الخميس, فبراير 6, 2025
الخميس, فبراير 6, 2025
Home » ما الذي يخشاه المسيحيون تحت حكم النظام الجديد في سوريا؟

ما الذي يخشاه المسيحيون تحت حكم النظام الجديد في سوريا؟

by admin

 

سقوط بشار الأسد بعد حرب أهلية دامية استمرت 13 عاماً قوبِل بالترحيب باعتباره بداية عهد جديد للبلاد التي أنهكتها الصراعات. لكن، وبعد شهرين فقط، يخشى كثيرون أنهم لم يفعلوا سوى استبدال نظام خطر بآخر.

اندبندنت عربية / هاري ستورتون

قوبل الانهيار السريع لنظام الأسد في البداية بحال من النشوة في شوارع دمشق – بل بالدهشة، إذ لم يصدق كثيرون أن النظام الذي قمع احتجاجات شعبه بوحشية أسقط أخيراً.

لكن بعد مرور أقل من شهرين، عاد القلق ليطغى على التفاؤل، وتزايدت مشاعر القلق بين السوريين نتيجة تزايد الفوضى، كما سادت شكوك عميقة في ما يتعلق بالأيديولوجية الحقيقية التي تعتنقها الحكومة الجديدة التي يقودها أحمد الشرع – القائد السابق لجماعة “هيئة تحرير الشام” الإسلامية – الذي تم تعيينه رئيساً انتقالياً للبلاد الأسبوع الماضي.

هذه التغييرات جعلت كثيراً من الناس يشعرون بخوف عميق، ولا سيما الأقليات الدينية الأبرز في سوريا.

أحد هؤلاء وهو كريكور ألتونيان – مدير “فندق الشرق”Oriental Hotel  الصغير ذي الطابع المميز، الذي يقع في أحد أزقة الحي المسيحي في البلدة القديمة من المدينة – قال إنه لم يطلق سراح المعتقلين السياسيين فحسب، بل أخليت جميع السجون من المجرمين الخطرين، واللصوص، والقتلة، والمغتصبين، وهؤلاء جميعهم منتشرون ​​في الشوارع الآن. السجون فارغة”.

ويضيف: “مع انهيار النظام نشأ فراغ في السلطة، لا توجد قوة شرطة تذكر، المرور كارثي، والجريمة في ازدياد، وسيادة القانون باتت على المحك”.

ألتونيان وهو مسيحي أرمني، يعبر عن قلق يتشاركه كثيرون من الأقليات الدينية في شأن أيديولوجية الحكام الجدد في دمشق. ويشرح: “لطالما كانت المدينة معتدلة، يسمح بتناول الكحول في جميع المجتمعات، فيما النساء المسلمات لم يكن ملزمات بارتداء الحجاب… هؤلاء الرجال ينتمون إلى جبهة النصرة، التي تربطها علاقات وثيقة بالقاعدة وداعش. نخشى أن يحكموا بأسلوب متطرف”.

علي محمد: “أخشى أنني سأضطر إلى مواجهة العواقب نتيجة معتقدي الديني” (اندبندنت)

 

يشار إلى أنه في هذه المدينة التي تعد من أقدم المدن المأهولة في التاريخ، تعايشت فيها مجتمعات مسلمة متنوعة – شيعية وسنية ودرزية وعلوية وإسماعيلية – جنباً إلى جنب مع مذاهب مسيحية عدة. وفي شارع “باب شرقي” المزدحم والنابض بالحياة، تقوم الشقيقتان فاطمة وناديا صالح بتقييم الأضرار التي لحقت بمتجرهما للمجوهرات والبصريات، الذي يملكونه على أطراف السوق، الذي تم نهبه.

وتشير فاطمة إلى بعض الرفوف الفارغة قائلة: “انظروا هنا، لقد كسروا القفل. حاولنا تقديم بلاغ، لكن الشرطة لم تعد موجودة. نحن نشعر بخوف شديد. أصبح السفر خارج دمشق مغامرة محفوفة بالأخطار، فالسرقات وأعمال العنف في تزايد مستمر، ويبدو أن الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ”.

