المحامية التي تشعر بالذنب (ملف الفيلم) ثقافة و فنون “كونتيننتال 25” يواجه الأنظمة المعاصرة في برلين by admin 23 فبراير، 2025 written by admin 23 فبراير، 2025 28 رادو جود يكشف تخبط رومانيا بين نزعة رأسمالية وواقع بائس اندبندنت عربية / هوفيك حبشيان يبدو أن فيلم “كونتيننتال 25” أحد أقوى المرشحين للجائزة الكبرى، فلجان التحكيم تهوى عادة هذا النوع من الطرح الذهني، خصوصاً إذا كان الهدف منه التصدي لعيوب الأنظمة المعاصرة التي لها تداعيات سلبية على حياة الناس. رادو جود البالغ من العمر 48 سنة، الذي لا يتوقف عن التصوير، منوعاً في الأساليب والأفكار، آتياً في كل مرة بشيء جديد ومشابه في آن واحد، يموضع فيلمه الأحدث في بلاده رومانيا التي شهدت تحولات كبيرة في العقود الماضية. وهو سينمائي فنان ومفكر ومراقب للظواهر ليس عليه سوى معاينة آثارها على المجتمع، مع هذا الحس التجريبي الفطري الذي يلاحقه باستمرار. رومانيا في زمن التحولات (ملف الفيلم) أورسوليا (استر تومبا) محامية في كلوغ، المدينة الرئيسة في ترانسيلفانيا. في أحد الأيام، يطلب إليها مرافقة الشرطة في عملية طرد رجل مشرد يقطن في قبو أحد المباني الذي ينبغي إزالته لفسح المجال أمام بناء فندق فخم في المكان نفسه. الفيلم يبدأ بهذا المسكين الذي يجمع القمامة في متنزه، حيث تتجول الديناصورات بحرية، قبل أن يصبح فيلماً آخر تتولى قيادته أورسوليا المحامية التي من الواضح أن لقاءها بالمُشرَد لن يمر كحدث روتيني عابر في حياتها، بل يجعلها تنتفض على الظلم الاجتماعي وغياب العدالة الذي تتعرض له الفئات المهمشة، خصوصاً أنها هي الأخرى لا تأتي من متن المجتمع الروماني بل من هامشه. فهي من أصول مجرية، وتكره رئيس الوزراء المجري اليميني المتطرف فيكتور أوربان كرهاً شديداً، ويأكلها الذنب بسبب مشاركتها في تنفيذ حكم الطرد الصادر من المحكمة. هذا كله نكتشفه تباعاً، من خلال أحاديثها (التي تأخذ شكلاً من أشكال البوح والاعتراف وغسل العار)، مع أمها وغيرها ممن يحيطون بها في حياتها اليومية. رادو جود لا يثبت شيئاً، بل يرينا ما يريد إثباته، يسمعنا إياه، وهذه حدود فيلمه. هنا يبدأ كل شيء وهنا ينتهي. عالمه يتأسس في التنظير والفرضيات، حيث النار “تحرق مكانها فقط”، ولا تشعل غضباً بل تنتهي بالأسف. وعندما لا يعود يجد ما يقوله ويقدمه، يختتم الفيلم بسلسلة مشاهد من المدينة، يجعلنا من خلالها شهوداً على قبح المباني الجديدة التي يفرضها الذوق الرأسمالي. فيلم مصور بكاميرا آيفون (ملف الفيلم) هذا الحدث يتحول في وجدان المحامية إلى أزمة أخلاقية تحاول حلها بأفضل ما يمكن. هذا هو ببساطة ما هو عليه الفيلم الذي يستند في خطابه على الكلام الكثير، وتتخلله مشاهدات من المدينة التي تقيم فيها صديقتنا المحامية. على غرار عدد من الأفلام التي عرضت هذا العام في الدورة الـ75 من الـ”برليناله”، وفي مقدمها “ميكي 17” لبونغ جون هو، يتناول جود الرأسمالية الزاحفة إلى بلاد فقيرة مثل رومانيا، ضمن منظومة سياسية عمقت الهوة بين الطبقات الاجتماعية. لكن على خلاف زميله الكوري الجنوبي الذي يقحمنا في تعقيدات قصصية لا تنتهي، يتحول هذا كله عند رادو إلى بساطة شديدة، تتجسد في حادثة طرد رجل متشرد وما تولده في وجدان المحامية من تساؤلات، يقدمها لنا الفيلم بالملعقة، وربما