أعلنت كل من إيران والولايات المتحدة في أوائل أبريل (نيسان) 2025 عن اختيار سلطنة عمان كوسيط ومقر لاستئناف مفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني (اندبندنت عربية) عرب وعالم هل ينجح ترمب في تطويع إيران حيث فشل أوباما… في مسقط؟ by admin 9 أبريل، 2025 written by admin 9 أبريل، 2025 22 اختيار سلطنة عمان مقراً للمفاوضات النووية مجدداً بين دلالات العودة إلى قناة قديمة في ظرف مغاير وعوامل ضعف إيران والقلق الخليجي اندبندنت عربية / مصطفى الأنصاري كاتب وصحافي @mustfaalansari في تطور دبلوماسي لافت، أعلنت كل من إيران والولايات المتحدة في أوائل أبريل (نيسان) 2025 عن اختيار سلطنة عمان كوسيط ومقر لاستئناف مفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني. هذا القرار يعيد إلى الأذهان دور عمان التاريخي في تسهيل الاتفاق النووي لعام 2015 في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الذي عرف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”(JCPOA). وفيما قال ترمب للصحافيين البارحة إن المفاوضات ستكون مباشرة وعلى مستويات عليا، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على حسابه في “إكس” أن طهران قررت أن تلتقي الولايات المتحدة في سلطنة عمان السبت المقبل لإجراء محادثات غير مباشرة رفيعة المستوى، إلا أن المحلل السياسي الإيراني محمد صدقيان نقل عن مصادر مطلعة في بلاده أن المحادثات ستجري مع مبعوث ترمب ستيف ويتكوف “وإذا توصل إلى وضع جدول المفاوضات وآلياتها ستكون بشكل مباشر”. وأقر عراقجي أن الخطوة تمثل “فرصة بقدر ما هي اختبار”، مشدداً على أن “الكرة الآن في ملعب أميركا”، بعدما تردد أن الجانب الإيراني جاء للقاء الأميركيين تحت وطأة التهديد. وذكرت وكالة “مهر” للأنباء الإيرانية أن عراقجي سيقود الوفد الإيراني في المفاوضات، بينما سيتولى المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف قيادة الوفد الأميركي، فيما سيتولى وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي أعمال الوساطة بين الجانبين الأميركي والإيراني. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يعنيه هذا الاختيار اليوم، بخاصة بعد الجدل الذي أثارته تلك الصفقة سابقاً التي قوبلت بانتقادات حادة من دول الخليج ودول عدة أخرى، مما دفع الرئيس دونالد ترمب إلى الانسحاب منها في 2018؟ وما الذي تغير ليجعل ترمب، الذي مزق الاتفاق، يعود إلى القناة نفسها التي استخدمها أوباما؟ وكيف تؤثر عوامل ضعف إيران الجديدة في فرص التوصل إلى اتفاق هذه المرة؟ دلالات اختيار سلطنة عمان اختيار عمان يعكس ثقة الطرفين – إيران وأميركا – في دورها كوسيط موثوق ولا سيما طهران التي كثيراً ما رأت في مسقط حليفة مثلى بين جاراتها الخليجية منذ عقود. فقد أثبتت السلطنة عبر عقود قدرتها على لعب دور الجسر بين طهران وواشنطن، مستفيدة من سياستها المحايدة وعلاقاتها الحذرة مع الأطراف الإقليمية والدولية. ووفقاً لتصريحات مسؤولين إيرانيين، فإن طهران ترى في عمان “شريكاً فعالاً” بفضل تاريخها في تيسير المحادثات، بما في ذلك تلك التي أدت إلى اتفاق 2015، كذلك فإن اختيار عمان على حساب وسطاء آخرين محتملين، مثل الإمارات التي نقلت رسالة ترمب إلى إيران في مارس (آذار) 2025، يشير إلى تفضيل طهران عمان لاستقلالها عن التأثيرات الإسرائيلية، حسب مصادر إيرانية. القرار يعيد إلى الأذهان دور عمان التاريخي في تسهيل الاتفاق النووي لعام 2015 في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما (تسنيم) ويعتبر الباحث