هل في حزب الله قيادة ستلاقي بري على الاستمرار بما أرساه مع نصر الله؟ (Getty) عرب وعالم الشيعة بين حزب الله وزعامة بري: متاهة التحولات by admin 22 فبراير، 2025 written by admin 22 فبراير، 2025 23 جريدة المدن الكترونية / ندى أندراوس – إعلامية لبنانية بغض النظر إذا كان رئيس مجلس النواب زعيم حركة أمل نبيه بري سيشارك شخصياً في مراسم تشييع الأمينين العامين لحزب الله السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين أم لا، إلا أنّ يوم الأحد بما يحمل من دلالات في الشكل أو في المضمون، هو يوم مفصلي للطائفة الشيعية في ما خصّ خياراتها الداخلية والإقليمية، وعلى مستوى قيادتها التي تقع عليها مسؤولية اتخاذ القرار بأيّ اتجاه ستأخذ هذه الطائفة التي تعيش حالاً من الإحباط، وتواجه تحديات كتلك التي عاشها المسيحيون في زمن الوصاية السورية بعد الطائف، والسنّة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ما بعد نصرالله بشكل قاطع، يختصر الرئيس بري زعامة الطائفة الشيعية بعد استشهاد السيد حسن نصرالله. صحيح أنّ هناك قيادة جديدة لحزب الله. لكن باعتراف كثر أكانوا من قلب الطائفة أو من المراقبين من خارجها، فإنّ أوضاع الحزب الداخلية ليست على ما يرام، وإنّ الإرباك الذي يعيشه والتعدد في التوجهات وما يحكى عن “أجنحة غير منسجمة في المقاربات والآراء والقرار”، يخرج إلى العلن عند كل مفترق سياسي أو أمني، من خلال المواقف والأداء المتناقض بين قيادات الحزب. كما أنّ قيادة السيد نصر الله لحزب الله لا تشبه سابقاتها، لا في الزمن والظروف، ولا حتى على مستوى الكاريزما والحكمة في مقاربة كلّ الملفات، ولاسيما في التعاطي وإدارة العلاقة من ضمن الثنائي مع أمل والرئيس بري وانطلاقاً مع المكونات الأخرى. كحركة مقاومة إسلامية نشأ حزب الله من رحم حركة أمل التي أسسها الإمام موسى الصدر. بين الحزب والحركة دماء كثيرة أريقت في حرب الاخوة في الثمانينيات، لكن هذا لم يمنع قيام علاقة وثيقة بين الرئيس بري والسيد نصر الله، نجح الرجلان من خلالها باستيعاب شارعهما. بري زعيم الطائفة هناك خيط رفيع بين نبيه بري الزعيم الشيعي من العام 1980 كرئيس لحركة أمل، وبين بري الذي كُرّس زعيماً سياسياً بالسلم كما في الحرب. عند تأسيسه في العام 1982 كان هدف حزب الله شطب نبيه بري من المعادلة. الأمر الذي لم يتحقق. في التسعينيات، وعند تسلم السيد حسن نصر الله قيادة الحزب، نشأت علاقة شخصية وخاصة بينه وبين بري، ردمت تدريجياً الهوّة بين الرجلين وحزبيهما. أديرت العلاقة بميزان “الجوهرجي” على الرغم من اختلافات عديدة كانت تقع في بعض المحطات، وافتراق طريقهما أكان على المستوى السياسي أو على مستوى القاعدة الشعبية المؤيدة لكلّ منهما. لكن الميزان الذي كان يزين به كلّ من بري ونصر الله، كان يزيل أيّ إشكال ويردم كلّ الخلافات. بعد حرب تموز العام 2006 ترسّخت أكثر فأكثر هذه العلاقة الشخصية. لم يأت من عبث إطلاق السيد نصر الله صفة الديبلوماسي على الرئيس بري، الذي كان في كلّ مرة يدخل الحزب البلد والجنوب تحديداً في مغامرة مدمّرة وحرب مع إسرائيل، يشكّل بري جسر الخلاص والانقاذ للطائفة، محقّقاً بحنكته السياسية التي لا يمكن أن ينازعه أحد عليها، مكاسب أكثر لطائفته ولدورها في السلطة ولنفوذها، ولو كان ذلك على حساب المكوّنات الطائفية الأخرى. مستقبل الشيعة بعد الحرب المدمّرة بسبب إسناد غزة والتي تقول نخب شيعية للمدن “إنّها آخر الحروب، وإنّ الطائفة وعلى الرغم من كلّ العواطف الجياشة وتضامن أبنائها بسبب ما تتعرض له، منذ اغتيال السيد وتراكم الخسائر والنكبات والاستهدافات، هذه الطائفة لا تريد أن تعود إلى الوراء، ولن تقبل بعد اليوم أن تقدم نفسها وأبناءها وجنوبها وبقاعها وضاحيتها ذبيحة على مذبح الحسابات الإقليمية وصراعات الكبار من إيران إلى سوريا قبلها. أمّا في ما خص القضية الفلسطينية، فقد قدّم الشيعة وقبلهم كلّ اللبنانيين وكلّ الأرض اللبنانية ولاسيما الجنوب قسطهم للعلى وأغلى ما يمكن تقديمه. انتهى دورنا ودور لبنان، فليتقدم غيرنا بما لديه لحفظ حق الفلسطينيين بأرضهم”. هذا الجو لا يغيب عن حديث صالونات النخب الشيعية، ولا يغيب عن بال الرئيس بري وحتى بعض الأجنحة في حزب الله التي تصغي إلى هذه الصرخة. يواجه الشيعة اليوم استحقاقاً كبيراً جداً بعد استشهاد السيد نصر الله. هناك سؤالان إشكاليان كبيران مطروحان لا تجد الطائفة أجوبة عليهما: السؤال الأول هو هل جمهور حزب الله، كلّ الجمهور، بات أقرب إلى الرئيس نبيه بري وما يمثّله فكرياً ووطنياً في مقاربته للكيان اللبناني ونهائيته لأبنائه كافة؟ إنّ مرجعية شيعة حركة أمل السياسية والدينية الإمام موسى الصدر، وهوية مشروعهم لبنانية وطنية بغضّ النظر عن الأداء في الحكم والسياسة. حزب الله نشأ كمقاومة إسلامية تقاوم باسم الأمة وتؤمن بولاية الفقيه، ومرجعيته السياسية إقليمية إيرانية. وبالتالي، هل سيختار جمهور حزب الله المحبط والمنكوب، توجهات الرئيس بري؟ أم أنّ الحزب في قيادة الشيخ نعيم قاسم اليوم وما بعده من قيادات ستأتي، سيعود إلى الحالة الإسلامية المتشددة الداعية إلى إقامة ولاية الفقيه. هذه الحالة التي أخرج السيد نصر الله جمهوره منها لاقتناعه أنّ الحزب وإن كان يدين بالولاء لإيران ولولاية الفقيه، لا يمكنه إلّا أن يعود إلى لبنانيته ويكون جزءاً من النسيج اللبناني. لسنوات نجح نصر الله وبري في ردم الهوة الناتجة عن هذين الفكرين. هل في حزب الله ما بعد السيد قيادة ستلاقي بري على الاستمرار بما أرساه مع نصر الله؟ السؤال الاشكالي الثاني الذي تبحث النخب الشيعية عن أجوبة عليه: ماذا عن مستقبل الشيعة خصوصاً وأنّ بري أصبح متقدّما في السن؟ هناك تفكير جدي وعميق في هذا السؤال. تقول المصادر النخبوية ذاتها “إن طائفة تضحّي من أجل لبنان، ومن أجل مشاريع خارجية. طائفة متهمة بعزل لبنان وجعله ساحة ورهينة، طائفة متهمة بخراب البصرة، يتحمّل جزء منها مسؤولية هذه الحرب والدمار والنكبة التي مني بها الشيعة ومعهم اللبنانيون. وتتحمّل هذه الشريحة من الطائفة ما سبق من حروب وخسائر ودمار. هل هذه الطائفة اليوم بوارد أن تعيش كلّ هذه الخسائر والنكبات في حروب تتجدد بعد سنوات؟” الأجوبة غائبة حتى الآن. لكن المؤكد أنّ بعد تشييع السيد نصر الله والسيد صفي الدين وبعد منح الحكومة الثقة، سيبدأ البحث عن الأجوبة وسيتم الخوض في نقاشات داخل الطائفة للخروج بأجوبة وتحديد أيّ مستقبل يريده الشيعة في لبنان “الجديد”. هل من موسى صدر جديد؟ يبدو لبعض النخب في الطائفة أنّ الخروج من المأزق الراهن ومواجهة التحديات المحدقة بالمنطقة ولبنان تحديداً يتطلب خروج رجل من قماشة مؤسس الطائفة الشيعية الإمام الصدر. هذا الرجل الذي وازن بين انتماء الشيعة إلي لبنان ودورهم الريادي في هذا الوطن من دون إغفال التزامهم بقضايا الأمة من منطلق ديني وإنساني، على أن الأساس يبقى في هذه الأرض وكرامتها. “دور الإمام الصدر الذي يمكن اعتباره نقطة التقاء وانطلاق بين أمل وحزب الله هو الدور الذي ينتظر من يقوم به اليوم ليس ليعيد الطائفة إلى لبنان” كما يقول أحد أبناء الطائفة “بل ليعيد لبنان إلى الطائفة من خلال إرساء مصالحة حقيقية بين الشيعة والوطن عبر إرساء مفاهيم الحقوق والواجبات الوطنية، حيث لا يمكن فقط مطالبة الشيعة من أبناء القرى الحدودية مثلاً القيام بواجباتهم تجاه الدولة، وهي التي أهملت حقوقهم كما لم تقم بواجباتها لحمايتهم وحماية حقوقهم بمواجهة تهديدات الاحتلال واعتداءاته على مدى سنوات طويلة. فهل الطائفة الشيعية في لبنان ستلاقي لبنان الجديد المطلوب منه بناء دولة المؤسسات والقانون دولة لجميع أبنائها وفق نهج الرئيس المؤسس الراحل فؤاد شهاب، أن يلاقوا المكونات الأخرى التي مطلوب منها ملاقاتهم ليلتحقوا بهذا المشروع؟ أم أنّهم سيقعون في فخ التجييش الطائفي وعزل أنفسهم كلّما اشتد الضغط على حزب الله؟” على مرّ السنين نجح الرئيس بري في استيعاب الطائفة وحمايتها وإعادتها إلى الصفوف الأمامية، خاصة بعد حروب حزب الله وإسرائيل. لكن حال الاستيعاب الداخلية لما يقدمه بري لطائفته، قد تحتاج إلى رافعة عربية أو قيادة محلية على مستوى الإمام الصدر تساعده في جعل الشيعة يذوبون في النسيج الوطني والعربي وليس الطائفي والإقليمي، ينصرفون إلى بناء الدولة ويكونوا شركاء في نجاحها وازدهارها. هو قادر اليوم على الاستمرار بهذا النهج، لكن لا يبدو أنّ بري وجد حتى الآن شريكاً له كما كان السيد حسن نصرالله شريكه في إعادة الشيعة إلى بر الأمان وحضن الدولة والوطن. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post يوسف بزي يكتب عن: الجنوبيون بعيدون جداً عن لبنان؟ next post الاكتئاب للجميع والعلاج لـ”القادرين فقط” You may also like يوسف بزي يكتب عن: الجنوبيون بعيدون جداً عن... 22 فبراير، 2025 سيناء الرافضة التهجير تتحين لحظة الإعمار 22 فبراير، 2025 الجنوبيون في لبنان… عودة إلى ديار مفخخة 22 فبراير، 2025 الأردن وإعادة ترتيب الأوراق بمواجهة داخلية وحزم إقليمي 22 فبراير، 2025 معادن أوكرانيا… ماذا نعرف عنها ولماذا يريدها ترمب؟ 22 فبراير، 2025 في إجراء “غير مسبوق”.. الإطاحة بعدد من قيادات... 22 فبراير، 2025 رياح القلق تتقاذف الأسد في صقيع منفاه بموسكو 20 فبراير، 2025 خطوط نتنياهو الحمر تصادر “اليوم التالي” مسبقا 20 فبراير، 2025 لماذا اعتذرت “بي بي سي” عن فيلم حول... 20 فبراير، 2025 حفتر وحكومة المركز… صراع السيطرة على النفط في... 20 فبراير، 2025