هذه إحدى مشكلاته. المخرج رادو جود خلال التصوير (ملف الفيلم) رداً على سؤال ما إذا كان الفيلم تعليقاً على القضايا الاجتماعية والسياسية في رومانيا الحالية، من خلال المزج بين الإحساس بالمأساة وعناصر كوميدية، يقول رادو جود “أود أن أضيف على هذا التعليق البعد الأخلاقي، الشعور بالذنب والمأزق الأخلاقي الذي تواجهه البطلة. لكنه مأزق أخلاقي يأتي بعد الأحداث، بعدما يكون الضرر قد وقع. لست متأكداً إن كان مصطلح “هجاء سياسي” هو الأنسب لوصف هذا الفيلم. في نظري يتعلق الأمر باستكشاف سخافة الوضع. هناك مأساة، لكن كيف يتفاعل الناس معها، هذا ما يبدو سخيفاً. عندما نشكك في ردود فعلنا تجاه المآسي، نجدها على حافة السخرية. خذ أزمات عالمية كأوكرانيا وغزة، يشعر البعض بالرضا الذاتي إذا نشروا باستمرار عن هذه القضايا على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن تراهم بعد 15 دقيقة، يشاركون صورة لمأدبة غداء أو قطة ظريفة. لست هنا لأحكم، فأنا أفعل ذلك أيضاً، لكنني أجد أن هناك في هذا الأمر “كوميديا إنسانية” على طريقة الروائي الفرنسي بالزاك، خصوصاً على مستوى التناقضات التي نراها. الأمر أقل من كونه هجاء، وأكثر من كونه انعكاساً للسخافة والتعقيدات المرتبطة بردود فعل البشر”. من أجل تصوير الفيلم، لجأ رادو جود إلى هاتف محمول من نوع “آيفون 16″، خيار جاء بدافع جمالي واقتصادي في الحين نفسه. يعلق قائلاً “كان الأمر يتعلق بتبني البساطة. التكنولوجيا أصبحت اليوم في متناول الجميع، لذلك أردت أن أثبت أنه من الممكن إنجاز فيلم بإمكانات محدودة. الأمر يشبه العودة إلى أساسيات السينما، إلى الأخوين لوميير. صورنا الفيلم في 10 أو 11 يوماً، من دون أي إضاءة أو معدات تثبيت، معتمدين على الحوار والبيئات الطبيعية. كان ذلك أساساً للمشروع. هذا يرتبط أيضاً بفكرة المخرج الإيطالي روبرتو روسيلليني حول العمل بـ”الإمكانات المحدودة”. عديد من الأفلام التي تتناول الفقر أو العنف الاجتماعي تنتج بموازنات ضخمة تصل إلى ملايين الدولارات. هناك، في بعض الأحيان، تفاوت. وددت أن أتحدى ذلك. بالطبع، وما كان للفيلم أن يتحقق من دون مشاركة الجميع فيه، من ممثلين ومنتجين وفريق تقني”. © The Independent المزيد عن: مهرجان برلينفيلم رومانيالمسابقةالرأسماليةالطبقيةالفقرالفسادالانظمة المعاصرةسينما 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ما سر حضور الفيلسوف كيركغارد في الثقافة العربية؟ next post هل يمكن القضاء على داء السكري قريباً؟ You may also like ما سر حضور الفيلسوف كيركغارد في الثقافة العربية؟ 23 فبراير، 2025 مهى سلطان تكتب عن: الرسام هنري ماتيس يعود... 23 فبراير، 2025 عندما دخلت “أفلام التحريك” عالم السياسة واللؤم الاجتماعي 23 فبراير، 2025 بول شاوول يكتب عن: “كتابة الأنا” بين الأدب... 22 فبراير، 2025 محمد أبي سمرا يكتب عن.. عباس بيضون: العالم... 22 فبراير، 2025 فادي أبو خليل الشاعر الذي قرّر أن يختفي 22 فبراير، 2025 قضية غزة تثير سجالا سياسيا في مهرجان برلين 22 فبراير، 2025 في الجزائر أم واحدة ولغتان عربية وأمازيغية تتواجهان 22 فبراير، 2025 كيف نحافظ على اللغة الأم في عصر العولمة... 22 فبراير، 2025 أوسكار وايلد يفضح في “زوج مثالي” نفاق المجتمع... 22 فبراير، 2025