السياسي العماني خلفان الطوقي في حديث مع “اندبندنت عربية” أن الظروف الدولية الراهنة وتراجع نفوذ إيران وأذرعها في المنطقة، يجعل عمان قادرة على القيام بدورها التاريخي في هذا الملف بارتياح، من دون أي تبعات كالتي جرى الحديث عنها في الدورة الأولى أيام أوباما. من جانب الولايات المتحدة يبدو أن إدارة ترمب ترى في عمان قناة عملية لتجنب المواجهة المباشرة مع إيران، التي رفضت مراراً المفاوضات المباشرة. وتشير تقارير إعلامية، مثل تلك التي نشرها موقع “أكسيوس”، إلى أن البيت الأبيض يدرس بجدية اقتراح إيران للمحادثات غير المباشرة عبر عمان، في ظل تصاعد التوترات وتهديدات ترمب بضرب إيران إذا لم تتوصل الأخيرة إلى اتفاق. وفي هذا الصدد قالت الخارجية الأميركية لـ”اندبندنت عربية” إن حديث الرئيس (ترمب) كان صريحاً وواضحاً ولا يحتاج إلى تفسير. لعنة الاتفاق السابق؟ الاتفاق النووي لعام 2015، الذي تُوصل إليه بعد مفاوضات شاقة بوساطة عمانية، واجه انتقادات لاذعة من دول الخليج، وإسرائيل، وبعض الأطراف في الولايات المتحدة، إذ رأت فيه دول الخليج أنه منح إيران امتيازات اقتصادية كبيرة مقابل قيود موقتة على برنامجها النووي، من دون معالجة أنشطتها الإقليمية مثل دعم الميليشيات أو تطوير الصواريخ الباليستية. كذلك اعتبر منتقدون أن الاتفاق لم يوقف البرنامج النووي بشكل دائم، بل أجل قدرة إيران على امتلاك سلاح نووي لمدة 10-15 عاماً فحسب، مما أثار مخاوف من “ضوء أخضر” مستقبلي لطهران. هذه الانتقادات دفعت ترمب إلى وصف الاتفاق بـ”الكارثة”، قبل أن ينسحب منه ويعيد فرض عقوبات قاسية على إيران في 2018، وهي تبعات قد تكون مثل اللعنة التي تطارد مخاوفها أي اتفاق جديد، حتى يثبت العكس، بخاصة أن عمان الوسيطة أظهرت في مناسبات عدة ميلها إلى المقاربات الإيرانية في الملفات الإقليمية مثل “الحوثيين”، وفق تقارير دولية. غير أن الباحث الطوقي رجح أن مسقط في عهد السلطان هيثم لديها تنسيق مع منظومتها الخليجية، ويستبعد أن تقود أي وساطة من هذا النوع في معزل عنها، وقال “السلطنة اليوم تتحرك بتنسيق كامل مع دول الخليج، في ظل تغير المعطيات الإقليمية والدولية، وتبدل في مواقف بعض الشخصيات التي كانت غير متوافقة مع التوجه الخليجي في السابق. هناك توافق خليجي داخلي تقوده قيادات شابة تدرك طبيعة المرحلة وتحدياتها، كذلك فإن السياسة العمانية الحالية باتت أكثر انفتاحاً، ويتجلى ذلك في زيارات السلطان إلى دول الخليج وتجديد الاتفاقات وتحويلها إلى أطر تعاون مشترك”، وأضاف “هذه المؤشرات تؤكد أن سلطنة عمان تتجه نحو لعب دور شريك فاعل في المنظومة الخليجية، هدفه تحقيق السلام والاستقرار، بخاصة أن أي تطور في الملفين اليمني أو الإيراني سينعكس على أمن الخليج بأكمله”. ما الذي تغير هذه المرة؟ على رغم عودة ترمب إلى قناة عمان، هناك فروق جوهرية تجعل السياق الحالي مختلفاً، أولاً، الوضع النووي الإيراني تغير بصورة كبيرة منذ 2018، فقد تقدمت طهران في تخصيب اليورانيوم لمستويات عالية (60 في المئة حسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية)، مما يجعلها أقرب من أي وقت مضى إلى القدرة على تصنيع سلاح نووي، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على واشنطن للتوصل إلى حل دبلوماسي، ثانياً، يبدو أن ترمب، الذي هدد بقصف إيران في مارس 2025 يفضل تجنب التصعيد العسكري في الشرق الأوسط، بخاصة مع تعزيز القوات الأميركية بالمنطقة كإجراء احترازي، مما يشير إلى رغبته في إعطاء الدبلوماسية فرصة أخيرة. ثالثاً، موقف إيران يظهر مرونة مشروطة، فقد اشترطت طهران