تنتمي فاطمة وناديا إلى الطائفة العلوية المسلمة، وهي أقلية تشكل نحو 10 في المئة من سكان سوريا، وتضيف فاطمة بقلق: ” نسمع قصصاً مقلقة. لقد بدأوا في فرض فصل الرجال عن النساء في الحافلات في حمص وحماة، نحن لا نريد أن نجبر على ارتداء الحجاب أو أن تقيد حرياتنا”.

هذه المرأة التي لا تنوي المخاطرة بالبقاء، توضح قائلة: “أحتفظ بجواز سفري دائماً بالقرب مني، وحقائبي جاهزة. أنا مستعدة للمغادرة في أية لحظة. نحن نخطط للسفر إلى دولة الإمارات، وجميع الأشخاص الذين أعرفهم – من مسيحيين وعلويين، ودروز – يفكرون أيضاً في الرحيل”.

كريكور ألتونيان (وكثيرون آخرون) يبدون تخوفاً من أن ينحرف النظام الجديد في سوريا نحو التطرف (اندبندنت)

 

أما شقيقتها ناديا، وهي علوية أيضاً لكن صديقها ينتمي إلى الطائفة المسيحية. وتعرب فاطمة عن قلقها في شأن ما قد يحمله المستقبل لهما، وتقول: “لا نعتقد أن علاقتهما ستحظى بقبول في ظل النظام الجديد، خصوصاً بسبب اختلاف ديانتيهما”.

توجد في سوريا غالبية سنية، إلا أن الأقليات المسلمة الأخرى والمسيحية تمثل نسبة تتفاوت ما بين 15 و25 في المئة من مجموع السكان. وشهدت أعداد المسيحيين تراجعاً حاداً منذ عام 2011، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الحرب الأهلية وما تبعتها من موجات هجرة جماعية، بحيث انخفضت نسبتهم من نحو 10 في المئة إلى ما يقدر بنحو اثنين في المئة فقط وفقاً لبعض التقديرات.

وفي محاولة لطمأنة الأقليات المتبقية، قام [الرئيس السوري] أحمد الشرع، بخطوة رمزية تمثلت في لقاء القادة المسيحيين في العاصمة دمشق عشية رأس السنة الجديدة. ومنذ أن تولى السلطة، أكد مراراً على أهمية الحفاظ على وحدة البلاد، مشدداً على القول إنه “لن يتم استبعاد أية طائفة، وأن حماية الأقليات مسؤولية تقع على عاتقنا”.

مصلون يحضرون قداساً في “كنيسة مار سركيس الرسولية الأرمنية” في دمشق (أ ف ب / غيتي)

 

وفي مبادرةٍ اعتبرها البعض مؤشراً إيجابياً، عينت الحكومة الجديدة في سوريا السيدة محسنة المحياوي، وهي امرأة تنحدر من الأقلية الدرزية في البلاد، محافظة لمنطقة السويداء في الجنوب. كما تم تكليف نساء لتولي مناصب رئيسة أخرى، بما فيها تعيين حاكمة لـ”مصرف سوريا المركزي”.

وعلى رغم ذلك، لا تزال الشكوك قائمة لدى كثيرين، فعلى امتداد الطريق في البلدة القديمة في دمشق، يعد “بار وبيتزيريا لا ماريونيت” La Marionnette Bar and Pizzeria – معلماً قديماً يلتقي فيه سكان المنطقة، وفيه تجلس مريم، وهي مسيحية آرامية، لتشرح وجهة نظرها مما يحدث.

تقول مريم: “نحن نعيش كابوساً وهذه الفترة هي الأكثر رعباً في حياتنا، إذ استبدلنا ديكتاتورية بأخرى”، وتؤكد أن الخوف يطغى على المسيحيين الذين باتوا يخشون على حياتهم، فكل شخص لديه جواز سفر يخطط للمغادرة”. وتتابع مريم، التي تعد من القلائل المحظوظين الذين لديهم جواز سفر أجنبي: “باسم الإنسانية، أناشد المجتمع الدولي التدخل لإنقاذ مسيحيي سوريا”.

