يرى البعض في لبنان أن الاستراتيجية الدفاعية كما كل الاستراتيجيات الاقتصادية والمالية والنقدية والأمنية والاجتماعية والعلاقات الخارجية، تضعها الدولة (رويترز) عرب وعالم معالجة سلاح “حزب الله”… عبر استراتيجية دفاعية أم القرارات الدولية؟ by admin 12 مارس، 2025 written by admin 12 مارس، 2025 14 تضارب مواقف اللبنانيين في هذا الشأن بين حريص على سيادة الدولة ومتمسك بـ”المقاومة” اندبندنت عربية / دنيز رحمة فخري صحافية @deniserf_123 دفعت تداعيات وفاتورة “حرب الإسناد” الباهظة التي شنها “حزب الله” بموضوع الاستراتيجية الدفاعية إلى الواجهة مجدداً في لبنان، وسط مطالبات علانية شعبية وسياسية بتسليم هذا سلاح الحزب للدولة اللبنانية. ولكن بقدر ما يبدو التساؤل حول مسألة استراتيجية وطنية للدفاع، مشروعاً بل وضرورياً من جهة، فإنه في المقابل لا يزال مادة خلافية داخلية بين القوى السياسية، وسط رؤى متفاوتة. حزب “القوات اللبنانية” يعتبر أن لا مكان لهذا السلاح في الاستراتيجية الدفاعية، وأن هذا السلاح خاضع لـ”اتفاق الطائف” المبرم عام 1989 (الذي أنهى الحرب الأهلية) والقرارين الدوليين 1701 و1559، وأن الدفاع عن الدولة وسيادتها مناط بالجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية. في المقابل يرى “حزب الله” أن “مشروعية سلاحه” مرتبطة بزوال الاحتلال الإسرائيلي للبنان، وأن المواجهة تكون باستراتيجية ثنائية، أي سلاحهم والجيش اللبناني. وأكد المؤكد، كلام الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم في إطلالته التلفزيونية الأخيرة قبل أيام، حين اعتبر أن “أي كلام عن حصر السلاح بيد الجيش اللبناني لا يعني سلاح ’حزب الله‘”، مناقضاً بذلك ما أعلنه رئيس الجمهورية جوزاف عون في خطاب القسم عن احتكار الدولة للسلاح، وما تعهد به في المملكة العربية السعودية وما صدر في البيان المشترك عن حصر السلاح بيد الجيش اللبناني. محاولات فشلت دخل مصطلح “الاستراتيجية الدفاعية” إلى الأدبيات السياسية اللبنانية للمرة الأولى في مارس (آذار) 2006، إذ طرح كصيغة توافقية لتقريب وجهات النظر المتباينة بين الأقطاب على طاولة الحوار الوطني التي دعا إليها آنذاك رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعلى جدول أعمالها مسائل أساسية تتصل بالدولة وشؤونها الوطنية وعلاقاتها مع سوريا ووضعية التنظيمات المسلحة اللبنانية وغير اللبنانية. لكن الحوار الذي تطرق إلى مشروعية “حزب الله” كحزب مسلح حينها، وبحث في السبل المتاحة لتطبيق القرار 1559، تعطل نتيجة حرب يوليو (تموز) 2006، واستؤنف في جلسة تشاور أفضت إلى تأجيل البحث في موضوع الاستراتيجية والاستعاضة بميثاق شرف لتخفيف الاحتقان. ليتكرر ذلك في “اتفاق الدوحة” الذي جرى التوصل إليه في عام 2008، ومن بعده، “إعلان بعبدا” في عام 2012 لتحييد لبنان والنأي بالنفس، الذي نكث فيه “حزب الله” بعد أيام، بمشاركته العلنية بالحرب في سوريا. يحمل الحزب السلاح منذ تأسيسه عام 1982 فيما تتكرر المطالبات بتسليمه مع كل حرب يخوضها (ا ف ب) ثنائية السلاح يعتبر “حزب الله” أن سلاحه هو لب ومحور الاستراتيجية الدفاعية التي تحمي