العودة إلى الاتفاق الأصلي من دون تعديلات، مع فصل ملفات أخرى مثل الصواريخ والدعم الإقليمي عن المحادثات النووية، وهو ما قد يسهل التوصل إلى تفاهم موقت يلبي مصالح الطرفين، هذا الشرط يعكس رغبة إيران في تخفيف العقوبات من دون تقديم تنازلات كبيرة، بينما يمنح ترمب “انتصاراً” دبلوماسياً يمكن تسويقه داخلياً، بعد حرب التعريفات الجمركية التي طوقت إدارته بسيل من الانتقادات الداخلية والخارجية. وفي هذا السياق يرى معهد رصانة للدراسات الإيرانية أن إيران اليوم باتت أمام واقع جديد “كاشف لضعف استراتيجيتها وخطأ حساباتها الإقليمية، بإعلائها الأولوية للأيديولوجيا والمذهب على حساب الأمن والاستقرار الاجتماعي في دول الجوار الإقليمي، وإعطاء الأبعاد العسكرية و’الميليشياوية‘ أهمية تفوق السياسية التنموية، مما أسهم في تعزيز السخط الداخلي في دول التمدد الجيوسياسي”. وأشارت الباحثة نورة السبيعي في تقرير للمعهد إلى أن ذلك التوجه وكثيراً من العوامل الأخرى أضافت مزيداً من التعقيد لاستراتيجية إيران الإقليمية، بما “وضع مستقبل النظام الإيراني برمته في خطر، فضلاً عن أن المعطيات تكشف سوء تقدير إيراني للعلاقة بين القدرات والطموحات الجيوسياسية، ولمواقف ومقدرات الدول الرافضة للتمدد الجيوسياسي الإيراني في المحيط الإقليمي”. وقدرت الباحثة السعودية أن هذا المشهد الاستراتيجي المتغير يفرض على إيران “تبديلاً وتغييراً في أدواتها، من أجل تمكينها من استعادة وترميم ما خسرته في عدد من ساحات نفوذها، أو من أجل الحفاظ على نفوذها في الساحات الأخرى”، مما قد يجعلها في حاجة ماسة إلى أي اتفاق مهما يكن لالتقاط أنفاسها، ولو على سبيل تجاوز مرحلة ترمب بسلام. فرصة لاتفاق أفضل؟ إلى جانب التقدم النووي الذي قد ينظر إليه كورقة قوة، تواجه إيران ضغوطاً متزايدة تضعف موقفها التفاوضي، مما قد يدفعها لتقديم تنازلات أكبر هذه المرة، أولاً، انهيار أذرعها الإقليمية أصبح واضحاً، في لبنان يعاني “حزب الله” تراجعاً كبيراً في قدراته بعد الضربات الإسرائيلية المكثفة التي استهدفت قياداته ومستودعاته منذ 2024، مما قلص من نفوذ إيران في المنطقة، كذلك في سوريا تبخرت سيطرة طهران مع انهيار نظام الأسد وفقدان نظامه كل الأوراق بعد سقوط دمشق في أيدي المعارضة، على رغم محاولات فلول الأسد وبعض المسؤولين الإيرانيين التلويح بتحريك خلاياهم في الداخل السوري. ثانياً تكثيف الولايات المتحدة ضغوطها على حلفاء إيران في اليمن عبر غارات جوية مكثفة استهدفت الحوثيين، أضعف قدرة طهران على استخدام هذه الورقة في المواجهة الإقليمية. هذه العمليات، التي تصاعدت منذ أواخر 2024، ألحقت أضراراً كبيرة بالبنية التحتية للحوثيين، مما قلص من دعم إيران اللوجيستي لهم. ثالثاً، تعرضت إيران لاختراقات استخباراتية مدمرة، ومن أبرزها اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنية، في طهران في يوليو (تموز) 2024، بضربة دقيقة نسبتها مصادر إلى إسرائيل، الذي كشف عن ثغرات أمنية خطرة في قلب العاصمة الإيرانية. وتزامن ذلك مع مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي في مايو (أيار) 2024 بحادثة طائرة غامضة، إلى جانب سلسلة اغتيالات طاولت خبراء نوويين بارزين في الأشهر الأخيرة، مما زاد من الشعور بعدم الاستقرار الداخلي. هذه الضربات أضعفت ثقة النظام في قدرته على حماية قياداته وبرنامجه النووي، على رغم محاولات طهران التظاهر بالتماسك. رابعاً، الوضع الاقتصادي المتدهور في إيران، مع استمرار العقوبات الأميركية وتراجع صادرات النفط، يضغط على النظام للبحث عن مخرج دبلوماسي. تقارير