيادات مسؤولية استمرار الحرب لفترة طويلة من الزمن.

يتمنى سلامة أن يتوصل اللبنانيون إلى تفاهم وطني عميق، و”أعتقد أنهم تعلموا من تجارب الماضي”، لأن الطوائف اللبنانية على اختلافها دفعت ثمن محاولة الإمساك بالسلطة، وتكررت تجربة فراغ القيادة بدءاً بالطائفة المارونية واغتيال رئيس الجمهورية بشير الجميل، ومن ثم اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري وإضعاف موقع السنة، وصولاً إلى الخسارة لدى الطائفة الشيعية باغتيال أمين عام ’حزب الله‘ حسن نصرالله”.

وأحدثت الحرب الأهلية اللبنانية تغييراً جذرياً في تركيبة السلطة، إذ أدت التعديلات الدستورية إلى تراجع صلاحيات الرئيس الماروني لمصلحة مجلس الوزراء مجتمعاً، وأسهم الوجود السوري في تعزيز موقع ومكانة الطائفة الشيعية التي حظيت بامتياز “الحفاظ على السلاح”. إضافة إلى انكسار التوازنات السياسية بعد إخراج قائد الجيش العماد ميشال عون من قصر بعبدا خلال الـ13 من أكتوبر (تشرين الأول) 1990 على يد الجيش السوري، ومن ثم حبس قائد “القوات اللبنانية” سمير جعجع وحل الحزب ومصادرة ممتلكاته، ومغادرة الرئيس السابق أمين الجميل البلاد. ويرفض يوسف سلامة الحديث عن هزيمة مسيحية، لأنه “بعد خروج العماد عون، حكم السوري لبنان، ولم يحكم المسلم لبنان. وليس أوضح من ذلك، سوى تلك المعاملة القاسية التي تعرض لها سكان المدن ذات الغالبية الإسلامية”. ليخلص إلى أنه “لم ينتصر أحد على أحد في لبنان، لأن الأجنبي كان هو المنتصر دائماً”، متمنياً “استفادة لبنان من المناخ السلمي القادم إلى المنطقة، وأن يعود لخدمة جميع أبناء البلاد العربي على مستوى السياحة والمصارف والانفتاح”.

السيرة ليست تاريخ

بعد نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، انبرت مجموعة من الساسة لكتابة مذكراتهم وسرد الأحداث التي عاصروها، و”سير أبطال” الحرب، إذ صدرت كتب كثيرة أبرزها “قصة الموارنة في الحرب” للصحافي جوزيف أبو خليل، و”لعنة وطن” لرئيس حزب “الكتائب اللبنانية” السابق كريم بقرادوني، وكتب عدة للرؤساء كميل شمعون وسليم الحص وإلياس الهراوي وسامي الصلح، وآخرين. ويرفض الدكتور الصمد اعتبار تلك الكتب والمذكرات “تأريخاً لحقبة الحرب الأهلية، فهي وإن صدق أصحابها، فإنهم لم يقدموا الرواية الكاملة، ولم يكشفوا المحاضر السرية، من ثم لا بد من العودة إلى المصادر والوثائق ومطابخ الخطط الأجنبية منها، والداخلية. ففي لبنان مثلاً، قد لا يسمح لي بالإطلاع على الوثائق في وزارة الخارجية التي توضح حقيقة ما حصل في عهد الرئيس أمين الجميل، وقد لا تتعاون الخارجية السورية أو العراقية أو الأردنية، والمصرية والأميركية والفرنسية في الضفة الأخرى، لأنها توضع في خانة الأسرار حتى الساعة، وهي ما زالت في صلب الأحداث التاريخية الممتدة التي تمتد إلى عشرات أو ربما مئات السنين”.