لبنان، وأن كل ما عدا هذا الكلام لا يحمي لبنان. وفي موقفه الأخير رد الشيخ نعيم قاسم على دعوة رئيس الجمهورية إلى حصر السلاح بيد الجيش اللبناني، وأكد “نحن أيضاً نقول بحصرية السلاح لقوى الأمن الداخلي وللجيش في لبنان، ونرفض منطق الميليشيات”. وتابع “بالتالي نحن لا علاقة لنا بهذا الأمر فنحن مقاومة نعتبر إسرائيل خطراً على لبنان ولا مانع من قيام الجيش والدولة بالدفاع عن لبنان، ومن حقهم أن يستمروا لحماية لبنان، وبالتالي كلام رئيس الجمهورية حول حصرية السلاح لا نعتبره موجهاً لنا”. كلام قاسم جاء مكملاً لما أعلنه رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” (كتلة “حزب الله” البرلمانية) النائب محمد رعد في مجلس النواب عن الجاهزية للحوار الذي حمل إيجابية في الشكل، في حين أن المضمون بدا مختلفاً، بدليل استثناء سلاح “حزب الله” من أي حوار. من جهته يؤكد الكاتب السياسي قاسم قصير أن الحزب سبق وطرح رؤيته حول الاستراتيجية الدفاعية في عام 2006 خلال الحوار الوطني وفي مواقف للأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله، ولكن المعطيات تغيرت بعد الحرب الأخيرة وتغيرت رؤية الحزب. ويستبعد قصير في حديث لـ”اندبندنت عربية” أن يسلم الحزب سلاحه حالياً قبل حسم موضوع الاحتلال الإسرائيلي للمناطق اللبنانية، وفي ظل ما يجري من تطورات في المنطقة، ويتوقع أن يترك الأمر للحوار الوطني، وإذ يعتبر أنه لا يمكن استباق الحوار، يرى قصير أنه من الضروري متابعة التطورات الجارية على الحدود مع فلسطين وما يجري في سوريا قبل البحث بأي موضوع آخر. لا سلاح في الاستراتيجية الدفاعية في مقلب الداعين إلى تطبيق اتفاق الطائف والقرارات الدولية التي تنص على نزع سلاح كل المجموعات المسلحة، وأن يستأثر الجيش الوطني بمهمة الدفاع، وحماية لبنان عبر الدبلوماسية وتوطيد العلاقات الدولية، وتحييد لبنان عن صراعات المحاور، تفسير آخر للاستراتيجية الدفاعية. بحسب عضو تكتل “الجمهورية القوية” (كتلة حزب القوات اللبنانية في البرلمان) النائب بيار بو عاصي فإن “الاستراتيجية الدفاعية كما كل الاستراتيجيات الاقتصادية والمالية والنقدية والأمنية والاجتماعية والعلاقات الخارجية، تضعها الدولة”، ويضيف “كما ورد في خطاب القسم، فإن كل هذه الاستراتيجيات مترابطة وعنوانها دفاعي”. ويشدد بو عاصي “موقفنا واضح، سلاح ’حزب الله‘ لا مكان له في الدولة وبالتالي لا مكان له في الاستراتيجية الدفاعية بتاتاً وهذا شأن سيادي لا مساومة حوله”، ويضيف “نحن بالطبع مع نزع سلاح ’حزب الله‘ الذي قوض السيادة وزج لبنان في حروب مدمرة مع إسرائيل وفي سوريا من دون أن يستشير أحداً”، وتابع “هذا شأن سيادي بامتياز وشرط لا بديل عنه لقيام الدولة، وهو محصن بالدستور وبالقرارات الدولية”. وعلق على كلام نعيم قاسم الذي اعتبر أن موضوع حصر السلاح بيد الجيش لا يعني سلاح “حزب الله”، قائلاً “أكثر فأكثر يعمد الحزب إلى عزل نفسه عن الدولة والمجتمع اللبناني، وكلام قاسم عن أن سلاحه خارج النقاش يؤكد ما نقوله منذ سنوات وينفي حتى أي إمكان للحوار مع الحزب”. ورأى النائب عن حزب “القوات اللبنانية” أنه “لا يجوز مقايضة ازدواجية