ابن عمها شادي مارين، وهو مسيحي أرثوذكسي وصاحب مطعم “روف أوف مارين” Roof of Marine، يؤكد من جانبه على تلك المخاوف بقوله: “على مدى الأعوام الـ13 الأخيرة، ارتكبت ’هيئة تحرير الشام‘ مجازر وأعمالاً إرهابية مروعة”.

من الصعب ألا يتأثر المرء بحال التشاؤم التي تطغى على الأقليات في سوريا. وتعرب لينا صباغ – وهي صيدلانية مسيحية – عن ذلك بالقول: “إن الناس جميعهم خائفون، بتنا نخشى حتى الذهاب إلى الكنيسة”، وتضيف: “على رغم ما تزخر به سوريا من مواهب وتنوع كبير، فإن هذا لا ينعكس في تركيبة الحكومة التي يهيمن عليها الإسلاميون. أنا لا أريد أن أغادر البلاد لأن عملي هنا، لكن قد لا يكون أمامي خيار آخر”.

وفي مقهى يقع قبالة المدخل المهيب لكاتدرائية السيدة العذراء لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك في دمشق، يجلس علي محمد بهدوء وهو يحتسي قهوة إسبريسو، ويأخذ نفساً عميقاً من سيجارته، بينما يتردد صدى الآذان من مسجد مجاور. أما جبينه المقطب وتحديقه المستمر في فنجان قهوته، فيكشفان عن قلق عميق ينتابه.

جاد شاب سوري سني، يرى أن المخاوف التي يعرب عنها بعض السوريين مبالغ فيها (اندبندنت)

 

ويقول علي وهو مستشار في مجال الأمن السيبراني: “أخشى أن أصبح مستهدفاً بسبب معتقدي الديني. فأنا أنتمي إلى الطائفة العلوية، كما بشار الأسد“.

وعلى رغم هذه المخاوف، يحاول التمسك بالأمل قائلاً: “أحب دمشق والثقافة السورية الغنية والمتنوعة. إن معظم المسلمين هنا منفتحون، ولدي أصدقاء من جميع الطوائف. لكن هناك روايات مقلقة تنتشر عن تعرض الدروز والعلويين والمسيحيين لمضايقات وإهانات لفظية في حمص والمناطق الريفية”.

ويضيف: “لست واثقاً من قدرة هؤلاء القادة الجدد على إدارة البلاد بصورة فعالة. لقد حكموا إدلب، وهي منطقة صغيرة نسبياً، لكن إدارة بلاد بأكملها هي مسألة مختلفة تماماً. إن كثيراً من المسؤولين الجدد كانوا إرهابيين سابقين. وبدأ الناس يتحدثون عن احتمال “بلقنة” سوريا وتفتيتها إلى كيانات صغيرة، بحيث تحظى الأقليات بدول خاصة في ظل حماية دولية”.

كما الآخرين يفكر علي هو أيضاً بالرحيل عن بلاده، ويقول: “لست على استعداد للرهان على ما قد يحدث بعد ذلك في سوريا”.

تجدر الإشارة إلى أن أعواماً من الديكتاتورية والقمع جعلت كثيراً من الناس مترددين في التعبير عن آرائهم، حتى خارج مجتمعات الأقليات، فضل كثير من السوريين السنة التحفظ، معربين عن أملهم في أن تتحسن الأمور، ولم يرغبوا في التحدث علانية. ومع ذلك، كان هناك بعض الذين قرروا التحدث وكانوا أكثر تفاؤلاً.

شادي مارين يقول: “هذه ليست سوى لحظاتٍ احتفالية ما بعد الثورة” (اندبندنت)

 

في زقاق ضيق بجوار “حانة لا ماريونيت”، يقع “مطعم وبار زاروب” Zaroob RestoBar حيث تعزف الموسيقى العربية الحديثة. ويشير مدير الحانة ويدعى جاد، وهو سني، إلى مجموعة من الشباب السوريين الأنيقين الذين يرقصون ويتناولون المشروبات.

ويقول: “انظر، هذه هي سوريا الحقيقية. هؤلاء الناس هم مسلمون ومسيحيون يرقصون ويشربون معاً في تناغم. ليست لدينا مشكلات مع أية جهة. لم يطلب منا أحد أن نتوقف عن الرقص أو الشرب. كل شيء يسير على ما يرام. الحكومة الجديدة أتت بسلام. وأحمد الشرع يحترم جميع أبناء الشعب السوري”.

عندما عدت لحانة “لا ماريونيت”، تحدثت مع كل من مريم وشادي عن التفاؤل الذي عبر عنه بعض الأفراد من السنة، فأجابني شادي مارين باستهجان: “إنها مجرد لحظات احتفالية بعد الثورة. في الوقت الراهن، يهلل السنة المعتدلون لهؤلاء الأشخاص، لكن ما أن يدركوا أنهم ينتمون إلى ’جبهة النصرة‘، وهي أحد الفروع التابعة لتنظيم ’القاعدة‘، فلن يتقبلوا الأمر. هناك نحو 24 ألف مقاتل إسلامي متطرف، وكثير منهم أجانب. من سيتعامل معهم؟”.

سألت شادي عما إذا كان يخطط لمغادرة البلاد شأنه شأن آخرين، فأجاب بحزم: “لن أغادر. سأظل هنا وأبذل كل ما في وسعي من أجل أن تكون هناك سوريا معتدلة. أنا ضعيف، لا أملك سلاحاً، ونحن شعب مسالم وغير عنيف، لكن هذه أرضنا وسأموت هنا”.

تجدر الإشارة إلى أنه منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترمب مهمات منصبه، لم تصدر عنه أي تصريحات في ما يتعلق بسوريا، لكن صحيفة “واشنطن بوست” أفادت الأسبوع الماضي بأن الولايات المتحدة كانت تبادلت معلومات استخبارية مع الحكومة الجديدة في سوريا في شأن التهديدات التي يشكلها “تنظيم الدولة الإسلامية”.

وخلال الشهادة التي أدلى بها ماركو روبيو في جلسة الاستماع في “مجلس الشيوخ” لتأكيد تعيينه وزيراً للخارجية الأميركية، قال إن “من المصلحة الوطنية للولايات المتحدة أن تكون سوريا مستقرة، وألا تكون ساحة مفتوحة لتنظيم ’داعش‘، وأن يتم احترام الأقليات الدينية من العلويين إلى المسيحيين، وتوفير الحماية للأكراد”، وأضاف أن هذا يصب أيضاً في مصلحة جميع الدول في منطقة الشرق الأوسط.

وفي عودة لـ”فندق الشرق”، حيث حرص كريكور ألتونيان على تأكيد تمسكه بالأمل على رغم الظروف الصعبة التي تشهدها بلاده. وقال: “يجب ألا نغفل عن المصالح الخارجية. فبالنسبة إلى تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر والغرب، تعد سوريا ذات أهمية استراتيجية. إن عدم استقرارها لا يصب في مصلحة هذه الدول”.

تمتلك عائلة كريكور الفندق وتتولى إدارته منذ عام 2004، وهو لا يزال متفائلاً بمستقبل أفضل، لكنه من ناحية أخرى يرفض التخلي عن ضمانته الشخصية المتمثلة في جواز سفره الأرمني.

© The Independent

المزيد عن: الأقليات السوريةالأقليات في سورياالأقليات الدينيةسورياأحمد الشرعالهجرةمسيحيو سورياالعلويون في سورياالتطرف الدينيسقوط نظام الأسدهيئة تحرير الشامدمشقجبهة النصرة

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00