دولية تشير إلى أن التضخم تجاوز 40 في المئة، والعملة المحلية فقدت أكثر من 60 في المئة من قيمتها منذ 2021، مما يفاقم الضغوط الشعبية على الحكومة. مخاوف استدراج واشنطن لا تزال قائمة ويرى اللواء أحمد الميموني، الخبير في الشأن الإيراني، أن “المفاوضات الجارية حالياً بين الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عُمان تأتي استجابةً لرسالة أميركية وُجّهت للمرشد الإيراني، تدعوه إما إلى الجلوس على طاولة التفاوض أو مواجهة تبعات الإجراءات العسكرية. ومع ذلك، هناك مخاوف حقيقية من استدراج واشنطن إلى مفاوضات طويلة تغرق في التفاصيل، وهو سيناريو سبق أن نجحت فيه طهران مع إدارات أمريكية سابقة”. ومن الواضح بحسب المحلل الأمني السعودي أن الموافقة الإيرانية المبدئية “سبقتها تفاهمات وتنسيق مع الصين وروسيا بشأن حدود التنازلات الممكنة، والتي قد تكون شكلية في جوهرها. كما أن اتفاق 5+1 لم يعد مرجعية أساسية، وقد تقبل واشنطن بالإبقاء على نسب التخصيب النووي الإيراني الحالية، بشرط عدم زيادتها، وهو ما سيُعد نجاحاً مرحلياً لإيران، لكنه يثير القلق لدى دول الخليج”. وفي السياق نفسه يعتقد الميموني في حديثه إلى “اندبندنت عربية” أن الولايات المتحدة تسعى حالياً إلى تحقيق أهداف محددة، “أبرزها بدء مفاوضات مباشرة لإرضاء الرأي العام الأميركي، واحتواء التهديد الإيراني تجاه إسرائيل، إلى جانب وقف دعم طهران لأذرعها في المنطقة، خصوصًا الحوثيين، الذين باتوا ورقة تفاوضية تهدد أمن الملاحة الدولية”، لكنه ينظر إلى الحملات الجوية ضد الحوثيين باعتبارها “تفتقر للتنسيق مع الحكومة الشرعية اليمنية، ما يتيح للحوثيين فرص تجاوزها بسهولة. في المقابل، لا تزال مواقف واشنطن غير واضحة بالنسبة لحلفائها الخليجيين، فرغم لهجة التصعيد، إلا أن التجارب التاريخية تدفعنا للقلق من غياب حلول جذرية وحاسمة للتحديات الإقليمية”. لماذا عاد ترمب إلى قناة أوباما؟ عودة ترمب إلى عمان لا تعني تبنياً لنهج أوباما، بل استغلالاً لقناة أثبتت جدواها، فبينما انتقد ترمب اتفاق 2015 فإن الواقع الجيوسياسي الجديد مع تقدم إيران النووي وزيادة التوترات يجعل الوساطة العمانية خياراً عملياً لتجنب الحرب، كذلك فإن عمان، بفضل خبرتها، توفر مساحة آمنة للتفاوض بعيداً من الضغوط الإسرائيلية أو الخليجية المباشرة، وهو ما يناسب كلاً من واشنطن وطهران في هذه المرحلة، حسب الإيرانيين في الأقل، الذين وصفوا الخطوة صراحة بالاختبار الذي يمكن أن ينقلب فرصة. المزيد عن: ترمبالنووي الإيرانيمسقطإيرانالولايات المتحدة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الصين تتعهد “القتال حتى النهاية” ضد الرسوم الأميركية next post كيف استغلت إيران مراهقين سويديين لاستهداف إسرائيل؟ You may also like لبنان يؤكد للأردن استعداده للتعاون في تحقيقات “الشبكة... 15 أبريل، 2025 تسريب تسجيل لخليفة الخميني السابق: “ولاية الفقيه أصبحت... 15 أبريل، 2025 الرئيس اللبناني: لن نستنسخ تجربة “الحشد الشعبي” 15 أبريل، 2025 بيروت بلا شعارات حزبية أو طائفية بمواكبة من... 15 أبريل، 2025 ما علاقة أوروبا بمسيرات “حزب الله”؟ 15 أبريل، 2025 كيف تغيرت خريطة السيطرة العسكرية في السودان منذ... 15 أبريل، 2025 تفاصيل غير معلنة رسميا عن شبكة “الإخوان” المسلحة... 15 أبريل، 2025 العمالة المصرية في دول الصراع… رحلة محفوفة بالأخطار 15 أبريل، 2025 قيود التأشيرة تهدد مستقبل الطلاب العرب في الولايات... 15 أبريل، 2025 “لسنا كفارا”… سوريون يعترضون على مظاهر سيارات “الحسبة”... 15 أبريل، 2025