السلاح في مقابل الاستقرار فهذا ابتزاز مرفوض، وإذا قام الجيش ببسط سلطة الدولة حصرياً على الأراضي اللبنانية وقرر ’حزب الله‘ الاصطدام به يكون الحزب هو المجرم وليس الجيش”، “منفتحون على كل أشكال الحوارات”، يتابع النائب القواتي، “ما عدا تشريع سلاح ’حزب الله‘ الذي يجب تسليمه إلى الجيش اللبناني ضمن روزنامة محددة من الدولة وبأقصر المهل، ولا حوار قبل البت بهذا الموضوع”. تعريف الاستراتيجية الدفاعية من ناحية ثانية يعتبر العميد المتقاعد جان جبور أن اسم الاستراتيجية الدفاعية يطلق على عملية معالجة سلاح “حزب الله”، بينما في الواقع هي استراتيجية وطنية وخطة عمل شاملة تحدد أهداف الدولة وغاياتها في مختلف المجالات، وتحدد كيفية تحقيق هذه الأهداف. وتعتبر استراتيجية الأمن القومي أوسع وأشمل أنواع الاستراتيجيات بحسب جبور، بحيث تحدد الأهداف والغايات العامة للدولة على المدى البعيد، وتشمل جميع جوانب الدولة، مثل السياسة الخارجية والأمن القومي والاقتصاد والمجتمع. ويشرح العميد المتقاعد أن “الاستراتيجية العسكرية تحدد الأهداف والغايات العسكرية للدولة، وتحدد كيفية استخدام القوات المسلحة لتحقيق هذه الأهداف، وتعتبر الاستراتيجية العسكرية جزءاً من استراتيجية الأمن القومي، ولكنها تركز بصورة خاصة على الجانب العسكري”. أما السياسة الدفاعية، يضيف جبور، فهي “خطة شاملة تهدف إلى حماية لبنان من أي تهديد خارجي أو داخلي. وتحدد مصادر التهديد، والقدرات الدفاعية اللازمة، وتوزع المهمات بين مختلف المؤسسات الأمنية، كما تهدف إلى تحقيق توازن بين القدرات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية. وبغض النظر عن التسميات فإن أية استراتيجية يجب أن تأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف المعنية، وأن تضمن استقرار لبنان وأمنه. عيوب وأخطار في الحلول من الأفكار التي يجري تداولها كحل لمسألة السلاح غير الشرعي، دمج مقاتلي “حزب الله” وسلاحه في الجيش اللبناني، ويعلق العميد جبور معتبراً أن “من مزايا تعزيز قوة الجيش اللبناني هي توحيد القوى العسكرية في لبنان وإنهاء ازدواجية السلاح، ولكن هناك معارضة قوية من بعض الأطراف السياسية اللبنانية، إضافة إلى مخاوف دولية من تأثير ’حزب الله‘ في المؤسسة العسكرية، وصعوبة دمج مقاتلين ذوي عقيدة مختلفة”، علماً أن هذه الطريقة جرت تجربتها، يضيف جبور، بعد “اتفاق الطائف” عندما حلت الميليشيات باستثناء “حزب الله” بذريعة تصنيفه “مقاومة”. فهل يكون الحل بنزع سلاح الحزب؟ يجيب المتحدث ذاته أن “نزع سلاح ’حزب الله‘ يحقق سيادة الدولة الكاملة، وينهي حالة التوتر وعدم الاستقرار، ويحسن العلاقات مع المجتمع الدولي ومع الدول العربية، لكن الحزب يرفض التخلي عن سلاحه سلمياً، مما يضعنا تحت احتمال حدوث صراع داخلي عنيف قد يؤدي إلى حرب داخلية طائفية، خصوصاً أن الحزب حول المس بسلاحه وكأنه ضد الطائفة الشيعية”. جلسة سابقة من جلسات الحوار الوطني الذي دعا إليه بري (رويترز) التفاوض الحل الأنسب؟ وعن معالجة مسألة السلاح من خلال الحوار والتفاوض، يشير العميد جبور إلى أن “من مزايا أي حوار هي التوصل إلى حل سلمي للأزمة وتحقيق توافق وطني، ومعالجة مخاوف جميع الأطراف، لكن هناك صعوبة حالياً لتحقيق توافق بين الأطراف، مع احتمال استغراق وقت طويل في الحوار من دون نتائج ملموسة”، وإذ يعبر عن اقتناعه بأن المفاوضات قد تمثل طريقاً يمكن أن ينتهي به “حزب الله”، يشرح جبور عن تجربة ايرلندا الشمالية، إذ أنهى “اتفاق الجمعة العظيمة” لعام 1998 حملة الإرهاب التي شنها الجيش الجمهوري الأيرلندي التي استمرت لعقود من الزمن. وفي عام 2016، أبرمت القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) اتفاقاً معقداً مع الحكومة ووافقت على نزع سلاحها والعمل كحزب سياسي عادي. وعلى رغم أن هاتين الجماعتين قتلتا مدنيين، لكن إراقة الدماء توقفت، وفي النهاية لم تتنازل الدولتين إلا عن القليل نسبياً. ويعترف جبور بأن “المفاوضات محفوفة بالأخطار لأن الظهور على طاولة المفاوضات يعطي معلومات استخبارية مفيدة ويقوض السرد القائل إنه لا يوجد بديل سوى الانخراط في القتال”. ويضيف “بطبيعة الحال لا بد من وجود شيء ملموس للتفاوض في شأنه، وأنجح المفاوضات هي تلك التي تنطوي على صراعات حول الأرض وليس على الدين أو الأيديولوجيا”. ويركز العميد المتقاعد في الجيش اللبناني على احتمال نشوء تيارات داخل الحزب وأنه في غياب الاتفاق، فإن المحادثات الجدية من الممكن أن تؤدي إلى انقسامات داخل الحزب، بين من يسعى إلى التوصل إلى تسوية سياسية ومن لا يزال متمسكاً بسلاحه للقتال. ويلفت إلى أن “المفاوضات قد تثبت في بعض الأحيان عدم جدواها”، مشيراً إلى نموذج سريلانكا، فقبل التحرك للقضاء على حركة “نمور تحرير تأميل إيلام”، أمضت الحكومة السريلانكية أكثر من خمس سنوات في التفاوض مع المجموعة في محادثات توسطت فيها النرويج. “مثل هذه المفاوضات ستكون طويلة”، يتابع العميد جبور واحتمال عرقلتها يبقى قائماً، لكن مجرد إعلانها سيكون له تأثيرات مفيدة، وقد ينتج الظروف المواتية لما قد يكون السبيل الأكثر ترجيحاً وهو انتقال ’حزب الله‘ للعمل السياسي بدل العسكري”. المزيد عن: سلاح حزب اللهلبنانالجيش اللبنانيحزب اللهالقوات اللبنانيةالاستراتيجية الدفاعيةسيادة الدولاتفاق الطائف 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post واشنطن تستعد لإعادة حظر السفر على مواطني دول عربية next post إسرائيل تستهدف مسؤول الدفاع الجوي بـ”حزب الله” You may also like مكتب نتنياهو: إسرائيل ولبنان يتفقان على مفاوضات لترسيم... 12 مارس، 2025 إسرائيل تضع آليات تنفيذ خطة ترمب لترحيل الغزيين... 12 مارس، 2025 حرب الرسوم الجمركية الأميركية بدأت والمتضررون حلفاء واشنطن 12 مارس، 2025 إسرائيل تستهدف مسؤول الدفاع الجوي بـ”حزب الله” 12 مارس، 2025 واشنطن تستعد لإعادة حظر السفر على مواطني دول... 12 مارس، 2025 مفاجأة طال انتظارها… اتفاق سوري “يدفن” التقسيم 11 مارس، 2025 “دبلوماسية الوجهة الأولى” تفتح الأبواب أم هي شيك... 11 مارس، 2025 الحجار يكسر قرار عويدات: “بركة” التعيينات القضائية حلت؟ 10 مارس، 2025 مصادر “المدن”: توجه لاتفاق مع السويداء..مماثل للاتفاق مع... 10 مارس، 2025 بول سالم يكتب عن: ديناميتان تعيدان تشكيل الشرق... 10 مارس، 2025