ويعلق المؤرخ أستاذ التاريخ اللبناني الحديث قاسم الصمد على “الجدل حول محاضر اجتماعات الطائف التي كانت بحوزة رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني”، معتبراً أن “تلك المحاضر تحوي المداخلات والمناقشات خلال جلسات مؤتمر الطائف، إلا أن معطيات وأسرار وتفاصيل تلك الفترة لا تزال حبيسة المراسلات والاتفاقات السرية المخزنة في أرشيفات الدول المؤثرة”.

كتاب التاريخ في “خبر كان”

تنسحب مشكلة قراءة التاريخ اللبناني وكتابته على الكتاب المدرسي الموحد بسبب الخلافات الجوهرية حول هوية البلاد، والنظرة إلى المستقبل. ويعتقد الدكتور نمر فريحة المدير السابق للمركز التربوي اللبناني أن “الحرب الأهلية حفرت عميقاً في الفكر اللبناني، وأدت إلى استحكام تطرفهم لمواقفهم، وهو ما لم يكن يراه الجيل السابق لمرحلة 1975″، معتبراً أن “الرواية التاريخية ليست نفسها عند مختلف الأطراف اللبنانية”.

ويستعيد فريحة دراسة أجراها بين عامي 1982 و1985 لاستكشاف كتب التاريخ المستخدمة في المدارس اللبنانية، إذ اتضح أنه “في المدارس الرسمية الحكومية، يعتمد الكتاب الموحد لغاية الصف التاسع، أما المدارس الخاصة سواء كانت مدنية أو دينية، فإن لكل منها كتاب تاريخها الخاص بها، إذ يحاكي فكر المجموعة التي تتوجه لها المؤسسة التربوية، وكان لافتاً عدم التوافق في الرؤية إلى هوية البلاد عشية الحرب الأهلية. والانقسام العمودي الحالي لا يؤدي إلى كتابة تاريخ حقيقي في لبنان، وربما يتجه إلى كتابة تاريخ مشوه، مسايرة للأطراف”.

لم تكن الحرب الأهلية وليدة لحظتها فهي ليست حدثاً عابراً مجرداً عن السياق التاريخي في لبنان (أ ف ب)

 

ويأسف فريحة للفشل في إصدار كتاب التاريخ الموحد الذي وضعه خبراء ومتخصصون لبنانيون عام 2001، ولذلك يستمر العمل في الكتاب الذي وضعته وزارة التربية عام 1968 قبل سبعة أعوام من اندلاع الحرب الأهلية. ويشير إلى أن وزير التربية عبدالرحيم مراد أوقف إصدار كتب التاريخ الجديدة، بذريعة ورود عبارة “الفتح العربي” في كتاب الصف الثالث الابتدائي، وعدَّ أن ذلك ضد العروبة، و”رفض إصداره على رغم محاولة المؤرخين المسلمين إقناعه”.

ويستعيد فريحة تلك المناهج التي كانت تروي تاريخ لبنان الحديث والمعاصر، والتي كان من شأنها رفع المستوى المعرفي والثقافي للنشء اللبناني بتاريخ بلادهم حتى الفترة المعاشة التي لحقت الحرب الأهلية والاحتلال الإسرائيلي، معتبراً أن هناك جهلاً بأهمية مادة التاريخ في لبنان، ودوره في تكوين شخصية المواطن وترسيخ التماسك الاجتماعي. ومن هنا، فإنه يدعو إلى استعادة ورش كتابة التاريخ اللبناني ومراعاة الأصول العلمية والتربوية الحديثة لناحية الخروج من حلقة التلقين إلى مخاطبة العقل والفهم، وكذلك عدم إغفال أو طمس أية حقبة تاريخية لبناء ذاكرة جماعية للوطن وعدم تكرار أخطاء الماضي، والتي أدت إلى حروب متعاقبة وخلاف جديد بين المكونات المتعددة الهوية.

المزيد عن: لبنانالحرب الأهليةكتاب التاريخبيروتذكرى الحربتراجيديا لبنان

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili